نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ١٩

السيّد علي الحسيني الميلاني

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ١٩

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٥٢

ولا يخفى عليك ما لوصف « الحافظ » ووصف « الإمام » ووصف « الشيخ » من شأن وعظمة ...

(٢٢)

رواية محبّ الدّين الطَبَري

ورواه الحافظ محبّ الدين أحمد بن عبدالله الطبري ، شيخ الحرم حيث قال : « ذكر شبهه بخمسةٍ من الأنبياء عليهم‌السلام في مناقب لهم :

عن أبي الحمراء ، قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في فهمه ، وإلى إبراهيم في حكله ، وإلى يحيى ابن زكريا في زهده ، وإلى موسى بن عمران في بطشه ، فلينظر إلى علي ابن أبي طالب.

أخرجه القزويني الحاكمي.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : من أراد أن ينظر إلى إبراهيم في حلمه ، وإلى نوح في حكمه ، وإلى يوسف في جماله ، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

أخرجه الملاّ في سيرته » (١).

ذكر كتاب الرياض النضرة

وأمّا كتاب ( الرياض النضرة في مناقب العشرة ) فقد ذكره الكاتب الجلبي بقوله : « الرياض النضرة في فضائل العشرة ، لمحب الدين أحمد بن عبدالله بن

__________________

(١) الرياض النضرة في مناقب العشرة ( ٣ ـ ٤ ) : ١٩٦.

٢٠١

محمّد الطبري الشافعي ، المكي ، المتوفى سنة ٦٩٤. أوّله : الحمد لله الّذي يختصّ برحمته من يشاء ... ذكر أنّه جمع ما يروى فيهم في مجلّد بحذف الأسانيد من كتب عديدة ، وشرح غريب الحديث في خلاله ، عازياً كلّ حديث إلى كتاب ، وقدم مقدمة في أسماء وكنى ، وذكر أوّلاً الأحاديث الجامعة ثمّ ما اختص بالأربعة ، ثمّ سمّاه كما ورد ، وأورد فصل كل واحدٍ وأدرج جملة ذلك في قسمين ، الأوّل ـ في مناقب الأعداد. والثاني ـ في مناقب الآحاد.

ومنه انتقى الشيخ زين الدين أحمد الشمّاع الحلبي ، المتوفى سنة ٩٣٦ ، كتابه المسمّى بالدر الملتقط » (١).

وهو من مصادر الديار بكري في ( تاريخ الخميس في أحوال النفس والنفيس ).

وعدّه ( الدهلوي ) في الكتب التي ألّفها أهل السنّة في باب المناقب والفضائل.

وتشبّث ( الدهلوي ) الّذي رواه المحبّ الطبري في كتابه ( الرياض النضرة ) بالحديث ، مستدلاًّ به لما زعم من رضا الصدّيقة الزهراء عليها‌السلام عن أبي بكر بن أبي قحافة ، خلافاً لما اخرج في الصحيح من أنّها ماتت وهي واجدة على أبي بكر ، كما في البخاري وغيره.

وتمسّك والده في كتاب ( إزالة الخفاء في سيرة الخلفاء ) بما رواه الطبري في هذا الكتاب من أخبار مناقب الشيخين.

وقال الحافظ المحبّ الطبري في ديباجة كتابه المذكور :

« أمّا بعد ، فإنّ الله عزّوجلّ قد اختار لرسوله صلّى الله عليه وسلّم

__________________

(١) كشف الظنون ١ / ٩٣٧.

٢٠٢

أصحاباً ، فجعلهم خير الأنام ، واصطفى من أصحابه رضي الله تعالى عنهم جملة العشرة الكرام ، فرضيهم لعشرته وموالاته وفضّلهم بالانضمام إليه مدّة حياته ، وأنعم عليهم بما أولاهم من أصناف موجبات كريم كرمه ، وأسعدهم بما سلف لهم في سابق قديم قدمه ، وأشقى قوماً بارتكاز أهويتهم في الخوض في أمرهم ، فيما لا يعنيهم واجتراهم على الإقدام على التّنقص بهم ، وصفهم بما ليس فيهم ...

فما للجاهل الغبيّ ولهم ، وقد أخبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه سيغفر لهم ، وما للمتعامي وتأويل ما ورد في شأنهم وتحريفه ، بعد قوله صلّى الله عليه وسلّم : لو أنفق أحدهم مثل احد ذهباً ما بلغ مدّ أحدهم ولا نُصَيفه.

