نفحات الرحمن في تفسير القرآن - ج ٦

الشيخ محمد بن عبدالرحيم النهاوندي

نفحات الرحمن في تفسير القرآن - ج ٦

المؤلف:

الشيخ محمد بن عبدالرحيم النهاوندي


المحقق: مؤسسة البعثة
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة البعثة
المطبعة: مؤسسة البعثة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
964-309-765-X

الصفحات: ٦٤٦

رماهم الطير بالحجارة ، فقال عبد المطّلب لصاحبه : صار القوم بحيث لا يسمع لهم ركز (١) ، فانحطّا من الجبل ودخلا العسكر ، فاذا هم موتى ، فجمعا من الذهب والجواهر ، وحفر كلّ منهما لنفسه حفيرة وملأها من المال ، وكان ذلك سبب غناهما ، وصارت بقية أمتعتهم غنيمة لقريش وأهل مكّة ، هذا كلّه ما رواه العامة (٢) .

وقال القمي رحمه‌الله : نزلت في الحبشة حين جاءوا بالفيل ليهدموا به الكعبة ، فلمّا أدنوه من باب المسجد ، قال له عبد المطّلب : تدري أين يؤمّ بك ؟ قال برأسه : لا. قال : أتوا بك لتهدم كعبة الله ، أتفعل ذلك ؟ قال برأسه : لا ، فجهدت به الحبشة ليدخل المسجد فامتنع ، فحملوا عليه بالسيوف وقطّعوه ، فأرسل الله عليهم طيرا أبابيل ، قال : بعضها على أثر بعض ترميهم بحجارة من سجيل ، قال : كان مع كلّ طير ثلاثة أحجار : حجر في منقاره ، وحجران في مخالبه ، وكانت ترفرف على رؤوسهم ، وترمي في دماغهم ، فيدخل في دماغهم ويخرج من أدبارهم وينتقض (٣) أبدانهم ، فكانوا كما قال الله : ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ﴾ قال : العصف : التبن ، والمأكول : هو الذي يبقى من فضله (٤) .

وعن الصادق عليه‌السلام : « بعث الله عليهم الطير كالخطاطيف في مناقيرها حجر كالعدسة أو نحوها ، فكانت تحاذي رأس الرجل ، ثمّ ترسلها على رأسه ، فتخرج من دبره حتّى لم يبق منهم إلّا رجل هرب فجعل يحدّث الناس بما رأى ، فطلع عليه طائر منها فرفع رأسه فقال : هذا الطير منها ، وجاء الطير حتّى حاذى رأسه ثمّ ألقاها عليه ، فخرجت من دبره فمات » (٥) .

وعن الباقر عليه‌السلام أنّه سئل عن قول الله تعالى ﴿وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ﴾ قال : « كان طير سافّ (٦) جاءهم من قبل البحر ، رؤوسها كأمثال رؤوس السّباع ، وأظفارها كأظفار السّباع من الطير ، مع كلّ طائر ثلاثة أحجار : في رجليه حجران ، وفي منقاره حجر ، فجعلت ترميهم بها حتى جدّرت أجسادهم ، فقتلهم بها ، وما كان قبل ذلك رؤي شيء من الجدري ، ولا رأوا ذلك من الطير قبل ذلك اليوم ولا بعده » .

قال : « ومن أفلت منهم يومئذ انطلق حتى إذا بلغوا حضر موت - وهو واد دون اليمن - أرسل الله عليهم سيلا فغرّقهم أجمعين » . قال : « وما رؤي في ذلك الوادي ماء قطّ قبل ذلك اليوم بخمس عشرة سنة » قال : « ولذك سمّي حضر موت حين ماتوا فيه » (٧) .

__________________

(١) الرّكز : الصوت الخفي.

(٢) تفسير روح البيان ١٠ : ٥١٦.

(٣) في النسخة : وتنقص.

(٤) الكافي تفسير القمي ٢ : ٤٤٢ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٧٦.

(٥) الكافي ٤ : ٢١٦ / ٢ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٧٦.

(٦) أسفّ الطائر : دنا من الأرض.

(٧) الكافي ٨ : ٨٤ / ٤٤ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٧٧.

٥٨١

وعن الكاظم عليه‌السلام : « أنّ أبرهة بن يكسوم قاد الفيل إلى بيت الله الحرام ليهدمه قبل مبعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال عبد المطّلب : إنّ لهذا البيت ربا يمنعه ، ثمّ جمع أهل مكّة فدعا ، وهذا بعد ما أخبره سيف بن ذي يزن ، فأرسل الله عليهم طيرا أبا بيل ، ودفعهم عن مكة وأهلها » (١) .

وعن الصادق عليه‌السلام : « من قرأ في فرائضه ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ﴾ شهد له يوم القيامة كلّ سهل وجبل ومدر بأنّه كان من المصلّين ، وينادي يوم القيامة مناد : صدقتم على عبدي ، قبلت شهادتكم له وعليه ، أدخلوه الجنّة ولا تحاسبوه ، إنّه ممّن أحبّه الله وأحبّ عمله » (٢) .

وعن العياشي : ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ﴾ و﴿لِإِيلافِ﴾ سورة واحدة (٣) .

__________________

(١) قرب الإسناد : ٣١٩ / ١٢٢٨ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٧٧.

(٢) ثواب الأعمال : ١٢٦ ، مجمع البيان ١٠ : ٨٢٠ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٧٧.

(٣) مجمع البيان ١٠ : ٨٢٧ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٧٨.

٥٨٢

في تفسير سورة قريش

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ * إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ (١) و (٢)

ثمّ لمّا ختمت سورة الفيل المتضمّنة لبيان إنعام الله على قريش بدفع أصحاب الفيل عنهم ، وحفظ الكعبة التي كان بها عزّهم وشرفهم ، نظمت سورة قريش المتضمّنة لبيان منّته عليهم بإدامة تجارتهم إلى اليمن والشام وإطعامهم من الجوع ، وتوسعة معاشهم ، وأمنهم من الخوف من أصحاب الفيل وغيرهم ، فافتتحها بذكر الأسماء الحسنى بقوله : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾.

