نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ١٩

السيّد علي الحسيني الميلاني

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ١٩

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٥٢

تشقها خمراً بين الفواطم وهنّ : فاطمة ابنة حمزة وفاطمة بنت عتبة وفاطمة أمّ عليّ وفاطمة بنته صلّى الله عليه وسلّم ، وإرساله لتلك الحلة كان بعد وصوله إلى المدينة ، فليتأمّل.

قال في الفصول المهمّة : وقال له أي لعليّ : إذا أبرمت ما أمرتك به ، كن على اهبة الهجرة إلى الله ورسوله ، ويقدم كتابي عليك ، وإذا جاء أبو بكر توجهه خلفي نحو بئر أمّ ميمون ، وكان ذلك في فحمة العشاء والرصد من قريش قد أحاطوا بالدّار ينتظرون أنْ تنتصف اللّيلة وتنام الناس ، ودخل أبو بكر على عليّ وهو يظنّه أي وأبو بكر يظنّ عليّاً رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فقال له علي : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خرج نحو بئر أُم ميمون وهو يقول لك أدركني ، فلحقه أبو بكر ، ومضيا جميعاً يتسايران حتّى أتيا جبل ثور ، فدخلا الغار ، فليتأمّل الجمع بينه وبين ما تقدّم » (١).

قال : « وفي الفصول المهمّة : لما اتّصل خبر مسيره صلّى الله عليه وسلّم إلى المدينة ، وذلك في اليوم الثاني من خروجه صلّى الله عليه وسلّم من الغار ، جمع الناس أبو جهل وقال : بلغني أنّ محمّداً قد مضى نحو يثرب على طريق الساحل ومعه رجلان آخران ، فأيكم يأتيني بخبره ، فوثب سراقة فقال : أنا لمحمّد يا أبا الحكم ، ثمّ إنّه ركب راحلته واستجنب فرسه ، وأخذ معه عبداً أسود ، وكان ذلك العبد من الشجعان المشهورين ، فسارا أي في أثر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم سيراً عنيفاً حتّى لحقا به.

فقال أبو بكر : يا رسول الله قد دهينا ، هذا سراقة قد أقبل في طلبنا ومعه غلامه الأسود المشهور.

__________________

(١) انسان العيون في سيرة الأمين المأمون ٢ / ٢٠٤.

٢٢١

فلمّا أبصرهم سراقة نزل عن راحلته وركب فرسه وتناول رمحه وأقبل نحوهم.

فلمّا قرب منهم قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم : اللهمّ اكفنا أمر سراقة بما شئت وكيف شئت وأنّى شئت.

فغابت قوائم فرسه في الأرض حتّى لم يقدر الفرس أنْ يتحرّك.

فلمّا نظر سراقة إلى ذلك هاله ورمى نفسه عن الفرس إلى الأرض ، ورمى رمحه ، وقال : يا محمّد أنت أنت وأصحابك أي أنت كما أنت أي آمن وأصحابك ، فادع ربّك يطلق لي جوادي ، ولك عهد وميثاق أن أرجع عنك.

فرفع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يديه إلى السّماء وقال : اللهمّ إنْ كان صادقاً فيما يقول فأطلق له جواده. قال : فأطلق الله تعالى له قوائم فرسه حتّى وثب على الأرض سليماً ، أي ولعلّ هذا في المرّة الثانية ، أو المرّة الأخيرة من السّبع على ما تقدّم ، وتقدّم أنّ الاقتصار على القوائم لا ينافي الزيادة عليها ، فلا يخالف ما سبق في هذه الرواية.

ورجع سراقة إلى مكّة ، فاجتمع الناس عليه ، فأنكر أنّه رآى محمّداً ، فلا زال به أبو جهل حتّى اعترف وأخبرهم بالقصّة ، وفي ذلك يقول سراقة مخاطباً لأبي جهل :

أبا حكم والله لو كنت شاهداً

لأمر جوادي إذ تسوخ قوائمه

علمت ولم تشكك بأن محمّداً

رسول ببرهان فمن ذا يقاومه » (١)

وقال الصفوري : « رأيت في الفصول المهمة في معرفة الأئمّة بمكة المشرفة شرّفها الله تعالى لأبي الحسن المالكي ، أنّ عليّاً ولدته أُمّه بجوف الكعبة شرّفها الله تعالى ... ».

