تراثنا ـ العدد [ 130 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العدد [ 130 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ٠
ISBN: 1016-4030
الصفحات: ٢٨٦

«قال أبو عبد الله محمّد بن إبراهيم بن جعفر(١) النعماني رحمه‌الله في كتابه في تفسير القرآن : حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد ابن(٢) عقدة ، قال : حدّثنا أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي عن اسماعيل بن مهران عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن اسماعيل بن جابر ، قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمّد الصادق عليه‌السلام يقول : إنّ الله تبارك وتعالى بعث محمّداً ، فختم به الأنبياء ...».

وبعد ذكر بعض الأمور بشأن الشريعة النبوية ، والظلم الذي لحق بأوصياء النبيّ بعد رحيله ، تمّ التذكير بالمنهج الخاطئ في تفسير القرآن والرجوع إلى هذا الكتاب السماوي دون الالتفات إلى دقائقه ولطائفه ، ومن خلال الإشارة إلى أقسام الآيات القرآنية ومطالبها وضرورة إدراك ذلك كمقدّمة للتفسير وحصر علم ذلك على أهل البيت عليهم‌السلام ، ثمّ أضاف قائلاً :

«ولقد سأل أميرَ المؤمنين عليه‌السلام شيعتُه عن مثل هذا فقال : إنّ الله تبارك وتعالى أنزل القرآن على سبعة أقسام ...».

ثمّ أحصى ما يقرب من خمسين قسماً من الآيات والمعارف القرآنية ، ثمّ عمد بعد ذلك إلى توضيحها بالتفصيل. وهناك عدّة نقاط جديرة بالبحث والدراسة بشأن هذه الرسالة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) في نسخة الطبعة الحجرية وردت كلمة (حفص) وهي تصحيف ، والصحيح (جعفر) ، كما ورد في كتاب بحار الأنوار ، ج ٩٣ ، ص ٣.

(٢) تعمّدنا إضافة الألف في كلمة (ابن) وقد سبق أن شرحنا سبب ذلك.

٢١

أ ـ نسبة الرسالة إلى السيّد المرتضى.

ب ـ نسبة الرسالة إلى النعماني.

ج ـ دراسة الرسالة بوصفها نصّاً روائيّاً من حيث المتن والسند.

د ـ تقرير الرسالة بوصفها نصّاً تفسيريّاً.

هـ ـ مقارنة الرسالة بمقدّمة تفسير القمّي.

و ـ تفسير النعماني ورسالة سعد بن عبد الله.

أ ـ نسبة الرسالة إلى السيّد المرتضى :

لم يرد ذكر لهذه الرسالة في عداد آثار السيّد المرتضى في كتب القدماء ، من قبيل : رجال النجاشي(١) ، وفهرست الشيخ الطوسي(٢) ، وإجازة محمّد بن محمّد البصروي عن السيّد المرتضى والتي اشتملت على قائمة بمؤلّفاته(٣) ، ومعالم العلماء لابن شهرآشوب(٤) ، ومن خلال تتبّعي فإنّ أوّل شخص نسب هذه الرسالة إلى السيّد المرتضى هو الشيخ الحرّ العاملي ، حيث

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) رجال النجاشي ، ص ٢٧٠ / ٧٠٨.

(٢) فهرست الشيخ الطوسي ، ص ٢٨٨ / ٤٣٢ ، جاء في هذا الكتاب : (له من التصانيف ومسائل البلدان شيء كثير يشتمل على ذلك فهرسته المعروفة ، غير أنّي أذكر أعيان كتبه وكبارها) ، فهل المراد من الفهرست المعروف هو المذكور في إجازة البصروي أم هو فهرست آخر؟ لم يتّضح ذلك تماماً.

(٣) رياض العلماء ، ج ٤ ، ص ٣٤.

(٤) معالم العلماء ، طبعة النجف الأشرف ، ص ٦٩ / ٤٧٧ ؛ وطبعة طهران ، ص ٦١ / ٤٦٥.

٢٢

كرّر هذا الأمر في الكثير من مواضع وسائل الشيعة(١) ، وأمل الآمل(٢) ، والفصول المهمّة في أصول الأئمّة(٣).

كما ذكر ذلك معاصره العلاّمة محمّد باقر المجلسي في مقدّمة بحار الأنوار أيضاً(٤) ، ولكنّه لم يُشر إلى هذه النسبة في أيّ موضع آخر من مواضع بحار الأنوار ، وقد اعتبر في جميع المواطن أنّ هذه الرسالة هي من تفسير النعماني(٥) ، واكتفى في نقل كامل الرسالة بعبارة : (برواية النعماني) فقط(٦). وبعد صاحب الوسائل كثيراً ما تردّدت نسبة هذا الكتاب في كلمات الفقهاء إلى السيّد المرتضى ، من قبيل : صاحب الحدائق في كتاب الحدائق الناضرة(٧) ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) لقد تكررت عبارة (عليّ بن الحسين المرتضى في رسالة المحكم والمتشابه نقلاً من تفسير النعماني) في الوسائل عدّة مرّات ، كما هو الحال مثلاً في : ج ١ ، ص ٢٧ / ٣٥ و ١٠٧ / ٢٦٣ ، ٣٠٠ / ٧٨٩ و ٣٩٩ و ١٠٤٢ و ٤٨٣ و ١٢٨١ وفي أكثر من أربعين مورداً في كتب أخرى.