فالحمد لله أنْ عصمنا من هذه الورطة العظيمة ، ووفقنا بحبّ جملتهم إلى سلوك الطريقة المستقيمة ، ثمّ الحمد لله أن ألهم جمع هذا المؤلَّف في مناقبهم والإعلام بما وجب من التعريف بشرف قدرهم وعلوّ مراتبهم ، وتدوين بعض ما روي من عظيم مآثرهم ، وإبراز طرف ما ذكر من عميم مذاخرهم ، من كتب ذوات عدد ، على وجه الاختصار وحذف السند ، ليسهل على الناظر تناوله ويقرب على الطالب فيه ما يحاوله ، عازياً كلّ حديث إلى الكتاب المخرَّج منه ، منبّهاً على مؤلّفه ومن أخذ عنه ، تفصّياً عن عهدة الارتياب في النقل ، واعتماداً على اولى السّابقة من أهل العلم والفضل ، مبتدياً بذكر ما شملهم على طريقة التضمن ، ثمّ بما اختصّ بهم على وجه المطابقة والتعين ، ثمّ بما ورد فيما دون العشرة وإن انضمّ إليهم من ليس منهم ، ثمّ ما اختص بالأربعة الخلفاء ولم يخرج عنهم ، ثمّ بما زاد على الأربعة على واحد ، ثمّ بما ورد في فضائل كل واحد واحد ، وأدرجت جملة ذلك في قسمين ».

هذا ، وقد روى الحافظ المحب الطبري هذا الحديث في كتابه الآخر :

٢٠٣

( ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ) حيث قال : « ذكر شبه علي بخمسة من الأنبياء :

عن أبي الحمراء قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم :

من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في فهمه ، وإلى إبراهيم في حلمه ، وإلى يحيى بن زكريا في زهده ، وإلى موسى في بطشه ، فلينظر إلى علي ابن أبي طالب.

أخرجه أبو الخير الحاكمي.

وعن ابن عباس قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : من أراد أن ينظر إلى إبراهيم في حلمه ، وإلى نوح في حكمه ، وإلى يوسف في جماله ، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

أخرجه الملا في سيرته » (١).

ذكر كتاب ذخائر العقبى

وأمّا كتابه ( ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ) الّذي قال في خطبته :

« أما بعد ، فإنّ الله تعالى قد اصطفى محمّداً على جميع من سواه ، وخصّه بما أنعمه به من فضله الباهر وحباه ، وأعلى منزلة من انتمى إليه ، سبباً أو نسبةً ، ورفع مرتبة من انطوى عليه نصرةً وصحبةً ، وألزم مودّة قرباه كافّة بريّته ، وفرض محبّة جميع أهل بيته المعظم وذريّته.

لا جرم سنح بالخاطر تدوين ما ورد في مناقبهم ، وتبيين ما روي في شريف قدرهم وعلوّ مراتبهم ، وتتبّع ما نقل في عظيم فخرهم الفاخِر ، وجمع ما ظفرت به من عميم فضلهم الباهر ، ولِمَ لا وهم هالة قمر الكون وطفاوة شمس

__________________

(١) ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى : ٩٣.

٢٠٤

البريّة وأغصان دوحة الشرف وفروع أصل الأنوار النبوية ، أعاد علينا من حلوم سنا بركتهم ، كما أعاذنا من جهل عُلوّ درجتهم وغمر في غفرانه ذنوبنا بحرمتهم ، كما غمر بإحسانه قلوبنا بمحبتهم ، وأحسن مآلنا بجاههم عليه ، كما علق أعمالنا بالتوسّل إليه ، وسمّيته كتاب ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ، ناقلاً من كتب ذوات أعدادٍ على وجه الاختصار وحذف الإسناد ، عازياً كلّ حديث إلى كتابه ، تفصّياً عن عهدة الارتياب وتسهيلاً على طلابه ، فالله أسأل أن يجعل ذلك وسيلةً إلى جنّات النعيم ، وذريعة إلى درك الفوز العظيم وتحقيق الأمل فيه لديه ، فإنّه ولي ذلك والقادر عليه.

ورتّبته على قسمين قسم يتضمن ما جاء فيهم على وجه العموم والإجمال ، وقسم يتضمّن ذلك على وجه التخصيص وتفصيل الأحوال ».

وذكره الكاتب الجلبي بقوله : « ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ، مجلّد ، لمحب الدين أحمد بن عبدالله الطبري ، المتوفى سنة ٦٩٤ » (١).

وذكره صديق حسن القنوجي ـ في ( إتحاف النبلاء ) ـ بقوله : « ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ، مجلّد ، لمحبّ الدين أحمد بن عبدالله الطبري ، المتوفى سنة ٦٩٤ ، وموضوعه من اسمه ظاهر ».

فقد ذكره الشوكاني في مرويّاته ـ في ( إتحاف الأكابر ). والدياربكري في مصادر تاريخه ( الخميس في أحوال النفس والنفيس ).

وقال محمّد الأمير في ذكر مآخذ كتابه ( الروضة الندية ) : « وأجلّ معتمدي : ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ، لإمام السنّة وحافظها محبّ الدين أحمد بن عبدالله الطبري رحمه‌الله ... ».

وقال ابن باكثير المكّي في ( وسيلة المآل في عدّ مناقب الآل ) :

__________________

(١) كشف الظنون ١ / ٨٢١.

