نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ١٤

السيّد علي الحسيني الميلاني

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ١٤

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٦٦

وأمثلة هذا تكثر.

وهذا شيخنا الذهبي من هذا القبيل ، له علم وديانة ، وعنده على أهل السنّة تحامل مفرط ، فلا يجوز أن يعتمد عليه.

ونقلت من خطّ الحافظ صلاح الدين خليل بن كيكلدي العلائي رحمه‌الله ما نصّه : الشيخ الحافظ شمس الدين الذهبي لا شكّ في دينه وورعه وتحرّيه فيما يقوله في الناس ، ولكنه غلب عليه مذهب الإثبات ومنافرة التأويل والغفلة عن التنزيه ، حتّى أثّر ذلك في طبعه انحرافا شديدا عن أهل التنزيه وميلا قويا إلى أهل الإثبات ، فإذا ترجم واحدا منهم يطنب في وصفه بجميع ما قيل فيه من المحاسن ، ويبالغ في وصفه ويتغافل عن غلطاته ويتأوّل له ما أمكن ، وإذا ذكر أحدا من الطرف الآخر كإمام الحرمين والغزّالي ونحوهما لا يبالغ في وصفه ، ويكثر من قول من طعن فيه ، ويعيد ذلك ويبديه ويعتقده دينا وهو لا يشعر ، ويعرض عن محاسنهم الطافحة فلا يستوعبها ، وإذا ظفر لأحد منهم بغلطة ذكرها. وكذا فعله في أهل عصرنا إذا لم يقدر على أحد منهم بتصريح يقول في ترجمته : والله يصلحه. ونحو ذلك. وسببه المخالفة في العقائد. انتهى.

والحال في شيخنا الذهبي أزيد ممّا وصف ، هو شيخنا ومعلّمنا ، غير أنّ الحق أحق أن يتّبع. وقد وصل من التعصّب المفرط إلى حدّ يسخر منه ، وأنا أخشى عليه يوم القيامة من غالب علماء المسلمين وأئمتهم ، الذين حملوا لنا الشريعة النّبويّة ، فإن غالبهم أشاعرة ، وهو إذا وقع بأشعري يبقي ولا يذر ، والذي أعتقده أنّهم خصماؤه يوم القيامة عند من أدناهم عنده أوجه منه. فالله المسئول أن يخفّف عنه ، وأن يلهمهم العفو عنه ، وأن يشفّعهم فيه.

والذي أدركنا عليه المشايخ النهي عن النظر في كلامه ، وعدم اعتبار قوله ...

فلينظر كلامه من شاء ثمّ يبصر ، هل الرّجل متحرّ عند غضبه أو غير

١٢١

متحر ، وأعني بغضبه وقت ترجمته لواحد من علماء المذاهب الثلاثة المشهورين من الحنفية والمالكية والشافعية ، فإنّي أعتقد أن الرجل كان إذا مدّ القلم لترجمة أحدهم غضب غضبا مفرطا ، ثمّ قرطم الكلام ومزّقه وفعل من التعصّب ما لا يخفى على ذي بصيرة.

ثمّ هو مع ذلك غير خبير بمدلولات الألفاظ كما ينبغي ، فربّما ذكر لفظة من الذم لو عقل معناها لما نطق بها ، ودائما أتعجب من ذكره الإمام فخر الدين الرازي في كتاب ( الميزان ) وفي ( الضعفاء ). وكذلك السيف الآمدي وأقول : يا لله العجب ، هذان لا رواية لهما ، ولا جرحهما أحد ، ولا سمع عن أحد أنّه ضعّفهما في ما ينقلانه من علومهما ، فأيّ مدخل لهما في هذين الكتابين. ثمّ إنا لم نسمع أحدا سمّى الإمام فخر الدين بالفخر ، بل إمّا الإمام وإمّا ابن الخطيب ، وإذا ترجم كان في المحمدين ، فجعله في حرف الفاء وسمّاه الفخر ، ثمّ حلف في آخر الكتاب أنّه لم يتعمّد فيه هوى نفس ، فأيّ هوى نفس أعظم من هذا؟ فإما أنّ يكون ورّى في يمينه ، أو استثنى غير الرواة. فيقال له : فلم ذكرت غيرهم. وإمّا أن يكون اعتقد أنّ هذا ليس هوى نفس ، وإذا وصل إلى هذا الحدّ ـ والعياذ بالله ـ فهو مطبوع على قلبه » (١).

وقال السبكي بترجمة أحمد بن صالح :

« قاعدة في المؤرخين نافعة جدّا ، فإنّ أهل التاريخ قد وضعوا من أناس أو رفعوا أناسا ، إمّا لتعصّب ، أو لجهل ، أو لمجرّد اعتماد على من لا يوثق به ، أو غير ذلك من الأسباب. والجهل في المؤرّخين أكثر منه في أهل الجرح والتعديل. وكذلك التعصّب قلّ أن رأيت تاريخا خاليا من ذلك.

