القواعد الفقهيّة - ج ١

آية الله ناصر مكارم الشيرازي

القواعد الفقهيّة - ج ١

المؤلف:

آية الله ناصر مكارم الشيرازي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مدرسة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام
المطبعة: مدرسة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام
الطبعة: ٣
الصفحات: ٥٥٤
الجزء ١ الجزء ٢

١
٢

بسم الله الرحمن الرحيم

نحمدك اللهم يا من اسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة ، بعث فينا رسولا من انفسنا ، يتلو علينا آياته ، ويعلمنا الكتاب والحكمة بفضله ، ليهدينا سبل السلام ويخرجنا من الظلمات الى النور.

والصلوة عليه وعلى آله خزان علمه ، الذين نور بهم الظلم واوضح بهم البهم ، شهدائه على عباده ، وامنائه على حلاله وحرامه ، فبهم تمت الكلمة وعظمت النعمة وائتلفت الفرقة.

٣

فهرس المطالب

الفهرس..................................................................... ٥

بعض مشاكلنا العلمية ـ يبحث فيه عن بعض النواقص الموجودة في كيفية دراستنا اليوم عن الفقه والاصول وغيرهما ، وهو قليل من كثير ـ مع الاشارة الى بعض طرق اصلاحها.............................................. ١٣

موقف القواعد الفقهية بين الفقه والاصول..................................... ١٧

القواعد الثلاثون التي نبحث عنها في هذين المجلدين............................. ١٨

ما هي القواعد الفقهية؟..................................................... ٢٠

اقسام القواعد الفقهية....................................................... ٢٦

١ ـ قاعدة لا ضرر

المقام الاول ـ في مدرك القاعده

مدارك القاعدة من كتاب الله عز وجل......................................... ٢٩

مدارك القاعدة من طرق الخاصة وهي عشرون حديثاً ............................  ٣٠

مدارك القاعدة من السنة من طرف العامة...................................... ٤٢

٤

المقام الثاني ـ في مفاد هذه القاعدة

الكلام في عدم ثبوت تذييل حديث «لا ضرر» بقيد «في الاسلام»............... ٤٥

نقد على المحقق الاصفهاني والمحقق الناييني (قدهما) فيما ذكراه من انكار ورود «لا ضرر» ذيل حديثي الشفعة ومنع فضل الماء ٤٧

١ ـ معنى الضرر والضرار..................................................... ٥٤

٢ ـ مفاد حديث «لا ضرر» والاقوال الاربعة التي ذكرت فيها..................... ٥٨

المختار في معنى حديث لا ضرر ولا ضرار...................................... ٥٩

فذلكة الكلام في معنى حديث لا ضرر ولا ضرار................................ ٦٧

ما ذكره بعض اعلام العصر في معنى الحديث ، ونقد كلامه....................... ٧١

المقام الثالث ـ تنبيهات قاعدة لا ضرر

الاول ـ هل القاعدة موهونة بكثرة التخصيص................................... ٧٤

الثاني ـ هل في حديث ـ مرة شيء يخالف القواعد................................ ٧٧

الثالث ـ وجه تقديم القاعدة على سائر العمومات................................ ٧٩

الرابع ـ هل الحكم بنفي الضرر من باب الرخصة او العزيمة؟....................... ٨٠

الخامس ـ هل الامر يدور مدار الضرر الواقعي او لا؟............................. ٨٢

السادس ـ هل قاعدة لا ضرر شاملة للعدميات ام لا؟............................ ٨٥

السابع ـ المدار على الضرر الشخصي لا النوعي................................. ٩١

الثامن ـ هل يجوز الافراد بالغير لدفع الضرر عن النفس؟.......................... ٩٢

التاسع ـ حكم تعارض الضررين وفيه نقود على المحقق الناييني (قده)................ ٩٧

العاشر ـ لا فرق بين توجه للضرر الى المكلف او غيره........................... ١٠٥

الحادي عشر ـ هل الاجور الدنيوية والاخروية تمنع عن صدق الضرر؟............ ١٠٦

الثاني عشر ـ هل الاقدام مانع عن شمول لا ضرر؟............................. ١٠٧

٥

٢ ـ قاعدة الصحة

المقام الاول ـ في مدرك القاعدة

مدرك القاعدة من الكتاب.................................................. ١١٥

مدرك القاعدة من الاخبار.................................................. ١١٦

مدرك القاعدة من الاجماع القولي والعملي واجماع العقلاء........................ ١١٧

مدرك القاعدة من العقل................................................... ١٢١

المقام الثاني ـ تنبيهات قاعدة الصحة

الاول ـ المدار على الصحة الواقعية لا الصحة عند الفاعل....................... ١٢٤

الثاني ـ في وجوب احراز صورة العمل في الحمل على الصحة ونقد ما افاده الشيخ الاعظم وغير واحد من اكابر المتاخرين       ١٢٨

