نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ١٣

السيّد علي الحسيني الميلاني

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ١٣

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٤١٣

وما هو يا أمير المؤمنين؟ قال : قوله عزّ وجلّ حين حكى عن موسى قوله : ( وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً ) فأنت منّي يا علي بمنزلة هارون من موسى وزيري من أهلي وأخي ، شدّ الله به أزري وأشركه في أمري ، كي نسبّح الله كثيرا ونذكره كثيرا ، فهل يقدر أحد أن يدخل في هذا شيئا غير هذا؟ ولم يكن ليبطل قول النبي صلّى الله عليه وسلّم ، وأن يكون لا معنى له.

قال : فطال المجلس وارتفع النهار ، فقال يحيى بن أكثم القاضي : يا أمير المؤمنين ، قد أوضحت الحق لمن أراد الله به الخير ، وأثبت ما لا يقدر أحد أن يدفعه ، قال إسحاق : فأقبل علينا وقال : ما تقولون؟ فقلنا كلّنا : نقول بقول أمير المؤمنين أعزّه الله ، فقال : والله لو لا أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : اقبلوا القول من الناس ، ما كنت لأقبل منكم القول.

اللهم قد نصحت لهم القول ، اللهم إني قد أخرجت الأمر من عنقي ، اللهم أدينك بالتقرّب إليك بحبّ علي وولايته » (١).

ابن عبد ربّه والعقد الفريد

ثمّ إنّ « ابن عبد ربّه » القرطبي من مشاهير علماء أهل السنّة وأدبائهم ، وكتابه « العقد الفريد » من الكتب المشهورة والأسفار الممتعة :

١ ـ قال ابن ماكولا : « أحمد بن محمّد بن عبد ربّه بن حبيب بن جدير ابن سالم ، مولى هشام بن عبد الملك بن مروان ، أبو عمر ، أندلسي مشهور بالعلم والأدب والشعر ، وهو صاحب كتاب العقد في الأخبار ، وشعره كثير جدا ، وهو مجيد » (٢).

٢ ـ ابن خلكان : « كان من العلماء المكثرين من المحفوظات والاطلاع

__________________

(١) العقد الفريد ٥ / ٣٤٩.

(٢) الإكمال ٦ / ٣٦.

١٨١

على أخبار الناس ، وصنف كتابه العقد ، وهو من الكتب الممتعة ، حوى من كلّ شيء ... » (١)

٣ ـ الذهبي : « وفيها أبو عمر ... العلاّمة مصنّف العقد ، وله اثنتان وثمانون سنة ، وشعره في الذروة العليا ، سمع من بقي بن مخلد ومحمّد بن وضاح » (٢).

٤ ـ أبو الفدا : « وكان من العلماء المكثرين من المحفوظات ، وصنّف كتاب العقد ، وهو من الكتب النفيسة ، ومولده في سنة ست وأربعين ومائتين » (٣).

٥ ـ المقري : « وقال ـ يعني لسان الدين ـ في ترجمة صاحب العقد » الفقيه العالم أبي عمر ابن عبد ربّه : عالم ساد بالعلم وراس ، واقتبس به من الحظوة أيّما اقتباس ، وشهر بالأندلس حتى سار إلى المشرق ذكره ، واستطار بشرر الذكاء فكره ، وكانت له عناية بالعلم وثقة ورواية له متسقة ، وأما الأدب فهو كان حجّته وبه غمرت الأفهام لجّته ، مع صيانة وورع ، ورد مائها فكرع ، وله التأليف المشهور الذي سمّاه بالعقد ، وحماه عن عثرات النقد ، لأنّه أبرزه مثقف القناة مرهف الشباة تقصر عنه ثواقب الألباب ، ويبصر السحر منه في كلّ باب ، وله شعر انتهى منتهاه ، وتجاوز سماك الإحسان وسماه ... » (٤).

ومن مصادر ترجمته أيضا :

١ ـ سير أعلام النبلاء ١٥ / ٢٨٣.

٢ ـ معجم الأدباء ٤ / ٢١١.

٣ ـ مرآة الجنان ٢ / ٢٩٥.

__________________

(١) وفيات الأعيان ١ / ١١٠.

(٢) العبر في خبر من غبر ٢ / ٢١١.

(٣) المختصر في أخبار البشر ٢ / ٩٢.

(٤) نفح الطيب عن غصن الأندلس الرطيب ٤ / ٢١٧.

١٨٢

٤ ـ البداية والنهاية ١١ / ١٩٣.

٥ ـ بغية الوعاة : ١٦١.

وقال الذهبي : « ابن عبد ربّه ، العلاّمة الأديب الأخباري ، صاحب كتاب العقد ... وكان موثّقا نبيلا بليغا شاعرا ، عاش ٨٢ سنة ، وتوفي سنة ٣٢٨ ».

