البراهين الجليّة - ج ١

السيّد حسن الصدر

البراهين الجليّة - ج ١

المؤلف:

السيّد حسن الصدر


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-628-8
ISBN الدورة:
978-964-319-618-9

الصفحات: ٤١٦
الجزء ١ الجزء ٢

وضلّل النافين، وبالغ في القدح في نفيها، وأنّه قال بقدم جنس العرش، شهد عليه بذلك الجلال الدواني في شرحه للعقيدة العضديّة، قال ما لفظه :

ولابن تيميّة أبي العبّاس أحمد وأصحابه ميل عظيم إلى إثبات الجهة، ومبالغة في القدح في نفيها، ورأيت في بعض تصانيفه أنّه لا فرق عند بديهة العقل بين أن يقال : «هو معدوم»، أو يقال : «طلبته في جميع الأمكنة فلم أجده»، ونسب النافين إلى التضليل، هذا مع علو كعبه في العلوم النقليّة والعقليّة، كما يشهد به من تتبّع تصانيفه (١) . انتهى.

وقال عند ذكره للقدم الجنسي للعالم ما لفظه : وقد قال به بعض المحدّثين المتأخّرين، وقد رأيت في بعض تصانيف ابن تيميّة القول به في العرش (٢) . انتهى.

شهادة المولوي عبد الحليم في حل المعاقد :

هداية : فيها شهادة على ابن تيميّة باثبات الجهة والجسم لله تعالى، وأنّه ذو مكان، وأنّ مكانه العرش، وأنّه قال بأزليّة جنس العرش وقدمه، وتعـاقـب أشخاصـه الغير المتناهيـة، وانتقـاص عثمان وعليّ عليه‌السلام وأهل البيت عليهم‌السلام بما لايفوه به مؤمن، شهد عليه بذلك العلاّمة المولوي عبدالحليم في كتابه حلّ المعاقد على شرح الدوّاني للعقائد العضديّة، قال :

كان تقي الدين ابن تيميّة حنبلياً، لكنّه تجاوز عن الحدّ، وحاول إثبات ماينافي عظمة الحقّ تعالى وجلاله، فأثبت له الجهة والجسم، وله هفوات اُخر، كما يقول : إنّ أمير المؤمنين سيدنا عثمان (رض) كان يحبّ

____________________

(١) انظر التعليقات على شرح العقائد العضدية : ٩٤.

(٢) نفس المصدر : ٤٧.

٨١

المال، وإنّ أمير المؤمنين سيدنا علي عليه‌السلام ما صحّ إيمانه فإنّه آمن حال صباه. وتفوّه في أهل بيت النبيّ صلّى الله عليه وعليهم بما لا يتفوّه به المؤمن المحقّ، وقد وردّ الأحاديث الصحاح في مناقبهم في الصحاح، وانعقد مجلس في قلعة جبل بالصالحيّة وحضر العلماء الأعلام والفقهاء العظام، ورئيسهم كان قاضي القضاة زين الدين المالكي، وحضر ابن تيميّة فبعد القيل والقال بهت ابن تيميّة، وحكم قاضي القضاة بحبسه، وكان ذلك في سنة سبعمائة وخمس من الهجرة...

ثمّ نودي بدمشق وغيره من كان على عقيدة ابن تيميّة حلّ ماله ودمه، كذا في مرآة الجنان (١) للإمام أبي عبد الله اليافعي، ثم تاب وتخلّص من السجن سنة سبعمائة وسبع من الهجرة. وقال : إنّي أشعري. ثم نكث عهده وأظهر مكنونه ومرموزه، فحبس حبساً شديداً مرةً ثانية، ثمّ تاب وتخلّص من السجن وأقام في الشام، وله هناك واقعات كتبت في التواريخ...

وردّ أقاويله وبيّن أحواله الشيخ ابن حجر في المجلّد الأوّل من الدرر الكامنة (٢) ، والذهبي في تاريخه (٣) ، وهما من المحقّقين...

هذا كلام وقع في البين، والمراد أن ابن تيميّة لمّا كان قائلا بكونه تعالى جسماً قال بإنّه ذو مكان، فإنّ كلّ جسم لا بدّ له من مكان على ما ثبت، ولما ورد في القرآن المجيد : ( الرّحمَن عَلَى العَرشِ اسْتَوَى ) (٤) قال : إنّ العرش مكانه. ولمّا كان الواجب أزلياً عنده، وأجزاء العالم حادث

____________________

(١) مرآة الجنان ٤ : ٢٤٠ و ٢٧٨.

(٢) الدرر الكامنة ١ : ٨٨ - ٩٦.

(٣) تاريخ الاسلام ٥٢ : ٦١.

(٤) سورة طه ٢٠ : ٥.

٨٢

عنده، فاضطر إلى القول بأزليّة جنس العرش وقدمه وتعاقب أشخاصه الغير المتناهية، فمطلق التمكّن له تعالى أزلي بزعمه، والتمكّنات المخصوصة حوادث عنده، كما ذهب المتكلّمون إلى حدوث المتعلّقات (١) . انتهى (٢) .

شهادة الشيخ شهاب الدين الكلابي :

هداية : فيها شهادة على ابن تيميّة : أن مقالة الشافعيّة والحنفيّة والمالكيّة ـفي نفي الجهة ـ يلزمها أن يكون ترك الناس بلا كتاب ولا سنّة أهدى لهم. شهدعليه بذلك الشيخ شهاب الدين الكلابي في رسالة ردّ ابن تيميّة، ثمّ قال : أَفتُراهم يكفّرونك بذلك أم لا؟ ثمّ جعلت أنّ مقتضى كلام المتكلمين أنّ الله تعالى ورسوله وسلف الاُمّة تركوا العقيدة حتّى بيّنها هؤلاء (٣) .

إلى أن قال : فإنّه يعني ابن تيميّة إنّما تلقَّف ما نزع به في مخالفة الجماعة، وأساء القول على المسألة من حثالة الملاحدة الطاعنين في القرآن، وسنبيّن ضلالهم، ويُعلَم إذ ذاك من هو من فراخ الفلاسفة واليهود، ثمّ لو استحيى الغافل لعرف مقدار علماء الاُمّة رحمهم‌الله تعالى، ثمّ هل رأى من ردّعلى الفلاسـفة واليهود والروم والفرس غير هؤلاء الذين جـعلهم فراخهم (٤) ، إلى آخره.

