القواعد الفقهيّة - ج ٢

آية الله ناصر مكارم الشيرازي

القواعد الفقهيّة - ج ٢

المؤلف:

آية الله ناصر مكارم الشيرازي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مدرسة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام
المطبعة: مدرسة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام
الطبعة: ٣
الصفحات: ٤٢٦
الجزء ١ الجزء ٢

لا يقتضي كون المال امانة في يد القابض.

وبعبارة أخرى لم نجد دليلا عاما على ما ذكره الشيخ وهو ان «من استأمنه المالك على ملكه غير ضامن» بل الذي يستفاد من أبواب الإجارات والأمانات انه إذا كان أمانة صحيحة من قبل المالك في يد القابض فهو ليس بضامن ، واما إذا حكم بفساد هذه الأمانة أو كانت من توابع عقد فاسد كالإجارة فكيف يمكن القول بعدم الضمان ، بمجرد تسليط المالك المبني على صحة العقد ، وكيف يخرج عن قاعدة احترام مال المسلم وضمان اليد بمجرد هذا.

فالإنصاف ان هذا أيضا لا يتم دليلا على عكس القاعدة.

نعم يمكن ان يقال ان ملاك الضمان في التلف هو اليد العادية ، وليس المقام من مصاديقها ، فان المالك هو الذي سلط غيره على ماله ، سواء علم بفساد العقد في الشرع أم لم يعلم ، إذا كان غير مكترث بحكم الشرع وكان عمله على وفق حكم العقلاء ، أو كان غير معتن بحكم العقلاء أيضا ، وكان عمله على وفق ما يعتقده صحيحا في نفسه وان كان فاسدا عند الكل.

ففي كل ذلك لم يتسلط غير المالك على الملك عدوانا بل تلقاه من مالكه ، ومن المعلوم ان هذا اليد لا تعديدا عادية ، فلا توجب الضمان.

نعم إذا كان المالك يعتقد الصحة شرعا ، بحيث لو علم بفساده لما سلط الغير على ماله ، وعلم الغير ذلك أيضا مع علمه بفساد المعاملة ، فحينئذ لا يجوز له أخذ المال وتحسب يده عادية ، وتدخل تحت أدلة الضمان.

فتحصل من جميع ذلك ان ضمان اليد منتف في جميع الصور ما عدا الصورة الأخيرة ، ولعل كلام الأصحاب أيضا غير ناظر إليها ، ولكن هذا كله انما يتم بالنسبة إلى التلف وهل يمكن اجراء هذا الحكم بالنسبة إلى الإتلاف أو يختص بالتلف؟ لا يبعد العموم فإنه إذا فرض رضى المالك بالإتلاف في مثل الهبة الفاسدة ، لعدم اعتنائه بحكم

٢٢١

الشرع واكتفائه بحكم العقلاء ، أو ما يراه صحيحا بنفسه ، فهل يكون هذا المقدار من الرضا كافيا في عدم الضمان بالإتلاف ، ولو كان مبنيا على صحة العقد؟ لا يبعد ذلك.

نعم الاستثناء الذي مر في حكم الإتلاف جار هنا ، وهو ما إذا رضى المالك لعلمه بصحة المعاملة بحيث لو علم بالفساد لما رضى به ، وكان الموهوب له مثلا عالما بهذا المعنى فان عدم ضمانه في هذه الصورة مشكل جدا.

هنا تنبيهات

الأول ـ في مقدار شمول قاعدة ما يضمن

هل القاعدة أصلا وعكسا تشمل جميع العقود ، أو ما يشبه الإيقاع ، بل الإيقاعات أيضا ، أو يختص ببعضها؟

قد يقال ان مفاد القاعدة لو كان «كل عقد» يضمن بصحيحه إلخ لا يشمل ما لا يصدق عليه عنوان العقد ، وان كان ما يضمن بصحيحه ـ إلخ ـ يشمل غير العقود أيضا.

ولكنك قد عرفت ان هذه العبارة لم ترد في نص ، ولا في معقد إجماع ، وانه لا تدور الاحكام مدارها ، فشمول هذه العبارة أو قصورها لا يدل على عموم الحكم وعدمه ، بل المدار على الدليل الذي استندنا إليه في إثبات القاعدة أصلا وعكسا.

ولما كانت العمدة في إثبات «أصل القاعدة» هو «قاعدة احترام مال المسلم ، والمنافع المتعلقة بأمواله ، بل واعماله» فالحكم يدور مدار هذا العنوان ، فكل من استولى على أموال الغير ومنافعه بأي عنوان كان ، كان ضامنا له إذا تلف في يده ، أو أتلفه ، الا ان يكون المالك هو الذي سلطه على ماله بغير عوض ، سواء علم بفساد العقد ، أو لم يعلم ولكن كان غير مبال بأحكام الشرع من جهة الصحة والفساد ، نعم إذا سلطه جاهلا بفساده حتى انه لو علم به لما سلطه وكان الأخذ عالما بذلك فتسليطه

٢٢٢

عليه لا يكون رافعا للضمان.

