من علم النفس القرآني

الدكتور عدنان الشريف

من علم النفس القرآني

المؤلف:

الدكتور عدنان الشريف


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار العلم للملايين
الطبعة: ٤
الصفحات: ٢٠٠

٤ ـ أشكال الانهيار النفسي

أ ـ الإحباط النفسي الطبيعي :

يشعر كل انسان لدى فقدانه لشيء عزيز عليه بنوع من الإحباط ، ننعته بالطبيعي وليس المرضي وهو عملية مقاومة نفسية يستطيع من خلالها الإنسان تخطي صعوبات عرضية ، والمسلم الذي فهم دينه وعقل معنى هوية المصيبة من الزاوية الإسلامية كما فصلناها في الفصل السادس من هذا الكتاب ، لا يعرف من الإحباط النفسي إلا الإحباط الطبيعي الذي تبقى عوارضه لبضعة أيام أو أسابيع على الأكثر ، علما أن هذه العوارض طفيفة وليست مزعجة كعوارض الإحباط النفسي المرضي ، فالرسول عليه الصلاة والسلام حزن حزنا طبيعيا عند موت زوجته خديجة عليها الصلاة والسلام وعمه أبي طالب وابنه إبراهيم ؛ روى البخاري ومسلم أن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم دخل على ابنه إبراهيم رضي الله عنه وهو يجود بنفسه ، فجعلت عينا رسول الله تذرفان ، فقال له عبد الرحمن بن عوف وأنت يا رسول الله؟ فقال «يا ابن عوف إنها رحمة» ثم أتبعها بأخرى فقال «إن العين تدمع والقلب يحزن ، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزنون».

كذلك كان حزن سيدنا يعقوب حزنا طبيعيا على فراق ولده يوسف عليه‌السلام ، وإن كان هذا الحزن قد طالت مدته لدرجة أن الحزن أفقده بصره (وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ، قالُوا تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ ، قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (يوسف : ٨٤ ـ ٨٦).

ومن أعراض الحزن الطبيعي أنه لا يحبط بالعمق مختلف قوى الإنسان الشعورية والعضوية والعقلية كالحزن المرضي ، فلا يمنع الإنسان من العمل والتفكير والشعور بصورة طبيعية ، والأهم أن ظاهرة تمني الموت

١٨١

والانتحار لا وجود لها في كل حزن طبيعي ، فالإنسان العاقل ، وهي صفة كل مؤمن ، لا يقنط من رحمة الله (إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ) (يوسف : ٨٧).

فاليأس من الحياة وأقصى درجاته ، محاولة الانتحار ، لا وجود له عند كل مؤمن عقل هوية المصيبة في القرآن الكريم ...

ب ـ الإحباط النفسي الذهاني أو الداخلي :

وهي حالة مرضية قد تصاحب أكثر الأمراض العقلية الذهانية وهي أمراض ، منها وراثي ، يتأتى أكثرها من مسببات عضوية كشف العلم بعضها ؛ كاضطراب في عمل الخلايا العصبية الدماغية نتيجة زيادة أو فقدان بعض المواد الكيميائية التي تحكم عملها ، وهذا النوع من الاحباط النفسي هو مرض عضوي علاجه كبقية الأمراض العضوية بالأدوية ، وهو بلاء من الله عند المؤمن ، مصداقا لقوله تعالى : (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (آل عمران : ١٨٦). (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) (البقرة : ١٥٥).

وقد وجدنا أعراض هذا النوع من الانهيار النفسي خفيفة عند المؤمن الصادق ، فلا وجود لظاهرة الانتحار عنده (علما أنها أكثر الأعراض وجودا وإزعاجا في هذا الشكل من الإحباط النفسي) ، فالمؤمن لا يخشى بخسا ولا رهقا من كل المصائب والبلايا التي تحل به في هذه الدنيا شرط أن يعقل معنى المصيبة في المفهوم القرآني مصداقا لقوله تعالى : (فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً).

ج ـ الإحباط النفسي العصابي :

وهو حالة مرضية قد تصاحب مختلف أنواع الأمراض العصابية ،

١٨٢

كعصاب القلق النفسي وعصاب الهستيريا وعصاب الخوف وعصاب الوسواس القهري ، وأمراض الشخصية العصابية وكلها أمراض متأتية من عقد نفسية دفينة لم تجد حلا إلا من خلال المظاهر النفسية التي يشكو منها المريض وقد فصلنا بعضها في الفصول السابقة.

