تراثنا ـ العددان [ 127 و 128 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العددان [ 127 و 128 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ٠
ISBN: 1016-4030
الصفحات: ٤٩٤

١٣ ـ في رحاب دعاء كميل.

١٤ ـ دراسات عصريّة.

٣ ـ آية الله الحاج الشيخ محمّد طاهر آل شبير الخاقاني (١٣٢٩ ـ ١٤٠٦ هـ) : وهو عالم فقيه أصوليّ متضلّع من الفقه والأصول والفلسفة ، حكيم متألّه ومجتهد متتبّع موفّق.

خرج إلى النجف الأشرف في نضارة شبابه وحضر على شيوخها ولازم درس الآيات ومراجع الدين : السيّد أبو الحسن الأصفهاني (١٣٦٥ هـ) ، والشيخ الميرزا حسين النائيني (١٣٥٥ هـ) ، والشيخ محمّد حسين الأصفهاني (١٣٦١ هـ) ، والشيخ آقا ضياء الدين العراقي (١٣٦١ هـ) ، وأجيز بالاجتهاد منهم جميعاً ثمّ عاد إلى المحمّرة وأقام بها وتصدّى للمرجعيّة الدينيّة ورجع إليه الناس في التقليد خصوصاً في جنوب إيران وحاشية الخليج.

تلامذته :

وقد تتلمذ على يده في النجف الأشرف وقم عدد كبير من العلماء نذكر منهم :

١ ـ آية الله السيّد عبد الكريم الكشميري طاب ثراه.

٢ ـ آية الله السيّد مير محمّد القزويني رحمه‌الله.

٣ ـ آية الله الشيخ سلمان الخاقاني طاب ثراه.

٤ ـ العلاّمة الحجّة الشاعر الكبير الشيخ عبد المنعم الفرطوسي قدس‌سره.

٥ ـ الشيخ حسن الشميساوي.

٣٤١

٦ ـ آية الله العلاّمة الأديب الشيخ عليّ الصغير قدس‌سره.

٧ ـ آية الله الشيخ محمّد أمين زين الدين طاب ثراه.

٨ ـ العلاّمة الحجّة الميرزا عبّاس جمال الدين رحمه‌الله.

٩ ـ آية الله العلاّمة الشيخ هادي معرفة قدس‌سره.

١٠ ـ العلاّمة الحجّة الشيخ محمود المحسني دام بقاه.

١١ ـ العلاّمة الحجّة السيّد حسين الهمداني.

١٢ ـ نجله آية الله الشيخ محمّد محمّد طاهر الخاقاني دام بقاه.

١٣ ـ نجله العلاّمة الحجّة الشيخ محمّد كاظم الخاقاني دام عزّه.

ومن مصنّفاته :

أنوار الوسائل في الفقه عدّة مجلّدات :

١ ـ الطهارة (٣ أجزاء) ، ٢ ـ الطلاق (مجلّد) ، ٣ ـ القضاء (مجلّد) ، ٤ ـ المواريث (مجلّد) ، ٥ ـ البيع (مجلّد).

٦ ـ تفسير القرآن والعقل البشري (جزءان).

٧ ـ المثل الأعلى في الفلسفة (جزءان).

٨ ـ المثل الأعلى في المنطق (مجلّد).

٩ ـ المثل النوريّة في الحكمة الإلهيّة (مجلّد).

١٠ ـ الكلم الطيّب (مجلّد).

١١ ـ ١٥ ـ والصلاة والصوم والزكاة والإجارة والقصر والإتمام.

١٦ ـ والمحاكمات بين الأعلام الثلاثة والآخوند في الأصول

٣٤٢

(٣ مجلّدات).

١٧ ـ رسالة الهدى لعمل مقلّديه.

١٨ ـ مناسك الحجّ.

١٩ ـ راهنماي أحكام (رسالته العمليّة باللغة الفارسيّة).

٢٠ ـ المواريث (تتمّة الحدائق).

٢١ ـ مباني الأصول : تقرير أبحاثه الأصولية بقلم نجله الشيخ محمّد كاظم دام عزّه .. إلى غير ذلك ممّا ضاع من مؤلّفاته وتقرير دروس أساتذته في الحرب الطاحنة التي أشعلها الخبيث صدّام الهالك لعنه الله تعالى.

