نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ٢٠

السيّد علي الحسيني الميلاني

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ٢٠

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٣٢

الضريس الرازي قاضيهم ، وعيسى العلوي من أهل الكوفة » (٣).

* أخرج الطبراني قائلاً : « حدّثنا محمّد بن علي الصائغ قال : حدّثنا خالد ابن يزيد العمري ، قال : حدّثنا إسحاق بن عبدالله بن محمّد بن علي بن حسين ، عن الحسن بن زيد ، عن أبيه زيد بن الحسن ، عن جده قال :

سمعت عمار بن ياسر يقول : « وقف على عليّ بن أبي طالب سائل وهو راكع في تطوّع فنزع خاتمه فأعطاه السائل ، فأتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأعلمه ذلك ، فنزلت على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم هذه الآية : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) فقرأها رسول صلّى الله عليه وسلّم ثمّ قال : من كنت مولاه فعلّي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ».

لا يُروى هذا الحديث عن عمّار بن ياسر إلاّبهذا الإسناد ، تفردّ به خالد ابن يزيد » (١).

* أخرج أبو نعيم الحافظ بإسناده قائلاً :

« حدّثنا سليمان بن أحمد قال : حدّثنا محمّد بن عبدالله الحضرمي قال : حدّثنا إبراهيم بن عيسى التنوخي قال : حدّثنا يحيى بن يعلى ، عن عبيد الله بن موسى ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال :

جاء عبدالله بن سلام واناس معه ، فشكوا مجانبة الناس إيّاهم منذ أسلموا ، فقال أبغوني سائلاً ، فدخلنا المسجد ، فدنا سائل إليه فقال : أعطاك أحد شيئاً؟ قال : نعم ، مررت برجلٍ راكع فأعطاني خاتمه. قال : فاذهب فأره ،

__________________

(١) معرفة علوم الحديث : ١٠٢.

(٢) المعجم الأوسط ٧ / ١٢٩.

٢١

فذهبنا وعلي قائم ، قال : هذا. فنزلت : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ ... ) (١).

* أخرج أبو المظفر السمعاني بتفسير الآية : « قال السدي ـ وهو رواية عن مجاهد ـ إن هذا أنزل في علي بن أبي طالب ، كان في الركوع ومسكين يطوف في المسجد ، فنزع خاتمه ودفع إليه ، فهذا معنى قوله : ( وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ).

ثم إنّه لم يناقش في هذا القول وسنده ، وإنّما تكلّم في معنى الآية وخصوص لفظ « الولاية » فقال : « وقوله : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) أراد به الولاية في الدين ، لا ولاية الإمارة والسلطنة ، وهم فوق كلّ ولاية. قال أبو عبيدة : وكذلك معنى قوله : من كنت مولاه فعلي مولاه. يعني : من كنت وليّاً له أُعينه وانصره ، فعلي يعينه وينصره في الدين » (٢).

* وأخرج الثعلبي ، قال :

قوله تعالى : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ).

قال ابن عبّاس : وقال السدي ، وعتبة بن حكيم ، وثابت بن عبدالله : إنّما عنى بقوله ( وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه ، مر به سائل وهو راكع في المسجد فأعطاه خاتمه.

أخبرنا أبو الحسن محمّد بن القاسم بن أحمد ، قال : حدّثنا أبو محمّد عبدالله بن أحمد الشعراني ، قال : حدّثنا أبو علي أحمد بن علي بن رزين ، قال : حدّثنا المظفر بن الحسن الأنصاري ، قال : حدّثنا السيّد بن علي قال : حدّثنا

__________________

(١) خصائص الوحي المبين : ٢٠ عن كتاب ما نزل في علي لأبي نعيم الإصفهاني.

(٢) تفسير القرآن ٢ / ٤٧.

٢٢

يحيى بن عبدالحميد الحماني ، عن قيس بن الربيع ، عن الأعمش ، عن عباية بن الربعي ، قال :

بينا عبدالله بن عبّاس جالس على شفير زمزم إذ أقبل رجل متعمّم بعمامة ، فجعل ابن عبّاس لا يقول قال رسول الله إلاّ قال الرجل قال رسول الله.

فقال ابن عبّاس : سألتك بالله من أنت؟

قال : فكشف العمامة عن وجهه وقال : يا أيّها الناس مَن عرفني فقد عرفني ، ومَن لم يعرفني فأنا جندب بن جنادة البدري أبو ذر الغفاري ، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بهاتين وإلاّ صمّتا [ وأشار به اذنيه ] ورأيته بهاتين وإلاّ فعُميتا [ وأشار إلى عينيه ] يقول : علي قائد البررة ، وقاتل الكفرة ، منصور من نصره ، مخذول من خذله. أمّا إنّي صلّيت مع رسول الله يوماً من الأيّام صلاة الظهر فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد ، فرفع السائل يده إلى السماء وقال : اللهم أشهد إنّي سألت في مسجد رسول الله فلم يُعطني أحد شيئاً ، وكان علي راكعاً فأومى إليه بخنصره اليُمنى وكان يتختّم فيها ، فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره ، وذلك بعين النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.

