البراهين الجليّة - ج ١

السيّد حسن الصدر

البراهين الجليّة - ج ١

المؤلف:

السيّد حسن الصدر


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-628-8
ISBN الدورة:
978-964-319-618-9

الصفحات: ٤١٦
الجزء ١ الجزء ٢

أتباعه جنّبهم الله طريق أهل الضلال والاعوجاج الخارجين عمّا بعث الله به رسوله من الشريعة والمنهاج (١) .

وصرّح في مواضع من مصنّفاته : أنّ الأشعريّة وغيرهم من علماء السنّة لم يعرفوا ما بعث الله به رسوله من الشريعة كما تقدّم نقله مكرّراً (٢) .

وفي صفحة ٢٧١ من الجزء الأوّل من مجموعة الرسائل الكبرى صرّح : بأنّ الذين يجعلون العبد ليس له مشيئة ولا قدرة ولا عمل هم المفسدون لدين الله وهم بمنزلة المشركين (٣) ، يعني الأشاعرة، فتأمّل.

وفي صفحة ٢٧٤ شنّع على المتأخّرين من الاُمّة بعدم إحكامهم معرفة الكتاب والسنّة، ولا ما يتميز به بين صحيح الحديث وسقيمه، ولا ما ينتج من المقائيس وعقيمها (٤) ، إلى آخر ما رماهم به من الكبائر، فتأمّل، وخذ بمجاميع كلامه حتّى تعرف من عين.

وفي صفحة ٢٧٨ ذكر أنّ من أهل السنّة في هذا الزمان من مرق من الدين بأسباب ذكرها تنطبق على علماء السنّة إلاّ أتباعه السلفيّة (٥) .

وفي صفحة ٢٧٩ قال : إنّي أذكر جوامع من أُصول الباطل التي ابتدعها طوائف ممن ينتسب إلى السنّة وقد مرق منها وصار من أكابر الظالمين (٦) .

وذكر في رسالة الإرادة في صفحة ٣٣٣ التشنيع على الأشعريّة في مسألة الإرادة بكلام قبيح، وذكر أنّهم خالفوا جمهور المسلمين وغيرهم

____________________

(١) مجموعة الفتاوى ٣ : ٢٢٦.

(٢) نفس المصدر ٩ : ١٤٨ و ١٨ : ١٢٨.

(٣) نفس المصدر ٣ : ٢٣٢.

(٤) نفس المصدر ٣ : ٢٣٤.

(٥) نفس المصدر ٣ : ٢٣٧.

(٦) نفس المصدر ٣ : ٢٣٨.

١٤١

والأئمّة الأربعة وغيرهم من السلف (١) .

وفي صفحة ٣٣٥ زاد التشنيع على الأشاعرة حتّى وصفهم بالإلحاد، وقال : صاروا من جنس المشركين حيث احتجّوا بالقدر (٢) ، فراجع ما بعده إلى صفحة ٣٥١ .

وفي صفحة ٣٥٢ ذكر عقيدة الأشاعرة في أفعال العباد وقال : إنّهم جبريّة (٣) .

وفي صفحة ٣٥٨ شنّع على الأشاعرة بأنهم جعلوا ما يفعله العبد من القبيح فعلا لله ربّ العالمين دون العبد، وأنّهم أثبتوا كسباً لا حقيقة له، إلى آخر تشنيعه (٤).

وفي صفحة ٣٦٨ ذكر أنّ الأشعريّة قد جحدوا ما في خلق الله وشرعه من الأسباب والحكم (٥) .

وفي صفحة ٤٠٠ في العقيدة الواسطيّة ذكر أنّ العباد فاعلون حقيقة، وأنّ هذه الدرجة من المقدرة يكذب بها عامّة القدريّة الذين سمّاهم النبيّ: «مجوس هذه الاُمّة» (٦).

ثمّ قال : ويغلوا فيها قوم من أهل الإثبات حتّى يسلبوا العبد قدرته

____________________

(١) مجموعة الفتاوى ٨ : ٦١.

(٢) نفس المصدر ٨ : ٦٢.

(٣) نفس المصدر ٨ : ٧٢.

(٤) نفس المصدر ٨ : ٨٠.

(٥) نفس المصدر ٨ : ٨٥.

(٦) سنن ابن ماجة ١ : ٣٥ / ٩٢، سنن أبي داوُد السجستاني ٤ : ٢٢٢ / ٤٦٩١، المستدرك للحاكم ١ : ٨٥، السنن الكبرى للبيهقي ١٠ : ٢٠٣، تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة : ٧٧، كتاب السنّة لابن أبي عاصم : ١٤٤.

١٤٢

واختياره، ويخرجون عن أفعال الله وأحكامه حكمها ومصالحها (١) ، فتدبّره.

وفي صفحة ٤١٧ في العقيدة الحمويّة أكثر من الحطّ والتشنيع على المتكلّمين من علماء السنّة (٢) .

وفي صفحة ٤٢١ أتى بالطامة الكبرى والداهيّة الدهياء بعد زعمه دلالة خبر جابر على صحّة الإشارة الحسيّة بالأصابع إلى الله تعالى، وأطال في التشنيع على علماء السنّة النافين لجواز الإشارة الحسيّة (٣) .

وحاصل كلامه : إنّ مقالة النافين للإشارة الحسيّة من المالكيّة والشافعيّة والحنفيّة يلزمها أن يكون ترك الناس بلا كتاب ولا سنّة أهدى لهم (٤) .

ثمّ ذكر : أنّ مقتضى كلام المتكلِّمين أنّ الله تعالى ورسوله وسلف الاُمّة تركوا العقيدة حتّى يبيّنها هؤلاء (٥) .

