نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ١٩

السيّد علي الحسيني الميلاني

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ١٩

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٥٢

٩ ـ دول الإسلام ١ / ٢٦٩.

١٠ ـ تتمة المختصر في أخبار البشر ١ / ٥٥٩.

١١ ـ مرآة الجنان ـ حوادث سنة ٤٥٨.

١٢ ـ طبقات الشافعية للسبكي ٤ / ٨.

١٣ ـ طبقات الشافعية للأسنوي ١ / ١٩٨.

١٤ ـ طبقات الحفاظ : ٤٣٣.

١٥ ـ الوافي بالوفيات ٦ / ٣٥٤.

١٦ ـ البداية والنهاية ١٢ / ٩٤.

١٧ ـ النجوم الزاهرة ٥ / ٧٧.

١٨ ـ المرقاة في شرح المشكاة ١ / ٢٣.

١٩ ـ شذرات الذهب ٣ / ٣٠٤.

وغيرها ...

وسنترجم له فيما بعد عن بعض هذه المصادر إن شاء الله تعالى.

(١٠)

رواية ابن المغازلي

وروى الحافظ أبو الحسن ابن المغازلي الجلاّبي حديث التشبيه بإسناده عن أنس بن مالك ، حيث قال :

« قوله عليه‌السلام : من أراد أنْ ينظر إلى علم آدم وفقه نوح ، فلينظر إلى علي :

أخبرنا أحمد بن محمّد بن عبدالوهّاب ، حدّثنا الحسين بن محمّد بن

١٢١

الحسين العدل العلوي الواسطي ، حدّثنا محمّد بن محمود ، حدّثنا إبراهيم بن مهدي الابّلي حدّثنا [ إبراهيم بن سليمان بن رشيد ، حدّثنا زيد بن عطية ، حدّثنا ] ، أبان بن فيروز ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : من أراد أن ينظر إلى علم آدم وفقه نوح ، فلينظر إلى علي بن أبي طالب » (١).

ترجمة ابن المغازلي

وقد مدح السمعاني في ( الأنساب ) أبا الحسن ابن المغازلي ، ووصفه بالصفات الجميلة ، وصرّح بأنّه يروي عنه بواسطة ابنه أبي عبدالله محمّد بن علي الجلابي ، وإليك نصّ عبارته :

« الجلاّبي ، بضم الجيم وتشديد اللاّم ، وفي آخرها الباء المنقوطة بواحدة. هذه النسبة إلى الجلاّب ، والمشهور بهذه النسبة : أبو الحسن علي بن محمّد بن الطيب الجلابي المعروف بابن المغازلي ، من أهل واسط العراق. كان فاضلاً عارفاً برجالات واسط وحديثهم ، وكان حريصاً على سماع الحديث وطلبه ، رأيت له ذيل التاريخ بواسط ، وطالعته وانتخبت منه ، سمع أبا الحسن علي بن عبدالصمد الهاشمي ، وأبا بكر أحمد بن محمّد الخطيب ، وأبا الحسن أحمد بن المظفّر العطّار ، وغيرهم.

روى لنا عنه : ابنه بواسط ، وأبو القاسم علي بن طرّاد الوزير ببغداد.

وغرق ببغداد في الدجلة في صفر سنة ٤٨٣. وحمل ميتاً إلى واسط ، فدفن بها.

وابنه : أبو عبدالله محمّد بن علي بن محمّد الجلابي ، كان ولي القضاء والحكومة بواسط ، نيابةً عن أبي العباس أحمد بن بختيار المنادائي ، وكان

__________________

(١) مناقب علي بن أبي طالب : ٢١٢.

١٢٢

شيخاً عالماً فاضلاً ، سمع أباه وأبا الحسن محمّد بن محمّد بن مخلّد الأزدي ، وأبا علي إسماعيل بن أحمد بن كماري القاضي ، وغيرهم. سمعت منه الكثير بواسط في النوبتين جميعاً ، وكنت أُلازمه مدّة مقامي بواسط ، وقرأت عليه الكثير بالإجازة له عن أبي غالب محمّد بن أحمد بن بشران النحوي الواسطي » (١).

فظهر أن « ابن المغازلي » شيخ من مشايخ السّمعاني صاحب الأنساب بواسطةٍ واحدة ، وأنّ ابنه شيخ السمعاني مباشرة. وستأتي ترجمة السمعاني.

وأيضاً : فابن المغازلي من مشايخ الحافظ خميس الحوزي ، وقد نقل خميس عن ابن المغازلي ثنائه على ابن السّقا الواسطي وتعصب أهل السنّة عليه ، قال الحافظ الذهبي : « قال السلفي : سألت خميساً الحوزي عن ابن السّقا فقال : هو من مزينة مضر ، ولم يكن سقّاءً بل لقب له ، من وجوه الواسطيّين وذوي الثروة والحفظ ، رحل به أبوه فأسمعه من أبي خليفة وأبي يعلى وابن زيدان البجلي والمفضل بن الجندي ، وبارك الله في سنه وعلمه.

واتّفق أنّه أملى حديث الطير ، فلم تحمله نفوسهم ، فوثبوا به فأقاموه وغسلوا موضعه ، فمضى ولزم بيته ، فكان لا يحدّث أحداً من الواسطيين ، فلهذا قلّ حديثه عندهم. وتوفي سنة ٣٧١. حدّثني به شيخنا أبو الحسن المغازلي » (٢).

