نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ١٤

السيّد علي الحسيني الميلاني

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ١٤

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٦٦

الحديث ناقلا كلا تأويلي التوربشتي : « أوّل بعضهم هذا الحديث على أنّ المراد : بمن هو من أحبّ خلقك إليك ، فيشاركه فيه غيره ، وهم المفضلّون بإجماع الأمة ، وهو كقولهم : فلان أعقل الناس وأفضلهم. أي : من أعقلهم وأفضلهم. وممّا يدلّ على أنّ حمله على العموم غير جائز : أنّه عليه‌السلام من جملة « خلقك » ولا جائز أن يكون علي أحبّ إلى الله منه. فإن قيل : ذلك شيء عرف بأصل الشرع. أجيب : بأن ما نحن فيه أيضا عرف بالنصوص الصحيحة.

أو يقال : أراد أحبّ خلقه من بني عمّه ، وقد كان عليه‌السلام يطلق ويريد به التقييد ، فيعرفه ذو الفهم بالنظر إلى الحال أو الوقت أو الأمر الذي هو فيه » (١).

السّيوطي

تأويل التوربشتي فقط

وقال جلال الدين السيوطي ـ شارح الترمذي ـ بشرحه : « قال التوربشتي : قوله : بأحبّ خلقك إليك. أي : من هو من أحبّ خلقك. فيشارك غيره وهم المفضلّون بإجماع الامة ، وهذا مثل قولهم : فلان أفضل الناس وأعقلهم. أي : من أفضلهم وأعقلهم. ومما يتبيّن لك. أنّ حمله على العموم غير جائز : أنّه صلّى الله عليه وسلّم من جملة خلق الله ، ولا جائز أن يكون علي أحبّ إلى الله منه.

أو يأوّل على أنّه أراد به : أحبّ خلقه إليه من بني عمّه وذويه ، وقد كان صلّى الله عليه وسلّم يطلق القول وهو يريد تقييده ، ويعم به ويريد تخصيصه ، فيعرفه ذو الفهم بالنظر إلى الحال أو الوقت أو الأمر الذي هو فيه » (٢).

__________________

(١) المفاتيح ـ شرح المصابيح ـ مخطوط.

(٢) قوت المغتذي على شرح الترمذي ـ باب مناقب علي.

٣٤١

القاري

١ ـ نقله كلامي التوربشتي والطيّبي

وقال علي بن سلطان القاري ـ شارح مشكاة المصابيح ـ بشرحه :

« قال الإمام التوربشتي : نحن وإن كنّا لا نجهل بحمد الله فضل علي ...

قال الطيبي : والوجه الذي يقتضيه المقام هو الوجه الثاني ...

وفيه : إنّه لا شك أنّ العم أولى من ابنه ، وكذا البنت وأولادها في أمر البرّ والإحسان. على أنّ قول الطيبي هذا إنّما يتم إذا لم يكن أحد هناك ممّن يؤاكله ، ولا شك في وجوده لا سيّما وأنس حاضر وهو خادمه ، ولم يكن من عادته أن لا يأكل معه. فالوجه الأول هو المعوّل ، ونظيره ما ورد من الأحاديث بلفظ : « أفضل الأعمال » في أمور لا يمكن جمعها ، إلاّ أن يقال في بعضها : إن التقدير من أفضلها » (١).

٢ ـ ردّه كلام الطيبي

أقول : لقد أورد القاري نصّ عبارة التوربشتي ، ثمّ نصّ عبارة الطيبي في توجيه الوجه الثاني من تأويلي التوربشتي ، ثمّ ردّ ما ذكره الطيبي بما رأيت.

فظهر من مجموع ذلك : سقوط الوجه الأوّل عند الطيبي ، وسقوط الوجه الثاني عند القاري ، مضافا إلى ما ذكرناه بالتفصيل في ردّ الوجهين والكلامين.

__________________

(١) مرقاة المفاتيح في شرح مشكاة المصابيح ٥ / ٥٦٩.

٣٤٢

٣ ـ نقد تأييد القاري للوجه الأوّل.

وأمّا تأييد القاري الوجه الأوّل بقوله : « فالوجه الأول هو المعوّل ، ونظيره ما ورد من الأحاديث بلفظ ... » ففيه : أنّه إذا كان أهل السنّة مضطرّين إلى التأويل لرفع التهافت في أحاديثهم تلك ، فما الملزم للشيعة الإمامية لأن يلتزموا بالتأويل في حديث الطير؟!