ثمّ قال عن المتكلِّمين : إنّهم يقولون : ما يكون على وفق قياس العقول فقولوه وإلاّ فانفوه، فراجع عين لفظه في العقيدة الحمويّة الكبرى في صفحة ٤٢١ من الجزء الأوّل من مجموعة الرسائل الكبرى المذكورة (٦) .

وقد كفّره بهذا الكلام الشيخ شهاب الدين بن جبرئيل الكلابي في الكتاب الذي صنّفه في ردّ ابن تيميّة في قوله بالجهة، وقد أخرج التاج

____________________

(١) مجموعة الفتاوى ٣ : ٩٩.

(٢) نفس المصدر ٥ : ١١ - ١٢.

(٣) نفس المصدر ٥ : ١٤.

(٤) نفس المصدر ٥ : ١٤.

(٥) نفس المصدر ٥ : ١٤.

(٦) نفس المصدر ٥ : ١٤ - ١٥.

١٤٣

السبكي تمام ذلك الردّ في ترجمة الشيخ شهاب الدين المذكور في الطبقات الكبرى في الجزء الخامس في صفحة ١٨١ من المطبوع بمصر في هذه الأيام (١) ، فراجعه فإنّه قد أحسن الردّ على هذا الحشوي ونصر السنّة وعلماء الملّة، جزاه الله خير جزاء الناصرين لأهل السنّة.

وفي صفحة ٤٢٣ زاد ابن تيميّة في الطنبور نغمة أُخرى قال ما لفظه : ثمّ عامّة هذه التسليمات (٢) التي يسمّونها دلائل إنّما تقلّدوا أكثرها من طاغوت من طواغيت المشركين والصابئين أو بعض ورثتهم الذين أمروا أن يكفروا بهم مثل فلان وفلان، إلى آخره (٣) .

أقول : قد صرّح بأسمائهم في رسالته في إثبات الجهة والإشارة الحسيّة ـتعالى الله عن ذلك فإنّه ذكر فيها : أنّ هذه المقالة يعني تأويل ما يظهر منه التجسيم والتشبيه مأخوذة من تلامذة اليهود والمشركين وضلال الصابئين، قال : فإنّ أوّل من حفظ عنه هذه المقالة الجعد بن درهم (٤) ، وأخذها عنه جهم بن صفوان وأظهرها، فنسبت مقالة الجهمية إليه، والجعد أخذها عن أبان بن سمعان، وأخذها أبان من طالوت بن اُخت لبيد بن

____________________

(١) وفي طبقات الشافعيّة الكبرى تحقيق عبد الفتاح الحلو ٩ : ٣٤ / ١٣٠٢.

(٢) في المصدر : الشبهات بدل : التسليمات.

(٣) مجموعة الفتاوى ٥ : ١٦.

(٤) هو أوّل من قال بخلق القرآن، مبتدع ضالّ زعم أنّ الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً ولم يكلّم موسى فقتل على ذلك بالعراق يوم النحر، أصله من خراسان له أخبار في الزندقة، جعل في قارورة ماءً وتراباً فاستحال دوداً وهواماً فقال لأصحابه : أنا خلقت ذلك. فبلغ ذلك مولانا الصادق صلوات الله عليه فقال : «ليقل كم هي؟ وكم الذكران منه والاُناث إن كان خلقه؟ وكم وزن كلّ واحد منهنّ؟» فانقطع. قتل في سنة ١٢٤هـ. الكامل لابن الأثير ٥ : ٢٦٣، تاريخ الإسلام ٤ : ٢٣٨، الوافي بالوفيات ١١ : ٨٦ / ١٤٤، الأعلام ٢ : ١٢٠.

١٤٤

الأعصم، وأخذها طالوت من لبيد اليهودي الذي سحر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) ، انتهى.

فارجع إلى كلام الشيخ شهاب الدين بن جبرئيل في رسالة الردّ بعد نقله لهذا الكذب البراح (٢) .

الفصل السادس : فيما في الجزء الثاني من مجموعة الرسائل لابن تيميّة المطبوع مع الجزء الأوّل المتقدّم ذكره.

ففي رسالة القضاء والقدر منه في صفحة ٨٤ قال : والله قد أثبت للعبد مشيئة وفعلاً (٣) . قال هذا بعد ما ذكر في صفحة ٨٠ : المحتجّين بالقدر إذا اصرّواعلى هذا الاعتقاد كانوا أكفر من اليهود والنصارى (٤) .

ثمّ فيه رسالة الاحتجاج بالقدر ذكر فيها في صفحة ٩٠ أنّ الرازي كان جبرياً محضاً (٥).

وفي صفحة ٩٢ وصف الأشعري وأتباعه بغلاة الجبريّة قال : وكثير من الفقهاء أتباع الأئمّة الأربع ومن أهل الحديث والصوفيّة من غلاة الجهميّة

____________________

(١) مجموعة الفتاوى ٥ : ١٧. قد ورد في بعض أخبارنا ـوفاقاً لروايات العامة وقوع السحر على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنّه سحره لبيد بن أعصم اليهودي، وقد أنكره جملة من أصحابنا كالشيخ في الخلاف والعلاّمة في المنتهى. قال في البحار : المشهور بين الإمامية عدم تأثير السحر في الأنبياء والأئمّة، وأوّلوا بعض الأخبار الواردة في ذلك، وطرحوا بعضها. قال المحقق البحراني في الحدائق : والأخبار الواردة من طرقنا في حقّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع ضعفها وشذوذها يمكن حملها على التقية لاتّفاق العامّة على جواز ذلك. بحار الأنوار ١٨ : ٧٠، الحدائق الناضرة ١٨ : ١٧٨ - ١٨١.

(٢) راجع طبقات الشافعية الكبرى ٩ : ٥٠.

(٣) مجموعة الفتاوى ٨ : ١٦١.

(٤) نفس المصدر ٥ : ١٥٨.

(٥) نفس المصدر ٨ : ١٨٥.