الثالث ـ في ان الصحة في كل مورد بحسبه.................................... ١٣٣

الرابع ـ في لزوم كون الفاعل بصدد الفعل الذي يراد ترتيب آثاره................. ١٣٥

الخامس ـ في حكم عمل النائب والاجير اذا شك في صحته..................... ١٣٧

السادس ـ هل القاعدة من الامارات او الاصول العملية......................... ١٤٠

السابع ـ في تقدم قاعدة الصحة على اصالة الفساد والاصول الموضوعية........... ١٤٥

الثامن ـ يستثنى من عموم اصالة الصحة صورتان............................... ١٤٧

التاسع ـ اصالة الصحة تجرى في عمل المكلف نفسه............................ ١٥١

العاشر ـ اصالة الصحة في الاقوال والاعتقادات................................ ١٥٣

٣ ـ قاعدة لا حرج

الحرج على الانواع ......................................................... ١٦٠

المقام الاول ـ مدارك قاعدة لا حرج........................................... ١٦٢

مدرك القاعدة من الكتاب العزيز............................................ ١٦٣

مدرك القاعدة من الاخبار وهي ١٤ حديثاً ..................................  ١٦٦

٦

المقام الثاني ـ في مفاد القاعدة

معنى العسر والحرج والاصر وهل هي بمعنى واحد أم لا؟......................... ١٧٧

مفاد القاعدة ووجه تقدمها على سائر العمومات............................... ١٨٤

المقام الثالث ـ تنبيهات قاعدة لا حرج

الاول ـ هل القاعدة موهونة بكثرة التخصيصات............................... ١٨٧

ما ذكروه في دفع اشكال كثرة التخصيص ونقودها............................. ١٨٨

المختار في حل الاشكال................................................... ١٩٤

الثاني ـ في ان العبرة بالحرج الشخصي لا النوعي............................... ١٩٦

الثالث ـ حكم تعارض نفي الحرج ونفي الضرر................................ ١٩٨

الرابع ـ في شمول القاعدة للعدميات........................................... ٢٠١

الخامس ـ نفي الحرج عزيمة لا رخصة......................................... ٢٠١

السادس ـ في اختلاف العسر والحرج باختلاف العوارض والاحوال................ ٢٠٦

٤ ـ قاعدة الفراغ والتجاوز

البحث عن مدرك القاعدة.................................................. ٢١٢

الاخبار الواردة فيها ، عموماً وخصوصاً....................................... ٢١٣

سيرة العقلاء فيها......................................................... ٢٢٠

في انها قاعدة واحدة او قاعدتان؟............................................ ٢٢٤

في انها من الامارات او من الاصول العملية................................... ٢٣٥

في اعتبار الدخول في الغير وعدمه........................................... ٢٤٠

المراد من الغير ماذا؟....................................................... ٢٤٦

حكم التجاوز عن المحل الشرعي والعقلي والمادي............................... ٢٤٩

في انها عامة لجميع ابواب الفقه ولا تختص بباب دون باب...................... ٢٥٣

في انها هل تشمل الاجزاء غير المستقلة أم لا؟................................. ٢٥٤

٧

جريان القاعدة عند الشك في صحة الاجزاء.................................. ٢٥٨

جريان القاعدة في الشرائط وعدم اختصاصها بالشك في نفس الاجزاء............ ٢٦٠

لماذا لا تجري القاعدة في اجزاء الطهارات الثلاث؟............................. ٢٦٤

لماذا لا تجري القاعدة فيما اذا كان الفاعل غافلا عن سورة العمل................ ٢٦٩

عدم جريان القاعدة في الشبهات الحكمية.................................... ٢٧٢

في ان موردها خصوص الشك الحاصل بعد العمل............................. ٢٧٤

٥ ـ قاعدة اليد

بدء الكلام في القاعدة..................................................... ٢٧٩

مدرك القاعدة ، من الاجماع وسيرة المسلمين عليها............................. ٢٨١

بناء العقلاء عليها جميعاً من ارباب الاديان وغيرهم............................. ٢٨٢

لزوم العسر والحرج الشديد لو لم تكن اليه حجة............................... ٢٨٤

الروايات الواردة فيها....................................................... ٢٨٥

في انها من الامارات او الاصول العملية؟...................................... ٢٨٩

بماذا تتحقق اليد على شيء؟............................................... ٢٩٤

هل اليد حجة على الوقف وشبهه مما لا يملك الا بمسوخ خاص؟................ ٢٩٦

هل هي حجة ولو حدثت او لا ، لا بعنوان الملك؟

هل هي تجري على المنافع كما تجري على الاعيان؟............................ ٣٠٢

هل تجوز الشهادة بالملك بمجرد اليد اولا وبيان ادلتها العامة والخاصة .............. ٣٠٥