د ـ الإحباط النفسي الارتكاسي

وهو نتيجة انهيار مقاومة الإنسان النفسية والجسمية بفعل مسببات خارجية عديدة لا حصر لها ، أجهدت الجسم والعقل والنفس واستنفدت كل مقاومته ، أو بفعل مفهوم خاطئ لمعنى الحياة والعمل ، فالعمل الدائم والركض اللاهث وراء متاع الدنيا دون أن نعطي العقل والنفس والجسد حقهم من الراحة الضرورية اليومية هما من مسببات الانهيار النفسي الانهاكي كما نحب تسميته وهو الشكل الأكثر شيوعا اليوم وخاصة في المجتمعات المادية.

٥ ـ علاج الإحباط النفسي

أعطى الإسلام الحل الصحيح الشافي لجميع مشاكل الإنسان ، ومنها أمراضه النفسية العصابية [أي المتأتية من مؤثرات وعوامل خارجية ظالمة ومفاهيم تربوية واجتماعية خاطئة] إنما المشكلة اليوم هي في التنظير والبرمجة والتطبيق لهذه المفاهيم الاسلامية التربوية والأخلاقية والنفسية والاجتماعية والدينية في البيت والمدرسة والمجتمع ، منذ نشأة الانسان وحتى مماته ، وقد فصلنا شيئا من هذه المفاهيم الاسلامية النفسية في فصول سابقة من هذا الكتاب ، وكما سبق قوله : كل انسان غير مؤمن إيمانا صادقا ، هو في نظرنا مريض عصابي ، بصورة خفية أو ظاهرة مهما حاول إخفاء عوارض عصابه : فالإسلام إذا فهم ودرس وطبق بصورة منهجية علمية في البيت والمدرسة والمجتمع ، هو وحده القادر كنظام كامل لا ثغرة فيه على شفاء الإنسان من عقده النفسية التي تسبب أمراضه العصابية ، ومنها الإحباط النفسي ، لا بل إن

١٨٣

الإسلام لم يقدم فقط حلا شافيا لعقد الإنسان بل تسامى بها عند المؤمنين الصادقين إلى كبرى الفضائل : فتسامى بعقد الموت إلى فضيلة الجهاد وطلب الشهادة ، وتسامى بعقد النقص والتعالي إلى المحبة والثقة بالنفس والتواضع والصبر ، وتسامى بعقد الشح إلى فضيلة الإحسان حتى الايثار ، وتسامى بعقد الجنس إلى فضيلة العفة والترفع عن كل شهوة جنسية آثمة.

لذلك نحن نعتقد من زاوية إيمانية أولا ، وبحكم التجربة الشخصية المهنية ومن خلال فشل تجربة المدارس النفسية التي حاولت أن تعالج الأمراض العصابية والاضطرابات السلوكية من وجهة كيميائية ، أو تحليلية نفسية دون الأخذ بتعاليم السماء ، أن لا شفاء من القلق والخوف والإحباط النفسي وبقية الأمراض العصابية والاضطرابات السلوكية بصورة جذرية إذا لم يلتزم كل مريض بشيئين : وصفة طبية دنيوية موقوتة المفعول من أهل الاختصاص في الأمراض النفسية ووصفة روحية إيمانية هي الالتزام بتعاليم المولى وهي وصفة جذرية الشفاء من قوله تعالى : (فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة : ٣٨).

١٨٤

الفصل الحادي عاشر

(إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً)

(وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً).

(طه : ١١٥)

«يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي ، وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا.

يا عبادي : كلكم ضالّ إلا من هديته فاستهدوني أهدكم.

يا عبادي : كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم.

يا عبادي : كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم.

يا عبادي : إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم.

يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني.

١٨٥

يا عبادي لو أن أوّلكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك من ملكي شيئا.

يا عبادي لو أن أوّلكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا.

يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كلّا مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل في البحر.

يا عبادي : إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه».

(حديث قدسي)

ـ رواه مسلم ـ

١٨٦

قال تبارك اسمه وتعالى ذكره : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً) (الأحزاب : ٧٢).

