نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ١٦

السيّد علي الحسيني الميلاني

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ١٦

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٠٤

وقال يعقوب بن شريك : صدوق ثقة سيّئ الحفظ جداً.

وقال ابن سعد : كان ثقة مأموناً كثير الحديث وكان يغلط.

وقال أبو داود : ثقة يخطئ.

وذكره ابن حبان في الثقات.

وقال الحافظ : « صدوق يخطئ كثيراً ، وكان عادلاً فاضلاً عابساً شديداً على أهل البدع » (١).

وأمّا ( الأجلح ) فقد عرفته في الكتاب.

و ( عبدالله بن بريدة ) من رجال الصحاح الستّة (٢).

* * *

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٤ / ٢٩٣ ، تقريب التهذيب ١ / ٣٥١.

(٢) تقريب التهذيب ١ / ٤٠٣.

١٦١

* وقال الحافظ ابن عساكر :

« أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا عاصم بن الحسن ، أنا أبو عمر بن مهدي ، أنا أبو العباس بن عقدة ، نا الحسن بن علي بن عفان ، نا حسن ـ يعني ابن عطية ـ نا سعّاد ، عن عبدالله بن عطاء ، عن عبدالله بن بريدة ، عن أبيه قال :

بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد كلّ واحدٍ منهما وحده ، وجمعهما فقال : « إذا اجتمعتما فعليكم عليّ » ، قال : فأخذنا يميناً أو يساراً قال : فأخذ عليّ فأبعد فأصاب سبياً ، فأخذ جارية من الخمس.

قال بريدة : وكنت من أشدّ الناس بغضاً لعليّ ، وقد علم ذلك خالد بن الوليد ، فأتى رجل خالداً فأخبره أنه أخذ جارية من الخمس ، فقال : ما هذا؟ ثم جاء آخر ، ثم أتى آخر ، ثم تتابعت الأخبار على ذلك.

فدعاني خالد ، فقال : يا بُرَيدة قد عرفت الذي صنع ، فانطلق بكتابي هذا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخبره ، وكتب إليه.

فانطلقت بكتابه حتى دخلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فأخذ الكتاب فأمسكه بشماله ، وكان كما قال الله عزّ وجلّ لا يكتب ولا يقرأ ، وكنت رجلاً إذا تكلّمت طأطأت رأسي حتّى أفرغ من حاجتي ، فطأطأت رأسي وتكلّمت فوقعت في عليّ ، حتى فرغت ثم رفعت رأسي.

١٦٢

فرأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد غضب غضباً لم أره غضب مثله قط إلاّيوم قريظة والنضير ، فنظر إليّ فقال :

« يا بريدة إنّ علياً وليّكم بعدي ، فأحب علياً فإنّه يفعل مايؤمر ».

قال : فقمت وما أحدٌ من الناس أحبّ إليّ منه.

قال عبدالله بن عطاء : حدَّثْتُ بذلك أبا حرب بن سويد بن غفلة فقال : كتمك عبدالله بن بريدة بعض الحديث : أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال له : « أنافقت بعدي يا بريدة ».

أقول :

أمّا ( ابن السمرقندي ).

و ( عاصم بن الحسن )

و ( أبو عمر ابن مهدي )

و ( أبو العباس ابن عقدة )

فتراجمهم موجودة في الكتاب.

وأمّا ( الحسن بن علي بن عفّان ) فهو :

من رجال أبي داود ، وابن ماجة.

وروى عنه : ابن أبي حاتم وجماعة.

قال ابن أبي حاتم : صدوق.

وقال الدارقطني : ثقة.

وقال الذهبي : « ابن عفان : المحدّث الثقة ».

١٦٣

وقال ابن حجر : « صدوق » (١).

وأمّا ( الحسن بن عطيّة ) فقد تكلّم فيه بعضهم ، لأن أكثر روايته عن أبيه « عطية بن سعد » وهم يتكلَّمون في أبيه بسبب التشيّع. ولكنّ المهمّ ـ الآن ـ أنّ روايته هذه ليست عن أبيه ... ومن هنا :

قال عباس الدوري عن يحيى : لم يكن به بأس.