فتأمّل كيف يشنّع على علماء الاُمّة، وله الفضائح في هذه الرسالة في مسألة الجهة.

____________________

(١) في المصدر : التعلّقات بدل : المتعلّقات.

(٢) حلّ المعاقد : ٨٠ - ٨١.

(٣) التوفيق الربّاني الرسالة الخامسة : ١٨٥، طبقات الشافعية ٩ : ٦٩.

(٤) التوفيق الربّاني الرسالة الخامسة : ١٨٦، طبقات الشافعية ٩ : ٦٩ - ٧٠.

٨٣

شهادة ابن حجر في الجوهر المنظم :

هداية : فيها شهادة على ابن تيميّة بأنّه عبد أضلّه الله وأغواه، وألبسه رداءالخزي وأرداه، وبأنّه ذو ملكة في الافتراء والكذب، وأنّه خالف إجماع العلماء في مسائل كثيرة، واعترض حتّى على الخلفاء بأشياء سخيفة، وقال بالجهة والجسميّة، وتضليل من لم يعتقد ذلك من المتقدّمين والمتأخّرين، وأنّ أهل عصره من العلماء حكموا بقتله أو حبسه، شهد عليه بذلك الشيخ الإمام العلاّمة ابن حجر المكّي في الجوهر المنظم في زيارة القبر المكرّم ، قال ما لفظه :

فإن قلت : كيف تحكي الإجماع السابق على مشروعيّة الزيارة والسفر إليها وطلبها وابن تيميّة من متأخري الحنابلة منكر لمشروعيّة ذلك كلّه كما رآه السبكي من خطّه، وأطال ـ يعني ابن تيميّة ـ في الاستدلال لذلك بما تمجّه الأسماع وتنفر عنه الطباع، بل زعم حرمة السفر إليها إجماعاً، وأنّه لايقصّر فيه الصلاة، وإنّ جميع الأحاديث الواردة فيها موضوعة، وتبعه بعض من تأخّر عنه من أهل مذهبه (١) .

قلت : مَن ابن تيميّة حتّى ينظر إليه، أو يعوّل في شيء من أُمور الدين عليه؟! وهل هو إلاّ كما قال جماعة من الأئمّة الذين تعقّبوا كلماته

____________________

(١) وهو محمّد بن أبي بكر بن أيّوب شمس الدين ابن قيم الجوزيّة الحنبلي. قال الذهبي : حبس مرّة لإنكاره شدّ الرحال لزيارة قبر الخليل، وكان ملازماً لابن تيميّة من سنة ٧١٢ إلى أن مات سنة ٧٢٧ هـ، وهو الذي هذّب كتب ابن تيميّة وأشاع علمه. توفّي سنة ٧٥١ هـ. البداية والنهاية لابن كثير ١٤ : ٢٣٠، الدرر الكامنة ٣ : ٢٤٣ / ٣٧٠٠، شذرات الذهب ٦ : ١٦٨.

٨٤

الفاسدة وحججه الكاسدة، حتّى أظهروا عوار سقطاته وقبائح أوهامه وغلطاته كالعزّ ابن جماعة عبد أضلّه الله وأغواه، وألبسه رداء الخزي وأرداه، برز له من قوّة الكذب والافتراء ما أعقبه الهوان وأوجب له الحرمان...

ولقد تصدّى شيخ الإسلام وعالم الأنام المجمع على جلالته واجتهاده وصلاحه وأمانته التقي السبكي ـ قدّس الله روحه ونوّر ضريحه ـ للردّ عليه في تصنيف مستقلّ، أفاد فيه وأجاد، فأصاب وأوضح بباهر حججه طريق الصواب، فشكر الله مسعاه وأقام عليه شآبيب رحمته ورضاه...

ومن عجائب الوجود ما تجاسر عليه بعض السرجاء (١) من الحنابلة (٢) ، فغبر في وجوه مخدّراته الحسان، التي لم يطمثهنّ إنس قبله ولا جان، وأتى بمادلّ على جهله، وأظهر عوار غباوته وعدم فضله، فليته إذ جهل استحيى من ربّه ، وعساه إذا فرّط وأفرط رجع إلى لبّه، لكن إذا غلبت الشقاوة استحكمت الغباوة فعياذاً بك اللّهم من ذلك، وضراعة إليك من أن تديم لنا سلوك أعظم المسالك...

هذا ما وقع من ابن تيميّة ممّا ذكر، وإن كان عثرة لا تقال أبداً، ومعصيّة يستمرّ عليه شؤمها دواماً وسرمداً، ليس بعجب فإنّه سولّت له نفسهوهواه وشيطانه أنّه ضرب مع المجتهدين بسهم صائب، وما دَرَى المحروم أنّه أتى بأقبح المعائب; إذ خالف إجماعهم في مسائل كثيرة،

____________________

(١) في المصدر : السذّج بدل : السرجاء. وما في المتن موافق لنسخة العبقات.

(٢) وهو ابن عبد الهادي الحنبلي المتوفّي سنة ٧٤٤ هـ، وقد ترجمه ابن رجب في طبقات الحنابلة، واسم الردّ : الصارم المنكي في الردّ على السبكي، وقد ردّه جماعة منهم : ابن علان في كتابه : المبرد المبكي في ردّ الصارم المبكي، والبرهان السمنودي في نصرة الإمام السبكي بردّ الصارم المنكي، وابن حجر في : الإثارة بطرق حديث الزيارة.

٨٥

وتدارك على أئمّتهم ـسيما الخلفاء الراشدين باعتراضات سخيفة شهيرة، وأتى من نحو هذه الخرافات بما تمجّه الأسماع وتنفر عنه الطباع، حتّى تجاوز إلى الجناب الأقدس المنزّه عن كلّ نقص، والمستحقّ لكلّ كمال أنفس، فنسب إليه العظائم والكبائر، وخرق سياج عظمته وكبرياء جلالته بما أظهر للعامّة على المنابر، من دعوى الجهة والتجسيم، وتضليل من لم يعتقد ذلك من المتقدّمين والمتأخرين، حتّى قام عليه علماء عصره، وألزموا السلطان بقتله أو حبسه وقهره، فحبسه إلى أن مات، وخمدت تلك البدع فزالت تلك الظلمات، ثمّ انتصر له أتباع لم يرفع الله لهم رأساً، ولم يظهر لهم جاهاً ولا بأساً، بل ضربت عليهم الذلّة والمسكنة وباءوا بغضب من الله ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون (١) . انتهى. وهو الكلام الفحل والقول الجزل.

