نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ١٨

السيّد علي الحسيني الميلاني

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ١٨

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٢٤

فإن تعلّق باختصاص هذه الولاية ، وأنها كانت مقصورةً على المدينة ، فلا يجوز أن تقتضي الإمامة التي تعم.

فقد مضى الكلام على الإختصاص في هذا الفصل مستقصىً » (١).

أقول :

وهذه عبارته الماضية التي أشار إليها طاب ثراه :

« فأمّا قوله : إنه ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ لمّا خلّفه بالمدينة ، لم يكن له أن يقيم الحدود في غيرها ، وأن مثل ذلك لا يعدّ إمامة ، فهو كلامه على من تعلّق بالإستخلاف ، لا في تأويل الخبر. وقد بينا ما هو جواب عنه فيما تقدم ، وقلنا : إنه إذا ثبت له عليه‌السلام بعد وفاة الرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ فرض الطاعة واستحقاق التصرف ، بالأمر والنهي في بعض الامة ، وجب أن يكون إماماً على الكلّ ، لأنه لا أحد من الامة ذهب إلى اختصاص ما يجب له في هذه الحال ، بل كل من أثبت له هذه المنزلة أثبتها عامّةً على وجه الإمامة لا الإمارة ، فكان الإجماع مانعاً من قوله ، فيجب أن يكون بعد وفاته ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ أميراً إماماً لا ، ولم يقل ما ذكرناه من جهة أن نفي الامارة يقتضي إثبات الامامة كما ظن بل ، لما بيّناه من أن وجوب فرض الطاعة إذا ثبت ، وبطل أن يكون أميراً مختص الولاية بالإجماع ، فلابُدّ من أن يكون إماماً ، لأن الإمارة أو ما جرى مجراها من الولايات المختصّة إذا انتفت مع ثبوت وجود الطاعة ، فلابُدّ من ثبوت الإمامة » (١).

وعلى الجملة ، فإن خلافة الإمام عليه‌السلام بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ باستخلافه على المدينة ، بعد عدم ثبوت عزله ، ولزوم خرق

__________________

(١) الشافي في الإمامة ٣ / ٥٢ ـ ٥٣.

(٢) الشافي في الامامة ٣ / ٥١.

٣٠١

الإجماع المركّب في صور بقاء هذه الخلافة وانتفاء الخلافة العامّة عنه ـ ثابتة بالقطع واليقين ، ولا يتمكن أهل السنّة من الجواب عنها ، مهما حاولوا وتمحّلوا ...

استدلالهم باستخلاف أبي بكر في الصلاة ولا أصل له

بل لقد تمسك أهل السنة بمثل هذا الدليل لإثبات خلافة أبي بكر ، بزعم استخلاف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إيّاه في الصلاة :

قال الفخر الرازي في الحجج على خلافته : « الحجة التاسعة : إنه عليه‌السلام استخلفه على الصلاة أيام مرض موته وما عزله عن ذلك ، فوجب أن يبقى بعد موته خليفةً له في الصلاة ، وإذا ثبتت خلافته في الصلاة ثبتت خلافته في سائر الامور ، ضرورة أنّه لا قائل بالفرق » (١).

وقال الإصفهاني : « الثالث : النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ استخلف أبا بكر في الصلاة أيام مرضه ، فثبت الإستخلاف في الصلاة بالنقل الصحيح ، وما عزل النبي أبا بكر عن خلافته في الصلاة ، فبقي كون أبي بكر خليفة في الصلاة بعد وفاته ، وإذا ثبت خلافة أبي بكر رضي‌الله‌عنه بعد وفاته في الصلاة ، ثبت خلافة أبي بكر بعد وفاته في غير الصلاة ، لعدم القائل بالفصل » (١).

أقول :

هذا الإستخلاف متوقّف على تماميّة المقدمة الاولى ، والإمامة لا يوافقون على أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استخلف أبا بكر في الصلاة

__________________

(١) كتاب الاربعين في اصول الدين : ٢ / ٢٩٢.

(٢) شرح الطوالع ـ مخطوط.

٣٠٢

أبداً ... بل إن عدمه هو الثابت ، لوجوه كثيرة منها كون ذلك منافياً لدخوله في جيش اسامة الثابت بإفادات الأكابر وروايات الثقات كما في ( فتح الباري ) (١) وغيره (٢).

