نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ١٩

السيّد علي الحسيني الميلاني

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ١٩

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٥٢

الحاكم أبو أحمد محمّد بن محمّد بن أحمد بن إسحاق النيسابوري ، وليس له ذكر في هذا الكتاب ، وهو الأكبر. والثاني : الحاكم أبو عبدالله محمّد بن عبدالله ابن محمّد بن حمدويه النيسابوري ، صاحب المستدرك على الصحيحين ، وتاريخ نيسابور ، وغير ذلك من المصنّفات ، وهو الأشهر » (١).

تمسّك ( الدّهلوي ) ووالده بروايات الحاكم

ثمّ إنّ وليّ الله الدهلوي قد ذكر الحاكم النّيسابوري في عداد المجدّدين للدين الحنيف في المائة الرابعة. ونصّ في مقدّمة كتابه ( فتح الرحمن في ترجمة القرآن ) على أنّ « أصحّ التّفاسير ، وهي : تفسير البخاري ، وتفسير مسلم ، وتفسير الترمذي ، وتفسير الحاكم » وناهيك به جلالةً ووثوقاً.

أمّا ( الدهلوي ) نفسه ، فقد اعتمد على روايات الحاكم واستند إليها في مقابلة أهل الحق في مواضع عديدة من كتابه ( التحفة ) ، كما لا يخفى على من راجعه ، ومن ذلك : في الجواب عن المطعن الخامس عشر من مطاعن أبي بكر ، وفي الجواب عن المطعن الرابع من مطاعن أبي بكر ، وفي المكيدة الثانية بعد المائة ، والمكيدة الحادية والتسعين ... قال في المكيدة الحادية والتسعين : « وكيف يوالي أهل السنّة أعداء أهل البيت وهم يروون في كتبهم الروايات الصريحة في أنّ : « من مات وهو مبغض لال محمّد دخل النار وإن صلّى وصام » أخرجه الطبراني والحاكم!! » (٢).

أقول : فإذا كان الحاكم ممّن يعتمد على رواياته ، ومن الحائزين لتلك المقامات الرفيعة والدرجات الجليلة ، فكيف ينكر ( الدهلوي ) صحّة أحاديث

__________________

(١) تراجم الحفاظ ـ مخطوط.

(٢) التحفة الاثنا عشرية : ٢٨٢.

١٠١

يرويها الحاكم فيمن يرويها ، كحديث الولاية ، وحديث الطير ، وحديث أنا مدينة العلم!!

اعتبار تاريخ الحاكم

قد عرفت أنّ الحاكم يروي حديث التشبيه في ( تاريخ نيسابور ) ، كما عرفت من كلمات القوم في ترجمة الحاكم أنّة قد رزق الحسن في التصنيف ، وأنّ تصانيفه كلّها مفيدة معتبرة مشهورة ...

وفي وصف ( تاريخ نيسابور ) بالخصوص ، قال السبكي : « قد كانت نيسابور من أجل البلاد وأعظمها ، لم يكن بعد بغداد مثلها ، وقد عمل لها الحافظ أبو عبدالله الحاكم تاريخاً خضع له جهابذة الحفاظ ، وهو عندي سيّد التواريخ ، وتاريخ الخطيب وإن كان أيضاً من محاسن الكتب الإسلاميّة ، إلاّ أن صاحبه طال عليه الأمر ، وذلك لأنّ بغداد وإن كانت في الوجود بعد نيسابور ، إلاّ أنّ علماءها أقدم ، لأنّها كانت دار وبيت رياسة ، قبل أن ترتفع أعلام نيسابور ، ثمّ إنّ الحاكم قبل الخطيب بدهر ، والخطيب جاء بعده فلم يأت إلاّوقد دخل بغداد من لا يحصى عدداً فاحتاج إلى نوع من الاختصار في تراجمهم ، وأمّا الحاكم فأكثر من يذكره من شيوخه أو شيوخ شيوخه ، أو ممّن تقارب من دهره ، لتقدم الحاكم وتأخر علماء نيسابور ، فلما قل العدد عنده كثر المقال ، وأطال في التراجم واستوفاها ، والخطيب واضح العذر الذي أبديناه » (١).

وفي ( كشف الظنون ) : « تواريخ نيسابور ـ منها : تاريخ الإمام أبي عبدالله محمّد بن عبدالله الحاكم النيسابوري ، المتوفى سنة ٤٠٥. وهو كبير ، أوّله :

__________________

(١) الشافعية الكبرى ١ / ٣٢٤.

١٠٢

الحمد لله الذي اختار محمّداً الخ. قال ابن السبكي في طبقاته : وهو التاريخ الذي لم تر عيني تاريخاً أجلً منه ، وهو عندي سيّد الكتب الموضوعة للبلاد ... » (١).