شهادة ابن حجر في الفتاوى الحديثيّة :

هداية : فيها شهادة على ابن تيميّة، بالتبديع، والضلال، والإضلال، والجهل، والغلو، وسوء العقيدة، حتّى في أكابر الصحابة، والتشنيع عليهم بالعظائم، ثمّ على من بعدهم من الأعاظم إلى عصره، وأنّه بدّع كثيراً منهم، وأنّه لذا (٢) تمالأ عليه أهل عصره ففسّقوه وبدّعوه، وكفّره كثير منهم، وأنّه خرق الإجماع في مسائل كثيرة في الاُصول والفروع...

فمن الأوّل : خلافه في مسألة الحسن والقبح والتزم بكلّ ما يرد عليها، وأنّ مخالف الإجماع لايفسّق ولا يكفّر، وأنّ الله تعالى محل

____________________

(١) الجوهر المنظم (الوهابية المتطرفة ١) : ٦٦ - ٦٧ .

(٢) كذا في النسختين والأنسب كما في بعض المصادر : حتّى تمالأ بدل : وأنّه لذا تمالأ.

٨٦

للحوادث، وأنّه مركّب تفتقر ذاته افتقار الكلّ إلى الجزء، وأنّ القرآن محدث في ذاته تعالى، وأنّ العالم قديم بالنوع، وأنّه قال بالجهة والجسميّة والانتقال، وأنّه بقدر العرش لا أصغر ولا أكبر، وأنّ النار الكبرى تفنى، وأنّ الأنبياء غير معصومين، والرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا جاه له ولا يشدّ الرحال إلى زيارته، ومن سافر للزيارة عصى، وحرم عليه السفر، ووجب عليه التمام في الصلاة، وحرم عليه القصر بها، وأنّ التوراة والإنجيل لم تبدّل ألفاظهما بل معانيهما، وخرق الإجماع في جملة من مسائل الفروع يأتي ذكرها، شهد عليه بكلّ ذلك أعلم علماء مكّة المعظّمة في زمانه أحمد بن حجر المكّي في الفتاوى الحديثيّة المطبوعة بالمطبعة الميمنية بمصر المحميّة لمّا سئل عن ابن تيميّة..

وصورة السؤال : لابن تيميّة اعتراض على متأخّري الصوفيّة، وله خوارق في الفقه والاُصول فما محصّل ذلك؟

فأجاب بما هذا صورته : أنّ ابن تيميّة عبد خذله الله وأضلّه وأعماه وأصمّه وأذلّه، وبذلك صرّح الأئمّة الذين بيّنوا فساد أحواله وكذب أقواله، ومن أراد ذلك فعليه بمطالعة كلام الإمام المجتهد المتفق على إمامته وجلالته وبلوغه مرتبة الاجتهاد أبي الحسن السبكي، وولده التاج، والشيخ الإمام العزّبن جماعة، وأهل عصرهم، وغيرهم من الشافعيّة والمالكيّة والحنفيّة، ولم يقصر اعتراضه على متأخرّي الصوفيّة، بل اعترض على مثل عمر بن الخطّاب وعلي بن أبي طالب ـ رضي الله عنهما ـ كما سيأتي...

والحاصل أن لا يقام لكلامه وزن، بل يرمى في كلّ وعر وحزن، ويعتقدفيه أنّه مبدع ضالّ ومضلّ جاهل غال، عامله الله بعدله، وأجارنا من

٨٧

مثل طريقته وعقيدته وفعله آمين. وحاصل ما اُشير إليه في السؤال أنّه قال في بعض كلامه (١) . وذكر كلام ابن تيميّة في الطعن على بعض مشايخ الصوفيّة.

ثمّ قال ابن حجر : وهو يناسب ما كان عليه من سوء الاعتقاد حتّى في أكابر الصحابة ومن بعدهم إلى أهل عصره، وربّما أدّاه اعتقاده ذلك إلى تبديع كثير منهم، ومن جملة من تتبّعه الوليّ القطب العارف أبو الحسن الشاذلي (٢) ـ نفعنا الله بعلومه ومعارفه ـ في حزبه الكبير، وحزب البحر، وقطعة من كلامه، كما تتبّع ابن عربي (٣) وابن الفارض (٤) وابن سبعين (٥) ، وتتبّع أيضاً الحلاّج حسين بن منصور (٦) ، ولا زال يتتبّع الأكابر حتّى تمالأ عليه أهل

____________________

(١) الفتاوى الحديثيّة : ٨٦.

(٢) الشيخ نور الدين علي بن عبد الله بن عبد الحميد المغربي الشاذلي اليمني، المتوفّي سنة ٦٥٦ هـ، صوفي، فقيه، ناظم، شاعر، تنسب إليه الطريقية الشاذليّة. انظر الوافي بالوفيات ٢١ : ١٤١، الأعلام للزركلي ٣ : ١٥١ و ٤ : ٣٠٤.

(٣) محمّد بن علي بن محمّد الحاتمي الطائي الاندلسي المكي الشامي، الملقّب بمحي الدين، صوفي، متكلّم، فقيه، مفسّر، شاعر، طاف البلاد وأقام بمكّة وصنّف فيها كتاب الفتوحات المكّيّة، توفّي سنة ٦٣٨ هـ وقبره بصالحيّة دمشق. انظر البداية والنهاية ١٣ : ١٥٨، الأعلام للزركلي ٧ : ١٨٩.

(٤) شرف الدين أبو القاسم عمر بن علي بن مرشد بن علي الحموي الأصل المصري المولد، أشعر المتصوفين، يلقّب بسلطان العاشقين، توفّي سنة ٦٣٢ هـ. انظر البداية والنهاية ١٣ : ١٤٦، الأعلام للزركلي ٥ : ٥٥.