١٤٥

الجبريّة في القدر وإن كانوا في الصفات يكفّرون الجهميّة نفاة الصفات لكن هنا سلكوا مسلك جهم، يعني أنكروا الحسن والقبح (١) ، إلى آخر كلامه الشنيع.

وفي صفحة ١١٨ قال : وقالت الجهميّة وأتباعها من الأشعريّة وأمثالهم (٢) . وأطال في التشنيعات.

إلى أن قال : وأنّهم قالوا : كلّ ما في الوجود من كفر وفسوق وعصيان فإنّ الله راض به محبّ له كما هو مريد له (٣) .

وفي صفحة ١١٩ قال : وحقيقة قولهم : إنّ الله لا يحبّ الإيمان ولا يرضاه من الكفّار (٤) .

إلى أن قال : وعندهم أنّ الله يحبّ ما وجد من الكفر والفسوق والعصيان، ولا يحبّ ما لم يوجـد من الإيمان والطاعة كما أراد هذا دون هذا (٥) .

وفي صفحة ١٢٠ شنّع على الأشاعرة بقولهم : إنّ الإرادة واحدة تتعلّق بكلّ حادث (٦).

قال : فلم يبق عندهم يعني الأشاعرة فرق بين جميع الحوادث في الحسن والقبح (٧) .

إلى أن قال : ولهذا يجوز عندهم أن يأمر الله بكلّ شيء حتّى الكفر والفسوق والعصيان، وينهى عن كلّ شيء حتّى عن الإيمان والتوحيد،

____________________

(١و٢) نفس المصدر ٨ : ٢٠٤.

(٣و٤) نفس المصدر ٨ : ٢٠٥.

(٥) نفس المصدر ٨ : ٢٠٥.

(٦و٧) نفس المصدر ٨ : ٢٠٦.

١٤٦

ويجوز نسخ كلّ ما أمر به بكلّ ما نهى عنه، ولم يبق عندهم في الوجود خير ولا شرّ ولا حسن ولا قبح إلاّ بهذا الاعتبار فما في الوجـود ضرّ ولا نفـع (١) ، إلى آخره.

وفي صفحة ١٢١ قال : ومنهم من يضعف عنده الوعد والوعيد إمّا لقوله بالإرجاء (٢) ..

إلى أن قال : وهذا حال كثير من أهل الكلام والرأي الذين يرون رأي الجهم والأشعري ونحوهما في القدر (٣) .

وفي آخر صفحة ١٣٢ قال : فإنكار الرؤية والمحبّة والكلام أيضاً معروف من كلام الجهميّة والمعتزلة ومن وافقهـم، والأشعريّة يوافقونهـم على نفي المحبّة ويخالفونهـم في إثبات الرؤية، ولكن الرؤية التي يثبتونهـا لاحقيقة لها (٤) ، انتهى. والغرض هذه العبارة الأخيرة.

وفي صفحة ١٤١ صرّح المحروم بنفي إيمان الأشعريّة قال : فمن لم يستحسن الحسن المأمور به ولم يستقبح السيّيء المنهي عنه لم يكن معه من الإيمان شيء (٥) ، انتهى. فاعرف هذا.

وفي صفحة ٣٤٧ في رسالة رفع الحنفي يديه : فمن يتعصّب لواحد معيّن غير النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كمن يتعصّب لمالك أو الشافعي أو أحمد أو أبي حنيفة، ويرى أنّ قول هذا المعيّن هو الصواب الذي ينبغي إتّباعه دون قول الإمام الذي خالفه، فمن فعل هذا كان جاهلا ضالاًّ، بل قد يكون كافراً  (٦) ،

____________________

(١و٢) مجموعة الفتاوى ٨ : ٢٠٦.

(٣) نفس المصدر ٨ : ٢٠٧.

(٤) نفس المصدر ٨ : ٢١٣ - ٢١٤.

(٥) نفس المصدر ٨ : ٢١٩.

(٦) نفس المصدر ٢٢ : ١٥٠.

١٤٧

إلى آخر كلامه.

وفي صفحة ٣٥٢ ذكر أنّ أتباع الأئمّة الأربع المتعصّبين لإمامهم يخرجون بذلك عن الدين، وأنّهم يتمسّكون بنقل غير مصدَّق عن قائل غير معصوم. قال : ويَدَعون النقل المصدّق عن القائل المعصوم (١) ، إلى آخر كلامه، فتدبّر.

الفصل السابع : فيما ذكره في العرفاء وعلماء الحقيقة ومشايخ الطريقة وأهل الكشف والعيان من الصوفية، فإنّه ضلّلهم، وبدّعهم، وكفّرهم، ورماهم بالشرك والإلحاد، وسوّاهم بالنصارى وعبدة الأوثان، وأذكر كلامه في مصنّفاته على ترتيب ما ذكرته في الفصول السابقة على هذا الفصل، فأوّل ما أذكره ما وجدته في كتابه منهاج الحشوية :

ففي الجزء الأوّل منه ذكر في صفحة ١٣٢ ما لفظه : فإن قيل : ما وصفت به الرافضة من الغلو والشرك والبدع موجودٌ كثيرٌ منه في كثير من المنتسبين إلى السنّة، فإنّ في كثير [منهم] غلوّاً في مشايخهم، وإشراكاً بهم، وابتداعاً لعبادات غير مشروعة، وكثير منهم يقصد قبر من يحسن الظنّ به إمّا ليسأله حاجاته، وإمّا ليسأل الله تعالى به، وإمّا لظنّه أنّ الدعاء عند قبره أجوب منه في المساجد، وفيهم من يفضّل زيارة قبور شيوخهم على الحجّ، ومنهم من يجد عند قبر من يعظّمه من الرقّة والخشوع ما لا يجده في المساجد والبيوت، وغير ذلك ممّا يوجد في الشيعة، ويروون أحاديث مكذوبة من جنس أكاذيب الرافضة (٢) ..