فخميس الحوزي الحافظ من تلامذة ابن المغازلي ، وستأتي ترجمته.

فهذا طرف من مناقب ابن المغازلي ، وآيات علوّ شأنه وعظمة مقامه ، وجلالة قدره ...

وممّا يدلّ على جلالة ابن المغازلي : اعتماد كبار الحفاظ والعلماء

__________________

(١) الأنساب. الجلاّبي.

(٢) تذكرة الحفاظ ١٦ / ٣٥٢.

١٢٣

الأعلام على روايات وأحاديثه ، ومن ذلك : قال الذهبي : « قال علي بن محمّد بن الطيّب الجلابي في تاريخه : ابن السقا من أئمّة الواسطيين والحفّاظ المتقنين » (١).

وقال السمهودي ـ بعد أنْ ذكر الخلاف في وجوب الصّلاة على آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « وقد قال الحافظ أبو عبدالله محمّد المذكور في كتابه نظم درر السمطين : أنّه روى عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال لعلي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه : إذا هالك أمر فقل : اللهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد ، اللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد أن تكفيني ما أخاف وأحذر ، فإنّك تكفى ذلك الأمر. ولم ينسبه الحافظ المذكور لمخرجه.

وقد روى في مسند الفردوس بغير إسناد عن علي رضي‌الله‌عنه مرفوعاً : من صلّى على محمّد وعلى آل محمّد مائة مرّة ، قضى الله له مائة حاجة.

وأخرجه الفقيه أبو الحسن ابن المغازلي في المناقب من طريق علي بن يونس العطّار ، حدّثني محمّد بن علي الكندي ، حدّثني محمّد بن مسلم ، حدّثني جعفر بن محمّد الصادق ، عن أبيه ، عن جدّه علي بن الحسين عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه رفعه » (٢).

قال : « أخرج أبو الحسن ابن المغازلي من طريق موسى بن القاسم عن علي بن جعفر : سألت أبا الحسن عن قول الله تعالى ( كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ ) قال : المشكاة : فاطمة ، و « الشجرة المباركة » : إبراهيم ، ( لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ ) : لا يهودية ولا نصرانية. ( يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ

__________________

(١) تذكرة الحفاظ ١٦ / ٣٥٢.

(٢) جواهر العقدين ٢ / ٦٥.

١٢٤

عَلى نُورٍ ). قال : منها إمام بعده إمام ، ( يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ ). قال : يهدي الله لولايتنا من يشاء. وقوله : منها إمام بعد إمام. يعني : أئمّة يقتدى بهم في الدين ، ويتمسك بهم فيه ، ويرجع إليهم » (١). وقد روى هذا الخبر أحمد بن الفضل بن محمّد بن باكثير المكي الشافعي (٢).

وروى محمود الشيخاني القادري عن ابن المغازلي « من طريق عبدالله ابن المثنى ، عن عمّه ثمامة بن عبدالله بن أنس ، عن أبيه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : إذا كان يوم القيامة ونصب الصّراط على شفير جهنّم ، لم يجز عليه إلاّمن معه كتاب ولاية علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه » (٣).

وفي ( جواهر العقدين ) : « ومن طريق سماك بن حرب ، عن حبيش ، وأخرجه أبو يعلى أيضاً من حديث أبي الطفيل عن أبي ذر رضي‌الله‌عنه بلفظ : إنّ مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق. إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة. وأخرجه البزار من طريق سعيد ابن المسيب عن أبي ذر نحوه. وكذا أخرجه الفقيه أبو الحسن ابن المغازلي وزاد : ومن قاتلنا آخر الزمان فكأنّما قاتل مع الدجال » (٤).

وقال ابن حجر المكي في ( الصواعق ) : « الآية السادسة ـ قوله تعالى : ( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ) أخرج أبو الحسن ابن المغازلي عن الباقر رضي‌الله‌عنه أنه قال في هذه الآية : نحن الناس والله » (٥).

__________________

(١) جواهر العقدين ٢ / ٩٤.

(٢) وسيلة المال ـ مخطوط.

(٣) الصراط السوي في مناقب آل النبيّ ـ مخطوط.

(٤) جواهر العقدين ٢ / ١٢١.

(٥) الصواعق المحرقة : ٩١.

١٢٥

هذا ، وقد ذكر محمّد بن معتمد خان البدخشاني كلام السمعاني السالف الذكر بعينه ، في ترجمة ابن المغازلي في كتاب ( تراجم الحفّاظ ) الذي استخرجه من كتاب ( الأنساب ).

وأمّا تاريخه ، فقد ذكر في ( كشف الظنون ) حيث جاء فيه « تواريخ واسط ـ منها : تاريخ أبي عبدالله محمّد بن سعيد بن الدبيثي الواسطي المتوفى سنة ٦٣٧ ، والذيل عليه لابن الجلاّبي » (١).

