نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ٢٠

السيّد علي الحسيني الميلاني

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ٢٠

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٣٢

و « عتبة بن أبي حكيم » من رجال مسلم والبخاري في خلق أفعال العباد.

قال ابن حجر : « صدوق ، يخطىء كثيراً » (١).

٣ ـ رواية ابن جرير الطبري

فقد روى خبر عتبة بن أبي حكيم عن :

« إسماعيل بن إسرائيل الرملي » ذكره السمعاني فقال : « سمع منه أبو محمّد عبدالرحمن بن أبي حاتم وقال : كتبت عنه وهو ثقة صدوق » (٢).

عن « أيوب بن سويد »

عن « عتبة بن أبي حكيم »

وقد عرفتهما.

٤ ـ رواية ابن مردويه

وهي الرواية التي ذكرها ابن كثير ، وتعقّبها بقوله الضحّاك لم يلق ابن عبّاس » فنقول :

إذا كان هذا فقط هو المطعن فالأمر سهل :

أمّا أوّلاً : فإنّه ـ وإن قال بعضهم : « لم يلق ابن عبّاس » ـ قد ورد حديثه عنه في ثلاثة من الصحاح (٣) ، وابن حجر العسقلاني لم يقدح في هذه الرواية.

وأمّا ثانياً : فإنّه لو كانت روايته عن ابن عبّاس مرسلةً ، فالواسطة معلومة

__________________

(١) تقريب التهذيب ٢ / ٤.

(٢) الأنساب ٥ / ٥٨٥ « اللال ».

(٣) تهذيب الكمال ١٣ / ٢٩١.

٤١

حتى عند القائل بإرسالها ، فقد رووا عن شعبة ، قال : « حدّثني عبدالملك بن ميسرة ، قال : الضحّاك لم يلق ابن عبّاس ، إنّما لقي سعيد بن جبير بالريّ ، فأخذ عنه التفسير » (١).

وعليه ، فرواياته عن ابن عبّاس في التفسير مسندة غير مرسلة ، إذ كلّها بواسطة « سعيد بن جبير » الثقة الثبت بالاتّفاق ، غير إنّه كان لا يذكر الواسطة لدى النقل تحفّظاً على سعيد ، لكونه مشرّداً مطارداً من قبل جلاوزة الحجّاج الثقفي ، وتحفّظاً على نفسه أيضاً ، لكونه قصد سعيداً في الريّ للأخذ عنه ، وجعل يروي ما أخذه عنه وينشر رواياته بين الناس ، لا سيّما مثل هذا الخبر الذي يُعَدّ من جلائل مناقب أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام.

هذا ، واعلم أنّ « ابن سنان » الراوي عن « الضحّاك » هو ـ بقرينة الراوي والمروي عنه ـ : « سعيد بن سنان البرجمي الكوفي ، نزل الريّ » قال الحافظ : « صدوق له أوهام » وعلّم عليه علامة : مسلم ، وأبي داود ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجة (٢).

ولا أستبعد أن يكون « ابن سنان » هذا أيضاً من المشرّدين اللاجئين إلى الريّ خوفاً من الحجّاج ، وأن يكون إسقاط اسم « سعيد بن جبير » منه ... والله العالم.

وكيف كان ، فالرواية من الأسانيد المعتبرة الواردة في الباب.

٥ ـ رواية الحاكم النيسابوري

رواه بإسنادٍ له عن أمير المؤمنين عليه‌السلام كما تقدّم.

__________________

(١) تهذيب الكمال ١٣ / ٢٩٣.

(٢) تقريب التهذيب ١ / ٢٩٨.

٤٢

أمّا « محمّد بن عبدالله الصفّار » فهو : محمّد بن عبدالله بن أحمد الإصفهاني الزاهد ، قال الحاكم : « هو محدّث عصره ، كان مجاب الدعوة ، لم يرفع رأسه إلى السماء كما بلغنا نيّفاً وأربعين سنة » ووصفه الذهبي بـ « الشيخ الإمام المحدّث القدوة » وقال السمعاني : « وكان زاهداً حسن السيرة ورعاً كثير الخير ».

توفي سنة ٣٣٩ » (١).

و « أبو يحيى عبدالرحمن بن محمّد » من كبار الحفّاظ المشهورين ، ترجم له الحافظ أبو نعيم فقال : « سكن إصبهان إمام جامعها ، توفي سنة ٢٩١ ، مقبول القول ، حدّث عن العراقيين وغيرهم الكثير ، صاحب التفسير والمسند ... حدّثنا سليمان بن أحمد ، ثنا عبدالرحمن بن محمّد بن سلم ... » (٢) وذكره الذهبي ، فترجم له بالحافظ المجود العلامة المفسّر ... حدّث عنه القاضي أبو أحمد العسّال ، وأبو القاسم الطبراني ... وكان من أوعية العلم ... » (٣).