ولكنْ قد تحقّق بالأدلّة القاطعة استخلاف أمير المؤمنين عليه‌السلام ، واعترف بذلك أعاظم القوم ، وحتى النواصب لم يتمكّنوا من إنكاره ، وإنْ زعموا كونه مقصوراً على الأهل ، لأن ثبوت الخلافة على بعض الامة كافٍ لثبوتها مطلقاً لعدم القول بالفصل ... وهذا الإستدلال من القوّة والمتانة بمثابة ألجأ التفتازاني إلى ذكره في هذا المقام فقال :

« وأما الجواب بأنّ النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ لمّا خرج إلى غزوة تبوك استخلف عليّاً ـ رضي الله تعالى عنه ـ على المدينة ، فأكثر أهل النفاق في ذلك. فقال علي ـ رضي‌الله‌عنه ـ : يا رسول الله أتتركني مع الخوالف؟ فقال عليه الصلاة والسلام : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبيّ بعدي. وهذا لا يدل على خلافته ، كابن ام مكتوم ـ رضي الله تعالى عنه ـ استخلفه على المدينة في كثير من غزواته.

فربما يدفع بأن العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب.

بل ربما يحتج بأنّ استخلافه على المدينة وعدم عزله عنها ، مع أنّه لا قائل بالفصل ، وأنّ الإحتياج إلى الخليفة بعد الوفاة أشدّ وأوكد منه حال الغيبة ، يدل على كونه خليفة » (٣).

لقد ذكر التفتازاني هذا الإحتجاج وسكت عنه ، والسكوت بعد نقل الكلام

__________________

(١) فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٨ / ١٩٢.

(٢) لنا رسالة في صلاة أبي بكر في مرض النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مطبوعة ضمن ( الرسائل العشر في الأحاديث الموضوعة في كتب السنّة ) فعلى الباحثين مراجعتها.

(٣) شرح المقاصد ٥ / ٢٧٥ ـ ٢٧٦.

٣٠٣

ـ كما في مثل هذا المقام ـ دليل على الرضا والتسليم عند ( الدهلوي ) وتلميذه الرّشيد ، بل عند الكلّ.

ومن الغرائب : معارضتهم ـ كما في إنسان العيون وغيره ـ استدلال أصحابنا بالإستخلاف على المدينة في غزوة تبوك ، بخلافة ابن ام مكتوم وغيره ، ولا يعارضون استدلالهم بإمامة أبي بكر في الصلاة ـ مع أنها لا أصل لها ـ بإمامة ابن ام مكتوم وغيره في الصّلاة ، مع أنهم يجوّزون الصلاة خلف كلّ برٍ وفاجر!!

معارضتهم باستخلاف ابن ام مكتوم على المدينة

وأمّا المعارضة ـ التي أوردها التفتازاني ـ باستخلاف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ابن ام مكتوم على المدينة فمردوه بوجوه :

الأول : إنه لم يثبت عند الإمامية إطلاق النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لفظ « الخليفة » على ابن ام مكتوم وأمثاله ، غاية الأمر أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نصب ابن ام مكتوم أو غيره لحراسة المدينة في بعض الأوقات ، أمّا في حق أمير المؤمنين فقد ورد لفظ الخليفة في كثير من النصوص.

الثاني : إن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ فرض طاعة أمير المؤمنين في استخلافه على المدينة على أزواجه إطاعة مطلقةً ، فإطاعته فرض على غيرهنّ أيضاً ، لعدم القول بالفصل ، وهذا المعنى غير ثابت لابن ام مكتوم وغيره ، وهذا فرق كبير جدّاً ، يمنع من قياس استخلافه الإمام عليه‌السلام على حال الآخرين.

أمّا إيجابه طاعته على أزواجه فقد رواه السيد جمال الدين المحدّث ـ وهو من كبار المحدثين ، ومن مشايخ ( الدهلوي ) ، وقد أثنى عليه الشيخ علي

٣٠٤

القاري وغيره بما لا مزيد عليه ـ في كتابه ( روضة الأحباب ) كما رواه أبو عبدالله الحاكم في كتابه ( الإكليل ) عن عطاء بن أبي رباح ، أنه قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد حديث المنزلة :

« يا علي ، اخلفني في أهلي ، واضرب ، وحدّ ، وعِظ. ثم دعا نساءه فقال : إسمعن لعلي وأطعن ».

وإذا وجبت الطاعة فقط وجبت الإمامة ، وكذلك صرّح ( الدهلوي ) في مقام الإستدلال بقوله تعالى : ( قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ ).

الثالث : إن هذه الخلافة مقرونة بجملٍ أمثال : « لا ينبغي أن أذهب إلاّ وأنت خليفتي » و « إن المدينة لا تصلح إلاّبي أو بك » و « لابُدّ أن أقيم أو تقيم » فهي شرف عظيم ومقام جليل ، لا يقاس به أيّ استخلاف آخر.