وهو من رجال أبي داود في صحيحه.

وهو من رجال أحمد في المسند.

وروى عنه : سفيان الثوري ، ومحمّد بن إسحاق وجماعة.

وذكره ابن حبان في الثقات (٢).

وأما ( سعّاد ) فهو : سعّاد بن سليمان الجعفي :

من رجال ابن ماجة.

وذكره ابن حبان في الثقات.

وقال ابن حجر : « كوفي صدوق ، يخطئ ، وكان شيعيّاً » (٣).

وأمّا ( عبدالله بن عطاء ) فهو :

من رجال مسلم والأربعة (٤).

وروى عنه : سفيان الثوري ، وشعبة بن الحجاج ، وجمع من الأعاظم.

قال الترمذي : ثقة عند أهل الحديث.

* * *

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٤ ، تقريب التهذيب ١ / ١٦٨.

(٢) راجع : تهذيب الكمال ٦ / ٢١١ وهامشه.

(٣) تهذيب الكمال ١٠ / ٢٣٧ ، تقريب التهذيب ١ / ٢٨٥.

(٤) تقريب التهذيب ١ / ٤٣٤.

١٦٤

وقال البخاري : ثقة.

وقال الذهبي : صدوق إن شاء الله.

وقال ابن حجر : صدوق يخطئ ويدلّس (١).

* * *

__________________

(١) تهذيب الكمال ١٥ / ٣١٣ وهامشه.

١٦٥

* وقال الحافظ ابن كثير في سياق روايات الحديث :

« وقال خيثمة بن سليمان ، حدثنا أحمد بن حازم ، أخبرنا عبيدالله بن موسى ، عن يوسف بن صهيب ، عن رُكَين ، عن وهْب بن حمزة قال :

سافرت مع علي بن أبي طالب من المدينة إلى مكة ، فرأيت منه جفوةً ، فقلت : لئن رجعت فلقيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ لأنالنَّ منه. قال : فرجعت فلقيت رسول الله ، فذكرت علياً فنلت منه.

قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : لا تقولنَّ هذا لعلي ، فإنّ علياً وليّكم بعدي » (١).

أقول :

ورجال هذا السند كلّهم ثقات :

أمّا ( خيثمة بن سليمان ) فقد قال

السمعاني : « من الأئمّة الثقات » (٢).

الذهبي : « أحد الثقات » (٣).

__________________

(١) البداية والنهاية ٧ / ٣٤٦.

(٢) الأنساب ١ / ٣٠٣.

(٣) سير أعلام النبلاء ١٥ / ٤١٢ ، تذكرة الحافظ ٣ / ١٥٨.

١٦٦

الخطيب : « ثقة ثقة » (١).

وأمّا ( أحمد بن حازم ) فقد

ذكره ابن حبان في ( الثقات ) وقال : « وكان متقناً ».

وقال الذهبي : « الإمام الحافظ الصدوق ... توفي سنة ٢٧٦ » (٢).

وأما ( عبيدالله بن موسى ) فهو :

من رجال الصحاح الستة (٣).

وأمّا ( يوسف بن صهيب ) فهو :

من رجال أبي داود ، والترمذي ، والنسائي.

قال الحافظ : « ثقة » (٤).

وأمّا ( ركين ) فهو :

من رجال مسلم والأربعة والبخاري في المتابعات (٥).

وأما ( وهب بن حمزة ) فهو :

من الصحابة.

* وقد ذكره ابن الأثير ، وروى الحديث بترجمته ، حيث قال :

« وهب بن حمزة.

يعدُّ في أهل الكوفة. روى حديثه يوسف بن صهيب ، عن ركين ، عن وهب بن حمزة قال : صحبت علياً ـ رضي‌الله‌عنه ـ من المدينة إلى مكة ، فرأيت

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ١٥ / ٤١٣.

