نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ١٩

السيّد علي الحسيني الميلاني

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ١٩

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٥٢

سند

حديث التشبيه

٢١
٢٢

أقول :

لقد كان الأحرى ( بالدهلوي ) أنْ لا يقلّد ( الكابلي ) في إنكار هذا الحديث الشريف ، بل لقد كان ورعه وإنصافه!! يقتضيان أن لا يتّبع هذا السلف الصالح!! في هذه المزعمة الباطلة ...

أما كان يظنّ ( الدهلوي ) أنّه سيحاسب ويؤاخذ يوماً مّا بما يقول ويكتب؟ وهلاّ ردعه الحق عن المكابرة أمام هذا الحديث الشريف والتفوّه بهذه الكلمات الفارغة؟

إنّ صحّة هذا الحديث تتجلّى بأدنى تتّبع ونظر في كتب الحديث ، وإنّ هذه الحقيقة الراهنة تتّضح بأقلّ مراجعةٍ لمصادر الأخبار والروايات ...

لقد روى هذا الحديث الشّريف طائفة من الحفّاظ والأئمّة المعتمدين من أهل السنّة ، من رجال الصّحاح ، وأصحاب المسانيد ، ومشاهير العلماء ...

ونحن نكتفي بذكر جماعةٍ من أعلام رواة هذا الحديث :

٢٣

أسماء أشهر الرواة والمخرجين لحديث التشبيه

١ ـ أبو بكر عبدالرزاق بن همام بن نافع الحميري مولاهم ، الصنعاني ، شيخ البخاري وغيره ، المتوفى سنة ٢١١.

٢ ـ أحمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني ، أحد أئمتهم الأربعة المتوفى سنة ٢٤١.

٣ ـ أبو حاتم محمّد بن إدريس الحنظلي الرّازي ، المتوفى سنة ٢٧٧.

٤ ـ أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان المعروف بابن شاهين المحدّث المفسّر ، المتوفى سنة ٣٨٥.

٥ ـ أبو عبدالله عبيدالله بن محمّد بن أحمد العكبري المعروف بابن بطّة المتوفى سنة ٣٨٧.

٦ ـ أبو عبدالله محمّد بن عبدالله بن حمدويه الضبّي الطهماني المعروف بالحاكم النيسابوري ، المتوفى سنة ٤٠٥.

٧ ـ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الإصبهاني ، المتوفى سنة ٤١٠.

٨ ـ أبو نعيم أحمد بن عبدالله بن أحمد بن إسحاق بن موسى الإصبهاني المتوفى سنة ٤٣٠.

٩ ـ أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن عبدالله بن موسى البيهقي الخسروجردي ، المتوفى سنة ٤٥٨.

١٠ ـ أبو الحسن علي بن محمّد بن الطيّب الجلاّبي المعروف بابن المغازلي المتوفى سنة ٤٨٣.

٢٤

١١ ـ أبو شجاع شيرويه بن شهردار بن شيرويه الديلمي الهمداني ، المتوفى سنة ٥٠٩.

١٢ ـ أبو محمّد أحمد بن علي العاصمي ، صاحب ( زين الفتى في تفسير سورة هل أتى ).

١٣ ـ أبو الفتح محمّد بن علي بن إبراهيم النطنزي ، صاحب ( الخصائص العلوية ).

١٤ ـ أبو المجد مجدود بن آدم المعروف بالحكيم السنائي ، المتوفى سنة ٥٢٥.

١٥ ـ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي ، المتوفى سنة ٥٥٨.

١٦ ـ أبو المؤيّد الموفّق بن أحمد بن أبي سعيد المكّي المعروف بأخطب خطباء خوارزم ، المتوفى سنة ٥٦٩.

١٧ ـ أبو الخير رضي الدين أحمد بن إسماعيل الطالقاني القزويني الحاكمي ، المتوفى سنة ٥٩٠.

١٨ ـ الشيخ عمر بن محمّد بن خضر المعروف بالملاّ الإربلي ، صاحب ( وسيلة المتعبدين ).

١٩ ـ نور الدين أبو حامد محمود بن محمّد بن حسين الصالحاني ، تلميذ أبي موسى المديني.

٢٠ ـ كمال الدين أبو سالم محمّد بن طلحة القرشي ، صاحب ( مطالب السئول ) المتوفى سنة ٦٥٢.