و « محمّد بن يحيى بن الضريس ، الكوفي الفيدي ، ذكره ابن أبي حاتم فقال : « كان يسكن فيد ، روى عن محمّد بن فضيل ، والوليد بن بكير ، ومحمّد ابن الطفيل ، وعمرو بن هاشم الجنبي ، وعيسى بن عبدالله بن محمّد بن عمر بن علي بن أبي طالب ، سمع منه أبي وروى عنه. سمعت أبي يقول ذلك. سئل أبي عنه فقال : صدوق » (٤).

و « عيسى بن عبدالله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب » ذكره ابن

__________________

(١) الأنساب ـ الصفار ٣ / ٥٥٣ ، سير أعلام النبلاء ١٥ / ٤٣٧.

(٢) أخبار إصبهان ٢ / ١١٢.

(٣) سير أعلام النبلاء ١٣ / ٥٣٠.

(٤) الجرح والتعديل ٨ / ١٢٤.

٤٣

حبّان في ( كتاب الثقات ) (١).

عن « عبيد الله بن عمر ». وهذا اشتباه ، فإنّ الصحيح هو : عيسى بن عبدالله ابن عمر بن علي بن أبي طالب ، فإنّ والد « عبدالله » هو « محمّد » وليس « عبيدالله » ، وكذلك جاء في تاريخ ابن عساكر ، كما سنذكر في تصحيح روايته. أمّا رواية الحاكم هذه ، فقد جاءت في نقل الحافظ ابن حجر عن كتابه ( معرفة علوم الحديث ) على الوجه الصحيح ، كما تقدّم عن ( الكاف الشاف ).

و « محمّد بن عمر » من رجال الصحاح الستّة (٢).

عن « عمر بن علي » وهو من رجال الصّحاح الستّة أيضاً (٣).

فالسند صحيح قطعاً.

٦ ـ رواية ابن عساكر

وقد أخرج الحافظ ابن عساكر هذا الخبر بإسنادٍ له عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وهذه تراجم رجاله :

« أبو علي الحدّاد » وهو : الحسن بن أحمد بن الحسن الإصفهاني. قال السمعاني : « كان عالماً ثقة صدوقاً من أهل العلم والقرآن والدين ، سمع من أبي نعيم تواليفه » ووصفه الذهبي : بـ « الشيخ الإمام ، المقرئ المجوّد ، المحدّث المعمّر ، مسند العصر » وتوفي سنة ٥١٥ (٤).

« أبو نعيم الحافظ » وهو الحافظ أبو نعيم الإصفهاني ، المشهور المعروف ، ولا حاجة إلى توثيقه.

__________________

(١) كتاب الثقات ٨ / ٤٩٢.

(٢) تقريب التهذيب ٢ / ١٩٤.

(٣) تقريب التهذيب ٢ / ٦٠.

(٤) سير أعلام النبلاء ١٩ / ٣٠٣.

٤٤

« سليمان بن أحمد » وهو الطّبراني ، الحافظ الشهير ، ولا حاجة إلى توثيقه.

عن « عبد الرحمن بن سلم الرازي »

عن « محمّد بن يحيى بن الضرى »

عن « عيسى بن عبدالله »

إلى آخر السند. وقد عرفتهم في رواية الحاكم.

والصحيح هو : « عيسى بن عبدالله بن محمّد بن عمر بن علي » كما أشرنا ، وهكذا جاء اسمه في تاريخ ابن عساكر ، في ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، حيث روى عنه بإسناده حديث الطير ، عن أبيه عن جدّه ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام (١).

فوائد مهمة

وهنا فوائد ومطالب مهمّة لا بدّ من التنبيه عليها :

الاولى : استنباط الحكم الشرعي من القضيّة

قال الجصّاص :

« باب العمل اليسير في الصلاة. قال الله تعالى : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ ... ) روى عن مجاهد والسدّي وأبي جعفر وعتبة بن أبي حكيم : أنّها نزلت في علي ابن أبي طالب حين تصدّق بخاتمه وهو راكع ...

وقد اختلف في معنى قوله ( وَهُمْ راكِعُونَ ) ... فإنّ كان المراد فعل الصدقة في حال الركوع فإنّه يدلّ على إباحة العمل اليسير في الصلاة ... فإنْ

__________________

(١) ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق ٢ / ١٠٧.