الرابع : إنه قام الإجماع على عدم خلافة ابن ام مكتوم وغيره بعد وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فكيف يعارض بحكومة من قام الإجماع على عدم خلافته ، خلافة أمير المؤمين عليه‌السلام المطلقة العامة؟

الخامس : إن ابن ام مكتوم وغيره من الصحابة ، غير صالحين للخلافة الكبرى ، فذكرهم في مقابلة أمير المؤمنين عليه‌السلام ليس إلاّتعصّباً فاحشاً ... قال ابن تيمية : « وأيضاً ـ فالإستخلاف في الحياة نوع نيابة ، لابُدّ لكلّ ولي أمرٍ ، وليس كلّ من يصلح للإستخلاف في الحياة على بعض الامّة يصلح أن يستخلف بعد الموت ، فإنّ النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ استخلف في حياته غير واحدٍ ، ومنهم من لا يصلح للخلافة بعد موته ، كما استعمل ابن ام مكتوم الأعمى في حياته وهو لا يصلح للخلافة بعد موته ، وكذلك بشير بن عبد المنذر وغيره » (١).

__________________

(١) منهاج السنة ٧ / ٣٣٩.

٣٠٥

ومن بدائع العثرات قول الفخر الرازي :

« الشبهة الرابعة عشر ، وهي : إنه عليه‌السلام استخلفه في غزاة تبوك.

فنقول : لِما لا يجوز أن يقال : ذلك الإستخلاف كان مقدّراً بمدة ذلك السفر ، فلا جرم انتهى ذلك الإستخلاف بانقضاء تلك المدّة.

وأيضاً ، فإنه معارض باستخلاف النبي عليه‌السلام أبا بكر حال مرضه في الصلاة.

فإن أنكروا ذلك أنكرنا ذلك » (١).

وذلك : لأنّ دعوى التقدير قد عرفت سقوطها ، لعدم الدليل عليها ، مع إطلاق وعموم اللّفظ. ودعوى المعارضة بالصّلاة المذكورة مكابرة غريبة ، لأنّ استخلاف أمير المؤمنين عليه‌السلام متفق عليه بين الفريقين ومسلّم به حتى من النواصب ، فلا يجوز معارضته بما لا يرويه سواهم.

وقوله : « فإنْ أنكروا ذلك أنكرنا ذلك » ليس إلاّتعصّباً.

الإستدلال بآية الغار على الإمامة والخلافة

ولا يخفى أن النيسابوري يستدل بآية الغار على خلافة أبي بكر ووصايته لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ... وهذه خرافة اخرى ، وإليك عبارته : بتفسير ( إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ... ) (٢) :

« إستدل أهل السنّة بالآية على أفضليّة أبي بكر ، وغاية اتّحاده ونهاية صحبته وموافقة باطنه وظاهره ، وإلاّ لم يعتمد عليه الرسول صلّى الله عليه وسلّم في مثل تلك الحالة ، وأنه كان ثاني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الغار ،

__________________

(١) كتاب الاربعين في اصول الدين ٢ / ٣٠٠.

(٢) سورة التوبة ٩ / ٤٠.

٣٠٦

وفي العلم لقوله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ ما صبّ في صدري شيء إلاّوصببته في صدر أبي بكر ، وفي الدعوة إلى الله ، لأنّه صلّى الله عليه وسلّم عرض الإيمان أوّلاً على أبي بكر فآمن ، ثم عرض أبو بكر الإيمان على طلحة والزبير وعثمان ابن عفان وجماعة اخرى من أجلّة الصحابة ، وكان لا يفارق رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ في الغزوات وفي أداء الجماعات وفي المجالس والمحافل ، وقد أقامهُ في مرضه مقامه في الامامة ولما توفي دفن بجنب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكان ثاني اثنين من أوّل أمره إلى آخره.

ولو قدّرنا أنه توفّي رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ في ذلك السفر ، لزم أنْ لا يقوم بأمره ولا يكون وصيّه إلاّ أبو بكر ، وأنْ لا يبلّغ ما حدث في ذلك الطريق من الوحي والتنزيل إلاّ أبو بكر » (١)

أقول :

نفس هذا التقرير جارٍ بالنسبة إلى استخلاف أمير المؤمنين عليه‌السلام حرفاً بحرف ، فإنه لو قدّر وفاة النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ في تلك السفرة لكان أمير المؤمنين عليه‌السلام هو القائم بأمره والخليفة من بعده ...

مع أنّه فرق واضح بين الموردين ، إذْ لا دليل على ما ذكره النيسابوري بالنسبة إلى أبي بكر ، لأن مجرد الإستصحاب في الغار لا يستلزم المعنى الذي ذكره ، مضافاً إلى وجود عامر بن فهر وعبدالله بن الأريقط مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الخروج إلى المدينة ، بخلاف استخلاف أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ففيه إطلاق لفظ « الخلافة » وغير ذلك ممّا تقدم ، وفيه أمر الأزواج بالإطاعة والسّماع لأمير المؤمنين عليه‌السلام ...