(٥) الشيخ قطب الدين أبو محمّد عبد الحقّ بن إبراهيم بن محمّد بن نصر بن سبعين الاشبيلي المرسي الرقوطي، ولد سنة ٦١٤ هـ، وكان من زهّاد الفلاسفة ومشهوراً بالتصوّف، توفّي سنة ٦٦٩ هـ. انظر البداية النهاية ١٣ : ٢٦١، الأعلام للزركلي ٣ : ٧٧ و ٢٨٠.

(٦) كنيته : أبو مغيث. وقيل : أبو عبد الله، وكان جدّه مجوسياً اسمه محمي من أهل بيضاء فارس، نشأ الحسين بواسط وقدم بغداد، فخالط الصوفيّة وصحب من

٨٨

عصره ففسّقوه وبدّعوه، بل كفَّره كثير منهم، وقد كتب إليه بعض أعلام (١) عصره علماً ومعرفة (٢) . وذكر كتاب الشيخ نصر المنبجيّ المتقدّم ذكره (٣) .

ثمّ قال ابن حجر : واعلم أنّه خالف الناس في مسائل نبّه عليها التاج السبكي وغيره، فمّما خرق فيه الإجماع قوله في : «علَيَّ الطلاق» إنّه لا يقع عليه بل عليه كفّارة يمين، ولم يقل بالكفارة أحد من المسلمين قبله (٤) . وذكر جملة من المسائل التي خالف فيها ابن تيميّة.

ثمّ قال ابن حجر : مسألة الحسن والقبح التزم كلّ ما يرد عليها، وإنّ مخالف الإجماع لا يكفَّر ولا يفسَّق، وإنّ ربّنا ـ سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون والجاحدون علوّاً كبيراً ـ محلّ الحوادث تعالى الله عن ذلك وتقدّس، وإنّه مركّب تفتقر ذاته افتقار الكلّ للجزء تعالى عن ذلك وتقدّس، وإنّ القرآن محدث في ذات الله تعالى عن ذلك، وإنّ العالم قديم بالنوع ولم يزل مع الله مخلوقاً دائماً، فجعله موجباً بالذات لا فاعلا بالاختيار تعالى الله عن ذلك، وقوله بالجسميّة والجهة والانتقال، وإنّه بقدر العرش لا أصغر ولا أكبر تعالى الله عن هذا الافتراء الشنيع القبيح، والكفر البراح الصريح، خذل متّبعه وشتّت شمل معتقده، وقال : إنّ النار تفنى، والأنبياء غير معصومين، وإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا جاه له ولا يتوسّل به، وإنّ إنشاء السفر إليه بسبب الزيارة معصية لا تقصر الصلاة فيه، وسيحرم ذلك

____________________

مشيختهم الجنيد بن محمّد وأبا الحسين النوري وعمرو المكّي، قتل : سنة ٣٠٩ هـ. انظر تاريخ بغداد ٨ : ١١٢ / ٤٢٣٢، الكنى والألقاب ٢ : ١٦٤.

(١) في المصدر : أجلاء بدل : أعلام.

(٢) الفتاوى الحديثيّة : ٨٦.

(٣) راجع الصفحة : ٧٠.

(٤) الفتاوى الحديثيّة : ٨٧.

٨٩

يوم الحاجة الماسّة إلى شفاعته، وإنّ التوراة والإنجيل لم تبدّل ألفاظهما وإنّما بدّلت معانيهما.

وقال بعضهم : ومن نظر إلى كتبه لم ينسب إليه أكثر هذه المسائل غير أنّه قائل بالجهة، وله في إثباتها جزء، ويلزم أهل هذا المذهب الجسميّة والمحاذاة والاستقرار، فلعلّه في بعض الأحيان كان يصرّح بتلك اللوازم فنسب إليه، سيما ومن نسب إليه ذلك من أئمّة الإسلام المتّفق على جلالته وإمامته وديانته، وأنّه الثقة العدل المرتضى، المحقّق المدقّق، فلايقول شيئاً إلاّ عن تثبّت وتحقيق ومزيد احتياط وتَحَرٍّ، سيّما إن نسب إلى مسلم ما يقتضي كفره وردّته وضلاله وإهدار دمه فإن صحّ عنه مكفّر أو مبدع يعامله الله بعدله وإلاّ يغفر لنا وله (١) . انتهى.

[شهادة صديق حسن خان في الانتقاد الرجيح] :

هداية : فيها شهادة على ابن تيميّة أنّه من أكبرهم إثباتاً للجهة في حقّ الله، وأنّه صنّف كتاب العرش، وذكر نزاعهم في الاستواء على العرش هل هو بفعل منفصل عنه يفعله بالعرش كتقريبه إليه، أو فعل يقوم بذاته، واختار أنّه فعل يقوم بذاته تعالى، وأنّه صنّف كتاب النزول وذكر أنّه فعل يقوم بذات الربّ لا أنّه منفصل عن الربّ في الخلق، شهد عليه بذلك أشدّ الناس تقليداً له في كتابه الانتقاد الرجيح في شرح الاعتقاد الصحيح صديق حسن خان (٢) .

____________________

(١) الفتاوى الحديثيّة : ٨٧.

(٢) انظر الانتقاد الرجيح في شرح الاعتقاد الصحيح : ٦٠ - ٦٣ و٦٨.

٩٠

شهادة ابن حجر في أشرف الوسائل :

هداية : فيها شهادة على ابن تيميّة وعلى ابن القيم بإثباتهما الجهة والجسميّة لله تعالى، وإنهما كفر عند الأكثرين، وأنّ لهما في هذا المقام من القبائح وسوء الاعتقاد ما يصمّ عنه الآذان، ويقضى عليه بالزور والكذب والضلال والبهتان، شهد عليهما بذلك العلاّمة ابن حجر المكّي في كتاب أشرف الوسائل إلى فهم الشمائل عند ذكر إرخاء العمامة على الكتفين ما هذا صورته بلفظه :

قال ابن القيم عن شيخه ابن تيميّة : إنّه ذكر شيئاً بديعاً، وهو أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمّا رأى ربّه واضعاً يده بين كتفيه أكرم ذلك الموضع بالعذبة (١) . قال العراقي : ولم نجد لذلك أصلا.