(٢) أمل الآمل ، ج ٢ ، ص ١٨٤ ؛ ونقلاً عنه في رياض العلماء ، ج ٤ ، ص ٤٧.

(٣) الفصول المهمّة في أصول الأئمّة ، ج ١ ، ص ٣٦ و ٣٤٥.

(٤) بحار الأنوار ، ج ١ ، ص ١٠.

(٥) مثال ذلك في : بحار الأنوار ، ج ٥ ، ص ٢٠٨ / ٤٨ ، وج ٦ ، ص ٢٤٥ / ٧٦ ، وج ٧ ، ص ٤٣ / ٢٢ و ... الخ. كما جاءت في ج ١١٠ ، ص ١١٤ جاءت هذه النسبة ضمن إجازة الشيخ الحرّ العاملي للفاضل المشهدي ، ويحتمل قويّاً أنّ العلاّمة المجلسي قد ذكر هذه النسبة في مقدّمة بحار الأنوار تبعاً لصاحب الوسائل.

(٦) بحار الأنوار ، ج ٩٣ ، ص ١.

(٧) الحدائق الناضرة ، ج ٦ ، ص ٢٩٩ ، وج ١٢ ، ص ٣٧١ ، وج١٣ ، ص ٥٩ ، وج ٢٢ ، ص ٤٩٦ ، وج ٢٥ ، ص ٦٣٣ ، ونقلاً عن وسائل الشيعة ، في ج ٢ ، ص ٢٧٠ ، وج ٢٣ ، ص ١٣.

٢٣

وكذلك في لؤلؤة البحرين(١) ، وصاحب الرياض في رياض العلماء(٢) ، والمحقّق القمّي في غنائم الأيام(٣) ، والفاضل النراقي في مستند الشيعة(٤) ، وصاحب الجواهر في جواهر الكلام ، و ...(٥).

حيث يبدو أنّ نسبة هذا الكتاب من قبل كبار العلماء جاءت تبعاً لما ورد في كتاب وسائل الشيعة الذي أضحى محوراً معتمداً لدى الفقهاء في نقل الروايات ، كما أنّ صاحب الحدائق أخذ هذا الأمر في بعض الموارد نقلا عن الوسائل وقد اعتبر الفقهاء هذه النسبة من المسلّمات ولم يقوموا بأىّ تحقيق في هذا الشأن.

ولم أجد أىّ شاهد معتبر على إثبات هذه النسبة ، كما أنّ الهيكليّة العامّة لهذا التفسير الذي هو بأجمعه عبارة عن نقل رواية فيها نوع من التفصيل تختلف عن أسلوب آثار السيّد المرتضى ، فقد انتهج السيّد المرتضى في جميع مؤلّفاته منهجاً مستقلاًّ وإبداعيّاً بالكامل ، فقد عمد إلى نقل الروايات في أثناء كتابه ، ولا نجد بين آثار السيّد كتاباً لا يعكس جانباً من أفكاره وآرائه ، لذلك لا يمكن القبول بنسبة هذا الكتاب إلى السيّد المرتضى.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) لؤلؤة البحرين ، ص ٣٢٢ ، ونقلاً عنه في روضات الجنّات ، ج ٤ ، ص ٣٠١ ـ ٣٠٣.

(٢) رياض العلماء ، ج ٨ ، ص ٤٢.

(٣) غنائم الأيام ، ج ٢ ، ص ٣٧٩ ، وج ٤ ، ص ٣٥٩.

(٤) مستند الشيعة ، ج ١ ، ص ٢٤٧ ، وج ١٠ ، ص ٨٤.

(٥) جواهر الكلام ، ج ٣٠ ، ص ٣٣ ، وج ٣٣ ، ص ٩٨.

٢٤

جدير بالذكر أنّ المحقّق المعروف محمّد أبو الفضل إبراهيم عمد في مقدّمة أمالي السيّد المرتضى إلى نسبة رسالة المحكم والمتشابه إلى السيّد المرتضى نقلاً عن ابن شهر آشوب في معالم العلماء(١).

وقد تكرّر ذات الشيء في مقدّمة الانتصار بقلم رشيد الصفّار أيضاً ، وبطبيعة الحال تمّت المناقشة في نسبة الكتاب إلى السيّد المرتضى.

ولم يرد هذا الأمر في أىّ واحد من طبعتي معالم العلماء في ترجمة السيّد المرتضى ، وقد يكون منشأ هذا الاشتباه عبارة المحدّث البحراني في لؤلؤة البحرين ، فإنّه بعد ذكر كتب السيّد المرتضى ، قال : «هذا ما ذكره ابن شهر آشوب في معالم العلماء ، ومن مؤلّفاته أيضاً رسالة المحكم والمتشابه ، وكلّها منقولة من تفسير النعماني»(٢). وربّما كان كاتب المقدّمة قد ألقى نظرة سريعة على هذه العبارة ، فتصوّر أنّ المسألة المتعلّقة برسالة المحكم والمتشابه منقولة عن ابن شهر آشوب.