ثمّ ابتدأها ببيان حكمة من حكم إهلاك أصحاب الفيل ، وهي إنعامه على قريش بقوله : ﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ﴾ قيل : إنّ التقدير جعل الله أصحاب الفيل كعصف مأكول وأهلكهم أشنع إهلاك ، لأجل إبقاء قريش على ما التزموا به (١)

ثمّ كأنّه قيل : [ ما ] ذلك الايلاف والالتزام ؟ فأجابه سبحانه بقوله : ﴿إِيلافِهِمْ﴾ والتزامهم ﴿رِحْلَةَ الشِّتاءِ﴾ والسفر في الأزمنة الباردة للتجارة إلى اليمن ﴿وَ﴾ في ﴿الصَّيْفِ﴾ والأزمنة الحارة إلى الشام ، ولأجل أن يألفوا هاتين الرحلتين ، ويجمعوا بينهما ، ويداوموا عليهما.

عن ابن عباس قال : كانت قريش إذا أصاب أحدهم فقر وجوع أخذ بيد عياله وخرج إلى الصحراء ، وضرب على نفسه وعياله خيمة ، وبقى هناك حتّى يموت هو وعياله ، وكانوا على ذلك إلى أن جاء هاشم بن عبد مناف ، وكان سيد قومه ، وكان له ابن يقال له أسد ، وكان له ترب (٢) من بني مخزوم يحبّه ويلعب معه ، فشكا إليه ضرر المجاعة ، فدخل أسد على امّه يبكى ، فأرسلت إلى اولئك بدقيق وشحم ، فعاشوا به أياما ، ثمّ أتى ترب أسد إليه مرّة اخرى ، وشكا إليه من الجوع ، فقام هاشم خطيبا في قريش فقال : إنكم أجدبتم جدبا تقلّون فيه وتذلّون ، وأنتم أهل حرم الله ، وأشراف ولد آدم ، والناس لكم تبع.

__________________

(١) تفسير الرازي ٣٢ : ١٠٣.

(٢) الترب : الممائل في السنّ.

٥٨٣

قالوا : نحن تبع لك ، وليس عليك منّا خلاف ، فجمع جميع أولاد النضر (١) بن كنانة على الرحلتين (٢) في الشتاء إلى اليمن ، وفي الصيف إلى الشام ، ليتجروا فيما بدا لهم من التجارات ، فما ربح الغني قسم بينه وبين فقرائهم حتّى كان فقيرهم كغنيهم ، فجاء الاسلام وهم كانوا على ذلك ، فلم يكن في العرب بنو أب واحد أكثر مالا ولا أعزّ من قريش (٣) .

﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (٣) و (٤)

ثمّ اعلم أنّ بعض من فسّر السورة بهذا التفسير وقال بتعلق لام ﴿لِإِيلافِ﴾ بالسورة السابقة ، قال بكونها سورة واحدة ، ويؤيده جعل (٤) كعب بن ابي السورتين في مصحفه سورة واحدة ، ولم يفصل بينهما بالبسملة (٥) .

وروى العياشي عن أحدهما أنّه قال : « ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ﴾ و﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ﴾ سورة واحدة » (٦) .

وقيل : إنّ اللام متعلّقة بقوله تعالى : ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ﴾ لايلافهم ، أي ليجعلوا عبادتهم شكرا لهذه النعمة واعترافا بها ، وإنّما أدخل الفاء على ليعبدوا لما في الكلام من معنى الشرط ، والمعنى إن لم يعبدوه لسائر نعمه ، فليعبدوه لهذه النعمة الواحدة التي هي نعمة ظاهرة (٧) .

وقيل : ليست متعلقة بما قبلها ولا بما بعدها ، بل هي لام التعجّب ، والمعنى اعجبوا لإيلاف قريش ، فانّهم كلّ يوم يزدادون غيا وجهلا وانغماسا في عبادة الأوثان ، والله يؤلّف شملهم ، ويدفع الآفات عنهم ، وينظم أسباب معايشهم (٨) .

فليعبدوا رب هذا البيت ، وليوحّدوه ، أو فليخضعوا له ؛ لأنّه حفظ البيت ، وعظّمهم بحفظه في أنظار الناس ، وهو ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُمْ﴾ بسبب تينك (٩) الرحلتين اللتين تمكنوا (١٠) منهما ﴿مِنْ جُوعٍ﴾ شديد. روي أنّهم أصابتهم شدّة حتّى أكلوا الجيف والعظام المحرقة (١١) .

وقيل : إنّ تنكير الجوع والخوف للتحقير ، والمعنى أنّه تعالى لم يرض لهم بالجوع والخوف القليل ، فكيف يرضى لهم إن عبدوه أن يهمل أمرهم (١٢) لكونهم جيرانه وسكّان حرمه.

وقيل : إنّه سبب دعوة إبراهيم عليه‌السلام حيث قال : ﴿يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ(١٣) .

__________________

(١) في النسخة : نصر ، راجع جمهرة أنساب العرب : ١١.

(٢) في النسخة : المرحلتين.

(٣) تفسير الرازي ٣٢ : ١٠٦ ، تفسير روح البيان ١٠ : ٥١٩.

(٤) في النسخة : وابده يجعل.

(٥و٦) مجمع البيان ١٠ : ٨٢٧ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٧٨.

(٧) تفسير الرازي ٣٢ : ١٠٥.

(٨) تفسير الرازي ٣٢ : ١٠٥.

(٩) في النسخة : بتيك.

(١٠) في النسخة : تمكثوا.

(١١و١٢) تفسير الرازي ٣٢ : ١١٠.

(١٣) تفسير روح البيان ١٠ : ٥٢٠ ، والآية من سورة القصص : ٢٨ / ٥٧.

٥٨٤

﴿وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ عظيم ، كان لهم من أصحاب الفيل ، أو من خوف التخطّف في بلدهم واسفارهم ، فانّ إهلاك أصحاب الفيل صار سببا لهيبتهم في قلوب الناس وفضل احترام لهم بحيث لم يكن يجترى عليهم أحد ، فانتظم الأمر لهم في رحلتيهم ، بل في جميع أسفارهم وأحوالهم.

عن القمي رحمه‌الله قال : نزلت في قريش ، لأنّه كان معاشهم من الرحلتين : رحلة في الشتاء إلى اليمن ، ورحلة في الصيف إلى الشام ، وكانوا يحملونه الأدمّ واللباس (١) ، وما يقع من ناحية البحر من الفلفل وغيره ، فيشترون بالشام الثياب والدّرمك (٢) والحبوب ، وكانوا يأتلفون في طريقهم ، ويثبتون في الخروج في كلّ خرجة رئيسا من رؤساء قريش ، وكان معاشهم من ذلك ، فلمّا بعث الله نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله استغنوا من ذلك لأنّ الناس وفدوا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وحجّوا إلى البيت ، فقال الله تعالى : ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ* الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ﴾ فلا يحتاجون أن يذهبوا إلى الشام ﴿وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ يعني خوف الطريق (٣) .