ثم إنّ ممّا يؤكّد ويحتّم كون أبي الحسن ابن المغازلي من أعلام أهل السنّة المتقنين الثقات : كلام ( الدّهلوي ) الذي قرّر فيه كون ابن المغازلي من جملة علماء أهل السنّة المؤلِّفين في فضائل علي وأهل البيت الطّاهرين ... وهذا تعريب عبارته :

« قال ابن يونس ـ وهو من كبار مجتهدي الشيعة ـ في الصّراط المستقيم : ألَّف ابن جرير كتاب الغدير ، وابن شاهين كتاب المناقب ، وابن أبي شيبة كتاب أخبار وفضائل علي ، وأبو نعيم الإصفهاني كتاب منقبة المطهّرين وما أنزل من القرآن في فضل أمير المؤمنين ، وأبو المحاسن الروياني الشافعي كتاب الجعفريات ، والموفق المكي كتاب الأربعين في فضائل أمير المؤمنين ، وابن مردويه كتاب ردّ الشمس في فضل علي ، والشيرازي نزول القرآن في شأن أمير المؤمنين ، والإمام أحمد بن حنبل كتاب مناقب أهل البيت ، والنسائي كتاب مناقب أمير المؤمنين ، والنظنزي كتاب الخصائص العلوية ، وابن المغازلي الشافعي كتاب مناقب أمير المؤمنين ، ويسمى كتاب المراتب أيضاً ، والبصري كتاب درجات أمير المؤمنين ، والخطيب كتاب الحدائق.

وقال السيّد المرتضى : سمعت عمر بن شاهين يقول : جمعت من فضائل

__________________

(١) كشف الظنون ١ / ٣٠٩.

١٢٦

علي ألف جزء.

إنتهى نقلاً عن ترجمته المسمّى بأنوار العرفان للمعين القزويني الاثنى عشري.

فلينصف المنصفون!! هل للشيعة مصنف مثل واحد من هذه التصانيف في فضائل أمير المؤمنين وأهل البيت؟!

لقد علم المطّلعون على كتب الشيعة بأنّ علمائهم جميعاً عيال على أهل السنّة في نقل فضائل أمير المؤمنين والزهراء والحسنين.

نعم قد يوجد لهم كتاب في أحوال سائر الأئمّة.

والشاهد على ما ذكرنا كتاب كشف الغمة ، والفصول المهمّة ، وغيرهما من كتب هذا الباب » (١).

فأنت ترى ( الدهلوي ) يقرر كلام ابن يونس في كون ابن المغازلي من علماء أهل السنّة ، وهذا هو ما أردنا التأكيد عليه ، وأما زعمه كون ( الفصول المهمة ) من كتب الشيعة ، فتوهم باطل ، بل هو لنور الدين ابن الصباغ المالكي ، كما سيظهر فيما بعد.

ونقل ( كشف الغمة في أحوال الأئمّة ) عن أهل السنّة إنما هو من باب الإلزام والإفحام ، وإلاّ فالكتب التي ألفها الشيعة الإمامية في فضائل أمير المؤمنين وأهل البيت عليهم‌السلام ، والأحاديث التي رووها بطرقهم في ذلك ، لا تحصى كثرةً ، كما لا يخفى على من راجع ( غاية المرام ) و ( بحار الأنوار ) وغيرهما ، لكن ( الدهلوي ) عذره جهله ...

بقي أنْ نذكر موجز ترجمة السمعاني صاحب ( الأنساب ) وترجمة خميس الحوزي ، اللذين يرويان عن ابن المغازلي.

__________________

(١) التحفة الإثنا عشرية. في حاشية التعصب الثالث عشر من الباب الحادي عشر.

١٢٧

ترجمة السمعاني الراوي عن ابن المغازلي

أمّا السمعاني صاحب الأنساب ، فهذه جمل من الثناء عليه :

١ ـ ابن خلّكان : « تاج الإسلام ... السمعاني المروزي الفقيه الشافعي الحافظ الملقب بقوام الدين. ذكره الشيخ عز الدين أبو الحسن علي بن الأثير الجزري في أوّل مختصره. فقال : كان أبو سعد واسطة عقد بيت السمعاني ، وعينهم الباصرة ويدهم الناصرة ، وإليه انتهت رياستهم وبه كملت سيادتهم.

رحل في طلب العلم والحديث إلى شرق الأرض وغربها وشمالها وجنوبها ، وسافر إلى ما وراء النهر وسائر بلاد خراسان عدّة دفعات ... وغيرها من البلاد التي يطول ذكرها ، ويتعذّر حصرها ، ولقي العلماء وأخذ عنهم وجالسهم ، وروى عنهم واقتدى بأفعالهم الجميلة وآثارهم الحميدة ، وكان عدّة شيوخه تزيد على أربعة آلاف شيخ ...

وصنّف التصانيف الحسنة الغزيرة الفائدة ...

وكان أبوه محمّد إماماً فاضلاً مناظراً محدثاً فقيهاً شافعياً حافظاً ، وله الإملاء الذي لم يسبق إلى مثله ، تكلّم على المتون والأسانيد وأبان مشكلاتها ، وله عدّة تصانيف ...

وكان جدّه المنصور إمام عصره بلا مدافعة ، أقرّ له بذلك الموافق والمخالف ، وكان حنفي المذهب ، متعيّناً عند أئمتهم ، فحج في سنة ٤٦٢ وظهر له بالحجاز ما اقتضى انتقاله إلى مذهب الإمام الشافعي ... » (١).