٢١ ـ أبو عبدالله محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي ، صاحب ( كفاية الطالب ) المتوفى سنة ٦٥٨.

٢٥

٢٢ ـ محبّ الدين أحمد بن عبدالله بن محمّد الطبري الشافعي ، صاحب ( الرياض النضرة ) المتوفى سنة ٦٩٤.

٢٣ ـ السيّد علي بن شهاب الدين الهمداني ، صاحب ( المودّة في القربى ) المتوفى سنة ٧٧٦.

٢٤ ـ نور الدين جعفر بن سالار المعروف بأمير ملاّ ، خليفة الهمداني.

٢٥ ـ شهاب الدين أحمد صاحب ( توضيح الدلائل على ترجيح الفضائل ).

٢٦ ـ شهاب الدين بن شمس الدين بن عمر الزاولي الدولت آبادي المعروف بملك العلماء الهندي ، المتوفى سنة ٨٣٩.

٢٧ ـ نور الدين علي بن محمّد بن الصبّاغ المالكي ، صاحب ( الفصول المهمّة ) المتوفى سنة ٨٥٥.

٢٨ ـ كمال الدين حسين بن معين الدين اليزدي الميبدي ، صاحب ( شرح الديوان ) المتوفى سنة ٨٧٠.

٢٩ ـ عبدالرحمن بن عبدالسلام بن عبدالرحمن الصفوري الشافعي.

٣٠ ـ إبراهيم بن عبدالله الوصابي اليمني الشّافعي ، صاحب ( الإكتفاء في مناقب الخلفاء ).

٣١ ـ جمال الدين عطاء الله بن فضل الله بن عبدالرحمن الشيرازي المتوفى سنة ١٠٠٠.

٣٢ ـ أحمد بن الفضل بن محمّد باكثير المكي الشافعي ، المتوفى سنة ١٠٤٧.

٣٣ ـ الميرزا محمّد بن معتمد خان بن رستم الحارثي البدخشي.

٣٤ ـ محمّد صدر العالم صاحب ( معارج العلى في مناقب المرتضى ).

٢٦

٣٥ ـ وليّ الله بن عبدالرحيم الدهلوي ، والد ( الدهلوي ) المتوفى سنة ١١٧٦.

٣٦ ـ محمّد بن إسماعيل بن صلاح الأمير اليماني الصنعاني المتوفى سنة ١١٨٢.

٣٧ ـ أحمد بن عبدالقادر الشافعي العجيلي.

٣٨ ـ المولوي ولي الله بن حبيب الله اللكهنوي.

أقول :

هؤلاء بعض رواة حديث التشبيه ، وسنورد بالترتيب نصوص رواياتهم ...

بل سيظهر صحّة هذا الحديث من كلام والد ( الدهلوي ) وهو الشيخ ولي الله الدهلوي ، وجماعة من شيوخ ( الدهلوي ) ...

كما ستعلم أن طائفةً من رواة هذا الحديث ونقلته هم من العلماء الذين يعتمد عليهم ( الدهلوي ) ويستشهد برواياتهم ويثني عليهم في كتبه ...

٢٧

(١)

رواية عبدالرزاق

روى عبدالرزاق بن همام الصنعاني حديث التشبيه ، بسنده عن أبي هريرة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقد قال ياقوت الحموي في كتاب ( معجم الأدباء ) بترجمة « محمّد بن أحمد بن عبيدالله الكاتب المعروف بابن المفجّع » ما نصّه :

« وله قصيدة ذات الأشباه ، وسمّيت بذات الأشباه لقصده فيما ذكره من الخبر الذي رواه : عبدالرزاق عن معمر عن الزّهري عن سعيد بن المسيّب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ وهو في محفلٍ من أصحابه ـ :

إن تنظروا إلى آدم في علمه ، ونوح في همّه ، وإبراهيم في خلقه ، وموسى في مناجاته ، وعيسى في سننه ، ومحمّد في هديه وحلمه ، فانظروا إلى هذا المقبل. فتطاول الناس ، فإذا هو علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

فأورد المفجّع ذلك في قصيدته ، وفيها مناقب كثيرة ، وأوّلها :