____________________

(١) مجموعة الفتوى ٢٢ : ١٥٤.

(٢) منهاج السنّة ١ : ٤٨٢ - ٤٨٣.

١٤٨

إلى أن قال : وقد يستغيث الشخص بواحد منهم فيتمثّل له الشيطان في صورته إمّا حيّاً وإمّا ميّتاً، وربّما قضى حاجته أو قضى بعض حاجته كما يجري نحو ذلك للنصارى مع شيوخهم، ولعُبّاد الأصنام من العرب والهند والترك وغيرهم. قيل : هذا كلّه ممّا نهى الله عنه ورسوله، وكلّ مانهى الله عنه ورسوله فهو مذموم منهي عنه سواء كان فاعله منتسباً إلى السنّة أو إلى الشيعة، إلى آخر كلامه (١) .

أقول : وسيأتي منه ترتب كلّ هذه الاُمور على من قصد قبر نبي حتّى قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو قبر إبراهيم الخليل أيضاً، وكلّ ما ذكره خلاف ما عليه جميع أهل الإسلام.

وفي صفحة ١٣٣ من الجزء الأول أيضاً ما لفظه : أظهر ما يوجد الغلو في طائفتين : في النصارى والرافضة، ويوجد أيضاً في طائفة ثالثة من أهل النسك والزهد والعبادة الذين يغلون في شيوخهم ويشركون بهم، انتهى (٢) .

وفي صفحة ١٤٧ قال : كالذي يحيل بعض العامّة على أولياء الله رجالِ الغيب، ولا رجال الغيب عنده إلاّ أهل الكذب والمكر الذين يأكلون أموال الناس بالباطل، ويصدّون عن سبيل الله، أو الجنّ، أو الشياطين الذين يحصل بهم لبعض الناس أحوال شيطانيّة، انتهى (٣) .

وفي صفحة ٢٢٩ قال : فإنّ هذا يعني دعوى الشيعة أنّ النبيّ لايسهو، لاأعلم أحـداً يوافقهـم عليه، اللّهم إلاّ أن يكون من غلاة جهّال النسّاك، فإنّ بينهم وبين الرافضة قدراً مشتركاً في الغلو وفي الجهل والانقياد لما

____________________

(١) منهاج السنّة ١ : ٤٨٣.

(٢) نفس المصدر ١ : ٤٨٦.

(٣) نفس المصدر ١ : ٥٥٢.

١٤٩

لايعلم صحته، والطائفتان تُشبهان النصارى في ذلك (١) .

وذكر في الجزء الثاني في صفحة ٣١ ما لفظه : وأمّا الذين أثبتوا أنّه محبوب، وأنّ محبّته لغيره بمعنى مشيئته، فهؤلاء ظنّوا أنّ كلّ ما خلقه فقد أحبّه، وهؤلاء قد يخرجون إلى مذهب الإباحة فيقولون : إنّه يحبّ الكفر والفسوق والعصيان ويرضى ذلك، وإنّ العارف إذا شهد هذا المقام لم يستحسن حسنة ولن يستقبح سيّئة لشهوده القيومية العامّة، وخلق الربّ لكلّ شيء، وقد وقع في هذا طائفة من الشيوخ الغالطين من شيوخ الصوفيّة والنظّار، وهو غلط عظيم (٢) .

وفي صفحة ٨٥ قال : وهو من جنس الهدى والإيمان الذي يُدَّعى برجال الغيب بجبل لبنان وغيره من الجبال مثل جبل قاسيون بدمشق ومغارة الدمّ وجبل الفتح بمصر، ونحو ذلك من الجبال والغيران، فإنّ هذه المواضع يسكنها الجن ويكون بها الشياطين، ويتراءون أحياناً لبعض الناس، ويغيبون عن الأبصار في أكثر الأوقات، فيظنّ الجهال أنّهم رجال من الإنس، وإنّما هم رجال من الجنّ كما قال تعالى : ( وأنّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَال مِنَ الجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقَاً ) (٣) وهؤلاء يؤمن بهم وبمن ينتحلهم من المشايخ طوائف ضالون (٤) .

وفي صفحة ٨٩ ولم يحصل منفعة لا في الدين ولا في الدنيا مثل كثير من النساك الذين يشترطون في الشيخ أن يعلم اُموراً لا يكاد يعلمها أحد

____________________

(١) منهاج السنّة ٢ : ٤٥٣.

(٢) نفس المصدر ٣ : ١٦٧.

(٣) سورة الجنّ ٧٢ : ٦.

(٤) منهاج السنّة ٣ : ٣٧٩.

١٥٠

من البشر، فيصفون الشيخ بصفات من جنس صفات المعصوم عند الإماميّة، فمنتهى هؤلاء اتّباع شيخ ظالم أو جاهل واتّباع هؤلاء لمتولٍّ ظالم جاهل.

إلى أن قال : وهكذا مَن غلا في الزهد والورع حتّى خرج عن حد العدل الشرعي ينتهي أمره إلى الرغبة الفاسدة وانتهاك المحارم كما قد رُؤي ذلك وجُرّب، انتهى (١) .

ولا مثل الحطّ في مشايخ الحقيقة مشايخ الإسلام، فإنّه صريحاً نفى أن يكون وجد في الدنيا شيخاً بالصفة التي ذكروها، وإن كلّ من اعتقدوا فيه أنّه شيخ فهو شيخ ظالم أو جاهل فتدبّر حقيقة ابن تيميّة يا من له غيرة الطريقة.

وفي صفحة ١٠٩ قال : وإنّما هم ـيعني الشيعة في انتسابهم إلى اُولئك الأئمّة بمنزلة أتباع كثير من أتباع شيوخهم الذين ينتسبون إلى شيخ قد مات من مدّة ولم يدروا بماذا أمر ولا عمّاذا نهى، بل لهم أتباع يأكلون أموالهم بالباطل، ويصدّون عن سبيل الله، يأمرونهم بالغلو في ذلك الشيخ وفي خلفائه، وأن يتخذوهم أرباباً، إلى آخر تشنيعاته (٢) .

