تراثنا ـ العدد [ 131 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العدد [ 131 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ٠
ISBN: 1016-4030
الصفحات: ٢٨٦

٦٦ ـ معجم الأدباء : الحموي ، شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي (ت ٦٢٦هـ) ، تحقيق : إحسان عبّاس ، نشر : دار الغرب الإسلامي ـ بيروت ، ط١ ، سنة : ١٤١٤ هـ.

٦٧ ـ معجم رجال الحديث : السيّد أبو القاسم الخوئي (ت ١٤١٣هـ) ، ط ٥ ، سنة : ١٤١٣هـ.

٦٨ ـ معجم الشعراء : المرزباني ، أبي عبيد الله محمّد بن عمران (ت ٣٨٤ هـ) ، تصحيح وتعليق : الأستاذ الدكتور ف. كرنكو ، نشر : دار الكتب العلمية ـ بيروت ، ط٢ ، سنة : ١٤٠٢هـ.

٦٩ ـ معجم المؤلّفين : كحّالة ، عمر بن رضا بن محمّد راغب بن عبد الغني الدمشقي (ت ١٤٠٨هـ) ، نشر : مكتبة المثنّى ـ بيروت ، ط : دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

٧٠ ـ معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع : المؤلّف : الأندلسي ، أبو عبيد عبد الله بن عبد العزيز بن محمّد البكري (ت ٤٨٧هـ) ، نشر : عالم الكتب ـ بيروت ، ط٣ ، سنة : ١٤٠٣ هـ.

٧١ ـ معرفة الصحابة : الأصبهاني ، أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى ابن مهران (ت٤٣٠هـ) ، تحقيق : عادل بن يوسف العزازي ، نشر : دار الوطن للنشر ـ الرياض ، ط١ ، سنة ١٤١٩ هـ.

٧٢ ـ المؤتلف والمختلف : ابن القيسراني ، محمّد بن طاهر بن علي بن أحمد المقدسي الشيباني ، المعروف (ت ٥٠٧هـ) ، تحقيق : كمال يوسف الحوت ، نشر : دار الكتب العلمية ـ بيروت ، (د. ت).

٧٣ ـ مورد اللطافة في من ولّي السلطنة والخلافة : أبو المحاسن ، يوسف بن تغري بردي بن عبد الله الظاهري الحنفي (ت ٨٧٤هـ) ، تحقيق : نبيل محمّد عبد العزيز

٢٠١

أحمد ، نشر : دار الكتب المصريّة ـ القاهرة. نشر : مكتبة الخانجي ـ القاهرة ، ط١ ، ١٤١١ هـ.

٧٤ ـ الميزان في تفسير القران : الطباطبائي ، العلاّمة السيّد محمّد حسين (ت١٤٠٢ هـ) ، تصحيح وإشراف : الشيخ حسين الأعلمي نشر : منشورات مؤسّسة الأعلمي ـ بيروت ، ط١ ، سنة ١٩٩٧م.

٧٥ ـ نخبة الدهر في عجائب البرّ والبحر : شمس الدين ، محمّد بن أبي طالب الأنصاري الدمشقي (ت٧٢٧هـ) ، نشر : دار إحياء التراث ـ بيروت ، ط٢ ، سنة : ١٤١٩هـ.

٧٦ ـ نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة : التنوخي ، المحسن بن علي بن محمّد بن أبي الفهم داود البصري (ت ٣٨٤هـ) ، تحقيق : عبّود الشالجي ، سنة : ١٣٩١ هـ

٧٧ ـ هديّة العارفين في أسماء المؤلِّفين وآثار المصنّفين : البغدادي ، إسماعيل بن محمّد أمين بن مير سليم الباباني (ت ١٣٩٩هـ) ، نشر : وكالة المعارف الجليلة ـ إستانبول ، مط : دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ، سنة : ١٩٥١م.