عبد الحقّ الدّهلوي

١ ـ نقل كلامي التوربشتي والطيّبي

وقال الشيخ عبد الحق الدهلوي ـ شارح مشكاة المصابيح ـ : « قوله : بأحبّ خلقك. أوّله الشّارحون بأنّ المراد من أحبّ خلقك ـ أو أحبّ خلق الله ـ من بني عمّه ، أو بأحبّ خلقك إليك من ذوي القرابة القريبة ، أو من هو أولى وأقرب وأحق بإحساني إليه. وهذا الوجه الأخير أقرب وأوفق بالمقام. هكذا قالوا. » (١).

٢ ـ خطأ فضيع من الدهلوي

وهذه هي تأويلات التوربشتي والطيّبي ، وقد عرفت سخافتها وركاكتها بالتفصيل ... فلا حاجة إلى الإعادة والتكرار ... لكن من العجيب جدّا أنّ هذا الشّيخ ينقل ـ بعد عبارته المذكورة ـ كلام التوربشتي ـ الذي أوردنا نصّه بكاملة وأبطلناه بما لا مزيد عليه ـ عن ( الصواعق ) ناسبا إيّاه إلى ابن حجر المكّي ... استمع إليه يقول :

« ولقد أتى الشيخ ابن حجر في كتاب الصواعق في الاعتذار عن التأويل

__________________

(١) اللمعات في شرح المشكاة ـ باب مناقب علي.

٣٤٣

لهذا الحديث بكلام مليح فصيح طويل ، قال : نحن وإن كنّا لا نجهل ـ بحمد الله ـ فضل علي رضي‌الله‌عنه وقدمه وسوابقه في الإسلام واختصاصه برسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالقرابة القريبة ، ومؤاخاته إيّاه في الدين ، ونتمسّك من حبّه بأقوى وأولى ممّا يدّعيه الغالون فيه ، فلسنا نرى أن نضرب عن تقرير أمثال هذه الأحاديث في نصابها صفحا ، لما نخشى فيها من تحريف الغالين وتأويل الجاهلين وانتحال المبطلين. وهذا باب أمرنا بمحافظته ، وحمى أمرنا بالذبّ عنه ، فحقيق علينا أن ننصر فيه الحق ونقدّم فيه الصّدق. وهذا حديث يريش به المبتدع سهامه ويوصل به المنتحل جناحه فيتخذّه ذريعة إلى الطّعن في خلافة أبي بكر ، التي هي أوّل حكم أجمع عليه المسلمون في هذه الامة ، وأقوم عماد أقيم به الدين بعد رسول الله فنقول ـ وبالله التوفيق :

هذا الحديث لا يقاوم ما أوجب تقديم أبي بكر والقول بخيريّته ، من الأخبار الصّحاح. منضّما إليه إجماع الصّحابة ، لمكان سنده ، فإنّ فيه لأهل النقل مقالا ، ولا يجوز حمل أمثاله على ما يخالف الإجماع ، لا سيّما والصّحابي الذي يرويه ممّن دخل في هذا الإجماع واستقام عليه مدّة عمره ولم ينقل عنه خلافه ، فلو ثبت عنه هذا الحديث فالسّبيل أن يأوّل على وجه لا ينتقض عليه ما اعتقده ولا يخالف ما هو أصحّ متنا وإسنادا ، وهو أن يحمل على أحد الوجوه المذكورة ».

وهذا كلام التوربشتي الذي أتينا عليه آنفا ، غير أنّ للدهلوي فيه تصرّفا مّا في آخره ، وليس لهذا الكلام في ( الصواعق ) عين ولا أثر أبدا ، وليته نسبه إلى ابن حجر ولم ينص على أنّه في ( كتاب الصّواعق )!!

ثمّ إنّ الدهلوي تصدّى لتأويل الحديث الشّريف حسبما يروق له ويسوقه إليه تعصّبه فقال :

« قال العبد الضعيف ـ عصمه الله عمّا يصمّه وصانه عمّا شانه ـ : إنّ من الظاهر أنّ الحديث غير محمول على الظاهر ، لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم

٣٤٤

من جملة خلق الله ، وهو أحبّ الخلق إلى الله من جميع الوجوه والحيثيّات ، فالمراد أهل زمان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الصحابة ، وغيره إنّما يكون من وجه واحد خاص أو وجوه متعددّة مخصوصة ، فلا حاجة إلى تخصيص الخلق ، بل إلى تخصيص الوجه أو الوجوه ، لأنّه ليس أحبّ وأفضل من جميع الوجوه سوى سيّد المحبوبين وأفضل المخلوقين صلّى الله عليه وسلّم. ثمّ الكلام في الصحابة إنّما هو في الأفضليّة من كثرة الثواب والأحبيّة ، كما في القول المشهور من بعض العلماء في الفرق بين الأفضلية والأحبيّة. والمخلص في هذه المسألة : اعتبار الوجوه والحيثيّات. والله أعلم ».