وبناء على ما ذكر لا تختص القاعدة بباب دون باب ، وتجري في جميع الموارد حتى في الإيقاعات ، كمن أعتق عبده بعتق فاسد في الشرع وخلى سبيل العبد ، وكان غير مبال بالصحة والفساد في الشرع ، فاذا عمل العبد اعمالا واستوفى منافعا من منافع نفسه فالظاهر انه غير ضامن ، لأنه إنما أتلف المنافع برضا مولاه ، وان كان بانيا على صحة العتق ، لان المفروض انه غير مبال لحكم الشرع ورضاه لا يدور مداره.

الثاني : المراد بالضمان هنا

ما المراد بالضمان هنا؟ فهل المراد معناه المعروف ، اي كون تدارك شيء إذا تلف على عهدة إنسان؟

فإن كان هذا هو المراد بالضمان فليس في الصحيح ضمان بهذا المعنى ، لان البيع الصحيح مثلا يتضمن مبادلة مال بمال ، ولا ينتقل إلى الذمة إلا إذا كان البيع كليا أو من قبيل النسية ، واما في البيع الشخصي الحاضر فينتقل الثمن الى ملك البائع كما ينتقل المثمن الى ملك المشتري ، ولا مجال فيه للانتقال إلى الذمة.

نعم بالنسبة إلى الفاسد لا شك ان الضمان فيه بمعناه المعروف أي إذا تلف يكون تداركه في ذمته اما بمثله أو بقيمته.

فليس للضمان في الصحيح وجه لو كان المراد منه معناه المعروف ، نعم لو كان المراد منه تحقق الخسارة في مال الشخص سواء انتقل الى ذمته أو لم ينتقل كان هذا معقولا في الصحيح والفاسد كليهما ، ولعل مراد شيخنا العلامة الأنصاري من قوله : «والمراد بالضمان في الجملتين هو كون درك المضمون عليه بمعنى كون خسارته ودركه في ماله الأصلي» هو ما ذكرنا.

ولكن التعبير بالدرك والتدارك لا يوافق ما أشرنا إليه ، فإن البيع إذا كان صحيحا

٢٢٣

انتقل المثمن الى ملك المشتري ولو تلف تلف من ماله ، ولا معنى للتدارك هنا ، بل قد ينافي ما ذكرنا بعض كلماته بعد التفسير السابق ، لأنه قال :

«ثمَّ تداركه من ماله تارة يكون بأداء عوضه الجعلي الذي تراضى هو والمالك على كونه عوضا ، وأمضاه الشارع ، كما في المضمون بسبب العقد الصحيح ، واخرى بأداء عوضه الواقعي ، وهو المثل أو القيمة وان لم يتراضيا عليه.».

فان من الواضح ان أداء المسمى في البيع الصحيح لا يتوقف على تلف المثمن بل هو مقتضى المبادلة سواء تلف واحد منهما بعدد ذلك أو لم يتلف.

واما ما هو المعروف من ان الضمان في الفاسد يكون بالمثل أو القيمة دائما أيضا قابل للنقض والإبرام ، فإذا كان المسمى أقل من قيمة المثل فكيف يمكن القول بكون المشتري مثلا ضامنا للمثل ، مع ان البائع سلّطه على ماله ورخص له إتلافه في مقابل شيء أقل منه ، لا سيما إذا كان عالما بالفساد شرعا ، فكما ان الأخذ غير ضامن في مثل الهبة بدليل تسليط المالك له عليه مجانا ، فكذلك هنا سلطه على ماله بعوض أقل من عوضه الواقعي ، فكأنه رخص له في الإتلاف بهذا المقدار مجانا ، ولعله اليه يرجع ما حكى عن بعض من وجوب أداء أقل الأمرين ، من العوض الواقعي والجعلي في بعض المقامات ، مثل تلف الموهوب بشرط التعويض قبل دفع العوض.

الثالث : هل العموم باعتبار أنواع العقود أو أصنافه أو اشخاصه؟

اختلفوا في ان عموم قاعدة ما يضمن أصلا وعكسا هل هو باعتبار أنواع العقود أو أصنافه ، أو أشخاصه ، فلو كان عقد كالبيع بحسب نوعه موجبا للضمان (لوجود العوض فيها) لصحيحة لضمن لفاسده ، ولو كان شخص البيع لا يوجب ضمانا كالبيع بلا ثمن.

