نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ١١

السيّد علي الحسيني الميلاني

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ١١

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٦٨

(٨٧)

رواية الزبيدي

وهو : محمد مرتضى الحسيني الحنفي المتوفى سنة ١٢٠٥.

رواه من طريق الحاكم والطبراني عن أبي معاوية الضرير عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. لكنّه قال : من أتى العلم فليأت الباب (١).

ترجمته :

قال الزركلي : « علاّمة باللغة والحديث والرجال والأنساب ، من كبار المصنفين ، أصله من واسط في العراق ، ومولده بالهند في بلجرام ، ومنشؤه في زبيد باليمن. رحل إلى الحجاز وأقام بمصر ، فاشتهر فضله وانهالت عليه الهدايا والتحف ، وزاد اعتقاد الناس فيه ، وتوفي بالطاعون في مصر » ثم ذكر مؤلفاته (٢).

(٨٨)

رواية محمد الكزبري

المتوفى سنة ١٢٢١. وقع في طريق رواية الحافظ المغربي (٣).

__________________

(١) إتحاف السادة المتقين في شرح إحياء علوم الدين : ٦ / ٢٤٤.

(٢) الأعلام : ٧ / ٧٠.

(٣) فتح الملك العلي : ٢٢.

٨١

ترجمته :

ذكره صاحب معجم المؤلفين وقال : محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن زين الدين بن عبد الكريم الصفدي العطار الشهير بالكزبري ، محدّث مسند. ولد في ١٣ شعبان ، ودرّس الحديث في جامع بني أمية ، وتوفي بدمشق ... من آثاره ... » (١).

(٨٩)

رواية الآلوسي

وهو نعمان بن محمود البغدادي المتوفى سنة ١٢٥٢. يرويه حيث يصف مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام بقوله : « هو باب مدينة العلم والنقطة تحت الباء » (٢).

ترجمته :

قال الزركلي : « نعمان بن محمود بن عبد الله ، أبو البركات خير الدين الآلوسي. واعظ فقيه باحث. من أعلام الأسرة الآلوسية في العراق ، ولد ونشأ ببغداد ، وولي القضاء في بلاد متعددة ، منها الحلة ، وترك المناصب.

من كتبه : جلاء العينين في محاكمة الأحمدين ابن تيمية وابن حجر » (٣).

__________________

(١) معجم المؤلفين : ١٠ / ١٥٢.

(٢) جلاء العينين : ٧٠.

(٣) الأعلام : ٧ / ٤٢.

٨٢

(٩٠)

رواية عبد الرحمن الكزبري

المتوفى سنة ١٢٦٢. وقع في طريق رواية الحافظ المغربي (١).

ترجمته :

ذكره صاحب معجم المؤلفين بقوله :

« عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن الكزبري الدمشقي الشافعي. أبو المحاسن وجيه الدين. عالم محدث. ولد بدمشق وتوفي بمكة حاجا في ١٩ ذي الحجة. له ثبت » (٢).

(٩١)

رواية زيني دحلان

وهو : أحمد زيني دحلان الشافعي المتوفى سنة ١٣٠٤. رواه في كتابه ( الفتوحات الإسلامية ) (٣).

__________________

(١) فتح الملك العلي : ٢٢.

(٢) معجم المؤلفين : ٥ / ١٧٧.

(٣) الفتوحات الإسلامية : ٢ / ٥١٠.

٨٣

ترجمته :

هو : أحمد زيني دحلان الشافعي المكي ، فقيه محدّث ، مؤرّخ مشارك في أنواع العلوم ، مفتي الشّافعية بمكة ، والمدرّس بها.

له مؤلّفات عديدة. توفي سنة ١٣٠٤ (١).

وللشيخ عثمان الدمياطي ـ كان حيّا سنة ١٣٠٠ ـ كتاب نفحة الرحمن في مناقب السيد أحمد زيني دحلان (٢).

(٩٢)

رواية الأبياري

وهو الأستاذ عبد الهادي الأبياري المصري المتوفى سنة : ١٣٠٥.

أرسله في كتابه ( جالية الكدر ) عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوله : « قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : أنا مدينة العلم وعلي بابها ».

ترجمته :

قال الزركلي : « عبد الهادي نجا بن رضوان نجا بن محمد الأبياري المصري. كاتب أديب ، له نظم ... توفي في القاهرة. له نحو أربعين كتابا » (٣).

__________________

(١) الأعلام : ١ / ١٣٠ ، معجم المؤلفين : ٢ / ٢٢٩.

(٢) معجم المؤلفين : ٦ / ٢٧٠.