٣ ـ تكراره استلزام دخول النبيّ في العموم

لقد حكم الدهلوي بعدم جواز بقاء هذا الحديث على ظاهره في العموم « لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من جملة خلق الله وهو أحبّ الخلق إلى الله من جميع الوجوه والحيثيّات » وهذا تكرار لما سبق عن التوربشتي ، وقد عرفت سقوطه بوجوه ...

٤ ـ حمله الحديث على أنّه أحبّ أهل زمان الرسول إليه باطل

وأمّا حمله الحديث ـ بعد عدم جواز إبقائه على ظاهره ، لأنّ النبيّ من جملة خلق الله ، وهو أحبّ الخلق إليه ـ على أنّ « المراد أهل زمان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الصحابة » فواضح البطلان ، لأنّا لو سلّمنا رفع اليد عن ظاهر الحديث بسبب استلزام كون أمير المؤمنين عليه‌السلام أحبّ إلى الله تعالى من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فإنّ مقتضى القاعدة رفع اليد عن ظاهر الحديث بقدر الضرورة ، بأن يكون عمومه غير شامل للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقط ، وأمّا غيره من الأنبياء والأوصياء والملائكة وسائر الخلق فباق تحت العموم.

٣٤٥

إن وجوه بطلان هذا الحمل كثيرة ، وهو واضح جدّا ، فلا نطيل المقام ببيان تلك الوجوه ، ونكتفي بأنّ في بعض ألفاظ الحديث : « اللهم أدخل عليّ أحبّ الخلق من الأوّلين والآخرين ».

٥ ـ دعوى اختصاص النبيّ بالأحبيّة من جميع الوجوه مردودة

وأمّا قوله : « وغيره إنّما يكون من وجه واحد خاص أو وجوه متعدّدة مخصوصة فلا حاجة إلى تخصيص الخلق بل إلى تخصيص الوجه أو الوجوه ، فإنّه ليس أحبّ وأفضل من جميع الوجوه سوى سيّد المحبوبين وأفضل المخلوقين صلّى الله عليه وسلّم » فدعوى بلا دليل ، لأنّ اجتماع جميع وجوه الأحبيّة المعتبرة في الأفضليّة في غير النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غير ممنوع أبدا ، إنّما الممنوع أن يكون كمال جميع الوجوه الموجودة في غيره صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أزيد من كمالها في شخصه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

إذن ، لا مانع من اجتماع جميع وجوه الأحبيّة في أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وحينئذ فما الملزم لتخصيص أحبيّته بجهة أو جهات دون غيرها وصرف الكلام النبوي عن ظاهره؟ ولو لم يكن لبطلان هذا التخصيص وجه إلاّ صرف الحديث عن ظاهره بلا دليل لكفى ، فكيف والوجوه على بطلانه كثيرة! تقدّمت طائفة منها في ردّ التأويل الأوّل الذي زعمه ( الدّهلوي ) ، فلا تغفل.

ثمّ العجب من هذا الشيخ يدّعي التّخصيص في الخلق ويقول « فالمراد أهل زمان رسول الله من الصحابة » ثمّ يعود بفاصل قليل ليقول : « ... فلا حاجة إلى تخصيص الخلق بل إلى تخصيص الوجه أو الوجوه ... » وهل هذا إلاّ تهافت؟!

٣٤٦

٦ ـ مغايرة الأحبيّة للأفضليّة مردودة عند علمائهم

وأمّا قوله : « ثمّ الكلام في الصّحابة إنّما هو في الأفضلية من جهة كثرة الثواب ، والأحبيّة غيرها ، كما في القول المشهور من بعض العلماء في الفرق بين الأفضليّة والأحبيّة » فعجيب أيضا ، فقد صرّح الرازي في ( تفسيره ) بأنّ المحبّة من الله إعطاء الثواب ، فالأحبيّة إليه توجب أكثريّة الثواب بلا ارتياب ، وقد تقدّمت عبارته سابقا ، كما ستعلم أن أكابر المتكلّمين من أهل السنّة : كالرازي ، والأصفهاني ، والعضد ، والشّريف الجرجاني ، والدولت آبادي ، وافقوا على كون الأحبيّة بمعنى أكثريّة الثّواب.