٢٢٤

وكذلك العارية فإنها بنوعها لا يوجب الضمان ، ولكن صنف منها وهي العارية المضمونة أي المشروطة بالضمان ، أو عارية الذهب والفضة فإنها موجبة للضمان على المشهور ، فهل يكفي وجود الضمان أو عدمه في نوع البيع ونوع العارية ، أو الأمر يدور مدار الصنف أو أشخاص المعاملات؟

قال شيخنا العلامة الأنصاري (قدس‌سره) : «ان العموم في العقود ليس باعتبار خصوص الأنواع ليكون افراده مثل البيع والصلح والإجارة لجواز كون نوع لا يقتضي بنوعه الضمان ، وانما المقتضي له بعض أصنافه فالفرد الفاسد من ذلك الصنف يضمن به دون الفرد الفاسد من غير ذلك الصنف ، مثلا الصلح بنفسه لا يوجب الضمان لأنه قد لا يفيد إلا فائدة الهبة غير المعوضة ، أو الإبراء ، فالموجب للضمان هو المشتمل على المعاوضة ، فالفرد الفاسد من هذا القسم موجب للضمان أيضا (انتهى محل الحاجة).

ولكنه قده لم يذكر دليلا على هذا المدعى ، ولذا خالفه بعض من تأخر عنه ، وقال بان المعيار اشخاص العقود وهذا هو الأقوى.

بيانه : انا أبناء الدليل نحذو حذوه ونقتفي أثره ، وقد عرفت ان العمدة في أصل القاعدة هو احترام الأموال والمنافع وعدم جواز السلطة عليها بغير اذن صاحبها.

وحينئذ لا محيص لنا الا من ملاحظة شخص العقد فلو باع رجل داره بلا ثمن وعلم ان البيع بلا ثمن فاسد شرعا ، ولكنه اعطى الدار للمشتري بانيا على صحة هذه المعاملة بحكم العرف وغير مبال بحكم الشرع فالمشتري غير ضامن لا لأصل الدار ، ولا لمنافعه ، لان صاحبه هو الذي سلّطه على ماله بلا ثمن ، نعم لو كان الإقباض بتوهم صحة البيع شرعا ، ولم يرتض بتسليط الغير على ماله لو لا الصحة ، وكان جاهلا بالحال كان الأخذ ضامنا.

٢٢٥

وكذلك إذا أقبض غيره العارية ، وشرط فيها العوض بتوهم الصحة ، فإن الأخذ يضمنها وان كانت العارية بذاتها لا توجب الضمان ، ولم تكن العارية معوضة.

وبالجملة المدار في أصل القاعدة على «احترام مال المسلم» ، وفي عكسها على «التسليط المجاني» وهما يدوران مدار اشخاص العقود وافراده ، لا أنواعه وأصنافه.

الرابع : هل هنا فرق بين علم الدافع والقابض وجهلهما أم لا؟

قد يقال بعدم الفرق لإطلاق النص والفتوى.

والمراد بالنص هو «عموم من أتلف» وبالفتوى إطلاق كلمات القوم في أبواب المختلفة من العقود أو عند ذكر القاعدة مطلقة.

هذا ولكنك بعد ما عرفت من الدليل الذي بنينا عليه في هذا الباب تعلم الفرق الواضح بين صورتي العلم والجهل ، فإنه إذا كان الدافع عالما بأن الهبة الفلانية مثلا غير صحيح شرعا ، ومع ذلك لم يعتن بحكم الشرع ، واقبض الموهوب له بانيا على صحتها عند نفسه ، فمن الواضح انه لا ضمان للقابض هنا ، لان المالك هو الذي دفع المال اليه عالما عامدا ، وسلطه عليه مجانا ، وكذلك الأمر إذا باعه بغير ثمن عالما بفساده ، وسلط المشتري عليه.

كما ان الأمر في عكسه كذلك ، فلو أعطاه المشتري عارية معوضة بتوهم صحة العارية المعوضة وكان المشتري عالما بالفساد فإنه لا يصح له أخذها ، ولو أخذها كان ضامنا ، لقاعدة احترام مال المسلم ، وعدم جواز أخذه وإتلافه بغير اذن صاحبه ، والاذن هنا مبني على مبنى فاسد وهو توهم الصحة بخلاف ما لو كان عالما بالفساد غير مكترث بحكم الشرع ، بل بانيا على الصحة من قبل نفسه ، وبالجملة المسألة

٢٢٦

واضحة بعد ما عرفت من مبانيها.

الخامس : هل يعتبر القبض في الضمان؟

هل اللازم في الضمان القبض أو يكتفى بمجرد الصيغة؟ فلو ان عقدا أوجب الضمان بصحيحه بلا حاجة الى القبض والإقباض كما هو كذلك في أكثر العقود الصحيحة فإنه ينتقل الثمن الى ملك البائع كما ينتقل المثمن الى ملك المشتري بمجرد العقد ، وان كان درك المبيع على البائع قبل الإقباض وكذلك الثمن بالنسبة إلى المشتري فهل الضمان في فاسده كذلك؟

لا ينبغي الشك في ان الضمان في الفاسد يتوقف على القبض لأن الأدلة السابقة كلها تدور مدار القبض والإقباض ، ولا سيما ما اخترناه من قاعدة احترام مال المسلم وكذا الكلام في عكس القاعدة ، فإن التسليط المجاني لا يحصل الا بالقبض.