وأمّا تاريخ شيخنا الذهبي ـ غفر الله له ـ فإنّه على جمعه وحسنه ، مشحون بالتعصّب المفرط ، لا واخذه الله ، فلقد أكثر الوقيعة في أهل الدين ، أعني

__________________

(١) طبقات الشافعيّة ٢ / ١٢ ـ ١٥.

١٢٢

الفقراء الذين هم صفوة الخلق ، واستطال بلسانه على كثير من أئمة الشافعيين والحنفيين ، ومال فأفرط على الأشاعرة ، ومدح فزاد في المجسّمة ، هذا وهو الحافظ المدره والإمام المبجّل ، فما ظنّك بعوام المؤرخين » (١).

وقال السبكي ـ بترجمة الحسين الكرابيسي ، بعد الكلام في مسألة اللفظ ـ :

« فإذا تأمّلت ما سطرناه ونظرت قول شيخنا في غير موضع من تاريخه : أنّ مسألة اللفظ ممّا ترجع إلى قول جهم ، عرفت أن الرجل لا يدري في هذه المضايق ما يقول ، وقد أكثر هو وأصحابه من ذكر جهم بن صفوان ، وليس قصدهم إلاّ جعل الأشاعرة ـ الذين قدّر الله لقدرهم أن يكون مرفوعا ، وللزومهم للسنّة أنّ يكون مجزوما به ومقطوعا ـ فرقة جهميّة.

واعلم أنّ جهما شر من المعتزلة كما يدريه من ينظر الملل والنحل ، ويعرف عقائد الفرق ، والقائلون بخلق القرآن هم المعتزلة جميعا ، وجهم لا خصوص له بمسألة خلق القرآن ، بل هو شر من القائلين بالمشاركة إيّاهم فيما قالوه وزيادته عليهم بطامّات.

فما كفى الذهبي أن يشير إلى اعتقاد ما يتبرّأ العقلاء عن قوله من قدم الألفاظ الجارية على لسانه ، حتى ينسب هذه العقيدة إلى مثل الإمام أحمد بن حنبل وغيره من السّادات ، ويدّعي أنّ المخالف فيها يرجع إلى قول جهم؟

فليته درى ما يقول! والله يغفر لنا وله ، ويتجاوز عمّن كان السّبب في خوض مثل الذهبي في مسائل هذا الكلام ، وإنّه ليعزّ عليّ الكلام في ذلك ، ولكن كيف يسعنا السكوت ، وقد ملأ شيخنا تاريخه بهذه العظائم التي لو وقف عليها العامّي لأضلّته ضلالا مبينا.

ولقد يعلم الله منّي كراهيّة الإزراء بشيخنا ، فإنّه مفيدنا ومعلّمنا ، وهذا

__________________

(١) طبقات الشافعيّة ٢ / ٢٢.

١٢٣

النزر اليسير الحديثي الذي عرفناه منه استفدناه ، ولكن أرى أنّ التنبيه على ذلك حتم لازم في الدين » (١).

وقال السبكي :

« زكريا بن يحيى بن ... السّاجي الحافظ ، كان من الثقات الأئمة ...

روى عنه الشيخ أبو الحسن الأشعري. قال شيخنا الذهبي : وأخذ عنه مذهب أهل الحديث.

قلت : سبحان الله ، هنا تجعل الأشعري على مذهب أهل الحديث ، وفي مكان آخر ـ لو لا خشيتك سهام الأشاعرة ـ لصرّحت بأنّه جهمي ، وما أبو الحسن إلاّ شيخ السنّة وناصر الحديث وقامع المعتزلة والمجسّمة وغيرهم » (٢).

وقال السبكي ـ بترجمة الأشعري ـ :

« وأنت إذا نظرت بترجمة هذا الشيخ ـ الذي هو شيخ السنّة وإمام الطائفة ـ في تاريخ شيخنا الذهبي ، ورأيت كيف مزّقها وحار كيف يضع من قدره ، ولم يمكنه البوح بالغض منه خوفا من سيف أهل الحقّ ، ولا الصبر عن السكوت لما جبلت عليه طوّيته من نقصه ، بحيث اختصر ما شاء الله أن يختصر في مدحه ، ثمّ قال في آخر الترجمة : من أراد أن يتبحّر في معرفة الأشعري فعليه بكتاب تبيين كذب المفتري لأبي القاسم ابن عساكر ، اللهم توفّنا على السنّة ، وأدخلنا الجنّة ، واجعل أنفسنا مطمئنّة ، نحبّ فيك أولياءك ونبغض فيك أعداءك ، ونستغفر للعصاة من عبادك ، ونعمل بمحكم كتابك ، ونؤمن بمتشابه ما وصفت به نفسك. انتهى.