٣٤٧
٣٤٨

دحض تقولات

بعض علماء الكلام

٣٤٩
٣٥٠

القاضي عبد الجبّار

قال قاضي القضاة عبد الجبّار بن أحمد الأسترآبادي ما نصّه :

« دليل لهم آخر : وقد تعلّقوا بقوله عليه‌السلام : لأعطينّ الرّاية غدا رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله. وبما روي من قوله صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطّائر.

قالوا : إذا دلّ على أنّه أفضل خلق الله تعالى بعده وأحبّهم إلى الله تعالى فيجب أن يكون هو الإمام.

وهذا بعيد ، لأنّه إنّما يمكن أن يتعلّق به في أنّه أفضل ، فأمّا في النصّ على أنّه إمام فغير جائز التعلّق به ، إلاّ من حيث أن يقال : الإمامة واجبة للأفضل. وقد بيّنا أنّها غير مستحقّة بالفضل ، فإنّه لا يمتنع في المفضول أن يتولاّها أو من يساويه غيره في الفضل » (١).

إقراره بالسّند والدلالة وإنكاره تعيّن الأفضل للإمامة

أقول : هذا كلام ظاهر في قبول القاضي عبد الجبّار حديث الطّير سندا ودلالة ، ولو كان عنده تأمّل في جهة سنده أو جهة دلالته على أفضليّة أمير

__________________

(١) المغني في الإمامة ج ٢٠ ق ٢ / ١٢٢.

٣٥١

المؤمنين عليه‌السلام لما سكت عن إظهاره ، لكنه منع وجوب الإمامة للأفضل وجوّز أن يتولاّها المفضول تصحيحا لخلافة المتغلّبين عليها ... لكن قد أثبتنا في محلّه أن نصب المفضول لها مع وجود الأفضل غير جائز ... فلا يبقى ريب في دلالة حديث الطّير على إمامة الإمام وخلافته عن الرّسول بلا فصل.

ولنعم ما أفاد السيّد المرتضى علم الهدى طاب ثراه في نقض كلام القاضي : « هذان الخبران اللذان ذكرتهما إنّما يدلاّن عندنا على الإمامة ، كدلالة المؤاخاة وما جرى مجراها ، لأنّا قد بيّنا أنّ كلّ شيء دلّ على التفضيل والتعظيم فهو دلالة على استحقاق أعلى الرتب والمنازل ، وإنّ أولى الناس بالإمامة من كان أفضلهم وأحقّهم بأعلى منازل التبجيل والتعظيم ، وقد مضى طرف من الكلام في أنّ المفضول لا يحسن إمامته ، وإن ورد من كلامه شيء من ذلك في المستقبل أفسدناه بعون الله » (١).

الفخر الرّازي

وقال الفخر الرّازي ـ في ذكر أدلّة الإمامية على أفضليّة الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ : « الحجّة الثّانية : التمسّك بخبر الطّير ، وهو قوله عليه‌السلام : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل هذا الطير معي. والمحبّة من الله تعالى عبارة عن كثرة الثواب والتعظيم ».

فأجاب : « أمّا الثاني ـ وهو التمسّك بخبر الطّير ـ فالاعتراض عليه أن نقول : قوله عليه‌السلام : بأحبّ خلقك. يحتمل أن يكون [ المراد منه ] أحبّ خلق الله في جميع الأمور ، وأن يكون أحبّ خلق الله في شيء معيّن. والدليل على كونه محتملا لهما : أنّه يصح تقسيمه إليهما فيقال : إمّا أن يكون أحبّ خلق الله في جميع الأمور أو يكون أحبّ خلق الله في هذا الأمر الواحد ، وما به

__________________

(١) الشافي في الإمامة ٣ / ٨٦ ـ ٨٧.

٣٥٢

الاشتراك غير مستلزم بما به الامتياز ، فإذن ، هذا اللفظ لا يدلّ على كونه أحبّ إلى الله تعالى في جميع الأمور ، فإذن ، هذا اللفظ لا يفيد إلاّ أنّه أحبّ إلى الله في بعض الأمور ، وهذا يفيد كونه أزيد ثوابا من غيره في بعض الأمور ، ولا يمتنع كون غيره أزيد ثوابا منه في أمر آخر ، فثبت أنّ هذا لا يوجب التفضيل. وهذا جواب قوي » (١).