٢٠٥

« وقد أكثرت العلماء في هذا الشأن وجمعت من جواهر مناقبهم الشريفة ما يحمّل به جيد الزمان ، ومن آخر ما جمعت في ذلك التأليف ، وأنفع ما نقلت في هذا التصنيف كتاب جواهر العقدين في فضل الشرفين لعلاّمة الحرمين السّيّد علي السمهودي تغمّده الله برحمته ، فمن ذخائر العقبى في فضل ذوي القربى ، يحقّ له أن يكتب بماء العين ، لعلاّمة الحجاز الشريف محقّق دهره وحافظ عصره المحبّ الطّبري ، لا زال الثناء عليه يحيي ذكره وقدّس الله سرّه ، وكتاب استجلاء ارتقاء الغرف بحبّ أقرباء الرّسول ذوي الشّرف ، لحافظ عصره السّخاوي نوّر الله ضريحه ، وأحلّ في غرف الجنان روحه ، وكتاب حسن السريرة في حسن السّيرة ، لصاحبنا وعمدتنا سيبويه زمانه مفرد وقته وأوانه ، محقّق العصر نادرة الدهر خلاصة ذوي الفخر الغني عن الإطناب بتعداد الألقاب والصفات بما خصّه الله تعالى به من نعوت الكمال وجزيل الهبات ، مولانا الإمام العلاّمة عبدالقادر ابن محمّد الطّبري الحسيني الخطيب الإمام بالمسجد الحرام ، ولا زالت المشكلات تنجلي بوجوده ، ولا برح جيد العلوم بتحلي بجواهر عقوده ».

وذكره ( الدهلوي ) في الكتب التي ألّفها أهل السنّة في فضائل ومناقب أهل البيت.

وقال أحمد بن باكثير المكّي ـ كما تقدّم : « ويحقّ له أنْ يكتب بماء العين لعلاّمة الحجاز الشريف محقّق دهره وحافظ عصره المحبّ الطبري ، لا زال الثّناء عليه يحيى ذكره وقدّس الله سرّه ... ».

٢٠٦

ترجمة المحب الطبري

١ ـ الذهبي : « المحب الإمام ، المحدث ، المفتي ، فقيه الحرم ... تفقّه ودرس وأفتى وصنّف ، وكان شيخ الشافعيّة ومحدّث الحجاز ... وكان إماماً صالحا زاهداً كبير الشأن ... » (١).

٢ ـ أيضاً : « الإمام ، الحافظ ، المفتي ، شيخ الحرم ... كان عالماً عاملاً جليل القدر ، عارفاً بالآثار ، ومن نظر في أحكامه عرف محلّه من الفقه والعلم ...

توفي في رمضان سنة ٦٩٤ وقيل بل في جمادى الأخرى منها » (٢).

٣ ـ وقال الذهبي : « والمحبّ الطبري ، شيخ الحرم ، أبو العباس ، أحمد ابن عبدالله بن محمّد بن أبي بكر بن محمّد بن إبراهيم المكي الشافعي ، الحافظ ، وسمع من ابن المقيّر وجماعة ، وصنّف كتاباً حافلاً في الأحكام في عدّة مجلّداًت. توفي في ذي القعدة » (٣).

٤ ـ أيضاً : « وشيخ الحرم ، الحافظ الفقيه ، محب الدين أحمد بن عبدالله الطبري ، مصنّف الأحكام ، عن ٧٧ سنة » (٤).

٥ ـ ابن الوردي : « وشيخ الحرم الحافظ ... » (٥).

٦ ـ الأسنوي : « محبّ الدين أبو العباس أحمد بن عبدالله بن محمّد الطبري ، ثمّ المكّي ، شيخ الحجاز ، كان عالماً عاملاً جليل القدر ، عالماً بالآثار

__________________

(١) تذكرة الحفاظ ٤ / ١٤٧٤.

(٢) المعجم المختص : ٢٢.

(٣) العبر في خبر من غبر ـ حوادث ٦٩٤ ، ٥ / ٣٨٢.

(٤) دول الإسلام ـ حوادث ٦٩٤.

(٥) تتمة المختصر في أخبار البشر ـ سنة ٦٩٤.

٢٠٧

والفقه ، إشتغل بقوص على الشيخ مجد الدين القشيري ، وشرح التنبيه ، وألّف كتاباً في المناسك ، وكتاباً في الألغاز ، وكتاباً نفيسا في أحاديث الأحكام.

ولد يوم الخميس ١٧ من جمادى الاخرة سنة ٦١٥.

وتوفي في سنة ٩٤ ، وقيل في ذي القعدة ، وقيل غير ذلك » (١).

٧ ـ السبكي : « شيخ الحرم وحافظ الحجاز بلا مدافعة » (٢).

٨ ـ الصفدي : « شيخ الحرم ، الفقيه ، الزاهد ، المحدّث ، درّس وأفتى ، وكان شيخ الشافعية ومحدّث الحجاز ... » (٣).

٩ ـ السيوطي : « المحبّ الطبري الإمام المحدّث ، فقيه الحرم ، وشيخ الشافعية ، ومحدّث الحجاز. كان إماماً زاهداً صالحاً كبير الشأن » (٤).