عن امّ هانئ بنت أبي طالب قالت : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فضّل قريشا بسبع خصال لم يعطها أحد قبلهم ولا يعطاها أحد بعدهم : النبوة فيهم ، والخلافة فيهم ، والحجابة للبيت فيهم ، والسّقاية فيهم ، ونصروا على أصحاب الفيل ، وعبدوا الله سبع سنين (٤) - وفي رواية : عشر سنين - لم يعبده أحد غيرهم ، ونزلت فيهم سورة في القرآن لم يذكر فيها أحدا غيرهم ﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ(٥) .

اقول : الظاهر أنّ المراد من قولها : عبدوا الله سبع سنين ، عبادتهم في بدو ظهور الرسالة ، فانّ المؤمنين بالرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله في تلك المدّة كلّهم كانوا من قريش.

عن الصادق عليه‌السلام : « من أكثر قراءة ﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ﴾ بعثه الله يوم القيامة على مركب من مراكب الجنّة حتى يقعد على موائد النور يوم القيامة » (٦) .

الحمد لله على إتمام تفسيرها.

__________________

(١) في النسخة : واللّبّ.

(٢) الدّرمك : الدقيق الأبيض.

(٣) تفسير القمي ٢ : ٤٤٤ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٧٩.

(٤و٥) تفسير روح البيان ١٠ : ٥٢١.

(٦) ثواب الأعمال : ١٢٦ ، مجمع البيان ١٠ : ٨٢٠ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٧٩.

٥٨٥
٥٨٦

في تفسير سورة الماعون

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلا يَحُضُّ عَلى

 طَعامِ الْمِسْكِينِ (١) و (٣)

ثمّ لمّا ختمت سورة قريش المتضمّنة لبيان إنعامه ومنّته على قريش بدفع أصحاب الفيل عن البيت الذي هو سبب عزّهم وسعة معاشهم وآمنهم من خوف الأعداء ، نظمت سورة الماعون المتضمّنة لبيان كفرهم وكفرانهم بنعم الله ، وبخلهم على الفقراء ، وظلمهم على اليتيم ، طغيانا على الله ، فافتتحها بذكر الأسماء الحسنى بقوله : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾.

ثمّ ابتدأها بذمّ بعض قريش ، وإظهار التعجّب من كفرهم وطغيانهم بقوله : ﴿أَرَأَيْتَ﴾ يا محمد ، الكافر العنود ﴿الَّذِي يُكَذِّبُ﴾ عنادا ولجاجا ﴿بِالدِّينِ﴾ وجزاء الأعمال وبدين الاسلام ، وإن أردت أن تعرفه ﴿فَذلِكَ﴾ الكافر هو الظالم ﴿الَّذِي يَدُعُ﴾ ويدفع الطفل ﴿الْيَتِيمَ﴾ عن حقّه ظلما وجفوة.

روي أن أبا جهل كان وصيا ليتيم فجاءه يوما عريانا يسأله من مال نفسه ، فدفعه دفعا شنيعا ، فأيس الصبيّ ، فقال له بعض أكابر قريش : قل لمحمد يشفع لك ، وكان غرضهم الاستهزاء به ، والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ما كان يردّ محتاجا ، فذهب معه إلى أبي جهل ، فرحّب به وبذل المال لليتيم ، فعيّره قريش ، وقالوا له : صبوت ! فقال : لا والله ما صبوت ، ولكن رأيت عن يمينه وعن يساره حربة [ خفت ] إن لم اجبه يطعنها فيّ (١) .

وعن القمي رحمه‌الله قال : نزلت في أبي جهل وكفّار قريش (٢) .

وقيل : نزلت في أبي سفيان ، كان ينحر جزورين في كلّ اسبوع ، فأتاه يتيم فساله لحما ، فقرعه بعصاه (٣) .

__________________

(١) تفسير الرازي ٣٢ : ١١١.

(٢) تفسير القمي ٢ : ٤٤٤ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٨٠.

(٣) مجمع البيان ١٠ : ٨٣٤ ، تفسير الرازي ٣٢ : ١١١.

٥٨٧

وقيل : نزلت في العاص بن وائل السهمي ، وكان من صفته الجمع بين التكذيب بيوم القيامة والإتيان بالأعمال القبيحة (١) .

وقيل : في الوليد بن المغيرة (٢) .

وروي عن ابن عباس أنّها نزلت في منافق جمع بين البخل والمراءاة (٣) .

وقيل : أنّه عام لكلّ من كان مكذبا بيوم الدين (٤) .

﴿وَلا يَحُضُ﴾ ولا يحثّ نفسه أو غير ﴿عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ﴾ لغاية بخله ، وخساسة طبعه ، وقساوة قلبه ، وعدم اعتقاده بأجر وثواب على إطعامه في الآخرة.

﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ *

 وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ (٤) و (٧)

ثمّ ذمّ سبحانه بعض المنافقين منهم بقوله : ﴿فَوَيْلٌ﴾ وعذاب شديد ﴿لِلْمُصَلِّينَ﴾ منهم نفاقا ﴿الَّذِينَ هُمْ﴾ يأتون بصورة الصلاة ، وهم ﴿عَنْ صَلاتِهِمْ﴾ من أولها إلى آخرها ﴿ساهُونَ﴾ وغافلون ، لعدم مبالاتهم بها ، وإنّما غرضهم من إتيانها خدعة المؤمنين.

عن الصادق عليه‌السلام أنّه سئل عن هذه الآية ، أهي وسوسة الشيطان ؟ فقال : « لا ، كلّ أحد يصيبه هذا ، ولكن أن يغفلها ويدع أن يصلّى في أول وقتها » (٥) .

وعن القمّي رحمه‌الله عنه عليه‌السلام ، قال : « هو الترك لها والتواني عنها » (٦) .

وعن الكاظم عليه‌السلام قال : « هو التضييع » (٧) .

وقال جمع من مفسّري العامة : معنى ساهون لا يتعهّدون أوقات صلواتهم ولا شرائطها ، ومعناه أنّه لا يبالي صلّى أم لم يصلّ (٨) . فيكون أول السورة في المكذّبين المتجاهرين ، وهذه الآية في المكذّب المنافق ، وفي تصديرها بالويل دلالة على كون المنافق أسوأ حالا من الكافر المتجاهر بالكفر.