وجوب الجواب عن هذا الكلام

وهذا الاعتراض الذي وصفه بالقوة في غاية الضعف والسخافة ، لما قدّمنا في جواب التأويل الأول من تأويلات ( الدهلوي ) ، من الوجوه القويمة الدالّة على بطلان تأويل حديث الطير وحمل « الأحبيّة » فيه على بعض الوجوه دون بعض.

ونقول هنا بالإضافة إلى ذلك :

أولا : تخصيص « الأحبيّة » ببعض الأمور صرف للكلام عن ظهوره وهو حرام بلا ريب ، كما سبق وسيأتي فيما بعد أيضا.

وثانيا : صحّة الاستثناء دليل العموم ، إذ يصحّ أن يقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك إلاّ في كذا ، وإذ لم يستثن فالكلام عام ، وهذه القاعدة مقررة ومقبولة بلا كلام.

وثالثا : لو سلّمنا أنّ مدلول حديث الطير كونه « أحبّ إلى الله في بعض الأمور ، وأن هذا يفيد كونه أزيد ثوابا من غيره في بعض الأمور » فالحديث يدل على أنّه عليه‌السلام أفضل من الثلاثة ، إذ لا سبيل لأهل السنّة لأن يثبتوا للإمامية أنّ أحدهم يستحقّ ثوابا في الأمر الفلاني المحبوب لله ورسوله ، فضلا عن الأحبيّة وأكثريّة الثواب ، فضلا عن أن يكون أحدهم أحبّ وأكثر ثوابا منه

__________________

(١) الأربعين في اصول الدين ـ مبحث أدلّة الإماميّة على أفضليّة على.

٣٥٣

عليه‌السلام.

الشّمس السّمرقندي

وقال شمس الدين محمّد بن أشرف الحسني السمرقندي :

« الفصل الثالث في أفضل الناس بعد النبي. المراد بالأفضل هاهنا أن يكون أكثر ثوابا عند الله. واختلفوا فيه فقال أهل السنّة وقدماء المعتزلة : إنّه أبو بكر. وقال الشيعة وأكثر المتأخرين من المعتزلة : هو علي :

استدلّ أهل السنّة بوجهين : الأول : قوله تعالى : ( وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ ) السورة. والمراد هو أبو بكر ـ رضي‌الله‌عنه ـ عند أكثر المفسّرين ، والأتقى أكرم عند الله تعالى ، لقوله تعالى : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ) والأكرم عند الله أفضل. الثاني : قوله صلّى الله عليه وسلّم : والله ما طلعت شمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبي بكر.

وأجاب الشيعة : بأنّ هذا لا يدلّ على أنّه أفضل ، بل على أنّ غيره ليس أفضل منه.

واحتجّت الشيعة : بأنّ الفضيلة إمّا عقليّة أو نقليّة ، والعقليّة إمّا بالنسب أو بالحسب ، وكان علي أكمل الصّحابة في جميع ذلك ، فهو أفضل.

أمّا النسب : فلأنّه أقرب إلى رسول الله ، والعباس ـ وإن كان عمّ رسول الله لكنه ـ كان أخا عبد الله من الأب ، وكان أبو طالب أخا منهما. وكان علي هاشميا من الأب والأم ، لأنّه علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم ، وعلي بن فاطمة بنت أسد بن هاشم ، والهاشمي أفضل لقوله صلّى الله عليه وسلّم : اصطفى من ولد إسماعيل قريشا واصطفى من قريش هاشما.

وأمّا الحسب فلأنّ أشرف الصّفات الحميدة : الزّهد والعلم والشجاعة ،

٣٥٤

وهي فيه أتم وأكمل من الصحابة.