فلمّا فرغ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من صلاته رفع رأسه إلى السماء وقال : اللهم إنّ أخي موسى سألك فقال : ( رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي * هارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ... ) الآية ، فأنزلت عليه قرآناً ناطقاً : ( سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً ) اللهم وأنا محمّد نبيّك وصفيّك ، اللهم فاشرح لي صدري ، ( وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ، وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي ) ، علياً أُشدد به ظهري.

قال أبو ذر : فوالله ما استتمّ رسول الله الكلمة حتّى أُنزل عليه جبرئيل من عند الله فقال : يا محمّد إقرأ. قال : وما أقرأ؟ قال : اقرأ : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ

٢٣

وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ).

سمعت أبا منصور الجمشاذي ، سمعت محمّد بن عبدالله الحافظ ، سمعت أبا الحسن علي بن الحسن ، سمعت أبا حامد محمّد بن هارون الحضرمي ، سمعت محمّد بن منصور الطوسي ، سمعت أحمد بن حنبل يقول :

ما جاء لأحدٍ من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الفضائل ما جاء لعلي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه » (١).

* وأخرج الواحدي :

« قوله تعالى : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) قال جابر بن عبدالله : جاء عبدالله بن سلام إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال : يا رسول الله إنّ قوماً من قريظة والنضير قد هاجرونا وفارقونا وأقسموا أن لا يجالسونا ، ولا نستطيع مجالسة أصحابك لبعد المنازل وشكى ما يلقى من اليهود ، فنزلت هذه الآية فقرأها عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال : رضينا بالله وبرسوله وبالمؤمنين أولياء ونحو هذا. قال الكلبي وزاد : إنّ آخر الآية في علي بن أبي طالب رضوان الله عليه ، لأنّه أعطى خاتمه سائلاً وهو راكع في الصلاة. أخبرنا أبو بكر التميمي قال أخبرنا عبدالله بن محمّد بن جعفر قال حدّثنا الحسين بن محمّد بن أبي هريرة قال : حدّثنا عبدالله بن عبدالوهاب قال : حدّثنا محمّد بن الأسود عن محمّد بن مروان عن محمّد بن السائب عن أبي صالح عن ابن عبّاس قال : أقبل عبدالله بن سلم ومعه نفر من قومه قد آمنوا فقالوا : يا رسول الله إنّ منازلنا بعيدة وليس لنا مجلس ولا متحدّث ، وإنّ قومنا لمّا رأونا آمنّا بالله ورسوله وصدّقناه رفضونا وآلوا على أنفسهم أن لا يجالسونا ولا يناكحونا ولا يكلّمونا فشقّ ذلك علينا ، فقال لهم النبيّ عليه‌السلام ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ

__________________

(١) تفسير الثعلبي ـ مخطوط.

٢٤

وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) الآية ثمّ إنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم خرج إلى المسجد والناس بين قائم وراكع ، فنظر سائلا فقال : هل أعطاك أحد شيئاً؟ قال : نعم خاتم من ذهب. قال : من أعطاكه؟ قال : ذلك القائم وأومأ بيده إلى علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه. فقال : على أيّ حال أعطاك؟ قال : أعطاني وهو راكع ، فكبّر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ثمّ قرأ : ( وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ ) (١).

* وأخرج الحاكم الحسكاني :

« قوله سبحانه : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ).

قول ابن عبّاس فيه :

أخبرنا أبو بكر الحارثي قال : أخبرنا أبو الشيخ ، قال : حدّثنا أحمد بن يحيى بن زهير [ التستري ] ، وعبد الرحمان بن أحمد الزهري قالا : حدّثنا أحمد بن منصور قال : حدّثنا عبدالرزاق ، عن عبدالوهاب بن مجاهد ، عن أبيه :

عن ابن عبّاس [ في قوله تعالى : ] ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) قال : نزلت في علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

أخبرنا السيّد عقيل بن الحسين العلوي قال : أخبرنا أبو محمّد عبدالرحمان بن إبراهيم بن أحمد بن الفضل الطبري من لفظه بسجستان قال : أخبرنا أبو الحسين محمّد بن عبدالله المزني قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمّد ابن عبدالله قال : حدّثنا الفهم بن سعيد بن الفهم بن سعيد بن سليك بن عبدالغطفاني صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : حدّثنا عبدالرزاق ابن همّام عن معمر :

__________________

(١) أسباب النزول : ١١٠.