(١٦)

رواية المحاملي

ورواه القاضي المحاملي حيث قال :

« حدّثنا الحسين ، ثنا عبد الأعلى بن واصل ، ثنا عون بن سلاّم ، ثنا سهل ابن شعيب ، عن بريدة بن سفيان عن سفينة ـ وكان خادما لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ قال : اهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طوائر قال : ورفعت له ام أيمن بعضها ، فلمّا أصبح أتته بها فقال : ما هذا يا ام أيمن؟ فقالت : هذا بعض ما فاهدي لك أمس. قال : أولم أنهك أن ترفعي لأحد ـ أو لغد ـ طعاما! إنّ لكلّ غد رزقه. ثمّ قال : أللهم أدخل بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر ، فدخل علي عليه‌السلام فقال : اللهم وإليّ » (١).

قال ابن المغازلي : « أخبرنا أبو طالب محمّد بن علي بن أحمد البيّع البغدادي رحمه‌الله ـ قدم علينا واسطا ـ ثنا أبو عبد الله محمّد بن أبي بكر ، أنّه قال : حدّثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي ، نا عبد الأعلى بن واصل ، ثنا عون بن سلام ، ثنا سهل بن شعيب ، عن بريدة بن سفيان عن سفينة ـ وكان خادما لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ قال : اهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طوائر ، قال : فرفعت له أم أيمن بعضها ، فلمّا أصبح أتته بها فقال :

__________________

(١) الأمالي : ٤٤٣ ـ ٤٤٤.

١٨٣

ماذا يا ام أيمن؟ فقالت : هذا بعض ما اهدي إليك أمس ، قال : أولم أنهك أن ترفعي لغد طعاما ، إنّ لكلّ غد رزقه؟ ثم قال : اللهم أدخل أحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر ، فدخل علي ، فقال : اللهم وإليّ.

هذا حديث غريب من هذا الطريق » (١).

وتظهر روايته للحديث من سند رواية الكنجي الشافعي الآتية في محلّها إن شاء الله.

ترجمته

١ ـ السمعاني : « أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي ، كان : فاضلا ، صادقا ، ثبتا ، ديّنا ، ثقة ، صدوقا ... » (٢).

٢ ـ ابن الأثير في حوادث ٣٣٠ : « وفيها توفي القاضي أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل بن محمّد بن إسماعيل المحاملي الفقيه الشافعي : وهو من المكثرين في الحديث ، وكان مولده سنة خمس وثلاثين ومائتين ، وكان على قضاء الكوفة وفارس فاستعفى من القضاء وألحّ في ذلك ، فأجيب إليه » (٣).

٣ ـ الذهبي : « المحاملي ، القاضي الإمام العلاّمة الحافظ ، شيخ بغداد ومحدّثها ، أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل بن محمّد الضبي البغدادي. ولد في أوّل سنة خمس وثلاثين ومائتين ، وأول سماعه في سنة أربع وأربعين ، سمع : أبا حذافة أحمد بن إسماعيل السهمي صاحب مالك ، وعمرو بن علي الفلاّس ، وزياد بن أيوب ، وأحمد بن المقدام العجلي ، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي ، ومحمّد بن المثنى العنزي ، وأبا هشام ، وعبد الرحمن بن يونس السراج ، والزبير بن بكّار ، وطبقتهم ومن بعدهم ، فأكثر وصنّف وجميع.

__________________

(١) مناقب علي بن أبي طالب : ١٧٥.

(٢) الأنساب ٥ / ٢٠٨ ـ المحاملي.

(٣) الكامل في التاريخ ٨ / ٣٩٢.

١٨٤

روى عنه : دعلج ، والدار قطني ، وابن جميع ، وإبراهيم بن جرولة الباجي ، وابن الصّلت الأهوازي ، وأبو عمرو ابن مهدي ، وأبو محمّد بن البيّع ، وآخرون.

قال الخطيب : كان : فاضلا ، ديّنا ، صادقا ، شهد عند القضاة وله عشرون سنة ، ولي قضاء الكوفة ستّين سنة ... » (١).

٤ ـ اليافعي : « الإمام الكبير ، القاضي أبو عبد الله المحاملي الشهير ... قال أبو بكر الدراوردي : كان يحضر مجلس المحاملي عشرة آلاف رجل » (٢).

٥ ـ السيوطي : « المحاملي القاضي ، الإمام العلاّمة الحافظ ، شيخ بغداد ومحدّثها ... وكان : فاضلا ، ديّنا ، صدوقا ... » (٣).

ومن مصادر ترجمته أيضا :

١ ـ سير أعلام النبلاء ١٥ / ٢٥٨.