أمّا العلم : فلأنّه ذكر في خطبه من أسرار التوحيد والعدل والنبوّة والقضاء والقدر وأحوال المعاد ما لم يوجد في الكلام لأحد من الصحابة ، وجميع الفرق ينتهي نسبتهم في علم الأصول إليه ، فإنّ المعتزلة ينسبون أنفسهم إليه ، والأشعري أيضا منتسب إليه ، لأنّه كان تلميذ الجبائي المنتسب إلى علي ، وانتساب الشيعة بيّن ، الخوارج ـ مع كونهم أبعد الناس عنه ـ أكابرهم تلامذته ، وابن عباس رئيس المفسّرين كان تلميذا له. وعلم منه تفسير كثير من المواضع التي تتعلّق بعلوم دقيقة مثل : الحكمة والحساب والشعر والنجوم والرمل وأسرار الغيب ، وكان في علم الفقه والفصاحة في الدرجة العليا ، وعلم النحو منه وأرشد أبا الأسود الدؤلي إليه ، وكان عالما بعلم السّلوك وتصفية الباطن الذي لا يعرفه إلاّ الأنبياء والأولياء ، حتى أخذه جميع المشايخ منه أو من أولاده أو من تلامذتهم ، وروي أنّه قال : لو كسرت الوسادة ثمّ جلست عليها لقضيت بين أهل التوارة بتوراتهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم وبين أهل الزبور بزبورهم وبين أهل الفرقان بفرقانهم ، والله ما من آية نزلت في بر أو بحر أو سهل أو جبل أو سماء أو أرض أو ليل أو نهار إلاّ وأنا أعلم فيمن نزلت وفي أيّ شيء نزلت.

وروي أنّه قال : لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا. وقال صلّى الله عليه وسلّم : أقضاكم علي. والقضاء يحتاج إلى جميع العلوم.

وأمّا الزهد : فلمّا علم منه بالتواتر من ترك اللّذات الدنياوية والاحتراز عن المحظورات من أوّل العمر إلى آخره مع القدرة ، وكان زهّاد الصحابة : كأبي ذرّ وسلمان الفارسي وأبي الدرداء تلامذته.

وأمّا الشجاعة : فغنية عن الشرح ، حتى قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : لا فتى إلاّ علي لا سيف إلاّ ذو الفقار. وقال صلّى الله عليه وسلّم يوم الأحزاب : لضربة علي خير من عباده الثقلين.

وكذا السخاء : فإنّه بلغ فيها الدرجة القصوى ، حتى أعطى ثلاثة أقراص

٣٥٥

ما كان له ولا لأولاده غيرها عند الإفطار ، فأنزل الله تعالى : ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ).

وكان أولاده أفضل أولاد الصحابة كالحسن والحسين. وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : هما سيّدا شباب أهل الجنّة ، ثمّ أولاد الحسن مثل : الحسن المثنى ، والحسن المثلث ، وعبد الله بن المثنى ، والنفس الزكيّة. وأولاد الحسين مثل : الأئمة المشهورة وهم إثنا عشر. وكان أبو حنيفة ومالك ـ رحمهما الله ـ أخذا الفقه من جعفر الصادق والباقون منهما ، وكان أبو يزيد البسطامي ـ من مشايخ الإسلام ـ سقّاء في دار جعفر الصادق ، والمعروف الكرخي أسلم على يد علي الرّضا وكان بوّاب داره.

وأيضا : اجتماع الأكابر من الامة وعلمائها على شيعيّته دالّ على أنّه أفضل ، ولا عبرة بقول العوام.

وأمّا الفضائل النقليّة : فما روي عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم :

الاولى : خبر الطير ، وهو قوله صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطير فجاء علي وأكل معه.

الثانية : خبر المنزلة ، وهو قوله صلّى الله عليه وسلّم : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ إنّه لا نبي بعدي. وهذا أقوى من قوله في حق أبي بكر : والله ما طلعت شمس ولا غربت بعد النبيّين على أفضل من أبي بكر ، لأنّه إنّما يدلّ على أنّ غيره ليس أفضل منه لا على أنّه أفضل من غيره. وأيضا : يدلّ على أنّ الغير ما كان أفضل منه لا على أنّه ما يكون ، فجاز أن لا يكون عند ورود هذا الخبر ويكون بعده. وأيضا : خبر المنزلة يدلّ على أنّ له مرتبة الأنبياء لقوله صلّى الله عليه وسلّم : إلاّ أنّه لا نبي بعدي ، وخبر أبي بكر إنّما يدلّ على أنّ غيره ممّن هو أولى من مراتب الأنبياء ليس أفضل منه لقوله صلّى الله عليه وسلّم : بعد النبيين والمرسلين ، فجاز أن يكون علي أفضل منه.