٧٨ ـ الوافي بالوفيات : الصفدي ، خليل بن أيبك (ت ٧٦٤هـ) ، تحقيق : أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفى ، مط : دار إحياء التراث ـ بيروت ، سنة ١٤٢٠ هـ.

٧٩ ـ وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان : ابن خلّكان ، أبو العبّاس شمس الدين أحمد بن محمّد بن إبراهيم بن أبي بكر البرمكي (ت ٦٨١هـ) ، تحقيق : إحسان عبّاس ، نشر : دار صادر ـ بيروت ، (د. ت).

٨٠ ـ ياقوت الحموي مؤرخاً : الحميدي ، د. يوسف بن عبد العزيز ، منشورات ضفاف ـ بيروت ، ط١ ، سنة ١٤٣٥هـ.

٢٠٢

من ذخائر التراث

٢٠٣
٢٠٤

مناظرة أبي الهذيل العلّاف

تحقيق

السيّد حسين الموسويّ البروجرديّ

٢٠٥
٢٠٦

مقدِّمـة التحقيـق

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين كما هو أهله ، والصلاة والسلام على سيّدنا ومولانا خاتم الأنبياء أبي القاسم محمّد ، وآله البررة الطيّبين الطاهرين المعصومين ، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، سيّما ابن عمّه وزوج ابنته وأبي سبطيه والوصيّ من بعده ووارث علمه وقائد الغرّ المحجّلين ويعسوب الدين ، مولانا أبا الحسن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين من الآن إلى لقاء يوم الدين.

أمّا بعد ؛ فإنّ من طبيعة الاستدلالات العقليّة والبراهين الكلاميّة هي الصعوبة وتحمّل العناء ، ولا تستعذب إلى النفوس وتقرب لدى الأفهام إلاّ بعد تكرارها وممارستها إلى أن تصبح ملكةً عند المتعلّم ، هذا بالنسبة إلى من وقف نفسه في التعلّم ، بخلاف من لم تحصل لديه الخبرويّة التامّة والممارسة الدائمة ، وكذلك هو حال عامّة الناس ؛ لصعوبة البراهين والاستدلالات

٢٠٧

عليهم ، ودقّتها وظرافتها لديهم ، فاتّخذ العلماء سبلاً أُخرى ـ غير البرهان العقلي ـ لتفهيم العقول ، ووقوعها محلّ الرضا والقبول.

ومن أهمّ وجوه البرهان والاستدلال ما يرتبط منها بأُصول الدين ، كمسألة الإمامة والولاية بعد النبيّ(صلى الله عليه وآله) ؛ فإنّها من أهمّ ما يمكن أن يتضلّع المسلم المؤمن فيها ؛ فهي الركن والأساس في الاعتقاد ، وإذا سلم منها سلم في غيرها حتّى في التوحيد ومعرفة الخالق ، كما ورد عن الإمام أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه‌السلام : «بُني الإسلام على خمس : على الصلاة والزكاة والصوم والحجّ والولاية ، ولم يُناد بشيء كما نودي بالولايةِ»(١).

وقد قال العلاّمة الشيخ محمّد رضا المظفّر رحمه‌الله (ت ١٣٨٣ هـ) في حقيقة البرهان في بيان أقسام الصناعات الخمسة :

«إنّ العلوم الحقيقيّة التي لا يُراد بها إلاّ الحقّ الصراح لا سبيل لها إلاّ سبيل البرهان ؛ لأنّه هو وحده من بين أنواع القياس الخمسة ـ يصيب الحقّ ويستلزم اليقين بالواقع ، والغرض منه معرفة الحقّ من جهة ما هو حقّ ، سواء كان سعي الإنسان للحقّ لأجل نفسه ليناجيها به وليعمر عقله بالمعرفة أو لغيره لتعليمه وإرشاده إلى الحقّ ، ولذلك يجب على طالب الحقيقة ألاّ يتّبع إلاّ البرهان ، وإن استلزم قولاً لم يقل به أحد قبله»(٢).

__________________

(١) الكافي : ٢ / ١٨ ، ح ١.