إنّ عدم صحّة نسبة هذا الكتاب إلى السيّد المرتضى يُعدُّ أمراً مسلّماً به تقريباً ، وعليه لم يتّضح لنا سبب نسبة هذا الكتاب إليه ، والأمر الوحيد الذي يمكن ذكره في هذا الشأن هو أنّ صاحب رياض العلماء ينقل عن السيوطي في طبقات النحاة كتاباً تحت عنوان (المحكم) في عداد مؤلّفات السيّد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) مقدّمة أمالي السيّد المرتضى ، ص ١٤.

(٢) لؤلؤة البحرين ، ص ٣٢٢.

٢٥

المرتضى(١) ، ولكن في النصّ المطبوع لكتاب السيوطي ورد بدلاً من هذا الاسم مفردة (المحكي)(٢) ، وهي تتمّة لاسم كتاب للسيّد المرتضى تحت عنوان : كتاب النقض على ابن جنّي في الحكاية والمحكي ، والذي نسب في مصادر رجالية أُخرى إلى السيّد المرتضى أيضاً(٣).

وبطبيعة الحال يبعد أن يكون مثل هذا التصحيف هو الذي أدّى إلى هذه النسبة.

ب ـ نسبة الكتاب إلى أبي عبد الله النعماني :(٤)

تقدّم أن رأينا الرواية التفصيلية لهذه الرسالة عن النعماني في كتابه الذي ألّفه في تفسير القرآن ، وإنّ السند المذكور في هذه الرسالة هو من الأسانيد المعروفة والمتكرّرة كثيراً عند النعماني ، كما سنذكر ذلك في معرض الحديث

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) رياض العلماء ، ج ٤ ، ص ٢٩.

(٢) بغية الوعاة في طبقات اللغويّين والنحاة ، تحقيق : محمّد أبو الفضل إبراهيم ، ج ٢ ، ص ١٦٢.

(٣) فهرست الشيخ الطوسي ، ص ٢٨٨ / ٤٣٢ ؛ معالم العلماء ، طبعة النجف الأشرف ، ص ٦٩ / ٤٧٧ ، طبعة طهران ، ص ٦١ / ٤٦٥. وفيما يتعلّق ببحث (الحكاية والمحكي) انظر من باب المثال : أوائل المقالات ، ص ١٢٢ ، وبعض الكتب المتعلّقة بهذا البحث انظر : رجال النجاشي ، ص ٤٠١ / ١٠٦٧ ؛ فهرست الشيخ الطوسي ، ص ٣٢ / ٣٦ ، ٤٤٤ / ٧١١.

(٤) في كتابتي لهذا الجزء كانت أمامي مقالة لسماحة السيّد المددي في العدد : ٢٨ من مجلّة كيهان انديشه ، تحت عنوان (رسائلي بيرامون قرآن منسوب به أهل بيت) ، ص ١١٦ ـ ١١٧.

٢٦

عن سند هذا الكتاب.

بيد أنّ النجاشي لا ينسب إليه مثل هذا الكتاب مع أنّه يقول في ترجمة النعماني : «رأيت أبا الحسين محمّد بن علي الشجاعي الكاتب يقرأ عليه كتاب الغيبة ... ووصّى لي ابنه أبو عبد الله الحسين بن محمّد الشجاعي بهذا الكتاب وبسائر كتبه ، والنسخة المقروءة [أي من كتاب الغيبة] عندي». قد يمكن بالالتفات إلى هذه العبارة (سائر كتبه) من النجاشي التأمّل في نسبة هذا الكتاب إلى النعماني.

ولكن يجب الإلتفات أوّلاً : أنّه لا يُفهم من هذه العبارة أنّ النجاشي كان بصدد إحصاء جميع مؤلّفات النعماني ، وخاصّة إذا ما عرفنا أنّ تفسير النعماني ما هو إلاّ مجرّد رواية واحدة تفصيلية ، وربّما اعتبر النجاشي ـ في هذا النوع من الموارد ـ الكتاب من تأليف شخص مثل الحسن بن علي بن أبي حمزة ، وهذا ما سنتحدّث عنه فيما بعد أيضاً.

ثانياً : ليس هناك من دليل على أنّ النجاشي قد حصل على جميع مؤلّفات النعماني ، كما لا يفهم ذلك من العبارة المتقدّمة أيضاً ، وإنّما أقصى ما تفيده هذه العبارة هو أنّ أبا عبد الله الشجاعي قد أوصى له بكتب النعماني التي بحوزته والتي ذكرها النجاشي ، وبالتالي فإنّ هذه الكتب قد دخلت في ملكيّته ، وعلى فرض صحّة هذا الفهم من عبارة النجاشي(١) ، لا يمكن لنا أن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) يقوم هذا الفهم على أن يكون المراد من (وصّى لي) هو الوصية بالمصطلح الفقهي ،

٢٧

ننكر نسبة كتب أخرى للنعماني غير تلك التي ذكرها النجاشي.

ثالثاً : سبق أن ذكرنا أنّه يظهر من تضاعيف كتب القدماء أنّه بالإضافة إلى الكتب الثلاثة الأولى وهي : (الغيبة ، والفرائض ، والردّ على الإسماعيلية) كان للنعماني كتب أخرى أيضاً ، ولا شكّ في أنّ كلام أمثال أبي غالب الزراري أقوى ممّا فهمناه من كلام النجاشي.