أيُّها اللائمي لحبّي عليّاً

قم ذميماً إلى الجحيم خزيّا

أبخير الأنام عرّضت لا

زلت مذوداً عن الهدى مزويّا

أشبه الأنبياء كهلاً وزولا

وفطيماً وراضعاً وغذياً

كان في علمه كآدم

إذ عُلّم شرح الأسماء والمكنيّا

وكنوح نجّى من الهلك مَنْ

سيّر في الفلك إذ علا الجوديّا

وجفا في رضا الإله أباه (١)

واجتواه وعَدَّه أجنبيّا

كاعتزال الخليل آزر في الله

وهجرانه أباه مليّا

__________________

(١) هذا على زعم أعداء أهل البيت عليهم الصلاة والسّلام ، فلا حجّة فيه علينا.

٢٨

ودعا قومه فامن لوط

أقرب الناس منه رحماً وريّا

وعليّ لمّا دعاه أخوه

سبق الحاضرين والبدويّا

وله من أبيه ذي الأيد

إسماعيل شبه ما كان عنّي خفيّا

إنّه عاون الخليل على الكعبة

إذ شاد ركنها المبنيَّا

ولقد عاون الوصي حبيب الله

إذ يغسلان منها الصفيّا

رام حمل النبيّ كي يقطع

الأصنام من سطحها المثول الحبيّا

فحناه ثقل النبوّة حتّى

كاد ينآد تحته مثنيّا

فارتقى منكب النبيّ علي

صنوه ما أجلّ المرتقيّا

فأماط الأوثان عن ظاهر ال

كعبة ينفي الرجاس عنها نفيّا

ولو أنّ الوصيّ حاول مسّ

النجم بالكف لم تجده قصيّا

أفهل تعرفون غير علي

وابنه استرحل النبيّ مطيّا » (١)

تراجم رجال السَّنَد

ورجال السّند كلّهم رجال الصّحاح ، وناهيك بهم عدالةً واعتباراً وعظمةً وجلالة ... ولا بأس بذكر بعض الكلمات في حق كلّ واحدٍ منهم بالترتيب :

ترجمة عبدالرزاق

١ ـ اليافعي : « وفي هذه السنة ، توفي الحافظ العلاّمة المرتحل إليه من الآفاق ، الشيخ الإمام عبدالرزاق بن همام اليمني الصنعاني الحميري ، صاحب المصنّفات ، عن ست وثمانين سنة.

روى عن معمر ، وابن جريج ، والأوزاعي ، وطبقتهم.

__________________

(١) معجم الأدباء ١٧ / ٢٠٠ ـ ٢٠٣.

٢٩

ورحل إليه الأئمّة إلى اليمن ، قيل : ما رحل الناس إلى أحدٍ بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثل ما رحل الناس إليه.

روى عنه خلائق من أئمة الإسلام ، منهم الإمام سفيان بن عيينة ، والإمام أحمد ، ويحيى بن معين ، وإسحاق بن راهويه ، وعلي بن المديني ، ومحمود بن غيلان » (١).

٢ ـ السّمعاني : « أبو بكر عبدالرزاق بن همام الصنعاني ، قيل : ما رحل الناس إلى أحدٍ بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مثل ما رحل إليه ... » (٢).

٣ ـ ابن خلّكان : « أبو بكر عبدالرزاق بن همام بن نافع الصنعاني ، مولى حمير ، قال أبو سعد ابن السمعاني : قيل ما رحل الناس إلى أحدٍ بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مثل ما رحلوا إليه.

يروي عن معمر بن راشد الأزدي مولاهم البصري ، والأوزاعي ، وابن جريج ، وغيرهم.

وروى عنه أئمّة الإسلام في ذلك العصر ، منهم سفيان بن عيينة وهو من شيوخه ، وأحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، وغيرهم.

وكانت ولادته في سنة ١٢٦.

وتوفي في شوال سنة ٢١١ باليمن. رحمه الله تعالى » (٣).

٤ ـ عبدالغني بن سعيد المقدسي (*) عن محمّد بن إسماعيل الفزاري : « بلغنا ـ ونحن بصنعاء عند عبدالرزاق ـ أنّ يحيى بن معين وأحمد بن حنبل

__________________

(١) مرآة الجنان : حوادث ٢١١.

(٢) الأنساب ـ الصنعاني.