(٢) المنطق للمظفّر : ٣٦٠.

٢٠٨

فعلى الباحثين والمفكّرين أن يقرّروا هذه المباحث لحاجة الناس إليها.

بناءً على ذلك التجأ العلماء في صنوف التصنيف إلى طرق وسبل أُخرى يأنس بها العوام ، وتتقرّب إلى الأفهام ، نحو القصص والأشعار والأراجيز وسائر أنواع التصنيف وفنون التأليف.

ومن المعلوم أنّ الشعر في لسان المناطقة من الصناعات الخمسة ، قال الشيخ المظفّر رحمه‌الله في تعريف الشعر :

«إنّ الشعر صناعة لفظيّة تستعملها جميع الأُمم على اختلافها ، والغرض الأصلي منه التأثير على النفوس لإثارة عواطفها من سرور وابتهاج أو حزن وتألّم أو إقدام وشجاعة أو غضب وحقد أو خوف وجبن أو تهويل أمر وتعظيمه أو تحقير شيء وتوهينه ، أو نحو ذلك من انفعالات النفس ، والركن المقوّم للكلام الشعري المؤثّر في انفعالات النفوس ومشاعرها أن يكون فيه تخييل وتصوير ؛ إذ للتخييل والتصوير الأثر الأوّل في ذلك ، كما سيأتي بيانه ، فلذلك قيل : إنّ قدماء المناطقة من اليونانيّين جعلوا المادّة المقوّمة للشعر القضايا المتخيّلات فقط ، ولم يعتبروا فيه وزناً ولا قافية» (١).

فعلى هذا التعريف تكون القصص من أقسام الشعر عند المناطقة ، وقد صرّح بذلك الخواجه نصير الدين الطوسي (٦٧٢ هـ) في معيار الأشعار بقوله : «إنّ الشعر عند المنطقيّين كلام مخيّل موزون ، وفي عرف الجمهور كلام

__________________

(١) المنطق للمظفّر : ٤٦٠.

٢٠٩

موزون مقفّى».

إنّ القصّة والأُسطورة وما شابههما عُدّت عند المناطقة من أقسام الشعر باعتبار اتّخاذ المناشئ فيها وإن لم تكن موزونة كما يقول الأُدباء ، وهي كما عرفتَ أوقع في النفوس ، وأنجع في القلوب ، وأنفع في حصول الغرض المطلوب ، وهو استبدال صعوبة البرهان والاستدلال إلى السهل اليسير بنحو يستفيد الجميع منه على اختلاف أذواقهم.

وهذا النوع من التصنيف كان رائجاً منذ القدم ، باختلاف الأغراض من التأليف في شتّى المواضيع والعلوم ، ولم تخلو المكتبة الشيعيّة من هذه التصانيف أيضاً ؛ فقد كان لعلمائنا الأبرار ـ قدّس الله منهم أسرار ـ عدّة تصانيف في هذا المجال ، حيث يعثر المتتبّع في التراث على جملة من المصنّفات خلّفها علماؤنا في نشر العقيدة الحقّة بين الطائفة المحقّة ، وترويجها بين عامّة الناس ؛ لتكون أقرب إلى الأفهام والعقول ، وآنس لدى النفوس ، ويمكن أن تعدّ من جملة هذا التراث المصنّفات التالية :

١ ـ شرح المنام ؛ وهو مناظرة الشيخ المفيد رحمه‌الله مع عمر في المنام ؛ طبع بتحقيق الأُستاذ العلاّمة السيّد محمّد رضا الجلالي (حفظه الله) ، وقد ذكرها الشيخ الطبرسي (٥٤٨ هـ) في الاحتجاج ، تبدأ بقوله : «حدّث الشيخ أبو عليّ الحسن بن محمّد الرقّي بالرملة في شوّال سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة ، عن الشيخ المفيد أبي عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان (رضي

٢١٠

الله عنه) أنّه قال : رأيت في المنام سنة من السنين كأنّي قد اجتزت في بعض الطرق فرأيت حلقة دائرة فيها ناس كثيرة ، فقلت : ما هذا؟ قالوا : هذه حلقة فيها رجل يقصّ ، فقلت : من هو؟ قالوا : عمر بن الخطّاب ، ففرّقت الحلقة فإذا أنا برجل يتكلّم على الناس بشيء لم أحصله ، فقطعت عليه الكلام وقلت : أيّها الشيخ ، أخبرني ...»(١).