هذا الإنسان ، هذا الخصيم المبين هل تغير منذ أن أوجد الله الإنسان الذي يدعونه بالعاقل؟ كلا : والقصة تبدأ مع سيدنا آدم وزوجته وولديهما قابيل الذي قتل أخاه هابيل. وحتى كتابة هذه السطور ، وهل مرّت على الإنسانية لحظة بدون ظلم للنفس وللغير أو قتل أو تدمير على يد هذا الظلوم الجهول الذي كرمه المولى (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً) (الاسراء : ٧٠).

هذا الذي جعله المولى خليفة في الأرض أي صاحب سلطان أعظم فنسي ولم يلتزم بتعاليم الله هل تغير؟ (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) (طه : ١١٥).

هذا الإنسان ، هذا الأكثر جدلا ، الذي قبل وحمل «الأمانة» أي السيادة على جميع مخلوقات الله التي سخرها له : (وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ) شرط ألا يفسد في الأرض ولا يطغى في ميزان الخلق

١٨٧

ولا يتعسف في استعمال هذه «الأمانة السيادة» ، هل كان بمستوى هذه المسئولية الخطيرة ، مسئولية الأمانة على بقية مخلوقات الله؟ كلا!!.

هذا الإنسان : الخصيم المبين ، الظلوم الجهول الهلوع الجزوع المنوع القتور اليئوس الفخور المغرور الكفار المتكبر العاتي المفسد في الأرض سفاك الدماء ؛ إلا القلة ممن هدى واهتدى ، ما وصل إلى هذه الحالة النفسية والاجتماعية والأخلاقية التعيسة التي تلف أكثر المجتمعات اليوم إلا لأنه ترك كتاب الوقاية والصيانة والشفاء للأفراد والمجتمعات : القرآن الكريم ، واتبع دساتيره وقوانينه الوضعية الأرضية ، ونسي أبسط البديهيات : فكل صانع هو أعلم بصنعته : ما يصلحها ويضرها ، والخالق هو الأعلم بمن خلق (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).

(إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً) لنفسه ولأخيه الإنسان ، فهو يبتزه ويسرق موارده وخيراته الأولية ويستعمره في جسده ونفسيته وأرضه بأي وسيلة تتوفر له منذ أن كان الإنسان العاقل وحتى كتابة هذه السطور : يصرف مليون دولار تقريبا في الدقيقة لإنتاج وسائل الفتك والدمار ، ويترك عشرات الملايين من إخوانه يموتون سنويا من الجوع ، ومئات الملايين يعانون من سوء التغذية ، ومليار نسمة في دياجير الجهل والمرض والفقر ، بينما هو يصنع القنابل الجرثومية ويخطط لحرب النجوم ، كدس فوق رأس كل فرد من أفراد البشرية بضعة أطنان من المواد الشديدة الانفجار ، وفي ترساناته الحربية ما يكفي بكبسة زر أو أزرار لمحو كل أثر للحياة على وجه الأرض خمسا وعشرين مرة ، اعتقادا منه أنه يستطيع أن يتحكم تماما بمصانع الدمار الجهنمية هذه.

(إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً) نسي أو تناسى محدودية علمه وقدرته ، وتناسى ما يتعرض له كل سنة من كوارث بسبب مصانع الدمار المدمرة لبيئته وما عليها لأنه نسي أو تناسى القانون الإلهي الذي ما وضع إلا للمحافظة عليه

١٨٨

(إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً)

الفقر والمرض والجهل والقلق في العالم هي نتيجة أنانية الانسان وظلمه ونتيجة القوانين الوضعية التي اتبعها ، ولو اتبعت الانسانية النظام الاسلامي لما بقي مريض وجاهل وفقير ...

١٨٩

وعلى بيئته : (وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ. أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ. وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ) (الرحمن : ٧ ـ ٩).

(إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً) لنفسه ولغيره لأنه تناسى وتجاهل القانون القرآني الحق (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى. وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً) ... ونسي أيضا الحديث القدسي : «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا».

(إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً) لأنه وضع لنفسه وفرض على غيره قانون الباطل المتمثل في تصرف أكثر الدول : القوة هي الحق والحق هو القوة ونسي القانون الإلهي : (وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) ... ونسي قول المصطفى عليه‌السلام «بئس العبد عبد تخيل واختال ونسي الكبير المتعال ، بئس العبد عبد تجبر ونسي الجبار الأعلى ، بئس العبد سها ولها ونسي المقابر والبلى».

(إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً) هو يتجاهل الموت وهو يعلم أن لا مفر منه ، تناسى وتجاهل قوله تعالى (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (الجمعة : ٨) (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً) يتجاهل وجود الخالق وهو يعلم ضمنا بل لا يستطيع إلا أن يقر بينه وبين نفسه بوجود الخالق (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ).

(إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً) لأنّه لا يريد أن يعترف بأن قانون الله هو

١٩٠

الصحيح رغم كل الإحصائيات والوقائع والتجارب التي أثبتت له خلل قوانينه الوضعية. نسي أو تناسى وتجاهل قول رب العزة : (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ).

(إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً) : لأنه لا يريد أن يعترف بقلة ومحدودية علمه مهما أوتي من علم (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً).

(إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً) : درس الإنسان كل شيء في هذا الكون فوجده قائما على نظام صحيح محكم ومتقن الصنع ، ورغم ذلك تجاهل من وراء هذا النظام المحكم المتقن في كل شيء من الذرة إلى المجرة وأرجع ذلك إلى فرضيات واهية كأزلية المادة والصدفة والتطور والطبيعة وهل من شيء منظّم إلا ويكون وراءه منظّم (صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ).

بعض الإحصاءات

أثبت الطب أن تناول الخمر وإدمانها يتسببان بما يقرب من خمسين مرضا وعارضا صحيا ، وتقول إحصاءات منظمة الصحة العالمية : أن ٨٦ خ من حالات القتل و ٥٠ خ من حالات العنف والاغتصاب وحوادث السير هي نتيجة شرب الكحول.

وتقول إحصاءات الولايات المتحدة الأميركية أنها تخسر سنويا ٣٠ مليار دولار ثمن ساعات توقف عن العمل وطبابة بسبب إدمان الخمر ؛ وان فيها عشرة ملايين مدمن خمر.

وتقول الإحصاءات في فرنسا : إنها تخسر سنويّا مائة مليار فرنك ثمن ساعات توقف عن العمل وطبابة من جراء إدمان الخمر ، وأن فيها أربعة ملايين مدمن للخمرة ، على حين أنها تربح ٢٠ مليار فرنك سنويّا من بيع الخمور.

تقول الإحصاءات في إنكلترا أنها تخسر ١٨٠٠ مليون دولار سنويّا

١٩١

بسبب مليون مدمن خمرة فيها.

وتقول إحصاءات الاتحاد السوفياتي الرسمية : أن ٣٧ خ من اليد العاملة فيه هي مدمنة كحول و ٦٧ خ من حوادث الطلاق والمآسي الاجتماعية هي نتيجة إدمان الكحول و ٩١ خ من حوادث القتل والسرقة والاعتداء هي نتيجة إدمان الكحول.

وتقول الإحصاءات بصورة عامة : أن ٢٥ خ من الأسرّة في مستشفيات الولايات المتحدة و ٢٠ خ من الأسرّة في انكلترا و ٣٠ خ في أوستراليا يحتلها مرضى الإدمان الكحولي. وبالرغم من كل هذه الإحصاءات والحقائق ، وهي إحصاءاتهم ومعلوماتهم يقول مغرضوهم إن تعاليم الإسلام التي تحرم الخمرة منذ خمسة عشر قرنا تتعارض مع العلم ، أليس هذا الإنسان بظلوم جهول؟!!

أثبتت آخر المراجع الطبية أن العلاقات الجنسية الآثمة أي غير الشرعية كالزنا واللواط تسبب بما يقرب من سبعين مرضا وعارضا صحيا أكثرها خطر ومزعج وبعضها قاتل ، كمرض فقدان المناعة المكتسبة المسمى ب «السيدا» أو «الإيدز» والذي يصيب في أكثر حالاته اللواطيين بنسبة ٧٠ خ في المائة.