(٧)

رواية ابن مردويه

قال الموفق بن أحمد الخوارزمي : « أخبرني شهردار هذا إجازة ، قال : أخبرنا أبو الفتح عبدوس بن عبدالله بن عبدوس الهمداني إجازةً ، عن الشريف أبي طالب المفضل بن محمّد بن طاهر الجعفري بإصبهان ، عن الحافظ أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه بن فورك الإصبهاني ، قال : حدّثنا محمّد بن أحمد ابن إبراهيم قال : حدّثنا الحسين بن علي بن الحسين السلولي ، قال : حدّثني سويد بن معسر بن يحيى بن حجاج النهدي ، حدّثنا أبي ، حدّثنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث الأعور صاحب راية علي بن أبي طالب قال :

بلغنا أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان في جمع من أصحابه ، فقال : أريكم آدم في علمه ونوحاً في فهمه وإبراهيم في حكمته. فلم يكن بأسرع من أنْ طلع علي. فقال أبو بكر : يا رسول الله ، أقست رجلاً بثلاثةٍ من الرّسل ، بخ بخ لهذا الرجل ، من هو يا رسول الله؟ قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : ألا تعرفه يا أبا بكر؟ قال : الله ورسوله أعلم. قال : أبو الحسن علي ابن أبي طالب. قال أبو بكر : بخ بخ لك يا أبا الحسن ، وأين مثلك يا أبا الحسن » (٢).

__________________

(١) كشف الظنون ١ / ٣٠٨.

(٢) مناقب أمير المؤمنين : ٤٤ ـ ٤٥.

١٠٣

ترجمة ابن مردويه

١ ـ الذهبي : « ابن مردويه ، الحافظ الثبت ، العلاّمة ، أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الاصبهاني ، صاحب التفسير والتاريخ وغير ذلك. روى عن : أبي سهل بن زياد القطان ، وميمون بن إسحاق الخراساني ...

وروى عنه : أبو القاسم عبدالرحمن بن مندة ، وأخوه عبدالوهاب ، وأبو الخير محمّد بن أحمد ، وأبو منصور محمّد بن شكرويه ، وأبو بكر محمّد بن الحسن بن محمّد بن سليم ، وأبو عبدالله الثقفي الرئيس ، وأبو مطيع محمّد بن عبد الواحد المصري ، وخلق كثير.

وعمل المستخرج على صحيح البخاري ، وكان قيّماً بمعرفة هذا الشأن ، بصيراً بالرجال ، طويل الباع ، مليح التصانيف. ولد سنة ٣٢٣. ومات لست بقين من رمضان سنة ٤١٠. يقع عواليه في الثقفيات وغيرها » (١).

٢ ـ ابن القيّم : بعد ذكر حديث : « هذا حديث كبير جليل ، تنادي جلالته وفخامته وعظمته على أنّه قد خرج من مشكاة النبوة ، لا يعرف إلاّ من حديث عبد الرحمن بن المغيرة بن عبدالرحمن المدني ، رواه عن إبراهيم بن حمزة الزبيري ، وهما من كبار علماء المدينة ، ثقتان محتجّ بهما في الصحيح ، إحتج بهما إمام أهل الحديث محمّد بن إسماعيل البخاري ، ورواه أئمّة السنّة في كتبهم ، وتلقّوه بالقبول ، وقابلوه بالتسليم والإنقياد ، ولم يطعن أحد منهم فيه ولا في أحدٍ من رواته.

فممّن رواه الإمام ابن الإمام أبو عبدالرحمن عبدالله بن أحمد بن حنبل ، في مسند أبيه ، وفي كتاب السنّة ...

__________________

(١) تذكرة الحفاظ ٣ / ٢٣٨.

١٠٤

ومنهم : الحافظ الجليل أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل ، في كتاب السنّة ، له.

ومنهم : الحافظ أبو أحمد محمّد بن أحمد بن إبراهيم بن سليمان العسّال ، في كتاب المعرفة.

ومنهم : حافظ زمانه ومحدّث أوانه أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيّوب الطبراني ، في كثير من كتبه.

ومنهم : الحافظ أبو محمّد عبدالله بن محمّد بن حيّان أبو الشيخ الإصبهاني ، في كتاب السنّة.

ومنهم : الحافظ ابن الحافظ أبو عبدالله محمّد بن إسحاق بن محمّد بن يحيى بن مندة حافظ أصبهان.

ومنهم : الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه.

ومنهم : حافظ عصره أبو نعيم أحمد بن عبدالله بن إسحاق الأصبهاني.

وجماعة من الحفّاظ سواهم يطول ذكرهم » (١).

٣ ـ السبكي : ذكر « ابن مردويه » في طبقة « الحاكم » كما تقدّم في عبارته المنقولة بترجمة الحاكم.

٤ ـ السّيوطي : « ابن مردويه الحافظ الكبير العلاّمة ... (٢).

٥ ـ الزرقاني : « أبو بكر الحافظ ، أحمد بن موسى بن مردويه الإصبهاني ، اللبيب العلاّمة ، ولد سنة ٣٢٣ ، وصنّف التاريخ والتفسير والمسند والمستخرج على البخاري ، وكان قيّماً بهذا الشأن ، بصيراً بالرجال ، طويل الباع ، مليح التصنيف ، مات لست بقين من رمضان سنة ٤١٠. قال الحافظ ابن

__________________

(١) زاد المعاد في هدي خير العباد ٣ / ٥٦.

(٢) طبقات الحفاظ : ٤١٢.

١٠٥

ناصر في مشتبه النسبة : ( مردويه ) بفتح الميم. وحكى ابن نقطة كسرها عن بعض الأصبهانيين ، والراء ساكنة والدال المهملة مضمومة ، والواو ساكنة ، والمثناة من تحت مفتوحة تليها هاء » (١).