ثمّ ذمّهم سبحانه بالرياء وغاية البخل بقوله : ﴿الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ﴾ الناس ، ويرون أعمالهم ويظهرون أن لهم من الخشوع والخضوع في الصلاة ما ليس في قلوبهم ليثنوا عليهم.

__________________

(١) تفسير الرازي ٣٢ : ١١١.

(٢) مجمع البيان ١٠ : ٨٣٤ ، تفسير الرازي ٣٢ : ١١١.

(٣و٤) تفسير الرازي ٣٢ : ١١٢.

(٥) مجمع البيان ١٠ : ٨٣٤ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٨٠.

(٦) مجمع البيان ١٠ : ٨٣٤ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٨١.

(٧) الكافي ٣ : ٢٦٨ / ٥ ، مجمع البيان ١٠ : ٨٣٤ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٨١.

(٨) تفسير الرازي ٣٢ : ١١٤ ، وهو قول : سعد بن أبي وقاص ومسروق والحسن ومقاتل.

٥٨٨

وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّه قال : « يريد بهم المنافقين الذين لا يرجون لها ثوابا إن صلّوا ، ولا يخافون عليها عقابا إن تركوا ، فهم عنها غافلون حتى يذهب وقتها ، فاذا كانوا مع المؤمنين صلّوها رياء ، وإذا لم يكونوا معهم لم يصلّوا ، وهو قوله : ﴿الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ ﴾ » (١) .

﴿وَيَمْنَعُونَ﴾ الناس ﴿الْماعُونَ﴾ والأمتعة القليلة التي يحتاج إليها مثل القدر والقصعة والغربال والقدوم والدلو وأمثالها ، والنار والماء والملح ممّا يسأله الفقير والغني ، ولا يعتاد منعه ، وينسب مانعه إلى اللوم وخساسة الطبع. روي : ثلاثة لا يحلّ منعها : الماء ، والنار والملح (٢) . وقيل : سمّيت الزكاة ماعونا لأنها قليل من كثير (٣) .

وعن أمير المؤمنين والصادق عليهما‌السلام : « هو الزكاة المفروضة » (٤) .

وعن الصادق عليه‌السلام قال : « هو القرض تقرضه ، والمعروف تصنعه ، ومتاع البيت تعيره ، ومنه الزكاة » .

قيل : إنّ لنا جيرانا إذا أعرناهم متاعا كسروه وأفسدوه ، فعلينا جناح أن نمنعهم ؟ فقال : « لا ، ليس عليكم جناح أن تمنعوهم إذا كانوا كذلك » (٥) .

قيل : في وجه المناسبة بين الرياء ومنع الماعون ، كأنّه تعالى يقول : الصلاة لي والماعون للخلق ، فما كان لى يعرضونه على الخلق ، وما هو للخلق يسترونه عنهم ، فتكون معاملتهم مع الربّ والخلق على العكس (٦) .

عن الباقر عليه‌السلام : « من قرأ سورة ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ﴾ في فرائضه ونوافله ، قبل الله صلاته وصيامه ، ولا يحاسبه بما كان منه في الحياة الدنيا » (٧) .

الحمد لله على إتمام تفسيرها.

__________________

(١) مجمع البيان ١٠ : ٨٣٤ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٨١.

(٢) تفسير الرازي ٣٢ : ١١٥.

(٣) تفسير الرازي ٣٢ : ١١٦ ، تفسير روح البيان ١٠ : ٥٢٣.

(٤) مجمع البيان ١٠ : ٨٣٤ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٨١.

(٥) الكافي ٣ : ٤٩٩ / ٩ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٨١.

(٦) تفسير الرازي ٣٢ : ١١٦.

(٧) ثواب الأعمال : ١٢٦ ، مجمع البيان ١٠ : ٨٣٢ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٨١.

٥٨٩
٥٩٠

في تفسير سورة الكوثر

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

﴿إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (١)

ثمّ لمّا ختمت سورة الماعون المتضمّنة لذمّ المنافقين بترك الصلاة والرياء بها والبخل ، نظمت سورة الكوثر المتضمّنة لأمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بالصلاة الخالصة ، ونحر البدن ، وإطعام الفقراء ، فافتتحها بذكر الاسماء الحسنى بقوله : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾.

ثمّ ابتدأها بذكر غاية إنعامه على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بقوله : ﴿إِنَّا أَعْطَيْناكَ﴾ يا محمد ، من خزائن رحمتنا إنعاما عليك لكرامتك علينا ونهاية محبوبيتك عندنا ﴿الْكَوْثَرَ﴾ وهو النهر في الجنة فيه خير كثير على المشهور بين السلف والخلف من مفسّري العامة على ما قيل (١) ، لما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « رأيت نهرا في الجنّة ، حافتاه قباب اللؤلؤ المجوّف ، فضربت بيدي على مجرى الماء ، فاذا أنا بمسك أذفر ، فقلت : ما هذا ؟ قيل : الكوثر الذي أعطاك الله » (٢) .

وروي عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قرأ السورة فقال : « أتدرون ما الكوثر ؟ إنّه نهر في الجنّة ، وعدنيه ربي فيه خيرا كثيرا ، أحلى من العسل ، وأشدّ بياضا من اللبن ، وأبرد من الثلج ، وألين من الزّبد ، حافتاه الزّبرجد ، وأوانيه من فضّة عدد نجوم السماء ، لا يضمأ من شرب منه أبدا ، أول وارديه فقراء المهاجرين الدنسو الثياب الشّعث الرؤوس » (٣) .

وقيل : إنّه حوضه ، وسمّي الكوثر لكثرة وارديه (٤) . وفي الحديث : « حوضي ما بين صنعاء إلى أيلة » (٥) . قيل في التوفيق بين الروايتين : إنّ النهر ينصبّ في الحوض ، أو يسيل منه ، فيكون الحوض كالمنبع له (٦) .

وقيل : إنّ المراد بالكوثر الخير الكثير ، كما عن ابن عباس (٧) ، روي أنّه فسّر الكوثر بالخير الكثير ، فقال له سعيد بن جبير : إنّ ناسا يقولون هو نهر في الجنة ؟ فقال : هو من الخير الكثير (٨) .

__________________

(١) تفسير الرازي ٣٢ : ١٢٤.