شعره :

وله شعر قليل قاله أيّام شبابه أكثره في الحكمة ومن ذلك قوله :

لا أجازي مُذنباً في ذَنْبِهِ

وَجَزاءُ المذنِبِ الصّفْحُ الجَمِيلِ

وَكَريمُ النَّفْسِ لاَ يُبدي سِوَى

شَرَف العُنْصِرِ عَنْ مجد أَثيلِ

توفّي في يوم الأربعاء ١٨ جمادى الأولى سنة (١٤٠٦ هـ) ، وأقبر في الحجرة الأولى على يسار الداخل من باب الشيخ فضل الله النوري الشهيد لمشهد السيّدة فاطمة المعصومة بنت الإمام موسى الكاظم صلوات الله عليه وآله بقم المقدّسة ، ورثاه جمع من الشعراء ومنهم المرحوم الخطيب السيّد محمّد صالح بن العلاّمة الحجّة آية الله السيّد عدنان الموسوي القاروني بالقصيدة التالية :

مالي أرى الشرقَ حُزناً قد وَهَى جَلَدَا

وأُسْرَةُ الوَحْيِ ذَابَت بِالأَسى كَمَدَا

٣٤٣

وفي (الغريّ) رجال الدين قد خرجوا

يبكون والكلّ أضواهُ الأسى جسدا

ماذا جرى قيل إنّ (الشيخ طاهر) في

(قم) له الله نحو الخلد مدّ يدا

فزلزلت أرض (قمِّ) و (الغريِّ) ومن

أهليهما الحزن في أهل السما صعدا

لا غرو فالناس بعد البحر في ظمأ

عادوا يتامى وخلّوا ردّ من وردا

بحر من العلم والعرفان كم عزفت

منه الفطاحل ما أغناهم مددا

وعيلم من رجال الاحتجاج فكم

ردّ الطغاة وكم أهل الضلال هدى

ومنهل لبني الآمال كم وردت

به العفاة فأغناهم هدى وندى

وعالم من رجال الفكر كم قبست

من نوره ما أنار الفكر متّقدا

وروضة لرجال الدين كم قطعت

منه ثماراً بها زرع العمى حصدا

(أبا محمّد) يهنيك الخلود فقد

جمعت من كلّ ما بالذكر قد خلدا

فمن سماح وحلم كابن زائدة

ومن ذكاء إياس دونه قعدا

وكان زهدك في الدنيا لها عِظة

فما زهدت بما فيه الملا زهدا

بالزهد نلت المنى فيما سموت له

وبالقناعة وافاك الفنا صعدا

وبالتواضع اعلتك السما قمراً

وبالتقشف ضَمَّتْكَ العُلى ولدا

وكم فقير غدا من فقره ملكاً

وكم شقيٍّ بترك الحرص قد سعدا

وبالقناعة تنقاد السعادة في

يُسر وبالزهد تحظى عيشة رغدا

أخي محمّد قد جَلَّ المصابُ فلم

يَتْرُك مجالا لمن يرثي ولا خلدا

أب الجميع فقدنا في أبيك فلا

إنسان إلاّ يرى فيه أباً فُقِدا

بفقده قد خسرنا الخير قاطبة

والعلم والفقه والإيمان والرَّشَدا

٣٤٤

فحقّ لو قامت الدنيا مؤرّخة

(تبكي لآل شبير طاهراً فقدا)(١)

(١٤٠٦هـ)

وخلّف من الأولاد :

١ ـ آية الله الشيخ محمّد الخاقاني دام بقاه (١٣٥٨ هـ) ، وهو اليوم من مراجع الدين وأعلام النجف الأشرف ، حضر الكفاية على آية الله الشيخ علي آزاد القزويني(٢) ، والبحوث العليا على والده فترة من الزمن في قم ، ثمّ خرج

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) مجلّد الموسوم العدد ١٦ سنة ١٩٩٣م : ٢٣٦.

(٢) أحد الأعلام الفقهاء المعاصرين من تلامذة الآيات السادة الأعاظم : السيّد محمود الشاهرودي والسيّد محسن الحكيم والسيّد محمّد حسن البجنوردي.