٢٥

عن ابن طاووس عن أبيه قال : كنت جالساً مع ابن عبّاس إذ دخل عليه رجل فقال : أخبرني عن هذه الآية : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) فقال ابن عبّاس : أنزلت في عليّ بن أبي طالب.

أخبرنا الحسين بن محمّد الثقفي قال : حدّثنا عبدالله بن محمّد بن أبي شيبة قال : حدّثنا عبيد الله بن أحمد بن منصور الكسائي قال : حدّثنا أبو عقيل محمّد بن حاتم بن قال : حدّثنا عبدالرزاق قال : حدّثنا ابن مجاهد ، عن أبيه :

عن ابن عبّاس في قوله : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) قال : علي عليه‌السلام.

وأخبرنا الحسين [ بن محمّد الثقفي ] قال : حدّثنا أبو الفتح محمّد بن الحسين الأزدي الموصلي قال : حدّثنا عصام بن غياث السمان البغدادي [ قال ] : حدّثنا أحمد بن سيار المروزي قال : حدّثنا عبدالرزاق به ، [ و ] قال : نزلت في عليّ بن أبي طالب.

أخبرنا عقيل بن الحسين قال : أخبرنا عليّ بن الحسين قال : حدّثنا محمّد ابن عبيد الله قال : حدّثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبدالله الدقاق ببغداد ابن السماك قال : حدّثنا عبدالله بن ثابت المقري قال : حدّثني أبي عن الهذيل ، عن مقاتل ، عن الضحاك [ عن ] ابن عبّاس [ به ].

وحدّثني الحسن بن محمّد بن عثمان الفسوي عن ابن عبّاس.

وحدّثنا الحسن بن محمّد بن عثمان الفسوي بالبصرة ، قال : حدّثنا يعقوب بن سفيان قال : حدّثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ، قال : حدّثنا سفيان الثوري عن منصور عن مجاهد ، عن ابن عبّاس :

قال سفيان : وحدّثني الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس في قوله الله تعالى : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) يعني ناصركم

٢٦

الله ( وَرَسُولُهُ ) يعني محمّد صلى عليه وآله وسلّم ثمّ قال : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا ) فخصّ من بين المؤمنين عليّ بن أبي طالب فقال : ( الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ) يعني يتمّون وضوءها وقراءتها وركوعها وسجودها وخشوعها في مواقيتها [ ( وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) ] وذلك أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلّى يوماً بأصحابه صلاة الظهر وانصرف هو وأصحابه ، فلم يبق في المسجد غير عليّ قائماً يصلي بين الظهر والعصر ، إذ دخل [ عليه ] فقير من فقراء المسلمين ، فلم يرَ في المسجد أحداً خلا عليّاً فأقبل نحوه فقال : يا وليّ الله بالذي يصلّى له أن تتصدّق عَلَيّ بما أمكنك. وله خاتم عقيق يماني أحمر [ كان ] يلبسه في الصلاة في يمينه ، فمدّ يده فوضعها على ظهره وأشار إلى السائل بنزعه ، فنزعه ودعا له ، ومضى وهبط جبرئيل فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليّ : لقد باهى الله بك ملائكته اليوم ، اقرأ ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ).

أخبرنا أحمد بن محمّد بن أحمد الفقيه ، قال : أخبرنا عبدالله بن محمّد ابن جعفر قال : حدّثنا الحسن بن محمّد بن أبي هريرة قال : حدّثنا عبدالله بن عبدالوهاب ، قال : حدّثنا محمّد بن الأسود عن محمّد بن هارون ، عن محمّد ابن السائب ، عن أبي صالح :

عن ابن عبّاس قال : أقبل عبدالله بن سلام ومعه نفر من قومه ممّن قد آمنوا بالنبيّ فقالوا : يا رسول الله إنّ منازلنا بعيدة وليس لنا مجلس ولا متحدّث دون هذا المجلس ، وإنّ قومنا لمّا رأونا آمنّا بالله وبرسوله وصدّقناه رفضونا وآلوا على أنفسهم أن لا يجالسونا ولا يناكحونا ولا يكلّمونا ، فشقّ ذلك علينا ، فقال لهم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ).

٢٧

ثمّ إنّ النبيّ خرج إلى المسجد والناس بين قائم وراكع فبصر بسائل فقال له النبيّ صلّى الله عليه : هل أعطاك أحد شيئاً؟ قال : نعم خاتم من ذهب. فقال له النبيّ : من أعطاكه؟ قال : ذاك القائم وأومى بيده إلى عليّ. فقال له النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : على أيّ [ حال ] أعطاك؟ قال : أعطاني وهو راكع. فكبّر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ قرأ : ( وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ ).