__________________

(١) إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون ٢ / ٢١٩.

٢٢٢

وقد ذكر إكرام الدين الدهلوي كتاب ( الفصول المهمّة ) في مصادر كتابه ( سعادة الكونين في فضائل الحسنين ) ، فأكثر من النقل عنه جدّاً ، والمولوي إكرام الدين الدهلوي من كبار علماء الهند ، ومن أجلاّء المعاصرين لمخاطبنا ( الدهلوي ) ، وهو معظّم لدى علماء أهل السنّة ، إذ يذكرونه بكلّ تبجيل واحترام ، حتّى أنّ المولوي حيدر علي الفيض آبادي في ( إزالة الغين ) يذكره من أقران الشيخ عبدالحق الدهلوي ، وشاه ولي الله الدهلوي ، و ( الدهلوي ) وأمثالهم من مشاهير أئمّة أهل السنّة الّذين يفتون بجواز لعن يزيد بن معاوية ، لعنة الله عليه وعلى أبيه.

كما أنّ رشيد الدين خان الدهلوي ـ وهو أفضل تلامذة ( الدهلوي ) ـ يذكر كتاب الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة في مصنّفات أهل السنّة في فضائل أهل البيت.

كما اعتمد على الفصول المهمّة : الشيخ حسن العدوي الحمزاوي في كتابه ( مشارق الأنوار ) الّذي نصّ على التزامه بنقل الأحاديث الصحيحة فيه ...

(٢٨)

رواية الميبدي

ورواه الحسين الميبدي اليزدي ـ في ( الفتواح ـ شرح ديوان علي ) ـ حيث قال : « روى البيهقي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال : من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في تقواه ، وإلى إبراهيم في حلمه ، وإلى موسى في هيبته ، وإلى عيسى في عبادته ، فلينظر إلى علي بن أبي طالب ».

٢٢٣

ترجمة الميبدي

١ ـ غياث الدين المدعو بخواند أمير ، في تاريخه ( حبيب السير ) الّذي نصّ الكاتب الجلبي باعتباره ، واعتمد عليه ( الدهلوي ) وحسام الدين صاحب ( المرافض ). قال : « القاضي كمال الدين مير حسين اليزدي. كان من أفاضل علماء العراق بل من أعاظم علماء الآفاق ، ولي القضاء في يزد مع الأمانة ، ومن مصنّفاته : شرح ديوان أمير المؤمنين. وهو كتاب غنّي بالعلم ومرغوب فيه لدى الفضلاء. وله أيضاً : شروح على الكافية والهداية في الحكمة ، وعلى الطوالع والشمسيّة ، وله تعليقات دقيقة ... ».

٢ ـ وقد اعتمد عليه الكفوي في طبقاته ( كتاب أعلام الأخيار في طبقات مذهب النعمان المختار ) هذا الكتاب الّذي استند إليه ( مخاطبنا ) في ( بستان المحدثين ).

٣ ـ وذكره الكاتب الجلبي في الحكماء الإسلاميّين عند كلامه على الحكمة والحكماء وما يتعلّق بذلك.

٤ ـ وأيضاً نقل عنه ولي الله الدهلوي في ( رسالة النوادر ) له.

(٢٩)

رواية الصّفوري

ورواه الصفوري الشّافعي في ( نزهة المجالس ) بقوله : « وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : من أراد أنْ ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في همته ، وإلى إبراهيم في حلمه ، وإلى موسى في زهده ، وإلى محمّد في بهائه ، فلينظر إلى علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه.

ذكره ابن الجوزي ».