ولد في قرية زرآباد قزوين سنة (١٣٤٧ هـ)

دخل الحوزة العلمية ولم يتجاوز عمره الأحد عشر عاماً ، وذلك في أيام مرجعيّة السيّد محمّد الحجّة في قم وواصل دراسته فيها إلى أن قارب إكمال السطوح حيث حضر الرسائل على الشيخ علي بناه الإشتهاردي والمكاسب لدى السيّد النجفي المرعشي.

فصوّب تجاه النجف وهو في الثامنة عشر من عمره ، وواصل إليها بعد أهوال وشدائد تضيق عندها النفوس ووطّن نفسه على الصبر على الفقر والفاقة واشتغل بالتحصيل وإكمال الشوط العلمي درساً وتدريساً لمدّة ٣١ سنة حتّى حصل على إجازة في الإجتهاد من أستاذيه العَلَمين الجليلين السيّد الشاهرودي والسيّد البجنوردي.

إلى أن اضطرّ لمغادرة النجف الأشرف حيث التهجير الإجباري إلى إيران فاستوطن قم وواصل البحث والتدريس فيها واشتغل بالتأليف والتصنيف ، فكتب دورة فقهيّة كاملة شرحاً على الشرايع ودورة أصولية شرحاً على الكفاية ، ١٣ مجلّداً من البحوث المتفرّقة في المسائل المستحدثة والعقائد وغيرها.

٣٤٥

إلى النجف وحضر على شيوخها الأعاظم كالسيّد المحقّق الخوئي قدس‌سره والسيّد المحقّق البجنوردي قدس‌سره وعليهما تخرّج وكذلك الميرزا هاشم الآملي قدس‌سره من قبل ، وأجيز بالاجتهاد من الأخيرين.

له في مجال التأليف :

الف ـ تقرير دروس والده في الأصول باسم المحاكمات (في ٣ مجلّدات) وقد مرّ ذكره.

ب ـ مدرك العروة الوثقى (وقد بلغ الأربعين مجلّداً ولا يزال مستمرّاً في الشرح).

ج ـ دراسات أصولية (في ١٤ مجلّداً).

د ـ موسوعة الخاقاني (في ١٨ مجلّداً) تشتمل على العناوين التالية :

١ ـ القرآن والأصول الموضوعة العامّة (مجلّد).

٢ ـ الأخلاق بين النظريّة والتطبيق (مجلّد).

٣ ـ الزواج والطلاق في رسالات السماء (مجلّد).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كما كتب قصّة حياته قبل وفاته بعامين وطبعه بعنوان : كيف مضى عمري؟ في ٤٥٠ صفحة.

خرج آخر شعبان لزيارة الإمام الرضا عليه‌السلام ومجاورته في شهر رمضان ، وتوفي يوم الثلاثاء ٤ شوال من سنتنا هذه (١٤٣٦ هـ) في مشهد الإمام الرضا عليه‌السلام وشيّع جثمانه هناك بحفاوة وتكريم وصلّى عليه العلاّمة الجليل السيّد جعفر سيّدان ثمّ أقبر في صحن الإمام الرضا صلوات الله عليه بوصيّة مسبقة منه طيّب الله تعالى مثواه وحشره مع من يتولاّه من آل محمّد صلوات الله عليهم أجمعين.

٣٤٦

٤ ـ علم السياسة (مجلّد).

٥ ـ علم الاجتماع بين المتغيّر والثابت (مجلّد).

٦ ـ نقد المذهّب التجريبي (مجلّد).

٧ ـ بين الإستقراء والاستنباط (مجلّد).

٨ ـ عناصر العلوم (مجلّد).

٩ ـ القرآن (في ٤ مجلّدات).

١٠ ـ الإبداع (في مجلّدين).

١١ ـ الأخلاق (في مجلّدين).

بالإضافة إلى رسالته العمليّة منهاج الصالحين (في مجلّدين).

أنجاله :

الشيخ محمّد صادق ، والشيخ محمّد طاهر وهو فاضل مجدّ في التحصيل ، والشيخ عليّ.

٢ ـ العالم الفاضل الحجّة الشيخ كاظم دام عزّه ، حضر السطوح الأوليّة للعلوم على والده قدس‌سره ، كما حضر عليه في الفقه والأصول خارجاً كما تتلمذ على آية الله الميرزا هاشم الآملي قدس‌سره فقهاً وأصولاً ، ودرس في الحكمة لدى سماحة والده المغفور له وكذلك الأستاذ المعظم آية الله الشيخ يحيى الأنصاري الشيرازي قدس‌سره.

