القواعد الفقهيّة - ج ٢

آية الله ناصر مكارم الشيرازي

القواعد الفقهيّة - ج ٢

المؤلف:

آية الله ناصر مكارم الشيرازي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مدرسة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام
المطبعة: مدرسة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام
الطبعة: ٣
الصفحات: ٤٢٦
الجزء ١ الجزء ٢

ان الكافر الذي أسلم لا يكلف بقضاء الصلاة والصيام الفائتين منه حال كفره كذلك لا يكلف بإعطاء الزكاة عن السنين الماضية حال كفره. هذا ما عليه المشهور بل لم ينقل عن أحد غير صاحبي المدارك والذخيرة التوقف فيه ، حيث طعنا كما انه يمكن المناقشة في الدلالة بان الجب هو القطع ، على ما ذكره الطريحي في مجمع البحرين ومعنى الحديث على ما ذكره : ان التوبة تجب ما قبلها من الكفر والمعاصي والذنوب والإسلام يجب ما قبله.

والمستفاد من ذلك انه كما تلغى التوبة كل تبعة كانت على العاصي والمذنب كذلك الإسلام يلغي كل تبعة على الكافر أيام كفره ، فلا يعاقب على ذلك وهذا لا ربط له بالتكليف ، ثمَّ ان الحديث لو تمَّ سنده فإنه يتضمن الامتنان نظير الامتنان في حديث الرفع أو نفي العسر والحرج أو نفي الضرر ، وهو انما يتم إذا لم يعارض بالامتنان في مورد آخر وفي المقام يكون الامتنان على الكافر بإسقاط الزكاة عنه معارضا لحق الأصناف الثمانية في الزكاة!.

هذا مضافا الى إشكال عقلي وهو ان البعث سبب الى العمل المبعوث اليه ، فاذا كان العمل المبعوث اليه مقيدا بالإسلام وكان الإسلام مسقطا للتكليف يلزم من علية الشيء لعدم نفسه وهو مستحيل! هذا والانصاف ان شيئا مما ذكره لا يمكن المساعدة عليه ويرد عليه :

أولا ـ ان سند الحديث منجبر بعمل الأصحاب بل علماء الإسلام من الأصحاب وغيرهم.

ثانيا ـ ان عطفه على التوبة لا يوجب تضييق مفهومها بعد إطلاقها.

ثالثا ـ ان الامتنان على من تجدد إسلامه أقوى بمراتب من الامتنان على مستحقي الزكاة ، بل لا دليل على انحصارها بموارد الامتنان.

١٨١

ورابعا ـ أعجب من الكل الاستدلال بعدم جواز علية الشيء لعدمه فان مقتضى الحديث ان الإسلام يكون علة لإثبات التكاليف عليه في المستقبل فقط لا بالنسبة الى الماضي.

واما بالنسبة إلى الواجبات البدنية التي انعدم شرائطها فعلا كالحج بعد زوال الاستطاعة ، والظاهر انها أيضا مشمولة لحديث الجب ، ويوافقه السيرة المستمرة ، فمن كان مستطيعا في الأزمنة البعيدة ثمَّ أسلم بعد سنين حال كونه غير مستطيع لا يلزم بالحج.

هذا كله مما لا ينبغي الإشكال في دخولها تحت القاعدة.

وكذا لا ينبغي الإشكال في خروج بعض ما ثبت فيه القصاص الشرعي ، أو الديات الثابتة في الشرع مما لم تكن ثابتة عند العقلاء والأديان السابقة فالظاهر انها أيضا مرفوعة بحكم القاعدة لما عرفت عند تفصيلها.

واما قصاص النفس وشبهه مما اشترك فيه الإسلام والكفر وجميع الأديان الإلهية وغيرها ، فالإنصاف انها خارجة عن القاعدة ولا وجه لرفعها بالإسلام ، فإنها ليست أحكاما إسلامية فقط حتى ترتفع عمن لم يؤمن بها ، وان هو الا كالديون المالية الثابتة في جميع الشرائع بل وعند من لا يؤمن بأي دين.

فلو قتل إنسان إنسانا آخر ثمَّ أسلم ، فالقصاص ثابت وكذا الدية عند اجتماع شرائطها.

نعم المعروف من سيرة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه لم يعتن بدماء الجاهلية ولم يؤاخذ أحدا بها ، وقد اشتهرت منه صلى‌الله‌عليه‌وآله هذا الحديث «الا وان كل شيء من أمر الجاهلية موضوع تحت قدمي هاتين ودماء الجاهلية موضوعة» (١).

__________________

(١) رواه ابن ماجه في السنن في المجلد الثاني ص ١٠٢٣ الباب ٨٤ من كتاب المناسك (باب حجة رسول الله «ص») ورواه أيضا غيره من المحدثين وأرباب السير.