٢ ـ ابن الأثير : « ففي هذه السّنة توفي عبدالكريم بن محمّد بن منصور ، أبو سعيد بن أبي المظفّر السمعاني ، المروزي الفقيه الشافعي ، وكان مكثراً من

__________________

(١) وفيات الأعيان ٣ / ٢٠٩.

١٢٨

سماع الحديث ، سافر في طلبه وسمع منه ما لم يسمعه غيره ، ورحل إلى ما وراء النهر وخراسان دفعات ، ودخل إلى بلاد الجبل والإصبهان والعراق والموصل والجزيرة والشام وغير ذلك من البلاد ، وله التصانيف المشهورة ، منها : ذيل تاريخ بغداد ، وتاريخ مدينة مرو ، وكتاب النسب ، وغير ذلك ، أحسن فيها ما شاء ، وقد جمع مشيخته فزادت عدتهم على أربعة آلاف شيخ ...

وقد ذكره أبو الفرج ابن الجوزي ففظعه ، فمن جملة قوله فيه : إنّه كان يأخذ الشيخ ببغداد ويعبر به إلى فوق نهر عيسى فيقول : حدّثني فلان بما وراء النهر. وهذا بارد جدا ، فإنّ الرجل سافر إلى ما وراء النهر حقّاً ، وسمع في عامّة بلاده من عامّة شيوخه ، فأيّ حاجةٍ به إلى هذا التدليس البارد. وإنّما ذنبه عند ابن الجوزي أنّه شافعي ، وله أسوة بغيره ، فإنّ ابن الجوزي لم يبق على أحدٍ إلاّمكسري الحنابلة » (١).

٣ ـ ابن الوردي : « هو إمام ابن إمام ابن إمام أبو إمام » (٢).

٤ ـ الذهبي : « السمعاني الحافظ البارع العلاّمة تاج الإسلام ... صاحب التصانيف ... كان ذكيّاً فهماً سريع الكتابة مليحها ، درّس وأفتى ووعظ وأملى وكتب عمن دبّ ودرج ، وكان ثقة حافظاً حجّة واسع الرّحلة ، عدلاً ديّناً جميل السّيرة حسن الصّحبة كثير المحفوظ ، قال ابن النجار : وسمعت من يذكر أن عدد شيوخه سبعة آلاف شيخ ، وهذا شيء لم يبلغه أحد.

وكان مليح التصانيف ، كثير النشوار والأناشيد ، لطيف المزاح ، ظريفاً ، حافظاً ، واسع الرحلة ، ثقة صدوقاً ديناً سمع منه مشايخه وأقرانه ، وحدّث عنه

__________________

(١) الكامل في التاريخ ١١ / ٣٣٣ حوادث ٥٦٣.

(٢) تتمة المختصر في أخبار البشر ٣ / ١١٢.

١٢٩

جماعة ... » (١).

٥ ـ وقال : « محدّث المشرق ، وصاحب التصانيف الكثيرة ، والرحلة الواسعة ... كان حافظاً ، ثقة ، مكثراً ، واسع العلم ، كثير التصانيف ، ظريفاً لطيفاً ، مبجلاً نظيفاً ، نبيلاً شريفاً ... » (٢).

٦ ـ اليافعي : « مُتجملاَّ الإمام تاج الإسلام أبو سعد عبدالكريم ... السمعاني المروزي الفقيه الشافعي ... وكان حافظاً ثقة مكثراً ، واسع العلم كثير الفضائل ظريفاً لطيفاً مبجلاً لطيفاً نبيلاً شريفاً ، وصنف التصانيف الحسنة الغزيرة الفائدة ... » (٣).

٧ ـ الأسنوي : « كان إماماً عالماً فقيهاً محدثاً أديباً جميل السيرة ... » (٤).

٨ ـ السبكي : « محدّث المشرق صاحب التصانيف المفيدة الممتعة والرّياسة والسؤدد والأصالة. قال محمود الخوارزمي : بيته أرفع بيت في بلاد الإسلام وأعظمه وأقدمه في العلوم الشرعية والأمور الدينيّة. قال : وأسلاف هذا البيت وأخلافه قدوة العلماء وأسوة الفضلاء ، الإمامة مرفوعة إليهم ، والرياسة موقوفة عليهم ، بالفضل والفقاهة ، لا بالذل والوقاحة ...

ولد في الحادي والعشرين من شعبان سنة ٥٠٦ بمرو ... وعني بالحديث والسماع ، واتّسعت رحلته ، فعمّت بلاد خراسان وأصبهان وما وراء النهر والعراق والحجاز والشام وطبرستان ... وألّف معجم البلدان التي سمع بها ، وعاد إلى وطنه بمرو سنة ٥٣٨ فتزوّج ، وولد له أبو المظفر عبدالرحيم ، فرحل به إلى نيسابور ونواحيها وهراة ونواحيها وبلخ وسمرقند وبخارى ، وخرّج له معجماً ،

__________________

(١) تذكرة الحفاظ ٤ / ١٣١٦.

(٢) العبر ٤ / ١٧٨.

(٣) مرآة الجنان ٣ / ٣٧١.

(٤) طبقات الشافعية ٢ / ٥٥.

١٣٠

ثمّ عاد به إلى مرو ، وألقى عصى السفر بعد ما شقّ الأرض شقّاً ، وأقبل على التصنيف والإملاء والوعظ والتدريس ... ونشر العلم ، إلى أنْ توفي إماماً من أئمّة المسلمين في كثير من العلوم ... سنة ٥٦٢ » (١).