أقول : بل هذا من قبيح رأيهما وضلالهما، إذ هو مبني على ماذهبا إليهوأطالا في الاستدلال عليه والحطّ على أهل السنّة في نفيهم له، وهو إثبات الجهة والجسميّة لله، تعالى عما يقول الظالمون والجاهلون علواً كبيراً، ولهما في هذا المقام من القبائح وسوء الاعتقاد ما يصمّ عنه الآذان، ويقضي عليه بالزور والكذب والضلال والبهتان، قبّحهما الله وقبّح من قال بقولهما، والإمام أحمد وأجلاّء مذهبه مبرّؤن عن هذه الوصمة القبيحة، كيف وهي كفر عند كثيرين (٢) ؟!. انتهى.

شهادة ابن حجر في الفتاوى الفقهيّة :

هداية : فيها شهادة على ابن تيميّة بأنّه منع من إهداء ثواب القراءة

____________________

(١) زاد المعاد ١ : ١٣٥ - ١٣٦.

(٢) أشرف الوسائل إلى فهم الشمائل : ١٧٢ - ١٧٣.

٩١

للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، شهد عليه بذلك العلاّمة ابن حجر الهيتميّ المكّيّ في الفتاوي الفقهيّة، وأنّه علّل المنع بأنّ جنابه لا يتجرأ عليه إلاّ بما أذن فيه وهو الصلاة عليهوسؤال الوسيلة له قال :

وبالغ السبكي وغيره في الردّ عليه بأنّ مثل ذلك لا يحتاج لإذن خاص ألاَ ترى أنّ ابن عمر (١) كان يعتمر عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد موته من غير وصيّة، وحجّ ابن الموفّـق (٢) ـ وهو في طبقة الجـنيد (٣) ـ عنه سبعين حجّـة، وخـتم ابن السراج (٤) عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أكثر من عشرة الآف ختمة، وضحّى عنه مثل ذلك (٥) . إلى آخره.

وسيرة المسلمين إلى اليوم إهداء ثواب القراءة له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد ختم القرآن حتّى في مجالس الختم، وأدخلوا ذلك في دعاء الختمة ويقرؤن على الناس ، ولا أعرف أقوى من هذه السيرة، لكن كلّ ما ذكر لا يقطع ابن

____________________

(١) عبد الله بن عمر بن الخطّاب القرشيّ العَدَويّ، يكنّى أبا عبد الرحمن، واختلف في وفاته وولادته ومقدار عمره على عدّة أقوال منها : أنّه ولد سنة ٣ من المبعث ومات سنة ٧٣ هـ. اُسد الغابة ٣ : ٣٣٦ / ٣٠٨٢، الإصابة ٢ : ٣٤٧ / ٤٨٣٤.

(٢) علي بن الموفّق أبو حفص النيسابوري، أحد مشايخ الطريق، ذكروا له أحوال ومقامات، توفّي سنة ٢٦٥ هـ. تاريخ الاسلام ٢٠ : ١٣٩، الوافي بالوفيات ٢٢ : ١٦٥.

(٣) هو ابن محمّد بن الجنيد، أبو القاسم الخزّاز، ويقال : القواريري. وقيل : كان أبوه قواريريّاً، وأصله من نهاوند إلاّ أنّ مولده ومنشأه ببغداد، سمع بها الحديث ولقى العلماء، وصحب جماعة من الصوفيين منهم المحاسبي والسرسقطيّ، توفّي سنة ٢٩٨هـ. البداية والنهاية ١١ : ١٢١، طبقات الصوفيّة ١ : القسم الثاني ٥٧٠ / ٢٤٠.

(٤) محمّد بن إسحاق بن إبراهيم بن مهران بن عبد الله، أبو العبّاس السرّاج النيسابوري، مولى ثقيف، قدم بغداد وأقام بها دهراً طويلا، ثمّ رجع إلى نيسـابور واستقرّ بها إلى أن مات سنة ٣١١ أو ٣١٣ هـ. تاريخ بغداد ١ : ٢٤٨ / ٧٣٠، البداية والنهاية ١١ : ١٦٤.

(٥) عنه في ردّ المحتار (حاشية ابن عابدين ٣) : ١٥٣.

٩٢

تيميّة ؛ لأنّ حقيقة ما في نفسه في وجه تحريم إهداء الثواب ونحوه هو لزوم الشرك ومنافاته للتوحيد بزعمه، لكنّه يتستّر بهذه الوجهة الركيكة بأنّ جنابه لا يتجرّأ عليه، وكذا تحريمه لزيارة قبور الأنبياء والأولياء والاستغاثة بهم، كلّه عنده شرك، وقد باح بذلك محمّد بن عبد الوهّاب مروّج عقيدة ابن تيميّة، وكفَّر المسلمين بذلك حتّى منع من كثرة الصلاة عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأحرق كتاب دلائل الخيرات وكلّ كتب الدعاء والزيارات.

ونقل ابن زيني دحلان (١) عن بعض أصحابه إنّه يقول : محمّد ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنّمايكون طارشاً وقد مات والإمام الحي أفضل منه!!! يعني ابن عبد الوهاب، نعوذ بالله من هذه الكفريّات الصريحة في الاستنقاص لحضرة الرسالة (٢) .

شهادة أبي العبّاس بن فضل الله في مسالك الأبصار :

هداية : فيها شهادة على ابن تيميّة بسدّه باب الوسيلة بإنكاره السفر لمجرد الزيارة، وإنّه قطع رحم الرسالة، وخالف ما انعقد عليه الإجماع على الطلاق وأنّه سدّ باب الذريعة، شهد عليه الإمام أبو العبّاس أحمد بن يحيى المعروف بابن فضل الله العمري في كتاب مسالك الأبصار (٣) ، وقد تقدّم كلامه في التنبيه السابع بلفظه فراجعه.

____________________

(١) أحمد بن زيني دحلان المكّي الشافعي، فقيه مؤرّخ مشارك في أنواع من العلوم، مفتي الشافعيّة بمكّة، ولد بها وتوفّي بالمدينة سنة ١٣٠٤ هـ، له ردّ على ابن تيميّة. هدية العارفين ١ : ١٩١، الأعلام للزركلي ١ : ١٢٩، معجم المؤلفين ١٢ : ٢٢٩.