« الحافظ » في الاصطلاح

لقد وصف القوم ابن مردويه بصفة « الحافظ » وتجد ذلك أيضاً في الأنساب (٢) وتاريخ ابن كثير (٣) وكشف الظنون (٤) وغيرها من الكتب ، ولا يخفى على أهل العلم ما لهذا اللقب من قيمة في اصطلاحهم :

قال نور الدين علي بن سلطان القاري ـ في شرح الشمائل : « الحافظ ـ المراد به حافظ الحديث لا القرآن ، كذا ذكره ميرك. ويحتمل أنّه كان حافظاً للكتاب والسنّة.

ثم « الحافظ » في اصطلاح المحدّثين : من أحاط علمه بمائة ألف حديث متنا وإسناداً. و « الطالب » هو المبتدي الراغب فيه. « والمحدّث » و « الشيخ » و « الإمام » هو الأستاذ الكامل. و « الحجة » من أحاط علمه بثلاثمائة ألف حديث متناً وإسناداً ، وأحوال رواته جرحاً وتعديلاً وتاريخاً ، و « الحاكم » هو الذي أحاط علمه بجميع الأحاديث المرويّة كذلك.

وقال ابن الجوزي : « الراوي » ناقل الحديث بالإسناد ، و « المحدّث » من تحمل روايته واعتنى بدرايته ، و « الحافظ » من روى ما وصل إليه ووعى ما يحتاج لديه ».

__________________

(١) شرح المواهب اللدنية ١ / ١٨٢.

(٢) الأنساب. ترجمة حمزة بن الحسين المؤدب الإصبهاني ١ / ١٨٣.

(٣) تاريخ ابن كثير. في ذكر حديث الطير ، من مناقب أمير المؤمنين بترجمته.

(٤) كشف الظنون ١ / ٤٣٩.

١٠٦

وقال الشعراني : « وكان الحافظ ابن حجر يقول : الشروط التي إذا اجتمعت في الإنسان سمّي حافظاً هي : الشهرة بالطلب والأخذ من أفواه الرجال والمعرفة بالجرح والتعديل لطبقات الرواة ومراتبهم ، وتمييز الصحيح من السقيم ، حتّى يكون ما يستحضره من ذلك أكثر ممّا لا يستحضره ، مع استحفاظ الكثير من المتون. فهذه الشروط من جمعها فهو حافظ » (١).

وقال البدخشاني : « الحافظ ـ يطلق هذا الاسم على من مهر في فن الحديث ، بخلاف المحدث » (٢).

ابن مردويه شيخ من انتهى إليه علوّ الإسناد بإصبهان

قد عرفت من عبارة ( تذكرة الحفاظ ) رواية جماعة من الأعلام ومشاهير الأئمّة ـ كابن مندة ـ عن ابن مردويه ، وقد تقرر لدى أهل السنّة المحقّقين أنّ رواية العدل الواحد عن شخص كافية للدلالة على وثاقة المروي عنه.

هذا ، وابن مردويه الأصبهاني الحافظ من شيوخ أبي مطيع المديني الذي « انتهى إليه علوّ الإسناد بأصبهان » كما وصفه الحافظ الذهبي حيث ترجمه بقوله : « أبو مطيع محمّد بن عبدالواحد المديني ، المصري الأصل ، الصحّاف ، الناسخ ، عاش بضعاً وتسعين سنة ، إنتهى إليه علوّ الإسناد بأصبهان ، روى عن أبي بكر ابن مردويه والنقاش وابن عقيل الباوردي وطائفة » (٣).

وناهيك بهذا شأناً ومقاماً ورفعة.

__________________

(١) لواقح الأنوار في طبقات الأخيار ـ ترجمة السيوطي.

(٢) تراجم الحفاظ ـ مخطوط.

(٣) العبر في خبر من غبر ٣ / ٣٤٨.

١٠٧

اعتماد الحفاظ على كتبه

وممّا يدلّ على عظمة ابن مردويه وجلالته ، اعتماد كبار الحفّاظ على رواياته ، وكتبه ، كاعتمادهم على الشيخين وأضرابهما ... قال ابن الجزري :

« وقد رمزت الكتب التي خرجت منها هذه الأحاديث بحروف تدلّ على ذلك سلكت فيها أخصر المسالك ، فجعلت علامة صحيح البخاري « خ » ومسلم « م » وسنن أبي داود « د » والترمذي « ت » والنسائي « س » وابن ماجة القزويني « ق ». وهذه الأربعة « عة ». وهذه الستة « ع ». وصحيح ابن حبان « حب » وصحيح المستدرك « مس » وأبي عوانة « عو » وابن خزيمة « مه » والموطأ « طا » وسنن الدارقطني « قط » ومصنف ابن أبي شيبة « مص » ومسند الإمام أحمد « آ » والبزار « ر » وأبي يعلى الموصلي « ص » والدارمي « مي » ومعجم الطبراني « ط » والأوسط « طس » والصغير « صط » والدعاء له « طب » ولابن مردويه « مر » وللبيهقي « قي » والسنن الكبير له « سنى » وعمل اليوم والليلة لابن السني « ي » ...

فليعلم أني أرجو أن يكون جميع ما فيه صحيحا ... » (١).

__________________

(١) الحصن الحصين ـ خطبة الكتاب.