(٢) تفسير الرازي ٣٢ : ١٢٤.

(٣) تفسير أبي السعود ٩ : ٢٠٥ ، تفسير روح البيان ١٠ : ٥٢٤.

(٤و٥) تفسير روح البيان ١٠ : ٥٢٤.

(٦) تفسير الرازي ٣٢ : ١٢٤.

(٧) تفسير روح البيان ١٠ : ٥٢٤.

(٨) تفسير روح البيان ١٠ : ٥٢٤.

٥٩١

أقول : عليه تكون جميع النّعم التي أعطاه الله الظاهرة والباطنة داخلة في الخير الكثير.

وقيل : إنّه النبوة (١) وقيل : إنّه القرآن (٢) . وقيل : هو دين الاسلام (٣) . وقيل : هو الفضائل الكثيرة التي فيه (٤) .

وقيل : إنّه العلم الكثير (٥) . وقيل : إنّه الخلق الحسن ، لانتفاع عموم الناس به (٦) . وقيل : إنّه رفعة الذكر (٧) .

وقيل : إنّه المقام المحمود الذي هو الشفاعة (٨) .

وقيل : إنّه كثرة أولاده ، لأنّ هذه السوره نزلت ردّا على من عابه بعدم الأولاد ، فالمعنى أنّا نعطيك نسلا يبقون مرّ الزمان (٩) .

قال الفخر الرازي : فانظركم قتل من أهل البيت ، ثمّ العالم ممتلئ منهم ، ولم يبق من بني امية في الدنيا أحد يعبأ به ، ثمّ انظركم كان فيهم من أكابر العلماء كالباقر والصادق والكاظم والرضا عليه‌السلام والنفس الزكية وأمثالهم (١٠) .

وقيل : هو كثرة علماء امّته ، لأنّهم كانوا كأنبياء بني إسرائيل (١١) . وقيل : إنّه كثرة أتباعه (١٢) ، وقيل : إنّه هذه السورة ، لأنّها مع قصرها وافية بجميع منافع الدنيا والآخرة (١٣) ، حيث إنّ فيها مع قصرها إعجاز البيان وإخبار بالمغيبات ، فهي كافية لإثبات النبوة الجامعة للخيرات الدنيوية والاخروية.

وعن الصادق عليه‌السلام قال : « هو الشفاعة » (١٤) .

وعنه عليه‌السلام قال : « هو نهر في الجنّة ، أعطاه الله نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله [ عوضا من ابنه ] » (١٥) .

وروى الصدوق عن ابن عباس قال : لمّا نزل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ﴿إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ﴾ قال له علي بن أبي طالب عليه‌السلام : ما الكوثر يا رسول الله ؟ قال : « هو نهر ، أكرمني الله به » قال وعليّ عليه‌السلام : « هو نهر شريف ، فانعته لنا يا رسول الله » . قال : « نعم يا علي ، الكوثر نهر يجري من تحت عرش الله ، ماؤه أشدّ بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، وألين من الزّبد ، حصاه الزّبرجد والياقوت والمرجان ، حشيشه الزّعفران ، ترابه المسك الأذفر (١٦) ، قواعده تحت عرش الله عزوجل » . ثمّ ضرب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على جنب أمير المؤمنين عليه‌السلام وقال : يا علي ، هذا النهر لي ولك ولمحبّيك من بعدي (١٧) .

وفي ( الخصال ) عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : « أنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومعي عترتي وسبطيّ (١٨) على الحوض ، فمن أرادنا فليأخذ بقولنا ، وليعمل عملنا ، فانّ لكلّ أهل نجيبا ، ولنا نجيب ، ولنا الشفاعة ،

__________________

(١) تفسير الرازي ٣٢ : ١٢٤.

(٢و٣) تفسير الرازي ٣٢ : ١٢٦.

(٤ - ٨ ) تفسير الرازي ٣٢ : ١٢٧.

(٩ - ١١) تفسير الرازي ٣٢ : ١٢٤.

(١٢) تفسير الرازي ٣٢ : ١٢٦.   (١٣) تفسير الرازي ٣٢ : ١٢٧.

(١٤و١٥) مجمع البيان ١٠ : ٨٣٦ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٨٢.

(١٦) الأذفر : الشديد الرائحة.

(١٧) أمالي الطوسي : ٦٩ / ١٠٢ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٨٢.

(١٨) في النسخة : ومع عترتي.

٥٩٢

ولأهل مودّتنا الشفاعة ، فتنافسو في لقائنا على الحوض ، فإنّا نذود عنه أعداءنا ، ونسقي منه أحباءنا وأولياءنا ، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا ، حوضنا فيه مثعبان (١) ينصبّان من الجنّة : أحدهما من تسنيم ، والآخر من معين ، على حافته الزعفران ، وحصاه اللؤلؤ ، وهو الكوثر » (٢) .

﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٢) و (٣)

ثمّ إنّه تعالى بعد ما فضّل نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله على العالمين بإعطائه الكوثر ، طالبه بشكره بأمره بالقيام بعبوديته وتعظيمه بقوله : ﴿فَصَلِ﴾ يا حبيبي الصلاة التي هي جامعة لجميع وظائف العبودية وشؤون التعظيم ﴿لِرَبِّكَ﴾ المتفضّل عليك بالنّعم التي لا تحصى أداء لشكره عليها.

قيل : إنّه تعالى لمّا أمر نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله بالصلاة قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : « كيف اصلي ، ولست على وضوء ؟ » فقال الله ﴿إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ﴾ ثمّ ضرب جبرئيل بجناحه على الأرض ، فنبع ماء الكوثر فتوضّأ (٣) .

ثمّ أمره بأفضل العبادات المالية بقوله : ﴿وَانْحَرْ﴾ البدن التي هي أنفس الأموال عند العرب. وقيل : لمّا كانت صلاة المشركين ونحرهم للأصنام ، قال سبحانه : لتكن صلاتك ونحرك لربّك (٤) .

وقيل : اريد بالصلاة صلاة العيد الأضحى ، وبالنحر النحر للأضحية (٥) .

وقيل : يعني صلاة الفجر بالمزدلفة ، والنحر بمنى (٦) .

وقيل : يعني استقبل في الصلاة بنحرك إلى القبلة (٧) .

وقيل : يعني ارفع يديك إلى نحرك عند تكبيرات الصلاة (٨) .