السادس : في شمول القاعدة للمنافع والاعمال

قد يقال ان هذه القاعدة مبنية على قاعدة اليد ، وهي وان كانت صحيحة بحسب الدلالة ومنجبرة سندا بعمل الأصحاب ، لكنها لا تشمل المنافع ، ولا الاعمال ، فالمأخوذ بالإجارة الفاسدة خارجة عن عنوان القاعدة ، سواء في إجارة الأعيان ، أو إجارة الأنفس.

ولكن بعد ما عرفت من ان عمدة الدليل عليها هو قاعدة احترام مال المسلم تعلم بأنه لا فرق فيها بين الأعيان والمنافع والأعمال.

اما بالنسبة إلى المنافع فلان المنافع المتعلقة بالأعيان مملوكة لماكها ومحترمة كاحترامها ، لا يجوز أخذها ولا إتلافها إلا برضا مالكها ، ومقتضى هذا الاحترام ثبوت

٢٢٧

الضمان على من أتلفها بغير اذنه ، وبدون رضاه ، مضافا الى صدق الأخذ في المنافع يتبع العين ، فمن أخذ العين فقد أخذ منافعها.

واما في الأعمال ـ أعمال الحر ـ التي لا تكون مملوكة ولا يصدق عليها المال قبل وجودها ، فالقاعدة أيضا تشملها ، فإن اعمال الحر أيضا محترمة ، ولذا لو أمر شخص رجلا بعمل ولم يكن هناك قرينة على التبرع فلا شك انه ضامن لاجرته ، كما هو المتعارف بالنسبة إلى كثير من أرباب الحرف ، يؤمرون بأمور ولا يتكلم عن مقدار الأجرة فإذا تمت الاعمال أخذوا أجرة مثل أعمالهم ، ولا يتصور ان يكون فقيه قائلا بعدم لزوم اجرة المثل على الأمر في أمثال المقام.

نعم لو كان هناك قرائن على التبرع كمن يطلب معاونا على أخذ شيء سقط من يده أو شبه ذلك مما هو مبني على المجانية فلا شك انه حينئذ ليس ضامنا لاجرة المثل.

ولو لم يكن هناك قرينة لا على التبرع ، ولا على الإجارة ، كان أيضا ضامنا لأن الأصل في الأعمال هو احترام حال صاحبها فالتبرع يحتاج الى دليل (وقد وقع الفراغ منه في ٤ صفر المظفر ١٤٠٥).

٢٢٨

١١ ـ قاعدة اليد

(على اليد ما أخذت حتى تؤديه)

مدركها من السنة

مدركها من قاعدة احترام الأموال

مفاد القاعدة

لا فرق في الضمان بين صورتي العلم والجهل

لا فرق بين ضمان العين والمنافع

حكم «المثلي» و «القيمي»

ملاك الفرق بين «المثلي» و «القيمي»

٢٢٩
٢٣٠

اعلم ان هناك قاعدتان «قاعدة ضمان اليد» و «قاعدة حجية اليد».

والمراد من الثاني ان اليد دليل على الملك الا ان يثبت خلافه ، وقد مر الكلام فيها مستوفى في المجلد الثاني من هذا الكتاب ، وهي القاعدة الخامسة من القواعد التي تكلمنا فيها.

واما قاعدة ضمان اليد الذي نبحث الان عنها فهي عبارة عن كون اليد الغاصبة سببا لضمان صاحبها وان وقع التلف لمتلف سماوي أو ورد على المال نقص أو عيب وهكذا اليد الامينة إذا خرجت عن الأمانة بالتعدي أو بالتفريط ، فهي أيضا ضامنة.

والكلام فيها تارة عن ما يدل على ثبوتها واخرى عن محتواها ، وثالثة عما يتفرع عليها.

المقام الأول : في مدرك القاعدة

ويدل عليها أمور :

١ ـ من السنة الرواية العامة المعروفة المستدل بها في كلمات علماء الفريقين وجميع الكتب الفقهية ، التي يبحث فيها عن مسائل الضمان ، وهي قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «على اليد ما أخذت حتى تؤديه».

ولكن لا توجد هذه الرواية في منابع الحديث وكتب الفقه من أصحابنا إلا مرسلا.

٢٣١

وممن رواه كذلك المحدث النوري في المستدرك في كتاب الغصب عن أبي الفتوح الرازي في تفسيره عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال : «على اليد ما أخذت حتى تؤديه» (١).

وروي عن غوالي اللئالي مثلها (٢).

ولكن الجمهور رووها مسندا في غير واحد من كتبهم عن «سمرة».