٤٥

قال قائل : فالمراد أنّهم يتصدّقون ويصلّون ولم يرد به فعل الصدقة في الصلاة. قيل له : هذا تأويل ساقط ، من قِبَل أنّ قوله تعالى : ( وَهُمْ راكِعُونَ ) إخبار عن الحال التي تقع فيها الصدقة ، كقولك : تكلّم فلان وهو قائم ، وأعطى فلاناً وهو قاعد ، إنّما هو إخبار عن حال الفعل ... فثبت أنّ المعنى ما ذكرناه من مدح الصدقة في حال الركوع أو في حال الصلاة.

وقوله تعالى : ( وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) يدل على أن صدقة التطوّع تسمّى زكاةً ، لأنّ عليّاً تصدّق بخاتمه تطوّعاً ، وهو نظير قوله تعالى : ( وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ) قد انتظم صدقة الفرض والنفل ، فصار اسم الزكاة يتناول الفرض والنفل ، كاسم الصدقة وكاسم الصلاة ، ينتظم الأمرين » (١).

وكذا في تفسير القرطبي ـ نقلاً عن الكيا الطبري (٢) وأشار إليه الزمخشري وأبو السعود وغيرهما.

قلت : وفيه فوائد :

١ ـ ترتّب الأثر الفقهي ، واستنباط الحكم الشرعي من هذه القضيّة.

٢ ـ إنّ لفظ « الزكاة » يعم الفرض والنفل.

٣ ـ إنّ « الواو » في ( وَهُمْ راكِعُونَ ) حاليّة.

الثانية : رأي الإمام الباقر في نزول الآية

ولقد ذكر بعضهم كالجصّاص في عبارته المذكورة الإمام أبا جعفر الباقر عليه‌السلام في القائلين بنزولها في أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وبه يرد على ما نقله الدهلوي في ( التحفة الاثني عشرية ) عن تفسير النقّاش أنّه عزا إلى الإمام

__________________

(١) أحكام القرآن للجصاص ٢ / ٦٢٥ ـ ٦٢٦.

(٢) تفسير القرطبي ٦ / ٢٢١.

٤٦

قوله بأنّ المراد عموم المؤمنين ، فقيل له : الناس يقولون إنّها نزلت في خصوص علي ، فقال : علي من المؤمنين.

هذا ، مضافاً إلى تكلّم القوم في النقاش وتفسيره المسمّى « شفاء الصدور » ، فالبرقاني يقول : كلّ حديث النقاش منكر ، وليس في تفسيره حديث صحيح ، ووهّاه الدارقطني ، واللالكائي يقول : تفسير النقاش أشفى الصدور لا شفاء الصدور ، والخطيب يقول : في حديثه مناكير بأسانيد مشهورة ، وطلحة بن محمّد الشاهد يقول : كان النقاش يكذب في الحديث ، والذهبي يقول : قلبي لا يسكن إليه وهو عندي متّهم (١).

الثالثة : الخبر في شعر حسّان وغيره

ذكر الحاكم الحسكاني أنّ الصحابي حسان بن ثابت نظم هذه المنقبة في شعرٍ له ، فأورده ، ثمّ أورد شعراً قيل أيضاً في هذه القضيّة ، وهناك أشعار أُخرى لشعراء كبار من المتقدمين والمتأخرين ، مذكورة في الكتب المطوّلة ، فلتراجع.

الرابعة : قول النبيّ في الواقعة : من كنت مولاه فعلي مولاه

جاء في رواية الطبراني في الأوسط ، ورواية جماعةٍ آخرين كما في الدر المنثور : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال بعد نزول آية الولاية في قضيّة تصدّق الإمام : من كنت مولاه فعلي مولاه ، وقوله هذا ممّا يؤكّد دلالة الآية على الإمامة. وهذا المورد أحد موارد قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه ... وإن كان المشهور من بينها يوم غدير خم.

__________________

(١) لاحظ الكلمات في سير أعلام النبلاء ١٥ / ٥٧٣ ، لسان الميزان ٥ / ١٣٧. الطبعة الحديثة.

٤٧

الخامسة : دعاء النبيّ بعد القضية

وفي الدر المنثور عن جماعةٍ من الحفّاظ : أن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال بعد نزول الآية : « الحمد لله الذي أتمّ لعلي نعمه وهيّأ لعلي بفضل الله إيّاه ».

السادسة : إنّ الخاتم كان عقيقاً يمانيّاً أحمر

وجاء في روايةٍ للحاكم الحسكاني : أنّ الخاتم الذي أعطاه الإمام للمسكين كان عقيقاً يمانياً أحمر يلبسه في الصلاة في يمينه.