٢ ـ تاريخ بغداد ٨ / ١٩.

٣ ـ الوافي بالوفيات ١٢ / ٣٤١.

٤ ـ العبر ٢ / ٢٢٢.

٥ ـ البداية والنهاية ١١ / ٢٠٣.

(١٧)

رواية ابن عقدة

لقد رواه في « كتاب الطير » الذي جمع فيه طرقه وألفاظه كما قال ابن شهر آشوب السّروي ـ المترجم له ببالغ الثناء في معاجم التراجم كما علمت

__________________

(١) تذكرة الحفّاظ ٣ / ٨٢٤.

(٢) مرآة الجنان ٢ / ٢٩٧.

(٣) طبقات الحفّاظ : ٣٤٣.

١٨٥

سابقا ـ : « روى حديث الطير جماعة ... ورواه ابن بطة في الإبانة من طريقين ، والخطيب أبو بكر في تاريخ بغداد من سبعة طرق ، وقد صنّف أحمد ابن محمّد بن سعيد كتاب الطير ... » (١).

أقول : ومن ذلك قوله : « ثنا محمّد بن أحمد بن الحسن ، ثنا يوسف بن عدي ، ثنا حمّاد بن المختار الكوفي ، ثنا عبد الملك بن عمير ، عن أنس قال : اهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طائر ، فوضع بين يديه فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي ، قال : فجاء علي فدقّ الباب فقال : من ذا؟ فقال : أنا علي ... ».

كما تظهر روايته من كلام ابن المغازلي ، الآتي في محلّه.

ترجمته

وابن عقدة من أعلام الحديث ومشاهير الأئمة الثقات ، وقد ترجمنا له وأثبتنا ثقته على ضوء المصادر المعتبرة في بعض مجلّدات الكتاب.

وتوجد ترجمته في الكتب الآتية :

١ ـ تاريخ بغداد ٥ / ١٤.

٢ ـ تذكرة الحفاظ ٣ / ٨٣٩.

٣ ـ مرآة الجنان ٢ / ٣١١.

٤ ـ الوافي بالوفيات ٧ / ٣٩٥.

٥ ـ النجوم الزاهرة ٣ / ٢٨١.

٦ ـ العبر ٢ / ٢٣٠.

٧ ـ طبقات الحفاظ : ٣٤٨.

٨ ـ شذرات الذهب ٢ / ٣٣٢.

__________________

(١) مناقب آل أبي طالب ٢ / ٢٨٢.

١٨٦

(١٨)

رواية المسعودي

لقد أثبته في تاريخه أيّما إثبات ، وذكره في فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام الخاصّة به ، حيث قال : « والأشياء التي استحق بها أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الفضل هي : السبق إلى الإيمان ، والهجرة والنصرة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، والقربى منه ، والقناعة ، وبذل النفس له ، والعلم بالكتاب والتنزيل ، والجهاد في سبيل الله ، والورع ، والزهد ، والقضاء والحكم ، والعفة والعلم.

وكل ذلك لعلي ـ رضي‌الله‌عنه ـ منه النّصيب الأوفر والحظ الأكبر ، إلى ما ينفرد به من قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين آخى بين أصحابه : أنت أخي ، وهو صلّى الله عليه وسلّم لا ضدّ له ولا ند ، وقوله صلّى الله عليه وسلّم : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي ، وقوله عليه‌السلام : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، ثم دعاؤه عليه‌السلام ـ وقد قدم إليه أنس الطائر ـ : اللهم أدخل إليّ أحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر ، فدخل عليه علي عليه‌السلام إلى آخر الحديث ، فهذا وغيره من فضائله وما اجتمع فيه من الخصال ممّا تفرّق في غيره » (١).

ترجمته

١ ـ ابن شاكر الكتبي : « علي بن الحسين بن علي ، أبو الحسين ،

__________________

(١) مروج الذهب ١ / ٧١١.

١٨٧

المسعودي المؤرّخ ، من ذرية عبد الله بن مسعود رضي‌الله‌عنه ، قال الشيخ شمس الدين : عداده في البغداديين وأقام بمصر مدة ، وكان أخباريّا علاّمة ، صاحب غرائب وملح ونوادر ، مات سنة ٣٤٦ ، وله من التّصانيف : كتاب مروج الذهب ... » (١).

٢ ـ السبكي : « وكان أخباريا متفنّنا ، علاّمة ، صاحب ملح وغرائب ، سمع من نفطويه وابن زبر القاضي وغيرهما ، ودخل إلى البصرة ، فلقي بها أبا خليفة الجمحي ، ولم يعمّر على ما ذكر ، وقيل : إنّه كان معتزلي العقيدة ، مات سنة خمس وأربعين أو ست وأربعين وثلاثمائة ، وهو الذي علّق عن أبي العباس ابن شريح رسالة البيان عن أصول الأحكام ، وهذه الرسالة عندي نحو خمس عشرة ورقة ... » (٢).