١٨٢

ولكن الظاهر ان إلغاء دماء الجاهلية كان بدليل خاص ، وناشيا من علة أخرى وهو انه صلى‌الله‌عليه‌وآله لو أراد الأخذ بدماء الجاهلية والقصاص عنها لظهر فساد كبير ولم يستقر حجر على حجر لابتلاء كثير منهم بدماء الجاهلية فكان مأمورا من عند الله بترك التعرض لها.

وكذا الكلام بالنسبة إلى الدماء التي اراقوها في الغزوات الإسلامية عند محاربة الإسلام مع الكفر ، فلو ان كافرا حضر في بدر واحد ، وقتل من المسلمين ما قتل ، ثمَّ أسلم فلم يكن يقتص منه ، ولم نسمع ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اقتص من احد منهم ، بل المعروف من قصة وحشي وانه عفا عنه بعد إسلامه ، ان الظاهر ان قاعدة الجب يشمل جميع هذه.

اما لو لم يكن القتل جاهليا ولا دينيا بل كان في قضية خاصة بين كافر وغيره ثمَّ أسلم فحينئذ يشكل إسقاط القصاص أو الدية منه بالإسلام إذا كان هذا ثابتا في مذهبه السابق.

وأظهر من هذا الأحكام المتعلقة بالعقود والإيقاعات والعقود والنذور والديون المالية ، والإتلافات ، بل وجميع الضمانات ، فلا ترتفع بالإسلام قطعا ، فلو ان كافرا غصب مال أحد ثمَّ أسلم ، أو عقد على امرأة ثمَّ أسلما ، أو ابتاع شيئا من غيره ثمَّ غصب مال أحد ثمَّ أسلم ، أو عقد على امرأة ثمَّ أسلما ، أو ابتاع شيئا من غيره ثمَّ أسلم ، أو استدان دينا كذلك ، فلا إشكال في بقاء هذه الأمور على حالها ، والإسلام لا يجبه ولا يقطعه مما سبق بالنسبة الى هذه الأمور.

قال بعض المحققين : «ان الحقوق المالية القابلة للتأمل أو المنع عن كونها مشمولة للنص انما هي الحقوق الثابتة عليه لا بشرع الإسلام ، كرد الأمانات والديون المستقرة في ذمته ، والا فقد أشرنا ان الخمس والزكاة والكفارات ونظائرها من الحقوق المالية الناشئة من التكاليف المقررة في دين الإسلام ، من أظهر موارد

١٨٣

الحديث» (١).

بل لا نجد وجها بينا لتأمله (قدس‌سره) في ثبوت الحقوق المالية والديون وانها ثابتة لا ترتفع.

أما بالنسبة إلى مثل حدث الجنابة والحدث الأصغر وشبههما فأحكامها باقية بعد الإسلام ، ويجب على الكافر بعد إسلامه الطهارة عنها لصلواته ، ولكن هل كان ذلك معمولا في صدر الإسلام في زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وانه كان يدعو من يدخل في الإسلام إلى الطهارة من الجنابة التي كانت به وكذا الحدث الأصغر.

الظاهر نعم بالنسبة إلى الحدث الأصغر ، فان جديد الإسلام كان يتوضأ كما يتوضأ المسلمون لصلاتهم واما الاغتسال عن الجنابة السابقة ولو كان قبل سنين فقد يقال انه أيضا لازم وليس ببعيد وان كان لا يخلو عن اشكال.

قال في مفتاح الكرامة في كتاب الصلاة عند الكلام في سقوط قضائها عن الكافر : «واستثنى المحقق الثاني في حاشيتة حكم الحدث كالجنابة وحقوق الادميين قال والمعلوم ان الذي يسقط ما خرج وقته ، وكذلك الشهيد الثاني وفي الذخيرة ان ذلك محل وفاق وكذا مجمع البرهان قال ان حقوق الادميين مستثنى بالإجماع» (٢).

بل يظهر من بعضهم في بحث مطهرية الإسلام لبدن الكافر ورطوباته المتصلة به من بصاقه وعرقه ونخامته والوسخ الكائن على بدنه ، من الاستدلال بحديث الجب له ، وأورد عليه في المستمسك بأنه «يختص بالآثار المستندة إلى السبب السابق على الإسلام وبقاء النجاسة ونحوها ليس مستندا الى ذلك» (٣).

ولكن هل كان ذلك معهودا في صدر الإسلام والأزمنة المتأخرة عنه؟ وهل

__________________

(١) مصباح الفقيه للمحقق الهمداني كتاب الزكاة ص ١٧.

(٢) مفتاح الكرامة ج ٣ ص ٣٨١.