(٣) الأعلام : ٤ / ٢٧٣.

٨٤

(٩٣)

رواية الولاتي

وهو : محمد بن يحيى بن عمر المتوفى سنة ١٣٢٩. أو ١٣٣٠ وقع في طريق رواية الحافظ المغربي.

ترجمته :

١ ـ قال الزركلي : « عالم بالحديث ، من فقهاء المالكية ، شنقيطي الأصل ، كان قاضي القضاة بجهة الحوض بصحراء الغرب الكبرى ... » (١).

٢ ـ قال كحالة : « محدّث ، فقيه ، أصولي ، ناظم ... » (٢).

(٩٤)

رواية البرزنجي

وهو : احمد بن إسماعيل الشافعي المتوفى سنة ١٣٣٢ رواه في ( مقاصد الطالب ) مرسلا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : « قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : أنا مدينة العلم وعلي بابها ».

__________________

(١) الأعلام : ٧ / ١٤٢.

(٢) معجم المؤلفين : ١٢ / ١٠٨.

٨٥

ترجمته :

قال كحالة : « أحمد بن إسماعيل البرزنجي الحسيني الموسوي المدني. عالم مشارك في علوم مختلفة. توفي بالمدينة.

من مؤلفاته : رسالة في مناقب عمر بن الخطاب.

مقاصد الطالب في مناقب علي بن أبي طالب » (١).

(٩٥)

رواية بهجت أفندي

ورواه الشيخ القاضي محمد بهجة أفندي المتوفى سنة ١٣٥٠ في كتابه ( تاريخ آل محمد : ٥٦ ).

(٩٦)

رواية النبهاني

وهو : يوسف بن إسماعيل الشافعي المتوفى سنة ١٣٥٠ :

رواه في غير واحد من مؤلّفاته ، ففي ( الفتح الكبير ) : « قال النبي صلّى الله عليه وسلّم : أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب. عق ، عد ، طب ك‍ عن ابن عباس » (٢).

ورواه في ( الشرف المؤبّد ) (٣).

__________________

(١) معجم المؤلفين : ١ / ١٦٤.

(٢) الفتح الكبير : ٢ / ١٧٦ ـ ١٧٧.

(٣) الشرف المؤبد : ١١١.

٨٦

ترجمته :

قال كحالة : « يوسف بن إسماعيل بن يوسف النبهاني الشافعي أبو المحاسن. أديب شاعر صوفي. من القضاة ... تولى القضاء في قصبة جنين من أعمال نابلس ، ورحل إلى القسطنطينية ، وعيّن قاضيا بكوي سنجق من أعمال ولاية الموصل ، فرئيسا لمحكمة الجزاء باللاذقية ، ثم بالقدس فرئيسا لمحكمة الحقوق ببيروت » (١).

(٩٧)

رواية محمّد مخلوف المالكي

المتوفى سنة ١٣٦٠ رواه حيث ذكر مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام بقوله : « ويروى من فضائله أنه قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : « أنا مدينة العلم وعلي بابها » (٢).

ترجمته :

قال الزركلي : « محمد بن محمد بن عمر بن علي بن سالم مخلوف ، عالم بتراجم المالكية ، من المفتين. مولده ووفاته في المنستير بتونس. تعلّم بجامع الزيتونة ، ودرّس فيه ثم بالمنستير وولي الإفتاء بقابس سنة ١٣١٣ فالقضاء بالمنستير ١٣١٩. فوظيفة باش مفتي بها. أي المفتي الأكبر سنة ١٣٥٥ إلى أن توفي.

اشتهر بكتابه : شجرة النور في طبقات المالكية » (٣).

__________________

(١) معجم المؤلفين : ١٣ / ٢٧٥.

(٢) شجرة النور الزكية : ٢ / ٧١.

(٣) الأعلام : ٧ / ٨٢.

٨٧

(٩٨)

رواية الشنقيطي

محمد حبيب بن عبد الله ، المتوفى سنة ١٣٦٣.

رواه في كتابه ( كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب : ٤٨ ).

ترجمته :

قال كحالة : « محمّد حبيب الله بن عبد الله بن أحمد الشنقيطي ... محدّث ... اختير مدرّسا في كليّة أصول الدين بجامعة الأزهر ، وتوفي بالقاهرة في ٨ صفر ، ودفن بمقابر الامام الشافعي ... » (١).

(٩٩)

رواية أحمد عبد الجواد وعباس أحمد صقر

رويا حديث مدينة العلم في كتاب ( جامع الأحاديث ) حيث جاء فيه : « أنا مدينة العلم وعلي بابها. أبو نعيم في المعرفة. عن علي » (٢).