ويقول أشهر عالم في أمراض السرطان البروفسور «جورج ماتي» إن الإباحية الجنسية تكلف الفرنسيين غاليا ، فلقد أثبتت له الإحصائيات وخبرته الطويلة أن سرطان عنق الرحم هو بنسبة متزايدة جدا عند اللواتي يمارسن الحب بدون رقيب ، وكشربة ماء ومع رفقاء عدة ، ومع ذلك فقد ثارت الصحافة ضد تصريح هذا العالم لأنه يريد أن يسيء بهذه المعلومات الطبية للحرية الفردية! ويحد من نشاطها!

أ ليس هذا الإنسان ظلوما لنفسه ، جهولا لكل علم صادق ومفيد وصحيح (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً) ، ومع ذلك فالمغرضون من المستشرقين واللاهثين وراء كل شيء أتى من الغرب يقولون بأن الإسلام وتعاليمه تتعارض مع العلم!!

١٩٢

أخيرا وليس آخرا أثبت علم الطفيليات والتغذية والتغذية والإحصاءات أن لحم الخنزير يتسبب بأخطر الأمراض ومع ذلك يتصدر لحم الخنزير موائدهم ، ولا يزال بعض اللامزين يفتري الأقاويل على هذا الدين الحنيف الذي حرم أكل لحمه منذ خمسة عشر قرنا! أليس هذا الإنسان بظلوم جهول؟! كلفت الحرب العالمية الثانية الإنسانية ما يزيد عن أربعين مليون قتيل ومشوه ومن الأموال ما لو أنفق لتحسين عيش أفرادها لأعطى كل فرد من أفرادها بيتا مستقلا ومستقبلا آمنا حتى أواخر عمره ، والإنسانية تنفق على التسلح (إحصائيات الأمم المتحدة لعام ١٩٨٤) في كل ساعة ستين مليون دولار ، في حين يموت كل يوم خمسون ألف طفل دون السنة الواحدة من العمر من الجوع ، ويعاني ٧٥٠ مليونا من سوء التغذية والجوع ، و ٨٣٠ مليونا من سوء الرعاية الصحية ، وربع الإنسانية من الأمية ، وهي ما تزال تكدس السلاح ، رغم أن عندها ما يكفي لمحو أي أثر لحياة في كرتنا الأرضية خمسا وعشرين مرة؟

يستهلك الفرد في الدول «المتحضرة» ما معدله السنوي مائة كيلوغرام من اللحوم والفائض منه يحوله علفا للحيوانات ومعلبات للكلاب والقطط ، في حين يستهلك الفرد في الدول الفقيرة التي أفقروها وسرقوا وابتزوا مواردها ثلاثة كيلوغرامات من اللحوم ، وهم يعرفون أن الإنسان الذي يتشدقون بحماية حقوقه والدفاع عن إنسانيته ، هو بحاجة على الأقل لمائة غرام يوميّا من اللحوم.

الإنسان هذا الخصيم المبين ، أخطر وأفتك حيوان على وجه الأرض ، هو في طريقه لتدمير بيئته التي يعيش عليها ، وللتدمير الذاتي ، بعد أن لوث الجو والبر والبحر ، وقضى على آلاف الأنواع من المخلوقات الحية ظلما وجهلا ، هل أوصله إلى هذه الحالة التعيسة «من الحضارة والرقي» إلا تجاهله للقانون الإلهي الحق واتباع قوانينه ودساتيره الوضعية.

١٩٣

هذه الإنسانية التعيسة : القلق اليوم يلفها من أقصاها إلى أدناها بالرغم من وصولها إلى أعلى درجات التقدم الحضاري. ففي آخر الإحصائيات أن نسبة الانتحار هي الأعلى في بلدان أوروبا الشمالية وهي الأرقى عالميّا من الناحية المادية وقد قدمت لأفرادها كل أسباب الرفاهية المادية إلا السعادة! (استهلكت فرنسا ١٢٥ مليون علبة منوم ومهدئ أعصاب في سنة ١٩٨٢ ، كما يحصل فيها سنويا خمسة عشر ألف محاولة انتحار عند المراهقين).