٢ ـ الإبانة عن المماثلة بين طريقي النبوّة والإمامة ؛ تأليف : أبي الفتح محمّد بن عليّ بن عثمان الكراجكي (٤٤٩ هـ).

قال العلاّمة الطهراني : «كتابٌ حسنٌ لطيفٌ لم يسبق إليه [أحد] ، أثبت فيه تساوي طريقي إثبات الإمامة الخاصّة والنبوّة الخاصّة على منكريهما ، فيفرض مجلساً فيه إمامي ومعتزلي ويهودي ، ويذكر الاحتجاج للنبوّة على اليهودي ومثله للإمامة على المعتزلي»(٢).

٣ ـ الرسالة الحسنيّة ؛ قال العلاّمة الطهراني : «رسالة في الإمامة تنسب إلى مؤلّفها ، وهو بعض الجواري من بنات الشيعة ، دوّنت فيها مناظرتها مع علماء المخالفين في عصر هارون الرشيد ، وفي الرياض : إنّها تنسب إلى الشيخ أبي الفتوح الرازي»(٣).

__________________

(١) الاحتجاج : ٢ / ٣٢٦.

(٢) الذريعة : ١ / ٥٧ / ٢٨٩.

(٣) الذريعة : ٧ / ٢٠ / ٨٩.

٢١١

وقال أيضاً في ذيل رسالة يوحنّا الذمّي : «ولكن أقدم نسخة من الحسنيّة هي التي أتى بها الملاّ إبراهيم الإسترآبادي أو الملاّ ضياء الدين من دمشق إلى إيران في سفر حجّه ٩٥٨»(١).

وقد سمعت من بعض المستبصرين من تركيا وقد اعتنق مذهب أهل البيت عليهم‌السلام بعد أن كان علويّاً : إنّ حكاية الرسالة الحسنيّة مشتهرة بينهم ، ومنتشرة نسخها عندهم.

٤ ـ مؤتمر علماء بغداد ؛ وهي قصّة خياليّة في حوار دار بين الملك السلجوقي والعلوي والعبّاسي بمعاونة الوزير العالم الأديب الكامل نظام الملك مؤسّس المدرسة النظاميّة في مدينة بغداد بين القرن الرابع والخامس الهجري.

وقد أشار إلى افتراضيّة هذه القصّة سماحة السيّد جعفر مرتضى العاملي في كتابه الفاخر مأساة الزهراء عليها‌السلام(٢).

٥ ـ رسالة يوحنّا الذمّي ؛ تنسب إلى أبي الفتوح الرازي (ق ٦ هـ) ، قال العلاّمة الطهراني : «قصة خيالية مثل قصّة الجزيرة الخضراء ، والحقائق الراهنة ، والطرائف ، وهي مثل الحسنية»(٣).

__________________

(١) الذريعة : ٢٥ / ٢٩٦ / ١٨٩.

(٢) مأساة الزهراء عليها‌السلام : ٣٥٤.

(٣) الذريعة : ٢٥ / ٢٩٦ / ١٨٩.

٢١٢

ولها ترجمة باللغة الفارسيّة عنوانها : منهاج المناهج(١).

٦ ـ الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف ؛ تأليف : السيّد رضي الدين أبي القاسم عليّ بن موسى ابن طاوس الحلّي (٦٦٤ هـ) ، وقد تعرّض إلى مذاهب العامّة ، وقد سمّى نفسه : عبد المحمود بن داود الكتابي ، وهو اسم رمزي.

