نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ٢٠

السيّد علي الحسيني الميلاني

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ٢٠

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٣٢

المتوفّى سنة ٧٤٣ : « إنّ الحديث موضوع » (١).

وقال الحافظ الذهبي ، المتوفّى سنة ٧٤٨ ، ببطلانه وسقوطه في مواضع من كتابه ميزان الاعتدال في نقد الرجال ، كما أنّه تعقب الحاكم في تصحيحه وقال : « قلت : سنده واه جدّاً » (٢).

وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني ، المتوفّى سنة ٨٥٢ ، في لسان الميزان بما قاله الذهبي في ميزان الاعتدال في هذا الحديث (٣).

هذا ، وقد عرفت تضعيف الحافظ الهيثمي الحديث برواية الطبراني ، وأنّ العلاّمة المناوي ضعّفه في فيض القدير.

وأورده ابن درويش الحوت ، المتوفّى سنة ١٢٧٦ في كتاب أسنى المطالب فذكر أنّ : أبا حاتم أعلّه ، وقال البزار ـ كابن حزم ـ : لا يصحّ ... ، وقال الهيثمي : سندها واه (٤).

أقول :

ولنكتفِ بهذا المقدار للدلالة على سقوط هذا الحديث الذي وضعوه في فضل الشيخين ، وقد بيّنا حاله بالتفصيل مرّتين في الكتاب (٥).

__________________

(١) شرح المنهاج ـ مخطوط.

(٢) تلخيص المستدرك ٣ / ٧٥.

(٣) لسان الميزان ١ / ١٨٨ وص ٢٧٢ ، ٥ / ٢٣٧.

(٤) أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب : ٤٨.

(٥) راجع الجزء الثالث والجزء الرابع عشر وهو موضوع الرسالة الثانية من كتابنا : الرسائل العشر في الأحاديث الموضوعة في كتب السنّة.

٣٦١

٢ ـ حديث الاقتداء بالصحابة

وهو المعروف بحديث : « أصحابي كالنجوم ... ».

وقد ذكره في هذا المقام للمعارضة : ابن تيميّة ، وابن روزبهان ، كلاهما في الردّ على استدلال العلاّمة الحلّي بحديثنا ، في كتابيه ( منهاج الكرامة ) و ( نهج الحقّ ) ، وقد تقدّم كلامهما.

كما أنّ الشيخ عبدالعزيز الدهلوي صاحب كتاب التحفة الإثنا عشرية عارض به حديث « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي » في مباحث الإمامة في تعليقته على كتابه المذكور (١).

وقد ذكر الاصوليّون حديث النجوم في مباحث سنّة الصحابي ، ومباحث الإجماع ، من كتبهم في أصول الفقه ، في مقابلة حديث : « اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر » وحديث : « عليكم بسنّتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي » (٢).

التحقيق في أسانيده

والحقيقة : إنّ كلّ تلك الأحاديث ساقطة سنداً.

أمّا الحديث : اقتدوا باللذين ... فقد عرفت حاله.

وأمّا الحديث : عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين ... فقد بيّنا حاله

__________________

(١) كما في عبقات الأنوار ٤ / ٥١٩ طبعة ايران.

(٢) شرح المختصر ـ لابن الحاجب ـ ٢ / ٣٦ ، الإبهاج في شرح المنهاج ٢ / ٣٦٧ ، التقرير والتحبير في شرح التحرير ٣ / ٢٤٣ ، فواتح الرحموت في شرح مسلّم الثبوت ٢ / ٢٤١ ، وغيرها.

٣٦٢

في موضعه من الكتاب (١).

والكلام الان في حديث : أصحابي كالنجوم ...

وهو حديث غير مخرّج في شيء من الصحاح والسنن والمسانيد المشهورة ... وإنّما رواه ابن عديّ في الكامل في الضعفاء ، والدارقطني في غرائب مالك ، والقضاعي في مسند الشهاب ، وابن عبدالبرّ في جامع بيان العلم ، والبيهقي في المدخل ...

وإليك كلام الحافظ ابن حجر في هذا الحديث :

« حديث : أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهتديتم.

الدارقطني في المؤتلف من رواية سلام بن سليم ، عن الحارث بن غصين ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر ، مرفوعاً.

وسلام ضعيف.