فعند ذلك يقضي العجب من هذا الذهبي ، ويعلم إلى ما ذا يشير المسكين ، فويحه ثمّ ويحه ، وأنا قد قلت غير مرة : إنّ الذهبي أستاذي ، وبه

__________________

(١) طبقات الشافعيّة ٢ / ١١٩ ـ ١٢٠.

(٢) طبقات الشافعيّة ٣ / ٢٩٩.

١٢٤

تخرّجت في علم الحديث ، إلاّ أنّ الحقّ أحقّ أن يتّبع ، ويجب عليّ تبيين الحقّ ، فأقول ... » (١).

وقال السبكي ـ بترجمة إمام الحرمين الجويني ، بعد كلام عبد الغافر الفارسي ـ :

« انتهى كلام عبد الغافر ، وقد ساقه بكماله الحافظ ابن عساكر ، في كتاب التبيين. وأمّا شيخنا الذهبي ـ غفر الله له ـ فإنّه حار كيف يصنع في ترجمة هذا الإمام ، الذي هو من محاسن هذه الامة المحمّدية ، وكيف يمزّقها ، فقرطم ما أمكنه ، ثمّ قال : وقد ذكره عبد الغافر وأسهب وأطنب ... فيقال له :

هلاّ زيّنت كتابك بها ، وطرّزته بمحاسنها ، فإنّها أولى من خرافات تحكيها لأقوام لا يعبأ الله بهم ...

وقد حكى شيخنا الذهبي كسر المنبر والأقلام والمحابر ، وأنهم أقاموا على ذلك حولا ، ثمّ قال : وهذا من فعل الجاهلية والأعاجم ، لا من فعل أهل السنّة والاتباع.

قلت : وقد حار هذا الرجل ما الذي يؤذي به هذا الإمام ، وهذا لم يفعله الإمام ، ولا أوصى به بأن يفعل ، حتى يكون غضّا منه ، وإنّما حكاه الحاكون إظهارا لعظمة الإمام عند أهل عصره ، وأنّه حصل لأهل العلم ـ على كثرتهم ، فقد كانوا نحو أربعمائة تلميذ ـ ما لم يتمالكوا معه الصبر ، بل أدّاهم إلى هذا الفعل ، ولا يخفى أنّه لو لم تكن المصيبة عندهم بالغة أقصى الغايات لما وقعوا في ذلك. وفي هذا أوضح دلالة لمن وقّفه الله على حال هذا الإمام ـ رضي‌الله‌عنه ـ وكيف كان شأنه بين أهل العلم في ذلك العصر المشحون بالعلماء والزّهاد » (٢).

__________________

(١) طبقات الشافعيّة ٥ / ١٨٢.

(٢) طبقات الشافعيّة ٦ / ٢٠٣.

١٢٥

وقال السبكي بترجمة أبي حامد الغزالي :

« ذكر كلام عبد الغافر : وأنا أرى أن أسوقه بكماله على نصّه حرفا حرفا ، فإن عبد الغافر ثقة عارف ، وقد تحزّب الحاكون لكلامه حزبين ، فمن ناقل لبعض الممادح وتال لجميع ما أورده ممّا عيب على حجة الإسلام ، وذلك صنيع من يتعصّب على حجة الإسلام ، وهو شيخنا الذهبي ، فإنّه ذكر بعض الممادح نقلا معجرف اللّفظ محكيّا بالمعنى ، غير مطابق في الأكثر ، ولمّا انتهى إلى ما ذكره عبد الغافر ممّا عيب عليه استوفاه ، ثمّ زاد ووشّح وبسط ورشح ، ومن ناقل لكلّ الممادح ، ساكت عن ذكر ما عيب به ، وهو الحافظ أبو القاسم ابن عساكر ... » (١).

وقال السبكي ـ بترجمة الخبوشاني ـ :

« وكان ابن الكيزاني ـ رجل من المشبّهة ـ مدفونا عند الشافعي ـ رضي‌الله‌عنه ـ فقال الخبوشاني : لا يكون صدّيق وزنديق في موضع واحد ، وجعل ينبش ويرمي عظامه وعظام الموتى الذين حوله من أتباعه ، وتعصّبت المشبّهة عليه ولم يبال بهم ، وما زال حتى بنى القبر والمدرسة ، ودرّس بها ، ولعلّ الناظر يقف على كلام شيخنا الذهبي في هذا الموضع من ترجمة الخبوشاني فلا يحتفل به وبقوله في ابن الكيزاني أنّه من أهل السنّة ، فالذهبي ـ رحمه‌الله ـ متعصّب جدّا ، وهو شيخنا ، وله علينا حقوق ، إلاّ أنّ حقّ الله مقدّم على حقّه. والذي نقوله : إنّه لا ينبغي أن يسمع كلامه في حنفي ولا شافعي ، ولا تؤخذ تراجمهم من كتبه ، فإنّه يتعصّب عليهم كثيرا ... » (٢).