فأنشأ حسان بن ثابت يقول في ذلك :

أبا حسن تُفْديك نفسي ومهجتي

وكلّ بطئ في الهدى ومسارع

أيذهب مدحي والمُحبّر ضائعاً

وما المدح في جنب الإله بضائع

وأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعاً

زكاتاً فدتك النفس يا خير راكع

فأنزل فيك الله خير ولاية

فبيّنها في نيّرات الشرائع

وقيل في ذلك أيضاً :

أوفى الصلاة مع الزكاة فقامها

والله يرحم عبده الصبّارا

من ذا بخاتمه تصدّق راكعاً

وأسرّه في نفسه إسرارا

من كان بات على فراش محمّد

ومحمّد يسري وينحو الغارا

من كان جبريل يقوم يمينه

فيها وميكال يقوم يسارا

من كان في القرآن سمي مؤمناً

في تسع آيات جعلن كبارا

قول أنس فيه :

أخبرنا عبدالله بن يوسف إملاءاً وقراءة في الفوائد قال : أخبرنا علي بن محمّد بن عقبة ، قال : حدّثنا الخضر بن أبان ، قال : حدّثنا إبراهيم بن هدبة :

عن أنس : إنّ سائلاً أتى المسجد وهو يقول : من يقرض الوفيّ المليّ؟ وعلي عليه‌السلام راكع يقول بيده خلفه للسائل أي اخلع الخاتم من يدي.

٢٨

فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : يا عمر وجبت. قال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما وجبت؟ قال : وجبت له الجنّة ، والله ما خلعه من يده حتّى خلعه من كلّ ذنب ومن كلّ خطيئة. قال : بأبي وأمّي يا رسول الله هذا لهذا؟ قال : هذا لمن فعل هذا من أُمّتي.

أخبرني الحاكم الوالد ، ومحمّد بن القاسم أنّ عمر بن أحمد بن عثمان الواعظ أخبرهم : أنّ محمّد بن أحمد بن أيوب بن الصلت المقرئ حدّثهم قال : حدّثنا أحمد بن إسحاق ـ وكان ثقة ـ قال : حدّثنا أبو أحمد زكريا بن دويد بن محمّد بن الأشعث بن قيس الكندي :

قال : حدّثنا حميد الطويل عن أنس قال : خرج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى صلاة الظهر فإذاً هو بعليّ يركع ويسجد ، وإذا بسائل يسأل فأوجع قلب علي كلام السائل ، فأومأ بيده اليمنى إلى خلف ظهره فدنا السائل منه فسلّ خاتمه عن إصبعه ، فأنزل الله فيه آية من القرآن وانصرف عليّ إلى المنزل ، فبعث النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إليه فأحضره فقال : أيّ شي عملت يومك هذا بينك وبين الله تعالى؟ فأخبره فقال : هنيئاً لك [ أ ] با الحسن قد أنزل الله فيك آية من القرآن : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) الآية.

[ والحديث ] اختصرته.

روايات الصحابة فيه رضي الله عنهم :

منهم عمار بن ياسر

أخبرنا أبو بكر الحارثي قال : أخبرنا أبو الشيخ ، قال : حدّثنا الوليد بن أبان ، قال : حدّثنا سلمة بن محمّد قال : حدّثنا خالد بن يزيد ، قال : حدّثنا إسحاق بن عبدالله بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي ، عن الحسن بن زيد عن أبيه زيد بن حسن ، عن جدّه قال : سمعت عمّار بن ياسر يقول :

٢٩

وقف لعلي بن أبي طالب سائل وهو راكع في صلاة التطوع فنزع خاتمه فأعطاه السائل فأتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأعلمه ذلك فنزل على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذه الآية : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) إلى آخر الآية [ ف ] قال رسول الله : من كنت مولاه فإنّ عليّاً مولاه ، اللهمّ والِ من والاه وعاد من عاداه.

[ و ] رواه [ أيضاً ] أبو النضر العياشي في كتابه وفي تفسيره قال : حدّثنا سلمة بن محمّد بذلك.