وأخرجه في غرائب مالك من طريق حميد بن زيد ، عن مالك ، عن جعفر ابن محمّد ، عن أبيه ، عن جابر ـ في أثناء حديث ـ وفيه : فبأي قول أصحابي أخذتم اهتديتم ، إنّما مثل أصحابي مثل النجوم ، من أخذ بنجم منها اهتدى.

قال : لا يثبت عن مالك ، رواته دون مالك مجهولون.

ورواه عبد بن حميد ، والدارقطني في الفضائل من حديث حمزة الجزري ، عن نافع ، عن ابن عمر.

وحمزة اتّهموه بالوضع.

ورواه القضاعي في مسند الشهاب من حديث أبي هريرة.

__________________

(١) راجع الجزء الثالث ، وهو موضوع الرسالة الثالثة من كتابنا : الرسائل العشر في الأحاديث الموضوعة في كتب السنّة.

٣٦٣

وفيه جعفر بن عبدالواحد الهاشمي ، وقد كذّبوه.

ورواه ابن طاهر من رواية بشر بن الحسن ، عن الزبير ، عن أنس.

وبشر كان متّهماً أيضاً.

وأخرجه البيهقي في المدخل من رواية جويبر ، عن الضحّاك ، عن ابن عبّاس.

وجويبر متروك.

ومن رواية جويبر عن جوّاب بن عبيد الله ، مرفوعاً.

وهو مرسَل.

قال البيهقي : هذا المتن مشهور ، وأسانيده كلّها ضعيفة.

ورواه في المدخل أيضاً عن ابن عمر ...

وفي إسناده : عبدالرحيم بن زيد العمي ، وهو متروك » (١).

وقال المناوي في فيض القدير بشرحه :

« السجزي في الإبانة عن أُصول الديانة ، وابن عساكر في التاريخ عن عمر بن الخطاب.

قال ابن الجوزي في العلل : هذا لا يصحّ.

وفي الميزان : هذا الحديث باطل.

وقال ابن حجر في تخريج المختصر : حديث غريب ، سئل عنه البزّار فقال : لا يصحّ هذا الكلام عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.

وقال الكمال ابن أبي شريف : كلام شيخنا ـ يعني ابن حجر ـ يقتضي أنّه مضطرب.

وأقول : ظاهر صنيع المصنّف أنّ ابن عساكر خرّجه ساكتاً عليه ، والأمر

__________________

(١) الكاف الشاف في تخريج الكشّاف ـ المطبوع مع الكشّاف ـ ٢ / ٦٢٨.

٣٦٤

بخلافه ، فإنّه تعقّبه بقوله : قال ابن سعد : زيد العمي أبو الحواري ، كان ضعيفاً في الحديث ، وقال ابن عديّ : عامّة ما يرويه ومن يروي عنه ضعفاء.

ورواه عن عمر أيضاً البيهقي ، قال الذهبي : وإسناده واه » (١).

كلمات الأئمّة في بطلانه

ولمّا كانت طرق هذا الحديث كلّها ساقطة ، فقد اتّفق الأئمّة على بطلانه ، ومنهم من نصّ على كونه موضوعا ، فبالإضافة إلى الأئمّة الأعلام المنقولة آراؤهم فيه :

فقد نصّ أحمد بن حنبل على أنّه حديث غير صحيح (٢).

وقال ابن حزم الأندلسي : « هذا خبر مكذوب موضوع باطل لم يصحّ قط » (٣).

وقال ابن عبدالبرّ بعد أن رواه ببعض الطرق : « هذا إسناد لا يصحّ » (٤).

وقال أبو حيّان : « حديث موضوع ، لا يصحّ بوجهٍ عن رسول الله » (٥).

وقال ابن قيّم الجوزيّة ـ بعد أن رواه بطرق ـ : « لا يثبت شيء منها » (٦).

وقال ابن الهمّام الحنفي : « حديث لم يعرف » (٧).

ونصّ الشهاب الخفاجي والقاضي البهاري على ضعفه (٨).

__________________

(١) فيض القدير في شرح الجامع الصغير ٤ / ٧٦.

(٢) التقرير والتحبير في شرح التحرير ، وكذلك التيسير في شرح التحرير ٣ / ٢٤٣.

(٣) ذكره أبو حيّان في البحر المحيط ٥ / ٥٢٨ عن رسالة ابن حزم في إبطال القياس.

(٤) جامع بيان العلم ٢ / ٩٠.

(٥) البحر المحيط ٥ / ٥٢٧ ـ ٥٢٨.