هل اليد حجة لصاحبها ايضا عند الشك؟................................... ٣١٣

عدم حجية ايدي السارقين واشباههم........................................ ٣١٥

حجية اليد في الدعاوي وما يستثنى منها...................................... ٣١٧

٦ ـ قاعدة القرعة

بدء الكلام في القاعدة..................................................... ٣٢٣

٨

مدرك القاعدة من الكتاب العزيز............................................ ٣٢٥

مدرك القاعدة من الروايات العامة وهي ١٢ رواية.............................. ٣٢٩

مدارك القاعدة من الروايات الخاصة الدالة عليها وهي «عشرة طوائف» ........... ٣٣٦

«الطائفة الاولى» ما ورد في باب تعارض الشهود.............................. ٣٣٦

«الطائفة الثانية» ما ورد في باب المملوك المنذور عتقه.......................... ٣٣٧

«الطائفة الثالثة» ما ورد في باب الوصية بعتق بعض المماليك.................... ٣٣٩

«الطائفة الرابعة» ما ورد في باب اشتباه الحر بالمملوك.......................... ٣٣٩

«الطائفة الخامسة» ما ورد في باب ميراث الخنثى المشكل....................... ٣٤٠

«الطائفة السادسة» ما ورد في باب ولد الشبهة............................... ٣٤١

«الطائفة السابعة» ما ورد في باب اشتباه الشاة الموطوئة........................ ٣٤٤

«الطائفة الثامنة» ما ورد في كيفية اجراء القرعة وشرائطها....................... ٣٤٦

«الطائفة التاسعة» ما ورد في وقوع القرعة في الامم السالفة..................... ٣٤٨

«الطائفة العاشرة» ما ورد في عمل النبي صلى الله عليه وآله في تقسيم الغنائم وغيرها ٣٥٠

سيرة العقلاء على البناء على القرعة في امورهم المشكلة......................... ٣٥٣

اجماع العلماء عليها........................................................ ٣٥٥

مفاد قاعدة القرعة وحدودها................................................ ٣٥٧

شرائط جريانها في مواردها.................................................. ٣٦٢

هل القرعة من الامارات او من الاصول العملية؟............................... ٣٦٣

هل هي مختصة بالامام عليه السلام وحكام الشرع؟............................ ٣٦٦

كيفية اجراء القرعة ، بالرقاع والسهام ، والخواتيم وغيرها........................ ٣٦٩

هل الدعاء واجب عند اجرائها؟............................................. ٣٧١

هل القرعة واجبة في مواردها او جائزة؟....................................... ٣٧٢

هل الاستخارة من انواع القرعة؟............................................. ٣٧٥

كلام في مشروعية الاستخارة وعدمها........................................ ٣٧٦

٩

٧ ـ قاعدة التقية

بدء الكلام في هذه القاعدة................................................ ٣٨٣

معنى التقية لغة واصطلاحاً.................................................. ٣٨٦

حكمها التكليفي......................................................... ٣٨٩

التقية في السنة........................................................... ٣٩٦

علة التأكيد في امر التقية في بعض الاخبار................................... ٤٠٦

اقسام التقية وغاياتها....................................................... ٤١٠

موارد وجوب التقية........................................................ ٤١١

في اي موقف تحرم التقية؟.................................................. ٤١٥

لا تجوز التقية في فساد الدين............................................... ٤١٥

لا تجوز التقية في الدماء.................................................... ٤١٩

لا تجوز التقية في مثل شرب الخمر ونحوها مما هو معلوم من الدين................ ٤٢٠

لا تجوز التقية في غير الضرورة............................................... ٤٢٤

حكم التقية في اظهار كلمة الكفر والبرائة من اولياء الدين...................... ٤٢٦

بعض ما يستحب فيه التقية تحبيباً ........................................... ٤٣٩

حكم الاعمال الصادرة تقية................................................ ٤٤١

حكم الصلاة التي يؤتى بها خلف المخالف في المذهب......................... ٤٥١

«تنبيهات قاعدة التقية»