٢٢٤

كلام الصّفوري في خطبة كتابه

وقد قال الصفوري في مقدّمة كتابه ( نزهة المجالس ) : « فأحببت ـ لقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم : اذكروا الصالحين يبارك عليكم وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عند ذكر الصالحين تتنزّل الرّحمة ـ أنْ أجمع ما تيسَّر من أخبارهم وما اشتملوا عليه من العبادة في ليلهم ونهارهم ، وأنْ أطرّز ذلك باللطائف والفوائد السنيّة ، والزواجر للنفوس الغويّة من المواعظ القويّة ، مع ما أذكره من المسائل الفقهيّة والمنافع الطبيّة ، وقطرة من مناقب خير البريّة ومن هو حيٌّ في قبره حياةً حقيقيّة ، وذاته في ضريحه المكرم على الفرش طريّة ، وأزواجه وأصحابه وأمّته المرضيّة ، وقد جعلته أبواباً وفصولاً حوت معاني قويّة ، وسمّيته نزهة المجالس ومنتخب النفائس ، وختمته بذكر الجنّة ... ».

ولهذا الكتاب تقريظ من العلاّمة محمّد حسين الخشاب.

(٣٠)

رواية الوصّابي اليماني

ورواه إبراهيم بن عبدالله الوصابي اليماني الشافعي في كتابه ( أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب ) وهو اسم الباب الرابع من كتابه ( الاكتفاء في فضل الأربعة الخلفاء ) ولكلٍّ من الأبواب الأخرى اسم يخصّه ... فرواه عن أنس حيث قال :

« عنه. قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : من سرّه أنْ ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في فهمه ، وإلى إبراهيم في خلقه ، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

٢٢٥

أخرجه أبو نعيم في فضائل الصّحابة » (١).

كتاب الوصّابي

وقد اعتمد على كتاب الوصابي المذكور محمّد محبوب عالم في تفسيره ( تفسير شاهي ) ، وشهاب الدين العجيلي في كتابه ( ذخيرة المال ) ، وبذلك يظهر كونه من الكتب المعتمدة المفيدة لدى أهل السنّة.

(٣١)

رواية الجمال المحدِّث

ورواه جمال الدين عطاء الله بن فضل الله المعروف بالمحدِّث : « عن أبي الحمراء قال قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أراد أنْ ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في فهمه ـ وفي رواية : إلى نوح في تقواه ـ وإلى يحيى ابن زكريّا في زهده وإلى موسى بن عمران في بطشه ـ وفي رواية : وإلى موسى في هيبته ـ وإلى عيسى في عبادته فلينظر إلى علي بن أبي طالب » (٢).

ترجمة الجمال المحدّث

والسيّد جمال الدّين المحدّث الشّيرازي من مشايخ ( الدّهلوي ) في الإجازة ، وقد ذكر في مقدّمة كتابه ( الأربعين ) أنّه ينقل أحاديثه عن الكتب المعتبرة ، وله كتاب ( روضة الأحباب في سيرة النبيّ والآل والأصحاب ).

__________________

(١) أسنى المطالب للوصابي ـ مخطوط.

(٢) الأربعين في مناقب أمير المؤمنين.

٢٢٦

وقد ذكره صاحب ( حبيب السّير ) بقوله : « مير جمال الدين بن عطاء الله سلّمه الله وأبقاه ... صار ـ كعمّه العظيم مير سيّد أصيل الدين ـ وحيداً في علم الحديث وسائر العلوم الدينيّة والفنون اليقينيّة ، وحصل له التقدّم على جميع المحدّثين من أهل عصره ، وكتابه روضة الأحباب في سيرة النّبيّ والآل والأصحاب مشهور في الأقطار ، ولا يوجد له نظير ألبتة ... ».

وقال الشيخ علي القاري : « ... جمعت نسخ المصححة المقروّة المسموعة المصرّحة التي تصلح للاعتماد ، وتصحّ عند الاختلاف للإستناد ، فمنها نسخة هي أصل السيّد أصيل الدين والسيّد جمال الدين ونجله السعيد ميركشاه المحدثين المشهورين ... ثمّ إنّي قرأت أيضاً بعض أحاديث المشكاة على منبع بحر العرفان مولانا عطاء الله الشيرازي الشهير بمير كلان ، وهو قرأ على زبدة المحقّقين وعمدة المدقّقين ميركشاه ، وهو على والده السيّد السند مولانا جمال الدين المحدّث صاحب روضة الأحباب ، وهو عن عمّه السيّد أصيل الدين ، وهذا الإسناد لا يوجد أعلى منه للاعتماد » (١).