(٣) وفيات الأعيان ٣ / ٢١٦.

(*) وصفه الحافظ السّيوطي بالحافظ الإمام محدّث الإسلام. وذكر كتابه الكمال في مصنّفاته المعتمد عليها ... طبقات الحفّاظ : ٤٨٨.

٣٠

وغيرهما تركوا حديث عبدالرزاق وكرهوه ، فدخلنا من ذلك غم شديد ، فقلنا : فقد أنفقنا وتعبنا وآخر ذلك سقط حديثه ، فلم أزل في غم من ذلك إلى وقت الحج ، فخرجت من صنعاء إلى مكة ، فوافقت بها يحيى بن معين فقلت : يا أبا زكريا ما الذي بلغنا عنكم في عبدالرزاق؟ فقال : ما هو؟ فقلت : بلغنا أنكم تركتم حديثه ورغبتم عنه. فقال : يا أبا صالح ، لو ارتدَّ عن الإسلام عبدالرزاق ما تركنا حديثه ».

قال عبدالغني : « وروينا عن عبدالرزاق أنّه قال : قدمت مكة فمكثت ثلاثة أيّام لا يجيئني أصحاب الحديث ، فمضيت وطفت وتعلّقت بأستار الكعبة فقلت : يا رب ما لي أكذّاب ، أمدلّس أنا؟ فرجعت إلى البيت فجاؤني ...

فقال أحمد بن صالح : قلت لأحمد بن حنبل : أرأيت أحداً أحسن حديثاً من عبدالرزاق؟ قال : لا.

وقال أبو زرعة : عبدالرزاق أحد من ثبت حديثه.

قال البخاري : مات سنة ٢١١.

روى له الجماعة » (١).

٥ ـ ابن القيسراني المقدسي : « عبد الرزاق بن همام بن نافع ، أبو بكر الحميري مولاهم ، الصنعاني.

سمع معمرا وابن جريج والثوري وغير واحدٍ عندهما.

روى عنه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، وإسحاق بن منصور ، ومحمود بن غيلان عندهما ...

أخبرنا أبو القاسم بنيسابور ، أنا أبو الحسن الخفاف ، انا أبو العباس السرّاج قال : سمعت محمّد بن سهل بن عسكر يقول : سمعت أحمد بن حنبل.

__________________

(١) الكمال في أسماء الرجال ـ مخطوط.

٣١

يقول :

إذا اختلف الناس في حديث معمر فالقول ما قال عبدالرزاق » (١).

فعبد الرزاق من رجال الصحيحين.

وقد نصَّ ابن القيسراني في خطبة كتابه الذي جمع فيه ( أسماء رجال الصحيحين ) على أنّ حفاظ الحديث يذهبون إلى أنّ كلّ من أخرج له الشيخان في كتابيهما فحديثه حجّة ، وهذه عبارته :

« ثمّ طائفة من حفّاظ الحديث مثل : أبي أحمد ابن عدي ، وأبي الحسن الدارقطني ، وأبي عبدالله ابن مندة ، وأبي عبدالله الحاكم ، ثمّ من بعدهم إلى يومنا هذا ، لما صح عندهم أن كل من أخرجا حديثه في هذين الكتابين وإنْ تكلّم فيه بعض الناس ، يكون حديثه حجةً لروايتهما عنه في الصّحيح ».

أقول :

وبهذا تعرف شأن عبدالرزاق عند ابن عدي والدارقطني وابن مندة والحاكم ومن بعدهم من حفّاظ الحديث ...

٦ ـ الخوارزمي : « عبد الرزاق ، قال البخاري في تاريخه : عبدالرزاق بن همام بن نافع ، أبو بكر مولى حمير ، اليماني ، سمع معمراً والثوري وابن جريج ، مات سنة إحدى عشرة ومائتين. قال البخاري : ما حدّث عن كتابه فهو أصحّ.

يقول أضعف عباد الله : هو من مشاهير المحدّثين وشيوخ أحمد وأمثاله ، نحو يحيى بن معين وغيرهما. ويروي عن الإمام أبو حنيفة في هذه المسانيد » (٢).

__________________

(١) الجمع بين رجال الصحيحين ١ / ٣٢٨.

(٢) جامع مسانيد أبي حنيفة ٢ / ٥١٢.