٣٤٧

وله عدّة مصنّفات بين مطبوع ومخطوط ومنها :

١ ـ دورة أصولية كاملة من تقريرات بحوث والده (في عدّة مجلّدات) (مباني الأصول) مخطوط.

٢ ـ شرح تجريد الاعتقاد.

٣ ـ تفسير وتحليل للتاريخ الإسلامي.

٤ ـ شرح على كفاية الأصول.

٥ ـ شرح على منظومة السبزواري.

٦ ـ تعليقة على المثل النوريّة في فنّ الحكمة لوالده.

٣٤٨

٣٤٩

خاتمة :

ومن هذه الأسرة :

* الشيخ عيسى بن صالح الجزائري الخاقاني (١٢٧٩ ـ ١٣٥١هـ) ، أحد الفقهاء الأجلاّء من سكنة المحمّرة في النصف الأوّل من القرن الماضي ، كان من بني عمومة الشيخ عيسى ابن الشيخ حسن الخاقاني ـ على ما يظهر ـ لكنّه عند ما ورد المحمّرة لم يحظ بإقبال من ابن عمّه فاجتمع بالمرجع الديني الأصوليّ الموهوب السيّد عدنان بن السيّد شبّر الغريفي البحراني (١٣٤٠هـ) ومن ثمّ انشدّ إليه وأخذ منه السطوح كما حضر عليه خارجاً في الفقه والأصول ومنه أفاد وعليه تخرّج.

وذلك بعد أن كانت نشأته الأولى في البصرة وسكن قضاء أبو الخصيب وأخذ المقدّمات على فضلائها ، لكنّه بعد أن رحل إلى المحمّرة لازم أستاذه السيّد عدنان ملازمة الظلّ لصاحبه إلى أن بلغ مرتبة الاجتهاد وتصدّى للمرجعية بعد وفاة أستاذه المزبور سنة (١٣٤٠هـ) ، فكان هو مرجع الأصوليّين ، والشيخ عبد المحسن مرجع الأخباريّين في المنطقة.

وكانت له صلات وثيقة مع علماء وأدباء عصره وكان يتبادل معهم الرسائل النثرية والشعرية ، منها : ما أرسله إليه الشيخ حمزة ابن الشيخ مهدي قفطان :

تقبيل كفّك فضل صدّني الزّمن

عنه وكم هو لي بالصّد يمتحن

إلى آخر القصيدة التي أوردها السيّد حسن الأمين في مستدركات

٣٥٠

الأعيان(١).

وكان وصيّاً للسيّد عدنان والقيِّم على أطفاله القصّر ، ومن هنا تلقّى السيّد محمّد عليّ بن السيّد عدنان العلوم الدينيّة من المترجم حيث كان عمره عند وفاة والده سنة (١٣٤٠هـ) أربعة عشر عاماً ، ولازمه طيلة أحد عشر سنة إلى أن توفّي الشيخ عيسى سنة (١٣٥١هـ).

حجّ الشيخ عيسى إلى بيت الله الحرام سنة (١٣٣٧هـ) وقدم من الحجّ في شهر ربيع الأوّل سنة (١٣٣٨هـ) فأنشأ الشيخ حمزة ابن الشيخ مهدي قفطان مهنّئاً قدومه من الحجّ بقوله :

جلا المعرّف غصناً يثمر القمرا

تهلّ بالنسك عيناه إذا نظرا

إلى آخرها.

أجازه السيّد مهدي الغريفي (١٢٩٩هـ ـ ١٣٤٣هـ) بتاريخ (١٣٤١هـ) إجازة مبسوطة للغاية مرتّبة على ثلاث مراحل :

١ ـ المشايخ العلويّون وهم إثنا عشر ، ٢ ـ غير العلويّين وهم ثمانية ، ٣ ـ العامّة.

وفي كلّ مرحلة شوارع ولكلّ شارع طريق وخاتمة في طرق حديث الغدير.

وصفه بمولانا ومقتدانا ، وذكر أنّه من رواية الأصاغر للأكابر وهي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) مستدركات الأعيان ٣/٧٣.

٣٥١

مدرجة في كتابه شوارع الرواية إلى مشارع الهداية(١).