الاول : هل تكون التقية عن المخالف فقط؟................................. ٤٥٩

الثاني : هل التقية تجري في الموضوعات والاحكام معاً؟......................... ٤٦٢

الثالث : هل يعتبر فيها عدم وجود المندوحة؟................................. ٤٧١

الرابع : هل المدار فيها على الخوف الشخصي أو النوعي؟...................... ٤٧٧

الخامس : اذا خالف التقية عند وجوبها فهل يصح العمل؟...................... ٤٨١

١٠

السادس : حكم الاعمال التي لها بقاء بعد ما زالت التقية....................... ٤٨٦

السابع : هل هي واجب نفسي أو غيري عند وجوبها؟......................... ٤٨٩

الثامن : هل للتقية قسم آخر غير «الخوفي» و «التحبيبي»؟..................... ٤٩١

التاسع : هل یحرم تسمیة المهدي عليه السلام باسمه الشريف في زماننا؟........... ٤٩٤

٨ ـ قاعدة لا تعاد

اصل القاعدة............................................................. ٥٠٩

مدرك القاعدة ............................................................ ٥١٣

اشكال على القاعدة ودفعه................................................. ٥١٨

هل للقاعدة مدارك غير الحديث المعروف؟.................................... ٥٢٠

هل تجري القاعدة في موانع الصلاة؟......................................... ٥٢٣

هل تشتمل القاعدة زيادة الاجزاء ايضاً؟...................................... ٥٢٥

هل تختص القاعدة بمن فقد الشرط والجزء في تمام الصلاة؟...................... ٥٢٩

حكم ساير الاركان والشرايط (ما عدى الخمسة).............................. ٥٣٠

تعارض القاعدة مع غيرها .................................................  ٥٣٣

٩ ـ قاعدة الميسور

معنى القاعدة وموردها...................................................... ٥٣٩

مدرك القاعدة واسنادها :

الاول ـ حديث اذا امرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم......................... ٥٤٠

الثاني ـ حديث الميسور لا يسقط بالمعسور ....................................  ٥٤٤

الثالث ـ حديث ما لا يدرك كله لا يترك كله .................................  ٥٤٧

جريان القاعدة في المستحبات ..............................................  ٥٥١

تنبيه : هل ورد عليها تخصيصات كثيرة؟ .....................................  ٥٥٢

١١

مقدمة

بعض مشاكلنا العلمية

لم تزل ولا تزال تفتخر الشيعة الإمامية بان مصادر علومه أهل بيت الوحي وورثة علم النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فعندهم من الأثر الصحيح ما لم يصل الى غيرهم ، حيث أخذوها ممن صاحبه طول الليالي والأيام ، وصاحب سره ومن ربي في حجره ، أو ممن نشأ من بعده في بيته.

لكن لا تفتخر بهذا فحسب ؛ بل تفتخر أيضا بأن أئمتهم (عليهم‌السلام) قد فتحوا عليهم باب الاجتهاد حينما أغلقه الآخرون على أنفسهم ، فأمروهم بالنظر والتفكير في الأصول التي وصلت إليهم واستنباط فروعها منها ، وفي الفروع التي تحدث لهم وإرجاعها إلى أصولها ، ليتبين لهم بذلك كل ما يحتاجون اليه من الأحكام الشرعية في جميع الحوادث الواقعة لهم.

وقد ندبهم ائمة أهل البيت عليهم‌السلام الى ذلك تارة بقولهم «أنتم اعرف الناس إذا عرفتم معاني كلامنا» (١) واخرى بأن لله على الناس حجتين : حجة ظاهره وحجة باطنة فأما الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمة واما الباطنة فالعقول (٢) وثالثة بتعليمهم طرق الجمع بين الاخبار المتعارضة ، بالأخذ بالمجمع عليه وبعرضها على كتاب الله وغير ذلك من المرجحات.

__________________

(١) رواه في المجلد الثالث من الوسائل في الباب ٩ من أبواب صفات القاضي.

(٢) رواه في الكافي باب العقل والجهل من المجلد الأول عن هشام بن الحكم عن ـ الكاظم عليه‌السلام.

١٢

ورابعة بمثل قولهم «هذا باب ينفتح منه ألف باب» بعد الإشارة إلى قاعدة «الغلبة» وهي ان ما غلب الله عليه فالله اولى بالعذر (١) وقولهم مشيرين الى بعض مسائل الوضوء : «هذا وأشباهه يعرف من كتاب الله (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)» (٢) فحثوهم على الاستضائة بالكتاب العزيز والأصول التي وردت في السنة ، أكثر مما يعرفه الناس.

وسادسة بإبطالهم التصويب وإعلامهم بأن «لله في كل واقعة حكما يشترك فيه العالم والجاهل» (٣) فمن أدركه فقد أصاب والا فقد أخطأ ، و «ان للمصيب اجرين وللمخطئ اجرا واحدا» (٤) حتى يبذل الناظر غاية مجهوده في البحث والفحص عن الأدلة ليصيب الأحكام الواقعية ، ولا يكتفى بما وقف عليه بادي نظره ، بزعمه ان المجتهد مصيب في رأيه ، وما انتهى اليه اجتهاده هو حكم الله الواقعي في حقه ، إلى غير ذلك من القرائن الكثيرة يطول المقام بذكرها.