(٢) سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٣٩.

(٣) تقريب التهذيب ١ / ٥٣٩.

(٤) تقريب التهذيب ٢ / ٣٨١.

(٥) تقريب التهذيب ١ / ٢٥٢.

١٦٧

منه بعض ما أكره ، فقلت : لئن رجعت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأشكونّك إليه ، فلمّا قدمت ، لقيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فقلت : رأيت من علي كذا وكذا.

فقال : لا تقل هذا ، فهو أولى الناس بعدي. أخرجه ابن مندة ، وأبو نعيم » (١).

ولا يخفى : أنّ تغيير اللفظ من « وليّكم بعدي » إلى « أولى الناس بعدي » غير ضائر ، بل هو وأوضح دلالةً ، لكونه نصّاً في الأولويّة بالناس بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم.

* وقد صحّح الحافظ الهيثمي هذه الرواية حيث قال :

« وعن وهب بن حمزة قال : صحبت عليّاً إلى مكة ، فرأيت منه بعض ما أكره ، فقلت : لئن رجعت لأشكونّك إلى رسول الله ... فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : لا تقل هذا فهو أولى الناس بكم بعدي.

رواه الطبراني ، وفيه ركين ، ذكره ابن أبي حاتم ، ولم يضعّفه أحد ، وبقية رجاله وثّقوا » (٢).

ولا يخفى : أن مجرّد ذكر ابن أبي حاتم الراوي في كتابه ( الجرح والتعديل ) ليس بضائر في وثاقته ، وإلاّ فقد ذكر أحمد بن حنبل وأمثاله أيضاً.

هذا ، ولابدّ من التنبيه على أنّ اللفظ الصحيح لسند هذا الحديث هو ما ذكرناه هنا ، لا ما جاء بترجمة « خيثمة بن سليمان » فإنّه غلطٌ من النسخة ، وقد ذُكر أن كتابه في ( فضائل الصحابة ) مطبوع ، ولكنّا لم نقف عليه حتى الآن.

* * *

__________________

(١) اسد الغابة ٥ / ٤٢٥. الطبعة الحديثة.

(٢) مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ٩ / ١٠٩.

١٦٨

* وقال الحافظ الذهبي ، بترجمة « جعفر بن سليمان »

« أخبرنا إسحاق الصفّار ، أخبرنا يوسف الآدمي ، أخبرنا أبو المكارم اللّبان ، أخبرنا أبو علي الحداد ، أخبرنا أبو نعيم ، حدثنا سليمان بن أحمد ، حدّثنا معاذ بن المثنى ، حدثنا مسدد ، حدثنا جعفر بن سليمان ، عن يزيد الرشك ، عن مطرف ، عن عمران بن حصين ، قال :

بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سريةً ، واستعمل عليهم عليّاً ، فأصاب جاريةً ، فأنكروا عليه ، قال : فتعاقد أربعة من الصحابة فقالوا : إذا لقينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أخبرناه ـ وكان المسلمون إذا قدموا من سفرٍ بدءوا برسول الله ، فسلّموا عليه ، فلمّا قدمت السرية ، سلّموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقام أحد الأربعة فقال : يا رسول الله ، ألم تر أن عليّاً صنع كذا وكذا؟ فأقبل عليه رسول الله ـ يعف الغضب في وجهه ـ فقال :

ما تريدون من علي ـ ثلاث مرات ـ إنّ عليّاً مني وأنا منه ، وهو ولي كلّ مؤمنٍ بعدي.

تابعه : قتيبة ، وبشر بن هلال ، وعفان. وهو من أفراد جعفر » (١).

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ٨ / ١٩٩.

١٦٩

أقول :

أمّا ( إسحاق الصفّار ) فقد ترجم له الذهبي نفسه في ( المعجم المختص ) وفي ( معجم الشيوخ ) فذكر ولادته ، ومشايخه ، وأرّخ وفاته بسنة ٧١٠ قال : « ولي فيه مديح » (١).