فقد روى ابن ماجه ، في سننه في كتاب الصدقات في باب العارية ، عن إبراهيم ابن المستمر ومحمد بن عبد الله ويحيى بن حكيم وابن أبي عدي جميعا عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن سمرة ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال «على اليد ما أخذت حتى تؤديه» (٣).

ورواه أحمد في مسنده بسنده عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة بن جندب ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «على اليد ما أخذت حتى تؤديه» (٤).

ورواه أيضا في موضع آخر من كتابه عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ثمَّ ذكر مثله ، فقال ثمَّ نسي الحسن قال لا يضمن (٥)! ورواه البيهقي أيضا في السنن الكبرى بسنده عن قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «على اليد ما أخذت حتى تؤديه» ثمَّ ان الحسن نسي حديثه فقال هو أمينك لا ضمان عليه (٦).

ورواه غيره أيضا من محدثيهم.

وهل المراد من نسيان الحسن الحديث هو نسيانه واقعا ، أو رغبته عنه لضعفه؟

__________________

(١) مستدرك ج ٣ كتاب الغصب ص ١٤٥.

(٢) مستدرك ج ٣ كتاب الغصب ص ١٤٦.

(٣) سنن ابن ماجه ج ٢ ص ٨٠٢.

(٤) مسند أحمد بن حنبل ج ٥ ص ٨.

(٥) مسند أحمد بن حنبل ج ٥ ص ١٣.

(٦) السنن للبيهقي ج ٦ ص ٩٠.

٢٣٢

لهم كلام ذكره ابن تركماني في الجواهر النقي الذي طبع بهامش السنن الكبرى (١).

وكان الحسن توهم شمول الحديث لموارد الامانة من العارية وغيرها (وقد رواه غير واحد منهم في باب العارية) ولكنه توهم فاسد كأسد كما سيأتي إنشاء الله تعالى.

وضعف إسنادهم غالبا عندنا ، وخصوص هذا الحديث لرواية سمرة بن جندب الذي هو من أفسق الناس وروايته مشهورة في مخالفة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مذكورة في بحث لا ضرر ، وموقفه من معاوية وجعل الأحاديث ، وحضوره مع قتلة الحسين عليه‌السلام في كربلاء وشبه ذلك معروف.

ولكن شهرتها تغني عن البحث عن سندها ، والاستدلال بها في كتب الفريقين وإرسال الفقهاء له إرسال المسلمات وموافقته للسيرة العقلائية وغير ذلك مؤيدة لها.

فقد استدل «شيخ الطائفة» قدس‌سره به في كتاب الغصب في المسألة ٢٢ من الخلاف في من غصب ساجة فبنى عليها ، ثمَّ ذكر حديث سمرة ، ثمَّ قال وهذه يد قد أخذت ساجة فعليها أن تؤديها والاستدلال بها في الكتب الفقهية والاستدلالية كثيرة مشهورة.

وفي معناه ما روي عن طرقهم أيضا مسندا عن عبد الله بن سائب ابن يزيد عن أبيه عن جده عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لا يأخذ أحدكم متاع أخيه لاعبا ولا جدا ، فإذا أخذ أحدكم عصا أخيه فليردها اليه (٢).

دل على ان أخذ مال الغير سواء كان عن لعب أوجد يوجب رده الى صاحبه.

٢ ـ ويدل عليه أيضا الروايات الخاصة الواردة في أبواب العارية والإجارة والمضاربة والرهن وغير ذلك ، مما يدل على ان المستعير أو المستأجر أو العامل أو المرتهن

__________________

(١) السنن للبيهقي ج ٦ ص ٩٠.

(٢) السنن للبيهقي ج ٦ ص ١٠٠.

٢٣٣

إذا حصل منه التعدي أو التفريط فهو ضامن لتلف العين وليس ذلك إلا لأن يده تنقلب الى يد غير امينة ، فلا يشمله حكم برأيه الأمين عن الضمان ، فينطبق على ما نحن فيه وهو كون الضمان على صاحب اليد الا ان يؤديه إلى مالكه.

وهذه الروايات كثيرة جدا وحيث نبسط القول فيها عند الكلام في القاعدة الاتية ونذكر ان هناك طوائف كثيرة من الروايات ونذكر نموذجا من كل طائفة وهي قاعدة عدم ضمان الأمين فنصرف النظر عن ذكرها الان ونوكل أمرها إلى تلك القاعدة.

وهذه الروايات وان وردت في موارد خاصة الا انه يمكن استفادة العموم منها بلا اشكال بعد إلغاء الخصوصية منها قطعا.

أضف الى ذلك ان فيها تعليلات أو ما يشبه التعليل الذي يستفاد منها ان حكم الضمان وعدم الضمان يدور مدار الامانة والغصب فاذا كانت الأيدي غير امينة كانت ضامنة حتى تؤديه.

والحاصل ان جميع ما سيأتي إنشاء الله في القاعدة التالية من عدم ضمان الأمين يدل بمفهومها على ان غير الأمين ضامن.