٩ ـ ابن قاضي شهبة : « عبد الكريم بن محمّد ... الحافظ الكبير الإمام الشهير ، أحد الأعلام من الشافعية والمحدثين ، تاج الإسلام ...

قال ابن النجار : سمعت من يذكر أنّ عدد شيوخه سبعة آلاف شيخ ، وهذا شيء لم يبلغه أحد. قال : وكان ظريفاً حافظاً واسع الرحلة ثقة صدوقاً ديناً جميل السيرة مليح التصانيف ، وسرد ابن النجار تصانيفه وذكر أنه وجدها بخطه ... » (٢).

١٠ ـ السّيوطي : « أبو سعد السمعاني الحافظ البارع ، العلاّمة ، تاج الإسلام ، عبد الكريم ، ابن الحافظ معين الدين أبي بكر محمّد ابن العلاّمة المجتهد أبي المظفر منصور ، المروزي ، ولد سنة ٥٠٦ في شعبان ، وعني بهذا الشأن ، ورحل إلى الأقاليم ، وسمع من أبي عبدالله الفراوي وزاهر الشحامي والطبقة ، وبلغت شيوخه سبعة آلاف شيخ ، وصنّف ... مات في جمادى الأولى سنة ٥٦٢ » (٣).

ترجمة خميس الراوي عن ابن المغازلي

١ ـ الذهبي : « الحوزي الحافظ الإمام محدّث واسط أبو الكرم خميس بن علي بن أحمد الواسطي ... وكان السلفي يثني عليه ويقول : كان عالماً ثقة

__________________

(١) طبقات الشافعية ٧ / ١٨٠.

(٢) طبقات الشافعية ٢ / ١١.

(٣) طبقات الحفاظ : ٤٨١.

١٣١

يملي من حفظه على كلّ حالٍ منْ سأله ... » (١).

٢ ـ أيضاً : « وفيها توفّي أبو الكرم خميس بن علي الواسطي الحوزي الحافظ ، رحل وسمع ببغداد من أبي القاسم ابن البسرى وطبقته. وكان عالماً فاضلاً » (٢).

٣ ـ اليافعي : « فيها توفّي أبو الكرم خميس بن علي الواسطي الحوزي الحافظ. وكان عالماً حافظاً شاعراً » (٣).

٤ ـ السّيوطي : « خميس بن علي بن أحمد الواسطي الجعدي أبو الكرم الحافظ محدّث واسط ، سمع ابن البسرى وأبا نصر الزينبي والطبقة. ومنه : السلفي وخلق. وكان عالماً ثقة يملي من حفظه ، عارفاً بالحديث والأدب ، جمع وجرح وعدّل. ولد سنة ٤٤٢ في شعبان. ومات سنة ٥١٠ » (٤).

(١١)

رواية شيرويه الديلمي

وروى شيرويه بن شهردار الديلمي هذا الحديث في كتابه ( الفردوس ) بقوله :

« أبو الحمراء : من أراد أن ينظر إلى آدم في وقاره ، وإلى نوح في فهمه ، وإلى موسى في شدّة بطشه ، وإلى عيسى في زهده ، فلينظر إلى علي بن أبي طالب » (٥).

__________________

(١) تذكرة الحفاظ ٤ / ١٢٦٢.

(٢) العبر. حوادث ٥١٠ ـ ٤ / ٢٠.

(٣) مرآة الجنان. حوادث ٥١٠.

(٤) طبقات الحفّاظ : ٤٥٨.

(٥) فردوس الأخبار. عن نسخةٍ مخطوطة في المكتبة الناصرية.

١٣٢

ترجمة الديلمي

١ ـ الرافعي : « شيرويه بن شهردار بن شيرويه بن فناخسرو الديلمي ، أبو شجاع ، الهمداني ، الحافظ ، من متأخّري أهل الحديث المشهورين الموصوفين بالحفظ ، كان قانعاً بما رزقه الله تعالى من ريع أملاكه ، وسمع وجمع الكثير ورحل. قال أبو سعد السمعاني : تعب في الجمع ، صنّف كتاب الفردوس ... » (١).

٢ ـ الذهبي : « المحدّث ، الحافظ ، مفيد همدان ، ومصنّف تاريخها ، ومصنّف كتاب الفردوس ... روى عنه : ابنه شهردار ، ومحمّد بن الفضل الإسفرائيني ، ومحمّد بن القاسم الساري ، والحافظ أبو العلاء أحمد بن محمّد ابن الفضل ، والحافظ أبو العلاء أحمد بن الحسن العطّار ، والحافظ أبو موسى المديني ، وآخرون ... توفي في تاسع عشر رجب سنة ٥٠٩ » (٢).

٣ ـ أيضاً : « المحدّث العالم الحافظ المؤرخ ... قال يحيى بن مندة : شاب كيس حسن ذكي القلب صلب في السنّة قليل الكلام ... » (٣).

٤ ـ أيضاً : « الحافظ صاحب كتاب الفردوس ... وكان صلباً في السنة » (٤).