(٣) المستمسك في الثامن من المطهرات.

١٨٤

أمروا الكفار بتطهير أبدانهم وثيابهم والاغتسال من الجنابة ، مع ان الكافر إذا دخل الإسلام يبقى على حالته السابقة بالنسبة الى هذه الأمور الا ان يؤمر بخلافه؟ لا يخلو عن اشكال.

وقال الشهيد الثاني في المسالك في باب غسل الجنابة انه يمكن أن يقال على هذا يحكم عند الإسلام بسقوط وجوب الغسل عنه ان كان في غير عبادة مشروطة به ، لان الوجوب من باب خطاب وضع الشرع ، ثمَّ إذا دخل وقتها أو كان حاصلا وقت الإسلام حكم عليه بوجوب الغسل اعمالا للسبب المتقدم كما لو أجنب الصبي بالجماع فإنه يجب عليه الغسل بعد البلوغ في وقت العبادة (١).

ويظهر من الخلاف أيضا وجوب الغسل عليه بعد إسلامه ، قال في المسألة (٧٠) من كتاب الطهارة ما لفظه : «الكافر إذا تطهر أو اغتسل على جنابة ثمَّ أسلم لم يعتد بهما ، وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة انه يعتد بهما ، دليلنا ما بيّناه من ان هاتين الطهارتين تحتاجان إلى نية القربة والكافر لا يصح منه نية القربة في حال كفره لأنه غير عارف بالله تعالى فوجب ان لا يجزيه» (٢).

وكلامه وان كان ناظرا الى غير المقام ولكن يستفاد منه المقصود بطريق أولى.

وقال الفقيه الماهر قدس‌سره في الجواهر في كتاب الطهارة : فإذا أسلم وجب عليه الغسل عندنا بلا خلاف أجده ، ويصح منه لموافقته للشرائط جميعها ، إذا الظاهر ان المراد بكونه يجب ما قبله انما هو بالنسبة إلى الخطابات التكليفية البحتة ، لا فيما كان الخطاب فيه وضعيا كما فيما نحن فيه ، فان كونه جنبا يحصل بأسبابه فيلحقه الوصف وان أسلم (٣).

__________________

(١) المسالك ج ١ ص ٨.

(٢) الخلاف ج ١ ص ٢٥ (الطبعة الجديدة).

(٣) الجواهر ج ٣ ص ٤٠.

١٨٥

وقال المحقق الهمداني في مصباحه : «لا ينبغي الاحتياط في وجوب الغسل عليه بعد ان أسلم وان لم نقل بكونه مكلفا به حال كفره ، إذ غايته أن يكون كالنائم والمغمى عليه وغيرهما ، ممن لا يكون مكلفا حين حدوث سبب الجنابة ، ولكنه يندرج في موضوع الخطاب بعد استماع شرائط التكليف فيعمه قوله تعالى (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) وقوله عليه‌السلام : «إذا دخل الوقت وجب الصلاة والطهور» ولا ينافي ذلك ما ورد من ان الإسلام يجب ما قبله لان وجوب الغسل لصلاته بعد ان أسلم من الأمور اللاحقة فلا يجبّه الإسلام ، وحدوث سببه قبله لا يجدي لأن الإسلام يجعل الافعال والتروك الصادرة منه في زمان كفره في معصية الله تعالى كأن لم تكن ، لا ان الأشياء الصادرة منه حال كفره يرتفع آثارها الوضعية خصوصا إذا لم يكن صدورها على وجه غير محرم ، كما لو بال أو احتلم فإنه كما لا ترتفع نجاسة ثوبه وبدنه المتلوث بهما بسبب الإسلام كذلك لا ترتفع الحالة المانعة من الصلاة الحادثة بسببهما وكيف كان فلا مجال لتوهم ارتفاع الحدث بالإسلام كما لا يتوهم ذلك بالنسبة إلى التوبة التي روى فيها أيضا أنها تجب ما قبلها (١).

ولكن العمدة ما عرفت من سيرة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وانه هل كان يأمر من دخل الإسلام بالاغتسال عن الجنابة (٢) مع ان كلهم أو جلّهم كانوا مبتلين بأسبابها ، لم نر ما يدل على ذلك ، إلا روايات رواها البيهقي في سننه تدل على أمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لمن أسلم أو أراد الإسلام بالاغتسال في بعض الروايات ، وبالاغتسال بالماء والسدر كما في روايات اخرى ، من غير تصريح فيها بعنوان غسل الجنابة ، فإن قلنا بكفاية ذلك عن جميع ما كان عليه من الأغسال ، حتى غسل الحيض والنفاس بالنسبة الى النساء اللاتي دخلن في الإسلام ، وتمَّ اسناد هذه الأحاديث كان الأمر واضحا ، والا بقي الاشكال ، وعلى

__________________

(١) المصباح للهمدانى كتاب الطهارة مبحث الغسل.