وقال اليافعي في سنة ٥٩٥ :

« قال الذهبي : وفيها كانت فتنة الفخر الرازي صاحب التصانيف ، وذلك

__________________

(١) طبقات الشافعيّة ٦ / ٢٠٣.

(٢) طبقات الشافعيّة ٧ / ١٤.

١٢٦

وحميت الفتنة ، فأرسل السلطان الجند وسكّنهم ، وأمر الرازي بالخروج.

قلت : هكذا ذكر من المؤرخّين من له غرض في الطعن عل ، الأئمة وفي طائر جاءت به أم أيمن شعر بيان لمن بالحقّ يرضى ويقنع.

ثمّ أتبع ذلك بقوله : وفيها كانت بدمشق فتنة الحافظ عبد الغني ، وكان أمّارا بالمعروف ، داعيا إلى السنّة ، فقامت عليه الأشعريّة ، وأفتوا بقتله ، فأخرج من دمشق مطرودا.

انتهى كلامه بحروفه في القصّتين معا ، ومذهب الكراميّة والظاهريّة معروف ، والكلام عليهما إلى كتب الأصول الدّينيّة مصروف ، فهنالك يوضح الحق البراهين القواطع ، ويظهر الصّواب عند كشف النقاب للمبصر والسامع » (١).

وقال السيوطي في ( قمع المعارض في نصرة ابن الفارض ) :

« وإن غرّك دندنة الذهبي ، فقد دندن على الإمام فخر الدين ابن الخطيب ذي الخطوب ، وعلى أكبر من الإمام ، وهو أبو طالب المكّي صاحب قوت القلوب ، وعلى أكبر من أبي طالب ، وهو الشيخ أبو الحسن الأشعري ، الذي يجول ذكره في الآفاق ويجوب ، وكتبه مشحونة بذلك : الميزان ، والتاريخ ، وسير النبلاء ، فقابل أنت كلامه في هؤلاء ، كلاّ والله لا يقابل كلامه فيهم ، بل نوصلهم حقّهم ونوفيهم ».

أقول : وإذا كان هذا حال تعصّب الذّهبي بالنسبة إلى من خالفه في العقيدة من أهل السنّة ، فما ظنك بحاله بالنسبة إلى من روى منهم شيئا في مناقب أهل البيت؟ وما ظنّك بحاله بالنسبة إلى علماء الإماميّة؟ وما ظنّك بحاله بالنسبة إلى الأئمة من العترة الطاهرة؟

من تعصباته ضدّ أهل البيت ومناقبهم

فلقد أورد في كتابه ( ميزان الاعتدال في نقد الرجال ) الإمام جعفرا

__________________

(١) مرآة الجنان ـ حوادث ٥٩٥.

١٢٧

الصّادق ، والإمام موسى الكاظم ، والإمام علي بن موسى الرضا ، عليهم‌السلام ، وعددا كبيرا من أبناء أئمّة أهل البيت وذريّة العترة الطّاهرة ...

بل لقد جرح الرّجل من أهل البيت لا لشيء ، بل لمجرّد روايته الفضيلة من فضائل جدّه أمير المؤمنين عليه‌السلام ... فاستمع إلى قوله :

« الحسن بن محمّد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبد الله بن الحسين ابن زين العابدين علي ابن الشهيد الحسين العلوي ، ابن أخي أبي طاهر النسّابة ، عن إسحاق الدبّري ، روى بقلّة حياء عن الديري ، عن عبد الرزاق بإسناد كالشمس : علي خير البشر.

وعن الدبري ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن محمّد بن عبد الله بن الصامت ، عن أبي ذر مرفوعا قال : علي وذريّته يختمون الأوصياء إلى يوم القيامة.

فهذان دالاّن على كذبه ورفضه ، عفا الله عنه » (١).

بل الأشنع والأفظع من هذا : ترجمته يزيد بن معاوية ، من غير أن يذكر ما ارتكبه بحق سبط رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وريحانته ، الإمام الحسين الشهيد وأهل بيته عليهم‌السلام ، فقد أعرض عن ذلك وكأنه لم يكن. أو كأنّه من الأمور السهلة والقضايا الجزئية التي لا تستحق الذّكر ... إنّه قال في كتابه ( تذهيب التهذيب ) ما نصّه :

« يزيد بن معاوية ، أبو شيبة الكوفي ، عن عبد الملك بن عمير ، وعنه سعيد بن منصور. ذكر للتمييز.

قلت : ويزيد بن معاوية الاموي ، الذي ولي الخلافة وفعل الأفاعيل سامحه الله. وأخباره مستوفاة في تاريخ دمشق ، ولا رواية له. مات في نصف ربيع الأول سنة ٦٤ وخلافته أقل من أربع سنين ، وعمره ٣٩ سنة. قال نوفل بن

__________________

(١) ميزان الاعتدال في نقد الرجال ١ / ٥٢١.