وبهذه وبغيرها فتحوا علينا باب الاجتهاد ، الذي هو رمز بقاء الدين وحافظ لنشاطه العلمي ، وبه يوجه الخطى نحو الكمال وبتقدم العلم الى الامام ويعلو الإسلام ولا يعلى عليه ، أجل لا ينمو العلم ولا يربو ـ أى علم كان ـ الا تحت ضوء الاجتهاد.

ولذلك نرى فقهاء أهل البيت من أصحابنا قد أتوا بما لم يأت به الآخرون ، من كتب

__________________

(١) رواه في الوسائل في الباب ٣ من أبواب القضاء من المجلد الثاني.

(٢) رواه في الوسائل في الباب ٣٩ من أبواب الوضوء من المجلد الأول.

(٣) هذه الرواية متواترة بالمعنى كما اعترف به المحققون من الأصحاب في باب التخطئة والتصويب فإنه تواترت الأخبار عن أئمة أهل البيت عليهم‌السلام بان «لله في كل واقعة حكما بينه لنبيه وبينه النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله للأوصياء من بعده ؛ فجميع الاحكام مخزونة عندهم حتى مثل أرش الخدش ، ومضامينها وان كانت مختلفة الا انها مشتركة في إفادة هذا المعنى.

(٤) هذه الرواية من الروايات النبوية المشهورة ، قال شيخنا الأجل في «الفصول» في باب التخطئة والتصويب : «ان الأمة قد تلقت هذه الرواية بالقبول».

١٣

قيمة كثيرة في مختلف أبواب الفقه وأصوله ، وتلاحقت آرائهم العلمية ونظراتهم جيلا بعد جيل حتى انتهت الى يومنا هذا ، فأخذ علوم الدين ولا سيما الفقه عندهم يتسع نطاقها كل يوم ، فها نحن قد ورثنا اليوم من أصحابنا الأقدمين وعلمائنا الأكابر المتأخرين مئات ، لا بل آلاف من الكتب القيمة في الفقه وأصوله والحديث ورجاله ؛ بها تنكشف النقاب عن غوامض مسائلها ، وتهدى رواه العلم الى مكنون حقائقها ، فشكر الله سعيهم وأجزل أجرهم. وجزاهم عنا وعن الإسلام خير الجزاء.

* * *

لكن مع الأسف!

لكن مع الأسف لم يخل هذا النجاح العلمي العظيم عن نواقص لا يستهان بها ، نشأت عن إفراط في بعض الجوانب وتفريط في آخر ، حيث انا نرى اليوم مسائل كثيرة ، لا تترتب عليها أية فائدة يعبأ بها ، قد اختلطت بالمسائل النافعة ، لا سيما في أصول الفقه ، بل الفقه نفسه لم يخل منها.

ومن العجب ان هذه المسائل تتزايد كل يوم ، تحت عنوان بسط العلم وتحقيق الحقيقة ؛ بما ينذر عن مستقبل مظلم!.

فنرى في «أصول الفقه» الذي هو من أهم أركان الاجتهاد واستنباط الأحكام الفرعية عن مداركها ؛ مباحث لا طائل تحتها أصلا أو قليل الفائدة جدا ، لا تليق بتلك الأبحاث الطويلة ، كالبحث الطويل عن المعاني الحرفية ، وبعض أبحاث المشتق ، وبعض أبحاث مقدمة الواجب ، وكثير من مباحث الانسداد ، والبحث عما يرد على التعاريف من النقوض ، مع اعترافهم بأنها تعاريف شرح اسمية لا حدود حقيقية.

ونرى في الفقه البحث عن فروع نادرة جدا ، لو لم يكن الابتلاء بها محالا عادة ، ككثير من فروع العلم الإجمالي التي تذكر في الفقه تارة وفي الأصول أخرى ، وكالبحث المشهور عن وجوب القسمة على النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بين أزواجه وعن وظائف الإمام عند ظهوره ؛ وحكم دمه وغيره ، وكالبحث عن خلق الساعة ، أي من خلق بالغا دفعتا ، هل يحتاج الى الوضوء لصلوته أم لا ، الى غير ذلك مما يطلع عليه الخبير في كثير من أبواب الفقه.

١٤

ومن جانب آخر نريهم يعتنون بشأن الأقوال الشاذة ، مهما كانت ، ويتعبون أنفسهم بإيراد الإشكالات الكثيرة على كل واحد منها ولو كان ظاهر البطلان من غير حاجة الى إبطاله ، وبتوضيح موارد النظر في ذيل كلام المخالف وصدره ، ومعناه ولفظه ، وأصله وفرعه ولو كان أجنبيا عن تحقيق حكم المسألة.

