نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ١١

السيّد علي الحسيني الميلاني

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ١١

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٦٨

ما أخرجه الترمذي بإسناده « عن أبي ذر قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء من ذي لهجة أصدق ولا أوفى من أبي ذر شبه عيسى بن مريم عليه‌السلام. فقال عمر بن الخطاب كالحاسد : يا رسول الله أفتعرف ذلك له؟ قال : نعم فاعرفوه له. هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. وقد روى بعضهم هذا الحديث فقال : أبو ذر يمشى في الأرض بزهد عيسى بن مريم عليه‌السلام » (١).

وما أخرجه ابن عبد البر قال : « وروي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال : أبو ذر في أمّتي شبيه عيسى بن مريم في زهده » (٢).

وما أخرجه ابن عبد البر أيضا : « وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : أبو ذر في أمتي على زهد عيسى بن مريم » (٣).

ما أخرجه المتقي قال : « ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء على ذي لهجة اصدق من أبي ذر. من سرّه أن ينظر إلى زهد عيسى بن مريم فلينظر إلى أبي ذر. ابن سعد عن مالك بن دينار مرسلا.

ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر ثم رجل من بعدي ، من سره أن ينظر إلى عيسى بن مريم زهدا وسمتا فلينظر إلى أبي ذر. ابن عساكر عن الهجنع بن قيس مرسلا » (٤).

٤ ـ النظر في كلام العاصمي حول صدق لهجة أبي ذر

وأمّا قول العاصمي : « وجعل له أيضا باب الصّدق ... » فهو كعبارته

__________________

(١) صحيح الترمذي ٥ / ٦٢٨.

(٢) الاستيعاب ، حرف الجيم ١ / ٢٥٥.

(٣) المصدر ، باب الكنى ٤ / ١٦٥٥.

(٤) كنز العمال ١١ / ٦٦٧.

٣٤١

السابقة حول زهد أبي ذر محتمل للوجهين المذكورين ، فإن أراد بيان اتّصاف أبي ذر بهذه الصّفة الحميدة فلا كلام في ذلك لأحد من المسلمين ، وإن كذّبه عثمان ابن عفان وأتباعه. وإن أراد كونه باب مدينة العلم في الصّدق فهذا باطل بنفس ما تقدّم ، وانّ صدق اللهجة لا يستلزم كونه باب مدينة العلم.

وبما ذكرنا يبطل قوله : « فجعل له بابين باب الصدق وباب الزهد » إن أراد الجعل الحقيقي.

٥ ـ تصرّف العاصمي في حديث : ما أظلّت ...

وقد رأيت تصرّف العاصمي في حديث « ما أظلّت ... » لأنّ اللّفظ الذي ذكره يغاير لفظ الحديث المذكور في كتب الفريقين والمشهور على ألسنة المسلمين ، ولم يظهر لنا وجه هذا التّصرف.

٦ ـ بطلان دعوى ان الزهد جامع للعلم كلّه

وأمّا قوله : « والزّهد جامع للعلم كلّه » فكلام باطل ، كما هو ظاهر كلّ الظّهور ، على أنّه إن كان أبو ذر جامعا للعلم كلّه ـ بسبب زهده ـ كان في درجة أمير المؤمنين عليه‌السلام في العلم ، وهذا لا يلتزم به أحد ، والأدلّة على أعلمية أمير المؤمنين عليه‌السلام من جميع الأصحاب لا تحصى كثرة.

بل يلزم من كلام العاصمي هذا مساواة أبي ذر للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في العلم ... وهذا في غاية البطلان.

هذا تمام الكلام على كلمات العاصمي في هذا المقام.

٣٤٢

(٣)

مع الطيبي

في كلامه حول حديث أنا دار الحكمة

وللحسين بن عبد الله بن محمد الطيبي شارح المشكاة تأويل الحديث « أنا دار الحكمة » نرى من الضروري أن نذكره ونكشف عواره ... قال :

« قوله : وعلي بابها. لعلّ الشيعة تتمسّك بهذا التمثيل أنّ أخذ الحكمة والعلم مختصّ به رضي‌الله‌عنه لا يتجاوز إلى غيره إلاّ بواسطته رضي‌الله‌عنه ، لأن الدار إنما يدخل فيها من بابها ، وقد قال تعالى ( لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها ).