(١٩)

رواية أحمد بن سعيد بن فرقد الجدّي

لقد روى حديث الطير بإسناد الصّحيحين ، لكنّ الذهبي ـ الشهير بتعصّبه على الحق وإنكاره لفضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ اتّهمه بوضعه ، وهذا نصّ كلامه بترجمته :

« أحمد بن سعيد بن فرقد الجدّي ، روى عن أبي حمّة ، وعنه الطبراني ، فذكر حديث الطير بإسناد الصحيحين ، فهو المتّهم بوضعه » (٣).

لكن تعقّبه ابن حجر فذكر إخراج الحاكم الحديث عن طريق أحمد بن سعيد ، ثمّ أضاف بأنّ الرجل معروف ومن شيوخ الطبراني ، وهذا نصّ كلامه :

__________________

(١) فوات الوفيات ٢ / ٤٥.

(٢) طبقات الشافعية ٢ / ٣٠٧.

(٣) ميزان الاعتدال ١ / ١٠٠.

١٨٨

« قلت : أخرجه الحاكم عن محمّد بن صالح الأندلسي عن أحمد ـ هذا ـ عن أبي حمة محمّد بن يوسف ، عن أبي قرة موسى بن طارق ، عن موسى بن عقبة ، عن سالم أبي النضر ، عن أنس. وأحمد بن سعيد معروف من شيوخ الطبراني ، وأظنّه دخل عليه إسناد في إسناد » (١).

وأمّا ظنّ العسقلاني أنّه « دخل عليه إسناد في إسناد » فهو ظن لا يغني من الحق شيئا ، وتضليل ليس لأحد إلى قبوله من سبيل ، والله الهادي الصائن عن كيد كلّ خادع ضئيل ...

هذا ، وقد صرّح السمعاني ايضا برواية الطبراني عن أحمد بن سعيد (٢) ، وقد تقرّر في محلّه أن رواية الأكابر الأعلام دليل على كمال الشرف والجلالة ، بل هي عين التوثيق والتعديل عند بعض أئمة هذا الشأن الجليل ، والله الهادي إلى سواء السبيل ...

(٢٠)

رواية الطبراني

رواه بسند صحيح. حيث قال :

« نا أحمد بن سعيد بن فرقد الجدّي ، قال : نا أبو حمة محمّد بن يوسف اليماني قال : نا أبو قرة موسى بن طارق ، عن موسى بن عقبة ، عن أبي النضر سالم مولى عمر بن عبيد الله ، عن أنس بن مالك قال : بينا أنا واقف عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذ اهدي إليه طير فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي ، فجاء علي بن أبي طالب فقلت : رسول الله على حاجة ، ثمّ

__________________

(١) لسان الميزان ١ / ١٧٧.

(٢) الأنساب ـ الجدّي.

١٨٩

جاء علي فدخل ، فقال له رسول الله : اللهم وإليّ اللهم وإليّ ، فأكل معه ».

فقد رواه الطبراني عن شيخه أحمد بن سعيد ، بإسناده عن أنس ، وهو نفس الإسناد الذي صرّح الذهبي ـ وسلّم به العسقلاني ـ بأنّه إسناد الصحيحين ... فظهر رواية الطبراني حديث الطير بسند صحيح. والحمد لله على ذلك.

وقال الطبراني :

« حدثنا عبيد العجلي ، ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ، ثنا حسين بن محمّد ، ثنا سليمان بن قرم ، عن فطر بن خليفة ، عن عبد الرحمن بن أبي نعيم ، عن سفينة مولى النبي صلّى الله عليه وسلّم : أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم أتي بطير فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير ، فجاء علي رضي‌الله‌عنه فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : اللهم وإليّ » (١).

وقال الطبراني :

« حدثنا عمرو بن أبي الطاهر بن السّرح المصري ، ثنا يوسف بن عدي ، ثنا حمّاد بن المختار ، عن عبد الملك بن عمير ، عن أنس ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : أهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طائر ، فوضع بين يديه فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي ، فجاء علي بن أبي طالب ـ رضي‌الله‌عنه ـ فدقّ الباب ، فقلت : ذا؟ فقال : أنا علي ، فقلت : النبي صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، فرجع ، ثلاث مرار ، كلّ ذي يجئ ، قال : فضرب الباب برجله فدخل فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : ما حبسك؟ قال : قد جئت ثلاث مرات ، كلّ ذلك يقول : النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ على

__________________

(١) المعجم الكبير ٧ / ٨٢.

١٩٠

حاجة : فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : ما حملك على ذلك؟ قلت : كنت أردت أن يكون رجل من قومي » (١).