ونراهم أيضا باحثين عن بعض مسائل أصول الفقه (اى ما يسمى أصولا ولعلها ليست بأصول!) شهرا أو شهورا عديدة ثمَّ يلتمسون ثمرة لها ، من هنا وهناك ، فقد لا يرى منها عين ولا اثر ، فلما أعياهم الفحص يسكنون الى النذر وأشباهه ويرضون أنفسهم بظهور ثمرتها في النذور ؛ ويقولون لعل ناذرا يبدو له ويقترح نذرا يرتبط بتلك المسألة ، غفلة عن ان هذا الناذر المسكين يمكن ارتباط نذره باية مسألة من مسائل العلوم ، فهل يرضى اللبيب بطرح جميعها في الأصول معتذرا بمثل هذا العذر؟ واسوء من ذلك كله ما نراه من تغيير مجاري البحث في هذه العلوم وخلطها بغيرها فيستدل للمسائل الفقهية أو الأصولية باستدلالات لا يليق إيرادها إلا في المباحث الفلسفية ، مع ان من الواضح ان كل علم يليق بطور من البحث لا يليق به الأخر فالفلسفة تدور على التدقيق والتعمق في الحقائق الكونية الخارجية وتدور استدلالاتها عليها ؛ واما الفقه وأصوله يدوران على أمور اعتبارية تشريعية وأمور عرفية وضوابط جرت عليها سيرة العقلاء فيما بينهم ، وكل من هذين يليق بطور من البحث لا يليق به الأخر ، ولا شك ان تحريف كل منها عن موضعه لا يوجب الا بعدا وضلالا من الحقيقة.

فصارت هذه الأمور وأمثالها تفنى برهة طويلة من أحسن أيام شباب طلاب العلم وشيئا كثيرا من نشاطهم العلمي وقواهم الفكرية ، وتمنعهم عما هو أهم وأنفع. فأصبحت هذه المشكلة بلاء للعلم واهله ولهذا ـ ولغيره ـ صارت ابحاثنا الفقهية اليوم تدور غالبا حول أبواب العبادات وشيء طفيف من المعاملات وبقيت سائر المباحث القيمة متروكة مهجورة إلا عند الأوحدي من العلماء الأعلام

نسأل الله تعالى ونبتهل اليه سبحانه ان يبعث أقواما ذوي عزائم راسخة يقومون. بأعباء هذا الأمر ويهذبون علوم الدين وينفون عنها هذه الزوائد ويهدون طلاب العلم

١٥

الى سواء السبيل ، ولست أنسي ان بعض أساتذة الكرام يرى ان التعرض لمثل هذه المسائل لا يخلو عن شبهات شرعية. ولعلها بملاحظة ما نرى من ان الإسلام اليوم في أشد الحاجة الى العلماء الذابين عن حوزته بعلومهم النافعة ، فصرف الوقت في غيرها يمنع عن هذه المهمة.

ومن العجب ان كثيرا من الباحثين مع علمهم بجميع هذه الأمور وقولهم في المجالس «كيت وكيت» إذا اشتغلوا بالبحث لا يملكون أنفسهم عن متابعة الباقين فلعلهم يحسبون عدم التعدي عن طورهم في سرد جميع هذه المباحث ، اقتداء محمودا للسف الصالح رضوان الله عليهم فكأنهم نسوا طريقتهم في عدم الخضوع قبال أية مسألة من المسائل العلمية المنقولة عنهم الا بالدليل القطعي ، لا ينظرون إلى القائل ولا يرون في هذا أية منافاة للاسوة الحسنة بهم واقتفاء آثارهم قدس الله أسرارهم فإذا كانوا يطالبوهم الدليل القاطع على آرائهم في تلك المسائل فكيف لا يطالبونهم الدليل على جعلها في عداد مسائل العلوم وفي كيفية البحث عنها.

أو لعلهم يعتقدون بوجود فوائد علمية في هذه المباحث ، وان خلت عن «نتائج علمية» لكنهم نسوا ان فائدة هذه العلوم لا تظهر إلا في العمل ، فما لا فائدة عملية فيه لا يستحق البحث ، فان هذه العلوم ليست من العلوم التي تطلب لذاتها كالعلوم الباحثة عن توحيد الله تعالى وصفاته وأسمائه.

أو لعلهم يزعمون ان مخالفة علمائنا الأكابر رضوان الله عليهم في هذه الأمور تمس كرامتهم وتضر بشأنهم ؛ ولكن الحق ان الجمود على ما افادوه وترك السعي في تهذيبها وتنقيحها وتكميلها أمس بكرامتهم وأضر بشأنهم ، لأنه إضاعة لما راموه من اهداف العلم وتقدمه نحو الكمال. جزاهم الله عن الدين واهله خير الجزاء

(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي) صدورنا (غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ)

١٦

موقف القواعد الفقهية

بين الفقه والأصول

من أهم ما يجب على الفقيه تحقيقه والبحث عنه هي «القواعد الفقهية» التي تكون ذريعة للوصول إلى أحكام كثيرة من أول الفقه الى آخره ، وتبتنى عليها فروع هامة في شتى المباحث والأبواب.