وأمّا ( يوسف الأدمي ) فهو : يوسف بن خليل الدمشقي ، المتوفى سنة ٦٤٨ :

ابن تغري بردى : « والحافظ شمس الدين يوسف بن خليل الدمشقي الأدمي ، بحلب ، في جمادى الآخرة ، وله ٩٣ سنة » (٢).

ابن رجب : « المحدّث ، الحافظ ، ذو الرحلة الواسعة ... وكان إماماً حافظاً ، ثقة ، ثبتاً ، عالماً ، واسع الرواية ، جميل السيرة ، متسع الرحلة ، تفرّد في وقته بأشياء كثيرة عن الأصبهانيين ، وخرّج وجمع لنفسه معجماً ... سئل عنه الحافظ الضياء فقال : حافظ مفيد ، صحيح الأصول ، سمع وحصّل الكثير ، صاحب رحلة وتطواف.

وسئل الصّريفيني عنه فقال : حافظٌ ثقة ، عالم بما يقرأ عليه ، لا يكاد يفوته اسم رجل » (٣).

ابن العمّاد : « كان إماماً ، حافظاً ، ثقةً ، نبيلاً ، متقناً ، واسع الرواية ، جميل

__________________

(١) المعجم المختص : ٧١ ، الترجمة رقم ٨١ ، معجم شيوخ الذهبي ١ / ١٦٩ الترجمة رقم ١٧٢.

(٢) النجوم الزاهرة ٧ / ٢٢.

(٣) طبقات الحنابلة ٤ / ١٩٧.

١٧٠

السيرة ، متسع الرحلة. قال ابن ناصر الدين : كان من الأئمة الحفّاظ المكثرين الرحّالين ، بل كان أوحدهم » (١).

الذهبي : « الإمام ، المحدّث ، الصادق ، الرحّال ، النقّال ، شيخ المحدّثين ، راوية الإسلام ... سمعت من حديثه شيئاً كثيراً وما سمعت العشر منه ، وهو يدخل في شرط الصحيح ، لفضيلته وجودة معرفته وقوّة فهمه وإتقان كتبه وصدقه وخيره ... » (٢).

السيوطي : « ابن خليل. الحافظ المفيد الرحال ، الإمام ، مسند الشام ... محدّث حلب. وكان حافظاً ثقة عالماً بما يقرأ عليه ، لا يكاد يفوته اسم رجل ، واسع الرواية ، متقناً » (٣).

وأمّا ( أبو المكارم اللّبان ) فهو : أحمد بن أبي عيسى محمّد بن محمّد الإصفهاني المتوفى سنة ٥٩٧ :

ابن تغري بردى : « وفيها توفي القاضي أبو المكارم أحمد بن محمّد الإصبهاني المعروف بابن اللبان العدل » (٤).

ابن العماد : « وفيها توفّي : اللّبان القاضي العدل ، أبو المكارم ، مسند العجم ، مكثر عن أبي علي الحداد » (٥).

الذهبي : « القاضي العالم ، مسند إصبهان ، أبو المكارم ... مكثر عن أبي

__________________

(١) شذرات الذهب ٥ / ٢٤٣.

(٢) سير أعلام النبلاء ٢٣ / ١٥١.

(٣) طبقات الحفاظ : ٤٩٩.

(٤) النجوم الزاهرة ٦ / ١٧٩.

(٥) شذرات الذهب ٤ / ٣٢٩.

١٧١

علي الحداد ... » (١).

وأمّا ( أبو علي الحداد ) فقد عرفته في الكتاب.

وأمّا ( أبو نعيم ) ومن بعده ، فقد عرفتهم في تصحيح سند الحافظ أبي نعيم الإصبهاني.

* * *

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ٢١ / ٣٦٢.

١٧٢

الفصل الثالث

في خبر عبدالله بن عباس في المناقب العشر

١٧٣
١٧٤

قد عرفت أنّ ( حديث الولاية ) من أصحّ الأحاديث وأثبتها عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وأنّ أهل السنة يروونه بأسانيدهم الكثيرة عن عدّة من الصحابة ، وأشهرهم فيه : بريدة وعمران بن الحصين وابن عباس.