٤٨

الفصل الثاني

في دلالة الآية على الإمامة

وقد استدل أصحابنا بهذه الآية المباركة ـ بالنظر إلى الأحاديث المعتبرة والمتفق عليها ، الصريحة في نزولها في أمير المؤمنين عليه‌السلام لما تصدَّق بخاتمه وهو راكع ـ منذ قديم الأيّام ، نذكر هنا كلمات بعضهم :

* قال الشريف المرتضى : « ويدل على ذلك قوله تعالى : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ ... ) وقد ثبت أنّ لفظة ( وَلِيُّكُمُ ) في الآية تفيد من كان أولى بتدبير أُموركم ويجب طاعته عليكم. وثبت أيضاً أنّ المشار إليه في قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا ) أمير المؤمنين. وفي ثبوت ذلك وضوح النص عليه بالإمامة » (١).

* قال شيخ الطائفة : « وأمّا النص على إمامته من القرآن ، فأقوى ما يدلّ عليها قوله تعالى : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ).

ووجه الدلالة من الآية هو : إنّه ثبت أنّ المراد بلفظة « وليّكم » المذكورة في الآية : من كان متحقّقاً بتدبيركم والقيام باموركم وتجب طاعته عليكم ، وثبت أنّ المعنيّ بـ ( الَّذِينَ آمَنُوا ) أمير المؤمنين عليه‌السلام. وفي ثبوت هذين الوصفين دلالة على كونه عليه‌السلام إماماً لنا » (٢).

* وقال الشيخ نصير الدين الطوسي : « ولقوله تعالى : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ ... )

__________________

(١) الذخيرة في علم الكلام : ٤٣٨.

(٢) تلخيص الشافي ٢ / ١٠.

٤٩

وإنّما اجتمعت الأوصاف في علي عليه‌السلام ».

* فقال العلاّمة الحلّي بشرح هذا الكلام ما نصّه :

أقول : هذا دليل آخر على إمامة علي عليه‌السلام وهو قوله ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) والإستدلال بهذه الآية يتوقف على مقدمات ( إحداها ) إنّ لفظة « إنّما » للحصر ، ويدلّ عليه المنقول والمعقول ، أمّا المنقول فلإجماع أهل العربية عليه ، وأمّا المعقول ، فلأنّ لفظة « إن » للإثبات وما للنفي قبل التركيب ، فيكون كذلك بعد التركيب عملاً بالإستصحاب ، وللإجماع على هذه الدلالة ، ولا يصحّ تواردهما على معنى واحد ، ولا صرف الإثبات إلى غير المذكور والنفي إلى المذكور للإجماع ، فبقي العكس ، وهو صرف الإثبات إلى المذكور والنفي إلى غيره ، وهو معنى الحصر ( الثانية ) إن « الولي » يفيد « الأولى بالتصرف » والدليل عليه نقل أهل اللغة واستعمالهم ، كقولهم : السلطان ولي من لا ولي له ، وكقولهم : ولي الدم وولي الميّت ، وكقوله عليه‌السلام : أيّما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ( الثالثة ) إنّ المراد بذلك بعض المؤمنين ، لأنّه تعالى وصفهم بوصف مختص ببعضهم ، ولأنّه لولا ذلك لزم اتحاد الولي والمولّى عليه.

وإذا تمهّدت هذه المقدمات ، فنقول : المراد بهذه الآيات هو علي ، للإجماع الحاصل على أنّ من خصص بها بعض المؤمنين قال : إنّه علي عليه‌السلام ، فصرفها إلى غيره خرق للإجماع ، ولأنّه عليه‌السلام إمّا كلّ المراد أو بعضه ، للإجماع ، وقد بيّنا عدم العموميّة ، فيكون هو كلّ المراد ، ولأنّ المفسّرين اتّفقوا على أنّ المراد بهذه الآية علي عليه‌السلام ، لأنّه لمّا تصدّق

٥٠

بخاتمه حال ركوعه نزلت هذه الآية فيه ، ولا خلاف في ذلك » (١).

* وقال العلاّمة الحلي أيضاً : « أمّا القرآن فآيات : الاولى ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ ... ) أجمعوا على نزولها في علي عليه‌السلام ، وهو مذكور في الجمع بين الصحاح الستّة ، لمّا تصدّق بخاتمه على المسكين في الصلاة بمحضر من الصحابة. والولي هو المتصرّف. وقد أثبت الله الولاية لذاته وشرّك معه الرسول وأمير المؤمنين ، وولايةتعالى عامة ، فكذا النبيّ والولي » (٢).

أقول :

إنّ الاستدلال يتّضح ببيان مفردات الآية المباركة ، فنقول :

« إنّما » دالّة على الحصر كقوله تعالى : ( إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ ).