(٦) إعلام الموقّعين ٢ / ٢٢٣.

(٧) التحرير في أُصول الفقه ـ لابن الهمام ـ بشرح أمير بادشاه ـ ٣ / ٢٤٣.

(٨) نسيم الرياض ٤ / ٤٢٣ ـ ٤٢٤ ، مسلّم الثبوت ـ بشرح الأنصاري ـ ٢ / ٢٤١.

٣٦٥

وقال الشوكاني : « فيه مقال معروف » (١).

وأورده الألباني المعاصر في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (٢).

ومن أراد المزيد فليرجع إلى موضعه من كتابنا (٣).

٣ ـ لا أُوتينَّ بأحد يفضّلني على أبي بكر وعمر إلاَّ جلدته حدّ المفتري

وكما وضعوا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حديث : « اقتدوا باللذين من بعدي ... » وحديث : « عليكم بسنّتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي » وحديث : « أصحابي كالنجوم ... » وأمثالها ، فقد وضعوا على الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام أشياء في حقّ الأصحاب وفي خصوص الشيخين ، منها هذا الكلام الذي استند إليه ابن تيميّة في غير موضع من ( منهاج السنّة ) من غير سندٍ ولا نقلٍ عن كتاب معتبرٍ عندهم ، وإنّما قال : « فُروي عنه أنّه قال : لا أُوتى بأحدٍ يفضّلني على أبي بكر وعمر إلاّضربته حدّ المفتري » (٤).

« وعنه أنّه كان يقول : لا أُوتى بأحدٍ يفضّلني على أبي بكر وعمر إلاّ جلدته حدّ المفتري » (٥).

وقد أضاف هذه المرّة : « كان يقول » الظاهر في تكرّر هذا القول من الإمام عليه‌السلام واستمراره عليه.

__________________

(١) إرشاد الفحول إلى تحقيق الحقّ من علم الأُصول : ٨٣.

(٢) سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ١ / ٧٨.

(٣) راجع الجزء الثالث من الكتاب. والرسائل العشر في الأحاديث الموضوعة في كتب السنّة ، الرسالة الاولى.

(٤) منهاج السنّة ١ / ٣٠٨.

(٥) منهاج السنّة ٦ / ١٣٨.

٣٦٦

التحقيق في سنده ومدلوله

ولكنّنا لم نسمع أنّه جلد أحداً لتفضيله عليهما ، بالرغم من وجود كثيرٍ من الصحابة والتابعين كانوا يجاهرون بذلك ، حتّى اعترف به غير واحدٍ من أئمّة القوم ، ففي الاستيعاب :

« وروي عن سلمان ، وأبي ذرّ ، والمقداد ، وخبّاب ، وجابر ، وأبي سعيد الخدري ، وزيد بن أرقم : أنّ عليّ بن أبي طالب ـ رضي‌الله‌عنه ـ أوّل من أسلم ، وفضّله هؤلاء على غيره » (١).

وفي الفصل :

« اختلف المسلمون في من هو أفضل الناس بعد الأنبياء ، فذهب بعض أهل السنّة وبعض المعتزلة وبعض المرجئة وجميع الشيعة : إلى أنّ أفضل الأُمّة بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : عليّ بن أبي طالب ـ رضي‌الله‌عنه ـ.

وقد روينا هذا القول نصّاً عن بعض الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ وعن جماعة من التابعين والفقهاء ».

قال : « وروينا عن نحو عشرين من الصحابة : أنّ أكرم الناس على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم علي بن أبي طالب والزبير بن العوّام » (٢).

وقال الذهبي :

« ليس تفضيل عليٍّ برفض ولا هو ببدعة ، بل ذهب إليه خلق من الصحابة والتابعين » (٣).

__________________

(١) الإستيعاب في معرفة الأصحاب ٣ / ١٠٩٠.

(٢) الفصل في الملل والنحل ٤ / ١٨١.

(٣) سير أعلام النبلاء ١٦ / ٤٥٧.

٣٦٧

هذا ، وقد جاء في هامش منهاج السنّة ما نصّه : « وجاء الأثر ـ مع اختلافٍ في اللفظ ـ في فضائل الصحابة ١ / ٨٣ رقم ٤٩ ، وضعَّف المحقّق إسناده » (١).