وقال الطبراني :

« عن أنس بن مالك قال : أهدت أم أيمن إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم طائرا بين رغيفين ، فجاء النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال : هل عندكم شيء؟ فجاءته بالطائر ، فرفع يديه فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر ، فجاء علي ، فقلت : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مشغول ، وإنّما دخل النبي صلّى الله عليه وسلّم آنفا (٢) ... النبي من الطائر شيئا ، ثمّ رفع يده فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر ، فجاء علي ، فارتفع الصوت بيني وبينه ، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم لها : خلّه من كان يدخل ، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : وإليّ يا رب ـ ثلاث مرات ـ فأكل مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى فرغا.

لم يرو هذا الحديث عن الأوزاعي إلاّ عبد الرزاق ، تفرّد به سلمة » (٣).

* وجاء التصريح في غير واحد من الكتب برواية الطبراني حديث الطّير ، وقد أورد الهيثمي الحديث عن الطّبراني بأسانيد ، فنصّ على أن رجال إسناده في ( المعجم الكبير ) رجال الصحيح ما عدا واحد فقال : « لم أعرفه وبقيّة رجاله رجال الصحيح » وأنّ له أسانيد في ( المعجم الأوسط ) فسكت إلاّ عن واحد منها فقال : « وفي أحد أسانيد الأوسط أحمد بن عياض بن أبي طيبة ولم أعرفه ، وبقيّة ورجاله رجال الصحيح » ، ثمّ أخرجه عن البزار والطبراني عن سفينة فقال : « ورجال

__________________

(١) المعجم الكبير ١ / ٢٥٣.

(٢) في النسخة : هنا كلمة لا تقرأ.

(٣) المعجم الأوسط ٢ / ٤٤٣.

١٩١

الطبراني رجال الصحيح ، غير فطر بن خليفة وهو ثقة » (١) فإذن ، الطبراني يروي حديث الطير بسند آخر اعترف الهيثمي بصحّته ، فإذا ثبت ثقة من قال « لم أعرفه » كانت الأسانيد الصحيحة عند الطبراني في رواية حديث الطير كثيرة ، والله الموفق.

ترجمته

١ ـ السمعاني : « أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الطبراني ، حافظ عصره ، صاحب الرّحلة ، رحل إلى ديار : مصر ، والحجاز ، واليمن ، والجزيرة ، والعراق ، وأدرك الشيوخ ، وذاكر الحفّاظ ، وسكن أصبهان إلى آخر عمره ، وصنّف التصانيف ، يروي عن : إسحاق بن إبراهيم الديري الصنعاني ، وجمع شيوخه الذين سمع منهم وكانوا ألف شيخ ، روى عنه : أبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني ، وأبو نعيم الحافظ ، والعالم.

ولد سنة ستين ومائتين بطبرية ، مات لليلتين بقيتا من ذي القعدة سنة ستّين وثلاثمائة بإصبهان ، وكان يقول : أول ما قدمت أصبهان سنة تسعين ومائتين » (٢).

٢ ـ ابن خلّكان : « كان حافظ عصره ... وله المصنفات الممتعة النافعة الغريبة ، منها : المعاجم الثلاثة ... » (٣).

٣ ـ الذهبي حوادث ٣٦٠ : « وفيها : الطبراني الحافظ العلم مسند العصر ... وكان ثقة صدوقا واسع الحفظ ، بصيرا بالعلل والرجال والأبواب ، كثير التصانيف ... » (٤).

__________________

(١) مجمع الزوائد ٩ / ١٢٥ ١٢٦.

(٢) الأنساب ـ الطبراني.

(٣) وفيات الأعيان ٢ / ٤٠٧.

(٤) العبر ٢ / ٣١٥.

١٩٢

٤ ـ السيوطي : « الطّبراني : الإمام العلاّمة بقيّة الحفّاظ ... مسند الدنيا ، وأحد فرسان هذا الشأن ... قال ابن مندة : أحد الحفّاظ المذكورين ... قال أبو العباس الشيرازي : كتبت عن الطبراني ثلاث مائة ألف حديث ، وهو ثقة ... » (١).

هذا ، وقد اعتمد العلماء على كتبه واحتّجوا برواياته في مختلف كتبهم ... كما احتجّ برواياته ( الدهلوي ) نفسه في مواضع من ( التحفة ).

(٢١)

رواية ابن السقّاء

لقد روى ابن السقّاء حديث الطير وأملاه في واسط ، فلم تحمل نفوس المتعصّبين المنطوية على بغض أهل البيت سماع هذه الفضيلة الجليلة ، الهادمة لأساس التزوير والقالعة لبنيان التلميع ، حتى وثبوا به لنصبهم الشديد ، فأقاموه وغسلوا موضعه لاعتقادهم نجاسته بذلك! فمضى ابن السقّاء ولزم بيته ...