وفي هذا الفصل نبحث عن خصوص حديث ابن عباس ، فإنّه حديث معتبر جدّاً ، ومهمٌ جدّاً ، لاشتماله على مناقب عشر من مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام ، لا يشاركه فيها أحد من غير أهل البيت والعترة الطاهرة ... ومن ضمنها حديث الولاية.

عقدنا هذا الفصل لذكر روايات جمعٍ من الأكابر لهذا الحديث بأسانيدهم ، في الكتب المعروفة المشهورة بين أهل السنَّة ، مع التحقيق في أحوال رجال تلك الأسانيد ، لإثبات صحّة الكثير بل الغالب منها.

إنها فضائل يصلح كلّ واحدة منها بوحدها للإستدلال على إمامة أمير المؤمنين وخلافته بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مباشرةً ... مضافاً إلى ورود كلّ واحدةٍ منها بأسانيد اخرى عن ابن عباسٍ وغيره من أعلام الصّحابة.

وقد كان غرضنا من عقد هذا الفصل ـ إلى جنب ما أشرنا إليه ـ الردّ على ابن تيميّة ، في دعاوى له في كتابه ( منهاج السنّة ) ، وهي :

١ ـ دعوى أنّ علياً عليه‌السلام ما اختصَّ بفضيلةٍ.

٢ ـ دعوى أنّ ابن عباس كان يفضّل أبا بكر وعمر على علي عليه‌السلام.

١٧٥

٣ ـ دعوى أنّ حديث الولاية غير صحيح.

٤ ـ دعوى أنّ حديث المناقب العشر عن ابن عباس مرسل غير مسند.

هذا ، وفي النيّة وضع كتاب شامل عن هذا الحديث ، لكونه أيضاً من أصحّ الأحاديث وأثبتها ، وأتمّ الأدلّة وأمتنها ، في مسألة الإمامة بعد رسول الله ، وبالله التوفيق.

١٧٦

لفظ الحديث كما في مسند أحمد

عن عمرو بن ميمون ، قال :

« إني لجالس إلى ابن عباس ، إذْ أتاه تسعة رهط ، فقالوا :

يا ابن عباس ، إمّا أنْ تقوم معنا ، وإمّا أن تخلونا هؤلاء.

فقال ابن عباس : بل أقوم معكم.

قال : وهو يومئذ صحيح ، قبل أنْ يعمى.

قال : فابتدؤا فتحدّثوا ، فلا ندري ما قالوا.

قال : فجاء ينفض ثوبه ويقول : اف وتف! وقعوا في رجل له عشر وقعوا في رجلٍ :

ـ قال له النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ : لأبعثنَّ رجلاً لا يخزيه الله أبداً ، يحبّ الله ورسوله. قال : فاستشرف لها من استشرف. قال : أين علي؟ قالوا : هو في الرحل يطحن. قال : وما كان أحدكم ليطحن! قال : فجاء وهو أرمد لا يكاد يبصر. قال : فنفث في عينيه ، ثم هزّ الراية ثلاثاً ، فأعطاها إيّاه فجاء بصفيّة بنت حيي.

ـ قال : ثم بعث فلاناً بسورة التوبة ، فبعث عليّاً خلفه ، فأخذها منه ، قال : لا يذهب بها إلاّرجل منّي وأنا منه.

ـ قال : وقال لبني عمّه : أيّكم يواليني في الدنيا والآخرة؟ قال : وعلي جالس ، فأبوا ، فقال علي : أنا اواليك في الدنيا والآخرة ، قال : أنت ولييّ في

١٧٧

الدنيا والآخرة. قال : فتركه. ثم أقبل على رجلٍ منهم فقال : أيّكم يواليني في الدنيا والآخرة؟ فأبوا ، قال : فقال علي : أنا اواليك في الدنيا والآخرة. فقال : أنت وليّي في الدنيا والآخرة.