هذا فيما يتعلّق بموضوع البحث.

__________________

(١) تفسير النيسابوري ٣ / ٤٧١.

٣٠٧

وأمّا تفصيل الكلام حول دلالة آية الغار على فضيلة لأبي بكر ، فله مجال آخر.

وأمّا حديث صلاته في مرض النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقد أشرنا إلى حقيقة الحال فيه ، وخلاصة الكلام أن خروجه لتلك الصّلاة لم تكن بأمرٍ من رسول الله ، بل إنه كان قد أمره بالخروج في جيش اسامة مع سائر الرجالات ، ويؤكّد ذلك خروجه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الصلاة ، وأنه صلّى تلك الصلاة بنفسه.

وأمّا حديث « ما صبّ الله ... » فهو موضوع ، وقد تعرّضنا له في مجلّد ( حديث أنا مدينة العلم ) من كتابنا.

٣٠٨

(٢٩)

دلالة الحديث على أنّه عليه‌السلام

رابع آدم وداود وهارون عليهم‌السلام

وذكر الحكيم داود بن عمر الأنطاكي بشرح القصيدة العينيّة لابن سينا :

« لا سيف إلاّذو الفقار. ولا قام الحصر دليلاً على القصر ، كان قصر قلب فصار كشف كرب ، إلاّ أنه لا نبي بعدي ، إلاّعلي. فلا خلاف في الخلافة إثباتاً والنبوة محواً.

وقال لعمار : إلى كم تأكل الخبز وتشرب الماء؟ فقال : أهو اليوم؟ فقال : أي والذي نفس على بيده ، فبرز فكان ما كان.

وكذلك خرج ليلة ابن ملجم في السحر ينظر إلى السماء ، تلذذاً بما خصّص به وطاعةً وإجابةً ، فأكثر من ذلك ، ثمّ نهى عن ردع الأوز وقال : هي صوائح يتلوهنّ النوائح. كيف يزداد يقيناً من جمع المسألة والجواب وأحاط بكلّ شيء علماً؟ فهو ـ والله ـ الكتاب وتعيها اذن واعية ، فآمن معه وصلّى لا ثالث لهما ، فجاءت الخلافة عن ثلاث ، فكان هو الرابع.

أخرج الخطيب عن عبد بن حميد : يا علي من لم يقل إنك رابع الخلفاء فعليه لعنة الله ، فإنّ الله قال لآدم ( إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) وقال : ( يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً ) « ( وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي ) ثم قال له يوم تبوك : كن على ما أنا عليه حتى أرجع ، فقال له : أعلى الصبيان والنساء؟ فقال : أما ترضى أنْ تكون مني بمنزلة هارون من موسى. الحديث ».

٣٠٩

فحديث المنزلة يدل دلالة قطعيةً على خلافته عليه‌السلام ، وأنه خليفة كخلافة آدم وداود وهارون ، ولا ريب في كون خلافتهم عامةً ، فخلافته كذلك.

ترجمة داود بن عمر الانطاكي

وداود بن عمر الأنطاكي صاحب شرح قصيدة ابن سينا ، الذي جاء فيه الكلام المذكور ، من أكابر النّحارير والعلماء المشاهير ... أثنى عليه البديعي في كتابه ( ذكرى حبيب ) :

« ضرير ما له في العلوم الحكمية نظير ، وطبيب ما له في الأزمنة الغابرة ضريب ، حكيم صفت من قذى الخطأ موارد أنظاره ، وصَحَت عن غمام الأوهام آفاق أفكاره ، حلّ عقد المشكلات بما قيّده ، وبيَّض وجه العلوم الرياضية بما سوّده ، بآثار تقتضي إثبات محاسنه بالتخليد ، وتقييد مآثره للتأبيد ، وكان ملازماً لكتاب إخوان الصفا وخلاّن الوفا للمجريطي ، ولكتابيه رتبة الحكيم وغاية الحليم ، ومن كتب الشيخ : القانون ، والشفا ، والنجاة ، والحكمة المشرقية ، والتعليقات ، ورسالة الأجرام السماوية ، والإشارات ، مع شرحه لنصير الدين الطوسي وللإمام فخر الدين الرازي والمحاكمات بينهما لقطب الدين الرازي ، وحوائيه للسيد ، من كتب السهروردي : المشارق ، والمطارحات ، وكتاب التلويحات ، وشرحه لهبة الله البغدادي.