بعد أن كانت عبارة النجاشي لا يُفهم منها نفي نسبة هذا الكتاب للنعماني ، فما هو الدليل على إثبات ذلك للنعماني؟

إنّ أوّل شيء يمكن لنا أن نسوقه كدليل على هذه النسبة ، عبارة ابن شهر آشوب في باب (في من عُرف بكنيته) في معالم العلماء ، حيث قال :

«أبو عبد الله محمّد بن إبراهيم ، له تفسير القرآن لأهل البيت عليهم‌السلام»(١).

قال سماحة السيّد المددي بشأن هذه العبارة :

«إنّ هذا الاسم والكنية وإن كانا ينطبقان على النعماني ، ولكن مع ذلك لا يمكن الاطمئنان إلى أنّ مراده منهما هو النعماني المعروف ، فضلاً عن الجزم واليقين بذلك ، خاصّة وأنّ هذا الكتاب يشتمل على تبويب لأبحاث

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وبالتالي فإنّ ذلك يعني أنّ أبا عبد الله الشجاعي قد ملّك نسخ كتب النعماني إلى النجاشي ، وبطبيعة الحال فإنّ ملكية هذه النسخ قد انتقلت إلى النجاشي بعد وفاة الشجاعي ، بما في ذلك النسخة المقروءة لغيبة النعماني. ولكن إذا كان المراد من الوصية هو المصطلح في علم الدراية ، لا يكون هذا الفهم مسلّماً. (انظر : مقباس الهداية ، ج ٣ ، ص ١٦٢).

(١) معالم العلماء ، طبعة النجف ، ص ١٣٤ / ٩٠٤ ؛ وطبعة طهران ، ص ١٢١ / ٨٧٧.

٢٨

وآيات القرآن الكريم ، وإنّ جميعه جاء على شكل رواية واحدة مأثورة عن الإمام أمير المؤمنين ، وليس تفسيراً بالمعنى المعروف»(١).

يضيف الكاتب : أنّه لا شكّ في أنّ مراد ابن شهر آشوب من هذه العبارة ليس هو النعماني ؛ وذلك لأنّه قد ترجم للنعماني في باب الأسماء بعبارة : «محمّد بن إبراهيم أبو عبد الله النعماني ، من كتبه كتاب الغيبة»(٢) ، ولا معنى إلى إعادة ذكره مرّة ثانية في باب الكنى ، خاصّة وأنّ النعماني غير معروف بكنيته ، وأنّ النجاشي يعلم بأنّ النعماني يُعرف بـ : (ابن زينب)(٣) ، وقد اشتهر في العصور اللاحقة بالنعماني. وأنا لا أتذكّر أن رأيت كلاماً عن النعماني في كتاب دون ذكر لقبه.

علماً أنّه من الممكن لشخص أن يذهب إلى القول بأنّ المراد من العبارة المتقدّمة هو النعماني ، وذلك من خلال القول : إنّ هناك نسخة تحمل عنوان (تفسير القرآن لأهل البيت عليهم السلام) منسوبة إلى شخص اسمه (أبو عبد الله محمّد بن إبراهيم) قد وصلت إلى ابن شهر آشوب ، وحيث إنّه لم يكن يعرف المؤلّف باسمه ، فقد ذكره في باب الكنى ، مع إضافة استبعاد أن يكون هناك مؤلّفان لكتاب تفسير واحد ويتّحدان في الاسم واسم الأب والكنية ، وبذلك تكون نسبة هذا الكتاب إلى النعماني ثابتة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) كيهان انديشه ، العدد : ٢٨ ، ص ١١٦.

(٢) معالم العلماء ، طبعة النجف ، ص ١١٨ / ٧٨٣ ؛ وطبعة طهران ، ص ١٠٥ / ٧٥٩.

(٣) رجال النجاشي ، ص ٣٨٣ / ١٠٤٣. وفي غيبة الشيخ الطوسي ، ص ١٢٧ / ٩٠ في سند قال إنّه يعرف بابن أبي زينب النعماني الكاتب.

٢٩

بيد أنّ هذا الاستدلال غير متين ؛ إذ لا نعلم العصر الذي ينتمي له هذا الشخص ، وإنّ اسمه واسم أبيه وكنيته كانت جميعها مشهورة ومتداولة ، ولا يبعد أن يكون هناك شخصان بهذه المواصفات خصوصاً إذا كانا ينتسبان إلى عصرين مختلفين. وممّا يعزّز عدم متانة الاستدلال المتقدّم هو أن نضيف هنا أنّ التعبير عن هذه الرسالة بـ : (لأهل البيت عليهم‌السلام) ، مع أنّها لم تُنقل إلاّ عن أمير المؤمنين عليه‌السلام لا يبدو مناسباً أبداً.