ذكر من نقل عنه

وقد أكثر العلماء من النقل لرواياته معتمدين عليها :

قال السيد شهاب الدين أحمد ، صاحب كتاب ( توضيح الدلائل ) بعد رواية :

« رواه شيخ الحرم ، والإمام المحترم ، الحافظ المحدّث المفتي الفقيه البارع الورع المدرس النبيه ، مقدّم الشافعيّة في الحجاز ، وكان ذا جاه عظيم واعتزاز ، ذو التصانيف الكثيرة والفضائل الشهيرة ، محبّ الدين أبو العبّاس ، أحمد بن عبدالله بن محمّد بن أبي بكر المكي الطبري ، في كتابه ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ».

__________________

(١) طبقات الشافعية ٢ / ١٧٩.

(٢) طبقات الشافعية ٨ / ١٨.

(٣) الوافي بالوفيات ٧ / ١٣٥.

(٤) طبقات الحفاظ : ٥١٤.

٢٠٨

وقال عبدالغفار بن إبراهيم العكّي الشافعي في ( عجالة الراكب ) : « أحمد ابن عبدالله ، شيخ الحرم ، محب الدّين ، الطبري المكي ، درّس وأفتى ، ومن تصانيف الأحكام المبسوط ، ورتّب كتاب جامع الأسانيد وشرح التنبيه ، وألّف كتاباً في المناسك ، وكتاباً في الألفاظ ، والرّياض النضرة في فضائل العشرة ، والسّمط الثمين في فضائل أمّهات المؤمنين ، وذخائر العقبى في فضائل ذوي القربى ».

وقال محمّد بن إسماعيل الأمير في آخر ( الروضة النديّة ) : « ولعلّه يقول قائل : قد أكثرتم من النقل عن الطبري ، ومن الطبري؟ ويشتاق إلى معرفة شيء من أوصافه ليكون أقرّ لعينه في قبول ما أُسند إليه.

فنقول : المحبّ الطبري هو الإمام المحدّث الفقيه ، فقيه الحرم ، محب الدين ، أبو العبّاس أحمد بن عبدالله بن محمّد بن أبي بكر الطّبري ثمّ المكي الشافعي ، مصنّف الأحكام الكبرى ، ولد سنة خمس عشرة وستمائة ، وسمع من أبي الحسن بن المقير وابن الحميري وشعيب الزعفراني وعبدالرّحمن بن أبي حرمى وجماعة ، وتفقّه ودرّس وأفتى وصنّف ، وكان شيخ الشافعية ، ومحدّث الحجاز ، وروى عنه الدمياطي من نظمه ، وأبو الحسن بن العطّار وأبو محمّد البرزالي وآخرون.

وكان إماماً صالحاً زاهداً كبير الشأن ، روى عنه أيضاً ولده قاضي مكّة جمال الدّين محمّد ، وحفيده الإمام نجم الدين قاضي مكّة ، وكتب إليّ بمرويّاته.

توفي في جمادى الآخرة سنة أربع وتسعين وستمائة ».

٢٠٩

(٢٣)

رواية السيّد علي الهمداني

ورواه العارف الشهير المحدّث الكبير السيّد علي الهمداني :

« عن جابر رضي‌الله‌عنه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم :

من أراد أنْ ينظر إلى إسرافيل في هيبته ، وإلى ميكائيل في رتبته ، وإلى جبرائيل في جلالته ، وإلى آدم في علمه ، وإلى نوح في خشيته ، وإلى إبراهيم في خلّته ، وإلى يعقوب في حزنه ، وإلى يوسف في جماله ، وإلى موسى في مناجاته ، وإلى أيوب في صبره ، وإلى يحيى في زهده ، وإلى عيسى في سنته ، وإلى يونس في ورعه ، وإلى محمّد في جسمه وخلقه ، فلينظر إلى علي ، فإنّ فيه تسعين خصلة من خصال الأنبياء ، جمعها الله فيه ولم تجمع في أحد غيره. وعدّ جميع ذلك في كتاب جواهر الأخبار » (١).

ترجمة الهمداني

١ ـ نور الدين جعفر البدخشاني : « في بيان بعض فضائل العروة الوثقى ، حضرة الرحمن الشكور الفخور بجناب الديان ، قرّة عين محمّد رسول الله ، ثمرة فؤاد المرتضى والبتول ، المطّلع على حقائق الأحاديث والتفاسير ، الممعن في السرائر بالبصيرة والتبصير ، المرشد للطالبين في الطريق السبحاني ، الموصل للمتوجّهين إلى الجمال الروحاني ، العارف المعروف بالسيّد علي الهمداني ، خصّه الله اللطيف باللطف الصمداني ، ورزقنا الإستنارة الدائمة من

__________________

(١) المودة في القربى ، أنظر ينابيع المودّة ٢ / ٣٠٦ الطبعة الحديثة.