٧ ـ مناظرة أبي الهذيل العلاّف مع مجنون ؛ التي بين يدي القارئ الكريم.

وقفت قبل سنوات على نسخة من كتاب تنبيه الخواطر ونزهة الناظر للأمير ورّام بن أبي فراس (٦٠٥ هـ) في مكتبة مجلس الشورى تاريخها (٨٦٢ هـ) ، وفي نهايتها بنفس الخطّ وجدت هذه المناظرة ، وبعد المراجعة إلى الفهارس وصلت إلى عدّة نسخ من هذه المناظرة.

وقد ذكرها الشيخ أبو منصور الطبرسي (٥٤٨ هـ) في كتابه الاحتجاج.

أمّا بالنسبة إلى سائر النسخ ـ غير نسختنا هذه ـ فبعد أن وقفت عليها لاحظت فيها اختلافاً كثيراً بينها وبين النسخة التي هي الأساس في عملنا ، ممّا يشعر بأنّ لهذه القصّة تحريرين ، مضافاً إلى أنّ تاريخ جميعها يرجع إلى ما بعد القرن الحادي عشر ، وهذا التحرير يرجع إلى عهد ما بعد الشيخ المفيد رحمه‌الله لوجود النقل فيه عن كتاب الإفصاح مصرّحاً باسم الشيخ المفيد رحمه‌الله.

__________________

(١) الذريعة : ٢٣ / ١٧٦ / ٨٥٤٧.

٢١٣

وأمّا بالنسبة إلى ما نقله صاحب الاحتجاج ، فبعد مقابلته مع نسختنا لاحظت نقصان ما أورده ، مضافاً إلى الاختلاف الموجود بينهما.

وقد شوّقني ذلك لتحقيق هذه المناظرة اعتماداً على النسخة المذكورة القديمة الفريدة في نوعها.

وقد وقفت على ترجمة باللغة الفارسيّة لهذه المناظرة بعنوان : «مناظره ى دانشمند ديوانه نما» ، لسپهر الثاني الكاشاني (١٣٤٠ هـ) ، ولكن لم نقف على نسخة من ترجمته ليتبيّن أنّ ترجمته كانت على أيّ تحرير منها.

ولهذه الترجمة نسخة في المكتبة الوطنيّة في طهران برقم : (٣٢٥) ، كتبه محمّد تقي كمال السلطنة خادم مظفّر الدين شاه ، في ذي القعدة سنة (١٣٢٠ هـ) ، في (٣٢) ورق(١).

مناظرة أبي الهذيل في سطور :

إنّ هذه المناظرة عبارة عن قصّة خياليّة بين مجنون ساكن في دير ، وأبي الهذيل العلاّف من أكبر علماء المخالفين في زمانه ، والظاهر أنّ هذه الحكاية وضعت في بيان الأدلّة على إمامة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، وأنّها واضحة جدّاً ، وأنّ أدلّتها كالشمس البازغة في رابعة النهار ، لا تستطيع العقول إنكارها.

__________________

(١) الذريعة : ٢٢ / ٢٩٢ / ٧١٤٦.

٢١٤

وهذا الوضوح بمكانة ممّا يفهمها ويحتجّ بها حتّى الرجل الذي يحسبه الناس مجنوناً ، وعلى العكس فإنّ الرجل المجنون احتجّ على أبي الهذيل بأدلّة لم يقدر على جوابها.

وإنّ خياليّة الحكاية لا يضرّ بأهمّيّتها ، فإنّنا نعترف بعدم وجود رجل مجنون ، وأنّه لم يناظر أبا الهذيل ، لكن هي بحدّ ذاتها مهمّة لانطوائها على جملة من المسائل الكلاميّة والبراهين والاستدلالات بلغة بسيطة يفهمها الجميع.

فعلى هذا الأساس ـ حينئذ ـ أن مثل هذه القصص لا يمكن ردّها ولا دفعها لمجرّد كونها قصصاً ، بل لابدّ من اعتبار محتواها ، ولا يرتاب قاري هذا القصص في أنّ هذه القصص نجد فيها بحثاً علميّاً شيّقاً.