وقال في ( المرقاة ) في شرح حديث « لا تدخلوا الجنّة حتّى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتّى تحابوا » : « أمّا نسخ المشكاة المصحّحة المعتمدة المقروّة على المشايخ الكبار كالجزري والسيّد أصيل الدين وجمال الدين المحدّث وغيرها من النسخ الحاضرة ، فكلّها بحذف النون ».

وقد ذكر الشنواني السيّد جمال الدين في طريق سند روايته لكتاب المشكاة ، في كتابه ( الدرر السنيّة في الأسانيد الشنوانيّة ).

وكذا ( الدهلوي ) نفسه ـ في ( اصول الحديث ) ـ حيث قال : « [ مشكاة المصابيح ] : الشيخ أبو طاهر ، عن الشيخ إبراهيم الكردي ، عن الشيخ أحمد

__________________

(١) المرقاة في شرح المشكاة ـ مقدمة الكتاب.

٢٢٧

القشاشي ، عن الشيخ أحمد بن عبدالقدوس الشناوي ، عن السيّد غضنفر ابن السيّد جعفر النهرواني عن الشيخ محمّد سعيد المعروف بميركلان الّذي كان شيخ مكة في وقته ، وهو عن السيّد نسيم الدين ميركشاه ، عن والده العظيم السيّد جمال الدين عطاء الله ... ».

كما وقع إسناد الشيخ أبي علي محمّد ارتضاء العمري الصفوي ، كما لا يخفى على من راجع كتاب ( مدارج الإسناد ) له.

وقد اعتمد على السيّد جمال الدين ونقل عنه الشيخ عبدالحق الدهلوي في كتابه ( أسماء رجال المشكاة ).

وقال الصديق حسن خان القنوجي في ( الحطّة ) : « وكتاب روضة الأحباب للسيّد جمال الدين المحدّث أحسن السير ».

(٣٢)

رواية ابن باكثير المكي

ورواه أحمد بن الفضل بن باكثير الشافعي المكّي عن الحاكمي والملاّ في سيرته ، وهذا لفظه : « عن أبي الحمراء رضي‌الله‌عنه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : من أراد أنْ ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في فهمه ، وإلى إبراهيم في حلمه ، وإلى يحيى بن زكريّا في زهده ، وإلى موسى في بطشه ، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

أخرجه أبو الخير الحاكمي.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : من أراد أنْ ينظر إلى إبراهيم في حلمه ، وإلى نوح في حكمه ، وإلى

٢٢٨

يوسف في جماله ، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

أخرجه الملاّ في سيرته » (١).

ترجمة ابن باكثير

وقد ترجم له المحبّي قائلاً : « الشيخ أحمد بن الفضل بن محمّد باكثير ، المكّي الشافعي ، من أدباء الحجاز وفضلائها المتمكّنين. كان فاضلاً أديباً ، له مقدار عليّ وفضل جلّي ، وكان له في العلوم الفلكيّة وعلم الآفاق والزايرجا يد عالية ، وكان له عند أشراف مكّة منزلة وشهرة ، وكان في الموسم يجلس في المكان الّذي يقسّم فيه الصرّ السلطاني بالحرم الشريف بدلاً عن شريف مكة. ومن مؤلفاته : حسن المآل في مناقب الآل ... » (٢).

وقد ذكر في مقدّمة كتابه المذكور : « فرأيت أنْ أجمع في تأليفي هذا من درر الفوائد المثمنة وغرر الأحاديث الصحيحة والحسنة ممّا هو مختص بالعترة النبوية والبضعة الفاطميّة ، وأذكره بلفظ الإجمال ، ثمّ ما ورد من مناقب أهل الكساء الأربعة نخبة الآل ، وأصرّح فيه بأسمائهم ، ثمّ ما ورد لكلّ واحدٍ منهم بصريح اسمه الشريف.