٢١٠

النور الحقّاني ... » (١).

٢ ـ الجامي : « الأمير السيّد علي بن شهاب الدين بن محمّد الهمداني قدس‌سره. كان جامعاً بين العلوم الظاهرية والعلوم الباطنية ، وله في العلوم الباطنية مصنّفات مشهورة ، منها كتاب النقطة ، وشرح الأسماء الحسنى ، وشرح فصوص الحكم ، وشرح القصيدة الهمزية الفارضية.

كان ملازماً للشيخ شرف الدين محمود بن عبدالله المزدقاني ، إلاّ أنّه أخذ الطريقة من صاحب السرّ بين الأقطاب تقي الدين علي دوستي ، ولمّا توفّي تقي الدين علي عاد إلى الشيخ شرف الدين محمود ، فسأله عن وظيفته ، فالتفت إليه الشيخ قائلاً : الوظيفة هي أنْ تطوف أقصى بلاد العالم ، فسار في بلاد العالم كلّه ثلاث مرّات ، وفاز بصحبة أربعمائة وألف ولي من الأولياء ، حتّى لقي أربعمائة رجل منهم في مجلس واحد.

ومات في سادس ذي الحجة سنة ٧٨٦ ... » (٢).

٣ ـ الكفوي : « لسان العصر ، سيّد الوقت ، المنسلخ عن الهياكل الناسوتيّة ، والمتوسّل إلى السبحات اللاّهوتيّة ، الشيخ العارف الرباني والعالم الصمداني ، مير سيّد علي بن شهاب الدين بن محمّد بن محمّد الهمداني قدّس الله تعالى سرّه ، كان جامعاً بين العلوم الظاهرة والباطنة ، وله مصنّفات كثيرة في علم التصوف » فنقل مصنّفاته ، ثمّ نقل كلام الجامي في نفحاته ، ثمّ قال :

« وكان السيّد علي الهمداني جمع الأوراد واختارها من المشايخ الّذين كانوا في عصره وتشرف بصحبتهم ، وبأس أياديهم الشريفة واقتبس من أنوارهم القدسية ، وانتخبها من جوامع كلماتهم الإنسيّة وسمّاها الأوراد

__________________

(١) خلاصة المناقب ـ مخطوط.

(٢) نفحات الأنس من حضرات القدس : ٤٤٧.

٢١١

الفتحية ، وهي اليوم أوراد الإخوان الكيروية ، والشيخ الجليل السيّد علي الهمداني أخذ الطريقة عن تقي الدّين علي دوستي والشيخ محمود المزدقاني ، وهما عن علاء الدّولة السّمناني ثمّ قال : سمعت شيخنا وسيّدنا المولى العارف الربّاني الشيخ محمّد بن يوسف العركتى السمرقندي ، يحكي عن شيخه المخدومي عبداللطيف الجامي ، عن شيخه المخدوم الأعظم حاجي محمّد الحبوشاني ، عن شيخه شاه بيدواري ، عن شيخه محمّد الملقب بالرشيد ، عن شيخه السيد الأمير عبدالله بردشابادي ، عن شيخه المرشد الكامل والشيخ المكمل إسحاق الختلاني ، عن قدوة العارفين دليل السالكين منبع المعارف الربّانيّة معدن اللطائف السّبحانيّة السيد علي الهمداني.

إنّه لمّا جمع الأوراد الفتحيّة ، وانتخبها من جوامع كلماتهم القدسيّة على حسب ملكاتهم الإنسيّة ، رأى في منامه أنّ الملائكة يقرؤونها في شعبة جاركاه ، ويطوفون حول العرش ، وفي أيديهم طبق من نور مملوّ من اللالي والجواهر ينثرون ، ثمّ قال الشيخ محمّد السمرقندي : ولهذا مشايخنا كانوا يقرؤون في شعبة جاركاه.

ومن تصانيفه : ذخيرة الملوك وهو كتاب لطيف وإنشاء شريف مشتمل على لوازم قواعد السّلطنة الصوري والمعنويّ ، ومبني على ذكر أحكام الحكومة والولاية وتحصيل السعادة الدنيوي والأخرويّ ، على عشرة أبواب ».

٤ ـ مجد الدين البدخشاني ـ في ( جامع السلاسل ) : « ذكر الفقيه الهمداني علي الثاني مير سيّد علي الهمداني قدّس الله سرّه ، لقب بـ « علي الثاني » وقد وصفه مشايخ عصره ـ : سلطان الأولياء وبرهان الأصفياء ، قدوة العارفين ، زبدة المحقّقين ، مستجمع الأسماء والصفات ، الجامع بين

٢١٢

المتجلّيات ، محيي الشريعة والطريقة والحقيقة ، ختم المتقدّمين ، زبدة المتأخّرين ، وارث الأنبياء والمرسلين ، مرشد الأولياء إلى طريق الحق باليقين ، مركز دائرة الوجود ، الهادي إلى المقصود ، قطب الأقطاب ، الكامل المكمل الصمداني ، علي أمير كبير ، السيّد علي الهمداني ... ».