ولا حجة لهم. إذ ليس دار الجنة بأوسع من دار الحكمة ، ولها ثمانية أبواب » (١).

أقول : هذا كلامه ، وهو فاسد بوجوه متكاثرة ، يتّضح أكثرها ممّا تقدّم ، ونشير هنا إلى بعضها.

وجوه بطلان كلام الطّيبي

١ ـ سعة الدار لا تستلزم وجود أكثر من باب

إنّ سعة الدار لا تستلزم أبدا أن يكون لها أكثر من باب ، وإنّما اللازم اتّساع باب الدار بما يتناسب وسعتها ، ولا ريب في سعة باب دار الحكمة بما يتناسب

__________________

(١) الكاشف في شرح المشكاة ـ مخطوط.

٣٤٣

وسعة دار الحكمة ، ولقد بلغت سعة هذا الباب حدّا تقصر عنه عقول الحكماء وعبارات البلغاء ... وسيأتي مزيد بيان لهذا في غضون الكتاب ، وبه صرّح ابن حجر المكي حيث قال :

« مما يدلّ على أنّ الله سبحانه اختص عليا من العلوم بما تقصر عنه العبارات قوله صلّى الله عليه وسلّم : أقضاكم علي. وهو حديث صحيح لا نزاع فيه ، وقوله : أنا دار الحكمة ـ وفي رواية : مدينة العلم ـ وعلي بابها » (١).

٢ ـ تعدّد أبواب الجنة بحسب أفعال أهل الجنة لا بحسب سعتها

وتدلّ الأخبار الكثيرة الواردة في كتب أهل السنة على أن تعدّد أبواب الجنة وتعيينها هو بحسب أفعال الخير الصادرة من أهل الجنة في دار الدنيا ، وليس ذلك بحسب سعة الجنة حتى يقال بأن دار الجنة ليست بأوسع من دار الحكمة ، ولها ثمانية أبواب ، فيلزم أن يكون لدار الحكمة ثمانية أبواب كذلك أو أكثر ... ولا بأس بذكر نصوص من هذه الأخبار :

قال السّيوطي : « باب عدد أبواب الجنة وأسمائها : قال الله تعالى ( وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها ).

أخرج الشيخان عن سهل بن سعد : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : في الجنة ثمانية أبواب ، منها : باب الرّيان ، لا يدخله إلاّ الصائمون ، وفي لفظ : إن في الجنة بابا يقال له : الريان ، يدخل منه الصائمون يوم القيامة ، لا يدخل معهم أحد غيرهم ، يقال : أين الصائمون؟ فيدخلون منه ، فإذا دخل آخرهم أغلق فلم يدخل منه أحد.

وأخرج الطبراني في الأوسط من حديث أبي هريرة نحوه.

وأخرج الشيخان عن أبي هريرة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال :

__________________

(١) المنح المكية : ١٢٠.

٣٤٤

من أنفق زوجين من ماله في سبيل الله دعي من أبواب الجنة ، وللجنة أبواب ، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الرّيان ، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ... » (١).

وقال السيوطي بتفسير ( حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها ) :

« أخرج البخاري ومسلم والطبراني عن سهل بن سعد رضي‌الله‌عنه : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : في الجنة ثمانية أبواب ، منها : باب يسمّى الرّيان ، لا يدخله إلاّ الصائمون.

وأخرج مالك وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن حبان عن أبي هريرة رضي‌الله‌عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : من أنفق زوجين من ماله في سبيل الله دعي من أبواب الجنة ، وللجنة أبواب ، فمن كان من أهل الصّلاة دعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الرّيان ، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ... » (٢).

وفيه : « وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال : للجنة ثمانية أبواب : باب للمصلّين ، وباب للصائمين ، وباب للحاجّين ، وباب للمعتمرين ، وباب للمجاهدين ، وباب للذاكرين ، وباب للشاكرين.

وأخرج أحمد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : لكلّ عمل أهل من أبواب الجنة ، يدعون منه بذلك العمل » (٣).