ثمّ إنّنا لو قبلنا بأنّ النعماني كان له كتاب بعنوان (تفسير القرآن) ، فكيف يمكن لنا أن نثبت أنّ النسخة الموجودة حاليّاً هي له ، أو أن نثبت أنّ هذه الرسالة مأخوذة عن تفسير النعماني؟

في الجواب عن هذا السؤال نقول إجمالاً : إنّ إثبات نسبة النسخ إلى الكتب مسألة هامّة ، ولها أساليبها الخاصّة ، وإن الاستناد إلى إجازات العلماء في ذلك غير مجدية ؛ لأنّ الإجازات في أغلبها عامّة ومن دون مناولة ، ولا تساعد على نسبة الكتب إلى مؤلّفيها ، فضلاً عن إثبات نسخة بعينها. وعليه فإنّ إثبات نسبة النسخ إلى المؤلّفين يكون من خلال أساليب خاصّة تتبّع في معرفة النُسخ مع الالتفات إلى علامات البلاغ ومقابلة ومقارنة الكتاب بآراء وأفكار المؤلّف وأسلوب وسياق تأليفاته ، ومقارنة أسانيده بالأسانيد المعروفة ، وفي هذا الشأن لا فرق بين الإجازة والوجادة أبداً طبقاً لمصطلح أهل الدراية.

وقد ذكرت تفصيل هذا البحث في رسالة مستقلّة حول دور الطرق

٣٠

والمشيخة في الأسناد ، ولا مجال لذكر هذا التفصيل هنا.

وإنّما نكتفي هنا بالإشارة إلى أنّ ذكر اسم النعماني صراحة في بداية الكتاب ، وتطابق سنده مع الأسانيد المعروفة للنعماني ، وانسجام محتوى الكتاب مع أسلوب التفكير الروائي للنعماني المبتني على محورية أهل البيت عليهم‌السلام في أخذ التعاليم الدينية ، لا يبعد أن يكون هذا الكتاب من تأليف النعماني.

ومن المفيد هنا أن نشير إلى أنّ المحدّث النوري يرى أنّ رسالة المحكم والمتشابه للسيّد المرتضى هي اختصار لتفسير النعماني(١) ، ولكن بالالتفات إلى فقدان أصل تفسير النعماني ، وإنّ العبارة الواردة في بداية هذه الرسالة ليس فيها ما يصرّح بوضوح أنّ كتاب تفسير النعماني كان أكبر حجماً من هذه الرسالة ، فلا يمكن الحكم باختصار الرسالة الموجودة عن تفسير النعماني.

نختم هذا القسم بنقل ومناقشة كلام سماحة السيّد المددي حيث قال :

«بما أنّ النعماني قضى آخر أيّام حياته في الشامات ـ وفي مدينة حلب تحديداً ـ وكانت وفاته هناك ، مضافاً إلى انتشار تيّار الغلوّ في تلك المنطقة ـ وهو الأمر الذي يفسّر تواجد العلويّين هناك حتّى هذه اللحظة ـ وتأثيره على الفكر الشيعي هناك ، هذا كلّه يقوّي احتمال كون هذا الأمر هو السبب الكامن وراءاعتبار هذا الكتاب ضمن التراث العلمي للنعماني ، لينتشر فيما بعد في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) خاتمة المستدرك ، ج ٤ (مستدرك وسائل الشيعة ، ج ٢٢) ، ص ٢٤٣.

٣١

المحافل العلمية المعروفة آنذاك ، أي : قم وبغداد والكوفة وغيرها على صورته الراهنة دون إسناد مباشر إلى المؤلّف ـ ولو على شكل إجازة ـ».

وقال في الختام :

«وبطبيعة الحال تبقى هذه الأمور مجرّد احتمالات ، وعلى الرغم من قيام بعض الشواهد على تأييد ذلك ، ولكن تبقى هناك حاجة إلى مزيد من الشواهد»(١).

بيد أنّي لم أعثر ولو على شاهد واحد ـ حتّى وإن كان ضعيفاً ـ يثبت أنّ الرسالة مورد البحث قد كتبت في الشامات.

ويبدو أنّ تأثير الغلوّ على الفكر الشيعي في منطقة الشامات يعود إلى نشاط الحسين بن حمدان الخصيبي ، وقد أشارت مصادر العلويّين إلى دوره الكبير في إرساء الدولة الحمدانية ، حتّى قالت فيه إنّه كان المرشد الروحي لسيف الدولة الحمداني ، وتعتقد أنّ اعتلاء الدولة الحمدانية ما هو إلاّ بسبب اهتمام الحسين بن حمدان بها وحرصه عليها(٢). وقال ابن حجر : «قيل : إنّه كان يؤمّ لسيف الدولة»(٣). ولكن إلى أيّ حدّ يمكن الاعتماد على هذا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) كيهان انديشه ، العدد : ٢٨ ، ص ١١٦ ـ ١١٧.

(٢) تاريخ العلويّين ، محمّد أمين غالب الطويل ، ص ٢٥٩ و ٢٦٠ و ٣١٤ و ٣١٦ و ٣١٨ و ٣٢٤ ، وقد أرّخ هذا الكتاب وفاة الخصيبي في سنة ٣٤٦. وانظر أيضاً : مقدّمة الهداية الكبرى ، ص ٥.

(٣) لسان الميزان ، ج ٢ ، ص ٥١٧ / ٢٧١٠.