٥ ـ الأسنوي : « الديلمي ذكره ابن الصلاح فقال : كان محدثاً ، واسع الرحلة ، حسن الخلق والخلق ، ذكياً ، صلباً في السنّة ، قليل الكلام ، صنّف التصانيف ، انتشرت عنه ، منها كتاب الفردوس وتاريخ همدان. ولد سنة ٤٤٥

__________________

(١) التدوين في ذكر علماء قزوين ٣ / ٨٥.

(٢) تذكرة الحفاظ ٤ / ١٢٥٩.

(٣) سير أعلام النبلاء ١٩ / ٢٩٤.

(٤) العبر في خبر من غبر. حوادث ٥٠٩ ـ ٤ / ١٨.

١٣٣

وتوفي في رجب سنة ٥٠٩ » (١).

٦ ـ السّيوطي : « الحافظ المحدّث ، مفيد همدان ومصنّف تاريخها ، وكتاب الفردوس ، سمع عبدالوهّاب بن منده وابن البسري والطبقة ، وهو حسن المعرفة ، وغيره أتقن منه » (٢).

إعتبار كتاب الفردوس

وكتابه ( فردوس الأخبار ) من الكتب النفيسة المعتبرة لدى أهل السنّة ، قد وصفه علماؤهم بأوصاف حسنة ، ونوّهوا باعتباره وشهرته :

قال علي بن شهاب الدين الهمداني في ( روضة الفردوس ) : « لمّا طالعت كتاب الفردوس من مصنّفات الشيخ الإمام العلاّمة ، قدوة المحقّقين حجة المحدّثين ، شجاع الملّة والدين ، ناصر السنّة ، أبي المحامد ، شيرويه بن شهردارالديلمي الهمداني ، أفاض الله على روحه الرحمة الرباني ، وجدته بحراً من بحور الفوائد وكنزاً من كنوز اللطائف ، مشحوناً بحقائق الألفاظ النبوية ، مخزوناً في حدائق فصوله دقائق الآثار المصطفويّة ... » (٣).

وقال الثعالبي في ( مقاليد الأسانيد ) : « الفردوس للديلمي ـ أخبرني به قرائةً عليه ، أي على الشيخ نور الدين علي بن محمّد بن عبدالرحمن الأجهوري ، في حرف اللام ... وإجازة لسائره ... » (٤).

وقال ولده شهردار بن شيرويه الديلمي في ( مسند الفردوس ) : « وهو كتاب نفيس ، عزيز الوجود ، مفتون به ، جامع للغرر والدرر النبوية والفوائد.

__________________

(١) طبقات الشافعية ٢ / ١٠٤.

(٢) طبقات الحفّاظ : ٤٥٧.

(٣) روضة الفردوس ـ خطبة الكتاب.

(٤) مقاليد الأسانيد ـ في ذكر مسند الفردوس.

١٣٤

الجمّة ، والمحاسن الكثيرة ، قد طنّت به الآفاق وتنافست في تحفّظه الرفاق ، لم يصنّف في الإسلام مثله تفصيلاً وتبويباً ، ولم يسبقه إليه من سلافة الأيّام ترصيفاً وترتيباً ... » (١).

وفي ( كشف الظنون ) : « فردوس الأخبار بمأثور الخطاب المخرَّج على كتاب الشهاب ، في الحديث ، لأبي شجاع شيرويه بن شهردار بن شيرويه بن فناخسرو الهمداني الديلمي ... واقتفى السيوطي أثره في جامعه الصغير ... » (٢).

وقال عبدالرؤوف المناوي : « مسند الفردوس المسمّى بمأثور الخطاب المخرج على كتاب الشهاب. والفردوس للإمام عماد الإسلام أبي شجاع الديلمي ، ألَّفه محذوف الأسانيد مرتّباً على الحروف ، ليسهل حفظه ، وأعلم بأزائها بالحروف للمخرجين كما مرّ.

ومسنده لولده الحافظ أبي منصور شهردار بن شيرويه ، خرّج مسند كلّ حديث ، وسمّاه : إبانة الشبهة في معرفة كيفية الوقوف على ما في كتاب الفردوس من علامة الحروف » (٣).

وقال الأدفوي ـ في ( الإمتاع ) ـ في الإستدلال على جواز الغنا وعدم دلالة قوله تعالى : ( وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ ) على الحرمة ، قال : « وما رشحوه به من أن إبليس أول من تغنّى لو صحّ لم يكن فيه حجة ، فما كلّ ما فعله إبليس حراماً ، فقد روى الحافظ شجاع الدين شيرويه في كتابه المسمّى بالفردوس بمأثور الخطاب المرتّب على كتاب الشهاب بسنده : إنّ إبليس أوّل من حدا ، وليس الحدا حراماً إتّفاقاً ، فإنّ ادعوا أنّ الدليل دلّ على

__________________

(١) مسند الفردوس ـ خطبة الكتاب.

(٢) كشف الظنون : ١٢٥٤.

(٣) فيض القدير في شرح الجامع الصغير ١ / ٢٨.

١٣٥

إباحة الحداء فخرج بدليل. قلنا : قد دلّ الدليل على إباحة الغناء ، ولم يثبت من طريق المنع عنه ».