فجمعت في كتابي هذا زبدة ما دوّنوه وعمدة ما صحّحوه من ذلك وأتقنوه ، وما رقموه في مؤلّفاتهم وقنوه فيه ، مقتصراً على ما يؤدي المطلوب ، ويوصل إليه بأحسن نمط وأسلوب ، سالكاً في ذلك طريق السداد ، ومقتصراً فيه على ما يحصل المراد ... وتركت ما اشتدّ ضعفه منها وما لم نجد له شاهداً يقويه ، وجانبت عمّا تكلّم في سنده وقد عدّه الحفاظ من الموضوع الّذي يجب

__________________

(١) وسيلة المال في عدّ مناقب الآل ـ مخطوط.

(٢) خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر ١ / ٢٧١.

٢٢٩

أن نتّقيه ، وأتيت بالمشهور من كتب التواريخ ... تتبّعت فيه من الأحاديث ما يشرح صدور المؤمنين ، وتقرّ به عيون المتّقين ، ويضيق بسببه ذرع المنافقين ».

(٣٣)

رواية البدخشاني

ورواه الميرزا محمّد بن معتمد خان البدخشاني عن البيهقي حيث قال :

« أخرج البيهقي في فضائل الصحابة عن أنس قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : من أراد أنْ ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في تقواه ، وإلى إبراهيم في حلمه ، وإلى موسى في هيبته ، وإلى عيسى في عبادته ، فلينظر إلى علي بن أبي طالب » (١).

ترجمة البدخشاني

والبدخشاني من علماء أهل السنّة الّذين يفتخر محمّد رشيد تلميذ ( الدّهلوي ) بتأليفهم كتباً خاصّة بفضائل أهل البيت ، ويقول بأنّ علماء أهل السنّة لا يبغضون ولا يعادون أهل البيت.

وذكره المولوي حيدر علي الفيض آبادي ، في جملة كبار علماء أهل السنّة الّذين يفتون بجواز لعن يزيد بن معاوية.

و ( الدهلوي ) نفسه اعتمد على البدخشاني في جواب سؤالٍ ورد عليه حول السبب في تلقيب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمصطفى ، وتلقيب

__________________

(١) مفتاح النجا في مناقب آل العبا ـ مخطوط.

٢٣٠

أمير المؤمنين بالمرتضى فقال : « والميرزا محمّد بن معتمد خان الحارثي المؤرّخ الشهير في هذه البلاد أيضاً يلقّب عليّاً بالمرتضى ، في رسالتيه في فضائل الخلفا وفضائل أهل البيت ، وهما من عمدة مصنّفاته ».

(٣٤)

رواية محمّد صدر العالم

ورواه الشيخ محمّد صدر العالم بقوله : « أخرج أبو نعيم في فضائل الصحابة مرفوعاً : إنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال : من سرّه أن ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوحٍ في فهمه ، وإلى إبراهيم في خلّته ، فلينظر إلى علي بن أبي طالب » (١).

شعر ولي الله الدهلوي بمدح محمّد صدر العالم

قال الشيخ ولي الله والد مخاطبنا ( الدهلوي ) وإمامه ومقتداه في ( التفهيمات الإلهيّة ) :

إنّ محمّد صدر العالم ألّف كتاباً ـ وهو معارج العلى ـ فضّل فيه عليّاً على الخلفاء تفضيلاً كليّاً ، وكان من جملة ما ذكر فيه قصة شقّ القمر له كرّم الله وجهه ، ثمّ أرسله إليَّ وطالعته ، ونظمت هذه الأبيات :

رعاك الله يا صدر العوالي

وطول الدهر كان لك البقاء

لقد أوتيت في الآباء فخراً

وبالأبناء يرتفع العلاء

وجدّك آية لا ريب فيها

وبحر لا تكدّره الدلاء

__________________

(١) معارج العلى في مناقب المرتضى ـ مخطوط.