وكان شريف مكة يلهج بِتذكاره ، ويستهدي من الحجاج تفاريق أخباره ، وهزّه الشوق على أنْ استقدمه عليه ، واستحضره إليه ، ليجعل السماع عياناً والخبر برهاناً ، فلمّا مثل بساحته طامعاً في تقبيل راحته ، أمر أنْ يعرض عليه أحد حاضري مجلس أنسه ، ليختبر بذلك قوة حدسه ، فمذ صافحت يده يد ذلك الجليس قال : هذه يد دعي خسيس ، لا يضوع منها أرج النبوة ولا يستنشق

٣١٠

عرف الفتوة ، ثم أمر بعرضه على القوم واحداً واحداً ، حتى وصل إلى الشريف فقبّل يده تقبيل المحب الواجد ... »

والبديعي المذكور ترجم له المحبّي وأثنى عليه بقوله :

« يوسف المعروف بالبديعي الدمشقي الأديب ... بلغ الشهرة الطنّانة في الفضل والأدب ، وألّف المؤلفات الفائقة ... ولي قضاء الموصل ثم توفي بالروم سنة ١٠٧٣ » (١).

وأثنى على الحيكم الأنطاكي المذكور : درويش محمّد الطالوي في كتاب ( سانحات دمى القصر ) :

« وقد سألته عن مسقط رأسه ومشتعل رأسه ، فأخبر أنّه ولد بأنطاكية بهذا العارض ، ولم كن له بعد الولادة بعارض ، ثم قال ... فخرجت عن الوطن في رفقة كرام ، نؤم بعض المدن من سواحل الشام ، حتى إذا سرت في بعض ثغورها المحميّة ، دعتني همّة عليه أو علوية أنْ أصعد منه جبل عامله ، فصعدته منصوباً على المدح وكنت عامله ، وأخذت عن مشايخها ما أخذت ، وبحثت مع فضلائها فيما بحثت.

ثم ساقني العناية الإلهية إلى أني دخلت حمى دمشق المحمية ، فاجتمعت ببعض علمائها من مشايخ الاسلام ، كأبي الفتح محمّد بن محمّد بن عبد السلام ، وكشمس علومها البدر الغزي العمري ذلك الإمام ، والشيخ علاء الدين العمادي ... وكان فيه دعابة يؤنس بها ... وأما فرقه من المعاد وخشيته من ربّ العباد ، فلم ير لغيره من أهل هذا الطريق وأصحاب أولئك الفريق ...

وكان إذا سئل عن شيء من الفنون الحكمية والطبيعية والرياضيّة ، أملى على السائل في ذلك ما يبلغ الكراسة والكراستين ، كما هو المشهور مثل ذلك

__________________

(١) خلاصة الأثر ٤ / ٥١٠.

٣١١

عن الشيخ الرئيس ...

وشرح قصيدة النفس المشهورة للشيخ الرئيس ابن سينا ، وهو شرح فصل فيه حقيقة النفس وجوهرها النفيس ، يرضي السائل وإن كان هو الشيخ الرئيس ».

وقد ترجم للشيخ درويش المذكور : الشهاب الخفاجي ـ في ( ريحانة الألبّا ) ـ بقوله :

« أبو المعالي درويش بن محمّد الطالوي ، وحيد له الحزم ترب واللطف قرين ، وماجد ما له في قصب السبق رهين ، وريق قضب المروة ، فاتح حصون الملمّات عنوة ، سليل المعالي والكرم ، رقيق الحواشي الطباع والشيم ، فكم في علاه مسرح للمقال ومجال لمضمرات الأماني والآمال ... ».

والمحبي بقوله :

« درويش محمّد بن أحمد وقيل محمّد. أبو المعالي. الطالوي ، الأرتقي الدمشقي الحنفي. أحد أفراد ومحاسن العصر ، وكان ماهراً في كلّ فن من الفنون ، مفرط الذكاء ، فصيح العبارة ، منشئاً بليغاً حسن التصرّف في النظم والنثر.

وله كتاب سانحات دمى القصر ... » (١).

وتوجد ترجمة داود الأنطاكي المتوفى سنة ١٠٠٨ ـ وقيل غير ذلك ـ في المصادر التالية أيضاً :

١ ـ البدر الطالع ١ / ١٦٩ رقم ١٦٦.

٢ ـ خلاصة الأثر ٢ / ١٤٠.

٣ ـ شذرات الذهب ٨ / ٤١٥.

٤ ـ ريحانة الألبّاء : ٢٧١.

__________________

(١) خلاصة الأثر ٢ / ١٤٩.