ولقد أورد هذه القضية الذهبي بترجمته حيث قال : « قال السلفي : سألت الحافظ خميسا الحوزي عن ابن السقاء. فقال : هو من مزينة مضر ولم يكن سقاء بل لقب له ، من وجوه الواسطيّين وذوي الثروة والحفظ ، رحل به أبوه فأسمعه من : أبي خليفة ، وأبي يعلى ، وابن زيدان البجلي ، والمفضل بن الجندي. وبارك الله في سنّه وعلمه ، واتفق أنّه أملى حديث الطير ، فلم تحمله نفوسهم فوثبوا به ، فأقاموه وغسلوا موضعه ، فمضى ولزم بيته ، ولم يحدّث أحدا من الواسطيين ، فلهذا قلّ حديثه عندهم ، وتوفّي سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة ،

__________________

(١) طبقات الحفّاظ : ٣٧٢.

١٩٣

حدّثني به شيخنا أبو الحسن المغازلي » (١).

كما تظهر روايته من عبارة ابن المغازلي الآتية فيما بعد.

ترجمته

١ ـ قال الذهبي : « ابن السقاء ، الحافظ الإمام محدّث واسط ، أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن عثمان الواسطي ... روى عنه : الدار قطني ، وأبو الفتح يوسف القوّاس ، وأبو العلاء محمّد بن علي القاضي ... وآخرون.

قال أبو العلاء ابن المظفر والدار قطني : يقولون لم نر مع ابن السقاء كتابا وإنّما حدّثنا حفظا ، وقال علي بن محمّد بن الطيّب الجلابي في تاريخه : ابن السقّاء من أئمة الواسطيين والحفاظ المتقنين ، توفي في جمادى الآخرة سنة ٣٧٣ ... » (٢).

وقال : « ابن السقاء : الإمام الحافظ الثّقة الرّحال ... » (٣).

٢ ـ السمعاني : « واشتهر به أبو محمّد ... المعروف بابن السقاء ، من أهل الفهم والحفظ والمعرفة بالحديث ... » (٤).

٣ ـ السيوطي : « ابن السقّاء ـ الحافظ الإمام محدّث واسط ، أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن عثمان ، سمع : أبا خليفة ، وأبا يعلى ، ومنه : الدار قطني وأبو نعيم ، وكان من أئمة الواسطيين ، والحفّاظ المتقنين ، وذوي المروة والوجاهة ، يحدّث حفظا ، مات في جمادى الآخرة سنة ٣٧٣ » (٥).

__________________

(١) تذكرة الحفّاظ ٣ / ٩٦٥ ، سير أعلام النبلاء ١٦ / ٣٥٢.

(٢) تذكرة الحفّاظ ٣ / ٩٦٥.

(٣) سير أعلام النبلاء ١٦ / ٣٥١.

(٤) الأنساب ٧ / ٩٠.

(٥) طبقات الحفّاظ : ٣٨٥.

١٩٤

(٢٢)

رواية أبي اللّيث السّمرقندي

رواه في ( المجالس ) له حيث قال : « قال النبي صلّى الله عليه وسلّم : أفضلكم علي بن أبي طالب ، وعن أنس بن مالك قال : اهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثلاث طوائر فقال : اللهم سق إليّ أحبّ خلقك إليك يأكل معي ، قال أنس : فكنت على الباب فجاء علي فرددته رجاء أن يجئ رجل من الأنصار ، ثمّ جاء علي فأذنت له ، فقال رسول الله : كل يا علي ، فأنت أحبّ خلقك الله إليه ، وقد دعوت أن يسوق أحبّ خلقه إليه ».

ترجمته

١ ـ الذهبي : « أبو الليث : الإمام الفقيه المحدّث الزاهد ... » (١).

٢ ـ الكفوي : « الشيخ الإمام أبو اللّيث الفقيه نصر بن محمّد بن إبراهيم السمرقندي ، كان يعرف بإمام الهدى ، وكان مشهور بالكنية والفقيه ، وفي تقدمة المقدمة : قيل : سماه النبي فقيها لما روى أنّه لما صنّف كتابه المسمّى تنبيه الغافلين عرضه على روضة النبي صلّى الله عليه وسلّم وبات الليلة ، فرأى النبي صلّى الله عليه وسلّم فناوله كتابه فقال : هذا كتابك يا فقيه ، فانتبه فوجد فيه مواضع ممحوّة ، فكان يتبرّك باسم الفقيه فاشتهر به ... » (٢).