١٢٨

أبي الفرات : كنت عند عمر بن عبد العزيز فذكر رجل يزيد بن معاوية فقال : قال أمير المؤمنين يزيد. قال عمر : تقول أمير المؤمنين يزيد! وأمر فضرب عشرين سوطا. رواها يحيى بن عبد الملك بن أبي عتبة أحد الثقات عن نوفل. ذكرته للتمييز » (١).

وأمّا طعنه في الرجال والمحدّثين الكبار من أهل السنّة بسبب رواية مناقب أهل البيت عليهم‌السلام فالشّواهد عليه كثيرة ... الأمر الذي جعل العلماء منهم إذا حقّق فضيلة من فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام نبّه على أنّه من أهل السنّة ، وأكّد براءته من الشيعة والتشيع ، لئلاّ يرمى بالتشيع ويتهم بالخروج عن طريقة أهل السنّة ... ونحن هنا نكتفي بذكر كلام العلاّمة الشيخ محمّد معين السندي بعد إثبات عصمة أئمة أهل البيت عليهم‌السلام :

« وممّا يجب أن أنبّه عليه أنّ الكلام في عصمة الأئمة إنّما جرينا فيها على ما جرى الشيخ الأكبر ـ قدس‌سره ـ فيها في المهدي رضي الله تعالى عنه ، من حيث أن مقصودنا منه أن قوله صلّى الله عليه وسلّم فيه : « يقفو أثري ، لا يخطأ » لمّا دلّ عند الشيخ على عصمته ، فحديث الثقلين يدلّ على عصمة الأئمة الطاهرين رضي الله عنهم ، كما مرّ تبيانه. وليست عقدة الأنامل على أنّ العصمة الثابتة في الأنبياء عليهم الصلاة والسلام توجد في غيرهم ، وإنّما أعتقد في أهل الولاية قاطبة العصمة بمعنى الحفظ وعدم صدور الذنب ، لا استحالة صدوره ، والأئمة الطاهرون أقدم من الكلّ في ذلك ، وبذلك يطلق عليهم الأئمة المعصومون. فمن رماني من هذا المبحث باتّباع مذهب غير السنّة ممّا يعلم الله سبحانه براءتي منه فعليه إثم فريته ، والله خصيمه.

وكيف لا أخاف الاتّهام من هذا الكلام ، وقد خاف شيخ أرباب السيّر في السيرة الشاميّة من الكلام على طرق حديث ردّ الشمس بدعائه صلّى الله عليه

__________________

(١) تذهيب التهذيب ـ مخطوط.

١٢٩

وسلّم لصلاة علي رضي‌الله‌عنه ، وتوثيق رجالها ، أن يرمى بالتشيع ، حيث رأى الحافظ الحسكاني في ذلك سلفا له ، ولننقل ذلك بعين كلامه. قال رحمه‌الله تعالى لمّا فرغ من توثيق رجال سنده : ليحذر من يقف على كلامي هذا هنا أن يظنّ بي أني أميل إلى التشيّع ، والله تعالى أعلم أنّ الأمر ليس كذلك.

قال : والحامل على هذا الكلام ـ يعني قوله : وليحذر إلى آخره ـ أن الذهبي ذكر في ترجمة الحسكاني أنّه كان يميل إلى التشيّع ، لأنّه أملى جزء في طرق حديث ردّ الشمس. قال : وهذا الرجل ـ يعني الحسكاني ـ ترجمه تلميذه الحافظ عبد الغافر الفارسي في ذيل تاريخ نيسابور ، فلم يصفه بذلك ، بل أثنى عليه ثناء حسنا ، وكذلك غيره من المؤرّخين ، ونسأل الله تعالى السلامة من الخوض في أعراض الناس بما لا نعلم. والله تعالى أعلم. انتهى.

أقول : وهذا الجرح في الحافظ الحسكاني إنّما نشأ من كمال صعوبة الجارح وانحرافه من مناهج العدل والإنصاف ، وإلاّ فالحافظ من خدمة الحديث ، بذل جهده في تصحيح الحديث وجمع طرقه وأسناده ، وأثبت بذلك معجزة من أعظم علامات النبوّة وأكملها ، ممّا يقرّ بصحّته عين كلّ من يؤمن بالله تعالى ورسوله صلّى الله تعالى عليه وسلّم. وكيف يتّهم ونسب إلى التشيّع بملابسة القضية لعلي رضي‌الله‌عنه؟ ولو صحح حافظ حديثا متمحّضا في فضله لا يتّهم بذلك ، ولو كان كذلك لترك أحاديث أهل البيت رأسا.

ومن مثل هذه المؤاخذات الباطلة طعن كثير من المشايخ العظام.