فاذا لا يختص الدليل على قاعدة على اليد بخصوص الرواية المرسلة المشهورة النبوية ، بل الدليل عليه كثير وما أكثره ، ولكنها متفرقة في مختلف أبواب الفقه لو جمعت كان كتابا مستقلا.

٣ ـ مما يدل قويا على قاعدة اليد قاعدة «احترام مال المسلم» بما عرفت له من المعنى في مبحث قاعدة «ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده» فإن الأصل فيها وفي قاعدة اليد وغيرهما من أشباههما هو ان مقتضى السلطنة على المال عدم جواز تصرف غيره فيه من دون اذنه ، فلو تصرف فيه وتسلط عليه فتلف كان ضامنا ، والا

٢٣٤

انتهكت الحرمة للمال.

وبالجملة حرمة مال المسلم بل وغير المسلم الملحق به ، كحرمة دمه ، ولا يكون هذا مجرد حرمة تكليفية كما ذكره بعض الأكابر ، بل حرمة وضعية أيضا ، وكيف يكون المال محترما ولا يجب تداركه عند التلف في غير يد مالكه بغير اذنه ، وبالجملة التدارك للفائت من شؤون احترام المال وبدونه لا يعد محترما قطعا وتمام الكلام في هذا ذكرناه في مبحث قاعدة ما يضمن فراجع.

٤ ـ ويدل عليه أيضا بناء العقلاء فإنهم لا يزالون يحكمون بضمان من استولى على شيء بغير حق ثمَّ تلف عنده ولو لم يكن عن تعد أو تفريط ، فاذا غصب غاصب حيوانا فهلك ، أو دراهم أو دنانير فسرق ، أو ألبسه فخرقت ، أو غنما فأكله الذئب ، فإن الحكم بالضمان في جميع ذلك مفروغ عنه عندهم ، وحيث ان الشارع لم يردع عنه بل أمضاه عملا وقولا فهو ثابت في الشرع أيضا.

نعم هنا بعض أنواع التلف مما يكون بعلة عامة ، يخفى الضمان فيها عند العقلاء مثل ما إذا غصب غاصب دارا فوقعت الزلزلة في كل البلد فانهدمت جميع دوره أو كثير منها وانهدم هذا الدار المغصوب في ضمنها ، لا سيما إذا كان الدار قبل ذلك في يد المتصرف فيه بإذن منه كالإجارة والعارية ثمَّ مضى وقته وقصّر في رده الى صاحبه فوقعت الزلزلة ، أو اصابه مطر شديد وجرت السيول فانهدم بها أو ما أشبه ذلك مما لا يختص بهذا الدار ولا تفاوت فيه بين ان يكون بيد المالك أو غيره.

وأوضح منه ما إذا لم يكن التصرف حراما عليه بسبب الجهل كمن أخذ مال غيره جاهلا فتلف في يده بسبب عام من غير تعد ولا تفريط ، فان الحكم بالضمان في جميع ذلك عند العقلاء غير ثابت وان كان بعض هذه المصاديق أوضح من بعض.

ولم نجد إلى الا ان تصريحا بهذا في كلماتهم ، وهل إطلاق فتاواهم وإطلاقات

٢٣٥

أدلة الضمان تشمل مثل هذا أو لا يشمل؟ بل هي منصرفة عنه ، لا سيما إذا لم يكن التصرف فيه محرما عليه لجهله أو نسيانه أو غير ذلك؟ لا يخلو عن تأمل.

ولعله قد يتوهم دلالة ما رواه السكوني عن ابي عبد الله عليه‌السلام قال كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يضمن الصباغ والقصار والصائغ احتياطا على أمتعة الناس ، وكان لا يضمن من الغرق والحرق والشيء الغالب (١) على المطلوب.

ولكنه أجنبي عما نحن فيه فان هذه الاجراء أمناء ، ولكن إذا شك في مقام الإثبات ولم يعلم صدق دعواهم في التلف بغير تفريط لا بد من قيام قرينة عليه فان كانوا ثقات فهو قرينة على ذلك ، وكذا إذا أقاموا بينة عادلة ، وان وقع غرق أو حرق أو شيء غالب وأخذ العين المستأجرة في خلال أموالهم وأموال غيرهم فهو أيضا قرينة على المطلوب ، وسيأتي الكلام فيه مستوفى إنشاء الله في القاعدة التالية وهي قاعدة عدم ضمان الأمين ، فلا يمكن الاستدلال به على ما هو كل الكلام فتأمل.

المقام الثاني : مفاد القاعدة

وقبل كل شيء لا بد من تحليل الرواية المرسلة المشهورة : «على اليد ما أخذت حتى تؤديه» لما عرفت من انجبار ضعف سندها بعمل المشهور من الفريقين فنقول ومنه سبحانه التوفيق :

الموصل في قوله «ما أخذت» عام يشمل كل شيء كما ان اليد عامة تشمل اليد الامينة والخائنة ، ولكن سيأتي استثناء اليد الامينة منها إذا لم يحصل منها تعد أو تفريط.