وفي صفحة ١١٠ وكان ينبغي أن يكون الشيوخ الكذّابون الذين يضمنون لمريدهم الجنّة، وأنّ لهم في الآخرة كذا وكذا، وأنّ كلّ من أحبّهم دخل الجنّة، وأنّ من أعطاهم المال أعطوه الحال الذي يقربه إلى ذي الجلال، أولى من اتّباع ذوي العلم والصدق والعدل، إلى آخره (٣) .

____________________

(١) منهاج السنّة ٣ : ٤٠٠.

(٢) نفس المصدر ٣ : ٤٨٩.

(٣) نفس المصدر ٣ : ٤٩٤.

١٥١

وفي صفحة ١٩١ قال : وكذلك شيوخ الزهد إذا أراد الرجل أن يقدح في بعض الشيوخ ويعظّم آخر وذلك أولى بالتعظيم وأبعد عن القدح، كمن يفضّل أبا يزيد (١) ، والشبلي (٢) وغيرهما ـممن يُحكى عنه نوع من الشطح على مثل الجنيد (٣) وسهل بن عبد الله التستري (٤) وغيرهما ممن هو أولى بالاستقامة وأعظم قدراً، وذلك لأنّ هؤلاء من جهلهم يجعلون مجرّد الدعوى العظيمة موجبة لتفضيل المدعي، ولا يعلمون أنّ تلك غايتها أن

____________________

(١) طيفور بن عيسى بن آدم بن علي البسطامي، أبو يزيد الصوفي المشهور، كان مجوسياً ثمّ أسلم، وله أخوان صفويان أيضاً، آدم وعلي، وكان أبو يزيد أجلّهم، توفّي ـ على ما قاله الذهبي ـ في حدود الثلاثمائة، وقال ابن خلّكان : توفّي سنة ٢٦١هـ ولعلّه وفاة البسطامي الأكبر دون الأصغر. الرسالة القشيرية ١ : ١٠٠، وفيات الأعيان ٢ : ٤٣٦ / ٣١٢، تاريخ الإسلام ٢٠ : ٧٣، طبقات الصوفية ١ : ٦٥١ / ٢٥٧.

(٢) أبو بكر الشبلي، الصوفي المشهور، صاحب الأحوال. اسمه دلف بن جحدر، وقيل : جعفر بن يونس، وقيل : جعفر بن دلف، أصله من اشبلية، وهي قرية من بلاد أشروسنة من خراسان، حضر الشبلي مجلس بعض الصوفيين فتاب ثمّ صحب الجنيد. وكان فقيهاً عارفاً بمذهب مالك، توفّي ببغداد سنة ٣٣٤ هـ. حلية الأولياء ١ : ٣٦٦ / ٦٤٦، معجم البلدان ٣ : ٣٢٢، الرسالة القشيرية : ٢٥ - ٢٦.

(٣) أبو القاسم بن محمّد بن الجنيد الخزاز القواريري الصوفي المشهور، أصله من نهاوندومولده ومنشؤه العراق، وكان شيخ وقته وفريد عصره، تفقه على أبي ثور، توفّي سنة ٢٩٨ هـ ودفن عند قبر خاله سرى السقطي. الفهرست لابن النديم : ٢٦٤، حلية الأولياء ١٠ : ٢٥٥ / ٥٧١، وفيات الأعيان ١ : ٣٤٦ / ١٤٤، طبقات الصوفيّة القسم الثاني : ٥٧١ / ٢٤٠.

(٤) ابن يونس بن عيسى بن عبد الله بن رفيع التستري أبو محمّد، صوفي مشهور، صحب خاله محمّد بن سوار، ولقي في الحجّ ذا النون المصري وصحبه، سكن البصرة زماناً وعبادان مدّة، توفّي سنة ٢٨٣ هـ. وقيل : ٢٧٣. الفهرست لابن النديم : ٢٦٣، حلية الأولياء ١٠ : ١٨٦ / ٥٤٦، الوافي بالوفيات ١٦ : ١٦ / ١٩، العبر ١ : ٤٠٧، طبقات الصوفية القسم الثاني : ٦٣٣ / ٢٥٤، طبقات الشعراني ١ : ٧٧.

١٥٢

تكون من الخطأ المغفور لا من السعي المشكور، وكلّ من لم يسلك سبيل العلم والعدل أصابه مثل هذا التناقض (١) .

وفي الجزء الثالث منه في صفحة ٨٣ فإن كان من الصوفيّة الذين يجعلون الكمال في فناء العبد عن حظوظه، دخلوا في مقام الفناء في توحيد الربوبيّة الذين يقولون فيه : العارف لا يستحسن حسنة ولا يستقبح سيئة، ويجعلون هذا غاية العرفان، فيبقى عندهم لا فرق بين أولياء الله وأعدائه، ولا بين الإيمان والكفر به، ولا بين حمده والثناء عليه وعبادته وبين سبّه وشتمه وجعله ثالث ثلاثة، ولا بين رسول الله وبين أبي جهل، ولا بين موسى وفرعون (٢) .

إلى أن قال : وإن كان من المرجئة (٣) الذين إيمانهم بالوعيد ضعيف، استرسلت نفسه في المحرّمات وترك الواجبات حتّى يكون من شرّ الخلق.

إلى أن قال : وهؤلاء يدعون محبّة الله في الابتداء، ويعظّمون أمر محبّته، ويستحبّون السماع بالغناء والدفوف والشبابات، ويرونه قربة، لأنّ ذلك بزعمهم يحرّك محبّة الله في قلوبهم، وإذا حقّق أمرهم وجدت محبتهم تشبه محبّة المشركين لا محبّة الموحدين.