هذا كلام الأدفوي الذي ترجم له الأسنوي الشافعي بقوله : « كمال الدين أبو الفضل جعفر بن وعد الله الأدفوي ... كان فاضلاً مشاركاً في علوم متعددة ، أديباً شاعراً ذكياً كريماً ، طارحاً للتكلّف ، ذا مروّة كبيرة ، صنّف في أحكام السّماع كتاباً نفيساً سمّاه بالإمتاع ، أبان فيه عن اطّلاع كبير ، فإنّه كان يميل إلى ذلك ميلاً كبيراً ويحضره. سمع وحدّث ودرّس ... » (١).

هذا ، وإنّ ( الدهلوي ) نفسه يتمسّك ببعض الأخبار الموضوعة التي أوردها الديلمي في كتابه ، واصفاً الديلمي بأنّه من مشاهير المحدّثين ، بل يدّعي كونه مقبولاً لدى الشيعة أيضاً ، قال ( الدهلوي ) بعد أنْ ذكر ( رؤياً ) : « وأخرجه بهذا السياق أبو شجاع شيرويه الديلمي في كتاب ( المنتقى ) عن ابن عباس ، وهو من مشاهير المحدثين ، والشيعة تثق به أيضاً » قال ( الدهلوي ) :

« ورؤيا الإمام الحسن أيضاً مشهورة ، وطريقها صحيح ، أخرج الديلمي في كتاب ( المنتقى ) : « عن الحسن بن علي ، قال : ما كنت لأُقاتل بعد رؤيا رأيتها ، رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم واضعاً يده على العرش ورأيت أبا بكر واضعاً يده على منكب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، ورأيت عمر واضعاً يده على منكب أبي بكر ، ورأيت عثمان واضعا يده على منكب عمر ، ورأيت دما دونه ، فقلت : ما هذا؟ فقالوا : دم عثمان يطلب الله به.

وروى ابن السّمان عن قيس بن عباد قال : سمعت عليّاً يوم الجمل يقول : اللهمّ إنّي أبرأ إليك من دم عثمان ، ولقد طاش عقلي يوم قتل عثمان ، وأنكرت نفسي ، وجاؤني للبيعة فقلت : ألا أستحيي من الله! أبايع قوما قتلوا رجلاً قال له

__________________

(١) طبقات الشافعية ١ / ٨٦.

١٣٦

رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : ألا أستحيي من رجل تستحيي منه الملائكة! وإنّي لأستحيي من الله أن أبايع وعثمان قتيل على الأرض لم يدفن ، فانصرفوا فلمّا دفن رجع الناس يسألون البيعة فقلت : اللهمّ إنّي مشفق ممّا أُقدم عليه. ثمّ جاءت غزيمة فبايعت. قال فقالوا : يا أمير المؤمنين. فكأنّما صدع قلبي ... » (١).

فهذا ما ينقله ( الدهلوي ) عن ( الديلمي ) معتمداً عليه ، لإثبات فضيلة ومنقبة لعثمان بن عفان ، ولم يذكر للديلمي مشاركاً في نقل الحكاية إلاّ ابن السّمان الذي يشاركه في الرؤيا الأولى أيضاً ... فالديلمي معتمد موثوق به لدى ( الدهلوي ) بل يدّعي ثقة الشيعة به أيضاً.

وإذا كان كذلك ، فلماذا ينفي ( الدهلوي ) كون حديث ( التشبيه ) من أحاديث أهل السنّة ، وينكر وجوده في كتابٍ من كتبهم ولا بطريقٍ ضعيف ، مع أنه من أحاديث ( الفردوس للديلمي ) وقد وافقه في روايته جمع كبير من مشاهير حفاظ أهل السنّة وعلمائهم الأعلام؟!

وأيضاً : لماذا أعرض ( الدهلوي ) عن حديث ( الولاية ) ، مع أنّ ( الديلمي ) من رواته ، فقد رواه بطريقين ووافقه على روايته أئمة الحديث وأصحاب الصحاح ، بل قد رواه ( الدهلوي ) نفسه وأبوه ولي الله الدهلوي؟!

قال عزّ وجلّ : ( وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ ) (٢).

بل لقد ادّعى ( الدهلوي ) بطلان هذا الحديث من أصله :

( وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ ) (٣).

__________________

(١) التحفة الإثنا عشرية : ٣٢٩.

(٢) سورة الأنعام : ٤.

(٣) سورة غافر : ٥.

١٣٧

( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً ) ( وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ) (١).

لكن ( سيف الله الملتاني ) المروج لأقوال ( الدهلوي ) والناسج على منواله ، يضطر إلى أن يقول في الجواب عن استدلال الإمامية بحديث يرويه ( الديلمي ) : « والإنصاف هو الاعتراف بأنّ أحاديث كتاب الفردوس للديلمي غير معتبرة لدى أهل السنّة فضلاً عن الشيعة ».

فانظر ـ رحمك الله إلى هذا التناقض والتكاذب بين الأصل والفرع والتابع والمتبوع!!

وأمّا الحكايات السخيفة التي يذكرها ( الدهلوي ) عن ( الديلمي ) في شأن عثمان ، فبطلانها ظاهر لمن راجع كتاب ( تشييد المطاعن ).