٣ ـ محي الدين القرشي : « نصر بن محمّد بن أحمد بن إبراهيم السّمرقندي الفقيه أبو الليث المعروف بإمام الهدى ، تفقّه على الفقيه أبي جعفر

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ١٦ / ٣٢٢.

(٢) كتائب أعلام الأخيار ـ مخطوط.

١٩٥

الهندواني ، وهو الإمام الكبير صاحب الأقوال المفيدة والتصانيف المشهورة ، توفي رحمه‌الله تعالى ليلة الثلاثاء لإحدى عشرة خلت من جمادى الآخرة سنة ٣٧٣ ... » (١).

(٢٣)

إثبات الصّاحب ابن عبّاد

ولقد أثبت أبو القاسم إسماعيل بن عبّاد الملقّب بالصاحب حديث الطير ، إذ أورده في أشعار له في مدح مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام : « فقد جاء في كتاب ( المناقب ) ما نصه : « وللصاحب كافي الكفاة :

يا أمير المؤمنين المرتضى

إن قلبي عندكم قد وقفا

كلما جدّدت مدحي فيكم

قال ذو النصب يسبّ السّلفا

من كمولاي علي زاهدا

طلّق الدنيا ثلاثا ووفى؟

من دعي للطير يأكله؟

ولنا في مثل هذا مكتفى

من وصي المصطفى عندكم

فوصيّ المصطفى يصطفى؟ » (٢).

وفيه : « وقال الصاحب كافي الكفاة في مدح علي :

هو البدر في هيجاء بدر وغيره

فرائصه من ذكره السيف ترعد

وكم خبر في خيبر قد رويتم

ولكنكم مثل النعام تشرد؟

وفي احد ولىّ رجال وسيفه

يسوّد وجه الكفر وهو مسوّد

عليّ له في الطير ما طار ذكره

وقامت به أعداؤه وهي تشهد

وما شدّ عن خير المساجد بابه

وأبوابهم إذ ذاك عنه تسدّد

__________________

(١) الجواهر المضية في طبقات الحنفيّة ٢ / ١٩٦.

(٢) مناقب علي بن أبي طالب للخوارزمي : ٦٥.

١٩٦

وزوجته الزهراء خير كريمة

لخير كريم فضلها ليس يجحد »

وذكر أشعارا أخرى له في الباب (١).

ترجمته

فهذا الصاحب بن عباد ، الذي فاق في الفضل وساد ، قد أبان صحة هذا الحديث لكل ذي سداد ، حيث نظمه جازما بثبوته لأبي الأئمة الأمجاد ، عليه وآله آلاف السلام من ربّ العباد ، فقلع أسّ المكابرة والعناد ، وألقم الحجر في فم كل شاحن ذي احتداد منطو على كوامن الضغائن والأحقاد ، والله المتفضل بالهداية والإرشاد ...

وقد أثنى على الصاحب ومدحه كبار علماء أهل السنّة وصفوه بالمآثر الجميلة والمكارم الجليلة ، ... راجع :

١ ـ وفيات الأعيان ١ / ٢٢٨.

٢ ـ معجم الأدباء ٦ / ١٦٨.

٣ ـ يتيمة الدهر ٣ / ١٨٨.

٤ ـ العبر في خبر من غبر ٣ / ٢٨.

٥ ـ الكامل ٨ / ٣٥٢.

٦ ـ المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٣٠.

٧ ـ مرآة الجنان ٢ / ٤٢١.

٨ ـ تتمة المختصر ١ / ٣١٢.

٩ ـ بغية الوعاة ١ / ٤٤٩.

١٠ ـ شذرات الذهب ٣ / ١١٣.

__________________

(١) مناقب علي بن أبي طالب للخوارزمي : ٢٤٠.

١٩٧

(٢٤)

رواية ابن شاهين

أخرجه عن طريقه ابن عساكر بترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام غير مرة ، فمن ذلك قوله :

« أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد ، أنبأنا أبو محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان ، أنبأنا يحيى بن محمّد بن صاعد ، أنبأنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ، أنبأنا حسين بن محمّد ، أنبأنا سليمان بن قرم ، عن محمّد بن شعيب ، عن داود بن علي بن عبد الله بن عباس ، عن أبيه ، عن جدّه ابن عباس قال : أتي النبي صلّى الله عليه وسلّم بطائر ، فقال : اللهم ائتني برجل يحبّه الله ورسوله. فجاء علي عليه‌السلام ، فقال : اللهم وإليّ ».

وقوله : « أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد ، أنبأنا أبو محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو حفص ابن شاهين ، أنبأنا يحيى بن محمّد بن صاعد ، أنبأنا عبد القدوس بن محمّد بن عبد الكبير بن الحبحاب ـ بالبصرة ـ حدثني عمي صالح ابن عبد الكبير ، أنبأنا عبد الله بن زياد أبو العلاء ، عن علي بن زيد ، عن سعيد ابن المسيب ، عن أنس بن مالك قال ...

