التبيان في إعراب القرآن

محبّ الدين عبدالله بن الحسين البغدادي [ أبي البقاء العكبري ]

التبيان في إعراب القرآن

المؤلف:

محبّ الدين عبدالله بن الحسين البغدادي [ أبي البقاء العكبري ]


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: بيت الأفكار الدوليّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٧

وبادي هنا ظرف ، وجاء على فاعل ، كما جاء على فعيل ، نحو قريب وبعيد ، وهو مصدر مثل العافية والعاقبة ، وفي العامل فيه أربعة أوجه :

أحدها ـ نراك ؛ أي فيما يظهر لنا من الرأي ، أو في أول رأينا.

فإن قيل : ما قبل «إلا» إذا تمّ لا يعمل فيما بعدها ، كقولك : ما أعطيت أحدا إلا زيدا دينارا ؛ لأنّ إلّا تعدّي الفعل ولا تعدّيه إلا إلى واحد ، كالواو في باب المفعول معه.

قيل : جاز لك هنا لأنّ بادي ظرف ، أو كالظرف ، مثل جهد رأيي أنك ذاهب ؛ أي في جهد رأيي ، والظروف يتسع فيها.

والوجه الثاني ـ أنّ العامل فيه (اتَّبَعَكَ) ؛ أي اتّبعوك في أول الرأي ، أو فيما ظهر منه من غير أن يبحثوا.

والوجه الثالث ـ أنه من تمام (أَراذِلُنا) ؛ أي الأراذل في رأينا.

والرابع ـ أنّ العامل فيه محذوف ؛ أي يقول ذاك في بادئ الرأي به.

والرأي : مهموز ؛ وغير مهموز.

٢٨ ـ (رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ) : يجوز أن تكون «من» متعلقة بالفعل ، وأن تكون من نعت الرحمة.

(فَعُمِّيَتْ) : أي خفيت عليكم ، لأنكم لم تنظروا فيها حقّ النظر.

وقيل : المعنى عميتم عنها ، كقولهم : أدخلت الخاتم في إصبعي.

ويقرأ بالتشديد والضم ؛ أي أبهمت عليكم عقوبة لكم.

و (أَنُلْزِمُكُمُوها) : الماضي منه ألزمت ، وهو متعدّ إلى مفعولين ، ودخلت الواو هنا تتمّة للميم ، وهو الأصل في ميم الجمع.

وقرئ بإسكان الميم الأولى ، فرارا من توالى الحركات.

٣١ ـ (تَزْدَرِي) : الدال بدل من التاء ، وأصلها تزتري ، وهو تفتعل من زريت ، وأبدلت دالا لتجانس الزاي في الجهر ؛ والتاء مهموسة ؛ فلم تجتمع مع الزاي.

٣٢ ـ (قَدْ جادَلْتَنا) : الجمهور على إثبات الألف ، وكذلك (جِدالَنا).

وقرئ «جدلتنا فأكثرت جدلنا» بغير ألف فيهما ، وهو بمعنى غلبتنا بالجدل.

٣٤ ـ (إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللهُ) :

حكم الشرط إذا دخل على الشرط أن يكون الشرط الثاني والجواب جوابا للشّرط الأول ؛ كقولك : إن أتيتني إن كلمتني أكرمتك ، فقولك : إن كلمتني أكرمتك جواب إن أتيتني ؛ وإذا كان كذلك صار الشرط الأول في الذّكر مؤخّرا في المعنى حتى لو أتاه ثم كلّمه لم يجب الإكرام. ولكن إن كلّمه ثم أتاه وجب إكرامه.

وعلة ذلك أنّ الجواب صار معوقا بالشرط الثاني ، وقد جاء في القرآن منه قوله تعالى : (إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ ...).

٣٥ ـ (فَعَلَيَّ إِجْرامِي) : يقرأ بكسر الهمزة ، وهو مصدر أجرم ، وفيه لغة أخرى «جرم». وبفتح الهمزة ، وهو جمع جرم.

٣٦ ـ (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ) : يقرأ بفتح الهمزة ، وإنه في موضع رفع بأوحي.

ويقرأ بكسرها ، والتقدير : قيل إنه ، وهو المرفوع بأوحي.

(إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ) : استثناء من غير الجنس في المعنى ، وهو فاعل «لن يؤمن».

٣٧ ـ (بِأَعْيُنِنا) : في موضع الحال من ضمير الفاعل في «اصنع» ، أي محفوظا.

٤٠ ـ (مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) : يقرأ «كلّ» بالإضافة ، وفيه وجهان :

أحدهما ـ أنّ مفعول «حمل» اثنين ، تقديره :

احمل فيها اثنين من كلّ زوج ، فمن ـ على هذا ـ حال ، لأنها صفة للنكرة قدّمت عليها.

والثاني ـ أن «من» زائدة ، والمفعول «كل» ، واثنين توكيد ، وهذا على قول الأخفش.