٣٥٦

الثالثة : خبر الراية ، روي أنّه صلّى الله عليه وسلّم بعث أبا بكر إلى خيبر فرجع منهزما ، ثمّ بعث عمر فرجع منهزما ، فبات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مغتمّا ، فلمّا أصبح خرج إلى الناس ومعه الراية وقال : لأعطينّ الرّاية رجلا يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ، كرّارا غير فرّار. فتعرّض له المهاجرون والأنصار فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : أين علي؟ فقيل : إنّه أرمد العينين ، فتفل في عينيه ، ثمّ دفع إليه الرّاية.

الرابعة : خبر السّيادة. قالت عائشة : كنت جالسة عند النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ إذ أقبل علي فقال : هذا سيّد العرب. فقلت : بأبي وأمّي ، ألست سيد العرب؟ فقال : أنا سيد العالمين ، وهو سيد العرب.

الخامسة : خبر المولى. قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : من كنت مولاه فعليّ مولاه. وروى أحمد والبيهقي في فضائل الصحابة أنّه قال صلّى الله عليه وسلّم : من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى يوشع في تقواه ، وإلى إبراهيم في حلمه ، وإلى موسى في هيبته ، وإلى عيسى في عبادته ، فلينظر إلى وجه علي.

السادسة : روي عن أنس بن مالك ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : إنّ أخي ووزيري وخير من أتركه من بعدي يقضي ديني وينجز وعدي : علي بن أبي طالب.

السابعة : روي عن ابن مسعود أنّه قال صلّى الله عليه وسلّم : علي خير البشر من أبى فقد كفر.

الثامنة : روي أنّه قال صلّى الله عليه وسلّم ـ في ذي الثدية ، وكان رجلا منافقا ـ يقتله خير الخلق. وفي رواية : خير هذه الامة. وكان قاتله علي بن أبي طالب. وقال صلّى الله عليه وسلّم لفاطمة : إنّ الله تعالى اطّلع على أهل الدنيا واختار منهم أباك واتّخذه نبيّا ، ثمّ اطّلع ثانيا فاختار منهم بعلك.

٣٥٧

هذا ما قالوا.

والحق : إنّ كلّ واحد من الخلفاء الأربعة ـ بل جميع الصحابة ـ مكرّم عند الله ، موصوف بالفضائل الحميدة » (١).

إقراره بالدلالة وإعراضه عن التأويل

أقول : لقد أنصف السمرقندي ، فنقل استدلالات الشّيعة على أفضليّة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وإن أضاف إليها ـ عن كياسة أو جهل ـ كلمات غير صادرة عنهم ، وأذعن بدلالاتها وأقرّ بمتانتها ... ومنها حديث الطّير ، فإنّه أورده ولم يناقش في سنده ، ولم يتّبع الفخر الرازي في تقوّلاته ـ وإن قلّده في مواضع كثيرة ونقل أقواله ولو بالتفريق والتوزيع ووافقه عليها ـ لما رأى فيها من السّخافة والركاكة المانعة من التفوّه بها.

ويؤكّد إقراره بالحق أو عجزه عن الجواب تخلّصه عن استدلال الشيعة بقوله : « والحقّ : إنّ كلّ واحد ... ». فإنّه يعلم بأنّ هذه الجملة لا تفي للجواب عن تلك الاستدلالات المتينة والبراهين الرصينة ، التي يكفي كل واحد واحد منها لإثبات مطلوب الشيعة ، على أنّ ما قاله مجرّد دعوى فهو مطالب بالدليل عليها. ولو فرض أنّ الثّلاثة ـ بل جميع الصحابة « مكرم عند الله موصوف بالفضائل الحميدة » فإنّ هذا لا ينافي أفضليّة أمير المؤمنين عليه‌السلام منهم.

__________________

(١) الصحائف في علم الكلام ـ مخطوط. قال كاشف الظنون ٢ / ١٠٧٥ « أوّله : الحمد لله الذي استحق الوجود والوحدة. إلخ. وهو على مقدمة وست صحائف وخاتمة ، ومن شروحه : المعارف في شرح الصحائف ، أوله : الحمد لله الذي ليس لوجوده بداية إلخ للسمرقندي شمس الدين محمّد ، وشرحه البهشتي أيضا بشرحين » وأرخ وفاته بسنة ٦٠٠. لكن في هديّة العارفين ٢ / ١٠٦ : رأيت شرحه على المقدمة البرهانيّة للنسفي ، فرغ منه سنة ٦٩٠ فليصحح. وذكر له مؤلّفات أخرى.