٣٢

الكلام؟ هذا كلّه يحتاج إلى دراسة. وهل تأثير الحسين بن حمدان على سيف الدولة يعني بالضرورة تأثير تيّار الغلوّ على الفكر الشيعي في تلك المنطقة؟ هذا كلّه غير واضح.

والأهمّ من ذلك أنّنا لم نعثر على أىّ أثر يثبت لنا ارتباط الحسين بن حمدان بالنعماني ، ومن ناحية أخرى نجد أنّ النعماني في هذه الرسالة يروي هذا الحديث الطويل عن طريق ابن عُقدة وهو من الكوفة وارتحل إلى بغداد ، دون أن تكون له صلة بالشامات ، ولذلك لا يمكن لنا أن ندّعي انتقال هذه الرسالة من الشامات إلى قم وبغداد والكوفة.

وللبحث صلة ...

٣٣

الطبري وتفاسير الشيعة

التأثير والتأثّر في التراث التفسيري القديم

بين الشيعة والسنّة(١)

مرتضى كريمي نيا

بسم الله الرحمن الرحيم

إنّ العلاقة بين تفاسير الشيعة قديماً وبين تفسير الطبري إنّما هو موضوع قلّما قد بُحث في الأوساط العلمية رغم أهمّيته الكبيرة ، وسأسعى في هذا المقال المختصر ـ جهد الإمكان ـ أن أخطو الخُطوات الأولى في هذا المضمار ، وإنّ مقالتي هذه تبحث أوّلا عن المصادر والأبحاث والروايات الشيعية في تفسير الطبري ، ثمّ تتطرّق إلى التأثير المباشر أو غير المباشر لتفسير الطبري على التفسير الشيعي في تسلّل بعض الأبحاث والروايات السُّنّية ـ ونعني بذلك أقوال الصحابة والتابعين ـ إليها وذلك من خلال تفسير التبيان في تفسير القرآن الذي ألّفه الشيخ الطوسي في أواسط القرن الخامس

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تمّ ترجمة البحث إلى العربية من قبل هيئة التحرير.

٣٤

الهجري.

فلذلك أرى من المناسب أن نقوم بتقسيم هذا المقال إلى قسمين مستقلّين تحت عنوانين :

أ ـ استفادة الطبري من تفاسير الشيعة.

ب ـ تأثير تفسير الطبري على سائر التفاسير الشيعية المتأخّرة عليه.

إنّ تفسير الطبري يُعدّ أهمّ تفسير مأثور للقرآن الكريم في التراث الإسلامي(١) ، وسرعان ما أخذ هذا الكتاب مكانته في المجاميع العلمية ، إذ لا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) لقد كُتبت العديد من المقالات بمختلف اللغات في أهميّة تفسير الطبري وجوانبه المختلفة وأشير هنا إلى فهرسة لبعض التحقيقات الصادرة باللغة الانكليزية والفرنسية والألمانية.

Some Western studies that address Al-Tabari\'s tafsir, known as Jami al-Bayan include Otto Loth, (Tabari\'s Korancommentar) Zeitschrift der Deutschen Morgenlandischen Gesellschaft ٣٥ (١٨٨١) PP.٥٨٨ ـ ٦٢٨؛ Heribert Horst, (Zur Uberlieferung im Korankommentar at-Tabari) Zeitschrift der Deutschen Morgenlandischen Gesellschaft١٠٣ (١٩٥٣) pp. ٢٩٠ ـ ٣٠٧؛ John Cooper\'s introduction to his Commentary on the Qur\'an by Abu Jafar Muhammad B. Jarir al-Tabari Being An Abridged Translation of Jami al-bayan an tawil ay al-Qur\'an, Oxford University press, ١٩٨٧؛ Claude Gilliot Exegese, langue, et theologie en Islam : L\'exegese coranique de Tabari (m.٣١١/٩٢٣), Paris, J. Vrin. ١٩٩٠؛ Norman Calder, (Tafsir from Tabari to Ibn Kathir : problem in the description of a genre, illustrated

٣٥

شكّ أنّه كان له الدور المؤثّر في رسم منهجيّته وأسلوبه على مدرسة التفسير فيما بعد ، وعلّنا أن لا نكون مبالغين في اعتبار هذا الكتاب من أكثر التفاسير التي تركت أثرها على جميع التفاسير الأخرى المتأخّرة عليه حتّى عصرنا الحاضر.

هذا وإنّ التقارب الشيعي ـ السنّي في مجال التفسير إنّما كان ناتجاً عن اهتمام المفسّرين الشيعة بتفسير الطبري واطّلاعهم عليه.

ولكن قبل كلّ شيء لابدّ لنا أن نرى مدى تأثّر الطبري بالروايات التفسيريّة الشيعية.

أ ـ استفادة الطبري من تفاسير الشيعة :

لم يعط محمّد بن جرير الطبري أيّ معلومة في تفسيره عن المصادر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

with reference to the story of Abraham) Approaches to tbe Qur\'an, edited

by G.R. Hawting & Abul-Kader A. Shareef. London : Routledge, ١٩٩٣, pp.