(٢) السنن الكبرى للبيهقي ج ١ كتاب الطهارة ص ١٧١ (باب الكافر يسلم فيغتسل).

١٨٦

كل حال لا شك انه لا ينبغي ترك الاحتياط بالاغتسال لعدم ظهور شمول قاعدة الجب له وعدم الاطمئنان بوجود السيرة على خلافه.

اما الأحكام الوضعية كالرضاع والمحرمات السببية كدمومة الزوجة التي حصلت بينها وبين غيرها قبل إسلامها فلا ينبغي الشك في إجراء أحكامها عليها لأنه يصدق عليه بعد الإسلام الأخ الرضاعي ، أو صهر البنت ، أو أم الزوجة أو غير ذلك من هذه العناوين ، فلا مساس للقاعدة بهذه الأمور التي موضوعاتها باقية وليست من العقوبات وشبهها ، لما عرفت في معنى الحديث.

أما مثل «التطليقات الثلاث» التي تحقق جميعها أو بعضها قبل الإسلام ثمَّ أسلم فالظاهر انه كذلك ، لان الفراق اثر وضعي اعتباري للتطليقات ، ولا دخل للإسلام والكفر فيه ، وليس من العقوبات وشبهها حتى يجب الإسلام عنه ، اللهم الا أن يقال ان مثل هذا الحكم لم يثبت من قبل ، بل هو حكم إسلامي في هذا الدين ، فالإسلام يرفعه ، وعليه يحمل ما رواه في البحار عن أبي عثمان النهدي قال : جاء رجل الى عمر فقال اني طلقت امرأتي في الشرك تطليقة وفي الإسلام تطليقتين فما ترى؟ فسكت عمر ، فقال له الرجل ما تقول؟ قال كما أنت حتى يجيء علي بن أبي طالب عليه‌السلام فجاء علي عليه‌السلام فقال قص عليه قصتك ، فقص عليه القصة فقال علي عليه‌السلام هدم الإسلام ما كان قبله ، هي عندك على واحدة (١).

وقد عرفت روايته من طرق أهل السنة أيضا.

ولازمه سقوط ما وقع من الطلاق في حال الكفر فيقتصر على ما وقع في حال الإسلام فيعتبر من تطليقاته الثلاث تطليقتان وتتوقف الحرمة على تطليقة واحدة أخرى والظاهر ان هذا هو معنى قوله «هي عندك على واحدة».

ولكن سند الرواية ضعيف ، والعمل على وفقها لا سيما مع عموم الدليل وهو

__________________

(١) بحار الأنوار ج ٤٠ ص ٢٣٠.

١٨٧

قوله «هدم الإسلام ما كان قبله» يوجب العمل بهذا في سائر الأسباب والشرائط الشرعية ولا تظن أحدا يلتزم به ، فالأولى أن يقال ان العمومات تقتضي القول باعتبار طلاقه قبل الإسلام ، وحصول التطليقات الثلاث في مفروض المسألة فتحرم عليه المرأة ، وأما الحديث لا جابر له فاللازم إيكال أمرها إلى أهلها.

ويؤيد ما ذكرنا ما ورد في عدة النصرانية إذا أسلم ، فقد روى زرارة في رواية صحيحة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال سألته عن نصرانية ـ الى أن قال ـ إذا أسلمت بعد ما طلقها ، فان عدتها عدة المسلمة (الحديث) (١).

فإنها صريحة في صحة طلاقها من زوجها ، ويبقى عليها العدة ، وحيث انها أسلمت يجب عليها الاعتداد بعدة المسلمة.

هذا تمام الكلام في مفهوم الروايات ومحتواها ، وسعة دائرتها ، ومقدار شمولها وبيان ما هو خارج عنها أو داخل فيها وتحصل من جميع ذلك أن القاعدة لا ترد عليه تخصيصات كثيرة ولو ثبت تخصيص في بعض الموارد فاللازم الأخذ به ويبقى الباقي تحتها.

٣ ـ بناء العقلاء هنا

ومما يدل على قاعدة الجب أو يؤكدها تأكيدا تاما ما أسلفناه عند الكلام في السنة وانها بشكل آخر دارجة بين العقلاء وأهل العرف ، ولعل الشارع أمضاها ، وهو ان القوانين عندهم لا تعطف على ما سبق ، ومرادهم من ذلك ان القوانين المجعولة عندهم لا تشمل المصاديق التي كانت سابقة على جعلها ، لا سيما إذا كان من العقوبات والداخل في دين جديد في الواقع يكون كمن سبق قانونا فلا يشمله ذلك.