و « الولاية » هنا بمعنى « الأولوية » كما في قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا : بلى ، قال : فمن كنت مولاه فعلي مولاه » وكما في قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « علي منّي وأنا من علي وهو وليّكم بعدي » (٣).

« الّذين آمنوا » المراد خصوص أمير المؤمنين عليه‌السلام ، للأحاديث الصحيحة المتفق عليها.

« وهم راكعون » هذه « الواوّ » حاليّة ، و « راكعون » بمعنى « الركوع » الذي هو من أفعال الصلاة ، وذلك للأحاديث في أنّ أمير المؤمنين أعطى السائل خاتمه في حال الركوع.

__________________

(١) كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد : ٢٢٥.

(٢) نهج الحق وكشف الصدق

(٣) راجع ( حديث الغدير ) و ( حديث الولاية ) من كتابنا.

٥١

وعلى الجملة ، فإنّ العمدة في الاستدلال بالآية المباركة نزولها لدى الفريقين في قضيّة إعطاء أمير المؤمنين عليه‌السلام خاتمه للسائل في حال الركوع من صلاته ، وأن « الولاية » في الآية هي « الأولوية ».

أمّا كون « الولاية » بالمعنى المذكور ، فلأنّ سائر معاني الكلمة لا يجتمع شئ منها مع الحصر المدلول للفظة « إنّما » وقد تقدم إثبات مجيء « الولاية » بمعنى « الأولوية بالتصرف » ـ كتاباً وسنّة ولغةً وعرفاً ـ في كتابنا ، في بيان دلالة الحديثين المذكورين على الإمامة.

وأمّا كون المراد من الآية هو علي عليه‌السلام ، فللأحاديث ، وقد اعترف غير واحدٍ من الأعلام باتفاق المفسرين على ذلك ، كما اعترف الآلوسي بأنّه رأي غالب الأخباريين.

٥٢

الفصل الثالث

في دفع شبهات المخالفين

وحينئذٍ يأتي دور النّظر في شبهات المخالفين ، ولمّا كان هذا الإستدلال من أقوى أدلّة أصحابنا على إمامة أمير المؤمنين ، لكونه مستنداً إلى الكتاب والسنّة الثابتة المقبولة لدى الفريقين ، فقد بذلوا أقصى جهودهم للردّ عليه.

وقد اشترك في الردّ على هذا الاستدلال المعتزلة والأشاعرة ، وقد ظهر لدى التحقيق أن الأصل في عمدة شبهاتهم في المقام هم المعتزلة ، والأشاعرة عيال عليهم وتبع لهم.

* فلنورد أوّلاً ملخّص كلام القاضي عبدالجبّار المعتزلي في الاعتراض على الإستدلال بالآية ، فإنّه قال : إعلم أنّ المتعلّق بذلك لا يخلو من أن يتعلَّق بظاهره أو بامور تقارنه ، فإنْ تعلّق بظاهره فهو غير دال على ما ذكر ، وإنْ تعلَّق بقرينةٍ فيجب أن يبيّنها ، ولا قرينة من إجماع أو خبرٍ مقطوع به. فإنّ قيل : ومن أين أن ظاهره لا يدل على ما ذكرناه؟ قيل له : إنّه تعالى ذكر الجمع ، فكيف يحمل على واحدٍ معين؟ وقوله : ( وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) لو ثبت أنّه لم يحصل إلاّلأمير المؤمنين ، لم يوجب أنّه المراد بقوله : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا ) ولأنّ صدر الكلام إذا كان عامّاً لم يجب تخصيصه لأجل تخصيص الصفة. ومن أين أن المراد بقوله : ( يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) ما زعموه دون أن يكون المراد به أنّهم يؤتون الزكاة وطريقتهم التواضع والخضوع. وليس من المدح إيتاء الزكاة مع الاشتغال بالصلاة ، لأنّ الواجب في الراكع أنْ يصرف همّته ونيّته إلى ما هو فيه ولا يشتغل بغيره. قال شيخنا أبو هاشم يجب أن يكون المراد

٥٣

بذلك : الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة الواجبتين دون النفل ... والذي فعله أمير المؤمنين كان من النفل ...

فإنْ صحّ أنّه المختص بذلك ، فمن أين أنّه يختص بهذه الصفة في وقتٍ معين ولا ذكر للأوقات فيه ، وقد علمنا أنّه لا يصح أن يكون إماماً مع الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلا يصح التعلّق بظاهره ، ومتى قيل : إنّه إمام من بعد في بعض الأحوال ، فقد زالوا عن الظاهر ، وليسوا بذلك أولى ممّن يقول : إنه إمام في الوقت الذي ثبت أنّه إمام فيه.