وقال النووي : « قوله صلّى الله عليه وسلّم من باب كذا ومن باب كذا ، فذكر الصلاة والصدقة والصيام والجهاد. قال القاضي : وقد جاء ذكر بقية أبواب

__________________

(١) البدور السافرة عن أمور الآخرة : ٣٤.

(٢) الدر المنثور في التفسير بالمأثور ٥ / ٣٤٢.

(٣) الدر المنثور ٥ / ٣٤٣.

٣٤٥

الجنة الثمانية في حديث آخر في باب التوبة ، وباب الكاظمين الغيظ ، والعافين عن الناس ، وباب الراضين. فهذه سبعة أبواب جاءت في الأحاديث. وجاء في حديث السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب أنهم يدخلون من الباب الأيمن ، فلعلّه الباب الثامن » (١).

وقال القسطلاني : « وفي نوادر الأصول : من أبواب الجنة باب محمد صلّى الله عليه وسلّم ، وهو باب الرحمة ، وهو باب التوبة. وسائر الأبواب مقسومة على أعمال البرّ : باب الزكاة ، باب الحج ، باب العمرة. وعند عياض : باب الكاظمين الغيظ ، باب الراضين ، الباب الأيمن الذي يدخل منه من لا حساب عليه. وعند الآجري عن أبي هريرة مرفوعا : إن في الجنة بابا يقال له الضحى ، فإذا كان يوم القيامة ينادي مناد : أين الذين كانوا يديمون صلاة الضحى ، هذا بابكم فادخلوا منه. وفي الفردوس عن ابن عباس يرفعه : للجنة باب يقال له الفرح ، لا يدخل منه الاّ مفرّح الصبيان وعند الترمذي : باب للذكر. وعند ابن بطّال : باب للصابرين.

والحاصل : إن كلّ من أكثر نوعا من العبادة خص بباب يناسبها ، ينادى منه جزاء وقدرا. وقل من يجتمع له عمل بجميع انواع التطّوعات ، ثم إنّ من يجتمع له ذلك إنما يدعى من جميع الأبواب على سبيل التكريم ، والاّ فالدخول إنما يكون من باب واحد ، وهو باب العمل الذي يكون أغلب عليه » (٢).

٣ ـ تمثيل النبي نفسه ب « دار الجنة »

على أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد ورد عنه تمثيل نفسه الشريفه بـ

__________________

(١) المنهاج في شرح صحيح مسلم ٧ / ١١٧.

(٢) ارشاد الساري إلى صحيح البخاري ٣ / ٣٤٩.

٣٤٦

« دار الجنّة » ، كما ورد التمثيل ب « دار الحكمة » ، ولا ريب في أنّه كان يعلم بأن للجنة ثمانية أبواب ، وأنّ نفسه الشريفة أوسع من دار الجنّة ، وهو مع ذلك جعل أمير المؤمنين عليه‌السلام بمفرده باب دار الجنّة. فظهر بطلان كلام الطّيبي ، ولعلّه لم يقف على الحديث المذكور.

٤ ـ لو كان لدار الحكمة أبواب فهم الأئمة المعصومون

ولو كان لدار الحكمة أبواب عديدة فليس تلك الأبواب إلاّ الأئمة المعصومون عليهم‌السلام ، لأنهم أبواب العلم ، وأنّهم الموصوفون ب « الباب المبتلى به من أتاهم نجى ومن أباهم هوى » وأنّهم الذين قال فيهم : « مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة من دخله غفر له » ... ولم يرد في حقّ غيرهم شيء من هذا القبيل ، بل إن غيرهم لا يليق لهذا المقام ، للمفضولية وعدم العصمة وغيرهما من الموانع.

٥ ـ ظاهر الحديث وحدة الباب

ثم إنّ ظاهر حديث « أنا دار الحكمة وعلي بابها » وحدة الباب ، فلو تصوّر تعدّد الباب بوجه من الوجوه ، وجب أن يكون لتلك الأبواب نوع من الوحدة والاتّحاد ، لكنّ هذه الوحدة لا تتحقّق بالنسبة إلى الأصحاب ، لكثرة التفرّق والاختلاف فيما بينهم ، بخلاف الأئمّة المعصومين ، فإنهم بحكم الباب الواحد وحقيقتهم واحدة ومن هنا ترى وصف جميعهم بالباب في قوله : « فهم الباب المبتلى به ... » كما صحّ التعبير عنهم بالأبواب كما في قوله : « وهم أبواب العلم في أمّتي من تبعهم نجا من النار ومن اقتدى بهم هدي إلى صراط مستقيم ».