ومن الواضح ان اليد هنا كناية عن السلطة على شيء لا الجارحة المعروفة ،

__________________

(١) الوسائل ج ١٣ أبواب أحكام الإجارة الباب ٢٩ الحديث ٦.

٢٣٦

فإنها لما كانت سببا للسلطة على الأشياء غالبا صارت كناية عن هذا المعنى فلو حصلت السلطة بغير اليد فلا شك انه داخل في القاعدة.

كما ان «الأخذ» ليس المراد به الأخذ الخارجي باليد أو غيرها ، بل التسلط على شيء ولو لم يكن بأخذه.

ومن هنا يعلم ان كلمة «على اليد» خبر مقدم و «ما أخذت» مبتدأ مؤخر ، وان الجار والمجرور متعلقان بفعل مقدر وهو «يستقر» أو ما يشبهه وهو ظرف مستقر.

واما لفظة «على» فهي للاستعلاء كما هو الأصل فيها ، فكأن الأشياء المأخوذة تستقر على يد آخذها ، ويكون ثقلها عليها ما لم تؤدها الى صاحبها ، فهذا الثقل باق عليه الا ان يردها ، ومعنى كون ثقلها عليها هو ضمانها فهو كناية لطيف عن الضمان.

كما قد يقال : «ان هذا على عنقي ، أو على عاتقي فكأنه حمل حمله على عنقه أو على عاتقه ، وثقله عليه ، حتى يخرج من ضمانها ، حتى انه إذا تلف لا يرتفع ثقلها عنه بل يبقى في عالم الاعتبار حتى يؤدي مثلها أو قيمتها ، فإنه أيضا نوع أداء للعين عند تلفه ، لقيام المثل أو القيمة مقامه.

وقد يقال انه «في ذمتي ، أو على ذمتي» فتارة تفرض الذمة كوعاء ويستقر العين فيه ، وربما تتصور كمحمول يحمل عليه العين وعلى كل تقدير كل هذه كنايات عن الضمان.

بقي هنا أمور

الأول : لا فرق في مسئلة الضمان هنا بين العلم والجهل فلو لم يكن مأذونا من قبل المالك وتلف في يده كان ضامنا ، وذلك لإطلاق قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله «على اليد ما أخذت ...» لعدم وجود قيد فيه من هذه الجهة ، هذا «أولا».

٢٣٧

و «ثانيا» إطلاق سائر الأدلة والروايات الواردة في المسئلة أيضا دليل على المقصود.

و «ثالثا» قاعدة احترام المال أيضا تقتضي ذلك من دون اي فرق.

و «رابعا» لا فرق في السيرة العقلائية بين الصورتين.

أضف الى ذلك كله ما ورد في بعض الروايات الخاصة التي يلوح منها عدم الفرق بين الجاهل والعالم ، مثل ما رواه علي بن مزيد (علي بن فرقد) صاحب السابري قال اوصى الي رجل بتركته فأمرني أن أحج بها عنه فنظرت في ذلك فإذا هي شيء يسير لا يكفي للحج ، فسألت أبا حنيفة وفقهاء أهل الكوفة فقالوا تصدق بها عنه ـ الى ان قال ـ فلقيت جعفر بن محمد عليهما‌السلام في الحجر فقلت له رجل مات واوصى الي بتركته ان أحج بها عنه فنظرت في ذلك فلم يكف للحج ، فسالت من عندنا من الفقهاء فقالوا تصدق بها ، فقال ما صنعت قلت تصدقت بها ، قال : ضمنت! الا ان لا يكون يبلغ ما يحج به من مكة فإن كان لا يبلغ ما يحج به من مكة فليس عليك ضمان وان كان يبلغ ما يحج به من مكة فأنت ضامن (١).

وفي معناه روايات اخرى وردت في نفس ذاك الباب.

وهي وان كانت واردة في مورد الإتلاف ، الا ان الظاهر عدم الفرق بينه وبين التلف من هذه الجهة ، فلو كان تصرفه فيه بغير اذن مالكه جهلا منه بذلك سواء كان عن تقصير أو قصور ، فتلف عنده فهو له ضامن (فتأمل).

الثاني : لا شك في الضمان إذا كان التلف مستندا الى كونه في يده واستيلائه عليه ، بحيث لو كان عند مالكه بما اصابه هذه المصيبة والتلف السماوي ، فهو وان لم يكن متلفا له ولكن كان يده عليه من معداته ، وكذا إذا لم يعلم كون التلف مستندا

__________________

(١) الوسائل ج ١٣ أبواب أحكام الوصايا الباب ٣٧ الحديث ٢.