ـ قال : وكان أوّل من أسلم من الناس بعد خديجة.

ـ قال : وأخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثوبه ، فوضعه على علي وفاطمة وحسن وحسين ، فقال : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (١).

ـ قال : وشرى علي نفسه ، لبس ثوب النبي صلّى الله عليه وسلّم ، ثم نام مكانه ، قال : وكان المشركون يرمون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فجاء أبو بكر وعلي نائم ، قال : وأبو بكر يحسب أنه نبي الله ، قال : فقال : يا نبي الله. قال : فقال له علي : إنّ نبي الله صلّى الله عليه وسلّم قد انطلق نحو بئر ميمون فأدركه. قال : فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار. قال : وجعل علي يرمى بالحجارة كما كان يرمى نبي الله وهو يتضوّر قد لفّ رأسه في الثوب لا يخرجه حتى أصبح ، ثم كشف عن رأسه ، فقالوا : إنك للئيم. كان صاحبك نراميه فلا يتضوّر وأنت تتضوّر ، وقد استنكرنا ذلك.

ـ قال : وخرج بالناس في غزوة تبوك ، قال : فقال له علي : أخرج معك؟ قال فقال له نبي الله : لا فبكى علي ، فقال له : أما ترضى أنْ تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنك لست بنبي ، إنّه لا ينبغي أنْ أذهب إلاّ وأنت خليفتي.

ـ قال : وقال له رسول الله : أنت وليي في كلّ مؤمنٍ بعدي.

ـ وقال : سدّوا أبواب المسجد غير باب علي ، فقال : فيدخل المسجد جنباً

١٧٨

وهو طريقه ، ليس له طريق غيره.

ـ قال : وقال : من كنت مولاه فإن مولاه علي.

ـ قال : وأخبرنا الله عزّ وجلّ في القرآن أنه قد رضي عن أصحاب الشجرة ، فعلم ما في قلوبهم. هل حدّثنا أنه سخط عليهم بعدُ؟ قال : وقال نبي الله صلّى الله عليه وسلّم لعمر حين قال : إئذن لي فلأضرب عنقه ، قال : أو كنت فاعلاً؟ وما يدريك لعلّ الله قد اطّلع إلى أهل بدرٍ فقال : اعملوا ما شئتم ».

١٧٩

أسماء أشهر رواة الحديث كلّه أو بعضه

وهذه أسماء جمع من أشهر مشاهير الأئمّة الأعلام من أهل السنّة ، في القرون المختلفة ، الرواة لهذا الحديث ، كلّه أو بعضه ، بأسانيدهم المنتهية إلى عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس ، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم :

١ ـ شعبة بن الحجاج ، المتوفى سنة ١٦٠.

٢ ـ أبو داود الطيالسي ، المتوفى سنة ٢٠٤.

٣ ـ محمّد بن سعد كاتب الواقدي ، المتوفى سنة ٢٣٠.

٤ ـ أحمد بن حنبل ، المتوفى سنة ٢٤١.

٥ ـ محمّد بن عيسى الترمذي ، المتوفى سنة ٢٧٩.

٦ ـ أبو بكر ابن أبي عاصم ، المتوفى سنة ٢٨٩.

٧ ـ أبو بكر البزار ، المتوفى سنة ٢٩٢.

٨ ـ أبو عبدالرحمن النسائي ، المتوفى سنة ٣٠٣.

٩ ـ أبو يعلى الموصلي ، المتوفى سنة ٣٠٧.

١٠ ـ أبو عبدالله المحاملي ، المتوفى سنة ٣٣٠.

١١ ـ أبو القاسم الطبراني ، المتوفى سنة ٣٦٠.

١٢ ـ أبو عبدالله الحاكم النيسابوري ، المتوفى سنة ٤٠٥.

١٣ ـ ابن عبدالبر القرطبي ، المتوفى سنة ٤٦٣.

١٨٠