١٠٨

(٨)

رواية أبي نعيم

قال محمّد صدر العالم : « أخرج أبو نعيم في فضائل الصّحابة مرفوعاً : إنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال : من سرّه أن ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوحٍ في فهمه وإلى إبراهيم في خلّته ، فلينظر إلى علي بن أبي طالب » (١).

ترجمة أبي نعيم

١ ـ الفخر الرازي : « وأما المتأخّرون من المحدثين ، فأكثرهم علماً ، وأقواهم قوّةً ، وأشدهم تحقيقاً في علم الحديث هؤلاء ، وهم : أبو الحسن الدارقطني ، والحاكم أبو عبدالله الحافظ ، والشيخ أبو نعيم الأصبهاني ... فهؤلاء صدور هذا العلم بعد الشيخين ، وهم بأسرهم متّفقون على تعظيم الشافعي والمبالغة في الثناء عليه » (٢).

٢ ـ ابن خلّكان : « الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبدالله بن أحمد بن إسحاق ابن موسى بن مهران الأصبهاني ، الحافظ المشهور ، صاحب كتاب حلية الأولياء ، كان من أعلام المحدثين ، وأكابر الحفّاظ الثقات. أخذ عن الأفاضل ، وأخذوا عنه وانتفعوا به ، وكتابه لحلية من أحسن الكتب ...

وتوفي في صفر ، وقيل يوم الاثنين الحادي والعشرين من المحرّم ، سنة ٤٣٠ بأصبهان ، رحمه الله تعالى » (٣).

__________________

(١) معارج العلى في مناقب المرتضى ـ مخطوط.

(٢) فضائل الشافعي ، وقد تقدّم نصه.

(٣) وفيات الأعيان ١ / ٩١.

١٠٩

٣ ـ ابن تيمية : « فلكلّ علم رجال يعرفون به ، والعلماء بالحديث أجلّ هؤلاء قدراً ، وأعظمهم صدقاً ، وأعلاهم منزلة ، وأكثرهم ديناً ، وهم من أعظم الناس صدقاً وديناً وأمانةً وعلماً وخبرة فيما يذكرونه من الجرح والتعديل ، مثل :

مالك ، وشعبة ، وسفيان ، ويحيى بن سعيد القطّان ، وعبد الرحمن ابن مهدي ، وابن المبارك ، ووكيع ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق بن راهويه ، وأبي عبيد ، معين ، وابن المديني ، والبخاري ، ومسلم ، وأبي داود ، وأبي زرعة ، وأبي حاتم ، والنسائي ، والعجلي ، وأبي أحمد ابن عدي ، وأبي حاتم البستي ، والدارقطني ، وأمثال هؤلاء خلق كثير لا يحصى عددهم ...

وقد صنّف الناس كتباً في الأخبار صغاراً وكباراً ، مثل :

الطبقات لابن سعد ...

وصنفت كتب الحديث تارة على المسانيد وتارةً على الأبواب ، فمنهم من قصد مقصد الصحيح ، كالبخاري ، ومسلم ، وابن خزيمة ، وأبي حاتم وغيرهم ، ومنهم من خرَّج على الصحيحين ، كالإسماعيلي ، والبرقاني ، وأبي نعيم وغيرهم ، ومنهم من خرَّج أحاديث السنن ، كأبي داود والنسائي وابن ماجة وغيرهم ... » (١).

٤ ـ ابن القيّم ـ في عبارته المتقدمة في ترجمة ابن مردويه : « ومنهم حافظ عصره أبو نعيم أحمد بن عبدالله بن إسحاق الأصبهاني » (٢).

٥ ـ أبو المؤيّد الخوارزمي : « أحمد بن عبدالله بن أحمد بن إسحاق بن

__________________

(١) منهاج السنة ٧ / ٣٥ ـ ٣٦.

(٢) زاد المعاد ٣ / ٥٦.

١١٠

موسى بن مهران ، أبو نعيم الحافظ ، صاحب المسند الرابع ، الإصبهاني ، سبط محمّد بن يوسف الفريابي الزاهد.

قال الحافظ أبو عبدالله النجار في تاريخه هو : تاج المحدثين ، وأحد الأعلام ، ومن جمع له العلم في الروايات والحفظ والفهم والدراية ، وكان تشد إليه الرحال ، وتهاجر إلى بابه الرجال ، وكتب في الحديث كتباً سارت في البلاد ، وانتفعت بها العباد ، وأسعدت وامتدت أيّامه ، حتّى ألحق الأحفاد بالأجداد ... وروى عنه الأئمّة الأعلام ... » (١).

٦ ـ الذهبي : « وفيها توفي أبو نعيم الأصبهاني ، أحمد بن عبدالله بن أحمد الحافظ ... تفرّد بالدنيا بعلوّ الإسناد ، مع الحفظ والاستبحار من الحديث وفنونه ... وصنف التصانيف الكبار المشهورة في الأقطار » (٢).

٧ ـ السبكي : « الحافظ أبو نعيم الإصبهاني الصّوفي الجامع بين الفقه والتصوّف ، والنهاية في الحفظ والضبط ، ولد في رجب سنة ست وثلاثين وثلاثمائة بأصبهان ، وهو سبط الزاهد محمّد بن يوسف البناء أحد مشايخ الصوفية ، وأحد أعلام الدّين الذين ، جمع الله لهم بين العلوّ في الرواية والنهاية في الدّراية ، رحل إليه الحفّاظ من الأقطار.