__________________

(١) معجم المؤلفين : ٩ / ١٧٦.

(٢) جامع الأحاديث : ٣ / ٢٣٧.

٨٨

(١٠٠)

رواية ابن الصديق المغربي

صاحب كتاب ( فتح الملك العلي بصحّة حديث باب مدينة العلم علي ).

قال في مقدمته : « فإنّ الأحاديث الصحيحة الواردة بفضل أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عديدة متكاثرة وشهيرة متواترة ، حتى قال جمع من الحفاظ : إنه لم يرد من الفضائل لأحد من الصحابة بالأسانيد الصحيحة الجياد ما ورد لعلي بن أبي طالب. إلاّ أن هناك أحاديث اختلف فيها أنظار الحفاظ ، فصحّحها بعضهم وتكلّم فيها آخرون ، منها : حديث الطير ، وحديث الموالاة ، وحديث ردّ الشمس ، وحديث باب العلم.

... وأما حديث باب العلم فلم أر من أفرده بالتأليف ، ولا وجّه العناية اليه بالتصنيف. فأفردت هذا الجزء لجمع طرقه وترجيح قول من حكم بصحته ... ».

ثم روى الحديث بقوله : « أنبأنا عشرة قالوا : أنبأنا البرهان السقاء ، أنا ثعيلب ، أنا الملوي والجوهري قالا : أنا أبو العز محمد بن أحمد العجمي ، أنا الشمس البابلي ، أنا أحمد بن خليل السبكي ، أنا النجم الغيطي ، أنا زكريا ، أنا محمد بن عبد الرحيم ، أنا عبد الوهاب بن علي.

ح ـ وأنبأنا العفري ، أنا البرزنجي ، أنا الفلاني ، أنا ابن سنه ، أنا الوولاتي ، أنا ابن أركماش ، أنا أحمد بن علي الحافظ ، أنا عبد الرحيم بن الحسين الحافظ ، أنا الصلاح بن كيكلدي الحافظ.

قالا : أنا محمد بن أحمد بن عثمان الحافظ ، أنا إسحاق بن يحيى ، أنا الحسن ابن عباس ، أنا عبد الواحد بن حمويه ، أنا وجيه بن طاهر ، أنا الحسن بن أحمد

٨٩

السمرقندي الحافظ ، أنا أبو طالب حمزة بن محمد الحافظ ، أنا محمد بن أحمد الحافظ ، أنا أبو صالح الكرابيسي ، أنا صالح بن محمد ، أنا أبو الصلت الهروي ، أنا أبو معاوية ، عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس :

عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد بابها فليأت عليا.

أخرجه الحافظ أبو محمد الحسن بن أحمد السمرقندي في كتابه ( بحر الأسانيد في صحاح المسانيد ) الذي جمع فيه مائة ألف حديث بالأسانيد الصحيحة ، وفيه يقول الحافظ أبو سعد ابن السمعاني : لو رتّب وهذّب لم يقع في الإسلام مثله ، وهو في ثمانمائة جزء.

قلت : والحديث رواه عن أبي الصلت جماعة منهم :

محمد بن إسماعيل الضراري.

ومحمد بن عبد الرحيم الهروي.

والحسن بن علي المعمري.

ومحمد بن علي الصائغ.

وإسحاق بن حسن بن ميمون الحربي.

والقاسم بن عبد الرحمن الأنباري.

والحسين بن فهم بن عبد الرحمن.

أمّا رواية محمد بن إسماعيل ، فأخرجها ابن جرير في تهذيب الآثار قال ...

وأمّا رواية محمد بن عبد الرحيم ، فأخرجها الحاكم في المستدرك على الصحيحين قال ...

وأمّا رواية الحسن بن علي ومحمد بن الصائغ ، فأخرجها الطبراني في المعجم الكبير قال ...

وأمّا رواية إسحاق بن الحسن الحربي ، فأخرجها الخطيب ... قال ...

وأمّا رواية القاسم بن عبد الرحمن الأنباري ، فأخرجها الخطيب أيضا قال ...

٩٠

وأمّا رواية الحسين بن فهم ، فأخرجها الحاكم في المستدرك قال ...

فهذا الحديث بمفرده على شرط الصحيح ، كما حكم به يحيى بن معين ، والحاكم ، وأبو محمد السمرقندي. وبيان ذلك من تسعة مسالك ... ».

ثم شرع في ذكر المسالك حتى آخر الكتاب حيث ردّ في نهايته على كلام من ناقش في صحة الحديث ... فراجعه من أوّله إلى آخره ، فإنّه من خير ما كتب من هذا الباب ...