ومولع هذا الفن الشريف إذا صحّ عنده حديث في أدنى شيء من العادات كاد أن يتّخذ لذلك طعاما فرحا بصحة قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم عنده ، وأين هذا من ذاك؟ ولمّا اطّلع هذا الفقير على صحّته كأنّه ازداد سمنا من سرور ذلك ولذّته. أقرّ الله سبحانه وتعالى عيوننا بأمثاله. والحمد لله ربّ العالمين » (١).

__________________

(١) دراسات اللبيب في الاسوة الحسنة بالحبيب ـ مبحث العصمة.

١٣٠

قوله : نقلا عن الذهبي :

« لقد كنت زمنا طويلا أظنّ أنّ هذا الحديث لم يحسن الحاكم أن يودعه في مستدركه ، فلمّا علقت هذا الكتاب رأيت القول من الموضوعات التي فيه ».

أقول :

أوّلا : نقول ( للدهلوي ) الجسور : لقد صحّفت لفظ « لم يجسر » بلفظ « لم يحسن » فأسأت الفهم ولم تحسن النقل ، وهذا دليل على طول باعك!!

وثانيا : نقول للذهبي : إن قولك : لقد كنت زمنا طويلا ... اعتراف منك بأنّك قد تهت زمنا طويلا في مهامة الجهل ، ولم تقف على كتاب المستدرك السائر في البلدان والأمصار ، والمتداول بين خدمة الأخبار والآثار ، فلم كنت مع جهلك تزعم أن إدخال حديث الطير في المستدرك جسارة ، وهل هذا الزعم منك إلاّ خسارة وأيّ خسارة؟! ومع ذلك : فكيف تحكم وقت التعليق بالوضع على هذا الحديث الشريف ، ولا تأخذ بطرف من التحقيق ، ولا تقبل قول الحاكم ، ولا تحتفل بأنّه من مروّيات الأساطين وأجلّة المحدّثين؟ كيف رميت الحديث بالوضع من غير دليل ، فأرديت أتباعك بالإضلال والتضليل؟ ولكن ـ لله الحمد ـ حيث أفقت من سكر التعصّب والشنآن وغلبة البغي والعدوان ، فاعترفت في كتاب ( الميزان ) بالحقّ الصريح الواضح البرهان ، كما اعترفت في ( تذكرة الحفّاظ ) بأنّ طرق هذا الحديث كثيرة جدّا حتّى أفردتها بمصنف مجدّا.

وثالثا : نقول لأساطين العلم ومراجيح الحلم : أنظروا بعين الإنصاف تاركين للاعتساف ، كيف سفر الحق غاية السفور ، ووضح نهاية الظهور ، وبانت الطريقة الواضحة ، واستنارت المحجة اللاّئحة ، حيث أقرّ مثل هذا الجاحد بتفريطه في أمر هذا الخبر الرفيع الأثير ، وظهر صدق قوله تعالى ( فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ ).

١٣١

كلام ( الدّهلوي ) في الحاشية

وإذ عرفت بطلان ما قاله ( الدّهلوي ) في متن ( التحفة ) فلنبطل كلامه في الحاشية في هذا الموضع ... قال في الحاشية :

« قالت النواصب : لقد كذب أنس ثلاثا في قوله لعلي : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ... على ما في كتاب المجالس للشيخ المفيد ، فكيف يجوز قبول روايته لهذا الحديث؟ ».

وجوه الجواب عن هذا الكلام

أقول :

قبل كلّ شيء : هل هذه الشبهة التي نقلها عن النواصب صحيحة وواردة عند ( الدهلوي ) أو باطلة مردودة؟ إن قال بصحّتها فقد قلّد النّواصب وألقى بنفسه وأتباعه في دركات أسفل السّافلين ، وتلك عاقبة الذين ظلموا آل محمّد ونصبوا لهم العداء إلى أبد الآبدين ... والمتيقّن هذا الشقّ ، لأنّ نقل القول والسكوت عليه دليل التّسليم والقبول ... كما ذكر ( الدهلوي ) وتلميذه ( الرشيد ) ... ويشهد بذلك جدّه وجهده في متن ( التحفة ) لأجل ردّ حديث الطير ودعوى وضعه.

وإن قال ببطلانها فلما ذا ذكرها ولم يجب عنها؟

ثمّ إنّ الأصل في هذه الشبهة هو « الأعور الواسطي » فإن كان مراد ( الدهلوي ) من « النواصب » هو « الأعور » فمرحبا بالإنصاف وحبّذا الائتلاف ـ ولا مانع من إطلاق « النّواصب » بصيغة الجمع عليه ، لشدّة عداوة « الأعور » ونصبه ـ.