وحكمة هذا الأصل بينهم ان شمول القوانين لما سبق من المصاديق كثيرا ما

__________________

(١) الوسائل ج ١٥ كتاب الطلاق أبواب العدد الباب ٤٥ الحديث ١.

١٨٨

يوجب الهرج والمرج واختلال النظام ، ومفاسد أخرى لا تخفى على أحد.

وهذا لو لم يعد دليلا على القاعدة ولكن يمكن أن يكون سببا لانصراف العمومات والإطلاقات الواردة في العقوبات وشبهها مما صدر في حال الكفر.

أضف الى ذلك لزوم العسر والحرج الشديد من عدم جب الإسلام عما قبله وهذا وان لم يكن دليلا عاما شاملا لجميع مصاديقه ، ولكن يشمل كثيرا منها وكيف لا يجب الإسلام عما قبله وقد قال الله تعالى (هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(١).

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «بعثت الى الشريعة السمحة السهلة» (٢) وأي حرج أعظم من ان يؤخذ بعد إسلامه بما فعله في حال الكفر؟ وأي سهولة وسماحة في دين يؤاخذ من دخل فيه بما صدر منه قبل ذلك ولو بسنين كثيرة؟

نعم هذا الدليل كما قلنا لا يجري في جميع موارد قاعدة الجب ولكن كثير من مصاديقها داخلة فيه فهو مؤيد لما سبق أيضا.

الى هنا تمَّ الكلام في قاعدة الجب بعون الله تعالى في يوم الاثنين ٢٨ ذي الحجة سنة ١٤٠٤.

__________________

(١) سورة الحج : الاية ٧٨.

(٢) رواه في صحيح البخاري في المجلد الأول ص ١٦ باب الدين يسر ، عنه (ص) ولكن متن الحديث هكذا : أحب الدين الى الله الحنفية السمحة وعن مسند احمد ج ٦ ص ١١٦.

١٨٩
١٩٠

٩ ـ قاعدة الإتلاف

(من أتلف مال الغير فهو له ضامن)

معنى القاعدة

مدركها من كتاب الله

مدركها من السنة ، وفيها عشر طوائف من الأحاديث

بناء العقلاء هنا

استقرار إجماع العلماء عليه

الإتلاف بالمباشرة والتسبيب

مسألة تعدد الأسباب

لا فرق بين العلم والجهل في المسألة

الفرق بين الغصب والإتلاف

١٩١
١٩٢

قاعدة الإتلاف

والكلام في هذه القاعدة يقع في مقامات :

١ ـ معنى القاعدة إجمالا.

٢ ـ مداركها.

٣ ـ مفادها تفصيلا.

٤ ـ ما يتفرع عليها من الفروع.

١ ـ معنى القاعدة

معنى القاعدة على إجمالها ظاهر لا غبار عليه ، وهو ان من أتلف مالا أو المنافع المترتبة على مال بسبب من الأسباب ، عالما أو جاهلا ، مما يتعلق بالغير فهو مكلف بأداء مثلها أو قيمتها.

وذلك إذا لم يكن بإذن صاحبها بل غصبا عليه أو بغير رضى منه ، وهذه قاعدة سارية في كثير من أبواب الفقه ، يستند إليها الفقهاء من العامة والخاصة ، بل هي قاعدة عقلائية قبل أن تكون شرعية كما سنتكلم فيه ان شاء الله.

والمقصود هنا بيان القاعدة على نحو كلي كما يقتضيه كيفية البحث في القواعد الفقهية ، وأما جزئياته وخصوصياته ، وما قد يرد عليه من الاستثناء فهي من وظائف

١٩٣

الكتب الفقهية ، لا ما يبحث عن قواعدها.

وهذه القاعدة ـ كما سيأتي ان شاء الله ـ من شئون سلطنة المالك على ماله فان تلك السلطنة تقتضي جواز أخذ المتلف بما يكون عوضا للمال ، أو المنفعة.

٢ ـ مدرك قاعدة الإتلاف

المعروف في كلمات من تعرض للقاعدة هو هذا العنوان «من أتلف مال الغير فهو له ضامن» ولكن هذه العبارة لم توجد في رواية مما ورد في كتب الفريقين ، كما اعترف به غير واحد ، ومن المحتمل قويا أنه قاعدة مصطادة من الروايات الكثيرة الواردة في موارد خاصة ، بحيث يعلم بإلغاء الخصوصية عنها ، ومن بناء العقلاء وغيره كما سيأتي ان شاء الله.