١٠١ ـ ١٤٠؛ Cornelia Schock, (Auslegung durch Uberliferung und Theologie

im Korankommentar des Muhammad b. Garir at-Tabari (gest. ٣١٠/٩٢٣))

Kommentarkulturen : die Auslegung zentraler Texte der Weltreligionen :

ein uergleichender غberblick, edited by Michael Quisinsky and Peter

Walter, Weimar & Wien : Bohlau Verlag, ٢٠٠٧, pp. ٤٩ ـ ٦٨؛ Herbert Berg,

The development of exegesis in early Islam : the authenticity of Mulsim

literature from the formative period. Richmound (Surrey) : Curzon, ٢٠٠٠؛

and Mustafa Shah : (Al-Tabari and the dynamics of tafsir : theological

dimensions of a legacy) Journal of Qur\'anic Studies ١٥ii (٢٠١٣), pp. ٨٣ ـ ١٣٩.

٣٦

التي اعتمدها ، وما قرّره ياقوت الحموي في شأن مصادر الطبري يحتمل أن يكون أقدم ما أُلّف في هذا المضمار ، فقد أشار في كتابه معجم الأدباء إلى جملة من المصادر التي اعتمدها الطبري في تفسيره منها : «تفسير ابن عباس بخمسة طرق ، تفسير سعيد بن جبير بطريقين ، تفسير مجاهد بن جبر بثلاث طرق وبطرق أخرى غيرها ، تفسير قتادة بن دعامة والحسن البصري وعكرمة بثلاث طرق ، تفسير الضحّاك بن مزاحم بطريقين ، تفسير عبدالله بن مزاحم برواية واحدة ، وعدّة تفاسير لمفسّرين آخرين مثل عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، ابن جريج ومقاتل بن سليمان»(١) ، كلّ ذلك يشير إلى عدم وجود المصادر الشيعية القديمة ولا أسماء الرواة والمفسّرين الشيعة في تفسيره ، ولكن ومع كلّ ذلك فإنّ البحث والتدقيق في متن تفسير الطبري يؤدّي بنا للحصول على آثار تحكي عن اطّلاع الطبري على تفاسير الشيعة.

لقد مرّ التفسير الشيعي بمراحل مختلفة وقد تبلورت معالمه وشاع أمره في الأوساط العلمية طوال تلك الحقب حتّى زمان الطبري ، مضافاً إلى الروايات التفسيرية المختلفة لأئمّة الشيعة والمدوّنة هنا وهناك في مصادرهم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) معجم الأدباء : ٦ / ٢٤٥٣ ـ ٢٤٥٤. وللحصول على تحليل جامع عن مصادر الطبري في تفسير (جامع البيان) انظر مقالة هريبرت هورست ، التالية.

Heribert Horst, (Zur Uberlieferung im Korankommentar at-Tabari) Zeitschrift der Deutschen Morgenlandischen Gesellschaft ١٠٣ (١٩٥٣) pp.٢٩٠ ـ ٣٠٧.

٣٧

ومجاميعهم الحديثية من قبيل (الأصول الأربعمائة) فإنّ بعض أصحاب الأئمّة أيضاً قد عكفوا على تدوين كتب التفسير وكتب القراءات ، وقد قدّمت المصادر الرجالية الشيعية والفهرست لابن النديم تقارير في شأن المؤلّفات التفسيرية التي صنّفت في غضون القرنين الثاني والثالث الهجريّين وإنّ أغلب هذه المصنّفات لم تصل إلينا ، فبعض هؤلاء المفسّرين هم عبارة عن : زيد بن علي بن الحسين ، أبو الجارود زياد بن منذر ، جابر بن يزيد الحارث الجعفي ، أبو جعفر محمّد بن علي بن أبي شعبة الحلبي ، أبو بكر داود بن أبي هند ، أبو سعيد أبان بن تغلب ، أبو حمزة ثابت بن دينار الثمالي ، أبو بصير الأسدي ، منخّل بن جمال الأسدي ، الحسن بن واقد المروزي ، هشام بن سالم الجواليقي ، وهيب بن حفص الجريري ، محمّد بن الحسن بن أبي سارة ، أحمد بن صبيح الأسدي ، أبو روق عطية بن الحارث ، الحسن بن علي بن أبي حمزة الكوفي البطائني ، أبو جنادة الحسين بن مخارق السلولي ، أبو عبّاس أحمد بن الحسن الاسفرائني ، أبو محمّد يونس بن عبد الرحمن ، أبو جعفر محمّد بن عيسى بن عبيد بن يقطين ، أبو عبد الله محمّد بن خالد القمّي البرقي ، أبو جعفر محمّد بن أرمة القمّي ، أبو محمّد الحسن بن علي بن فضّال الكوفي ، أبو علي الحسن بن محبوب السرّاد ، موسى بن إسماعيل بن الإمام موسى بن جعفر ، أبو محمّد عبد الله بن وضّاح بن سعيد الكوفي ، أبو عبد الله محمّد بن الحسن الرازي ، أبو محمّد الحسين بن سعيد بن مهران