٢٣١

وفي كشف المعارف كان فرداً

وما في القوم كان له كفاء

لقد كوشفت ما كوشفت حقّاً

وفضل الله ليس له انتهاء

أتاك الثلج والإتقان لمّا

رأيت الشق وانكشف اللواء

وإذ أدناك سيّدنا علي

بإكرام وعلم ما يشاء

تؤلف في مناقبه كتاباً

وعند الله في ذاك الجزاء

ومكثر مدح مولانا علي

مقلّ لا يكون له وفاء

فما من مشهد إلاّوفيه

له فخر كبير وازدهاء

وما من منهل إلاّوفيه

له شرب عظيم وارتواء

وللقرآن تنزيل وظهر

يقاتلهم عليه الأنبياء

وللقرآن تأويل وبطن

يخاصمهم عليه الأوصياء

قبول الناس للتنزيل فيه

سياسات له منها نماء

فمنها ردّ تحريف ومد

لأسباب له منها انتشاء

وصلح واختصام وائتلاف

بأقوام قلوبهم هواء

لهذا القسم أسرار عظام

وللشيخين فيه اعتلاء

وفي علم النبوة إنّ هذا

ملاك الأمر ليس بها خفاء

وما زال الصحابة عارفيه

يقيناً مثل ما طلعت ذكاء

فأثبت ذاك للشيخين واختر

من الأوصاف مدحا ما تشاء ».

٢٣٢

(٣٥)

رواية وليّ الله الدّهلوي

قال وليّ الله الدهلوي والد مخاطبنا ( الدهلوي ) ـ في ( قرة العينين ) ـ بعد جوابه على كلام المحقّق نصير الدين الطوسي في أفضليّة أمير المؤمنين :

« وبعد هذا كلّه ، فإنّ جميع ما ذكره المتأخّرون من المعتزلة ـ كما ينقل عن الإمام الرازي في كتاب الأربعين ، واختصره نصير الدين الطوسي ـ حججنا في أفضليّة المرتضى ممّن كان في أيّام خلافته ، ونعترف بأصله ونتمسّك بثبوته في محلّه ، لا بالنسبة إلى الشيخين ».

هذا كلام ولي الله الدهلوي ، ومن راجع الأربعين للرازي وكلام النصير الطوسي ، وجد فيه حديث التشبيه. قال الرازي :

« الحجة التاسعة عشر ـ روى أحمد والبيهقي في فضائل الصحابة قال : من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في تقواه ، وإلى إبراهيم في حلمه ، وإلى موسى في هيبته ، وإلى عيسى في عبادته ، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

ظاهر الحديث يدلّ على أن عليّاً كان مساوياً لهؤلاء الأنبياء في هذه الصفات ، ولا شكّ أنّ هؤلاء الأنبياء في هذه الصفات كانوا أفضل من أبي بكر وسائر الصحابة ، والمساوي للأفضل أفضل ، فيكون علي أفضل منهم » (١).

__________________

(١) الأربعين في أصول الدين : ٣١٣.

٢٣٣

(٣٦)

رواية محمّد الأمير

وقال العلاّمة محمّد الأمير الصنعاني في ( الروضة النديّة ـ شرح التحفة العلوية ) ما نصّه : « فائدة : قد شبهه بخمسة من الأنبياء كما قال المحبّ الطبري رحمه‌الله ما لفظه : ذكر تشبيه علي رضي‌الله‌عنه بخمسةٍ من الأنبياء :

عن أبي الحمراء قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : من أراد أنْ ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في فهمه ، وإلى إبراهيم في حلمه ، وإلى يحيى ابن زكريّا في زهده ، وإلى موسى في بطشه ، فلينظر إلى عليّ بن أبي طالب.

أخرجه أبو الخير الحاكمي.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : من أراد أن ينظر إلى إبراهيم في حلمه ، وإلى نوح في حكمه ، وإلى يوسف في جماله ، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

أخرجه الملاّ في سيرته.

قلت : وقد شبّهه صلّى الله عليه وسلّم بهؤلاء الخمسة الرسل في اكتسابه للخصال الشريفة من خصالهم ».

ترجمة الأمير

١ ـ الحفظي الشافعي : « وأولاد الإمام المتوكِّل علماء جهابذة وأبرار ، أعظمهم ولده الإمام المؤيّد بالله محمّد بن إسماعيل ، قرأ كتب الحديث وبرع فيها ، كان إماماً في الزهد والورع ، يعتقده العامّة والخاصة.

٢٣٤

ومن أعيان آل الإمام : السيّد المجتهد الشهير ، والمحدّث الكبير ، السراج المنير ، محمّد بن إسماعيل الأمير ، مسند الديار ومجدد الدين في الأقطار ، صنّف أكثر من مائة مؤلَّف ، وهو لا ينسب إلى مذهب ، بل مذهبه الحديث » (١).