وقد ذكرنا سابقا الخطبة المشتملة على جملة : « فهم الباب ... » عن كتاب ( منقبة المطهرين لأبي نعيم ) ، ولنورد هنا نصّ رواية أبي الفتح النطنزي لتلك

٣٤٧

الخطبة ، فإنه قال :

« أخبرنا أبوبكر محمد بن أبي نصر شجاع بن أبي بكر الحافظ قراءة عليه وأنا أسمع ، قال : أخبرنا أبو الخير محمد بن أحمد بن هارون ، قال : أخبرنا أبوبكر أحمد ابن موسى الحافظ ، قال : حدثنا أبو أحمد بن يوسف الجرجاني ، قال : حدثنا محمد ابن إبراهيم البزاز ، قال : حدثنا محمد بن حميد. قال : حدثنا هارون بن عيسى ، قال حدثنا زاهر بن الحكم ، قال : حدثنا أبو حكيم الحناط ، عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر عن أبيه عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : خرج علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوما ومعه علي والحسن والحسين ، فخطب ثم قال : أيها الناس إن هؤلاء أهل بيت نبيّكم ، قد شرّفهم الله بكرامته ، واستحفظهم سرّه ، واستودعهم علمه ، عماد الدين ، شهداء على أمته ، برأهم قبل خلقه ، إذ هم أظلّة تحت عرشه ، نجباء في علمه ، اختارهم فارتضاهم واصطفاهم ، فجعلهم علماء فقهاء لعباده ، فهم الأئمة المهديّة ، والقادة الباعثة ، والأمة الوسطى ، والرحمة الموصولة ، هم الكهف الحصين للمؤمنين ، ونور أبصار المهتدين ، وعصمة لمن لجأ إليهم ، ونجاة لمن احترز بهم ، يغتبط من والاهم ، ويهلك من عاداهم ، ويفوز من تمسّك بهم ، الراغب عنهم مارق ، والمقصّر عنهم زاهق ، واللازم بهم لاحق ، فهم الباب المبتلى به ، من أتاهم نجا ، ومن أباهم هوى ، هم حطة لمن دخله ، وحجة الله على من جهله ، إلى الله يدعون ، وبأمر الله يعملون ، وبآياته يرشدون ، فيهم نزلت الرسالة ، وعليهم هبطت ملائكة الرحمة ، وإليهم بعث الروح الأمين تفضلا من الله ورحمة ، وآتاهم ما لم يؤت أحدا من العالمين ، وعندهم ـ بحمد الله ـ ما يلتمس ويحتاج من العلم والهدى في الدين ، وهم النور في الضلالة عند دخول الظلمة ، وهم الفروع الطيبة من الشجرة المباركة ، وهم معدن العلم ، وأهل بيت الرحمة ، وموضع الرسالة ، ومختلف الملائكة ، هم الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا » (١).

__________________

(١) الخصائص العلوية ـ مخطوط.

٣٤٨

ومن هنا أيضا جعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليا بوحده باب حطة ، كما جعل أهل بيته باب حطّة في حديث آخر ... وقد مرّت طرق هذا الحديث بالتفصيل ، كما أن عليا عليه‌السلام قال : « مثلنا » ليشير إلى الاتحاد المذكور بينه وبين سائر أهل البيت ، فقد روى السيوطي قائلا : « أخرج ابن أبي شيبة عن علي ابن أبي طالب قال : إنما مثلنا في هذه الأمة كسفينة نوح وكباب حطة في بني إسرائيل » (١).

فسواء كان لدار الحكمة باب واحد أو أبواب ، فإن الأمر لا يخرج عن علي وأهل البيت إلى غيرهم ، فبطل ما توخّاه الطيبي. والحمد لله.