٢٣٨

الى هذا أو الى سبب عام لا تفاوت فيه بين استيلاء المالك عليه واستيلاء الغاصب.

اما لو كان السبب من الأسباب العامة الظاهرة على كل احد كوقوع زلزلة أو اصابة صاعقة ، أو غرق أو حرق عام ، لا يتفاوت فيه الحال بين أبناء البلد ، فذهب بأموال المالك وأموال الغاصب كليهما ومن جملتهما هذا المال الموجود في يد الغاصب بحيث لا يكون استيلاء الغاصب أية مدخلية في التلف ولا سيما إذا لم يصدق عليه عنوان الغاصب ، وان كان غير مأذون كالجاهل فظاهر إطلاقات كلماتهم وفتاواهم هنا شمول على اليد له أيضا لأنا لم نجد من فرق بينهما وان لم نجد من صرح بالإطلاق أيضا.

وقد مر الكلام فيه وانه لم نجد لهم كلاما فيه.

نعم يظهر التفصيل من بعض كلمات لا بالنسبة إلى نفس العين ولا منافعه المستوفاة ، بل بالنسبة إلى المنافع غير المستوفاة ، فإنه قال :

نعم هذه القاعدة (قاعدة التفويت) لا تجري بالنسبة الى جميع أقسام المنافع غير المستوفاة وتكون مخصوصة بما إذا كان عدم الاستيفاء مستندا الى تفريطه ، لا إلى آفة سماوية ، فلو غصب بستانا مثلا أو دابة كذلك ، وكان عدم استيفاء الغاصب لمنفعة ذلك البستان ، أو تلك الدابة لوصول آفة سماوية إليهما ، لا لحبس الغاصب لما على مالكهما ، فلا تجري هذه القاعدة ولا يمكن القول بالضمان لأجل قاعدة التفويت انتهى (١).

وكلامه وان كان في قاعدة التفويت (اي تفويت منافع الملك) ولكن الظاهر انه لو تمَّ كلامه فيها فلا بد من القول به في العين أيضا وفي قاعدة على اليد لعدم الفرق بينهما في هذه الجهة والدليل فيها هو الدليل في المنافع.

والظاهر ان بناء العقلاء الذي هو الأصل في هذه القواعد على ذلك أيضا أعني الفرق بين الصورتين ، فاذا يمكن التفصيل في المسألة بين الآفات العامة وغيرها.

__________________

(١) العلامة البجنوردى في قواعده ج ٤ ص ٥٦.

٢٣٩

ولكن الجرأة على هذا الحكم مع إطلاق الروايات والفتاوى ، وعدم تعرض احد من الأصحاب فيما رأينا للتفصيل مشكل جدا وان كان الحكم بالإطلاق أيضا لا يخلو عن اشكال ، والمسألة تحتاج الى مزيد تأمل وتحقيق والله الهادي إلى سواء الطريق.

الثالث : لا فرق بين ضمان العين والمنافع سواء كان مستوفاة أو غير مستوفاة.

أما المنافع المستوفاة فالمعروف بينهم ضمانها ولا ينبغي الشك فيها ، فلو غصب دارا وسكنها فعليه اجرة مثل منافعه التي استوفاها أو غصب دابة فركبها.

ويدل على ذلك جميع ما يدل على ضمان نفس العين ، بل المنافع داخلة في قوله «على اليد ما أخذت» فإن الأخذ صادق بالنسبة إلى المنافع أيضا ولو بتبع أخذ العين ، كما ان التسليم للمنافع في باب الإجارة انما هو بتسليم العين المستأجرة ، وتوهم ان قوله «حتى تؤديه» لا يشملها باطل لأن أداء المنافع انما هو بأداء العين.

وكذلك قاعدة احترام مال المسلم شاملة لها لان المنافع المستوفاة أيضا من الأموال.

وهكذا لا فرق في السيرة العقلائية بين العين والمنفعة.

أضف الى ذلك كله وقوع التصريح به في بعض نصوص الباب كما في صحيحة أبي ولاد عن الصادق عليه‌السلام فإنه ذكر في جواب ابي ولاد الحناط الذي اكترى بغلا ثمَّ جاوز به عن الشرط ، فذهب به من الكوفة إلى النيل ، ومن النيل الى بغداد ، ومن بغداد إلى الكوفة ، فقال : «ارى له عليك مثل كراء بغل ذاهبا من الكوفة إلى النيل ومثل كراء بغل راكبا من النيل الى بغداد ، ومثل كراء بغل من بغداد إلى الكوفة ، توفيه إياه» (١).

ومثله ما ورد عنه عليه‌السلام بطرق عديدة في نفس ذاك الباب (٢).

__________________

(١) الوسائل ج ١٣ أبواب أحكام الإجارة الباب ١٧ الحديث ١.

(٢) راجع كتاب الإجارة الباب ١٧ الحديث ٢ و ٤.

٢٤٠