قال ابن شاهين : تفرّد بهذا الحديث عبد القدوس بن محمّد بن عمّه ، لا أعلم حدّث به غيره ، وهو حديث حسن غريب ».

وقوله : « حدثنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد ، أنبأنا أبو محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو حفص بن شاهين ، أنبأنا محمّد بن إبراهيم الأنماطي ، أنبأنا محمّد بن عمرو بن نافع ، أنبأنا علي بن الحسن ، أنبأنا خليد بن دعلج ، عن قتادة ، عن

١٩٨

أنس ... » (١).

وقال ابن المغازلي : « أخبرنا محمّد بن علي ـ إجازة ـ أنّ أبا حفص عمر ابن أحمد بن شاهين الواعظ حدّثهم : نا محمّد بن الحسين الجواربي ، نا إبراهيم بن صدقة ، نا يغنم بن سالم ، نا أنس قال : اهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طائر ، وذكر الحديث » (٢).

وقال : « أخبرنا أبو طالب بن محمّد بن علي بن الفتح الحربي البغدادي ـ فيما كتب به إليّ ـ أن أبا حفص عمر بن أحمد بن شاهين حدثهم قال : نا نصر ابن القاسم الفرضي ، نا عيسى بن مساور الجوهري قال : قال لي يغنم بن سالم ابن قنبر ـ ولقيته سنة تسعين ومائة وقال يغنم بن سالم : لي اثني عشرة ومائة سنة ـ قال لي أنس بن مالك : اهدي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير مشوي فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك أو بمن تحبّه ـ الشك من عيسى بن مساور الجوهري ـ فجاء علي ، فرددته ، فدخل في الثالثة أو في الرابعة ، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم : ما حبسك ـ أو ما أبطأك ـ عنّي يا علي؟ قال : جئت فردّني أنس ، ثمّ جئت فردّني أنس ، ثمّ جئت فردّني أنس. قال : يا أنس ، ما حملك على ما صنعت؟ أرجوت أن يكون رجلا من الأنصار؟ فقلت : نعم ، فقال : يا أنس ، أوفي الأنصار أفضل من علي؟! » (٣).

وقال المحبّ الطبري : « وخرّجه الحافظ أبو حفص عمر بن عثمان بن شاهين ، في جزء من حديثه ، ولم يذكر زيادة الحربي ، وقال بعد قوله : فجاء علي فرددته : ثمّ جاء فرددته ، فدخل في الثالثة أو في الرابعة ، فقال له النبي

__________________

(١) ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق ج ٢ الأحاديث : ٦١١ ، ٦١٨ ، ٦٢١.

(٢) مناقب علي بن أبي طالب : ١٦٤.

(٣) المصدر نفسه : ١٦٥.

١٩٩

صلّى الله عليه وسلّم : ما حبسك عني ـ أو ما أبطأ بك عنّي ـ يا علي؟ قال : جئت فردّني أنس ، ثم جئت فردّني أنس ، قال : يا أنس ، ما حملك على ما صنعت؟ قال : رجوت أن يكون رجلا من الأنصار ، فقال : أو في الأنصار خير من علي ـ أو أفضل من علي ـ؟! » (١).

وقال ابن شهر آشوب : « وحدّثني أبو العزيز كادش العكبري ، عن أبي طالب الحربي العشاري ، عن ابن شاهين الواعظ ـ في كتابه ما قرب سنده ـ قال : حدّثني نصر بن القاسم الفرائضي قال : أخبرنا أبو محمّد عيسى الجوهري قال قال يغنم بن سالم بن قنبر قال : قال أنس بن مالك. الخبر » (٢).

ترجمته

وابن شاهين من كبار علماء أهل السنّة ومحدّثيهم الثقات وحفاظهم الأعيان ، وسنذكر ترجمته في مجلّد حديث التشبيه ، ومن مصادر ترجمته :

١ ـ الأنساب ـ الشاهيني.

٢ ـ الكامل في التاريخ ٩ / ١١٥.

٣ ـ تذكرة الحفّاظ ٣ / ٩٨٧.

٤ ـ طبقات القرّاء ١ / ٥٨٨.

٥ ـ العبر ٣ / ٢٩.

٦ ـ مرآة الجنان ٢ / ٤٢٦.

٧ ـ طبقات الحافظ : ٣٩٢.

٨ ـ طبقات المفسرين ٢ / ٢.

٩ ـ تاريخ بغداد ١١ / ٢٦٥.

__________________

(١) الرياض النضرة ٢ / ١١٤ ـ ١١٥.

(٢) مناقب آل أبي طالب ٢ / ٢٨٢.

٢٠٠