٦ ـ الأئمة الإثنا عشر أبواب النبي

ومن آيات علوّ الحق : اعتراف بعض علماء أهل السنة بأنّ الأئمة الاثني عشر هم أبواب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بل ذكر هذا المطلب عن رسالة يوحنّا المسيحي ، ضمن البراهين التي أقامها لإثبات نبوة نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وجعله مصداقا لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها :

قال العلامة جواد الساباطي في المقالة الثالثة من التبصرة الثالثة من كتابه ( البراهين الساباطية ) بعد إيراد البرهان الخامس عن رسالة يوحنا : « وترجمته بالعربية : فأخذتني الروح إلى جبل عظيم شامخ ، وأرتني المدينة العظيمة أورشليم المقدسة نازلة من السماء من عند الله ، وفيها مجد الله ، وضوؤها كالحجر الكريم كحجر اليشم والبلور ، وكان لها سور عظيم عال ، واثنا عشر بابا ، وعلى الأبواب اثنا عشر ملكا ، وكان قد كتب عليها أسماء أسباط إسرائيل الاثني عشر.

__________________

(١) الدر المنثور ١ / ٧١.

٣٤٩

أقول : لا تأويل لهذا النص ، بحيث أن يدل على غير مكة شرّفها الله تعالى ، والمراد بمجد الله بعثته محمدا صلّى الله عليه وسلّم فيها ، والضوء عبارة عن الحجر الأسود ، وتشبيهه باليشم والبلور إشارة إلى صحيح الروايات التي وردت في أنه لمّا نزل كان أبيض ، والمراد بالسور هو رب الجنود صلّى الله عليه وسلّم.

والأبواب الاثني عشر : أولاده الأحد عشر وابن عمه علي ، وهم : علي ، والحسن ، والحسين ، وعلي ، ومحمد ، وجعفر ، وموسى ، وعلي ، ومحمد ، وعلي ، والحسن ، والقائم المهدي محمد رضي الله عنهم. وقوله : وعلى الأبواب الاثني عشر اثنا عشر ملكا. يدل على عظم مرتبته ، وعلى عموم نبوّته ، وقيام دعوته ، وعلى انقياد جميع الأسباط له ، والأسباط الاثنا عشر عبارة عن أولاد يعقوب عليه‌السلام ، وهم : روبيل ، وشمعون ، ولاوي ، ويهودا ، واسخر ، وزابلون ، وبن يامين ، ودان ، ونفتالي ، وياد ، وعاشر ، ويوسف ، عليه‌السلام. وهذا مصداق لقوله : لولاك لما خلقت الأفلاك ».

وفي ( البراهين الساباطية ) أيضا بعد إيراد البرهان السادس عن الرسالة المذكورة : « وترجمته بالعربية : ولسور المدينة اثنا عشر أساسا ، وعليها أسماء رسل الحمل الاثني عشر.

أقول : هذا تأكيد صريح لما قبله ، والاثنا عشر الأساس هم : الأئمة الاثنا عشر ، ورسل الحمل الاثنا عشر الحواريون الاثنا عشر رضي الله عنهم ، وهم : سمعون ، بطرس ، واندرياس ، ويعقوب ، ويوحنا ، وفيلبوس ، وبرتولوماؤس ، وتوما ، ومتى ، ويعقوب ، ولباؤس ، وسمعون القالي ، وبولوص (١) على رأيي أنا ، لأنّ يهودا الاسخريوطي كان قد خنق نفسه وهلك ، وأقيم بولوص مقامه. وفيه إشارة إلى انقياد جميع المذاهب العيسوية لشريعة خير البرية ».

وفي ( البراهين الساباطية ) أيضا بعد إيراد البرهان السابع عن الرسالة

__________________

(١) جاء في هامش عبقات الأنوار : فيه ما فيه ، كما لا يخفى على النبيه.

٣٥٠

المذكورة : « وترجمته بالعربية : والأبواب الاثنا عشر اثنا عشر لؤلؤة ، كلّ واحد من الأبواب كان من لؤلؤة واحدة ، وساحة المدينة من الذهب الإبريز كالزجاج الشفاف.