روى بعض العامة عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : « لمّا نزلت هذه السورة قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لجبرئيل : ما هذه النحيرة التي أمرني بها ربّي ؟ قال : ليست بنحيرة ، ولكنّه يأمرك إذا تحرّمت للصلاة أن ترفع يديك إذا كبّرت وإذا ركعت وإذا رفعت رأسك من السجود وإذا سجدت ، فانّه صلاتنا وصلاة الملائكة الذين في السماوات السبع ، وإنّ لكلّ شيء زينة وزينة الصلاه رفع اليدين عند كلّ تكبير» (٩) .

ورووا عنه عليه‌السلام أنّه فسّر هذا بوضع اليدين على النحر في الصلاة ، وقال : رفع اليدين قبل الصلاة عادة المستجير العائذ ، ووضعها على النحر عادة الخاضع الخاشع (١٠) .

__________________

(١) في النسخة : مشعبان ، والمثعب : مسيل المياه.

(٢) الخصال : ٦٢٤ / ١٠ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٨٣.

(٣) تفسير الرازي ٣٢ : ١٢٩.

(٤) تفسير الرازي ٣٢ : ١٣٠.

(٥) تفسير الرازي ٣٢ : ١٣٠ ، تفسير روح البيان ١٠ : ٥٢٥.

(٦) تفسير الرازي ٣٢ : ١٣٠ ، تفسير أبي السعود ٩ : ٢٠٥.

(٧) تفسير أبي السعود ٩ : ٢٠٥.

(٨) جوامع الجامع : ٥٥٤ ، تفسير أبي السعود ٩ : ٢٠٥.

(٩) مجمع البيان ١٠ : ٨٣٧ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٨٣ ، تفسير الرازي ٣٢ : ١٢٩.

(١٠) تفسير الرازي ٣٢ : ١٢٩.

٥٩٣

وقيل : يعني ارفع يديك عقيب الدعاء إلى نحرك (١) . وقيل : يعني اقعد بين السجدتين حتى يبدوا نحرك (٢) ، وهذه الأقوال كلّها متّفقة على أنّ النحر بمعنى الصدر.

وعن الصادق عليه‌السلام : « هو رفع اليدين حذاء وجهك » (٣) . [ وفي رواية ] فقال بيده هكذا ، يعني استقبل بيده حذاء وجهه القبلة في افتتاح الصلاة (٤) .

وعن الباقر عليه‌السلام أنّه سئل عنه فقال : « النحر الاعتدال في القامة بأن يقيم صلبه ونحره » (٥) .

ثمّ إنه تعالى بعد إظهار غاية لطفه بحبيبه ، ردّ طعن المشركين عليه بأنّه أبتر بقوله : ﴿إِنَّ شانِئَكَ﴾ يا محمد ومبغضك ﴿هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ ومنقطع النسل. روي أنّ العاص بن وائل كان يقول بعد موت عبد الله بن رسول الله من خديجة : إنّ محمدا أبتر لا ابن له يقوم مقامه بعده ، فاذا مات انقطع ذكره واسترحتم ، كما عن ابن عباس وعامة المفسرين على ما قيل (٦) .

وعن السّدّي : لمّا مات ابنه القاسم وعبد الله بمكّة ، وإبراهيم بالمدينة ، كانت قريش يقولون : إنّ محمدا ابتر ليس له من يقوم مقامه ، فأخبر الله أنّ عدوه أبتر ، ومن معجزات النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله حيث نرى أنّ نسل اولئك الكفّار قد انقطع ، ونسله عليه‌السلام يزداد وينمو كلّ يوم إلى يوم القيامة (٧) .

وقيل : إنّها نزلت في أبي جهل ، فانّه لمّا مات ابن رسول الله قال أبو جهل : إني ابغضه لأنّه أبتر(٨) .

وقيل : نزلت في عمّه أبي لهب ، فانّه لمّا شافهه بقوله : تبا لك ، كان يقول في غيبته : إنّه أبتر(٩).

وقيل : نزلت في عقبة بن أبي معيط ، وإنّه هو الذي كان يقول ذلك (١٠) .

وقيل : إنّ الأبتر هو المنقطع عن قومه (١١) ، قيل : لمّا أوحى الله إلى رسوله ودعا قريشا إلى الاسلام قالوا : أبتر محمد ، أي خالفنا وانقطع عنّا (١٢) .

وعن ابن عباس : لمّا قدم كعب بن الأشرف مكّة أتاه جماعة من قريش ، فقالوا : نحن أهل السّقاية والسّدانة ، وأنت سيد أهل المدينة ، أفنحن خير أم هذا الأبتر من قومه ، يزعم أنه خير منّا ؟ ! فقال : بل أنتم خير منه ، فنزل ﴿إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ(١٣) .

وقيل : إن المراد بالأبتر هنا المنقطع عن المقصود قبل بلوغه ، فأجابهم الله تعالى أنّ خصمه هو الذي يكون كذلك ، فانّهم صاروا مدبرين مغلوبين مقهورين ، وصارت رايات الاسلام عالية وأهل الشرق

__________________

(١) تفسير الرازي ٣٢ : ١٣٠ ، تفسير روح البيان ١٠ : ٥٢٥.

(٢) تفسير الرازي ٣٢ : ١٢٩.

( ٣ - ٥ ) مجمع البيان ١٠ : ٨٣٧ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٨٣.

(٦) تفسير الرازي ٣٢ : ١٣٢ ، وعن مقاتل والكلبي وعامة أهل التفسير.

( ٧ - ١١ ) تفسير الرازي ٣٢ : ١٣٣.

( ١٢ و ١٣ ) تفسير الرازي ٣٢ : ١٣٢.

٥٩٤

والغرب لها متواضعة (١) .

وقيل : إنّ المراد به من لا ناصر له ولا معين ، فكذّبهم الله ؛ لأنّ الله هو مولاه وجبرئيل وصالح المؤمنين ، وأنّ الكفار لا ناصر لهم (٢) .

وقيل : إنّ المراد به الحقير الذليل ، رووا أنّ أبا جهل اتّخذ ضيافة لقومه ، ثمّ قال : محمد ابتر ، ثمّ قال : قوموا حتى نذهب إلى محمد وأسارعه واجعله ذليلا حقيرا ، فلمّا وصلوا إلى دار خديجة ، وتوافقوا على ذلك ، أخرجت خديجة بساطا ، فلمّا تصارعا جعل أبو جهل يجتهد في أن يصرعه ، وبقي النبيّ واقفا كالجبل ، ثمّ بعد ذلك رماه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله على أقبح وجه ، فلمّا رجع أخذه باليد اليسرى ، فصرعه على الأرض مرة اخرى ، ووضع قدمه على صدره (٣) .