٣٢

وأمّا من روى عنهم أبو حنيفة في ( مسانيده ) فقد قال الشعراني فيهم :

« وقد منَّ الله تعالى عليَّ بمطالعة مسانيد الإمام أبي حنيفة الثلاثة ، من نسخةٍ عليها خطوط الحفّاظ ، آخرهم الحافظ الدمياطي ، فرأيته لا يروي حديثا إلاّعن خيار التابعين العدول الثقات ، الذين هم من خير القرون ، بشهادة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، كالأسود وعلقمة وعطا وعكرمة ومجاهد ومكحول والحسن البصري وأضرابهم رضي الله عنهم أجمعين ، فكل الرواة الذين بينه وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عدول ثقات ، أعلام أخيار ، ليس فيهم كذّاب ولا متّهم بكذب.

وناهيك ـ يا أخي ـ بعدالة من ارتضاهم الإمام أبو حنيفة رضي‌الله‌عنه لأنْ يأخذ منهم أحكام دينه ، مع شدّة تورّعه وتحرّزه وشفقته على الامة المحمّدية ... » (١).

٧ ـ ابن تيميّة ، في جواب بعض الأحاديث : « وأصحاب السّير كابن وغيره يذكرون من فضائله ( أي فضائل علي عليه‌السلام ) أشياء ضعيفة ، ولم يذكروا مثل هذا ، ولا رووا مما قلنا فيه أنّه موضوع باتّفاق أهل النقل ، من أئمة أهل التفسير الذين ينقلونه بالأسانيد المعروفة ، كتفسير ابن جريج ، وسعيد بن أبي عروبة ، وعبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وأحمد ، وإسحاق ، وبقي بن مخلد ، وابن جرير الطبري ، ومحمّد بن أسلم الطوسي ، وابن أبي حاتم ، وأبي بكر بن المنذر ، وغيرهم من العلماء الأكابر الذين لهم في الإسلام لسان صدق ، وتفاسيرهم متضمّنة للمنقولات التي يعتمد عليها في التفسير » (٢).

__________________

(١) الميزان للشعراني : ٤٦.

(٢) منهاج السنة ٧ / ١٧٨.

٣٣

٨ ـ الذهبي : « أخبار ابن المديني مستقصاة في تاريخ بغداد ، وقد بدت منه هفوة ثمّ تاب منها ، وهذا أبو عبدالله البخاري وناهيك به قد شحن صحيحه بحديث علي بن المديني وقال : ما استصغرت نفسي بين يدي أحد إلاّبين يدي علي بن المديني ، ولو ترك حديث علي وصاحبه محمّد وشيخه عبدالرزاق وعثمان بن أبي شيبة وإبراهيم بن سعد ... لغلّقنا الباب وانقطع الخطاب ، ولماتت الآثار واستولت الزنادقة ولخرج الدجّالون ، أفمالك عقل يا عقيلي؟! أتدري فيمن تتكلّم؟! وإنّما تبعناك في هذا النمط لنذبَّ عنهم ، ولنزيّف ما قيل فيهم ، كأنّك لا تدري أنّ كلّ واحدٍ من هؤلاء أوثق منك بطبقات ، بل وأوثق من ثقات كثيرين لم توردهم في كتابك ، وهذا ممّا لا يرتاب فيه محدّث » (١).

٩ ـ الذهبي : « عبدالرزاق بن همام بن نافع ، أبو بكر ، أحد الأعلام ... » (٢).

١٠ ـ أبو الوفاء الطرابلسي : « وكيف لا يكون ثقة؟! وقد روى له الأئمّة الستّة فضلاً عن الشيخين ، ومن روى له الشيخان فقد جاز القنطرة كما قال علي ابن المفضل المقدسي » (٣).

١١ ـ ولي الله الدهلوي : قال في بيان أسباب الإختلاف بين أهل الحديث وأصحاب الرأي ، وأنّ أهل الحديث اهتمّوا بجمع أحاديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقط : « بل صحّ عن البخاري أنّه اختصر صحيحه من ستمائة ألف حديث. وعن أبي داود أنّه اختصر سننه من خمسمائة ألف حديث ، وجعل أحمد مسنده ميزاناً يعرف به حديث رسول الله صلّى الله عليه

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٣ / ١٤٠.