هذا لو سلمنا أنّ المراد بالولي ما ذكروه ، فكيف وذلك غير ثابت ، فلا بد من أن يكون محمولاً على تولّي النصرة في باب الدين ، وذلك ممّا لا يختص بالإمامة ، ولذلك قال من بعد( وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ ).

وقد ذكر شيخنا أبو علي أنّه قيل إنّها نزلت في جماعةٍ من أصحاب النبيّ ... والّذين وصفهم في هذا الموضع بالركوع والخضوع هم الّذين وصفهم من قبل بأنّه يذل المرتدين بهم بقوله : ( فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) وأراد به طريقة التواضع ( أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ ... ).

وقد روي أنّها نزلت في عبادة بن الصّامت ... » (١).

أقول :

أوّلاً : هذا الكلام قد ردّ عليه بالتفصيل في كتاب ( الشافي ) و ( الذخيرة ) و ( تلخيص الشافي ).

__________________

(١) المغني في الإمامة ج ٢٠ ق ١ / ١٣٣.

٥٤

وثانياً : لك أنْ تقارن بين هذا الكلام وبين كلمات المتأخّرين عنه من الأشاعرة.

* فالفخر الرازي ، إذا راجعت كلامه في ( تفسيره ) (١) وجدته عيالاً على القاضي المعتزلي ، إذ كرّر هذه الشبهات من غير أنْ يشير إلى أجوبة السيّد المرتضى وغيره عليها!!

* والقاضي العضد الإيجي أجاب قائلاً : « والجواب : أنّ المراد هو الناصر ، وإلاّ دلّ على إمامته حال حياة الرسول ، ولأنّ ما تكرّر فيه صيغ الجمع كيف يحمل على الواحد ، ولأنّ ذلك غير مناسب لما قبلها وما بعدها » (٢).

* والسّعد التفتازاني أجاب : « ما قبل الآية شاهد صدق على أنّه لولاية المحبّة والنصرة دون التصرف والإمامة ، ووصف المؤمنين يجوز أنْ يكون للمدح دون التخصيص ، ولزيادة شرفهم واستحقاقهم ( وَهُمْ راكِعُونَ ) يحتمل العطف أو يخضعون ، وظاهر الكلام ثبوت الولاية بالفعل ، وفي الحال ولم يكن حينئذٍ ولاية التصرف والإمامة ، وصرفه إلى المآل لا يستقيم في ورسوله ، وحمل صيغة الجمع على الواحد إنّما يصحّ بدليل ، وخفاء الاستدلال بالآية على الصحابة عموماً وعلى علي خصوصاً في غاية البعد » (٣).

* والالوسي (٤) ، انتحل كلام شاه عبدالعزيز الدهلوي صاحب ( التحفة الاثني عشرية ) بطوله ، من غير أن يذكره أصلاً ، بل عزا كلام الدهلوي إلى أهل السنّة ، قائلاً : وقد أجاب أهل السنّة ... وسيأتي البحث مع الدهلوي إن شاء الله تعالى.

__________________

(١) تفسير الرازي : ١١ / ٢٥.

(٢) شرح المواقف ٨ / ٣٦٠

(٣) شرح المقاصد ٥ / ٢٦٩.

(٤) روح المعاني ٦ / ١٦٨.

٥٥

* وابن تيميّة ، وجد أنْ لا مناص ولا خلاص إلاّبتكذيب أصل القضيّة ، فقال :

« وقد وضع بعض الكذّابين حديثاً مفترى : إنّ هذه الآية نزلت في علي لمّا تصدّق بخاتمه في الصلاة. وهذا كذب بإجماع أهل العلم بالنقل » (٣).

قال : « أجمع أهل العلم بالنقل على أنّها لم تنزل في علي بخصوصه ، وأنّ عليّاً لم يتصدّق بخاتمه في الصلاة ، وأجمع أهل العلم بالحديث على أنّ القصّة المرويّة في ذلك من الكذب الموضوع » (٤).

قال : « جمهور الامّة لم تسمع هذا الخبر » (٥).

* وابن روزبهان ، لم يكذّب الخبر ، وإنّما ناقش في معنى « الولاية » فحملها على « النصرة » وتمسّك بالسّياق ، وهذان وجهان من الوجوه المذكورة في كلام القاضي المعتزلي.