أقول :

وهذا نصّ ما جاء في الكتاب المذكور :

« حدّثنا عبدالله ، قال : حدّثني هديّة بن عبدالوهّاب ، قال : ثنا أحمد بن إدريس ، قال : ثنا محمّد بن طلحة ، عن أبي عبيدة بن الحكم ، عن الحكم بن جحل ، قال : سمعت عليّاً يقول : لا يفضّلني أحد على أبي بكر وعمر إلاّجلدته حدّ المفتري » (٢).

وهو من زيادات عبدالله بن أحمد.

قال محقّقه في الهامش « إسناده ضعيف لأجل أبي عبيدة بن الحكم ».

قال : « ومحمّد بن طلحة لم يتبيّن لي من هو؟ ... ».

قلت :

وما ذكرناه حول سنده ومعناه كافٍ في سقوطه ، وأنّه موضوع قطعاً.

وبهذا يتمّ الكلام على آية الإنذار ، والحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على محمّد وآله الطيبين الطاهرين.

__________________

(١) منهاج السنّة ٦ / ١٣٨.

(٢) فضائل الصحابة ١ / ٨٣ رقم ٤٩.

٣٦٨

قوله تعالى

« وقفوهم إنّهم مسؤولون » (١)

__________________

(١) سورة الصافّات ٣٧ : ٢٤.

٣٦٩
٣٧٠

وهذه الآية المباركة من الآيات الكريمة التي استدلّ بها أصحابنا على إمامة أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام ، بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بلا فصل ، على أساس الأحاديث المعتبرة الواردة عنه ، في كتب السنّة المعتبرة ، والمقبولة عند عموم المسلمين.

وسيكون بيان ذلك في فصول :

٣٧١

الفصل الأوّل

نصوص الحديث ورواته في كتب السُنّة

إنّ رواة خبر تفسير الآية المباركة بولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام من أعلام المحدّثين وكبار الحفّاظ كثيرون ، ونحن نذكر هنا أسماء جمعٍ منهم ، بين من رواه في كتابه أو وقع في طريق إسناده ، وهم :

١ ـ ابن إسحاق ، كما في المناقب لابن شهر آشوب.

٢ ـ الأعمش ، كما في المناقب لابن شهر آشوب.

٣ ـ الشعبي ، وستأتي الرواية عنه.

٤ ـ أبو إسحاق السبيعي ، كما في شواهد التنزيل والمناقب للخوارزمي.

٥ ـ ابن جرير الطبري ، كما في كفاية الطالب.

٦ ـ الحسين بن الحكم الحبري ، وستأتي روايته.

٧ ـ أبو نعيم الأصفهاني ، كما في كتابه ما نزل في عليّ ، وستأتي.

٨ ـ الحاكم الحسكاني ، وستأتي روايته.

٩ ـ ابن شاهين البغدادي ، كما في أسانيد الحسكاني.

١٠ ـ ابن مردويه الأصفهاني ، كما في كشف الغمّة في معرفة الأئمّة وغيره.

١١ ـ الخطيب الخوارزمي المكّي ، كما في كتابه مناقب أمير المؤمنين.

١٢ ـ سبط ابن الجوزي ، كما في كتابه تذكرة خواصّ الأُمّة.

١٣ ـ أبو عبدالله الكنجي ، كما في كتابه كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب.

٣٧٢

١٤ ـ جمال الدين الزرندي ، كما في كتابه نظم درر السمطين.

١٥ ـ الجويني الحموئي ، كما في كتابه فرائد السمطين.

١٦ ـ نور الدين السمهودي ، كما سنذكر كلامه.

١٧ ـ شهاب الدين الخفاجي ، كما سنذكر كلامه.

١٨ ـ شهاب الدين الالوسي ، كما سنذكر كلامه ، مع التنبيه على ما فيه.

من أسانيد الخبر

لقد ورد خبر تفسير الآية بولاية أمير المؤمنين في مختلف كتب القوم ، فمنهم من رواه بسندٍ أو أسانيد عديدة ، ومنهم من أرسله إرسال المسلّم ، ومنهم من أضاف إليه بعض الشواهد من الأحاديث الأُخرى :

١ ـ رواية الحبري

قال الحسين بن الحكم الحبري ، المتوفّى سنة ٢٨٦ : « حدّثني حسين بن نصر ، قال : أخبرنا القاسم بن عبدالغفّار العجلي ، عن أبي الأحوص ، عن مغيرة ، عن الشعبي ، عن ابن عبّاس ، عن قوله : ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) قال : عن ولاية عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام » (١).