ولد في رجب سنة ست وثلاثين وثلاثمائة بأصبهان ، وهو سبط الزاهد محمّد بن يوسف البنّاء أحد مشايخ الصّوفيّة ، استجاز له أبوه طائفة من شيوخ العصر ، تفرّد في الدنيا عنهم ، أجاز له من الشام خيثمة بن سليمان ، ومن بغداد جعفر الخلدي ، ومن واسط عبدالله بن عمر بن شوذب ، ومن نيسابور الأصمّ.

وسمع سنة أربع وأربعين وثلاثمائة من عبدالله بن جعفر بن أحمد بن فارس ، والقاضي أبي أحمد محمّد بن أحمد العسّال ، وأحمد بن معبد السمسار ، وأحمد بن محمّد القصّار ، وأحمد بن بندار الشعّار ، وعبدالله بن الحسن بن

__________________

(١) رجال جامع مسانيد أبي حنيفة ٢ / ٣٩١.

(٢) العبر. حوادث ٤٣٠ ، ٣ / ١٧٠.

١١١

بندار ، والطبراني ، والظهراني ، وأبي الشيخ ، والجعابي.

ورحل سنة ست وخمسين وثلاثمائة ، فسمع ببغداد أبا علي بن الصواف ، وأبا بكر بن الهيثم الأنباري ، وأبا بحر البربهاري ، وعيسى بن محمّد الطوماري ، وعبد الرحمن والد المخلص ، وابن خلاد النصيبي ، وحبيبا القزّاز ، وطائفة كثيرة وسمع بمكة أبا بكر الاجري ، وأحمد بن إبراهيم الكندي. وبالبصرة فاروق بن عبدالكريم الخطابي ، ومحمّد بن علي ابن مسلم العامري ، وجماعة. وبالكوفة أبا بكر عبدالله بن يحيى الطلحي ، وجماعة. وبنيسابور أبا أحمد الحاكم ، وحسينك التميمي ، وأصحاب السراج فمَنْ بعدهم.

روى عنه كوشيار بن لياليروز الجيليّ وتوفّي قبله ببضع وثلاثين سنة ، وأبو سعد الماليني وتوفي قبله بثماني عشرة سنة ، وأبو بكر بن [ أبي ] علي الذكواني ، وتوفي قبله بإحدى عشرة سنة ، والحافظ أبو بكر الخطيب وهو من أخصّ تلامذته ، وقد رحل إليه ، وأكثر عنه ، ومع ذلك لم يذكره في تاريخ بغداد ، ولا يخفى عليه أنّه دخلها ولكنّ النّسيان طبيعة الإنسان ، وكذلك أغفله الحافظ أبو سعد بن السمعاني ، فلم يذكره في الذيل.

وممّن روى عن أبي نعيم أيضاً الحافظ أبو صالح المؤذّن ، والقاضي أبو علي الوخشي ، ومستمليه أبو بكر محمّد بن إبراهيم العطار ، وسليمان ابن إبراهيم الحافظ ، وهبة الله بن محمّد الشيرازي ، وأبو الفضل حمد وأبو علي الحسن ابنا أحمد الحداد ، وخلق كثير آخرهم وفاة أبو طاهر عبدالواحد بن محمد الدشتج الذهبي.

وقد روى أبو عبدالرحمن السلمي مع تقدّمه عن واحد عن أبي نعيم فقال في كتاب طبقات الصوفيّة : ثنا عبدالواحد بن أحمد الهاشمي ، ثنا أبو نعيم أحمد ابن عبدالله ، أنا محمّد بن علي بن حبيش المقري ببغداد ، أخبرنا أحمد بن

١١٢

محمّد بن سهل الآدمي ، وذكر حديثاً.

قال أبو محمّد بن السمرقندي : سمعت أبا بكر الخطيب يقول : لم أرَ أحداً أطلق عليه اسم الحفظ غير رجلين ، أبو نعيم الأصبهاني وأبو حازم العبدوي الأعرج.

وقال أحمد بن محمّد بن مردويه : كان أبو نعيم في وقته مرحولا إليه ولم يكن في أفق من الافاق أسند ولا أحفظ منه ، كان حفاظ الدنيا قد اجتمعوا عنده وكان كل يوم نوبة واحد منهم ، يقرأ ما يريده إلى قريب الظهر ، فإذا قام إلى داره ربّما كان يقرأ عليه في الطريق جزء ، وكان لا يضجر ، لم يكن له غذاء سوى التصنيف أو التسميع.

وقال حمزة بن العبّاس العلوي : كان أصحاب الحديث يقولون : بقي أبو نعيم أربع عشرة سنة بلا نظير ، لا يوجد شرقاً ولا غرباً أعلى إسناداً منه ولا أحفظ ، وكانوا يقولون لما صنّف كتاب الحلية حمل إلى نيسابور حال حياته ، فاشتروه بأربعمائة دينار.

وقال ابن المفضل الحافظ : قد جمع شيخنا السّلفي أخبار أبي نعيم ، وذكر من حدّث عنه ، وهم نحو ثمانين رجلاً وقال : لم يصنّف

مثل كتابه حلية الأولياء ، سمعناه على أبي المظفر القاساني عنه سوى فوت عنه يسير.