١٣٢

وكيف كان ... فالشبهة ـ هذه ـ مندفعة بوجوه :

كذب « أنس » موجود في روايات أهل السنّة

الأوّل : إنّ كذب « أنس » في قصّة حديث الطير ثلاث مرّات لا اختصاص له بروايات الإماميّة للقصة ، بل موجود في روايات أهل السنّة أيضا كما عرفت في قسم السند ... واعترف به ( الدهلوي ) في ( فتواه ) المذكورة سابقا ، وقد روى العيدروس اليمني قائلا :

« روي عن أنس قال : كنت أحجب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، فسمعته يقول : اللهم أطعمنا من طعام الجنّة ، فأتي بلحم طير مشوي ، فوضع بين يديه فقال : اللهم ائتنا بمن نحبه ويحبّك ويحبّ نبيّك. قال أنس : فخرجت فإذا علي بالباب ، فاستأذنني فلم آذن له ، ثمّ عدت فسمعت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم مثل ذلك ، فخرجت فإذا علي بالباب ، فاستأذنني فلم آذن له ـ أحسب أنه قال : ثلاثا ـ فدخل بغير إذن ، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : ما الذي أبطأ بك يا علي؟ قال : يا رسول الله جئت لأدخل فحجبني أنس. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : لم حجبته؟ فقلت : يا رسول الله ، لمّا سمعت الدعوة أحببت أن يجئ رجل من قومي فتكون له. فقال صلّى الله عليه وسلّم : ما يضرّ الرجل محبّة قومه ما لم يبغض سواهم. أخرجه ابن عساكر » (١).

استدلال الإماميّة بروايته من باب الإلزام

والثاني : إن رواية أنس مقبولة لدى أهل السنّة ، واحتجاج الإماميّة بروايته إلزاما عليهم وإفحاما لهم صحيح وتام ... ولا يضرّ بذلك كونه عندهم فاسقا كاذبا ... كما هو واضح ...

__________________

(١) العقد النبوي والسرّ المصطفوي ـ مخطوط.

١٣٣

الفضل ما شهدت به الأعداء

والثالث : إنّه لا ريب في عداء أنس لأمير المؤمنين عليه‌السلام ، والشواهد على ذلك عديدة ، منها موقفه منه عليه‌السلام في قصة الطائر ـ فإذا روى شيئا في فضله ومنقبته قبل ، لأنّ الفضل ما شهدت به الأعداء ... ومن الواضح أنّه لو روى هذا الحديث عمر بن الخطاب أو أبو بكر لكان اعتباره أكثر والاعتماد عليه أشد ، وكان أدخل في الإلزام والإفحام.

قال الشيخ رحمه‌الله السندي في بيان أمارات الحديث الموضوع : « منها إقرار واضعه به ، وليس هذا قبولا لقوله مع فسقه ، وإنّما هو مؤاخذة بموجب إقراره ، كما يؤخذ بالاعتراف بالزنّا أو القتل ، ولذا جعل إقراره أمارة ، لأنا لا نقطع على حديثه بالوضع ، لاحتمال كذبه في إقراره بفسقه ، نعم إذا انضم إلى إقراره قرائن تقتضي صدقه فيه قطعنا به ، سيّما بعد التوبة » (١).

رواية غير « أنس » من الصّحابة

الرابع : إنّه لم ينفرد أنس برواية هذا الحديث ليقال : كيف تعتمدون على رواية الفاسق الكاذب. بل لقد رواه جمع غيره من الصّحابة ، وعلى رأسهم سيّدنا أمير المؤمنين عليه‌السلام. ومن رواته منهم : ابن عباس ، وأبو سعيد الخدري ، وسفينة مولى النبيّ ، وأبو الطفيل ، وسعد بن أبي وقاص ، وعمرو بن العاص ، وأبو مرازم يعلى بن مرّة ... إذن ، لقد رواه غيره من الصّحابة. بل إن رواية الأمير كافية للإحتجاج والاستدلال وقاطعة للسان القيل والقال.

__________________

(١) مختصر تنزيه الشريعة ـ المقدمة.

١٣٤

كلام آخر له في الحاشية

وذكر ( الدهلوي ) في الحاشية وجها آخر لإبطال حديث الطّير ، نتعرّض له ونجيب عنه ، لئلاّ يبقى شيء من ناحيته لم يتّبين فساده في هذا المقام ... لقد قال ( الدهلوي ) في الحاشية هنا :

« قال السيد الحميري :

وفي طائر جاءت به أم أيمن

بيان لمن بالحقّ يرضى ويقنع.

وقال الصاحب ابن عباد :

علي له في الطير ما طار ذكره

وقامت به أعداؤه وهي تشهد

هذه الرواية تكذّبها رواية أبي علي الطبرسي في كتاب الاحتجاج عن الإمام أبي عبد الله عليه‌السلام : إن الطير جاء به جبرئيل إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين كان جائعا ، ودعا الله أن يشبعه » انتهى.