ومنهم جابر بن عبدالله الأنصاري

حدّثنا الحاكم أبو عبدالله الحافظ غير مرّة قال : أخبرنا أبو بكر محمّد بن جعفر بن يزيد الآدمي القاري ببغداد قال : حدّثنا أحمد بن موسى بن يزيد الشطوي حدّثنا إبراهيم بن إبراهيم هو أبو إسحاق الكوفي قال : حدّثنا إبراهيم ابن الحسن الثعلبي قال : حدّثنا يحيى بن يعلى ، عن عبيدالله بن موسى ، عن أبي الزبير :

عن جابر قال : جاء عبدالله بن سلام وأنا معه يشكون إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مجانبة إيّاهم منذ أسلموا فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ابتغوا إلي سائلاً. فدخلنا المسجد فوجدنا فيه مسكيناً فأتينا [ به ] النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسأله هل أعطاك أحد شيئاً؟ قال : نعم مررت برجل يصلّي فأعطاني خاتمه قال : اذهب فأرهم إيّاه [ قال جابر ] فانطلقنا وعلي قائم يصلّي قال : هو هذا ، فرجعنا وقد نزلت هذه الآية : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) الآية.

ومنهم أمير المؤمنين علي عليه‌السلام

أخبرنا أبو بكر التميمي بقراءتي عليه من أصله ، أخبرنا أبو محمّد عبدالله

٣٠

ابن محمّد ، قال : حدّثنا سعيد بن سلمة الثوري قال : حدّثنا محمّد بن يحيى الفَيْدي قال : حدّثنا عيسى بن عَبْدالله بن عُبَيدالله بن عمر بن علي بن أبي طالب ، قال : حدّثنا أبي عن أبيه عن جدّه :

عن عليّ قال : نزلت هذه الآية على رسول الله في بيته : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) الآية. فخرج رسول الله ودخل المسجد وجاء الناس يصلون بين راكع وساجد وقائم فإذاً سائل فقال : يا سائل هل أعطاك أحد شيئاً؟ قال : لا إلاّذاك الراكع ـ لعلي ـ أعطاني خاتمه.

ومنهم المقداد بن الأسود الكندي

أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمّد الحيري قال : حدّثنا أبو بكر محمّد بن أحمد المديني قال : حدّثنا الحسن بن إسماعيل ، قال : حدّثنا عبدالرحمان بن إبراهيم الفهري قال : حدّثني أبي عن علي بن صدقة عن هلال :

عن المقداد بن الأسود الكندي قال : كنّا جلوساً بين يدي رسول الله إذ جاء أعرابي بدوي متنكّب على قوسه.

وساق الحديث بطوله حتّى قال : وعلي بن أبي طالب قائم يصلي في وسط المسجد ركعات بين الظهر والعصر فناوله خاتمه ، فقال النبيّ صلى عليه وآله وسلّم : بخٍ بخٍ بخٍ وجبت الغرفات. فأنشأ الأعرابي يقول :

يا وليّ المؤمنين كلّهم

وسيّد الأوصياء من آدم

قد فزت بالنفل يا أبا حسن

إذ جادت الكفّ منك بالخاتم

فالجود فرع وأنت مغرسه

وأنتم سادة لذا العالم

فعندها هبط جبرئيل بالآية : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ ) الآية.

٣١

ومنهم أبو ذر الغفاري

حدّثني أبو الحسن محمّد بن القاسم [ الفقيه ] الصيدلاني قال : أخبرنا أبو محمّد عبدالله بن أحمد الشعراني قال : حدّثنا أبو علي أحمد بن عليّ بن رزين الباشاني قال : حدّثني المظفّر بن الحسن الأنصاري قال : حدّثنا السندي بن عليّ الورّاق قال : حدّثنا يحيى بن عبدالحميد الحمّاني ، عن قيس بن الربيع عن الأعمش عن عباية بن ربعي قال :

بينما عبدالله بن عبّاس جالس على شفير زمزم ... » (١).

قول محمّد بن الحنفيّة فيه

أخبرنا أبو عبدالله النيسابوري السفياني قراءة قال : حدّثنا ظفران بن الحسين قال : حدّثنا أبو الحسن علي بن عثمان ، بن تارخ المعمري قال : حدّثنا يحيى بن عبدك القزويني قال : حدّثنا حسان بن حسّان قال : حدّثنا موسى بن قطن الكوفي عن الحكم بن عُتيبة :

عن المنهال بن عمرو ، عن محمّد بن الحنفيّة أنّ سائلاً سأل في مسجد رسول الله فلم يعطه أحد شيئاً ، فخرج رسول الله [ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ] وقال : هل أعطاك أحد شيئاً؟ قال : لا إلاّرجل مررت به وهو راكع فناولني خاتمه. فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وتعرفه؟ قال : لا. فنزلت هذه الآية : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) فكان علي بن أبي طالب.