إلى أن قال : وهؤلاء لا يحقّقون متابعة الرسول ولا الجهاد في سبيل الله بل كثير منهم، أو أكثرهم يكرهون متابعة الرسول، وهم من أبعد الناس

____________________

(١) منهاج السنّة ٤ : ٣٤٢.

(٢) نفس المصدر ٥ : ٣٢٥ - ٣٢٦.

(٣) مأخوذ من الإرجاء بمعنى التأخير، وهم فرقة يقولون : إنّه لا يضرّ مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة، وقالوا : إنّ الله أرجى تعذيبهم عن المعاصي، وهم الذين قالوا : الإيمان قول بلا عمل; لأنّهم يقدمون القول ويؤخرون العمل. المقالات والفرق : ٥ - ٦ و١٣١ ، الملل والنحل ١ : ٢٢٢.

١٥٣

عن الجهاد في سبيل الله، بل يعاونون أعداءه ويدعون محبته، لأنّ محبتهم من جنس محبّة المشركين قال الله فيهم : ( وَمَا كَانَ صَلاتهم عِندَ البَيتِ إلاّ مُكَاءً وَتَصدِيَة ) (١) ولهذا يحبّون القصائد أعظم ممّا يحبّون سماع القرآن، ويجتهدون في دعاء مشايخهم والاستغاثة بهم عند قبورهم وفي حياتهم في مغيبهم أعظم ممّا يجتهدون في دعاء الله والاستغاثة به في المساجد والبيوت، وهذا كلّه من فعل الشرك ليس من فعل المخلصين لله دينهم (٢) .

وفي ٨٤ شبّه الجهميّة والأشعريّة باليهود، والصوفيّة بالنصارى وأكثر التشنيع عليهم.

إلى أن قال : وكثير من هؤلاء يظنّ أنّه يصل برياضته واجتهاده في العبادة وتصفيّة نفسه إلى ما وصلت إليه الأنبياء من غير اتّباع لطريقتهم، وفيهم طوائف يظنّون أنّهم صاروا أفضل من الأنبياء، وأنّ الولي الذي يظنّون هم أنّه الولي أفضل من الأنبياء، وفيهم من يقول : إنّ الأنبياء والرسل إنّما يأخذون العلم بالله من مشكاة خاتم الأولياء، ويدّعي في نفسه أنّه خاتم الأولياء، ويكون ذلك العلم هو حقيقة قول فرعون، إلى آخره (٣) .

والذي في أوّل صفحة ٨٤ قال : وهؤلاء أي الصوفيّة فيهم شَبَهٌ من النصارى، وفيهم شرك من جنس شرك النصارى (٤) .

وفي صفحة ٨٥ ما لفظه : وكذلك في جنس المبتدعة الخارجين عن الكتاب والسنّة من أهل التعبّد والتصوّف، منهم طوائف من الغلاة يدعون

____________________

(١) سورة الأنفال ٨ : ٣٥ .

(٢) منهاج السنّة ٥ : ٣٢٥ - ٣٢٩.

(٣) نفس المصدر ٥ : ٣٣٢ - ٣٣٣.

(٤) نفس المصدر ٥ : ٣٢٩.

١٥٤

الإلهية ودعوى ما هو فوق النبوّة (١) .

وفي صفحة ١٠٧ ما لفظه : أمّا الطريقان المبتدعان :

فأحدهما : طريق أهل الكلام البِدعيّ والرأي البِدعيّ، فإنّ هذا فيه باطل كثير، وكثير من أهله يفرّطون فيما أمر الله به ورسوله من الأعمال، فيبقى هؤلاء في فساد علم وفساد عمل، وهؤلاء منحرفون إلى اليهوديّة الباطلة.

والثاني طريق أهل الرياضة والتصوّف والعبادة البِدعيّة، وهؤلاء منحرفون إلى النصرانيّة الباطلة، فإنّ هؤلاء يقولون : إذا صفّى الإنسان نفسه على الوجه الذي يذكرونه فاضت عليه العلوم بلا تعلم، وكثير من هؤلاء تكون عبادته مبتدعة بل مخالفة لما جاء به الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

إلى أن قال : وكثير من أهل النظر يزعمون أنّه بمجرّد النظر يحصل العلم بلا عبادة ولا دين ولا تزكية للنفس، وكثير من أهل الإرادة يزعمون أنّ طريقة الرياضة بمجرّدها تحصل المعارف بلا تعلم ولا نظر ولا تدبّر للقرآن والحديث، وكلا الفريقين غالط (٢) .

وفي الجزء الرابع في صفحة ١١٦ حطّ على العرفاء ونسبهم إلى أعظم الكفر والكذب، وذكر أنّ لهم أحوالا شيطانيّة، وأنّ الشياطين الذين يغترّون بهم (٣) قد تخبرهم ببعض الغائبات، وتفعل بعض أغراضهم، وتقضي حوائجهم، ويظنّ كثير من الناس أنّهم بذلك أولياء [الله] وإنّما هم من

____________________

(١) منهاج السنّة ٥ : ٣٣٤.

(٢) نفس المصدر ٥ : ٤٢٨ - ٤٢٩.

(٣) في المصدر : والشياطين التي تقترن بهم...

١٥٥

أولياء الشياطين، انتهى (١) . فهل هذا إلاّ عدوّ الإسلام.

وفي صفحة ١٥٧ قال : ولم يكن أحد منهم أي الصحابة والتابعين يجعل شيخه ربّاً يستغيث به، كالإله الذي يسأله ويرغب إليه ويعبده ويتوكّل عليه ويستغيث به حيّاً وميّتاً، ولا كالنبيّ الذي تجب طاعته في كلّ ما أمر فالحلال ما حلّله والحرام ما حرّمه، فإنّ هذا ونحوه دين النصارى، إلى آخره (٢) .