ترجمته :

وأمّا مؤلّفه فإنّ المعلومات عن حاله قليلة جدّا ، ولعلّه لكونه في بلاد المغرب العربي. قال كحالة : « أبو الفيض أحمد بن محمد بن الصديق الحسيني المغربي. محدّث ، حافظ ، من أهل المغرب الأقصى. توفي سنة ١٣٨٠ » (١).

__________________

(١) معجم المؤلفين : ١٣ / ٣٦٨.

٩١
٩٢

مع الدهلوي

في سند حديث المدينة

٩٣
٩٤

قوله :

« الحديث الخامس : ما رواه جابر : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : أنا مدينة العلم وعلي بابها ».

أقول :

عبارته توهم أن لم يرو هذا الحديث من الصّحابة إلاّ جابر ، وقد علمت ـ في الفائدة الأولى من الفوائد العشرة المتقدّمة في أوّل الكتاب ـ رواية كبار الأئمة والحفّاظ حديث مدينة العلم عن جملة من الأصحاب ، منهم : سيّدنا أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وسيّدنا الامام الحسن عليه‌السلام ، وسيّدنا الامام الحسين عليه‌السلام ، وعبد الله بن عباس ، وجابر بن عبد الله ، وعبد الله بن مسعود ، وحذيفة ابن اليمان ، وعبد الله بن عمر ، وأنس بن مالك ، وعمرو بن العاص.

بل تقدّم عن الحافظ الزرندي قوله عند ذكر هذا الحديث : « فضيلة اعترف بها الأصحاب وابتهجوا ، وسلكوا طريق الوفاق وانتهجوا » ...

٩٥

ولا يتوهّم أنّ ( الدهلوي ) لعلّه رواه عن جابر من جهة كونه من حديث جابر أشهر منه من حديث غيره من الأصحاب ، إذ لا يخفى على الخبير أنّ الأشهر بين المحدّثين حديث ابن عباس دون غيره من الأصحاب.

كما لا يتوهّم : لعلّ ( الدهلوي ) ذكره من حديث جابر لكون حديثه هو مورد استدلال الإماميّة دون حديث غيره ، لأنّ علماء أهل الحق رووا حديث مدينة العلم عن جابر وغيره من الأصحاب ، محتجّين به في الكتب الكلامية ، كما لا يخفى من راجع ( المناقب لابن شهرآشوب ) و ( العمدة لابن بطريق ) و ( غاية المرام للبحراني ) وغيرها من الأسفار.

هذا ... وليت ( الدهلوي ) حيث اقتصر على حديث جابر ـ ليوهم الناظرين في كتابه أنّه لم يروه أحد من الأصحاب سواه ـ ذكر حديث جابر بتمامه ، ولم يسقط منه الفقر المتعدّدة ، وبالرغم من وضوح ذلك ممّا تقدّم نعيد ذكر النصّ الكامل له برواية الحافظ الخطيب البغدادي بسنده عن عبد الرحمن بن بهمان : « قال سمعت جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول يوم الحديبية ـ وهو آخذ بيد علي ـ هذا أمير البررة وقاتل الفجرة ، منصور من نصره مخذول من خذله ، فمدّ بها صوته وقال : أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد العلم فليأت الباب » (١).

فهذا ما رواه جابر على حقيقته ، وهو حديث يشتمل على كلمات تكشف عن مدى اهتمام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في إثبات خلافة أمير المؤمنين عليه‌السلام وبيان أفضليّته من غيره ... ولكن لم يرق ( للدهلوي ) ذكر هذه الجمل.

بل الأعجب من ذلك إسقاطه ذيل الحديث ، وهوقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « فمن أراد العلم فليأت الباب » مع بلوغه أقصى درجات الشهرة والإعتبار ، وعدم خلوّ لفظ من ألفاظ الحديث ـ في رواية جابر وغيره ـ منه ...

__________________

(١) تاريخ بغداد ٢ / ٣٧٧ ، ٤ / ٢١٩.

٩٦

وهذه مؤاخذات لا مفرّ ( للدهلوي ) منها ، إلاّ الاعتراف بقصور باعه وعدم اطّلاعه على طرق الحديث وأسانيده ، غير أنّه تبع الكابلي وقلّده في هذا الموضع كسائر مواضع كتابه ، فقد قال الكابلي في ( صواقعه ):

« الخامس ـ ما رواه جابر : إنّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال : أنا مدينة العلم وعلي بابها. وهو باطل ، لأنّ الخبر مطعون فيه ، قال يحيى بن معين : لا أصل له ، وقال البخاري : إنه منكر وأنّه ليس له وجه صحيح. وقال الترمذي أيضا : إنّه منكر. وقال الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد : هذا الحديث لم يثبتوه. وقال الشيخ محي الدين النووي ، والحافظ شمس الدين الذهبي ، والشيخ شمس الدين الجزري : إنه موضوع فلا يجوز الاحتجاج به. ولأنّ من كان باب مدينة العلم لا يلزم أن يكون صاحب الزعامة الكبرى. ولأنّه لا يقاوم الأخبار الصحاح الدالة على خلافة المتقدّمين عليه ».