قول عطاء

حدّثني الحاكم أبو بكر محمّد بن إبراهيم الفارسي [ حدّثنا ] أبو عبدالله محمّد بن خَفْيف بشيراز قال : حدّثنا أبو الطيب النعمان بن أحمد بن يعمر

__________________

(١) إلى آخره كما تقدّم في رواية الثعلبي.

٣٢

الواسطي قال : حدّثنا عبدالله بن عمر القرشي قال : حدّثنا أبو جعفر محمّد بن حميد الصفّار قال : حدّثنا جعفر بن سليمان ، عن عطاء بن السائب [ في قوله تعالى ] : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) الآية قال : نزلت في علي مرّ به سائل وهو راكع فناوله خاتمه.

قول عبدالملك بن جُرَيج المكّي

أخبرنا الحسين بن محمّد بن الحسين الجبلي قال : حدّثنا علي بن محمّد ابن لؤلؤ ، قال : أخبرنا الهيثم بن خلف الدوري قال : حدّثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي قال : حدّثنا حجاج ، عن ابن جُرَيج قال : لما نزلت : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) الآية ، خرج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى المسجد ، فإذاً سائل يسأل في المسجد فقال له النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هل أعطاك أحد شيئاً وهو راكع؟ قال : نعم رجل لا أدري من هو. قال : ماذا [ أعطاك ]؟ قال : هذا الخاتم. فإذا الرجل علي بن أبي طالب ، والخاتم خاتمه عرفه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

قوله تعالى ذكره :

( وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ ).

أخبرنا أبو العبّاس المحمّدي قال : أخبرنا عليّ بن الحسين قال :

أخبرنا محمّد بن عبيد الله ، قال : حدّثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبيد الله الدقاق المعروف بابن السماك ببغداد قال : حدّثنا عبدالله بن ثابت المقرئ قال : حدّثني أبي عن الهذيل ، عن مقاتل عن الضحاك :

عن ابن عبّاس قال : ( وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ ) يي يحبّ الله ( وَرَسُولَهُ ) يعني محمّداً ( وَالَّذِينَ آمَنُوا ) يعني ويحبّ عليّ بن أبي طالب ( فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ ) يعني شيعة وشيعة محمّد وشيعة علي هم الغالبون ، يعني

٣٣

العالون على جميع العباد الظاهرون على المخالفين لهم ، قال ابن عبّاس : فبدأ الله في هذه الآية بنفسه ، ثمّ ثنى بمحمّد ، ثمّ ثلّث بعليّ [ ثمّ قال ] : فلمّا نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : رحم الله عليّاً اللهمّ أدر الحقّ معه حيث دار.

قال ابن مؤمن : لا خلاف بين المفسّرين أنّ هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين [ علي عليه‌السلام ] » (١).

* وأخرج ابن عساكر قائلاً :

« أخبرنا أبو سعد المطرز ، وأبو علي الحداد ، وأبو القاسم غانم بن محمّد ابن عبدالله ، ثمّ أخبرنا أبو المعالي عبدالله بن أحمد بن محمّد ، أنبأنا أبو علي الحداد قالوا : أنبأنا أبو نعيم الحافظ ، أنبأنا سليمان بن أحمد ، أنبأنا عبدالرحمان بن محمّد بن سالم (٢) الرازي ، أنبأنا محمّد بن يحيى بن ضريس العبدي (٣) :

أنبأنا عيسى بن عبدالله بن عبيدالله (٤) بن عمر بن علي بن أبي طالب ، حدّثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي قال : نزلت هذه الآية على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) فخرج رسول صلّى الله عليه وسلّم ، فدخل المسجد ـ والناس يصلّون بين راكع وقائم ـ يصلّي ، فإذا سائل فقال [ رسول الله ] : يا سائل هل أعطاك أحد شيئاً؟ فقال : لا إلاّ هذاك الراكع ـ لعلي ـ أعطاني خاتمه.

__________________

(١) شواهد التنزيل لقواعد التفضيل : ١ / ٢٠٩ ـ ٢٤٦.

(٢) هو « سلم » لا « سالم ».

(٣) « الفيدي » لا « العبدي ».

(٤) كذا وسيأتي صحيحه.

٣٤

أخبرنا خالي أبو المعالي القاضي ، أنبأنا أبو الحسن الخلعي ، أنبأنا أبو العباس أحمد بن محمّد الشاهد ، أنبأنا أبو الفضل محمّد بن عبدالرحمان بن عبدالله بن الحارث الرملي ، أنبأنا القاضي حملة بن محمر أنبأنا أبو سعيد الأشج ، أنبأنا أبو نعيم الأحول ، عن موسى بن قيس ، عن سلمة قال : تصدّق علي بخاتمه وهو راكع ، فنزلت : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ ... ) (١).