٢ ـ الشوكاني : « الإمام الكبير ، المجتهد المطلق ، صاحب التصانيف ...

برع في جميع العلوم ، وفاق الأقران ، وتفرد برياسة العلم في صنعاء ، وتظهّر بالاجتهاد ، وعمل بالأدلّة ، ونفر عن التقليد ، وزيّف ما لا دليل عليه من الآراء الفقهيّة ... وبالجملة ، فهو من الأئمّة المجددين لمعالم الدين » (٢).

٣ ـ القنوجي : « وهو الإمام الكبير ، المحدّث الأصولي ، المتكلّم الشهير ، قرأ كتب الحديث وبرع فيها ، وكان إماماً في الزهد والورع ، وكان ذا علم كير ورياسة عالية ، وله في النظم اليد الطولى ، بلغ رتبة الاجتهاد المطلق ، ولم يقلَّد أحداً من أهل المذاهب ، وصار إماماً كاملا مكملاً بنفسه ... » (٣).

(٣٧)

رواية الحفظي الشافعي

ورواه شهاب الدين الحفظي العجيلي الشافعي بقوله : « روى البيهقي يرفعه إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : من أراد أن ينظر إلى نوح في تقواه ، وإلى إبراهيم في حلمه ، وإلى موسى في هيبته ، وإلى عيسى في زهادته ، فلينظر إلى علي بن أبي طالب » (٤).

__________________

(١) ذخيرة المال ـ مخطوط.

(٢) البدر الطالع ٢ / ١٣٣.

(٣) أبجد العلوم ، التاج المكلّل.

(٤) ذخيرة المآل في عد مناقب الآل ـ مخطوط.

٢٣٥

ترجمة العجيلي

وترجم الصديق حسن القنوجي : « وله مناقب وفضائل شهيرة ، وكان لا يسمع بذي فضيلة من جهةٍ من الجهات إلاّوتعرّف به واستطلع حقيقة فضيلته ، ومكث على هذه الحالة دهراً طويلاً ، ثمّ آثر الخلوة والعزلة إلى أنْ انتقل إلى جوار رحمة الله تعالى » (١).

(٣٨)

رواية وليّ الله اللّكهنوي

ورواه المولوي ولي الله اللكهنوي بقوله : « قال صلّى الله عليه وسلّم : من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في تقواه ، وإلى إبراهيم في حلمه ، وإلى موسى في هيبته ، وإلى عيسى في زهادته ، فلينظر إلى علي بن أبي طالب » (٢).

أقول :

قد عرفت بما تلوناه عليك ونقلناه لك من كلمات أساطين أئمّة أهل السنّة ، وكبار حفّاظهم ، ومشاهير علمائهم في مختلف العلوم ... أنّ حديث التشبيه ـ بمختلف ألفاظه وأسانيده ـ حديث صحيح لا مرية فيه ولا شك يعتريه ...

__________________

(١) التاج المكلل : ٥٠٩.

(٢) مرآة المؤمنين في مناقب أهل بيت سيّد المرسلين ـ مخطوط.

٢٣٦

إنّه حديث رووه بأسانيدهم عن عدّةٍ من الصحابة عن النبيّ الأكرم والرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

رووه وأخرجوه في كتبهم ، واستشهدوا به في كلماتهم ، ونظموه في أشعارهم ...

فكيف ينفي ( الدهلوي ) صحّته! وينكر وجوده في كتب أهل السنّة! ويزعم عدم قبولهم إيّاه؟!

فالله حسيبه على ما قال وكفى به حسيباً.

لكن الّذي نتوخّاه ونرجوه أنْ لا يقدم أحد على ما أقدم عليه ، ولا يغترّ بما قاله وتقوله ، فإنّ ( كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) ( اللهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ ).

هذا كلّه بالنسبة إلى سند هذا الحديث.

وقس عليه في البطلان كلماته في الدلالة ، كما سيتّضح لك ، وعلى الله التكلان :

٢٣٧
٢٣٨

نقض كلمات الدهلوي

حول سند حديث التشبيه

٢٣٩
٢٤٠