وقال ابن النجّار : هو تاج المحدّثين وأحد أعلام الدّين.

قلت : ومن كراماته المذكورة أنّ السلطان محمود سبكتكين لمّا استولى على إصبهان ، ولّى عليها والياً من قبله ورحل عنها فوثب أهل إصبهان ، وقتلوا الوالي ، فرجع محمود إليها وآمنهم حتّى اطمأنوا ، ثمّ قصدهم يوم الجمعة في الجامع وقتل منهم مقتلة عظيمة ، وكانوا قبل ذلك قد منعوا أبا نعيم الحافظ من الجلوس في الجامع ، فحصلت له كرامتان السلامة ممّا جرى عليهم ، إذ لو كان

١١٣

جالساً لقتل ، وانتقام الله تعالى له منهم سريعاً.

ومن مصنّفاته حلية الأولياء ، وهي من أحسن الكتب ، كان الشيخ الإمام الوالد رحمه‌الله كثير الثناء عليها ويحب تسميعها ، وله أيضاً كتاب معرفة الصحابة ، وكتاب دلائل النبوّة ، وكتاب المستخرج على البخاري ، وكتاب المستخرج على مسلم ، وكتاب تاريخ أصبهان ، وكتاب صفة الجنة ، وكتاب فضائل الصحابة ، وصنف شيئاً كثيراً من المصنّفات الصّغار.

توفي في العشرين من المحرّم سنة ثلاثين وأربعمائة ، وله أربع وتسعون سنة.

ذكر البحث عن واقعة جزء محمّد بن عاصم ، التي اتخذها من نال من أبي نعيم رحمه‌الله ذريعة إلى ذلك.

قد حدّث أبو نعيم بهذا الجزء ، ورواه عنه الأثبات ، والرجل ثقة ثبت إمام صادق ، وإذا قال هذا سماعي جاز الاعتماد عليه.

وطعن بعض الجهّال الطاعنين في أئمة الدين فقال : إنّ الرجل لم يوجد له سماع بهذا الجزء. وهذا الكلام سبّة على قائله ، فإنّ عدم وجدانه لسماعه لا يوجب عدم وجوده ، وإخبار الثقة بسماع نفسه كافٍ. ثمّ ذكر شيخنا الحافظ أبو عبدالله الذهبي أنّ شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزّي حدّثه أنّه رأى بخط الحافظ ضياء الدين المقدّسي أنّه وجد بخط الحافظ أبي الحجّاج يوسف ابن خليل أنّه قال : رأيت أصل سماع الحافظ أبي نعيم لجزء محمّد بن عاصم. فبطل ما اعتقدوه ريبة.

ثمّ قال الطاعنون ثانياً : وهذا الخطيب أبو بكر البغدادي وهو الحبر الذي يخضع له الأثبات ، وله الخصوصيّة الزائدة بصحبة أبي نعيم قال فيما كتب إليّ به أحمد بن أبي طالب من دمشق ، قال كتب إليّ الحافظ أبو عبدالله بن النجار من

١١٤

بغداد ، قال أخبرني أبو عبيدالله الحافظ بأصبهان ، أخبرنا أبو القاسم بن إسماعيل الصَّيرفي أنا يحيى بن عبدالوهّاب بن مندة قال : سمعت أبا الفضل المقدّسي يقول : سمعت عبدالوهاب الأنماطي يذكر أنّه وجد بخط الخطيب : سألت محمّد ابن إبراهيم العطّار مستملي أبي نعيم عن جزء محمّد بن عاصم كيف قرأته على أبي نعيم؟ وكيف رأيت سماعه؟ فقال : أخرج إليّ كتاباً وقال هو سماعي فقرأته عليه. قلنا : ليس في هذه الحكاية طعن على أبي نعيم ، بل حاصلها أنّ الخطيب لم يجد سماعه بهذا الجزء ، فأراد استفادة ذلك من مستمليه ، فأخبره بأنّه اعتمد في القرائة على إخبار الشيخ ، وذلك كاف.

ثمّ قال الطاعنون ثالثاً : وقد قال الخطيب أيضاً رأيت لأبي نعيم أشياء يتساهل فيها ، منها أن يقول في الإجازة أخبرنا من غير أن يبيّن. قلت : هذا لم يثبت عن الخطيب ، وبتقدير ثبوته فليس بقدح ، ثمّ إطلاق أخبرنا في الإجازة مختلف فيه ، فإذا رآه هذا الحبر الجليل أعني أبا نعيم فكيف يعد منه تساهلاً ، وإن عدّ فليس من التساهل المستقبح ، ولو حجرنا على العلماء أنْ لا يرووا إلاّبصيغة مجمع عليها لضيّعنا كثيراً من السنة. وقد دفع الحافظ أبو عبدالله بن النجار قضية جزء محمّد بن عاصم بأنّ الحفّاظ الأثبات رووه عن أبي نعيم ، وحكينا لك نحن أنّ أصل سماعه وجد ، فطاحت هذه الخيالات ، ونحن لا نحفظ أحداً تكلّم في أبي نعيم بقادح ، ولم يذكر غير هذه اللفظة التي عزيت إلى الخطيب ، وقلنا إنّها لم تثبت عنه ، والعمل على إمامته وجلالته ، وأنّه لا عبرة بهذيان المعادين وأكاذيب المفترين ، على أنّا لا نحفظ عن أحد فيه كلاماً صريحاً في جرح ولا حطّ ، ولو حفظ لكان سبّة على قائله ، وقد برّء الله أبا نعيم من معرّته.