أقول : هذا بيان لما قبله ، وصفة الأبواب ، وكون كلّ باب من لؤلؤة واحدة. فيه إشارة إلى ما يدّعيه الإماميون من عصمة أئمتهم ، لأنّ اللؤلؤة كروية ، ولا شك أن الشكل الكروي لا يمكن انثلابه ، لأنه لا يباشر الأجسام إلاّ على ملتقى نقطة واحدة كما صرح به أوقليدس ، والأصل في عصمة الامام ، أمّا عند أهل السنة والجماعة فإنّ العصمة ليست بشرط ، بل العمدة فيه انعقاد الإجماع ، وأما عند الإمامية فهي واجبة فيه لأنه لطف ، ولأن النفوس الزكية الفاضلة تأبى عن اتباع النفوس الدنية المفضولة ، وعدم العصمة علة عدم الفضيلة. ولهما فيها بحث طويل لا يناسب هذا المقام. وقوله : وساحة المدينة من الذهب الإبريز كالزجاج الشفاف. يريد بذلك أهل ملته صلّى الله عليه وسلّم ، لأنهم لا ينحرفون عن اعتقادهم ، ولا ينصرفون عن مذهبهم في حالة العسرة. وأما الذين أغواهم قسوس الانكتاريين فمن الجهال الذين لا معرفة لهم بأصول دينهم. وهذا هو مصداق قوله صلّى الله عليه وسلّم : أنا مدينة العلم وعلي بابها ».

٣٥١
٣٥٢

فهرس الكتاب

٣٥٣
٣٥٤

ملحق سند حديث أنا مدينة العلم

٥ ـ ٩١

رواية داود بن سليمان الغازي وترجمته........................................... ٧

رواية أبي معاوية الضرير وترجمته................................................ ٨

رواية أبي عبيد البغدادي وترجمته................................................ ٩

رواية محمد بن جعفر الفيدي وترجمته........................................... ١٠

رواية ابن خداش الطالقاني وترجمته............................................. ١١

رواية إسحاق الحربي وترجمته.................................................. ١٢

رواية محمد بن إسماعيل الضراري وترجمته....................................... ١٣

رواية أبي العباس المبرد وترجمته................................................. ١٤

رواية القاسم الأنباري وترجمته................................................ ١٥

رواية أبي عبد الله الصائع وترجمته.............................................. ١٦

رواية أحمد بن حفص وترجمته................................................. ١٧

رواية صالح جزرة وترجمته.................................................... ١٨

رواية المعمري وترجمته....................................................... ١٩

رواية ابن زاطيا وترجمته...................................................... ٢٠

رواية الخثعمي الأشناني وترجمته............................................... ٢١

٣٥٥

رواية ابن مروان القرشي وترجمته.............................................. ٢٢

رواية أبي الطيب الدقاق وترجمته............................................... ٢٣

رواية عبد الملك الجرجاني وترجمته............................................. ٢٣

رواية مكرم بن أحمد وترجمته.................................................. ٢٤

رواية ابن فاذويه الطحان وترجمته.............................................. ٢٥

رواية النعمان البلدي وترجمته................................................. ٢٦

رواية عبد الرحمن الجرجاني وترجمته............................................ ٢٦

رواية ابن مهرويه وترجمته.................................................... ٢٧

رواية ابن خلاد وترجمته...................................................... ٢٨

رواية فاروق الخطابي وترجمته.................................................. ٢٩

رواية ابن عدي وترجمته...................................................... ٢٩

رواية شمس الدين المقدسي وترجمته............................................ ٣١

رواية ابن شاذان وترجمته..................................................... ٣٢

رواية الدارقطني وترجمته...................................................... ٣٢

رواية الكلابي وترجمته........................................................ ٣٣

رواية أبي الحسن العلوي وترجمته............................................... ٣٤

رواية محمد بن أحمد بن رزق وترجمته.......................................... ٣٥

رواية الصيرفي وترجمته........................................................ ٣٦

رواية البرقاني وترجمته........................................................ ٣٧

رواية النرسي وترجمته........................................................ ٣٨

رواية أبي إسحاق الثعلبي وترجمته.............................................. ٣٨

رواية الدسكري وترجمته..................................................... ٣٩

رواية الصيمري وترجمته...................................................... ٤٠

رواية حمزة السهمي وترجمته.................................................. ٤١

رواية العتيقي وترجمته........................................................ ٤٢

رواية أبي سعيد الفقيه وترجمته................................................. ٤٣