توفّي رحمه الله في المحمّرة سنة (١٣٥١هـ) عن عمر ناهز السبعين بعد أن فقد بصره في أواخر حياته ونقل جثمانه إلى النجف الأشرف ودفن هناك.

رثاه تلميذه السيّد محمّد عليّ العدناني (١٣٨٨هـ) قائلا :

أبا صالح أيّ نَحْب بقي

وأيّ جديديك لم يخلق

إلى آخرها.

وارتجل الأبيات التالية في رثاء أستاذه عندما ذهب لزيارة قبره في النجف :

أبا صالح جئنا نؤدّي زيارة

بها الكلّ من لقيا المزور على يأس

وما كان بدعاً أن تردّ سلامنا

علينا ولكن ليس يدرك بالحسِّ

أتيناك نشفي الهمّ باللّثم ساعة

لقبرك أونستدفع الحزن باللمس

إلى آخرها.

وممّن رثاه الشيخ محمّد حسن ابن الشيخ محسن شريف الجواهري بقوله :

أصاب حَشَا الإسلام سهم فأوجعا

فلم يبق في قوس التصبّر منزعا

مصاب رمى شرع الهُدى في صميمه

فليس عجيباً إن وَهَى وتَضَعْضَعا

وليس عجيباً إن تصدَّع قلبه

بخطب له قلب النبيِّ تصدّعا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) ينظر المسلسلات ٢/٢٧ ، وبحار الأنوار ١٠٢/١٨٨ ، والذريعة ١٠/١٥٣ و ١١/٨) و ١٤/٢٣٧.

٣٥٢

نعاك لنا النّاعي فهل هو عالم

بماذا دهى الدين الحنيف ومن نعى؟

بفيه الثّرى كم راع للدين أنفساً؟

تكاد لهول الخطب أن تتصدّعا

بكتك اليتامى لم تجد من يُعينها

وربع الهدى إذ عاد بعدك بلقعا

فمن للقضايا المعضلات يحلّها

بثاقب فكر من شبا السيف أقطعا

ومن لأيامى كنت أنت معينها

وكافلها إن حادث الدهر أفزعا

أيعلم من أمسى لنعشك حاملا

بأنّ التّقى والعلم فيه تجمّعا

سيفقدك الربع الذي كنت نوره

فقد عاد وجه القُطر بعدك أسفعا

حياتك في نشر العلوم قضيتها

ولمّا دعاك الله لبَّيت مسرعا

وإنّ لنا في آل عدنان بعده

بدوراً تجلّت كي تشعّ وتطلعا

كرام نماهم للعلاء أبوهم

فلست ترى إلاّ الكريم السّميدعا

غياث الورى صبراً وإن كان رزؤكم

جليلا له قلب الصفا قد تصدّعا

وصبراً أبا المهديّ فالرّزء كلّما

تعاظم كان الأجر أسمى وأرفعا

ودمتم جميعاً سالمين بغبطة

ولازلتم للدين كهفاً ممنّعا»(١)

وهنا ينتهي بنا المطاف في جولة خاطفة حول الأسر الخاقانيّة العلميّة في العراق وإيران

والحمد لله ربّ العالمين

وكتب السيّد محمّد حسن الموسوي

آل العلاّمة الفقيه السيّد عليّ القارون الزاهد البحراني

أصيل يوم الخميس ١٨ رجب ١٤٣٦ هـ

قم المقدّسة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) أنظر ترجمته في مستدركات الأعيان ٣ / ١٥٨.

٣٥٣

المصادر

١ ـ الإجازة الكبيرة : للسيّد عبد الله الجزائري التستري ، مكتبة المرعشي (١٤٠٩هـ) ، قم ، إيران.

٢ ـ الأعلام : الزركلي ، دار العلم للملايين ، الطبعة الخامسة (١٩٨٠م) ، بيروت ، لبنان.

٣ ـ أعيان الشيعة : السيّد محسن أمين العاملي ، دار التعارف للمطبوعات ، بيروت ، لبنان.

٤ ـ تاريخ العشائر الخاقانية في العراق : حمدي الشرقي ، مطبعة الآداب (١٩٦٩م) ، النجف ، العراق.

٥ ـ التحف المحمّدية في كشف الأسرار الكلامية : للشيخ محمّد طاهر الخاقاني الشيرازي

٦ ـ تكملة أمل الآمل : للسيّد حسن الصدر الكاظمي ، دار المؤرّخ العربي ، الطبعة الأولى (١٤٢٩هـ) بيروت ، لبنان.