وقيل : إنّ المراد من قوله : ﴿إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ هذه الواقعة (٤) .

وقيل : إنّه لمّا نسب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى القلّة والذلّة ، ونفسه بالكثرة والدولة ، قلب الله الأمر عليه ، وبيّن أن العزيز من أعزّه الله ، والذليل من أذلّه الله ، والكثرة والكوثر لمحمد ، والابترية والذّمامة (٥) والذلّة لعدوّه ، فكان من أول السورة وآخرها نوع مطابقة.

وقيل : إنّ المراد به المنقطع عن الملك والسلطنة ، وقد مرّ أنّ رجلا قام إلى الحسن بن علي وقال :

سوّدت وجه المؤمنين بأن تركت الإمامة لمعاوية ، فقال : « لا تؤذيني يرحمك الله ، فانّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رأى بني امية في المنام يصعدون منبره رجلا رجلا ، فساءه ذلك ، فأنزل الله تعالى ﴿إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ﴾ و﴿إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ فقال : ملك بني امية كذلك ، ثمّ انقطعوا وصاروا مبتورين»(٦) .

وقيل : إنّ المراد أنّ كلامهم الفاسد في حقّك منقطع ومضمحلّ ، وأمّا المدح الذي ذكرناه فيك فإنّه باق على وجه الدهر (٧) .

عن القمي رحمه‌الله قال : دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المسجد ، وفيه عمر بن العاص والحكم بن العاص ، فقال عمرو : يا أبتر ، وكان الرجل في الجاهلية إذا لم يكن له ولد سمّي أبتر. ثمّ قال عمرو : إنّي لأشنأ محمدا أي أبغضه ، فأنزل الله على رسوله السورة ﴿إِنَّ شانِئَكَ﴾ أي مبغضك ﴿هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ أي لا دين له ونسب (٨) .

وممّا تضحك به الثكلى معارضة مسليمة لهذه السورة بقوله : إنا أعطيناك الجماهر ، فصلّ لربك وهاجر ، إن مبغضك رجل كافر. فانّ تغيير ثلاث كلمات لا يكون معارضة مع عدم المناسبة بين

__________________

(١) تفسير الرازي ٣٢ : ١٣٣.

(٢-٤) تفسير الرازي ٣٢ : ١٣٣.

(٥) في تفسير الرازي : والدناءة.

(٦و٧) تفسير الرازي ٣٢ : ١٣٤.

(٨) تفسير القمي ٢ : ٤٤٥ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٨٣.

٥٩٥

الإعطاء والجماهر والصلاة والهجرة ، وحكم الذوق السليم بركاكته.

عن الصادق عليه‌السلام : « من كان قراءته ﴿إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ﴾ في فرائضه ونوافله ، سقاه الله من الكوثر يوم القيامة وكان محلّه عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في أصل شجرة طوبى » (١) .

__________________

(١) ثواب الأعمال : ١٢٦ ، مجمع البيان ١٠ : ٨٣٥ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٨٤.

٥٩٦

في تفسير سورة الكافرون

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

﴿قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ * لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ * وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ * وَلا

 أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ * وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (١) و (٥)

ثمّ لمّا ختمت سورة ثمّ لمّا ختمت سورة الكوثر المتضمّنة لغاية إنعام الله وتفضّله على رسوله وأمره بعبادته ، نظمت سورة الجحد المتضمّنة لامتناع الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله عن عبادة غير الله ، فافتتحها بذكر الأسماء الحسنى بقوله : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾.

ثمّ خاطب نبيّه بقوله : ﴿قُلْ﴾ يا محمد تقريعا للمشركين الذين طعنوا فيك بأنّك أبتر ﴿يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ﴾ قيل : في ندائهم بهذا الوصف الذي يسترذلونه في بلدهم ودار عزّهم وشوكتهم ، إيذان بذلّهم ، وكونه صلى‌الله‌عليه‌وآله محروسا منهم (١) ، وأنّه مؤيّد من الله.

روي أنّ رهطا من عتاة المشركين كالوليد بن المغيرة وأبي جهل والعاص بن وائل وأمية بن خلف والأسود بن عبد يغوث والحارث بن قيس وأضرابهم ، قالوا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : هلمّ فاتّبع ديننا ونتّبع دينك ، تعبد إلهنا سنة ونعبد إلهك سنة ، فيحصل الصّلح بيننا وبينك ، وتزول العداوة. فقال : « معاذ الله أن اشرك بالله غيره » فقالوا : استلم بعض آلهتنا نصدّقك ونعبد إلهك ، فنزلت (٢) السورة : ﴿يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ * لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ﴾ من دون الله أبدا ﴿وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ﴾ بعد ﴿ما أَعْبُدُ﴾ الله الواحد الذي لا إله غيره ﴿وَلا أَنا عابِدٌ﴾ في حال من الأحوال ﴿ما عَبَدْتُّمْ﴾ من الأصنام والكواكب ، فلا تطمعوا منّي ذلك الأمر المحال ﴿وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ﴾ في وقت من الأوقات ﴿ما أَعْبُدُ﴾ وهو الله الواحد الذي خلق جميع الأشياء بقدرته ، لتصلّبكم في دينكم الباطل ، ولجاجكم وعنادكم للحقّ. قيل : إنّ التّكرار للتأكيد (٣) ، فانّ الكفّار - على ما قيل - رجعوا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك مرارا ، وسكت

__________________

(١و٢) تفسير روح البيان ١٠ : ٥٢٦.

(٣) تفسير الرازي ٣٢ : ١٤٥.

٥٩٧

الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله عن جوابهم ، فوقع في قلوبهم أنّه قد مال إلى دينهم بعض الميل ، فنزلت الآية مكرّرا (١) .

وقيل : إنّ الكفّار قالوا : استلم بعض آلهتنا حتى نؤمن لك ، فأنزل الله : ﴿لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ* وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ﴾ ثمّ قالوا بعد مدّة : تعبد آلهتنا شهرا أو سنه ، ونعبد إلهك شهرا أو سنه ، فأنزل : ﴿وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ* وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ(٢) .