وقال الحافظ ابن النجّار في إسناد ما حكي عن الخطيب غير واحدٍ ممّن يتحامل على أبي نعيم ، لمخالفته لمذهبه وعقيدته فلا يقبل.

١١٥

قال شيخنا الذهبي : والتساهل الّذي أشير إليه شيء كان يفعله في الإجازة نادراً ، قال : فإنّه كثيراً ما يقول كتب إليّ جعفر الخلدي ، وكتب إليّ أبو العباس الأصم ، أنا أبو الميمون بن راشد في كتابه. قال : ولكن رأيته يقول أخبرنا عبدالله بن جعفر فيما قرئ عليه ، قال : والظاهر أنّ هذا إجازة.

قلت : إنْ كان شيخنا الذهبي يقول ذلك في مكان غلب على ظنّه أنّ أبا نعيم لم يسمعه بخصوصه من عبدالله بن جعفر ، فالأمر مسلم إليه ، فإنّه أعني شيخنا الحبر الذي لا يلحق شأوه في الحفظ ، وإلاّ فأبو نعيم قد سمع من عبدالله بن جعفر ، فمن أين لنا أنّه يطلق هذه العبارة حيث لا يكون سماع ، ثمَّ ، وإن أطلق ذاك فغايته تدليس جائز ، قد اغتفر أشدّ منه لأعظم من أبي نعيم.

ثمّ قال الطاعنون رابعاً : قال يحيى بن مندة الحافظ ، سمعت أبا الحسين القاضي يقول : سمعت عبدالعزيز النخشبي يقول : لم يسمع أبو نعيم مسند الحرث ابن أبي أسامة بتمامه [ من ابن خلاد ] فحدّث به كلّه. قلنا قال الحافظ ابن النجّار : وهم عبدالعزيز في هذا ، فأنا رأيت نسخة من الكتاب عتيقة وعليها خط أبي نعيم يقول سمع منّي فلانٌ إلى آخر سماعي من هذا المسند من ابن خلاّد ، فلعلّه روى الباقي بالإجازة » (١).

٨ ـ اليافعي : « فيها توفي الإمام الحافظ الشيخ العارف أبو نعيم ... كان من أعلام المحدثين ، وأكابر الحفاظ المفيدين ، أخذ عن الأفاضل وأخذوا عنه وانتفعوا به ، وكتاب الحلية من أحسن الكتب.

قلت : أمّا طعن ابن الجوزي فيها وتنقيصه لها فهو من باب قولي :

لئن ذمها جاراتها وضرائر

وعاب جمالاً في حلاها وفي الحلي

فما سلمت حسناء من ذمّ حاسد

وصاحب حق من عداوة مبطل

__________________

(١) طبقات الشافعية الكبرى ٤ / ١٨ ـ ٢٥.

١١٦

مع أبيات أخرى في مدح الإمام أبي حامد الغزالي وتصانيفه وكلامه العالي.

وله : كتاب تاريخ أصبهان ، تفرّد في الدنيا بعلوّ الإسناد مع الحفظ. روى عن المشايخ بالعراق والحجاز وخراسان ، وصنّف التصانيف المشهورة في الأقطار » (١).

٩ ـ الأسنوي : « ... الجامع بين الفقه والحديث والتصوف. قال الخطيب : لم ألق في شيوخي أحفظ منه ومن أبي حازم الأعرج ... » (٢).

١٠ ـ الخطيب التبريزي : « هو من مشايخ الحديث الثقات المعمول بحديثهم المرجوع إلى قولهم ... » (٣).

١١ ـ السّيوطي : « أبو نعيم الحافظ الكبير محدّث العصر ... أجاز له مشايخ الدنيا وتفرّد بهم ، ورحلت الحفاظ إلى بابه ، لعلمه وضبطه وعلوّ إسناده ... » (٤).

هو شيخ إمام الحرمين

ثمّ إنّ من فضائل أبي نعيم الحافظ : كونه شيخ أبي المعالي إمام الحرمين ، فقد قال ابن خلّكان بترجمته بعد أنْ وصفه بقوله : « أعلم المتأخّرين من أصحاب الإمام الشافعي على الإطلاق ، المجمع على إمامته ، المتّفق على غزارة مادّته وتفنّنه في العلوم من الأصول والفروع والأدب وغير ذلك ... » ونقل عن الشيخ أبي إسحاق قوله لإمام الحرمين : « يا مفيد أهل المشرق

__________________

(١) مرآة الجنان. حوادث سنة ٤٣٠ ـ ٣ / ٥٢.

(٢) طبقات الشافعية للأسنوي ٢ / ٤٧٤.

(٣) الإكمال في أسماء الرجال ٣ / ٨٠٥.

(٤) طبقات الحفاظ : ٤٢٣.

١١٧

والمغرب ، أنت اليوم إمام الأئمّة » قال :

« وسمع الحديث من جماعةٍ كثيرة من علمائه ، وله إجازة من الحافظ أبي نعيم الأصبهاني صاحب حلية الأولياء ... » (١).