٣١٢

(٣٠)

حديث المنزلة في سياق وصفه عليه‌السلام

« سيدالمسلمين وأميرالمؤمنين وخيرالوصيين وأولى الناس بالنبيين »

جاء ذلك في روايةٍ رواها الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه في كتابه ( المناقب ) على ما نقل عنه في كتاب ( اليقين ) وهي هذه :

« حدّثنا عبدالله بن محمّد بن جعفر قال : حدّثنا جعفر بن محمّد العلوي قال : حدّثنا محمّد بن الحسين العلكي قال : حدّثنا أحمد بن موسى الخزاز الدورقي قال : حدّثنا تليد بن سليمان ، عن جابر الجعفي عن محمّد بن علي عن أنس بن مالك قال : بينما أنا عند النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ إذ قال : يطلع الآن. قلت : فداك أبي وأمي من ذا؟

قال : سيد المسلمين وأمير المؤمنين وخير الوصيين وأولى الناس بالنبيين.

قال : فطلع علي.

ثم قال لعلي : أما ترضى أنْ تكون منّي بمنزلة هارون من موسى » (١).

وروي بلفظٍ أبسط :

« عن أنس بن مالك قال : بينما أنا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ الآن يدخل سيد المسلمين وأمير المؤمنين وخير الوصيين وأولى الناس بالنبيين ، إذ طلع علي بن أبي طالب. فقال

__________________

(١) كتاب اليقين في مناقب أمير المؤمنين : ١٤١.

٣١٣

رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ : اللهم وإليّ وإليّ.

قال : فجلس بين يدي رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ فأخذ رسول الله يمسح العرق من جبهته ووجهه ويمسح به وجه علي بن أبي طالب ، ويمسح العرق من وجه علي بن أبي طالب ويمسح به وجهه فقال له علي : يا رسول الله نزل فيَّ شيء؟

قال : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي؟ أنت أخي ووزيري وخير من اخلّف بعدي ، تقضي ديني ، وتنجز وعدي وتبيّن لهم ما اختلفوا فيه من بعدي ، وتعلّمهم من تأويل القرآن ما لم يعلموا ، وتجاهدهم على التأويل كما جاهدتهم على التنزيل » (١).

فحديث المنزلة ـ إذاً ـ مثل الجُمل الاخرى ـ التي هي من أجلى فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام ومناقبه المختصّة ـ من جلائل مناقب الإمام عليه‌السلام التي لا يشاركها فيها أحد من الصحابة ، والدالة على أفضليته وأقربيته من رسول الله ... والمستلزمة للإمامة والخلافة العامة بلا فصل ...

__________________

(١) كشف الغمة فية معرفة الأئمة ١ / ٣٤٣.

٣١٤

(٣١)

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « هذا علي بن أبي طالب

لحمه من لحمي ودمه من دمي وهو منّي بمنزلة هارون ... »

وجاء حديث المنزلة في سياقة ورد قبله « علي بن أبي طالب لحمه من لحمي ودمه من دمي » وبعده : « هذا علي أمير المؤمنين وسيد المسلمين ... » ...

روى هذ الحديث جماعة منهم :

١ ـ أبو نعيم الإصفهاني : « حدّثنا أبو الفرج أحمد بن جعفر النسائي قال : حدّثنا محمّد بن جرير قال : حدّثنا عبدالله بن داهر الرازي قال : حدّثني دار بن يحيى الأحمري المقري قال : حدّثنا الأعمش ، عن عباية ، عن ابن عبّاس قال :

قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ : هذا علي بن أبي طالب لحمه من لحمي ودمه من دمي ، وهو منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي.

وقال : يا ام سلمة إشهدي واسمعي! هذا علي أمير المؤمنين ، وسيّد المسلمين ، وعيبة علمي ، وبابي الذي اوتى منه ، والوصي على الأموات من أهل بيتي ، أخي في الدنيا وخَدَني في الآخرة ، ومعي في السنام الأعلى » (١).

٢ ـ الموفق بن أحمد الخوارزمي المكّي : « أنبأني أبو العلاء ـ هذا ـ أخبرنا الحسن بن أحمد المقري ، أخبرنا أحمد بن عبدالله الحافظ ، أخبرنا أبو الفرج أحمد بن جعفر الشيباني ، حدّثنا محمّد بن جرير ، حدّثنا عبدالله بن داهر بن يحيى الرازي ، حدّثنا أبو داهر بن يحيى المقري ، حدّثنا الأعمش ، عن عباية ،

__________________

(١) منقبة المطهرين أهل بيت سيد الأولين والآخرين ـ مخطوط.

٣١٥

عن ابن عباس ، قال قال رسول الله ... » (١).

٣ ـ صدر الدين الحموئي الجويني : « عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ لُام سلمة : هذا علي بن أبي طالب لحمه [ من ] لحمي ودمه [ من ] دمي وهو منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي. يا ام سلمة! هذا علي أمير المؤمنين وسيد المسلمين ، ووصيّي وعيبة علمي ، وبابي الذي اوتى منه ، أخي في الدنيا والآخرة ، ومعي في السنام الأعلى ، يقتل القاسطين والمارقين والناكثين » (٢).