٣٨

الأهوازي ، أبو محمّد الفضل بن شاذان بن الخليل الرازي النيسابوري ، أبو عبد الله أحمد بن محمّد بن سيّار البصري ، أبو الحسن علي بن الحسن بن فضّال الكوفي ، أبو جعفر أحمد بن محمّد بن خالد البرقي ، أبو عبد الله محمّد بن العبّاس المعروف بابن ماهيار ، أبو عبد الله أحمد بن الحسن الخزاز ، أبو جعفر محمّد بن الحسن بن فرّوخ الصفّار القمّي(١) ، فإنّ النسخ الأوّلية من هذه الكتب لم يصل إلينا شيء منها بعينه(٢) ولكن العديد منها كان في حوزة علماء الشيعة والسنّة وفي متناول أيديهم إلى قرون متمادية وقد نقلوا عنها في تفاسيرهم(٣) ، وإنّ مضامين هذه الروايات التفسيرية مختلفةٌ في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الفهرست للشيخ الطوسي : ص ٣٧ ،٧٣ ،٨٢ ، ٩٥ ـ ٩٧ ...؛ الفهرست لابن النديم : ص ٣٩ ،٤٠ ،٢٤٣ ،٢٧٦ ـ ٢٧٨ ... ؛ رجال النجاشي : ص١١ ، ١٥ ـ ١٦ ، ٧٨ ، ٨٩ ، ١٢٨ ، ١٤٥ ، ٢١٧ ، ٢٤٠ ، ٢٥٢ ، ٢٦٠.

(٢) للحصول على بعض النماذج انظر كتاب السيّد حسين المدرّسي الطباطبائي :

Hossein Modarressi, Tradition and survival (Oxford : Oneworld, ٢٠٠٣) esp. in pp.٣٧ ـ ٣٨, ٤٧, ٩٤ ـ ٩٧, ١١٢ ـ ١١٣, ١٢٢ ـ ١٢٣, ١٨٤ ـ ١٨٦, ١٨٨ ـ ١٨٩, ٢٥٠ ـ ٢٥١, ٢٧٦, ٣٣٧ ـ ٣٣٨, ٣٧٧.

(٣) من الطبيعي أنّ نقل الروايات التفسيرية القديمة من أصحاب الأئمّة في التفاسير الشيعية فيما بعد يُعدّ أمراً متداولا. وتارةً نرى هذا الأمر جليّاً في تفاسير أهل السنّة أيضاً كما في تفسير أبو إسحاق الثعلبي (ت ٤٢٧هـ) تفسير كشف البيان (ج١ ، ص ٨٢ ؛ ج٨ ، ص ١١٧ ؛ ج٩ ص١٣٥) وقد نقلها من المنقولات الروائية في تفسير أبي حمزة الثمالي (ت ١٤٨ أو ١٥٠هـ). للحصول على فهرسة من روايات الصادقين عليهما‌السلام في تفاسير أهل السنّة في غضون القرن الثاني وحتّى القرن السادس الهجري ـ من مقاتل بن سليمان إلى فخر الدين الرازي ـ وتحليل لهذه المجموعة من روايات أهل السنة من

٣٩

مضامينها ، فمن هذه الروايات ما تتطرّق إلى بيان اختلاف القراءات المنسوبة لبعض أئمّة الشيعة مثل الإمام محمّد الباقر والإمام جعفر الصادق عليهما‌السلام والمنسوبة أيضاً إلى تلامذتهم مثل زيد بن علي وأبان بن تغلب ، ونزرٌ من هذه الروايات تتطرّق إلى شرح المعاني اللغوية للمفردات القرآنية ، وبعضها يبيّن سبب نزول آية من القرآن الكريم ، كما أنّ البعض الآخر منها تتصدّى إلى بيان المعنى الكلامي أو الفقهي وتارة إلى البعد الأدبي للآية.

إنّ من أقدم أصحاب الأئمّة ممّن عُرف أنّ لديه تفسيراً روائيّاً كانت لهم أحوالٌ مختلفة ، فتارةً نرى شخصيّات معروفة منهم ولكن أصحاب التراجم الشيعة لا يعدّونهم من الطائفة الإمامية وذلك إمّا لأنّهم في جميع أيّام حياتهم أو شطراً منها لم يكونوا من الشيعة الإمامية ، فعلى سبيل المثال فإنّ زياد بن منذر المعروف بأبي الجارود كان زيديّاً ، وأبا الحسن علي بن أبي حمزة البطائني وأبا محمّد الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني كلاهما واقفيّان ، وإنّ أحمد بن محمّد السيّاري البصري ومحمّد بن عيسى بن عبيد اليقطيني يُعدّان من الغلاة ، وفي قبال هؤلاء هناك رجال أمثال جابر بن يزيد الجعفي (م ١٢٨هـ) ، وأبان بن تغلب (م١٤١هـ) وثابت بن دينار المعروف بأبي حمزة الثمالي (م ١٤٨ ـ ١٥٠هـ) هم من حملة علم التفسير وممّن حظوا عند

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أئمّة الشيعة انظر إلى مقالتي الأخيرة الصادرة باللغة الفارسية تحت عنوان «روايات صادقين عليهما‌السلامدر قديم ترين تفاسير أهل سنّت» في ضمن مجموعة من المقالات تحت عنوان (طبري پژوهى : انديشه گزاري طبري ، نابغه ى إيراني ، ج١ ، ص ٣٨١ ـ ٤٥٣.

٤٠