وعلى كل حال فما يمكن ان يستدل به للقاعدة أمور :

الأول : من كتاب الله ويمكن الاستدلال لها بالآيات التالية :

١ ـ (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ)(١)

فإن إطلاقها يشمل الاعتداء في الأنفس والأموال ، ومن الواضح ان ما يعطى به قصاصا أو تقاصا وشبهه ليس من الاعتداء ولكن أطلق عليه هذا العنوان في الآية تغليبا ، كما ان من الواضح انه ليس معنى الاعتداء بالمثل أن يكسر إناء في مقابل كسر إناء ، بل ان يؤخذ قيمة إناء في مقابل كسر إناء ، فهذا هو الاعتداء بالمثل في هذه الموارد عرفا وكذلك من أحرق بيت إنسان ليس له الاعتداء بمثل إحراق بيته بل يأخذ قيمته وما يعاد له.

واما ان الآية هل تدل على ضمان المثل ، أو الأعم منها؟ فهو بحث آخر لسنا بصدده فعلا ، انما الكلام في دلالتها على المقصود إجمالا.

__________________

(١) سورة البقرة : الاية ١١٤.

١٩٤

٢ ـ قوله تعالى (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ)(١).

بناء على ان المعاقبة تشمل الأموال والأنفس فإنها في اللغة بمعنى المجازاة والأخذ بالذنب والاقتصاص ، ولكن شمولها للأموال لا يخلو عن اشكال. قال الراغب في المفردات : «والعقوبة والمعاقبة والعقاب يختص بالعذاب كما ان العقب والعقبى يختصان بالثواب» ويستفاد من كلامه ان إطلاق العقوبة والعقبى على الثواب والعقاب من جهة كونهما في عقب المعصية والطاعة.

٣ ـ قوله تعالى (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)(٢).

بناء على إطلاق السيئة وعمومها لإتلاف الأموال والمنافع ، وحينئذ جزاء سيئة سيئة مثلها لكن لا بمعنى إتلاف مال أو منفعة في مقابله ، بل بمعنى أخذه فإن القصاص بماله من المعنى الخاص مخصوص بالأنفس لعلة لا تخفى ، واما في الأموال فيحث ان إتلافها حرام لا يكون التقاص إلا بأخذ مال مثله أو بقدر قيمته.

هذا ما يمكن الاستدلال به من آيات الذكر الحكيم ، ولكن العمدة في هذا المقام ليست هذه الايات لإجمالها بل الروايات التالية.

الثاني : السنة

يمكن الاستدلال لها بروايات كثيرة وردت في أبواب مختلفة ، وهي وان كانت مختصة بمواردها ، ولكن ملاحظة المجموع توجب القطع بعدم اختصاصها بباب دون باب وهي طوائف :

الطائفة الأولى : ما ورد في أبواب الضمان.

__________________

(١) سورة النحل : الاية ١٢٦.

(٢) سورة الشورى : الاية ٤٠.

١٩٥

منها ما رواه العلاء ابن فضيل عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه سئل عن رجل يسير على طريق من طرق المسلمين على دابته فتصيب برجلها ، قال : ليس عليه ما أصابت برجلها ، وعليه ما أصابت بيدها ، وإذا وقف فعليه ما أصابت بيدها ورجلها ، وان كان يسوقها فعليه ما أصابت بيدها ورجلها أيضا (١).

وهذه الرواية وأشباهها أقوى شاهد على ان أصل إيجاب الإتلاف للضمان كان امرا مفروغا عنه عندهم ، وانما كان السؤال والجواب يدوران حول بيان مصداق الإتلاف ، ولذا بيّن الامام عليه‌السلام ان السائر على الطريق لا بد ان يراعي يدي دابته حتى لا تصيب بيديها ، فلو أتلف بيديها شيئا فعلى راكبها ، لأنه المتلف بالتسبيب واما لو أصاب برجليها فالعهدة على من لم يلاحظ ذلك ، ولكن إذا كانت الدابة متوقفة ، أو إذا كان صاحبها خلفها يسوقها فعليه ما أصابت بيدها ورجلها ، لصدق التسبيب عليه في ذلك ، فلو لم يكن أصل الضمان بالإتلاف امرا مفروغا عنه لم يقع السؤال عن خصوصيات أسبابه ومصاديقه.

وفي هذه الرواية أيضا دلالة على عدم الفرق بين العمد والخطأ وبين المباشرة والتسبيب.

ومنها : ما رواه الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه سئل عن الرجل يمر على طريق من طرق المسلمين فتصيب دابته إنسانا برجلها فقال ليس عليه ، ما أصابت برجلها ولكن عليه ما أصابت بيدها ، لان رجليها خلفه ان ركب ، فان كان قاد بها فإنه يملك بإذن الله يدها يضعها حيث يشاء (٢).

وفي هذه الرواية من التعليل ما يبين المقصود ، وأيضا ذيلها الوارد في مورد القيادة التي يكون صاحب الدابة فيها مقدما عليها شاهد على المقصود.