٣٥٨

القاضي البيضاوي

وقال القاضي ناصر الدين عبد الله بن عمر البيضاوي ـ في بيان وجوه استدلال الشيعة على إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ :

« السادس ـ إنّ عليّا كرّم الله وجهه كان أفضل الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، لأنّه ثبت بالأخبار الصحيحة أنّ المراد من قوله تعالى حكاية ( أَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ) علي ، ولا شكّ أنّه ليس نفس محمّد صلّى الله عليه وسلّم بعينه ، بل المراد به أنّه بمنزلته أو هو أقرب الناس إليه ، وكلّ من كان كذلك كان أفضل الخلق بعده. ولأنّه أعلم الصحابة ، لأنّه كان أشدّهم ذكاء وفطنة وأكثرهم تدبيرا ورويّة ، وكان حرصه على التعلّم أكثر ، واهتمام الرسول عليه‌السلام بإرشاده وتربيته أتمّ وأبلغ ، وكان مقدّما في فنون العلوم الدينية أصولها وفروعها ، فإنّ أكثر فرق المتكلّمين ينتسبون إليه ويسندون اصول قواعدهم إلى قوله ، والحكماء يعظّمونه غاية التعظيم ، والفقهاء يأخذون برأيه. وقد قال عليه‌السلام : أقضاكم علي.

وأيضا : فأحاديث كثيرة ، كحديث الطير وحديث خيبر ، وردت شاهدة على كونه أفضل. والأفضل يجب أن يكون إماما ».

فقال في الجواب : « وعن السادس : إنّه معارض بمثله ، والدليل على أفضلية أبي بكر قوله تعالى : ( وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى ) فإنّ المراد به إمّا أبو بكر أو علي وفاقا ، والثاني مدفوع لقوله تعالى : ( وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى ) لأنّ عليا نشأ في تربيته وإنفاقه وذلك نعمة تجزى ، وكلّ من كان أتقى كان أكرم عند الله وأفضل ، لقوله تعالى : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ). وقوله عليه‌السلام : ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد بعد النبيّين والمرسلين أفضل من أبي بكر. وقوله عليه‌السلام لأبي بكر وعمر : هما سيّدا كهول أهل الجنّة ما خلا

٣٥٩

النبيّين والمرسلين » (١).

إقراره بالدلالة وإعراضه عن التأويل

أقول : لقد ذكر البيضاوي أدلّة للشيعة على أفضليّة الإمام عليه‌السلام ، فلم يناقش في شيء منها ، لا في السند ولا في الدلالة. وذكر منها حديث الطّير وأقرّ بدلالته ، ولم يذكر له أيّ تأويل.

ويؤكّد ما ذكرنا أنّه لم يأت في الجواب إلاّ بالمعارضة بأشياء يروونها في فضل خلفائهم ، فإنّ المعارضة ـ كما هو معلوم ـ فرع تمامية السّند والدّلالة ... لكنّ ما استند إليه في المعارضة باطل حتى على أصولهم (٢) ، وعلى فرض التسليم فإنّه ليس بحجة على الشيعة.

الشّمس الأصفهاني

وقال شمس الدين محمود بن عبد الرحمن الأصفهاني ـ في بيان أدلّة الشيعة على إمامة سيدنا أمير المؤمنين عليه‌السلام : « السادس ـ إنّ عليّا كان أفضل الناس بعد النبيّ ، لأنّه ثبت بالأخبار الصحيحة أنّ المراد من قوله تعالى : ( فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ) علي ،

__________________

(١) طوالع الأنوار ـ مخطوط.

(٢) هذا الحديث أخرجه الهيثمي وحكم بسقوطه ، وإليك نصّه :

« عن جابر بن عبد الله قال : رأى رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ أبا الدرداء يمشي بين يدي أبي بكر ، فقال : يا أبا الدرداء تمشي قدّام رجل لم تطلع الشمس بعد النبيّين على رجل أفضل منه. فما رؤي أبو الدرداء بعد يمشي إلاّ خلف أبي بكر. رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه : إسماعيل بن يحيى التيمي ، وهو كذاب.

وعن أبي الدرداء قال : رآني رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ وأنا أمشي أمام أبي بكر فقال : لا تمشي أمام من هو خير منك ، إنّ أبا بكر خير من طلعت عليه الشمس ، أو غربت. رواه الطبراني ، وفيه : بقيّة ، وهو مدلّس » مجمع الزوائد ٩ / ٤٤.

٣٦٠