٢ ـ رواية أبي نعيم الأصبهاني

وروى الحافظ أبو نعيم الأصفهاني في كتابه ما نزل في عليّ ، خبر نزول الآية المباركة بشأن مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام عن طريق الحبري ،

__________________

(١) تفسير الحبري : ٣١٣.

٣٧٣

حيث رواه عنه بسندين :

* أحدهما : قوله : « حدّثنا محمّد بن المظفر ، قال : حدّثنا أبو الطيّب محمّد بن القاسم البزّار ، قال : حدّثنا الحسين بن الحكم ... ».

* والثاني : قوله : « حدّثنا محمّد بن عبدالله بن سعيد ، قال : حدّثنا الحسين ابن أبي صالح ، قال : حدّثنا أحمد بن هارون البردعي ، قال : حدّثنا الحسين بن الحكم ... ».

٣ ـ رواية الحاكم الحسكاني

ورواه الحافظ الحاكم الحسكاني بأسانيد عديدة (١) ، منها :

* قوله : « حدّثنا الحاكم الوالد أبو محمّد رحمه‌الله ، قال : أخبرنا عمر بن أحمد بن عثمان ـ ببغداد ـ ، حدّثنا الحسين بن محمّد بن عفير ، حدّثنا أحمد بن الفرات ، حدّثنا عبدالحميد الحِمّاني ، عن قيس ، عن أبي هارون ، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في قوله تعالى : ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) ، قال : عن ولاية عليّ بن أبي طالب ».

* وقوله : « حدّثنا أبو عبدالرحمن السلمي إملاءً ، أخبرنا محمّد بن محمّد ابن يعقوب الحافظ ، حدّثنا أبو عبدالله الحسين بن محمّد بن عفير ، حدّثنا أحمد ، حدّثنا عبدالحميد ، حدّثنا قيس ، عن عطيّة ، عن أبي سعيد ، عن النبي ، في قوله تعالى : ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) ، قال : عن ولاية علي بن أبي طالب ».

* وقوله : « حدّثني أبو الحسن الفارسي ، حدّثنا أبو الفوارس الفضل بن محمّد الكاتب ، حدّثنا محمّد بن بحر الرهني ـ بكرمان ـ ، حدّثنا أبو كعب

__________________

(١) شواهد التنزيل لقواعد التفضيل ٢ / ١٦٠ ـ ١٦٤.

٣٧٤

الأنصاري ، حدّثنا عبدالله بن عبدالرحمن ، حدّثنا إسماعيل بن موسى ، حدّثنا محمّد بن فضيل ، حدّثنا عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : إذا كان يوم القيامة أوقَف أنا وعليٌّ على الصراط ، فما يمرّ بنا أحد إلاّسألناه عن ولاية عليّ ، فمن كانت معه وإلاّ ألقيناه في النار ، وذلك قوله : ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ).

* وقوله : « أخبرنا أبو الحسن الأهوازي ، أخبرنا أبو بكر البيضاوي ، حدّثنا علي بن العبّاس ، حدّثنا إسماعيل بن إسحاق ، حدّثنا محمّد بن أبي مرّة ، عن عبدالله بن الزبير ، عن سليمان بن داود بن حسن بن حسن ، عن أبيه ، عن أبي جعفر في قوله : ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) قال : عن ولاية علي ».

( قال ) : « ومثله عن أبي إسحاق السبيعي ، وعن جابر الجعفي في الشواذ ».

وإليك بعض النصوص من العلماء الأعلام ، ممّن أرسل هذا الخبر إرسال المسلّم ، وأيّده بشواهد من سائر الأحاديث المعتبرة :

* قال شهاب الدين الخفاجي (١) :

« قال الحافظ جمال الدين الزرندي (٢) ـ عقب حديث : مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه ـ :

قال الإمام الواحدي ـ رحمه‌الله تعالى ـ : هذه الولاية التي أثبتها النبيّ

__________________

(١) وهو : شهاب الدين أحمد بن محمّد الخفاجي ، المتوفّى سنة ١٠٦٩ ، ترجم له المحبّي في خلاصة الأثر في أعلام القرن الحادي عشر ووصفه بأوصاف جليلة ، له مؤلّفات منها : حاشية تفسير البيضاوي ، شرح الشفاء للقاضي عياض ، تفسير آية المودّة ، وغير ذلك.