٧ ـ دموع الوفاء : السيّد موسى بهيّة ، مطبعة آمال الأمّة ، (١٣٧٣هـ) ، عبّادان ، إيران.

٨ ـ ديوان الوسائل : السيّد محمّد عليّ بن السيّد عدنان الغريفي ، دار نشر الباقيات (١٤٢٦هـ) ، قم ، إيران.

٩ ـ الذريعة : الشيخ آقا بزرك الطهراني ، إسماعيليان ، قم ، إيران.

١٠ ـ شخصيّت شيخ أنصاري : سبط الشيخ ، طبعة مؤتمر تكريم الشيخ الأعظم.

١١ ـ شعراء الغريّ : الشيخ عليّ الخاقاني ، مكتبة المرعشي ، قم ، إيران.

٣٥٤

١٢ ـ طبقات الفقهاء : بإشراف الشيخ جعفر السبحاني ، مؤسّسة الإمام الصادق عليه‌السلام قم ، إيران.

١٣ ـ طبقات أعلام الشيعة : الشيخ آقا برزك الطهراني ، دار إحياء التراث العربي ، الطبعة الأولى (١٤٣٠هـ) بيروت ، لبنان.

١٤ ـ الطليعة من شعراء الشيعة : للشيخ محمّد السماوي ، دار المؤرّخ العربي ، الطبعة الأولى (١٤٢٢هـ) ، بيروت ، لبنان.

١٥ ـ الغدير في الكتاب والسنّة والأدب : الشيخ عبد الحسين الأميني ، مركز الغدير للدراسات الإسلامية ، الطبعة الأولى (١٤١٦هـ).

١٦ ـ ماضي النجف وحاضرها : الشيخ جعفر باقر آل محبوبة ، دار الأضواء ، الطبعة الثانية (١٤٠٦هـ) ، بيروت ، لبنان.

١٧ ـ مجلّة پژوهش هاي أصولي : مدرسة وليّ عصر عليه‌السلام ، قم ، إيران.

١٨ ـ المسلسلات في الإجازات : السيّد محمود المرعشي ، مكتبة المرعشي ، إيران.

١٩ ـ معارف الرجال : الشيخ محمّد حرز الدين ، مكتبة المرعشي ، قم ، إيران ، (١٤٠٥هـ).

٢٠ ـ معجم المطبوعات النجفية : محمّد هادي الأميني ، مطبعة الآداب (١٣٨٥هـ) ، النجف ، العراق.

٢١ ـ معجم المؤلّفين العراقيّين : كوركيس عوّاد ، بغداد ، العراق.

٢٢ ـ معجم رجال الفكر والأدب في النجف : الدكتور الشيخ هادي الأميني ، الطبعة الثانية (١٤١٣هـ).

٢٣ ـ موسوعة النجف الأشرف : جعفر الدجيلي ، دار الأضواء ، الطبعة الثانية (١٤٢٨هـ) ، بيروت ، لبنان.

٢٤ ـ نشوة السلافة : للشيخ محمّد عليّ بن بشارة آل موحي الخيقاني ، النجف ، العراق.

٣٥٥

حُميد بن مسلم الأزدي

راوي أخبار واقعة الطفّ

وأخبار ثورتي التوّابين والمختار

د. صلاح الفرطوسي

بسم الله الرحمن الرحيم

حميد من شخصيّات الكوفة في النصف الثاني من القرن الأوّل الهجري التي تستدعي الدراسة وإمعان النظر ؛ وإذا كان الغموض يكتنف جوانب من سيرته فإنّ اهتمامه برواية الأحداث التي عاصرها ومشاركته بها هو الجانب الأهمّ في سيرته.

والذي يدعو لدراسته أيضاً أنّه يكاد يكون المصدر الوحيد الذي روى لنا غالبية أخبار واقعة الطفِّ بجميع تفاصيلها ، وغالبية أخبار ثورة التوّابين ، وجانباً مهمّاً من أخبار المختار وثورته.