٤ ـ السيد شهاب الدين أحمد : « عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي ـ صلّى الله عليه وعلى آله وبارك وسلّم ـ إنه قال ـ وهو في بيت ام سلمة رضي الله تعالى عنهما ـ : هذا علي بن أبي طالب ، لحمه من لحمي ، ودمه من دمي ، وهو منّي بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبي من بعدي. ثم قال ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ يا ام سلمة اشهدي واسمعي ، هذا علي أمير المؤمنين وسيّد المسلمين وعيبة علمي ، وبابي الذي اوتى منه ، أخي في الدنيا وخدني في الآخرة ، ومعي في السنام الأعلى » (٣).

٥ ـ محمّد بن إسماعيل الأمير : « ذكر الفقيه العلاّمة حميد ـ رحمه‌الله في شرحه بعضاً من الروايات في الخوارج ، ولم يستوف كما سقناه ، إلاّ أنه ذكر ما لم نذكره فيما مضى ، وذكر بسنده إلى ابن عباس قال :

كان ابن عباس جالساً بمكّة يحدّث الناس على شفير زمزم ، فلمّا انقضى حديثه ، نهض إليه رجل من القوم فقال : يا ابن عبّاس ، إني رجل من أهل الشام ،

__________________

(١) المناقب للخوارزمي : ١٤٢ رقم ١٦٣.

(٢) فرائد السمطين ١ / ١٥٠.

(٣) توضيح الدلائل ـ مخطوط.

٣١٦

قال : أعوان كلّ ظالم إلاّمن عصم الله منكم ، سل عمّا بدا لك ، قال : يا ابن عباس : إني جئت أسالك عن علي بن أبي طالب وقتله أهل لا إله إلاّ الله ، لم يكفروا بقبلةٍ ولا حج ولا صيام رمضان ، فقال له : ثكلتك امك ، سل عمّا يعنيك.

قال : يا عبدالله ، ما جئتك أضرب من حمص لحجٍ ولا عمرة ، ولكنْ أتيتك لتخرج لي أمر علي وفعاله.

فقال : ويحك ، إن علم العالم صعب لا يحتمل ولا تقربه القلوب ... فاجلس حتى اخبرك الذي سمعته من رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ وعاينته :

إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ تزوّج زينب بنت جحش ، فأولم وكانت وليمته الجيش ، وكان يدعو عشرة عشرة من المؤمنين ، فكانوا إذا أصابوا من طعام نبي الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ استأنسوا إلى حديثه واشتهوا النظر في وجهه ، وكان رسول الله يشتهي أن يخفّفوا عنه ويخلو له المنزل ، لأنه كان قريب عهد بعرس زينب بنت جحش ، وكان يكره أذى المؤمنين ، فأنزل الله سبحانه : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ ... ) ...

ثم تحوّل إلى بيت ام سلمة بنت امية ، وكانت ليلتها وصبحها ويومها من رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ. فلما تعالى النهار وانتهى علي إلى الباب ، فدقّه دقاً خفيفاً ، فعرف رسول دقّة وأنكرته ام سلمة.

فقال : يا ام سلمة قومي وافتحي الباب.

قالت : يا رسول الله ، من هذا الذي بلغ من خطره أنْ ينظر إلى محاسني؟

فقال لها نبي الله ـ كهيئة المغضب ـ : من يطع الرسول فقد أطاع الله ، قومي وافتحي الباب ، فإنّ بالباب رجلاً ليس بالخرق ولا بالنزق ولا بالعجل ، يحب الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ، يا ام سلمة ، إنه آخذ بعضادتي الباب ، فليس بفاتح

٣١٧

الباب ولا داخل الدار حتى يغيب عنه الوطء.

فقامت ام سلمة ـ وهي لا تدري من بالباب ، غير أنها قد حفظت النعت والمدح ـ فمشت نحن الباب وهي تقول : بخ بخ لرجلٍ يحب الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ، ففتحت ، وأمسك علي بعضادتي الباب ، فلم يزل قائماً حتى خفي عليه الوطء ، فدخلت ام سلمة خدرها وفتح علي الباب.

فدخل ، فسلّم على النبي صلّى الله عليه وسلّم.

فقال النبيّ لُام سلمة : هل تعرفينه؟

قالت : نعم ، وهنيئاً له. هذا علي.

قال : صدقتِ يا ام سلمة. هذا علي بن أبي طالب ، لحمه لحمي ودمه دمي ، وهذا منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي ، يا ام سلمة إسمعي وافهمي ، هذا علي أمير المؤمنين وسيد المسلمين ، وعيبة علمي ، وبابي الذي أوتى منه ، والوصي على أمير المؤمنين وسيد المسلمين ، وعيبة علمي ، وبابي الذي أوتى منه ، والوصي على الأموات من أهل بيتي ، والخليفة على الأوصياء من امتي ، أخي في الدنيا وقريني في الآخرة ، ومعي في السنام الأعلى ، فاشهدي يا ام سلمة ، إنه يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين.