رواية الجوهري وترجمته....................................................... ٤٤

رواية العيار وترجمته......................................................... ٤٤

٣٥٦

رواية الحسكاني وترجمته...................................................... ٤٥

رواية ابن مسعدة وترجمته..................................................... ٤٦

رواية أبي الوليد الباجي وترجمته................................................ ٤٧

رواية السمرقندي وترجمته.................................................... ٤٨

رواية الراغب الأصبهاني وترجمته............................................... ٤٩

رواية ابن قبيس وترجمته...................................................... ٥٠

رواية ابن القشيري وترجمته................................................... ٥١

رواية زاهر الشحامي وترجمته................................................. ٥٢

رواية أبي منصور القزاز وترجمته............................................... ٥٣

رواية الزمخشري وترجمته...................................................... ٥٤

رواية الأنماطي وترجمته....................................................... ٥٤

رواية ابن خيرون وترجمته..................................................... ٥٥

رواية فاطمة بنت محمد البغدادي وترجمته....................................... ٥٦

رواية وجيه بن طاهر الشحامي وترجمته......................................... ٥٧

رواية القاضي عياض وترجمته.................................................. ٥٨

رواية الدهلقي وترجمته....................................................... ٥٩

رواية ابن الأنباري وترجمته................................................... ٦٠

رواية الطالقاني وترجمته....................................................... ٦١

رواية أبي اليمن الكندي وترجمته............................................... ٦٢

رواية الرافعي وترجمته........................................................ ٦٣

رواية أبي نصر الدمشقي وترجمته............................................... ٦٤

رواية أبي الرجاء الخوارزمي وترجمته............................................ ٦٥

رواية ابن أبي حمزة المالكي وترجمته............................................. ٦٥

رواية النويري وترجمته........................................................ ٦٦

رواية الذهبي وترجمته......................................................... ٦٧

رواية ابن كثير الدمشقي وترجمته.............................................. ٦٨

رواية الزين العراقي وترجمته................................................... ٦٩

رواية الهيثمي وترجمته........................................................ ٧٠

٣٥٧

رواية القلقشندي وترجمته..................................................... ٧١

رواية العيني وترجمته......................................................... ٧٢

رواية الأعور الواسطي وترجمته................................................ ٧٣

رواية ابن الوزير الحنفي وترجمته............................................... ٧٣

رواية ابن الديبع وترجمته..................................................... ٧٤

رواية النجم الغيطي وترجمته.................................................. ٧٥

رواية أحمد بن خليل السبكي وترجمته.......................................... ٧٦

رواية الشمس البابلي وترجمته................................................. ٧٦

رواية المقدسي الحنفي........................................................ ٧٧

رواية عبد القادر الكردي..................................................... ٧٧

رواية عبد الكريم بن ولي الدين................................................ ٧٨

رواية محمد المغربي المالكي وترجمته............................................. ٧٨

رواية العصامي وترجمته....................................................... ٧٩

رواية العجلوني وترجمته...................................................... ٨٠

رواية الزبيدي وترجمته....................................................... ٨١

رواية محمد الكزبري وترجمته.................................................. ٨١

رواية نعمان الآلوسي وترجمته................................................. ٨٢

رواية عبد الرحمن الكزبري وترجمته............................................ ٨٣

رواية زيني دحلان وترجمته.................................................... ٨٣

رواية الأبياري وترجمته....................................................... ٨٤

رواية الولاتي وترجمته........................................................ ٨٥

رواية أحمد البرزنجي وترجمته.................................................. ٨٥

رواية بهجت أفندي.......................................................... ٨٦

رواية يوسف النبهاني وترجمته................................................. ٨٦

رواية محمد مخلوف المالكي وترجمته............................................ ٨٧

رواية الشنقيطي وترجمته...................................................... ٨٨

رواية أحمد عبد الجواد وعباس أحمد صقر........................................ ٨٨

رواية ابن الصديق المغربي وترجمته.............................................. ٨٩