لكن ـ رغما لهذا الموقف ـ لم يبحث عنها بما يليق بها ، ولم يود حقها من البحث. لا في الفقه ولا في أصوله ، إلا شيء طفيف منها. كقاعدة لا ضرر وبعض القواعد الأخر كقاعدة التجاوز والفراغ التي وقع البحث عنها في بعض كتب المتأخرين من الأصوليين ، بحثا تبعيا استطراديا ؛ لا ذاتيا استقلاليا ، فأصبحت هذه القواعد النفيسة كالمشردين لا تأوي دارا ولا تجد قرارا ، لا تعد من الأصول ولا من الفقه ، مع ان من حقها ان يفرد لها علم مستقل ، كيف ونحن في حاجة شديدة منها في طيات كتب الفقه. وغير خفي انه لا يمكن تنقيحها في ضمن الأبحاث الفقهية ؛ لأن كل مسئلة منها يختص ببحث خاص كما ان كثيرا منها لا تمس المسائل الأصولية كي يبحث عنها في علم الأصول ولو استطرادا.

نعم قد قام شرذمة قليلون من متأخري الأصحاب بتأليف رسالات تحتوي على بعض تلك القواعد : منهم العالم الفاضل المولى محمد باقر اليزدي الحائري المتوفى قرب سنة الثلاثمائة بعد الالف ، والمولى العلامة محمد جعفر الأسترابادي المتوفى سنة ١٢٦٣ وسماه «مقاليد الجعفرية» ومنهم السيد الأجل السيد محمد مهدي القزويني المتوفى سنة ١٣٠٠ (١) ولكن مع الأسف لم يصل شيء ، من هذه الكتب إلينا

واما كتاب «القواعد» الذي صنفه شيخنا الأعظم الشهيد الأول قدس الله نفسه فليس متمحضا في سرد القواعد الفقهية بل يحتوي على مسائل مختلفة فقهية من شتى الأبواب ،

__________________

(١) ذكرها العلامة الجليل محيي آثار الشيعة ومئاثرها الشيخ آغا بزرگ الطهراني في كتابه القيم «الذريعة الى تصانيف الشيعة».

١٧

واخرى أصولية ، بينما يرى فيه بعض المسائل الكلامية بل اللغوية أيضا ، فهو بكتاب فقهي أشبه منه بغيره.

وكذا «تمهيد القواعد» للعلامة التحرير الشهيد الثاني فهو كما ذكر في مقدمته يحتوي على مائة قاعدة أصولية وما يتفرع عليها من الاحكام ومائة قاعدة أدبية مع ما يناسبها من الفروع الشرعية ، واما كتاب «عوائد الأيام» في بيان قواعد الاحكام ومهمات مسائل الحلال والحرام ، الذي ألفه شيخنا المحقق النراقي قدس‌سره ، فهو ـ كما يظهر من اسمه ـ وان اشتمل على بعض القواعد الفقهية الا انها لا يستوعبها كما انه لا يختص بها ؛ بل يعمها وغيرها.

فتحصل من ذلك كله انه لا يوجد في مؤلفاتنا تأليف يحتوي على تلك القواعد الهامة بأجمعها ويبحث عنها بحثا يليق بها ، ولذلك لم يبق لي شك في ان القيام بهذه المهمة بجمع تلك القواعد في موسوعة مستقلة والبحث عنها بما يليق بها خدمة للعلم واهله فقمت لها مع قلة البضاعة مستمدا من الله التوفيق والهداية ، وابتهل اليه سبحانه ان يبلغني مناي في إتمامه وان يجعله ذخر الى وتذكرة لغيري انه خير ناصر ومعين ثمَّ اعلم ان تلك القواعد الفقهية التي يستند إليها في مختلف أبواب الفقه وان كانت كثيرة جدا إلا أنا نبحث في هذا الكتاب عن مهماتها وهي ثلثون قاعدة كما يلي :

١ ـ قاعدة لا ضرر

٢ ـ قاعدة لا حرج

٣ ـ قاعدة الصحة

٤ ـ قاعدة القرعة

٥ ـ قاعدة التجاوز والفراغ

٦ ـ قاعدة اليد (دلالتها على الملك وصحة التصرفات وما يلحق بها

من الأحكام)

٧ ـ قاعدة الميسور (الميسور لا يسقط بالمعسور)

١٨

٨ ـ قاعدة لا تعاد (لا تعاد الصلاة الا من خمس إلخ)

٩ ـ قاعدة الجب (الإسلام يجب عما قبله).