(٢) راجع الدرر السنيّة (الوهابيّة المتطرّفة ١) : ٣١٤، خلاصة الكلام في بيان اُمراء البلد الحرام (تاريخ زيني الدين دحلان) : ٣٠٣.

(٣) مسالك الأبصار في ممالك الأمصار ٥ : ٧٤٢ - ٧٤٦.

٩٣

شهادة نور الدين البكري ـ على ما نقله عنه ابن حجر وابن جماعة ـ

هداية : فيها شهادة على ابن تيميّة بتنقيص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واستحقاق القتل بذلك، شهد عليه بذلك الشيخ الإمام نور الدين أبو الحسن علي بن يعقوب بن جبرائيل بن عبد المحسن البكري المصري الشافعي، لما رحل ابن تيميّة إلى مصر قام عليه النور البكري وأنكر ما يقول، وآذاه; على ما نقله ابن جماعة في طبقات فقهاء الشافعيّة.

وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في الدرر الكامنة عند ترجمته لابن تيميّة ما لفظه : ومنهم من ينسبه إلى الزندقة لقوله : إنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يستغاث به، وإنّ في ذلك تنقيصاً ومنعاً من تعظيم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكان أشدّ الناس عليه في ذلك النور البكري، فإنّه لمّا عقد له المجلس بسبب ذلك قال بعض الحاضرين : يعزّر. فقال البكري : لا معنى لهذا القول فإنّه إن كان تنقيصاً يقتل وإن لم يكن تنقيصاً لا يعزّر، إلى آخر ما تقدّم في نقل الدرر الكامنة (١) .

شهادة صدر الدين بن بهادر خان في منتهى المقال :

هداية : فيها شهادة على ابن تيميّة الناصب بالتشنيع القبيح على علي عليه‌السلام وفاطمة عليها‌السلام بأنّهما ردّا أمر الله، وسخطا حكمه، وكرها ما رضي الله، شهد عليه بذلك الإمام صدر الدين بهادر خان مفتي الهند في كتابه منتهى المقال في شرح حديث شدّ الرحال، قال ما لفظه:

ودر ردّ روافض كبير در مقامات كثيرة چه قدر زبان طعن وتشنيع در حقّ أهل بيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كشوده، قال : أبو بكر وعمر وليا الأمر، والله

____________________

(١) الدرر الكامنة ١ : ٩٣.

٩٤

قد أمر بطاعة اُولي الأمر، وطاعة ولي الأمر طاعة الله، ومعصيته معصيّة الله، فمن سخط أمره وحكمه فقد سخط أمر الله وحكمه، وعلي عليه‌السلام وفاطمة عليها‌السلام ردّا أمر الله، وسخطا حكمه، وكرها ما رضي الله; لأنّ الله يرضيه طاعته وطاعة ولي الأمر طاعته، ومن كره طاعة ولي الأمر فقد كره رضوان الله، والله يسخط بمعصيته، ومعصيّة ولي الأمر معصيته، فمن اتّبع معصية ولي الأمر فقد اتّبع ما سخط الله وكره رضوانه (١) . انتهى.

وهذا التشنيع كفر بإجماع الأئمّة الأربع كما في خلاصة الكلام للمفتي أحمد ابن زيني دحلان (٢) ، فراجع التنبيه الخامس أيضاً.

شهادة أبي بكر بن عبد الرحمن بن شهاب الدين العلوي (٣) :

هداية : فيها شهادة على ابن تيميّة بأنّه جعل علياً عليه‌السلام مضرباً للأمثال في الخطأ والميل إلى الدنيا وارتكاب الهفوات، وأنّه لم ترد في حقّ علي عليه‌السلام فضيلة تخصّه من بين الصحابة أصلا.

شهد عليه بذلك العلاّمة السيد أبو بكر عبد الرحمن بن شهاب الدين العلوي الحسيني الحضرمي الاُستاذ بمدرسة دار العلوم في حيدر آباد دكن بالهند أطال الله بقاءه، في كتابه وجوب الحميّة عن مضار الرقية في صفحة ١١ قال : إلاّ ما يدّعيه ابن تيميّة من تكذيب غالـب الأحاديث الواردة في فضل علي عليه‌السلام ، وابن تيميّة غير مؤتمن في هذا الباب; لأنّه التزم الردّ على الشيعة بما استطاع من قول وتكذيب وتكفير وتفسيق، حتّى جعل

____________________

(١) منهاج السنّة ٤ : ٢٥٦.

(٢) خلاصة الكلام : ٣٠٣.

(٣) الحسيني الحضرمي الشافعي، من آل السقّاف، ولد سنة ١٢٦٢ هـ وتوفّي سنة ١٣٤١ هـ. هدية العارفين ١ : ٢٤١، الذريعة ٢ : ٢٣٤ و ٣ : ٤٦٧ و٧ : ٩٣ / ٤٧٧.

٩٥

عليّاًكرّم الله وجهه مضرباً للأمثال في الخطأ والميل إلى الدنيا وارتكاب الهفوات، وحتّى قال : إنّه لم يرد في حقّ عليّ عليه‌السلام فضيلة تخصّه من بين الصحابة أصلا، وإنّ الأحاديث الصحاح في فضله يعني المشارك فيه لم تبلغ العشرة، وإن كلّ ما ذكره الشيعة لعلي من الفضل فالثلاثة الخلفاء أولى به منه، وإنّ ما ادّعاه الشيعة من نقص في أحد الثلاثة فعليّ أولى بذلك النقص منه، كلّ هذا مذكور في كتابه الذي سمّاه منهاج السنّة. انتهى كلام السيد بحروفه .

وأنت خبير بأنّ كلام ابن تيميّة المذكور مخالف لنصّ الكتاب المجيد، كآية الطهارة (١) ،وآية المباهلة (٢) ،ولمتواترات الحديث،كحديث الطير المشوي (٣) ، وحديث المنزلة (٤) ، وحديث الولاية (٥) ، وحديث الغدير (٦) ، وغير

____________________

(١) سورة الأحزاب ٣٣ : ٣٣.

(٢) سورة آل عمران ٣ : ٦١.