في الولايات المتحدة كل وصفة طبية من أربعة هي وصفة مهدئ أعصاب ، ومن كل مائة مريض يدخل عيادة الطب العام ، ٧٠ في المائة هم مرضى نفسيون عصابيون بصورة ظاهرة أو خفية! هذه الإنسانية القلقة المريضة التعيسة المتحللة أخلاقيا ما أوصلها إلى هذه الدرجة؟ ما هو الحل والمخرج؟

برأينا أنه ما وصل الإنسان فردا ومجتمعات إلى هذه الحالة إلا لأنه ترك القوانين السماوية الحقة وهي تعاليم الإسلام واتبع قوانينه الوضعية التي أثبت الواقع والاحصائيات خللها : لينظّروا ما شاءوا وليطبقوا قوانينهم الوضعية ما شاءوا فهم لم يسعدوا حتى الآن ولن يسعدوا مستقبلا ما دامت قوانينهم الوضعية بعيدة أو متعارضة مع قوانين السماء الحقة وهي تعاليم الإسلام. نذكّر هنا بقول مصلحين اجتماعيين وفلاسفة. يقول برناردشو : «لا تستقر هذه المدنية إلا إذا رجعت إلى تعاليم محمد» ، ويقول ميخائيل نعيمة : «القرآن الكريم رسم للناس جميعا سبيلا يصلون فيه إلى هدف عظيم ألا يكونوا في مهب الريح». وأخيرا يقول الفيلسوف والمصلح الاجتماعي روجيه غارودي ، وهو الذي درس مختلف العقائد الوضعية واستقر به المسار بعد خبرة طويلة مع قوانين الإنسان الوضعية إلى اعتناق الإسلام ، بأنه لا يصلح حال هذه الإنسانية إلا الالتزام بتعاليم الإسلام.

ما أحوجنا اليوم أفرادا ومجتمعات إلى الرجوع إلى هذا الكتاب

١٩٤

العظيم : القرآن الكريم كتاب الوقاية والصيانة والشفاء للنفوس نتدبر صفاته وميزاته وخصائصه وأوامره ونواهيه ونلتزم ونعمل بها : (... قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ. يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ). وما أحوجنا إلى الالتزام بحديث الرسول الحبيب المصطفى وقد أنبأنا سلفا بالفتنة العذاب التي ستحل بنا وبيّن لنا سبل الخروج منها : عن أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب سلام الله عليه ورضي الله عنه وأرضاه قال : ألا إني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : يقول «ألا إنها ستكون فتنة». فقلت : ما المخرج منها يا رسول الله؟ قال : «كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم هو الفصل ليس بالهزل ، من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله ، وهو حبل الله المتين والنور المبين وهو الذكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم ، هو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ولا يشبع منه العلماء ، ولا يخلق على كثرة الرد ، ولا تنقضي عجائبه. هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد ، من علم به علمه سبق ، ومن قال به صدق ، ومن عمل به أجر ، ومن حكم به عدل ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم».

١٩٥

خاتمة

(لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها ، لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ ، رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا) اللهم يا من تعلم بخبايا النفوس وأنت أعلم مني بنفسي وأنا أعلم بنفسي من غيري ، ما كان هذا الكتاب إلا بتيسير منك ، فإن كنت قد أخطأت أو قصرت في تفهم وتدبر الآيات الكريمة ، فأرجو المغفرة ، وسبحان من تناهت عن الإحاطة بمعاني وتأويل كلماته العقول ، استغفر الله (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).

انتهى في ٢ شوال ١٤٠٧ ه‍

٣٠ حزيران ١٩٨٧ م

١٩٦

الفهرس

الاهداء........................................................................ ٥

توطئة.......................................................................... ٧

مدخل : من ايمان الفطرة الى يقين البرهان........................................ ١٣

١ ـ ايمان الفطرة.............................................................. ١٦

٢ ـ ايمان البرهان............................................................. ١٨

٣ ـ نحن بحاجة............................................................... ٢٥

الفصل الاول : النفس......................................................... ٣٣

١ ـ النفس في تعريف القرآني................................................... ٣٥

٢ ـ علاقة النفس بالجسم والعقل والروح......................................... ٤٠

٣ ـ تعريف النفس في علم النفس الوضعي....................................... ٤٤

٤ ـ وقفة علمية مع آية كريمة في النفس.......................................... ٤٥

٥ ـ المستقر والمستودع......................................................... ٥١