وفي صفحة ١٦٠ قال ما لفظه : وكذلك طائفة من العامّة والنسّاك يعتقدون في بعض الشيوخ نوعاً من الإلهية أو النبوّة، أو أنّهم أفضل من الأنبياء، ويجعلون خاتم الأولياء أفضل من خاتم الأنبياء، وكذلك طائفة من هؤلا يجعلون الأولياء أفضل من الأنبياء، ويعتقد ابن عربي ونحوه أنّ خاتم الأنبياء يستفيد من خاتم الأولياء، وأنّه هو خاتم الأولياء (٣) .

قال : فهذه الأقوال ونحوها هي من الكفر المخالف لدين الإسلام بإتّفاق أهل الإسلام (٤) .

وفي صفحة ١٩٧ حطّ على أهل المكاشفات بما لا يفوه به مسلم فراجعه فإنّه طويل (٥) .

وفي ٢١٢ حطّ على غير واحد من مشايخ زمانه ونسبهم إلى دعوى المهدويّة.

وفي صفحة ٢١٢ أيضاً أنكر القطب والغوث والخضر، وحطّ على

____________________

(١) منهاج السنّة ٧ : ٤٣٢ - ٤٣٣.

(٢) نفس المصدر ٨ : ٤٨.

(٣) انظر الفتوحات المكية ١ : ٣١٨.

(٤) منهاج السنّة ٨ : ٥٩.

(٥) نفس المصدر ٨ : ٢٠٦.

١٥٦

من يدّعي ذلك وكذلك، أنكر رجال الغيب وشبّههم بالشياطين فراجع (١) .

وذكر في كتابه المسمّى بالفرقان بين الحقّ والباطل في آخره وختم به الرسالة، قال : وهم في ذلك بمنزلة ما يعظّمه العبّاد والزهّاد والفقراء والصوفيّة من الخوارق الشيطانيّة، ويفضّلونها على العبادات الشرعيّة والعبادات الشرعيّة هي التي معهم من الإسلام، وتلك كلّها باطلة وإن كانت أعظم عندهم من العبادات حتّى يقولوا : نهاية الصوفي ابتداء الفقيه ونهاية الفقيه ابتداء المُوَلّه..

وكذلك صاحب منازل السائرين (٢) يذكر في كلّ باب ثلاث درجات :

فالاُولى وهي أهونها عندهم توافق الشرع في الظاهر.

والثانية قد توافق الشرع وقد لا توافقه.

والثالثة في الأغلب تخالف لا سيّما في التوحيد والفناء والرجاء ونحو ذلك.

وهذا الذي ابتدعوه هو أعظم عندهم ممّا وافقوا فيه الرُسُل، وكثير من العبّاد يفضّل نوافله على أداء الفرائض وهذا كثير (٣) ، انتهى.

وحاصل كتابه الفرقان إبطال أصول أهل السنّة والجماعة من المتكلّمين والصوفيّة.

ومن تشنيعاته الكذبيّة ما ذكره في رسالة زيارة بيت المقدّس وهي من جملة الجزء الثاني من مجموعة الرسائل الكبرى المطبوعة بمصر.

____________________

(١) منهاج السنّة ٨ : ٢٥٩ - ٢٦١.

(٢) هو كتاب في الأخلاق العملي وبيان منازل السير والسلوك، صنّفها الشيخ عبد الله بن محمّد بن إسماعيل الأنصاري الهروي الحنبلي الصوفي، المتوفّى سنة ٤٨١ هـ. كشف الظنون ٢ : ٥٠٣ / ٢٦٠، هدية العارفين ١ : ٤٥٢.

(٣) رسالة الفرقان بين الحقّ والباطل ١ : ١٠٦، مجموعة الفتاوى ٣ : ٢٢٩.

١٥٧

قال في صفحة ٦٢ : إنّ بعسقلان كثيراً من الجن وهم رجال الغيب الذين يُرَوْن أحياناً.

إلى أن قال : وكذلك الذين يرون الخضر أحياناً هو جنّي رآه، وقد رآه غير واحد ممّن أعرفه وقال : إنّني الخضر. وكان ذلك جنّيّاً لبّس على المسلمين الذين رأوه، وذكر موت الخضر (١) .

وفي صفحة ٦٣ صرّح بأنّ الشيطان يتمثّل لأحدهم في صورة النبيّ (٢) ويقول : أنا الخضر وإنّما هو شيطان، قال : ومن هؤلاء مَن تحمله الشياطين فتطير به في الهواء إلى مكان بعيد، ومنهم مَن تحمله إلى عرفة..

إلى أن قال : ثمّ يحملونه إلى بلده، وهذا من تلعّب الشياطين بكثير من الناس (٣).

وفي رسالة الاحتجاج بالقدر المطبوعة أيضاً في الجزء الثاني المذكور ذكر في صفحة ١٢٦ تشنيعات قبيحة على الصوفيّة، ثمّ قال :

____________________

(١) مجموع الفتاوى ٢٧ : ١٨.

(٢) وهذا مخالف لما ورد في أخبار كثيرة وبألفاظ مختلفة دالّة على عدم تمثّل الشيطان في المنام بصورة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة عليهم‌السلام:

منها : « من رأني في المنام وكأنّما رأني في اليقظة ، ولا يتمثّل الشيطان بي » .

ومنها : « من رآني في المنام فقد رآني فإنّ الشيطان لا يتمثّل بي » .

ومنها : « من رآني في النوم فقد رآني فإنّه لا ينبغي للشيطان أن يتمثّل في صورتي » . وفي رواية : « أن يتشبه بي » .

ومنها : « من رآني فقد رأى الحقّ فإنّ الشيطان لا يتراءى بي » .