(٣) سنن الترمذي ٥ : ٣٠٠ الباب ٨٥ / ٣٨٠٤، المعجم الكبير للطبراني ١ : ٢٥٣ / ٧٣٠ و ٧ : ٨٢ / ٦٤٣٧ و ١٠ : ٢٨٢ / ١٠٦٦٧، المستدرك للحاكم ٣ : ١٣٠، كنز العمال ١٣ : ١٦٦ / ٣٦٥٠٥.

(٤) مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٧٠، ١٧٣، ١٧٥، ١٧٧، ١٨٥، ٣٣١ و ٣ : ٣٣٨، صحيح البخاري ٥ : ٨١ الباب ٣٩ / ٢٢٥ و ٣٠٩ الباب ١٩٥ / ٨٥٧، صحيح مسلم ٤ : ١٨٧١ / ٢٤٠٤، سنن ابن ماجه ١ : ٤٣ / ١١٥، سنن الترمذي ٥ : ٣٠٤ / ٣٨١٣، السنن الكبرى للبيهقي ٩ : ٤٠.

(٥) انظر مسند أحمد بن حنبل ٤ : ١٦٥، سنن الترمذي ٥ : ٣٩٦ / ٣٧٩٦، المصنّف لابن شيبة ٦ : ٣٧٥ / ٣٢١١٢، الجامع الصغير ٢ : ١٧٧ / ٥٥٩٥، شواهد التنزيل ١ : ٢٤٠ / ٣٢٤ - ٣٢٧، كنز العمال ١١ : ٦٠٣ / ٣٢٩١٣ و ١٣ : ١٤٢ / ٣٦٤٤٤.

(٦) انظر مسند أحمد ١ : ٨٤، ١١٨، ١١٩، ١٥٢، ٣٣١ و ٤ : ٢٨١، ٣٧٠ و٥ : ٣٤٧، ٣٦٦، ٣٧٠، ٤١٩، سنن ابن ماجه ١ : ٤٥، سنن الترمذي ٥ : ٢٩٧ / ٣٧٩٧، فضائل الصحابة للنسائي : ١٤، المستدرك للحاكم ٣ : ١٠٩، ١١٦، ١٣٤، ٣٧١، ٥٣٣.

٩٦

ذلك ممّا اختصّ به (١) ، ومادلّ على نزاهته وطهارته عن حبّ الدنيا الذي هو رأس كل خطيئة (٢) ، وأعلميّة علي عليه‌السلام (٣) ، وأسبقيّته إلى الإسلام (٤) ، جاءت بها جياد الأحاديث وحسانها، وقال بها من قال ممّن لم يركب سفن التعصّب والتحامل على أهل البيت الطاهر عليهم‌السلام ، ونصّ السيد المذكور على نصب ابن تيميّة في مواضع من كتابه المذكور منها في آخر صفحة ٢٨ وفي صفحة ٦٩.

[أيضاً شهادة أبي بكر بن عبد الرحمن المتقدّم] :

هداية : فيها شهادة على ابن تيميّة بأنّه رمز في مواضع وأبان في اُخرى بتكفير طوائف من أهل البيت الطاهر، شهد عليه بذلك السيد العلاّمة

____________________

(١) كحديث خاصف النعل مسند أحمد بن حنبل ٣ : ٣٣، ٨٢، سنن الترمذي ٥ : ٢٩٨ / ٣٧٩٩، المستدرك للحاكم ٢ : ١٣٨ و ٣ : ١٢٣ و ٤ : ٢٩٨، سنن النسائي ٥ : ١٢٨ / ٨٤٥٧، مسند أبي يعلى ٢ : ٣٤١ / ١٠٨٦، شرح معاني الآثار لابن سلمة ٤ : ٣٥٩، صحيح ابن حبان ١٥ : ٣٨٥، معجم الأوسط الطبراني ٤ : ٥١٤ / ٣٨٧٤، تاريخ بغداد ١ : ١٤٤ / ١ و ٨ : ٤٣٣، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٢ : ٢٧٧ و٣ : ٢٠٧ و ٦ : ٢١٨ و ٩ : ١٦٧ و ١٨ : ٢٤، مناقب ابن شهرآشوب ٣ : ٤٤، وغير ذلك من الأحاديث المختصة به صلوات الله عليه الواردة في فضائله ومناقبه.

(٢) انظر مناقب ابن شهرآشوب ٢ : ٩٣ المصباح المضيء لابن الجوزي ١ : ٣٦٠، بحار الأنوار ٤٠ : ٣٢٠ / ٤، المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء ٧ : ٣٢٩، إحقاق الحقّ ٣٢ : ٢٦٢.

(٣) انظر مناقب ابن شهرآشوب ٢ : ٢٨ - ٥٧، الكامل لابن عدي ٥ : ١٦١ / ٩٥٠، تاريخ دمشق ٤٢ : ٣٧٨ - ٣٨٥، أمالي الصدوق : ٢١ / ١، الغدير ٣ : ٩٥ و٧ : ١٨٢، كنز العمال ١١ : ٦١٤ /   ٣٢٩٧٧ - ٣٢٩٨٣، المناقب للخوارزمي : ٨٢، الفصول المهمة ٢ : ١١٦٣، ينابيع المودة ٢ : ٧٠ / ٦، الفردوس ١ : ٣٧٠ / ١٤٩١.

(٤) انظر مناقب ابن شهرآشوب ٢ : ٤ - ١٣، إحقاق الحق ٢٠ : ٢٦٥.

٩٧

أبو بكر ابن عبد الرحمن المتقدّم، ذكره في كتابه وجوب الحمية المذكور آنفاً قال :

وابن تيميّة وأشباهه يسبّون الشيعة، والرافضة كما في كتابه الذي سمّاه منهاج السنّة، حتى رمز في مواضع وأبان في اُخرى بتكفير طوائف من أهل البيت الطاهر المتمذهبين بمذهب الشيعة، ذكر ذلك في الصفحة العاشرة من كتابه المطبوع بمطبعة الإمام في سنغافورا سنة ١٣٢٨.