وقد وصفه غير من ذكر بمثل ما تقدّم من الأوصاف الجليلة ، كالميبدي في ( الفواتح ـ شرح ديوان أمير المؤمنين ) والشيخ أحمد القشاشي في ( السمط المجيد ) وولي الله الدهلوي في ( الانتباه في سلاسل أولياء الله ) والسيّد شهاب الدين أحمد في ( توضيح الدلائل في تصحيح الفضائل ).

(٢٤)

رواية نور الدين جعفر

وهو نور الدين جعفر بن سالار المعروف بأمير ملاّ ، خليفة السيّد علي الهمداني المذكور. فقد روى حديث التشبيه ـ في كتابه ( خلاصة المناقب ) ـ ، إذ أورد أشعار الشيخ فريد الدين العطّار النيسابوري التي تضمّنت معنى حديث التشبيه ، أوردها وهو بصدد نقل بعض فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام.

ترجمة أمير ملاّ

وتجد ترجمة نور الدين أمير ملاّ هنا في :

١ ـ كتاب الانتباه في سلاسل أولياء الله. الّذي كتبه شاه عبدالرحيم الدهلوي والد مخاطبنا ( الدهلوي ) في تراجم أعاظم علماء أهل السنّة من أهل العرفان والتصوّف ، وبيان طرقهم وسلاسلهم.

٢١٣

٢ ـ جامع السلاسل. الّذي ألّفه مجد الدين البدخشاني في نفس الموضوع.

ويكفي في جلالة قدره وعظمة شأنه كونه خليفة السيّد علي الهمداني الّذي تقدّم ذكره ، فإنّ ذلك يكشف عن تفوّقه على سائر أصحاب السيّد وتبرّزه من بينهم.

(٢٥)

رواية شهاب الدّين أحمد

ورواه السيّد شهاب الدين أحمد في كتابه ( توضيح الدلائل على تصحيح الفضائل ) حيث قال : « الباب الثامن عشر ـ في أنّه حاز خصائص أعاظم الأنبياء ، وفاز ثانياً خصال كمال أكارم الأصفياء :

عن أبي الحمراء ـ رضي الله تعالى عنه ـ قال قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وبارك وسلّم : من أراد أنْ ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوحٍ في فهمه ، وإلى إبراهيم في حلمه ، وإلى يحيى بن زكريا في زهده ، وإلى موسى في بطشه ، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

رواه الطبري وقال : أخرجه أبو الخير الحاكمي.

وعن ابن عباس ـ رضي الله تعالى عنه ـ قال قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وبارك وسلّم : من أراد أنْ ينظر إلى إبراهيم في خلّته ، وإلى نوح في حكمته ، وإلى يوسف في جماله ، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

رواه الطبري وقال : أخرجه الملاّ في سيرته ».

٢١٤

ترجمة السيد شهاب الدين أحمد

وهو : شهاب الدين أحمد بن جلال الدين عبدالله بن قطب الدين محمّد ابن جلال الدين عبدالله بن قطب الدين محمّد بن معين الدين عبدالله ابن هادي ابن محمّد ، الحسيني ، الإيجي ، الشافعي ، من أعلام القرن التاسع.

هو من أسرة فقه وحديث وتصوّف ، توفي أبوه في سنة ٨٤٠ وجدّه سنة ٧٨٥ ، وأبو جدّه سنة ٧٦٣ ، وجدّ جدّه سنة ٧١٤.

وقد ترجم له السخاوي (١).

إعتبار أخبار هذا الكتاب

وقد ذكر السيّد شهاب الدين أحمد في هذا الكتاب عبارات تفيد التزامه بنقل الأخبار المعتبرة فيه ، من ذلك قوله : « وخرّجت من كتب السنّة المصونة عن الهرج ودواوينها ، وانتهجت فيه منهج من لم ينتهج العوج عن قوانينها ، أحاديث حدث حديثها عن حدث الصّدق في الأخبار ، ومسانيد ما حدث وضع حديثها بغير الحق في الأخبار ».

وقوله : « والغرض من هذا الباب ومن تمهيد هذه القواعد أنْ لا يقوم أحد بالردّ لأخبار هذا الكتاب ، فإنّ معظمها في الصحاح والسنن ، ومرويّاتها ما توارث أهل الصلاح في السنن ».

وقوله : « واعلم أنّ كتابي هذا ـ إن شاء الله تعالى ـ خالٍ عن موضوعات الفريقين ، حالٍ بتحرّي الصّدق وتوخّي الحق وتنحّي مطبوعات الفريقين ».

__________________

(١) الضوء اللامع لأهل القرن التاسع ١ / ٣٦٧.