علماً بأنّ الاستدلال والبرهان لا يحتاجان إلى السند والطريق ، بل المناط مطابقتهما للقواعد والقياسات التي استحسنها العقل ، وإن نجعلهما في قالب لا يتعارف إلقاء البراهين فيها.

أبو الهذيل العلاّف في سطور :

محمّد بن الهذيل بن عبيد الله بن مكحول ، أبو الهذيل العلاّف ، مولى عبد القيس.

شيخ المعتزلة ، ورأسها ، ومصنّف الكتب في مذاهبهم ، وهو من أهل

٢١٥

البصرة ، ورد بغداد(١).

يقال : إنّه أخذ الاعتزال عن عثمان بن خالد الطويل تلميذ واصل بن عطاء الغزال(٢).

ومن كلامه في حقّ مذهب الاعتزال : «أخذت ما أنا عليه من العدل والتوحيد عن عثمان الطويل ، وأخبرني أنّه أخذه عن واصل بن عطاء ، وأخذه عن عبد الله بن محمّد بن الحنفيّة ، وأخذه من أبيه ، وأخبره أنّه أخذه عن أبيه عليّ ، وأنّه أخذه عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأخبره أنّ جبريل نزل به عن الله تعالى»(٣).

له كتب كثيرة ، قال الذهبي : «وتصانيفه كثيرة ، ولكنّها لا توجد».

وذكر من كتبه : كتاب في الردّ على المجوس ، وردّ على اليهود ، وردّ على المشبّهة ، وردّ على الملحدين ، وردّ على السوفسطائيّة(٤).

وقد روى عنه غياث بن إبراهيم ، وسليمان بن قرم أحاديث مسندة ، ودرس عنده الكلام أبو يعقوب يوسف بن عبيد الله الشحّام البصري وهو

__________________

(١) فهرس ابن النديم : ٢٠٣ ، تاريخ بغداد : ٤ / ١٣٦ / ١٧٩٨ ، سير أعلام النبلاء : ١٠ / ٥٤٢ / ١٧٣ ، لسان الميزان : ٥ / ٤١٣ / ١٣٦٤.

(٢) سير أعلام النبلاء : ١٠ / ٥٤٣ / ١٧٣.

(٣) فهرس ابن النديم : ٢٠٢.

(٤) سير أعلام النبلاء : ١١ / ١٧٤ / ٧٥.

٢١٦

صاحبه(١) ، جعفر بن حرب الهمداني(٢) ، عليّ بن ياسين(٣).

توفّي أبو الهذيل بسرّ من رأى في سنة (٢٢٦ هـ) ، وقيل : أنّه مات سنة (٢٣٥ هـ) ، وكانت سنّ أبي الهذيل مائة سنة وأربع سنين ، وقيل : مائة سنة.

مناظرة أُخرى مع أبي الهذيل :

ومن الطريف في المقام وجود مناظرة أُخرى مع أبي الهذيل العلاّف ، وهي ـ بخلاف هذه المناظرة التي نحن بصدد تحقيقها ـ حقيقيّة واقعيّة ، وقد ذكرها الكشّي رحمه‌الله مسندة في رجاله ، وإليك نصّها :

محمّد بن مسعود ، قال : حدّثني أبو عليّ المحمودي ، قال : حدّثني أبي ، قال : قلت لأبي الهذيل العلاّف : إنّي أتيتك سائلاً.

فقال أبو الهذيل : سل فاسأل الله العصمة والتوفيق.

فقال أبي : أليس من دينك أنّ العصمة والتوفيق لا يكونان من الله لك إلاّ بعمل تستحقّه به؟

قال أبو الهذيل : نعم.

__________________

(١) سير أعلام النبلاء : ١٠ / ٥٥٣ / ١٨٥.

(٢) تاريخ بغداد : ٧ / ١٧٣ / ٣٦٠٩.