(٢) الكاشف عمّن روي عنه في الصّحاح الستّة ٢ / ١٩٤.

(٣) الكشف الحثيث عمّن رمي بوضع الحديث ترجمة داود بن الحصين : ١٧١.

٣٤

وسلّم ، فما وجد فيه ولو بطريق واحدٍ من طرقه فله أصل وإلاّ فلا أصل له.

وكان رؤوس هؤلاء : عبدالرحمن بن مهدي ، ويحيى القطّان ، ويزيد بن هارون ، وعبد الرزاق ، وأبو بكر بن أبي شيبة ، ومسدّد ، وهنّاد ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، والفضل بن دكين ، وعلي المديني ، وأقرانهم.

وهذه الطبقة هي الطراز الأوّل من طبقات المحدّثين ، فرجع المحقّقون منهم بعد إحكام فن الرواية ومعرفة مراتب الأحاديث إلى الفقه ، فلم يكن عندهم من الرأي أن يجتمع على تقليد رجلٍ ممّن مضى ، مع ما يروون من الأحاديث والآثار المناقضة لكلّ مذهبٍ من تلك المذاهب ، فأخذوا يتّبعون أحاديث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وآثار الصّحابة والتابعين والمجتهدين على قواعد أحكموها في نفوسهم » (١).

١٢ ـ تصديق الله تعالى عبدالرزاق!

قال السّيوطي : « أخرج الخطيب في تاريخه عن محمّد بن سالم [ سلم ] الخواص الشيخ الصالح ، ، قال : رأيت يحيى بن أكثم القاضي في النّوم ، فقلت له : ما فعل الله بك؟ قال : أوقفني بين يديه ، ثمّ قال لي : يا شيخ السّوء ، لولا شيبتك لأحرقنك بالنار ، [ فأخذني ما يأخذ العبد بين يدي مولاه ، فلمّا أفقت قال لي : يا شيخ السوء. فذكر الثالثة مثل الأوّلين. فلمّا أفقت ] فقلت : يا رب ما هكذا حدثت عنك. قال : وما حدّثتُ عني؟ ـ وهو أعلم بذلك ـ؟ قال : حدّثني عبدالرزاق بن همام [ قال : ] حدّثنا معمر بن راشد ، عن ابن شهاب الزهري ، عن أنس بن مالك ، عن نبيّك ، عن جبرئيل عنك يا عظيم أنّك قلت : ما شاب لي عبدفي الإسلام شيبة إلاّ استحييت منه أن أعذّبه بالنار. فقال : صدق عبدالرزاق ، وصدق معمر ، وصدق الزهري ، وصدق أنس ،

__________________

(١) الإنصاف في بيان سبب الاختلاف : ٤٦.

٣٥

وصدق نبيّي ، وصدق جبرئيل ، أنا قلت ذلك. انطلقوا به إلى الجنّة » (١).

ترجمة معمر بن راشد

وأمّا « معمر بن راشد » البصري شيخ عبدالرزاق بن همام الصنعاني ، فهذا موجز ترجمته والثناء عليه في كتب أهل السنّة :

١ ـ السمعاني : « ومن القدماء أبو عروة معمر بن راشد البصري المهلّبي مولى الأزد ، من أهل البصرة ، سكن اليمن ، وهو معمر بن أبي عمر.

وكان من ثقات العلماء.

يروي عن : الزهري ، وقتادة ، ويحيى بن أبي كثير ، وأبي إسحاق الهمداني ، والأعمش.

روى عنه : الثوري ، وشعبة ، وابن أبي عروبة ، وابن عيينة ، وابن المبارك ، وإسماعيل بن علّية ، ومروان الفزاري ، ورباح الصنعاني ، وهشام بن يوسف ، ومحمّد بن ثور ، وعبد الرزاق بن همام.

قال ابن جريج : عليكم بهذا الرجل ـ يعني معمراً ـ فإنّه لم يبق من أهل زمانه أعلم منه.

وسئل ابن جريج عن شيء من التفسير فأجابني ، فقلت : إنّ معمراً قال كذا وكذا ، قال : إنّ معمراً شرب من العلم با نفع.

قال معمر : جلست إلى قتادة وأنا ابن أربع عشرة سنة ، فما سمعت منه حديثا إلاّكأنه منقش في صدري.