٢١٥

(٢٦)

رواية ملك العلماء الهندي

ورواه شهاب الدين بن عمر الزّاولي الدولت آبادي الملقّب بملك العلماء حيث قال :

« إعلم أنّ أحاديث مناقب علي كرّم الله وجهه من الأحاديث الصّحاح ، ولكن احتجاج الشيعة بها خطأ. إحتجّت الشيعة بخبر الطير. وتمام الخبر ذكرناه في الجلوة الحادية عشر من الهداية التاسعة.

واحتجّت بقوله صلّى الله عليه وسلّم : من أراد أنْ ينظر إلى آدم في علمه ...

وبآياتٍ ...

قالوا : جعله الله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وسلّم مساوياً للأنبياء ، والأنبياء أفضل من الأصحاب إجماعاً ، والمساوي للأفضل أفضل.

وأجاب أهل السنّة : بأنّه تشبيه محض ، وهو إلحاق الفرع بالأصل لمشاركته إيّاه في شيء ، ولا يدلّ التشبيه على المساواة ... ».

ثمّ إنّه ذكر الحديث الشريف بهذا اللفظ : « وقال صلّى الله عليه وسلّم :

من أراد أنْ ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى إبراهيم في حلمه ، وإلى موسى في هيبته ، وإلى عيسى في عبادته ، فلينظر إلى علي.

فشبّه عليّاً بالأنبياء » (١).

__________________

(١) هداية السعداء ـ مخطوط.

٢١٦

(٢٧)

رواية ابن الصبَّاغ المالكي

ورواه أبو الحسن علي ابن الصبّاغ المالكي حيث قال في ذكر مناقب الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام : « الخامسة عشر ـ محاسنه الجميلة واتصافه بكلّ فضيلة. فمن ذلك.

ما رواه البيهقي في كتابه الّذي صنّفه في فضائل الصّحابة ، يرفعه بسنده إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، أنّه قال : من أراد أنْ ينظر إلى نوح في تقواه ، وإلى إبراهيم في حلمه ، وإلى موسى في هيبته ، وإلى عيسى في عبادته ، فلينظر إلى علي بن أبي طالب » (١).

ترجمة ابن الصباغ

وقال في ( معجم المؤلفين ) : « علي بن محمّد بن أحمد ، نور الدين ، ابن الصبّاغ. فقيه مالكي ، أصله من سفاقس ، وولد وتوفي بمكة. من تصانيفه : الفصول المهمة لمعرفة الأئمّة وفضلهم ومعرفة أولادهم ونسلهم » (٢).

وقال صاحب ( الأعلام ) : « ابن الصبّاغ ، علي بن محمّد بن أحمد ، نور الدين ، ابن الصبّاغ ، فقيه مالكي ، من أهل مكة مولفاً ووفاةً. أصله من سفاقس. له كتب منها : الفصول المهمّة لمعرفة الأئمّة. ط. والعبر فيمن شفّه النظر. قال السخاوي : أجاز لي » (٣).

__________________

(١) الفصول المهمة في معرفة الأئمّة : ١٢٣.

(٢) معجم المؤلفين ٧ / ١٧٨.

(٣) الأعلام ٥ / ١٦١.

٢١٧

اعتبار كتاب ( الفصول المهمّة )

وكتابه ( الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة ) من الكتب المعتبرة المعتمدة : قال ابن الصبّاغ في ديباجته : « وبعد ، فعنَّ لي أن أذكر في هذا الكتاب فصولاً مهمّة في معرفة الأئمّة ، أعني الأئمّة الاثني عشر ، الّذين أوّلهم علي المرتضى وآخرهم المهدي المنتظر ، يتضمّن شيئاً من ذكر مناقبهم الشريفة ومراتبهم العالية المنيفة ، ومعرفة أسمائهم وصفاتهم وآبائهم وأُمهاتهم ، ومواليدهم ووفاتهم ، وذكر مدّة أعمارهم ، وحجّابهم وشعرائهم ، خالياً عن الإطناب المملّ والتقصير المخلّ ، آخذاً عن الإكثار المسئم إلى الإيجاز المفهم ، ولن يعرف شرفه إلاّمن وقف عليه فعرفه ، وعقدت لكلّ إمام منهم فَصلاً يشتمل كلّ فصل من الثلاثة الفصول الأوّل منها على عدّة فصول ...

وسمّيته بالفصول المهمّة في معرفة الأئمّة ، أجبت في ذلك سؤال بعض الأعزّة من الأصحاب ، والخلّص من الأحباب ، بعد أن جعلت ذلك لي عند الله ذخيرةً ورجاء في التكفير لما أسلفته من جريرة ، أو اقترفته من صغيرة أو كبيرة ، وذلك لما اشتمل عليه هذا الكتاب من ذكر مناقب أهل البيت الشهيرة ، ومآثرهم الأثيرة ، ولربّ ذي بصيرة قاصرة وعين عن إدراك الحقائق حاسرة ، يتأمل ما ألّفته ويستعرض ما جمعته ولخّصته ، فيحمله طرفه المريض وقلبه المهيض على أن ينسبني في ذلك إلى التّرفيض ... ».