وعلى الرغم من كونه ممّن عاصر خلافة أمير المؤمنين عليه‌السلام فإنّي لم أقف له على أثر في أحداثها ، ويغلب على الظنّ أنّ صغر سنّه في أثنائها لم يمنحه

٣٥٦

فرصة للمشاركة بها ، ويغلب على الظنّ أيضاً أنّه كان علويَّ الهوى ، فقد روى عن جندب بن عبد الله أنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام قال بعد مؤامرة رفع المصاحف بصفّين : (لقد فعلتم فعلة ضعضعت قوّةً ، وأسقطت منَّةً ، وأوهنت وأورثت وهناً وذلّةً ..)(١).

ولا يظهر لحميد أثر أو ذكر إلاّ في أثناء معركة الطفّ ؛ فقد كان في جيش عمر بن سعد ، وتنسب إليه غالبية ما قيل فيها من خطب وأقوال ، وما أثر عن بطولات أبي عبد الله وأهل بيته صلوات الله وسلامه عليهم ، وبطولات أصحابه وتضحياتهم رضوان الله عليهم ، وأخبار من شارك في قتال الحسين وأهل بيته عليهم السلام ومن شارك بقتلهم وقتل أصحابه ، بل يبدو أنّه كان شديد القرب من معسكر أبي عبد الله وأصحابه ، حيث أنّ أغلب ما روي من أقوال الحسين عليه‌السلام وصحبه إنّما وصلنا عن طريقه ، حتّى يكاد الدارس يظنّ أنّ قدراً سماويّاً أخرج حميداً من الكوفة لتدوين أحداث الواقعة ، ولإنقاذ عليّ بن الحسين من براثن شمر بن ذي الجوشن وجلاوزته كما سيتبيّن لاحقاً.

وعنه أيضاً غالب ما دار من روايات حول موقف عقيلة بني هاشم عليها السلام أثناء الواقعة ، وبعدها ، وموقفها في مجلس عبيد الله بن زياد ، وإنقاذها الإمام زين العابدين عليه‌السلام من براثنه وبراثن جلاوزته حينما همّ بقتله ، وله روايات لمواقف أُخرى غيرها.

وتكمن أهميّة رواياته أنّها ليس فيها من واسطة ، فهي عن سماع ورؤية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تاريخ الطبري ٤/٤٠.

٣٥٧

عين. ولولاه ما وصلنا شيء كثير عن أحداث الواقعة وما دار فيها ، وعنه أيضاً غالبية أخبار ثورة التوّابين في مراحلها المختلفة من طورها السرّي إلى طورها العلني ، ومن خروجهم من الكوفة ومسيرهم لزيارة مرقد أبي عبد الله عليه‌السلام ، إلى مسيرهم إلى عين الحلوة ، حيث دارت معركتهم ، فشارك بها وسجّل بطولات قادتها وصحبهم ، وعنه أيضاً غالبية أخبار ثورة المختار ، وما دار فيها من أحداث شارك بها أو رآها رؤية عين.

حميد في واقعة الطفّ :

كان حميد ضمن جيش عمر بن سعد الذي عدَّ للتوجّه في الأصل نحو الريّ ، ويبدو أنّه حينما أمر عبيد الله بن زياد عمر بن سعد بالتوجّه لقتال أبي عبد الله الحسين عليه‌السلام ، وجد حميدٌ نفسه محشوراً مع من حشر به ، وكأنّه حوصر حصاراً لا يستطيع الإفلات منه ، وأعتقد أنّه لم يشهر سيفاً في تلك الواقعة ، وما رمى بسهم ، ولا طعن برمح ، وكان يرقب المعركة بأذن واعية ، وتستنتج ممّا رواه أنّه كان حريصاً أن يكون في أثنائها قريباً من أبي عبد الله الحسين عليه‌السلام وأصحابه رضوان الله عليهم.

ويبدو أنّه كان على علاقة طيّبة بعمر بن سعد ، فقد ذكر الدينوري أنّه قال : «كان عمر بن سعد صديقاً لي ، فأتيته عند منصرفه من قتال الحسين ، فسألته عن حاله ، فقال : لا تسأل عن حالي ، فإنّه ما رجع غائب إلى منزله بشرٍّ

٣٥٨

ممّا رجعت ، قطعت القرابة القريبة ، وارتكبت الأمر العظيم»(١) لذا فإنّ ما رواه حميد عن مراسلات عبيد الله بن زياد مع ابن سعد يمكن أن نطمئنّ إليه أيضاً ، وممّا رواه أنّ ابن زياد دعا شمراً بن ذي الجوشن فقال له : «اخرج بهذا الكتاب إلى عمر بن سعد فليعرض على الحسين وأصحابه النزول على حكمي ، فإن فعلوا فليبعث بهم إليّ سلماً ، وإن هم أبوا النزول على حكمي فليقاتلهم ؛ فإن فعل ذلك فاسمع له وأطع ، وإن هو أبى أن يقاتلهم فأنت أمير الناس ، وثب عليه فاضرب عنقه وابعث إليّ برأسه»(٢).