(٢) توجد ترجمته في الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة ٤ / ٢٩٥ ، وشذرات الذهب ٦ / ٢٨١ وغيرها من المصادر .. وكان حافظاً ، فقيهاً ، ولي قضاء المدينة المنوّرة ، ودرّس بالحرم النبوي الشريف ، وتوفّي سنة ٧٥٠.

٣٧٥

صلّى الله عليه وسلّم لعلي مسؤول عنها يوم القيامة.

وروى في قوله تعالى : ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) أي : عن ولاية عليّ وأهل البيت ، لأنّ الله تعالى أمر نبيّه صلّى الله عليه وسلّم أن يعرّف الخلق أنّه لا يألهم على تبليغ الرسالة أجراً إلاّ المودّة في القربى. والمعنى : إنّهم يُسألون هل والوهم حقّ الموالاة كما أوصاهم النبيّ ، أُم أضاعوها وأهملوها ، فيكون عليهم المطالبة والتبعة؟! إنتهى.

وأخرج أبو الحسن ابن المغازلي ، عن ثمامة بن عبدالله بن أنس ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : إذا كان يوم القيامة ونصب على شفير جهنم لم يجز عليه إلاّمن كان معه كتاب ولاية عليّ بن أبي طالب.

وفي حديثٍ : والذي نفسي بيده ، لا يزول قدم عن قدم يوم القيامة حتّى يسأل الله تعالى الرجل عن أربع : عمره فيمَ أفناه ، وعن جسده فيمَ أبلاه ، وعن ماله ممّن كسبه وفيهم أنفقه ، وعن حبّنا أهل البيت. فقال له عمر : يا نبيّ الله! وما آية حبّكم؟ فوضع يده على رأس عليّ وهو جالس إلى جانبه وقال : آية حبّي حبّ هذا من بعدي » (١).

* وقال شيخ الإسلام الحمويني (٢) :

« أخبرني الشيخ الإمام العلاّمة نجم الدين عثمان بن الموفّق الأذكاني ـ في ما أجاز لي أن أرويه ـ ، عن أبي الحسن المؤيّد بن محمّد الطوسي ـ إجازة ـ ، أنبأنا عبدالحميد بن محمّد الخواري ـ إجازة ـ ، عن أبي الحسن

__________________

(١) تفسير آية المودّة ـ للحافظ شهاب الدين الخفاجي ـ : ٨٢ ، وانظر : نظم درر السمطين ـ للحافظ الزرندي ـ : ١٠٩.

(٢) المتوفّى سنة ٧٣٠ ، توجد ترجمته في المعجم المختص للذهبي ، وفي الوافي بالوفيات للصفدي ، وفي غيرهما من كتب التراجم.

٣٧٦

علي بن أحمد الواحدي ، قال ـ بعد روايته حديث : من كنت مولاه فعليٌّ مولاه ـ :

هذه الولاية التي أثبتها النبيّ لعليّ مسؤول عنها يوم القيامة.

أخبرنا أبو إبراهيم (١) ابن أبي القاسم الصوفي ، أنبأنا محمّد بن محمّد بن يعقوب الحافظ ، أنبأنا أبو عبدالله الحسين بن عبدالله بن محمّد بن عفير ، أنبأنا أحمد بن الفرات ، حدّثنا عبدالحميد الحماني ، حدّثنا قيس ، عن أبي هارون ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قوله عزّ وجلّ : ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) ، قال : عن ولاية عليّ بن أبي طالب.

قال الواحدي : والمعنى : إنّهم يُسألون هل والوه حقّ الموالاة كما أوصاهم به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟! » (٢).

* وقال السمهودي (٣) :

« قال الحافظ جمال الدين الزرندي ، عقب حديث : من كنت مولاه فعليٌّ مولاه :

قال الإمام الواحدي : هذه الولاية التي أثبتها النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مسؤول عنها يوم القيامة. وروى في قوله تعالى : ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) أي : عن ولاية عليّ وأهل البيت ...

قلت : وقوله : ( روي في قوله تعالى ... ) يشير إلى ما أخرجه الديلمي ، عن أبي سعيد الخدري ـ رضي‌الله‌عنه ـ مرفوعاً ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ )

__________________

(١) كذا.

(٢) فرائد السمطين ١ / ٧٨ ـ ٧٩ ح ٤٦ و ٤٧.