(٩)

رواية البيهقي

ومن رواة حديث التشبيه هو الحافظ أحمد بن الحسين البيهقي ، وقد ذكر روايته لهذا الحديث جماعة من الأعلام ، ومنهم :

١ ـ السمرقندي صاحب كتاب ( الصحائف ) ، على ما نقل عنه ملك العلماء الهندي في كتابه ( هداية السعداء ).

٢ ـ الخوارزمي المكي ، في كتابه ( المناقب ) عن البيهقي عن الحاكم.

٣ ـ ابن طلحة الشافعي ، في كتابه ( مطالب السئول ).

٤ ـ ابن الصباغ المالكي ، في كتابه ( الفصول المهمة ).

٥ ـ الحسين الميبدي ، في ( الفواتح بشرح ديوان أمير المؤمنين ).

٦ ـ البدخشاني.

٧ ـ العجيلي الشافعي.

رواية البيهقي دليل ثبوت الحديث

ورواية البيهقي دليل على ثبوت الحديث ، لقول صاحب ( المشكاة ) في حقّ جماعةٍ من أئمّة الحديث ـ ومنهم البيهقي هذا : « إنّي إذا نسبت الحديث

__________________

(١) وفيات الأعيان ٣ / ١٦٧.

١١٨

إليهم كأنّي أسندت إلى النّبي ».

وقد شرح علي بن سلطان القاري هذه العبارة في ( المرقاة ) وهذا نصّ كلامه :

« إنّي إذا نسبت الحديث ـ أي كلّ حديث ـ إليهم ، أي إلى بعض الأئمّة المذكورين ، المعروفة كتبهم ، بأسانيدهم بين العلماء المشهورين ، كأنّي أسندت ، أي الحديث برجاله ، إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، أي فيما إذا كان الحديث مرفوعاً وهو الغالب ، وإلى الصحابة إذا كان موقوفاً ، وهو المرفوع حكماً » (١).

ولأنّ الحافظ السّيوطي عندما يتعقب ابن الجوزي في حكمه على بعض الأحاديث بالوضع ، يستند إلى رواية البيهقي ، لإخراج ذلك الحديث عن الوصف الذي وصفه ابن الجوزي به ، خذ لذلك مثالا الحديث التالي :

« ابن شاهين ـ ثنا علي بن محمّد البصري ، أنا مالك بن يحيى أبو غسان ، ثنا علي بن عاصم ، عن الفضل بن عيسى الرقاشي ، عن محمّد بن المنكدر ، عن جابر بن عبدالله قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : لمّا كلّم الله موسى يوم الطور كلّمه بغير الكلام الذي كلمه يوم ناداه ، فقال له موسى : يا رب هذا كلامك الذي كلّمتني به؟ قال : يا موسى أنا كلّمتك بقوّة عشرة آلاف لسان ، ولي قوّة الألسن كلّها وأنا أقوى من ذلك. فلما رجع موسى إلى بني إسرائيل قالوا : يا موسى صف لنا كلام الرحمن ، قال : سبحان الله إذاً لا أستطيع. قالوا : فشبّه لنا. قال : ألم تروا إلى أصوات الصواعق التي تقتل ، فإنّه قريب منه ».

قال ابن الجوزي : « ليس بصحيح. والفضل متروك ».

قال السّيوطي : « في الحكم بوضعه نظر ، فإنّ الفضل لم يتهم بالكذب ،

__________________

(١) المرقاة في شرح المشكاة ١ / ٢٧.

١١٩

وأكثر ما عيب عليه القدر ، وهو من رجال ابن ماجة. وهذا الحديث أخرجه البزّار في مسنده : ثنا سليمان بن موسى ، ثنا علي بن عاصم به. وأخرجه البيهقي في كتاب الأسماء والصفات ، وهو قد التزم أن لا يخرج في تصانيفه حديثاً يعلم أنّه موضوع ، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ، وقد التزم أن يخرج فيه أصحّ ما ورد ، ولم يخرج فيه حديثاً موضوعاً ألبتة » (١).

وقال الشيخ رحمة الله السندي في ( مختصر تنزيه الشريعة ) في حديث رمي بالوضع ـ وهو سؤال عثمان عن معنى مقاليد السماوات والأرض ـ : « تعقّب بأنّ البيهقي أخرجه في الأسماء والصفات ، وقد التزم أنْ لا يخرج في كتبه حديثاً يعلم أنّه موضوع ».

مصادر ترجمة البيهقي

ومناقب البيهقي كثيرة جدّاً ، وهي مذكورة في كتب التراجم والتواريخ بترجمته ، أنظر منها :

١ ـ معجم البلدان ١ / ٥٣٨.

٢ ـ الأنساب ١ / ٣٨١.

٣ ـ الكامل في التاريخ ١٠ / ٥٢.

٤ ـ وفيات الأعيان ١ / ٧٥.

٥ ـ المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٨٥.

٦ ـ سير أعلام النبلاء ١٨ / ١٦٣.

٧ ـ تذكرة الحفاظ ٢ / ١١٣٢.

٨ ـ العبر في خبر من غبر ٣ / ٢٤٢.

__________________

(١) اللالي المصنوعة ١ / ١٢ كتاب التوحيد.

١٢٠