__________________

(١) الوسائل ج ١٩ كتاب الديات أبواب موجبات الضمان الباب ١٣ الحديث ٢.

(٢) الوسائل ج ١٩ كتاب الديات أبواب موجبات الضمان الباب ١٣ الحديث ٣.

١٩٦

وفي معناهما روايات أخر وردت في نفس هذا الباب ، وان كان بعضها تدل على الضمان بما أصاب باليد والرجل من الدابة ، ولكنها لو كانت معارضة من هذه الناحية ـ وليست متعارضة كما ذكرناه في محله ـ لم يضر بما نحن بصدده من الضمان بالإتلاف لان تعارضها في تشخيص المصداق.

منها : ما ورد في باب ان صاحب البهيمة لا يضمن ما أفسدت نهارا ويضمن ما أفسدت ليلا.

مثل ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليه‌السلام قال كان علي عليه‌السلام لا يضمن ما أفسدت البهائم نهارا ويقول على صاحب الزرع حفظ زرعه وكان ما يضمن ما أفسدت البهائم ليلا (١).

وفي معنى هذه الرواية روايات أخر كلها بهذا المضمون ، وهي أيضا شاهدة على ما ذكرناه شهادة قوية ، حيث ان أصل الضمان بالإتلاف جعل امرا مفروغا عنه ووقع الكلام في مصاديق الإتلاف ، ففي الأماكن التي تكون المتعارف حفظ الزرع على صاحبه طول اليوم لا يكون صاحب الدابة ضامنا عند إرسالها نهارا ، واما في الليل فعليها ان يوثق دابتها ، فلو أرسلها كان ضامنا لما تتلفه.

ومن الواضح لو كان هناك أماكن يكون المتعارف فيها حفظ الدابة فيها ليلا ونهارا فلو أرسلها صاحبها كان ضامنا لما تتلفه.

الطائفة الثانية : ما ورد في أبواب الحدود المشتمل على تعليل يمكن استفادة العموم منه.

مثل ما رواه سدير عن ابي جعفر عليه‌السلام في الرجل يأتي البهيمة قال يجلد دون الحد ويغرم قيمة البهيمة لصاحبها لأنه أفسدها عليه (الحديث) (٢).

__________________

(١) الوسائل ج ١٩ كتاب الديات أبواب موجبات الضمان الباب ٤٠ الحديث ١.

(٢) الوسائل ج ١٨ كتاب الحدود والتعزيرات أبواب نكاح البهائم الباب ١ الحديث ٤.

١٩٧

وقوله «لأنه أفسدها عليه» في معنى من أفسد أو أتلف مال الغير فعليه غرامته ، فالرواية وان وردت في مورد خاص ولكن يمكن استفادة العموم منها بحسب تعليله.

وفي معناه رواية أخرى وردت في نفس الباب ولكنها خالية عن التعليل.

الطائفة الثالثة : ما وردت في أبواب الديات ، وهي كثيرة :

مثل ما رواه الحلبي عن ابي عبد الله عليه‌السلام قال سئلته عن الشيء يوضع على الطريق فتمر الدابة فتفر بصاحبها فتعقره فقال : كل شيء يضر بطريق المسلمين فصاحبه ضامن لما يصيبه (١).

وصدرها وان كان ناظرا الى حكم دية الإنسان وهو خارج عن ما نحن فيه ، ولكن عموم التعليل يشمل الخسارة الواردة على الحيوان أو غيره مما هو داخل في المقصود.

منها ما رواه داود بن سرحان عن ابي عبد الله عليه‌السلام في رجل حمل متاعا على رأسه فأصاب إنسانا فمات أو انكسر منه فقال هو ضامن (٢).

وما رواه السكوني عن ابي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من اخرج ميزابا أو كنيفا أو أوتد وتدا أو أوثق دابة أو حفر شيئا في طريق المسلمين فأصاب شيئا فعطب فهو له ضامن (٣).

فان قوله أصاب شيئا يشمل الإنسان والحيوان وغيرهما ولعل الأظهر في مثل هذا التعبير غير الإنسان.

الطائفة الرابعة : ما ورد في ضمان الأجير بالنسبة الى ما يفسده وهي كثيرة جدا : منها ما رواه الحلبي عن ابي عبد الله عليه‌السلام قال سئل عن القصار يفسد ، فقال كل أجير

__________________

(١) الوسائل ج ١٩ كتاب الديات أبواب موجبات الضمان الباب ٩ الحديث ١.

(٢) الوسائل ج ١٩ كتاب الديات أبواب موجبات الضمان الباب ١٠ الحديث ١.

(٣) الوسائل ج ١٩ كتاب الديات أبواب موجبات الضمان الباب ١١ الحديث ١.