وذكر كلمة ﴿ما﴾ في قوله : ﴿ما أَعْبُدُ﴾ مع أنّها لغير ذوي العقول ، لإرادة الصفة بها ، والمعنى : لا أعبد الباطل الذي تعبدونه ، ولا أنتم عابدون الحقّ الذي أعبد ، كذا قيل (٣) . وقيل : إنّها بمعنى ( الذي ) (٤) أو مصدرية ، والمعنى ، لا أعبد عبادتكم ولا تعبدون عبادتي في المستقبل ، ثمّ قال ثانيا : لا أعبد عبادتكم ولا تعبدون عبادتي في الحال (٥) .

وقيل : إنّ ذكرها لا تساق الكلام ، فانّه تعالى لمّا قال أولا ﴿وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ﴾ حمل الثاني عليه ، كما قال : ﴿جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها(٦) .

﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (٦)

ثمّ كأنّه قال : إنّ أردتم الصّلح ، فانّ الصّلح بيننا وبينكم أن ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ﴾ لا تتركونه ﴿وَلِيَ دِينِ﴾ لا أتركه ولا أرفضه.

عن ابن عباس قال : يريد لكم كفركم بالله ، ولي التوحيد الخالص (٧) .

وقيل : لكم دينكم فكونوا عليه إن كان الهلاك خيرا لكم (٨) .

وقيل : إنّ الدين هو الحساب ، والمعنى : لكم حسابكم ، ولي حساب أعمالي ، لا يرجع عمل كلّ إلّا على عامله (٩) .

وقيل : يعني لكم جزاء أعمالكم ودينكم وبالا وعقابا ، ولي جزاء ديني ثوابا وتعظيما (١٠) .

وقيل : إنّ الدين هو العقوبة (١١) ، والمعني : لكم العقوبة من ربّي ، ولي العقوبة من أصنامكم ، وفيه تهديد وتهكّم (١٢) .

عن الصدوق في ( الامالي ) : شأن نزول السورة أنّ نفرا من قريش اعترضوا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله منهم: عتبة بن ربيعة وامية بن خلف والوليد بن المغيرة والعاص بن وائل أو سعد (١٣) ، فقالوا : يا محمد ، هلمّ فلنعبد ما تعبد ، وتعبد ما نعبد ، فنشترك نحن وأنت في الأمر ، فان يكن الذي نحن عليه حقّا فقد

__________________

(١) تفسير الرازي ٣٢ : ١٤٦.

( ٢- ٥ ) تفسير الرازي ٣٢ : ١٤٦.

(٦) تفسير الرازي ٣٢ : ١٤٦ ، والآية من سورة الشورى : ٤٢ / ٤٠.

(٧) تفسير الرازي ٣٢ : ١٤٧ ، وفيه : التوحيد والإخلاص له.

(٨ و٩) تفسير الرازي ٣٢ : ١٤٧.

(١٠- ١٢) تفسير الرازي ٣٢ : ١٤٧.

(١٣) في أمالي الطوسي : العاص بن سعيد ، وفي مجمع البيان ١٠ : ٨٤٠ ، العاص بن أبي وائل.

٥٩٨

أخذت بحظّك ، وإن يكن الذي أنت عليه الحقّ فقد أخذنا بحظّنا منه ، فأنزل الله السورة (١) .

وفي الرواية العامية السابقة : فغدا رسول الله إلى المسجد [ الحرام ] وفيه الملأ من قريش ، فقام على رؤوسهم فقرأها عليهم [ فأيسوا ](٢) منه عند ذلك ، فآذوه وأصحابه (٣) .

وعن القمّي : سال أبو شاكر الديصاني أبا جعفر الأحول عن تكرار الآية في السورة ، وقال : هل يتكلّم الحكيم بمثل هذا القول ويكرّره مرّة بعد اخرى ؟ ! فلم يكن عند الأحول في ذلك جواب ، فدخل المدينة فسأل الصادق عليه‌السلام عن ذلك ، فقال : « كان سبب نزولها وتكرارها أنّ قريشا قالت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تعبد آلهتنا سنة ، ونعبد إلهك سنة ، وتعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة ، فأجابهم الله بمثل ما قالوا»(٤) .

وعنه عليه‌السلام : « من قرأ ﴿قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ﴾ و﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ في فريضة من الفرائض ، غفر الله له ولوالديه ، وإن كان شقيا محي من ديوان الأشقياء واثبت في ديوان السّعداء ، وأحياه الله سعيدا ، وأماته سعيدا ، وبعثه شهيدا » (٥) .

وعنه عليه‌السلام : « كان أبي يقول : ﴿قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ﴾ ربع القرآن ، وكان إذا فرغ منها قال أعبد الله وحده ، أعبد الله وحده » (٦) .

وعنه عليه‌السلام ، « إذا فرغت منها فقل : ديني الاسلام ، [ ثلاثا ] » (٧) .

وروت العامة عن ابن عباس : ليس سورة في القرآن أشقّ على الشيطان من هذه السورة الكريمة ، لأنّها توحيد محض وبراءة من الشرك ، فمن قرأها برئ من الشرك ، وتباعد عنه مردة الشياطين ، وأمن من الفزع الأكبر ، وهي تعدل ربع القرآن (٨) .

وفي الحديث العامي : « مروا صبيانكم فليقرؤها عند المنام ، فلا يعرض لهم شيء ، ومن خرج مسافرا فقرأ هذه السور. الخمس : ﴿قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ﴾ و﴿إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ﴾ و﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ و﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾ و﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾ رجع سالما ، ولا تصبه آفة ومصيبة » (٩) .

__________________

(١) أمالى الطوسي : ١٩ / ٢٢ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٨٥.

(٢) في النسخة : فراغ.

(٣) تفسير روح البيان ١٠ : ٥٢٦ ، مجمع البيان ١٠ : ٨٤٠.

(٤) تفسير القمي ٢ : ٤٤٥ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٨٥.

(٥) ثواب الأعمال : ١٢٧ ، مجمع البيان ١٠ : ٨٣٩ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٨٦.

(٦) الكافي ٢ : ٤٥٤ / ٧ ، وفيه إلى : ربع القرآن ، مجمع البيان ١٠ : ٨٣٩ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٨٦ ، وفيه : أعبد الله وحده ، مرّة واحدة.

(٧) تفسير القمي ٢ : ٤٤٦ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٨٦.

(٨و٩) تفسير روح البيان ١٠ : ٥٢٨.

٥٩٩
٦٠٠