فقال الشامي : فرّجت عنّي يا ابن عباس ، أشهد أن عليّاً مولاي ومولى كلّ مسلم » (١).

٦ ـ ومن رواة هذا الخبر : الحسن بن بدر كتاب ( ما رواه الخلفاء ) ، وأبو بكر الشيرازي في ( كتاب الألقاب ) لكن باختصار في اللفظ. قال الوصابي اليمني : « وعنه : قال رسول الله صلّى عليه وسلّم لُام سلمة : إن عليّاً لحمه من لحمي ودمه من دمي ، وهو منّي بمنزلة هارون من موسى ، وكذب من زعم أنه يحبّني ويبغضه. أخرجه الحسن بن بدر في : ما رواه الخلفاء ، والشيرازي في

__________________

(١) الروضة الندية في شرح التحفة العلويّة.

٣١٨

الألقاب » (١).

٧ ـ وروى أبو محمّد العاصمي حديثاً هذا سنده : « حدّثني الحسين بن علي المدني ، عن يونس بن بكير ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جده علي بن الحسين عن علي بن أبي طالب. رضوان الله عليهم ». جاء فيه :

« ثم قال : يا سلمان أتدري من الداخل علينا؟ قال : نعم يا رسول الله ، ولكنْ زدني علماً إلى علمي. قال : يا سلمان هذا علي أخي ، لحمه من لحمي ودمه من دمي ، منزلته منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي ، يا سلمان ، هذا وصيي ووارثي ، والذي بعثني بالنبوة لآخذنّ يوم القيامة بحجزة جبرئيل ، ولعي آخذ بججزتي ، وفاطمة آخذه بحدزته ، والحسن آخذ بحجزة فاطمة ، والحسين آخذ بحجزة الحسن ، وشيعتهم آخذه بحجزتهم ، فأين ترى الله ذاهباً برسول الله؟ وأين ترى رسول الله ذاهباً بأخيه؟ وأين ترى أخا رسول الله ذاهباً بزوجته؟ وأين ترى فاطمة ذاهبةً بولدها؟ وأين ترى ولدي رسول الله ذاهبين بشيعتهم؟ إلى الجنّة وربّ الكعبة. يا سلمان إلى الجنة وربّ الكعبة ، يا سلمان إلى الجنة وربّ الكعبة ، يا سلمان إلى الجنّة وربّ الكعبة. يا سلمان عهدٌ عهد به جبرئيل من عند رب العالمين » (٢).

أقول :

فكما أنّ كلّ فقرةٍ الفقر السّابقة على حديث المنزلة واللاحقة له ـ في هذا الحديث ـ خصيصة من خصائص أمير المؤمنين تدل على أفضليته ، كذلك حديث المنزلة ... والأفضلية تستلزم الإمامة والخلافة العامّة.

__________________

(١) زين الفتى ـ تفسير سورة هل أتى ـ ١ / ٢٧٣ ـ ٢٧٤ ذيل ح ١٩٧.

(٢) زين الفتى ـ تفسير سورة هل أتى ـ مخطوط.

٣١٩

(٣٢)

حديث المنزلة عند المؤاخاة

ومن موارد حديث المنزلة : أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قاله لأمير المؤمنين عليه‌السلام في وقت المؤاخاة ، ممّن روى ذلك :

١ ـ أحمد بن حنبل.

٢ ـ عبدالله بن أحمد.

٣ ـ أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني ، ت ٣٦٠.

٤ ـ أبو محمّد عبدالله بن عبدالله بن جعفر بن حيان ـ أبو الشيخ ، ت ٣٦٩.

٥ ـ أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي.

٦ ـ علي بن محمّد الجلابي ، ابن المغازلي.

٧ ـ الموفق بن أحمد المكي الخوارزمي.

٨ ـ أبو محمّد حامد بن محمود الصالحاني.

٩ ـ محمّد بن يوسف الزرندي.

١٠ ـ نور الدين علي بن محمّد ـ ابن الصباغ المالكي.

١١ ـ جلال الدين السيوطي.

١٢ ـ إبراهيم بن عبدالله الوصّابي اليمني.

١٣ ـ عطاء الله بن فضل الله الشيرازي المعروف بجمال الدين المحدّث.

١٤ ـ علي بن حسام الدين المتّقي الهندي.

١٥ ـ شهاب الدين أحمد صاحب توضيح الدلائل.

١٦ ـ محمود بن محمّد بن علي الشيخاني القادري.

٣٢٠