(١٢)

رواية العاصمي

وقال العاصمي صاحب ( زين الفتى بتفسير سورة هل أتى ) في خطبة كتابه : « أمّا بعد ، فقد سألني بعض من أوجبت المودّة في الله سبحانه حقه وذمامه ، وألزمت نفسي إتحافه وإكرامه ، لما اتفق في الإختلاف إلينا أيامه أن أذكر نكتاً من شرح سورة الإنسان ، وأجعل ذلك إليه من غرر الصنائع والإحسان ، بعد ما رآني لخّصت بعض فوائد سورة الرحمن ، واستخرجت أصولاً في علوم القرآن.

ثمّ راجعني مرّة بعد أخرى ، ليكون ذلك له عظةً وذكرى ، فرأيت الاشتغال بإسعافه أولى وأحرى ، مراعاةً لحقوقه وحقوق أسلافه ، ومبادرة إلى

__________________

(١) سورة الأعراف : ١٤٦.

١٣٨

إنعامه وإتحافه ، ومحاماة على أوليائه وأخلافه.

فابتدأت بعد الإستخارة معتصماً بالله سبحانه ، فإنّه نعم المولى ونعم النصير ، وراغباً إليه فيما وعد من الأجر ، فإنّ ذلك عليه سهل يسير وعلى ما يشاء قدير.

ولقد كان من أوكد ما دعاني إليه ، وأشدّ ما حداني عليه ـ بعد الذي قدّمت ذكره وبيّنت أمره ـ ظنّ بعض الجهلاء الأغتام والمغفّلة الذين هم في بلاده الأغنام ، بنا معاشر آل الكرام وجماعة أهل السنّة والجماعة بالأحكام ـ أنّا نستجيز الوقيعة في المرتضى رضوان الله عليه وحباه خير ما لديه ، وفي أولاده ثمّ في شعبه وأحفاده ، وكيف نستجيز ذلك وهو الذي قال [ فيه ] النبيّ صلّى الله عليه : من كنت مولاه فعليّ مولاه. وهذا حديث تلقّته الأئمّة بالقبول ، وهو موافق للأصول » (١).

قال : « وقد كنّا وعدنا أن نذكر طرفاً من ذكر مشابه المرتضى رضوان الله عليه ، وأشرنا إليه حيث ذكرنا افتتاح الله سبحانه هذه السّورة بحديث آدم عليه‌السلام ، إذ في المرتضى رضوان الله عليه مشابهة من أبينا آدم عليه‌السلام ، ثمّ من بعض الأنبياء عليهم‌السلام بعده :

فأوّلهم آدم عليه‌السلام ، ثمّ نوح عليه‌السلام ، ثمّ إبراهيم الخليل عليه‌السلام ، ثمّ يوسف الصدّيق عليه‌السلام ، ثمّ موسى الكليم عليه‌السلام ، ثمّ داود ذو الأيد عليه‌السلام ، ثمّ سليمان الشاكر عليه‌السلام ، ثمّ أيّوب الصابر عليه‌السلام ، ثمّ يحيى بن زكريّا عليه‌السلام ، ثمّ عيسى الروح عليه‌السلام ، ثمّ محمّد المصطفى عليه‌السلام.

وأنا أفرد لكلّ واحدٍ منهم فصلاً مشتملاً على ما فيه ، لينظر فيه العاقل ، فيستدلّ به على ما وراءه. والله الموفّق للصواب.

١٣٩

والذي يؤيّد ما ذهبنا إليه من ذكر المشابه حديث :

أخبرنيه جدّي أحمد بن المهاجر [ رحمه‌الله ] قال : حدّثنا أبو جعفر الرازي مستملي أبي يحيى البزاز ، قال : حدّثنا مسلم ، عن عبيدالله بن موسى العبسي ، عن أبي عمر الأزدي ، عن أبي راشد الحبراني ، عن أبي الحمراء :

عن النبيّ صلّى الله عليه أنّه قال : من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في فهمه ، وإلى إبراهيم في حلمه ، وإلى موسى في بطشه ، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

وأخبرنا محمّد بن أبي زكريا الثقة قال : أخبرنا أبو الحسين محمّد بن أحمد بن جعفر الجوري ، قال : حدّثنا أبو جعفر محمّد بن أحمد بن سعيد الرازي ، وأخبرني شيخي أحمد بن محمّد [ رحمه‌الله ] قال : أخبرنا أبو أحمد إبراهيم بن علي الهمداني قال : حدّثنا أبو جعفر الرازي ، وسياق الحديث لأبي الحسين ، قال : حدّثنا أبو عبدالله محمّد بن مسلم قال : حدّثنا عبيدالله بن موسى العبسي قال : حدّثنا أبو عمر الأزدي ، عن أبي راشد الحبراني عن النبيّ صلّى الله عليه قال :

من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في فهمه ، وإلى إبراهيم في حلمه ، وإلى يحيى بن زكريا في زهده ، وإلى موسى بن عمران في بطشه ، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

وأخبرنا محمّد بن يحيى الثقة قال : أخبرنا أبو سهل العاصمي ببلخ بقراءتي عليه قال : حدّثنا أبو بكر بن طرخان قال : حدّثنا محمّد بن مالك بن هاني المكتّب الكندي قال : حدّثنا أحمد بن أسد قال : حدّثنا عبيدالله بن موسى ، عن أبي عمر الأزدي ، عن أبي راشد ، عن أبي الحمراء قال :

كنّا جلوساً مع النبيّ صلّى الله عليه ، فأقبل علي بن أبي طالب ،

١٤٠