* أخرج العزّ الدمشقي فقال :

« ( وَهُمْ راكِعُونَ ) نزلت في علي ـ رضي الله تعالى عنه ـ تصدّق وهو راكع. أو عامّة في المؤمنين » (٢).

* وأخرج ابن كثير قال : « وقال ابن أبي خاتم : حدّثنا الربيع بن سليمان المرادي ، حدّثنا أيوب بن سويد عن عتبة بن أبي حكيم في قوله ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) قال : هم المؤمنون وعلي بن أبي طالب.

وحدّثنا أبو سعيد الأشج ، حدّثنا الفضل بن دكين أبو نعيم الأحول ، حدّثنا موسى بن قيس الحضرمي ، عن سلمة بن كهيل قال : تصدّق علي بخاتمه وهو راكع فنزلت ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ).

وقال ابن جرير : حدّثني الحارث ، حدّثنا عبدالعزيز ، حدّثنا غالب بن عبدالله ، سمعت مجاهداً يقول في قوله : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) الآية ، نزلت في علي بن أبي طالب ، تصدّق وهو راكع.

وقال عبدالرزاق : حدّثنا عبدالوهّاب بن مجاهد ، عن أبيه عن ابن عبّاس في قوله : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) الآية ، نزلت في علي بن أبي طالب.

__________________

(١) تاريخ دمشق ٤٢ / ٣٥٦ ـ ٣٥٧.

(٢) تفسير القرآن ١ / ٣٩٣.

٣٥

عبدالوهّاب بن مجاهد لا يحتج به.

وروى ابن مردويه من طريق سفيان الثوري ، عن أبي سنان ، عن الضحاك ، عن ابن عبّاس قال : كان علي بن أبي طالب قائماً يصلّي ، فمرّ سائل وهو راكع ، فأعطاه خاتمه ، فنزلت ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) الآية.

الضحاك لم يلق ابن عبّاس.

وروى ابن مردويه أيضاً من طريق محمّد بن السائب الكلبي ـ وهو متروك ـ عن أبي صالح عن ابن عبّاس قال : خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى المسجد والناس يصلون بين راكع وساجد وقائم وقاعد ، وإذا مسكين يسأل ، فدخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : « أعطاك أحد شياً؟ قال : نعم قال : من؟ قال : ذلك الرجل القائم ، قال : على أي حال أعطاكه؟ قال : وهو راكع ، قال : وذلك علي بن أبي طالب ، قال : فكبّر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عند ذلك وهو يقول : ( وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ ).

وهذا إسناد لا يقدح به.

ثمّ رواه ابن مردويه من حديث علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه نفسه وعمّار بن ياسر وأبي رافع » (١).

* أخرج الحافظ ابن حجر :

« رواه ابن أبي حاتم من طريق سلمة بن كهيل قال : تصدّق علي بخاتمه وهو راكع ، فنزلت : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ). ولابن مردويه من رواية سفيان الثوري عن ابن سنان عن الضحّاك عن ابن عبّاس قال : كان علي قائماً يصلّي ، فمرّ سائل وهو راكعٌ فأعطاه خاتمه فنزلت. وروى الحاكم في علوم

__________________

(١) تفسير ابن كثير ٢ / ٦٤.

٣٦

الحديث من رواية عيسى بن عبدالله بن عمر بن علي : حدّثنا أبي عن أبيه عن جده علي بن أبي طالب قال : نزلت هذه الآية : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) الآية فدخل رسول الله المسجد والناس يصلّون ، بين قائم وراكع وساجد ، وإذا سائل ، فقال له رسول الله : أعطاك أحد شيئاً؟ قال : لا إلاّهذا الراكع يعني عليّاً ، أعطاني خاتمه. رواه الطبراني في الأوسط في ترجمة محمّد بن علي الصائغ. وعند ابن مردويه من حديث عمّار قال : وقف بعلي سائل وهو واقف في صلاته. الحديث. وفي إسناده خالد بن يزيد العمري وهو متروك. ورواه الثعلبي من حديث أبي ذر مطوّلاً وإسناده ساقط » (١).

* وأخرج السيوطي ، فقال :

« أخرج الخطيب في المتفق عن ابن عبّاس قال : تصدّق علي بخاتمه وهو راكع فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم للسائل : من أعطاك هذا الخاتم؟ قال : ذاك الراكع ، فأنزل الله ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ).

وأخرج عبدالرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه ، عن ابن عبّاس في قوله : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) الآية قال : نزلت في علي ابن أبي طالب.

وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن عمّار بن ياسر قال : وقف بعلي سائل وهو راكع في صلاة تطوّع ، فنزع خاتمه فأعطاه السائل ، فأتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأعلمه ذلك ، فنزلت على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم هذه الآية : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) فقرأها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم

__________________

(١) الكاف الشاف في تخريج أحاديث الكشّاف ١ / ٦٤٩ ط مع الكشّاف.

٣٧

على أصحابه ثمّ قال : من كنت مولاه فعلي مولاه اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه.

وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن علي بن أبي طالب قال : نزلت هذه الآية على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في بيته : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) إلى آخر الآية ، فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فدخل المسجد وجاء الناس يصلون بين راكع وساجد وقائم يصلّي ، فإذا سائل فقال : يا سائل هل أعطاك أحد شياً؟ قال : لا إلاّذاك الراكع لعلي بن أبي طالب ، أعطاني خاتمه.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر ، عن سلمة بن كهيل قال : تصدّق علي بن خاتمه وهو راكع فنزلت : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ ) الآية.

وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) الآية ، نزلت في علي بن أبي طالب تصدّق وهو راكع.

وأخرج ابن جرير عن السدي وعتبة بن أبي حكيم مثله.

وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عبّاس قال : أتى عبدالله بن سلام ورهط معه من أهل الكتاب نبي الله صلّى الله عليه وسلّم عند الظهر فقالوا : يا رسول الله إنّ بيوتنا قاصية ، لا نجد من يجالسنا ويخالطنا دون هذا المسجد ، وإنّ قومنا لمّا رأونا قد صدّقنا الله ورسوله وتركنا دينهم أظهروا العداوة ، وأقسموا أن لا يخالطونا ولا يؤاكلونا ، فشقّ ذلك علينا ، فبيناهم يشكون ذلك إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذ نزلت هذه الآية على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) ونودي بالصلاة صلاة الظهر ، وخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال : أعطاك أحد شياً؟ قال : نعم. قال :

٣٨

من؟ قال : ذاك الرجل القائم ، قال : على أي حال أعطاكه؟ قال : وهو راكع ، قال : وذلك علي بن أبي طالب ، فكبّر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عند ذلك وهو يقول ( وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ ).

وأخرج الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم عن أبي رافع قال : دخلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو نائم يوحى إليه ، فإذا حيّة في جانب البيت ، فكرهت أن أبيت عليها فأوقظ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وخفت أن يكون يوحى إليه ، فاضطجعت بين الحيّة وبين النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لئن كان منها سوء كان في دونه ، فمكث ساعة فاستيقظ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو يقول ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) الحمد لله الذي أتم لعلي نعمه وهيّأ لعلي بفضل الله إياه » (١).

من أسانيده المعتبرة

هذا ، ولهذا الخبر أسانيد معتبرة في كتب القوم ، نتعرض لبعضها على أساس كلمات علمائهم في الجرح والتعديل ، وأصولهم المقرّرة في علم الرجال :

١ ـ رواية ابن أبي حاتم

فمن الأسانيد المعتبرة ؛ رواية ابن أبي حاتم عن سلمة بن كهيل :

__________________

(١) الدر المنثور في التفسير بالمأثور ٣ / ١٠٥.

٣٩

لأن « ابن أبي حاتم » هو الإمام الحافظ الشهير ، الغنيّ عن التعريف (١).

و « أبو سعيد الأشج » هو : عبدالله بن سعيد الكندي ، ومن رجال الصحاح الستّة (٢).

و « الفضل بن بن دكين » من رجال الصحاح الستّة كذلك (٣) ومن كبار شيوخ البخاري.

« و « موسى بن قيس الحضرمي » قال ابن حجر : « يلقّب عصفور الجنّة ، صدوق ، رمي بالتشيّع » (٤).

و « سلمة بن كهيل » من رجال الصحاح الستّة أيضاً (٥).

٢ ـ رواية ابن أبي حاتم أيضاً

وهي روايته عن عتبة بن أبي حكيم :

« الرّبيع بن سليمان المرادي » من رجال أبي داود والنسائي وابن ماجة.

قال ابن حجر : « صاحب الشافعي. ثقة » (٦).

و « أيوب بن سويد » وهو الرملي ، من رجال أبي داود والنسائي وابن ماجة.

قال ابن حجر : « صدوق ، يخطىء » (٧).

__________________

(١) راجع مثلا : سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٤٧ ـ ٢٦٢.

(٢) تقريب التهذيب ١ / ٤١٩.

(٣) تقريب التهذيب ٢ / ١١٠.

(٤) تقريب التهذيب ٢ / ٢٧٨.

(٥) تقريب التهذيب ١ / ٣١٨.

(٦) تقريب التهذيب ١ / ٢٤٥.

(٧) تقريب التهذيب ١ / ٩٠.

٤٠