* وعبد العزيز الدهلوي ـ الذي انتحل كلامه الآلوسي في ( تفسيره ) وتبعه صاحب ( مختصر التحفة الاثني عشرية ) ـ أجاب عن الاستدلال أوّلاً : بالإجمال ، وحاصله النقض بإمامة سائر أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام ، قال : « إنّ هذا الدليل كما يدلّ على نفي إمامة الأئمّة المتقدمين كما قرّر ، يدلّ كذلك على سلب الإمامة عن المتأخرين بذلك التقرير بعينه ، فلزم أن السبطين ومن بعدهما من الأئمّة الأطهار لم يكونوا أئمّة ، فلو كان استدلال الشيعة هذا يصح لفسد تمسّكهم بهذا الدليل ، إذ لا يخفى أنّ حاصل هذا الاستدلال بما يفيد في مقابلة أهل السنّة مبني على كلمة الحصر ، والحصر كما يضرّ أهل السنّة يكون

__________________

(١) منهاج السنة ٢ / ٣٠.

(٢) منهاج السنة ٧ / ١١.

(٣) منهاج السنة ٧ / ١٧.

٥٦

مضرّاً للشيعة أيضاً ، فإنّ أجابوا عن النقض بأنّ المراد حصر الولاية في الأمير كرّم الله وجهه في بعض الأوقات ، أعني وقت إمامته لا وقت إمامة السبطين ومن بعدهم رضي الله تعالى عنهم. قلنا : فمرحباً بالوفاق.

وأجاب عن الإستدلال ثانياً بالتفصيل ، وهو في وجوه :

الأول : إنّا لا نسلّم الإجماع على نزول الآية في الأمير ، فروى أبو بكر النقاش صاحب التفسير المشهور عن محمّد الباقر رضي الله تعالى عنه أنّها نزلت في المهاجرين والأنصار ، فقيل : قد بلغنا ـ أو : يقول الناس ـ أنّها نزلت في علي كرّم الله تعالى وجهه ، فقال : هو منهم ، وروى جمع من المفسّرين عن عكرمة أنّها نزلت في شأن أبي بكر.

وأمّا نزولها في حق علي ورواية قصة السائل وتصدّقه عليه في حال الركوع فإنّما هو للثعلبي فقط ، وهو متفرد به ، ولا يعدّ المحدّثون من أهل السنّة روايات الثعلبي قدر شعيرة ولقّبوه بـ « حاطب ليل » فإنّه لا يميّز بين الرطب واليابس ، وأكثر رواياته في التفسير عن الكلبي (١) عن أبي صالح ، وهي أوهى ما يروى في التفسير عندهم. وقال القاضي شمس الدين ابن خلكان في حال الكلبي إنه كان من أتباع عبد الله بن سبأ ... وينتهي بعض روايات الثعلبي إلى محمّد بن مروان السدّي الصغير ، وهو كان رافضيّاً غالياً.

والثاني : إنّا لا نسلّم أنّ المراد بالولي المتولي للأمور والمستحق للتصرّف فيها تصرّفاً عاماً ، بل المراد به الناصر ، وهو مقتضى السياق.

والثالث : إنّه لو سلّم أنّ المراد ما ذكروه ، فلفظ الجمع عام أو مساوٍ له ، كما ذكره المرتضى في الذريعة وابن المطهّر في النهاية ، والعبرة لعموم اللّفظ لا

__________________

(١) تصحف « الكلبي » إلى « الكليني » في مختصر التحفة الاثني عشرية.

٥٧

لخصوص السبب ، وليست الآية نصّاً في كون التصدّق واقعاً في حال ركوع الصلاة ، لجواز أنْ يكون الركوع بمعنى التخشّع والتذلّل ، لا بالمعنى المعروف في عرف أهل الشرع ، وليس حمل الركوع في الآية على غير معناه الشرعي بأبعد من حمل الزكاة المقرونة بالصلاة على مثل ذلك التصدّق ، وهو لازم على مدّعى الإماميّة قطعاً.

وأجاب الشيخ إبراهيم الكردي قدس‌سره عن أصل الاستدلال ، بأنّ الدليل قام في غير محلّ النزاع ، وهو كون عليّ كرم الله تعالى وجهه إماماً بعد رسول من غير فصل ، لأنّ ولاية الّذين آمنوا على زعم الإماميّة غير مرادة في زمان الخطاب ، لأنّ ذلك عهد النبوّة والإمامة نيابة ، فلا تتصور إلاّ بعد انتقال النبيّ ، وإذا لم يكن زمان الخطاب مراداً تعيّن أن يكون المراد الزمان المتأخّر عن زمن الانتقال ، ولا حدّ للتأخير ، فليكن ذلك بالنسبة إلى الأمير بعد مضي زمان الأئمّة الثلاثة ، فلم يحصل مدعى الإماميّة.

( قال ) : ولو تنزّلنا عن هذه كلّها لقلنا إنّ هذه الآية معارضة بالآيات الناصّة على خلافة الخلفاء الثلاثة » (١).