(٣) وهو : الحافظ السيّد علي بن عبدالله الحسني المدني ، المتوفّى سنة ٩١١ ، توجد ترجمته في الضوء اللامع ٥ / ٢٤٥ ، النور السافر : ٥٨ وغيرهما من المصادر.

٣٧٧

عن ولاية علي بن أبي طالب ..

ويشهد لذلك قوله ـ في بعض الطرق المتقدّمة ـ : والله سائلكم : كيف خلفتموني في كتابه وأهل بيته؟!

وأخرج أبو الحسن ابن المغازلي ...

وسيأتي في الذِكر العاشر حديث : والذي نفسي بيده ، لا يزول قدم عن قدمٍ يوم القيامة حتّى يسأل الله تعالى الرجل عن أربع ... » (١).

__________________

(١) جواهر العقدين : ٢ / ١٠٨ ط بغداد.

٣٧٨

الفصل الثاني

في الشواهد

هذا ، وإنّ لحديث تفسير الآية المباركة بولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام شواهد كثيرة في الروايات المعتبرة عند الفريقين ، وقد أشار إلى بعضها العلماء في كلماتهم المذكورة ، ونحن نذكر الأحاديث التي أشاروا إليها ثمّ نضيف إليها شاهداً أو شاهدين فقط.

* حديث السؤال عن الكتاب والعترة

جاء هذا في ألفاظ حديث الثقلين المتواتر بين الفريقين ، وإنّي أذكر هنا أحد ألفاظ الحديث بصورةٍ كاملة ، ثمّ طائفةً من مصادر وجود هذه الفقرة :

أخرج الحكيم الترمذي : [ « حدّثنا نصر بن علي ، قال : حدّثنا زيد بن الحسن ، قال : حدّثنا معروف بن خربوذ المكّي ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، ] عن حذيفة بن أسيد الغفاري ، قال : لمّا صدر رسول صلّى الله عليه وسلّم من حجّة الوداع خطب فقال :

أيّها الناس! إنه قد نبأني اللطيف الخبير أنّه لن يعمّر نبيّ إلاّمثل نصف عمر الذي يليه من قبل ، وإنّي أظنّ أن يوشك أن أُدعى فأُجيب ، وإنّي فرطكم على الحوض ، وإنّي سائلكم حين تردون علَيّ عن الثقلين ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما : الثقل الأكبر كتاب الله ، سبب طرفه بيد الله تعالى وطرف بأيديكم ، فاستمسكوا ولا تضلّوا ولا تبدّلوا ، والثقل الأصغر عترتي أهل بيتي ، فإنّي قد نبّأني اللطيف

٣٧٩

الخبير أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عَليّ الحوض » (١).

ويوجد هذا اللفظ ـ في « حديث الثقلين » ـ في كثير من المصادر ، منها :

المعجم الكبير ٣ / ١٨٠ ـ ح ٣٠٥٢.

حلية الأولياء ١ / ٣٥٥ ، ٩ / ٦٤.

تاريخ دمشق ـ ترجمة أمير المؤمنين ـ ٤٢ / ٢١٩.

مجمع الزوائد ٩ / ١٦٤ ـ ١٦٥.

تاريخ ابن كثير ٧ / ٢٧٨.

السيرة الحلبية ٣ / ٣٠١.

الصواعق المحرقة : ٢٥.

فرائد السمطين ٢ / ٢٧٤.

نظم درر السمطين : ٢٣١.

الفصول المهمة : ٤٠.

* حديث السؤال عن أربع

وهذا الحديث من أهمّ الأحاديث وأصحّها ، قال الحافظ الهيثمي :

« وعن ابن عبّاس ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : لا تزول قدم عبدٍ يوم القيامة حتّى يُسأل عن أربع : عن عمره فيم أفناه ، وعن جسده فيم أبلاه ، وعن ماله فيم أنفقه ومن أين اكتسبه ، وعن حبّنا أهل البيت.

رواه الطبراني في الكبير والأوسط ، وفيه : حسين بن الحسن الأشقر ، وهو ضعيف جدّاً ، وقد وثّقه ابن حبّان مع أنّه يشتم السلف.

وعن أبي برزة ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : لا تزول قدما

__________________

(١) نوادر الأصول : ٦٨ / ٦٩ ، لمحمد بن علي الحكيم الترمذي ، المتوفّى سنة ٢٨٥.

٣٨٠