١٠ ـ قاعدة الإلزام (إلزام المخالفين بما ألزموا به أنفسهم)

١١ ـ قاعدة التقية

١٢ ـ قاعدة حجية قول ذي اليد

١٣ ـ قاعدة حجية قول العدل الواحد في الموضوعات

١٤ ـ قاعدة حجية البينة

١٥ ـ قاعدة الخراج بالضمان.

١٦ ـ قاعدة الطهارة.

١٧ ـ قاعدة تبعية العقود للقصود.

١٨ ـ قاعدة الحيازة (من حاز ملك).

١٩ ـ قاعدة السبق (من سبق الى ما لم يسبق إليه أحد فهو أحق به)

٢٠ ـ قاعدة التسلط (الناس مسلطون على أموالهم).

٢١ ـ قاعدة الغرور (المغرور يرجع الى من غره)

٢٢ ـ قاعدة الإتلاف (من أتلف مال الغير فهو له ضامن).

٢٣ ـ قاعدة ضمان اليد (على اليد ما أخذت حتى تؤدى)

٢٤ ـ قاعدة الإقرار (من ملك شيئا ملك الإقرار به)

٢٥ ـ قاعدة عدم ضمان الأمين.

٢٦ ـ قاعدة ثبوت البينة على المدعى واليمين على من أنكر

٢٧ ـ قاعدة ما يضمن وما لا يضمن (ما يضمن بصحيحة يضمن بفاسده وبالعكس).

٢٨ ـ قاعدة التلف في زمن الخيار (التلف في زمن الخيار ممن لا خيار له)

٢٩ ـ قاعدة التلف قبل القبض (كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه)

٣٠ ـ قاعدة اللزوم في المعاملات (كل معاملة لازمة الا ما خرج بالدليل)

نبدأ بالأهم فالأهم ونجعلها في مجلدين إنشاء الله تعالى ونراعي جانب

١٩

الاختصار في سرد المطالب ونقل الأقوال ولا نتعرض لها إلا إذا مست الحاجة إليها عند البحث ، ونصرح بأساميهم وأسامي كتبهم التي ننقل عنها ونجتنب عن التكنى عنهم وعن كتبهم بما تداول في هذه الأيام ، إلا إذا ادعت إليه الضرورة ، حفظا لحقوقهم العظيمة وحرصا على درك الحقيقة ، فلعل الناظر يراجع كلماتهم ويفهم منها غير ما فهمناه ويرى فيها رأيا أقرب الى الحق والصواب. وقبل الشروع في البحث عن هذه القواعد لا بد لنا من تحقيق مرادنا من «القاعدة الفقهية» وطريق تمييزها عن «المسائل الأصولية» و «المسائل الفقهية».

ما هي القواعد الفقهية

قد اصطلح جمع من متأخري الأصوليين ـ كما يظهر من كلماتهم في مقامات مختلفة ـ على إطلاق هذا العنوان أعني «القاعدة الفقهية» على أحكام عامة ترتبط بكثير من المسائل الفقهية ، وبما ان المقصود هنا بيان مرادهم منها وجهة افتراقها عن المسائل الأصولية والفقهية وقبل ذلك لا بد من الإشارة إلى تعريف المسائل الأصولية والفقهية إجمالا فنقول :

اما المسائل الأصولية فقد ذكر وإلها تعاريف مختلفة لا يهمنا التعرض لها ولما قيل أو يمكن ان يقال فيها كيلا نخرج عن طور البحث الذي أشرنا إليه في المقدمة ؛ فلنذكر ما هو الحق عند نافي المقام وما يكون مقياسا لتشخيص المسائل الأصولية عن غيرها عند الشك في بعض مصاديقها ، ولنقدم لذلك مقدمة وهي :

ان علم «أصول الفقه» في عصرنا الحاضر يشتمل على أنواع مختلفة من المسائل أحدهما ما يبحث فيها عن كليات ترتبط بدلالة الألفاظ الواقعة في الكتاب والسنة ومعاقد الإجماعات ؛ ويسمى «مباحث الألفاظ» ثانيها ما يبحث فيها عن حجية أدلة كثيرة وجواز الاستناد إليها في كشف الأحكام الشرعية ويسمى «باب الامارات والأدلة الاجتهادية» ثالثها ما يبحث فيها عن وظيفة المكلف عند الشك في حكمه الواقعي مع عدم طريق اليه وهو بحث «الأصول العلمية» رابعها ما يبحث فيها عن حكم تعارض الأدلة الشرعية وطريق

٢٠