وقال معمر : خرجت مع الصبيان وأنا غلام إلى جنازةِ الحسن ، وطلبت العلم سنة مات الحسن.

__________________

(١) اللآلي المصنوعة ١ / ١٣٦ مع اختلافٍ في مواضع أخرى.

٣٦

قال علي بن المديني : نظرت فإذا الإسناد يدور على ستة ، فلأهل البصرة : شعبة وسعيد بن أبي عروبة وحماد بن سلمة ومعمر بن راشد ويكنّى أبا عروة مولى حدّان.

ومات باليمن سنة ١٥٤.

قال أبو حاتم الرازي : إنتهى الإسناد إلى ستة نفرٍ أدركهم معمر وكتب عنهم ، لا أعلم اجتمع لأحدٍ غير معمر ، من الحجاز : الزهري وعمرو بن دينار ، ومن الكوفة أبو إسحاق والأعمش ، ومن البصرة قتادة ، ومن اليمامة يحيى بن أبي كثير.

وقال أحمد بن حنبل : لا تُضمّ أحداً إلى معمر إلاّوجدت معمراً أطلب للعلم منه » (١).

٢ ـ النووي : « معمر بن راشد. الإمام المحدّث المشهور ، مذكور في مواضع من المختصر ... وهو صاحب الزهري وشيخ عبدالرزاق ...

قال ابن معين : معمر أثبت في الزهري من ابن عيينة. وقال : أثبت الناس في الزهري : مالك ومعمر ويونس ...

قال أحمد بن عبدالله : سكن معمر صنعاء اليمن ، وتزوّج بها ، رحل إليه سفيان ، وسمع منه هناك ، وسمع هو من سفيان ، ولمّا دخل معمر صنعاء كرهوا خروجه من عندهم [ فقال رجل : نقيده ] فزوّجوه.

واتّفقوا على توثيقه وجلالته.

روى له البخاري ومسلم ... » (٢).

٣ ـ الذهبي : « معمر بن راشد ، الإمام الحجّة ، أبو عروة ، الأزدي

__________________

(١) الأنساب ـ المهلبي.

(٢) تهذيب الأسماء واللّغات ٢ / ١٠٧.

٣٧

مولاهم ، البصري ، أحد الأعلام ، وعالم اليمن ، حدث عن الزهري ... قال عبدالرزاق : كتبت عن معمر عشرة آلاف حديث. وقال عبدالواحد بن زياد : قلت لمعمر : كيف سمعت من ابن شهاب؟ قال : كنت مملوكاً لقوم من طاحية ، فبعثوني ببزّ أبيعه ، فقدمت المدينة ، فنزلت داراً ، فرأيت شيخا والناس يعرضون عليه العلم ، فعرضت معهم ...

قال سفيان بن عيينة : قال لي سعيد بن أبي عروبة : روينا عن معمركم فشرفناه ... وقال عبدالرزاق : بعث معن بن زائدة إلى معمر بذهب فردّه وكتم ذلك ... » (١).

٤ ـ الذهبي : « معمر بن راشد ، أبو عروة ، الأزدي مولاهم ، عالم اليمن. عن الزهري وهمام. وعنه : غندر وابن المبارك وعبد الرزاق ... » (٢).

٥ ـ الخطيب التبريزي : « معمر بن راشد ، يكنّى أبا عروة ، الأزدي مولاهم ، عالم اليمن ... » (٣).

ترجمة الزّهري

و « ابن شهاب الزهري » شيخ معمر بن راشد المذكور ، أحد الأعلام المشاهير عندهم ، وإليك بعض الكلمات في حقّه :

١ ـ ابن حبّان : « محمّد بن مسلم بن عبيدالله بن عبدالله بن شهاب ابن عبدالله بن الحارث بن زهرة بن كلاب ، الزهري ، القرشي ، كنيته أبو بكر ، رأى عشرةً من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وكان من أحفظ أهل

__________________

(١) تذكرة الحفاظ ١ / ١٧٨.

(٢) الكاشف ٣ / ١٤٦.

(٣) الإكمال في أسماء الرجال. وهو أسماء رجال المشكاة مطبوع معه ٣ / ٧٦٥.

٣٨

زمانه ، وأحسنهم سياقاً لمتون الأخبار ، وكان فقيهاً فاضلاً ، روى عنه النّاس ... » (١).