قوله :

« وهذا الخبر أيضا مطعون فيه ».

أقول :

على رسلك أيّها الشيخ المهذار ، وعلى ضلعك أيّها المتفيهق المتنطّع المكثار ، أمالك حياء؟! كيف نصبت نفسك لقدح فضائل وصيّ المختار ـ عليهما وآلهما الصّلاة والسلام ـ ورمي مناقبه بالوضع والصّغار؟ لقد تهت في بادية عظيمة الأهوال ، وارتقيت مرقبا صعب المنال ، وأتعبت نفسك بالمحال والمحال ، وبالغت في الخدع والاحتيال ...

كيف تبطل وترد وتنفي مثل هذا الحديث المشهور الشائع ، والخبر

٩٧

المستفيض الذائع ، الصحيح سندا والواضح جددا ، اللاّمع منارا البالغ أنوارا ، الذي نقله ورواه وخرّجه جهابذة الأخبار ومنقّدوا الآثار ، ونظمه الأعلام الأحبار في الأشعار ، وذكروه في الكتب والأسفار على مدى تحوّل الأعصار ، وهو من الاشتهار والشّيوع والثقة والاعتبار ، وتمسّك الخلف والسلف والاعتناء بشأنه بمكان عظيم الشأن لا تمسّه يد الإنكار والتضعيف ، ولا تصل إليه غائلة التوهين والتسخيف؟!

ولعمري إنّ الطّاعنين في الحديث الشريف شذاذ لا يعبأ بهم ذو والتحقيق ، ومعاندون لا يحتفل بهم أولوا النظر الدقيق ، قد أخطئوا وجه الصواب فهم في غلواء العصبيّة متمادون ، وفي سورة حميّة الجاهلية عادون ...

٩٨

ردّ نسبة القدح الى ابن معين

قوله :

« قال يحيى بن معين : لا أصل له ».

أقول :

نسبة القدح في خصوص حديث مدينة العلم وعلي بابها إلى يحيى بن معين مكذوبة ، ولا يخفى بطلانها على أهل النّظر والتحقيق ، ونحن نوضّح ذلك في وجوه :

١ ـ إنّه صحّحه في جواب سؤال الأنباري

لقد أفتى يحيى بن معين بصحّة حديث مدينة العلم في جواب سؤال القاسم بن عبد الرحمن الأنباري : « سألت يحيى عن هذا الحديث فقال : هو صحيح. قال الخطيب : أراد إنّه صحيح من حديث أبي معاوية وليس بباطل ، إذ

٩٩

قد رواه غير واحد عنه ».

وفي تهذيب الكمال بترجمة أبي الصّلت عبد السلام بن صالح الهروي : « قال القاسم بن عبد الرحمن الأنباري : حدّثنا أبو الصّلت الهروي قال : حدّثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت بابه. قال القاسم : سألت يحيى بن معين عن هذا الحديث فقال : صحيح. قال أبوبكر بن ثابت الحافظ : أراد إنّه صحيح من حديث أبي معاوية وليس بباطل ، إذ قد رواه غير واحد عنه » (١).

وفي تهذيب التهذيب بترجمة أبي الصّلت : « وقال القاسم بن عبد الرحمن الأنباري : سألت يحيى بن معين عن حديث حدّثنا به أبو الصلت عن أبي معاوية ، عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا : أنا مدينة العلم وعلي بابها. الحديث. فقال : هو صحيح. قال الخطيب : أراد به صحيح عن أبي معاوية ، إذ قد رواه غير واحد عنه » (٢).

وقد ورد تصحيح ابن معين للحديث في كتب أخرى غير ما ذكر ، كما مرّ فيما مضى.

٢ ـ إنّه أثبته في جواب الدوري

لقد أثبت يحيى بن معين حديث مدينة العلم في جواب سؤال عباس بن محمد الدّوري ... فقد قال الحاكم النيسابوري بعد إخراج حديث مدينة العلم

__________________

(١) تهذيب الكمال ١٨ / ٧٩.

(٢) تهذيب التهذيب : ٦ / ٣٢٠.

١٠٠