وجوه الجواب عن هذا الكلام

وهذا الوجه كسابقه ـ وكسائر كلمات ( الدهلوي ) ـ مردود ... وبالرغم من وضوح بطلانه وسقوطه لدى أولي الألباب وأصحاب الأنظار فإنا نفصّل الكلام في ردّه وبيان وهنه في وجوه :

هذا الاعتراض يتوجه إلى روايات أهل السنّة أيضا

الأوّل : إنّه لمّا كان أهل السنّة يروون هذا الحديث ، وينصّ كبار علمائهم على صحته أو حسنه ويجعلونه حجة ، فإنّ عليهم الجواب عن هذا الاعتراض ، لأنّ الإختلاف الذي أشار إليه ( الدهلوي ) موجود في رواياتهم ،

١٣٥

ففي بعضها : أنّ الطير أرسلته أم سليم ، وفي آخر : إنّه أرسلته أم سلمة رضي الله عنها ، وفي ثالث : أنّه جاءت به أم أيمن ، وفي رابع : أنّه جاء من الجنّة ...

بل إنّ ( الدهلوي ) لمّا ذكر الحديث قال : « كان عند النبيّ صلّى الله عليه وسلّم طائر قد طبخ له أو أهدي إليه ... ».

وبالجملة ، فإنّ روايات أهل السنّة في كيفية مجيء الطائر إلى رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وحضوره عنده مختلفة ... وكما أنّ هذا الاختلاف غير قادح في ثبوت الحديث لدى رواته ومصححيه ومثبتيه ... من أهل السنّة ... فكذلك الإماميّة.

مقتضى القاعدة الجمع كما في نظائر المقام

وثانيا : إنّ هذا الاعتراض من ( الدهلوي ) يكشف عن جهله بفنون الحديث وعلومه وقواعده ، هذا الجهل الذي أدّى به إلى الحكم بوضع الحديث بمجرّد اختلاف ألفاظه ... لكن هذا لا يختص بهذا الحديث أو ببعض الأحاديث الأخرى ، فإنّ الاختلاف موجود في مئات الأخبار الحاكية للقضايا والحوادث والخصوصيّات ، ولا يقول أحد ببطلان جميع تلك الأحاديث وكذب كلّ تلك الحوادث ، بل يجمع بينها مهما أمكن على تعدد الواقعة وأمثال ذلك من طرق الجمع ، كما عرفت سابقا من تصريحات أساطين القوم.

وهذا الجمع المشار إليه ممكن هنا ، بأن تكون الواقعة متعدّدة ، فمرة جاء جبرئيل عليه‌السلام بالطائر من الجنّة ، ومرة قدّمته أم أيمن إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

لا منافاة بين مفادي شعر الحميري ورواية الاحتجاج

وثالثا : لا منافاة بين مجيء أم أيمن بالطير وقت الأكل ، وبين مجيء جبرئيل عليه‌السلام به ، إذ من الممكن أن يكون النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سلّمه

١٣٦

إيّاها بعد مجيء جبرئيل عليه‌السلام به ، ثمّ جاءت به إليه بعد ذلك. وأمّا ما وقع في رواية المستدرك للحاكم من أن أم أيمن لمّا سألها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الطّير قالت : « هذا الطائر أصبته فصنعته لك » فليس بمناف لما ذكرنا ، لأن كلامنا مسوق للجمع بين ما ورد في طرق أهل الحقّ ، لا للجمع بين ما ورد من طرق أهل الخلاف ولم يقع في رواية من روايات أهل الحق أن الطائر صنعته أم أيمن. انتهى. قاله السيد محمّد قلي طاب ثراه.

خلط وخطأ للدهلوي في المقام

ورابعا : إنّه لا دخل لشعر الصاحب ابن عبّاد الذي ذكره بعد شعر السيد الحميري بالاختلاف ، إذ لم يتعرّض الصاحب في هذا البيت إلى كيفية مجيء الطائر إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ليكون مدلوله مخالفا لشعر الحميري أو لرواية الطبرسي في الاحتجاج. ومن هنا يظهر اختلاط الأمر على ( الدّهلوي ) مع أنّه قد أدّعى متانة بحوثه في هذا الكتاب في مقابلة أهل الحقّ.

نتيجة البحث : سقوط دعوى الوضع

وقد تحصّل إلى هنا ـ حيث تعرضنا لما ذكره ( الدهلوي ) في متن ( التحفة ) وحاشيتها ـ سقوط دعوى وضع حديث الطّير ، وقد عرفت التنصيص من ابن حجر المكّي وغيره على بطلان هذه الدّعوى.

وهذا تمام الكلام مع ( الدهلوي ) في هذا المقام. والحمد لله وحده.

١٣٧
١٣٨

مع العلماء الآخرين

في أباطيلهم حول حديث الطّير

١٣٩
١٤٠