روى أيضاً أن ابن زياد أرسل رسالةً أخرى إلى عمر بن سعد يأمره فيها أن يحول بين الحسين وأصحابه وبين الماء ، فبعث ابن سعد خمسمائة فارس بقيادة عمرو بن الحجّاج إلى الشريعة لمنع الحسين وأصحابه من الوصول إلى الماء(٣) ، وعند وصولهم نادى عبد الرحمن بن الحصين الأزدي بأعلى صوته : والله لا تذوقون منه قطرةً حتّى تموتوا عطشاً ، فأجابه الحسين عليه‌السلام : اللهمّ اقتله عطشاً ، ولا تغفر له أبداً ؛ قال حميد : والله لعدته بعد ذلك في مرضه ، فوالله الذي لا إله إلا هو لقد رأيته يشرب الماء حتّى يبغره ويصيح العطش العطش ، ثمّ يعود يشرب الماء حتّى يبغره ثمّ يبغيه ويتلظّى عطشاً ، فما زال ذلك دأبه حتّى لفظ نفسه»(٤).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الأخبار الطوال : ٢٦٠ ، وينظر أيضاً بغية الطلب في تاريخ حلب : ٢٦٣١.

(٢) تاريخ الطبري ٤/٣١٤ ، وتاريخ مدينة دمشق ٤٥/٥١.

(٣) تاريخ الطبري ٤/٣١١.

(٤) الإرشاد ٢/٨٧ ، وينظر أيضاً مناقب آل أبي طالب ٣/٢١٤ ، وروضة الواعظين ١٨٢.

٣٥٩

ومن المواقف البطولية التي رواها عن أبي عبد الله عليه‌السلام ما فعله بعمرو بن سعيد بن نفيل الأزدي حين ضرب القاسم بن الحسن عليهما السلام بسيفه على رأسه فأسقطه بعد أن انقطع شسع نعله ، وكان ابن سعيد حين رأى القاسم بتلك الهيبة والشجاعة وهو غلام ، أقسم أن يشدَّ عليه فحاول حميد منعه ، إذ قال له : وما تريد منه وقد احتوشه القوم ، ولكن اللعين أصرّ على فعلته ، وضرب القاسم بسيفه على رأسه فسقط على وجهه ، فصاح يا عمّاه ، فبرز إليه الحسين كالصقر وشدَّ شدّة الليث الغاضب ـ بحسب رواية حميد ـ وضرب ابن سعيد بسيفه فاتّقاه بساعده فأطنّها من لدن مرفقه ، وحملت الخيل لاستنقاذ ابن سعيد ، فداسته فمات ؛ كلّ ذلك رواه حميد ، وروى أيضاً ، وقوف الحسين عليه‌السلام على رأس الغلام ، وقوله : «بعداً لقوم قتلوك ، خصمهم فيك يوم القيامة رسول الله(صلى الله عليه وآله). ثمّ قال : عزّ على عمّك أن تدعوه فلا يجيبك .. ثمّ احتمله على صدره ، وكأنّي أنظر إلى رجلي الغلام تخطّان في الأرض ...»(١) ، وما تبع ذلك من وضعه بجانب ولده عليّ الأكبر ، رواه بتفصيل من شهد الحدث واستوعبه واستمع إلى الحوار الذي دار به من أوّله إلى آخره(٢) ، وقد يكون هذا اللعين ابن عمّ عبد الله بن سعد بن نفيل أحد قادة جيش التوّابين ، وشتَّان.

ومن المواقف التي قد تحسب له أنّ شمر بن ذي الجوشن حمل في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تاريخ الطبري ٤/٣٤١ ، ومقاتل الطالبيّين ٥٨.

(٢) مقاتل الطالبيّين ٥٨. وينظر أيضاً الإرشاد ٢/١٠٧.

٣٦٠