__________________

(١) التحفة الإثنا عشرية : ١٩٨ ، وانظر مختصر التحفة الاثني عشرية : ١٥٧ وقارن بتفسير الآلوسي : روح المعاني ٦ / ١٦٧ ـ ١٦٩.

٥٨

النظر في هذه الكلمات ودفع الشبهات

أقول :

إنّ أهمّ هذه الشبهات المتّخذة في الأغلب من المعتزلة ـ كما يظهر بالمقارنة ـ ما يلي :

١ ـ لا إجماع على نزول الآية في علي وتصدّقه

إدّعاه القاضي المعتزلي وتبعه جمع من الأشاعرة كالرازي ، بل زعم أنّ أكثر المفسّرين زعموا أنّه في حقّ الأمّة (١).

والجواب : إنّ الإماميّة إنّما يستدلون بإجماع المفسرين من أهل السنّة ، على نزول الآية المباركة في قضية أمير المؤمنين عليه‌السلام ، اعتماداً على إقرار غير واحدٍ من أكابر القوم بذلك :

اعتراف القاضي العضد

فمنهم : القاضي عضد الدين الإيجي (٢) ، المتوفّى سنة ٧٥٦ ، في كتابه المشهور : المواقف في علم الكلام (٣) ، فقد قال في معرض الاستدلال بالآية :

__________________

(١) تفسير الرازي ١٢ / ٢٧.

(٢) وصفوه بتراجمه بأوصاف ضخمة : « قاضي قضاة الشرق » و « شيخ العلماء » و « شيخ الشافعية » قالوا : « كان إماماً في المعقولات ، محقّقاً ، مدقّقاً ، قائماً بالأصول والمعاني والعربية ، مشاركاً في الفقه وغيره من الفنون » .. « أنجب تلاميذ اشتهروا في الآفاق ».

الدرر الكامنة ٢ / ١٩٦ ، البدر الطالع ١ / ٢٢٧ ، شذرات الذهب ٦ / ١٧٤ ، طبقات الشافعية ـ للأسنوي ـ ٢ / ١٠٩ ، بغية الوعاة ٢٩٦.

(٣) قال في كشف الظنون ٢ / ١٨٩١ : « المواقف في علم الكلام ، وهو كتاب جليل القدر ، رفيع الشأن ،

٥٩

« وأجمع أئمة التفسير أنّ المراد عليّ » (١).

اعتراف الشريف الجرجاني

ومنهم : الشريف الجرجاني (٢) ، المتوفّى سنة ٨١٦ ، فقد قال بشرح المواقف (٣).

« وقد أجمع أئمّة التفسير على أن المراد بـ : ( الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ) إلى قوله تعالى : ( وَهُمْ راكِعُونَ ) علي ، فإنّه كان في الصلاة راكعاً ، فسأله سائل فأعطاه خاتمه ، فنزلت الآية » (٤).

__________________

اعتنى به الفضلاء ، فشرحه السيّد الشريف ، وشرحه شمس الدين محمّد بن يوسف الكرماني ... » ثمّ ذكر الشروح والحواشي عليها. قال : « وهي كثيرة جدّاً ».

وقال الشوكاني ـ بترجمة الإيجي : « له : المواقف في علم الكلام ومقدّماته ، وهو كتاب يقصر عنه الوصف ، لا يستغني عنه من رام تحقيق الفنّ ».

ولاحظ أيضاً كلمات الشريف الجرجاني في وصف المواقف في مقدّمة شرحه.

(١) المواقف في علم الكلام : ٤٠٥.

(٢) وصفوه بـ : « عالم بلاد الشرق » .. « كان علاّمة دهره » .. « صار إماماً في جميع العلوم العقلية وغيرها ، متفرّداً بها ، مصنّفاً في جميع أنواعها ، متبحّراً في دقيقها وجليلها ، وطار صيته في الآفاق ، وانتفع الناس بمصنّفاته في جميع البلاد ، وهي مشهورة في كلّ فنّ ، يحتجّ بها أكابر العلماء وينقلون منها ، ويوردون ويصدرون عنها » فذكروا فيها شرح المواقف.

انظر : الضوء اللامع ٥ / ٣٢٨ ، البدر الطالع ١ / ٣٣٣ ، الفوائد البهية : ١٢٥ ، بغية الوعاة : ٣٥١ ، مفتاح السعادة ١ / ١٩٢ ، وغيرها.

(٣) انظر : كشف الظنون ٢ / ١٨٩١.

(٤) شرح المواقف في علم الكلام ٨ / ٣٦٠.

٦٠