الفصل الثاني : القلق والخوف الطبيعي والمرضي................................... ٥٩

١ ـ تمهيد................................................................... ٦١

٢ ـ ظاهرة الخوف والقلق النفسي............................................... ٦٣

١٩٧

الفصل الثالث : الموت وعقده.................................................. ٧١

١ ـ تعريف بالعقد النفسية..................................................... ٧٣

٢ ـ عقدة الموت.............................................................. ٧٦

٣ ـ العقد المتفرعة من عقدة الموت.............................................. ٧٧

الفصل الرابع : العقد النفسية.................................................. ٨٧

١ ـ عقباتها ، شهواتها ، الطاغوت ، الارباب..................................... ٨٩

٢ ـ عقد الحرمان والحرص والنقص والتعالي....................................... ٩٤

٣ ـ العقد الجنسية............................................................ ٩٩

الفصل الخامس : العقد النفسية والعقلية....................................... ١٠٧

١ ـ أمراض الشخصية....................................................... ١١٠

٢ ـ الامراض النفسية العصابية............................................... ١١٧

٣ ـ الامراض العقلية الذهانية................................................. ١١٩

٤ ـ امراض المس الروحي..................................................... ١١٩

الفصل السادس : مفهوم الصبية على ضوء الهدى القرآني....................... ١٢٣

١ ـ المصيبة كبلاء........................................................... ١٢٦

٢ ـ المصيبة كغفران......................................................... ١٢٧

٣ ـ المصيبة كجزاء.......................................................... ١٢٨

٤ ـ المصيبة كدواء.......................................................... ١٢٩

٥ ـ المصيبة كنتيجة لاوامر النفس............................................. ١٢٩

٦ ـ المصيبة كنتيجة لجهل الانسان............................................ ١٣٠

٧ ـ المصيبة قد تأتي من الغير................................................. ١٣٠

٨ ـ المصيبة قد تكون لخير الانسان............................................ ١٣١

١٩٨

الفصل السابع : المرتكزات والاسس للمعالجة النفسية........................... ١٣٣

١ ـ انها تجربتي الشخصية.................................................... ١٣٣

٢ ـ انها تجربتي المهنية مع الايمان............................................... ١٣٥

٣ ـ مرتكزات طريقة الايمان العلاجي.......................................... ١٣٧

٤ ـ كيف نبدأ............................................................. ١٣٧

٥ ـ استطباباتها............................................................. ١٣٨

الفصل الثامن : النوم في المنظار العلمي والمفهوم القرآني......................... ١٤١

١ ـ إذ يغشيكم النعاس أمنة منه.............................................. ١٤٣

٢ ـ مراحل النوم كما كشفها العلم............................................ ١٤٤

٣ ـ الموتة الكبرى والموتة الصغرى............................................. ١٤٥

٤ ـ الروح مفتاح الشعور والاحساس بالالم...................................... ١٤٨

٥ ـ وقفة موجزة مع الاحلام.................................................. ١٤٩

الفصل التاسع : الموت في المنظار العلمي والمفهوم القرآني........................ ١٥٥

١ ـ الموت في المفهوم القرآني.................................................. ١٥٨

٢ ـ المفهوم القرآني للموت من الوجهة النفسية.................................. ١٦٤

٣ ـ معاني الموت البيولوجية في القرآن الكريم.................................... ١٦٤

٤ ـ الموت الطبي ، موت الدماغ............................................... ١٦٦

٥ ـ ما رأي الاسلام في الموت الطبي........................................... ١٦٨

٦ ـ علامة العين التي تدور................................................... ١٧٠

الفصل العاشر : الاحباط النفسي في المنظار العلمي والمفهوم القرآني.............. ١٧٣

١ ـ الاحباط النفسي : منشؤه ومسبباته....................................... ١٧٥

٢ ـ بعض الاحصاءات...................................................... ١٧٦

٣ ـ أعراض الاحباط النفسي................................................. ١٧٩

١٩٩

٤ ـ أشكال الانهيار النفسي.................................................. ١٨١

٥ ـ علاج الاحباط النفسي.................................................. ١٨٣

الفصل الحادي عشر : إنه كان ظلوماً جهولاً.................................... ١٨٥

الخاتمة...................................................................... ١٩٦

٢٠٠