١٩٨

يعطى الأجرة على ان يصلح فيفسد فهو ضامن (١).

وفي معناه روايات أخر عن الحلبي وإسماعيل ابن ابي الصباح والسكوني وغيرهم (راجع الباب ٢٩ و ٣٠ من أبواب أحكام الإجارة من المجلد الثالث عشر من الوسائل).

والتقييد الوارد في غير واحد منها بقوله يعطى الأجرة على ان يصلح لا يخل بالمقصود وهو في مقابل من لا يعطى الأجرة ويكون أخذه للمتاع بعنوان الوديعة أو مثلها ، وعلى كل حال فهي وان لم تكن عامة ولكن بالانضمام الى غيرها كاف في إثبات المقصود.

الطائفة الخامسة : ما ورد في باب شاهد الزور مما يدل على ضمانه لما أتلفه وأفسده مثل ما رواه جميل عن ابي عبد الله عليه‌السلام في شاهد الزور قال ان كان الشيء قائما بعينه رد على صاحبه وان لم يكن قائما ضمن بقدر ما أتلف من مال الرجل (٢).

والتعبير الوارد في ذيله بقوله بقدر ما أتلف لا يخلو عن اشعار بالعموم.

ومثله رواية أخرى عنه وعن محمد بن مسلم ورد في ذاك الباب بعينه.

الطائفة السادسة : ما ورد في أبواب العتق في باب عتق احد الشركاء نصيبه :

مثل ما رواه سليمان بن خالد عن ابي عبد الله عليه‌السلام قال سألته عن المملوك يكون بين شركاء فيعتق أحدهم نصيبه قال ان ذلك فساد على أصحابه فلا يستطيعون بيعه ولا مؤاجرته ، قال يقوم قيمة فيجعل على الذي أعتقه عقوبة وانما جعل ذلك لما أفسده (٣).

وما رواه سماعة قال سألته عن المملوك بين شركاء فيعتق أحدهم نصيبه فقال هذا فساد على أصحابه يقوم قيمة ويضمن الثمن الذي أعتقه ، لأنه أفسده على أصحابه (٤).

__________________

(١) الوسائل ج ١٣ كتاب الإجارة أبواب أحكام الإجارة الباب ٢٩ الحديث ١.

(٢) الوسائل ج ١٨ كتاب الشهادات أبواب الشهادات الباب ١١ الحديث ٢.

(٣) الوسائل ج ١٦ أبواب العتق الباب ١٨ الحديث ٩.

(٤) الوسائل ج ١٦ أبواب العتق الباب ١٨ الحديث ٥.

١٩٩

وما ورد في ذيلهما من التعليل بالإفساد مما يمكن استفادة العموم منه.

الطائفة السابعة : ما ورد في أبواب الرهن.

مثل ما رواه إسحاق بن عمار قال سألت أبا إبراهيم عن الرجل يرهن الرهن بمائة درهم وهو يساوي ثلاث مائة درهم فيهلك أعلى الرجل ان يرد على صاحبه مأتي درهم؟ قال نعم لأنه أخذ رهنا فيه فضل وضيّعه (١).

والتعليل الوارد في ذيله مما يدل على العموم وان كل من ضيع شيئا فعليه ضمانه.

فلا يقدح في الاستدلال به ظهور مورده في التلف لا في الإتلاف لأن التعليل صريح في العموم.

وفي معناه روايات أخر وردت في ذاك الباب بعينه.

الطائفة الثامنة : ما ورد في أحكام الوصية ، وانه إذا وضعها في غير موضعها فهو ضامن لها.

مثل ما رواه محمد بن وارد قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل اوصى الى رجل وامره أن يعتق عنه نسمة بستة مائة درهم من ثلثه ، فانطلق الوصي فأعطى الثمانمائة درهم رجلا يحج بها عنه ، فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام أرى ان يغرم الوصي ستمائة درهم من ماله ويجعلها فيما اوصى الميت في نسمة (٢).

وفي معناها روايات أخر واردة في ذاك الباب بعينه كلها تدل على ان الوصي ضامن لما أتلف ووضعه في غير موضعه ، وعليه ان يغرم من ماله ويأتي بالوصية على وجهها.

الطائفة التاسعة : ما ورد في أبواب العارية وانها إذا هلكت وكان صاحبها مأمونا لا غرم عليه ، والذي يدل بمفهومه على انه لو لم يكن مأمونا واحتمل في حقه التفريط

__________________

(١) الوسائل ج ١٣ أبواب أحكام الرهن الباب ٧ الحديث ٢.

(٢) الوسائل ج ١٣ أبواب أحكام الوصايا الباب ٣٧ الحديث ١.

٢٠٠