(٣) سير أعلام النبلاء : ١٠ / ٥٤٣ / ذيل ١٧٣.

٢١٧

قال : فما معني دعائي ، أعمل وآخذ.

قال له أبو الهذيل : هات مسائلك.

فقال له شيخي : أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ : (الْيَومَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)(١).

قال أبو الهذيل : قد أكمل لنا الدين.

فقال شيخي : فخبّرني أن سألتُك عن مسألة لا تجدها في كتاب الله ، ولا في سنّة رسول الله ، ولا في قول الصحابة ، ولا في حيلة فقهائهم ما أنت صانع؟

فقال : هات.

فقال شيخي : خبّرني عن عشرة كلّهم عنين وقعوا في طهر واحد بامرأة وهم مختلفوا الأُمّة ، فمنهم من وصل إلى بعض حاجته ، ومنهم من قارب حسب الإمكان منه ، هل في خلق الله اليوم من يعرف حدّ الله في كلّ رجل منهم مقدار ما ارتكب من الخطيئة ، فيقيم عليه الحدّ في الدنيا ، ويطهّره منه في الآخرة ، ولنعلم ما يقول في أنّ الدين قد أكمل لك؟

فقال : هيهات خرج آخرها في الإمامة(٢).

وأيضاً كان عليّ بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم بن يحيى التمّار ، أبو

__________________

(١) سورة المائدة : ٣.

(٢) اختيار معرفة الرجال : ٢ / ٨٣٤ / ١٠٦٠.

٢١٨

الحسن الميثمي كلّم أبو الهذيل العلاّف(١) ، والظاهر أنّ المراد من قوله : «كلّم» أنّه ناظره.

وقد صنّف المتكلّم الإمامي النحرير الحسن بن موسى النوبختي (حدود ٣١٠ هـ) كتاب الردّ على أبي الهذيل العلاّف في أنّ نعيم أهل الجنّة منقطع(٢).

مواصفات النسخة :

وقفت على هذه المخطوطة في ضمن مجموعة في مكتبة مجلس الشورى ، وتلك برقم : (٦٩٦٩).

كتبت في الورقة الأُولى منها قصيدة لصفيّ الدين الحلّي (٧٥٠ هـ) لم أجدها في ديوانه المطبوع ، ثمّ تليها كتاب تنبيه الخواطر ونزهة الناظر المعروف بمجموعة ورّام للأمير ورّام بن أبي فراس (٦٠٥ هـ) كاملة.

ورد في نهايتها : «وقع الفراغ من نسخه يوم الإثنين سادس عشر رجب الفرد من سنة اثنتي وستّين وثمانمائة (٨٦٢) غفر الله لكاتبه ولجميع المؤمنين آمين».

وقد وردت هذه المناظرة في ستّ عشرة صفحة بنفس الخطّ بعد كتاب تنبيه الخواطر.

__________________

(١) خلاصة الأقوال : ١٧٦ / ٩.

(٢) رجال النجاشي : ٦٣ / ذيل ١٤٨.

٢١٩

منهج التحقيق :

١ ـ تصحيح النصّ اعتماداً على نسخة الأصل.

٢ ـ تخريج الآيات القرآنيّة الواردة في المتن ووضعها بين قوسين مزدوجين «».

٣ ـ تخريج الأحاديث المذكورة عن النبيّ وآله عليهم‌السلام من المجاميع الحديثيّة.

٤ ـ تخريج الوقائع المنقولة من المصادر المعتبرة.

٥ ـ تفصيل ما أشار في المتن مختصراً في الهامش.

وفي الختام ؛ نحمد الله ونشكره على توفيقه إيّانا لتحقيق هذا الأثر وإصداره ، ونسأله أن يوفّقنا لخدمة الدين ومذهب أهل البيت عليهم‌السلام وإحياء التراث الإسلامي.

  وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين ، وصلَّى الله على نبيّنا وسيّدنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.

السيّد حسين الموسوي البروجردي

٢٢٠