وقال أحمد بن عبدالقادر العجيلي الحفظي الشافعي في ( ذخيرة المآل ) في مسألة الخنثى :

« قلت : وهذه المسألة وقعت في زمننا هذا ببلاد الحيرة ، على ما أخبرني به سيّدي العلاّمة نور الدين خلف الحيرتي ، وذكر لي أنّ الخنثى الموصوفة

٢١٨

توفّيت عن والدين ولد لبطنها وولد لظهرها ، وخلّفت تركة كثيرة ، وأنّ علماء تلك الجهة تحيّروا في الميراث ، واختلف أحكامهم ، فمنهم من قال يرث ولد الظهر دون ولد البطن ، ومنهم من قال بعكس هذا ، ومنهم من قال يقتسمان التركة ، ومنهم من قال توقف التركة حتّى يصطلح الولدان على تساو أو على مفاضلة. وأخبرني أنّ الخصام قائم والتركة موقوفة ، وأنّه خرج لسؤال علماء المغرب خصوصاً علماء الحرمين عن ذلك ، وبعد الإتّفاق به بسنتين وجدت حكم أمير المؤمنين في كتاب الفصول المهمّة في فضل الأئمّة تصنيف الشيخ الإمام علي بن محمّد الشهير بابن الصّبّاغ من علماء المالكيّة. إنتهى ».

وقال الشيخ عبدالله المطيري المدني الشافعي في ديباجة كتابه ( الرياض الزاهرة في فضل آل بيت النبيّ وعترته الطاهرة ) ما نصّه :

« الحمد لله ربّ العالمين والشكر للملهم بالهدى إلى صراط المتقين ، والصّلاة والسّلام على سيّدنا ونبيّنا محمّد عبده ورسوله ، الّذي يصلّي على خلفه عجماً وعرباً ، وأنزل عليه ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) وعلى آله وأصحابه نجوم الاقتداء وبدور الاهتداء ، صلوةً وسلاماً يدومان بدوام المنزه وجوده عن الانتهاء والابتداء.

أمّا بعد ، فيقول العبد الفقير إلى الله تعالى عبدالله بن محمّد المطيري شهرةً ، المدني حالاً : هذا كتاب سمّيته بالرّياض الزّاهرة في فضل آل بيت النّبيّ وعترته الطّاهرة ، جمعت فيه ما اطّلعت عليه ممّا ورد في هذا الشأن ، واعتنى بنقله العلماء العاملون الأعيان ، وأكثره من الفصول المهمّة لابن الصّبّاغ ، ومن الجوهر الشفّاف للخطيب ».

وقال السمهودي :

« قوله : وإنّي سائلكم غداً عنهم ، تقدم بشاهده في الذّكر الرابع ، وسبق

٢١٩

في رابع تنبيهاته قول الحافظ جمال الدّين الزرندي عقب حديث من كنت مولاه فعليّ مولاه ، قال الإمام الواحدي : هذه الولاية التي أثبتها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مسئول عنها يوم القيامة.

وروى في قوله تعالى ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) أي عن ولاية علي وأهل البيت ، لأنّ الله أمر نبيّه صلّى الله عليه وسلّم أن يعرّف الخلق أنّه لا يسألهم عن تبليغ الرسالة أجرا إلاّ المودة في القربى.

والمعنى أنّهم يسألون هل والوهم حقّ الموالاة كما أوصاهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أم أضاعوها وأهملوها فيكون عليهم المطالبة والتبعة إنتهى.

ويشهد لذلك ما أخرجه أبو المؤيّد في كتاب المناقب ، فيما نقله أبو الحسن علي السفاقسي ثمّ المكّي في الفصول المهمّة ، عن أبي هريرة رضي‌الله‌عنه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ونحن جلوس ذات يوم : والّذي نفسه بيده لا يزول قدم عن قدم يوم القيامة حتّى يسأل الله تعالى الرجل عن أربع ، عن عمره فيما أفناه ، وعن جسده فيما أبلاه ، وعن ماله ممّا اكتسبه وفيما أنفقه ، وعن حبّنا أهل البيت. فقال له عمر رضي‌الله‌عنه : يا نبيّ الله ، ما آية حبّكم؟ فوضع يده على رأس عليّ وهو جالس إلى جانبه ، فقال : آية حبّنا حبّ هذا من بعدي ... ».

وقال الحلبي في ذكر الهجرة : « في الفصول المهمّة : إنّه صلّى الله عليه وسلّم وصى عليّاً رضي الله تعالى عنه بحفظ ذمته وأداء أمانته ظاهراً على أعين الناس ، وأمره أن يبتاع رواحل للفواطم ، فاطمة بنت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، وفاطمة بنت الزبير بن عبدالمطّلب ، ولمن هاجر معه من بني هاشم ، ومن ضعفاء المؤمنين ، وشراء عليّ رضي الله تعالى عنه الرواحل مخالف لما يأتي في الأصل أنّه صلّى الله عليه وسلّم أرسل إلى علي محلة وأرسل يقول

٢٢٠