٢ ـ السمعاني : « الزهري ... من تابعي المدينة ، رأى عشرةً من أصحاب النّبي صلّى الله عليه وسلّم ، وكان من أحفظ أهل زمانه ... روى عنه الناس.

مات ليلة الثلاثاء لسبع عشرة خلت من شهر رمضان سنة ١٢٤ في ناحية الشام ، وقبره ببيداء شعب ، مشهور يزار » (٢).

٣ ـ الذهبي : « أحد الأعلام. عن أبن عمر وأنس وسهل ، وحديثه عن أبي هريرة في الترمذي. وعن رافع بن خديج في النسائي.

وعنه : يونس ومعمر ومالك ...

قال ابن المديني : له نحو ألفي حديث. وقال أبو داود : أسند أكثر من ألف.

وحديثه ألفان ومائة حديث نصفها مسنده. مات في رمضان سنة ١٢٤ » (٣).

٤ ـ اليافعي : « الإمام أبو بكر محمّد بن مسلم بن عبيدالله بن عبدالله ابن شهاب الزهري ، أحد الفقهاء والمحدّثين ، والأعلام التابعين ، حفظ علم الفقهاء السبعة ، ورأى عشرة من الصحابة رضي الله عنهم ، وسمع من سهل ابن سعد ، وأنس بن مالك ، وخلائق.

وروى عنه جماعة من الأئمّة ، منهم مالك بن أنس ، وسفيان الثوري ، وسفيان بن عيينة.

قال ابن المديني : له نحو ألفي حديث ، وكان قد حفظ علم الفقهاء السبعة. وقال عمر بن عبدالعزيز : لم يبق أعلم بسنةٍ ماضية من الزهري ، وكذا

__________________

(١) كتاب الثقات ٥ / ٣٤٩.

(٢) الأنساب للسمعاني ـ الزهري.

(٣) الكاشف للذهبي ٣ / ٩٦.

٣٩

قال مكحول. وقال الليث : قال ابن شهاب : ما استودعت قلبي علماً فنسيته. وقال غيره من أهل العلم : كان معظّماً وافر الحرمة عند هشام بن عبدالملك ، أعطاه مرّة سبعة آلاف دينار ، وقال عمرو بن دينار : ما رأيت الدينار والدرهم عند أحدٍ أهون منه عند الزهري ، كأنّها عنده بمنزلة البعر » (١).

٥ ـ الخطيب التبريزي : « الزهري ، منسوب إلى زهرة بن كلاب ، ممّن اشتهر بالنسب إليهم. هو : أبو بكر محمّد بن عبدالله بن شهاب ، أحد الفقهاء والمحدثين ، والعلماء الأعلام من التابعين بالمدينة ، المشار إليه في فنون علوم الشريعة ، سمع نفراً من الصحابة ، روى عنه خلق كثير ، منهم قتادة ومالك بن أنس. قال عمر بن عبدالعزيز : لا أعلم أحداً أعلم بسنّةٍ ماضية منه. قيل لمكحول : من أعلم من رأيت؟ قال : ابن شهاب. قيل له :

ثمّ من؟ قال : ابن شهاب. قيل له : ثمّ من؟ قال : ابن شهاب ... » (٢).

٦ ـ ابن حجر : « محمّد بن مسلم ... الفقيه الحافظ ، متفق على جلالته وإتقانه ، وهو من رؤوس الطبقة الرّابعة ... » (٣).

٧ ـ السّيوطي : « أحد الأعلام .. قال الليث : ما رأيت عالماً قط أجمع من ابن شهاب ولا أكثر علماً منه » (٤).

ترجمة سعيد بن المسيّب

وأمّا « سعيد بن المسيب » الذي روى عنه الزهري الحديث الشريف ، فهو فقيه المدينة المنورة ، وإمام أهل السنّة ، ومن كبار التّابعين ، وإليك بعض

__________________

(١) مرآة الجنان حوادث سنة ١٢٤.

(٢) الإكمال في أسماء رجال المشكاة. مطبوع معها. ٣ / ٦٥٣.

(٣) تقريب التهذيب ٢ / ٢٠٧.

(٤) إسعاف المبطأ برجال الموطأ : ٧ ، طبع مع تنوير الحوالك.

٤٠