٣٥٨

مع الدهلوي في سند حديث أنا مدينة العلم

٩٣ ـ ١٥٦

مقدمة الرد................................................................. ٩٥

الرد على نسبة القدح إلى يحيى بن معين بوجوه :................................. ٩٩

١ ـ إنه صححه في جواب سؤال الأنباري..................................... ٩٩

٢ ـ إنه أثبته في جواب الدوري............................................. ١٠٠

٣ ـ إنه أثبته في جواب ابن المحرز........................................... ١٠٢

٤ ـ إنه أثبته في جواب صالح جزرة......................................... ١٠٣

الرد على قدح البخاري بوجوه :............................................. ١٠٧

١ ـ البخاري مجروح...................................................... ١٠٧

٢ ـ البخاري منحرف عن أهل البيت........................................ ١٠٨

٣ ـ رواية شيخه عبد الرزاق بن همام........................................ ١٠٨

٤ ـ رواية أحمد بن حنبل.................................................. ١٠٨

٥ ـ رواية ابن معين....................................................... ١٠٩

٦ ـ رواية الطبري وتصحيحه الحديث....................................... ١٠٩

٧ ـ رواية الحاكم وتصحيحه على شرط الشيخين............................. ١٠٩

٨ ـ رواية الترمذي........................................................ ١٠٩

٩ ـ جزم جماعة بصحته................................................... ١١٠

١٠ ـ تحسين جماعة....................................................... ١١٠

١١ ـ كلا الزركشي في رد دعوى بطلانه.................................... ١١٠

١٢ ـ فتوى ابن حجر المكي بحسنه.......................................... ١١١

١٣ ـ إعراض القوم عن قدح البخاري....................................... ١١١

الرد على نسبة القدح إلى الترمذي بوجوه :.................................... ١١٢

( ١ ) نقل جماعة الحديث عن صحيح الترمذي ، منهم :

١ ـ ابن طلحة الشافعي.................................................... ١١٢

٣٥٩

٢ ـ ابن تيمية............................................................ ١١٣

٣ ـ ابن روزبهان......................................................... ١١٣

٤ ـ الميبدي.............................................................. ١١٣

٥ ـ محمد بن يوسف الشامي............................................... ١١٣

٦ ـ ابن حجر المكي...................................................... ١١٤

٧ ـ ميرزا مخدوم.......................................................... ١١٤

٨ ـ العيدروس اليمني...................................................... ١١٤

٩ ـ الشيخاني القادري..................................................... ١١٤

١٠ ـ عبد الحق الدهلوي................................................... ١١٥

١١ ـ الشبراملسي......................................................... ١١٥

١٢ ـ إبراهيم الكردي الكوراني............................................. ١١٥

١٣ ـ الزرقاني المالكي..................................................... ١١٥

١٤ ـ محمد الصبان المصري................................................ ١١٦

( ٢ ) تنصيص بعضهم على تحسين الترمذي الحديث............................ ١١٦

( ٣ ) اعتراض السيوطي على ابن الجوزي استنادا إلى رواية الترمذي.............. ١١٧

( ٤ ) رد الشوكاني القدح فيه برواية الترمذي.................................. ١١٧

الرد على قدح ابن الجوز.................................................... ١١٨

من كلمات العلماء في ابن الجوزي........................................... ١١٨

من كلمات العلماء في كتابه الموضوعات...................................... ١٢١

من كلمات العلماء في الرد على قدحه في هذا الحديث........................... ١٢٨

الرد على قدح ابن دقيق العيد................................................ ١٣٠

الكلام على رأي النووي والذهبي والجزري في الحديث........................... ١٣٢

( ١ ) رأي النووي......................................................... ١٣٢

النووي يقدح في حديث : أنا دار الحكمة. لا في حديث « أنا مدينة العلم »....... ١٣٢

وجوه الرد على القدح في حديث : أنا دار الحكمة وعلي بابها :.................. ١٣٣

١ ـ رواية أحمد بن حنبل.................................................. ١٣٣

٢ ـ رواية الترمذي وتحسينه................................................ ١٣٣

٣ ـ رواية الطبري وتصحيحه............................................... ١٣٤

٣٦٠