راجع مسند أحمد ١ : ٢٧٩ ، ٣٧٥ ، ٤٤٠ و ٢ : ٢٣٢ ، ٢٦٤ ، ٣٤٢ ، ٤٧٢ و ٥ : ٣٠٦ ، صحيح البخاري ٩ : ٦٥٣ / ١٨٢٧ ، صحيح مسلم ٤ : ١٧٧٥ / ٢٢٦٦ ، سنن الدارمي ٢ : ١٢٤ ، بحار الأنوار ٥٨ : ٢٣٤ الباب ٤٥ .

(٣) مجموع الفتاوى ٢٧ : ١٩.

١٥٨

ويجوّزون قتال الأنبياء وقتلهم..

إلى أن قال : وتخاطبهم الشياطين بأمر ونهي وكشف يظنّونه من جهة الله.

ثمّ ذكر شنائع أيضاً إلى أن قال : فهذا كلّه من تفريع أصل الجهميّة الغلاة في الجبر في القدر فراجعه إلى صفحة ١٢٨ (١) .

أقول : مَن أخبر ابن تيميّة أنّ هذه المكاشفات من قبل الشياطين لا من جهة الله فإن لم يكن تعمّد الكذب بذلك فلعلّ شيطاناً أخبره أنّ هذه المكاشفات للأولياء من قبل الشياطين; حتّى يتلعّب به، ويستعين به على معاداة أولياء الله، نعوذ بالله.

الفصل الثامن : في ذكر تشنيعه وتنقيصه وتكفيره ناساً بأسمائهم من علماء الإسـلام وكبار أهل السنّة والجماعة ممّا هو مثل الذي ذكره في عمومهم.

ففي منهاج الحشويّة في الجزء الأوّل منه ذكر في صفحة ١٣٧ التصريح بإلحاد الشيخ محي الدين بن عربي (٢) صاحب الفتوحات (٣) .

وفي صفحة ٢٦٠ منه قال ما لفظه : وأهل الوحدة القائلون بوحدة

____________________

(١) مجموع الفتاوى ٨ : ٣٤٩.

(٢) أبو بكر محمّد بن علي بن محمّد أحمد الطائي المرسي الحاتِمي والأندلسيّ، ويعرف بابن العربي، صاحب كتاب فصوص الحكم، والفتوحات المكّيّة وغيرهما، توفّي سنة ٦٣٨ هـ. سير أعلام النبلاء ٢٣ : ٤٨ / ٣٤، الوافي بالوفيات ٤ : ١٧٣ / ١٧١٣، البداية والنهاية ١٣ : ١٥٨، طبقات الصوفية للمنارى ٢ : ٥١٣ / ٥٥٥.

(٣) منهاج السنّة ١ : ٥٠٩.

١٥٩

الوجود كأصحاب ابن عربي وابن سبعين (١) وابن فارض (٢) يدّعون أنّهم يشاهدون الله دائماً، فإنّ عندهم مشاهدته في الدنيا والآخرة على وجه واحد (٣) .

وفي صفحة ٨٥ من الجزء الثالث منه ذكر ما لفظه : وكذلك في جنس المبتدعة الخارجين عن الكتاب والسنّة من أهل التعبّد والتصوّف، منهم طوائف من الغلاة يدّعون الإلهيّة، ودعوى ما هو فوق النبوّة، وإن كان متفلسفاً يُجَوِّز وجود نبي بعد محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كالسهروردي (٤) المقتول في

____________________

(١) عبد الحقّ بن إبراهيم بن نصر بن فتح بن سبعين، قطب الدين، أبو محمّد الأشبيلي المرسي، الرقوطي الأصل، الصوفي المشهور، من زهّاد الفلاسفة، ومن القائلين بوحدة الوجود. درس العربية والآداب في الأندلس، وانتقل إلى سبتة، وحجّ واشتهر أمره، مات بمكّة سنة ٦٦٩ هـ، كفّره كثير من الناس، ويعرف أتباعه بالسبعينيّة. العبر ٣ : ٣٢٠، تاريخ الإسلام للذهبي ٤٩ : ٢٨٣ / ٣١٣، البداية والنهاية ١٣ : ٢٦١.

(٢) أبو حفص وأبو القاسم عمر بن أبي الحسن علي بن المرشد بن علي، الحموي الأصل، المصري المولد والدار والوفاة، المعروف بابن الفارض شرف الدين، قال الذهبي : كان سيّد شعراء عصره وشيخ الاتّحاديّة، حدث عن ابن عساكر، له ديوان شعر، توفّي سنة ٦٣٢ هـ. وفيات الأعيان ٣ : ٣٨٩٨ / ٥٠٠، طبقات الصوفية ٢ : ٤٩٥ / ٥٤٤.

(٣) منهاج السنّة ٢ : ٦٢٦.

(٤) أبو الفتوح يحيى بن حَنبش بن أميرك، الملقّب بشهاب الدين السهروردي، والمشهور بشيخ الإشراق، وقيل : اسمه أحمد، وقيل : كنيته اسمه، وهو أبو الفتوح، وقيل : اسمه عمر، كان من علماء عصره، قرأ الحكمة وأُصول الفقه على الشيخ مجدالدين الجيلي بمدينة مراغة، وبرع في زمانه في العلوم الحكميّة والفلسفيّة والاُصول الفقهيّة وغيرها، وكان مفرط الذكاء، فصيح العبارة، قتل في حلب أواخر سنة ٥٨٦هـ، والصحيح أنّه قتل فى سنة ٥٨٧ هـ، له مصنّفات منها : التنقيحات في أُصول الفقه، وكتاب التلويحات، كتاب الهياكل، وكتاب حكمة الإشراق. وفيات الأعيان ٥ : ٢٢٥ / ٨١٣، طبقات الصوفية ٢ : ٣١٠ / ٤٥٠، الأعلام ٨ : ١٤٠.

١٦٠