شهادة السيد أبي بكر في كتابه وجوب الحمية :

هداية : فيها شهادة على ابن تيميّة بتكذيب أحاديث صحاح وحسان وجياد وردت في فضل علي عليه‌السلام وأهل بيته، شهد عليه بذلك صاحب وجوب الحمية السيد أبو بكر المتقدّم، ذكره زاد الله في شرفه قال في صفحة ٣٩ : فقول ابن تيميّة : إنّ أكثر الخطب التي في نهج البلاغة كذب على علي رضي‌الله‌عنه (١) ، هو الكذب بعينه :

ماذا يضرّ الشمس وهي منيرة

أن لا يرى الخفاش ساطع نورها

ولا يُستغرب من ابن تيميّة تكذيبه، فإنّه قد كذّب أحاديث صحاحاً وحساناً وجياداً وردت في فضل عليّ ـ كرّم الله وجهه ـ وأهل بيته، وتراه يحطب ليلا ويستدلّ بالضعاف وبالمقالات التي هي أشبه بالاسمار على فضائل غيره، وخدش مقامه الرفيع المنيع، يعرف صحّة ما قلناه كلّ من طالع كتابه الذي سمّاه منهاج السنّة، فيا للأسف لعالم متضلّع من علماء الإسلام يتّخذ التكذيب سلاحاً يدرأ به شبهات مقلّديه، ويستر به هفوات سابقيه، ويخرجه التعصب والهوى إلى مثل هذه التهورات المخيفة، وبماذا

____________________

(١) منهاج السنّة ٨ : ٥٥.

٩٨

عرف أنّ علياً كرّم الله وجهه أجلّ وأعلا قدراً من أن يتكلّم بهذا الكلام يعني ما في نهج البلاغة، فهل في ذلك الكلام ما يخالف كتاب الله أو حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتّى يجلّ قدر علي عليه‌السلام عن التكلّم به، فكأنّه يريد أن لا يتكلّم علي عليه‌السلام إلاّ بما يوافق مذهبه ويلائم مشربه، والشريف الرضي رضي‌الله‌عنه أرفع مقاماً من أن يكذب على جدّه المرتضى عليه‌السلام ...

إلى أن قال : ودونك ما قاله خاتمة المحقّقين ونابغة المتأخّرين الاستاذ الإمام الشيخ محمّد عبده (١) مفتي الديار المصريّة في ديباجة شرحه على نهج البلاغة حتّى تعرف به الفرق بين أهل الأهواء وأهل التقوى، ويظهر لك قول أيّ الشيخين أصحّ وأقوى (٢) ، ثمّ نقل كلام الشيخ محمّد عبده بتمامه فراجع.

شهادة السيد أبي بكر في كتابه وجوب الحمية :

هداية : فيها شهادة على ابن تيميّة أنّه ينسب الكثير من أهل بيت النبوّة إلى الكفر، شهد عليه بذلك السيّد الشريف العلاّمة أبو بكر في كتابه وجوب الحمية عن مضار الرقية في صفحة ٦٨ من أوّل طبعه، ومنها نقلا عن ابن تيميّة : وقد نزّه الله المؤمنين من أهل البيت الطاهر وغيرهم من ذلك أي من التقيّة. وهذا يدلّ بمفهوم الصفة أنّ من أهل البيت الطاهر كفاراً وهم

____________________

(١) ابن حسن خير الله، من آل التركماني، فقيه، مفسر، متكلّم، أديب لغوي، كاتب، سياسي، ولد في شنيرا بمصر ونشأ بها، وتعلّم بالجامع الأحمدي ثمّ بالأزهر، تولى تحرير الوقايع المصرية سافر إلى باريس وأصدر مع جمال الدين الأفغاني جريدة العروة الوثقى، وعاد إلى بيروت ثم مصر، وتولى منصب القضاء فيها، وكان مفتياً للديار المصرية، توفّي سنة ١٣٢٣ هـ. من تصانيفه : تفسير القرآن لم يتمه، شرح نهج البلاغة. الأعلام للزركلي ٦ : ٢٥٢، معجم المؤلِّفين ١٠ : ٢٧٢.

(٢) وجوب الحمية عن مضار الرقية : ٣٩.

٩٩

القائلون بالتقيّة، ومفهوم الصفة حجّة عند الشافعي والجمهور. نعوذ بالله من الخذلان، هذا ابن تيميّة حرّاني شامي ينسب الكثير من أهل بيت النبوّة إلى الكفر (١) ، انتهى بحروفه.

وكان أهل حرّان حين اُزيل لعن أمير المؤمنين عن المنابر في أيّام الجمع امتنعوا من إزالته، وقالوا : لا صلاة إلاّ بلعن أبي تراب، ولما استوثق الأمر لأبي العبّاس السفّاح وفد إليه عشرة من اُمراء أهل الشام، فحلفوا [له]بالله وبطلاق نسائهم وبأيمان البيعة بأنّهم لا يعلمون إلى أن قتل مروان أنّ لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أهلا ولا قرابة إلاّ بني اُميّة (٢) .

قلت : وابن تيميّة حرّاني شاميّ فلا عجب حينئذ.

شهادة العلاّمة محمّد بخيت المصريّ في كتاب تطهير الفؤاد :

هداية : فيها شهادة على ابن تيميّة بالتبديع ومخالفة إجماع المسلمين والكتاب والسنّة الصريحة، شهد عليه بذلك المحقّق العلاّمة محمّد بخيت المصري واحد علماء الأزهر في كتابه تطهير الفؤاد من دنس الاعتقاد الذي هو كالمقدمة لشفاء السقام وقد طبع معه بالمطبعة الأميريّة ببولاق سنة ١٣١٩.

قال : ومن الفريق الثاني الذي طمس الله على قلبه وطبع عليه : أهل البدع في العقائد والأعمال الذين خالفوا الكتاب والسنّة والإجماع فضلّوا وأضلّوا كثيراً، قاتلهم الله أنّى يؤفكون، ومأواهم جهنّم وساءت مصيراً، وقد ابتلي المسلمون بكثير من هذه الفرقة سلفاً وخلفاً، فكانوا وصمة وثلمة في المسلمين، وعضواً فاسداً يجب قطعه حتّى لا يعدي الباقي، فهو

____________________

(١) وجوب الحمية عن مضار الرقية : ٦٨ .

(٢) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٧ : ١٢٢، ١٥٩.

١٠٠