ويقرأ : «من كلّ» ـ بالتنوين ؛ فعلى هذا مفعول احمل زوجين ، واثنين توكيد له ، و «من» على هذا يجوز أن تتعلّق باحمل ، وأن يكون حالا ؛ والتقدير : من كل شيء أو صنف. (وَأَهْلَكَ) : معطوف على المفعول.

و (إِلَّا مَنْ سَبَقَ) : استثناء متصل.

(وَمَنْ آمَنَ) : مفعول احمل أيضا.

٤١ ـ (بِسْمِ اللهِ مَجْراها) : مجراها مبتدأ ، وبسم الله خبره ، والجملة حال مقدّرة ، وصاحبها الواو في (ارْكَبُوا).

ويجوز أن ترفع مجراها ببسم الله على أن تكون بسم الله حالا من الواو في اركبوا.

ويجوز أن تكون الجملة حالا من الهاء ؛ تقديره : اركبوا فيها وجريانها بسم الله ؛ وهي مقدرة أيضا.

وقيل : مجراها ومرساها ظرفا مكان ، وبسم الله حال من الواو ؛ أي مسمّين موضع جريانها.

ويجوز أن يكون زمانا ؛ أي وقت جريانها.

ويقرأ بضمّ الميم فيهما ، وهو مصدر أجريت مجرى ؛ وبفتحهما ، وهو مصدر جريت ورسيت.

ويقرأ بضمّ الميم وكسر الراء والسين وياء بعدهما ، وهو صفة لاسم الله عزوجل.

٤٢ ـ (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ) : يجوز أن تكون الجملة حالا من الضمير في بسم الله ، أي جريانها بسم الله ، وهي تجرى بهم.

٢٠١

ويجوز أن تكون مستأنفة ، و «بهم» حال من الضمير في تجرى ؛ أي وهم فيها.

(نُوحٌ ابْنَهُ) : الجمهور على ضم الحاء ، وهو الأصل.

وقرئ بإسكانها على إجراء الوصل مجرى الوقف.

ويقرأ : ابنها ، يعني ابن امرأته ؛ كأنه توهّم إضافته إليها دونه ، لقول : (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ).

ويقرأ بفتح الهاء من غير ألف ، وحذف الألف تخفيفا ، والفتحة تدلّ عليها ؛ ومثله : (يا أَبَتِ) فيمن فتح.

ويقرأ : «ابناه» على الترثّي ؛ وليس بندبة ، لأنّ الندبة لا تكون بالهمزة.

(فِي مَعْزِلٍ) : بكسر الزاي : موضع ، وليس بمصدر ، وبفتحها مصدر ، ولم أعلم أحدا قرأ بالفتح.

(يا بُنَيَ) : يقرأ بكسر الياء وأصله بني ـ بياء التصغير وياء هي لام الكلمة ، وأصلها واو عند قوم وياء عند آخرين ، والياء الثالثة ياء المتكلم ، ولكنها حذفت لدلالة الكسرة عليها فرارا من توالى الياءات ؛ ولأنّ النداء موضع تخفيف.

وقيل : حذفت من اللفظ لالتقائها مع الراء في (ارْكَبْ).

ويقرأ بالفتح ؛ وفيه وجهان : أحدهما ـ أنه أبدل الكسرة فتحة ، فانقلبت ياء الإضافة ، ثم حذفت الألف كما حذفت الياء مع الكسرة ؛ لأنها أصلها.

والثاني ـ أنّ الألف حذفت من اللفظ لالتقاء الساكنين.

٤٣ ـ (لا عاصِمَ الْيَوْمَ) : فيه ثلاثة أوجه :

أحدها ـ أنه اسم فاعل على بابه ؛ فعلى هذا يكون قوله تعالى : (إِلَّا مَنْ رَحِمَ) فيه وجهان :

أحدهما : هو استثناء متّصل : و «من رحم» بمعنى الرّاحم ؛ أي : لا عاصم إلا الله. والثاني : أنه منقطع ؛ أي لكن من رحمه‌الله يعصم.

الوجه الثاني ـ أنّ عاصما بمعنى معصوم ؛ مثل : (ماءٍ دافِقٍ) : أي مدفوق ؛ فعلى هذا يكون الاستثناء متصلا ؛ أي إلا من رحمه‌الله.

والثالث ـ أن عاصما بمعنى ذا عصمة على النسب ، مثل حائض وطالق ، والاستثناء على هذا متصل أيضا.

فأمّا خبر «لا» فلا يجوز أن يكون «اليوم» ؛ لأنّ ظرف الزمان لا يكون خبرا عن الجثّة ، بل الخبر (مِنْ أَمْرِ اللهِ) ، واليوم معمول «من أمر» ؛ ولا يجوز أن يكون اليوم معمول عاصم ؛ إذ لو كان كذلك لنوّن.

٤٤ ـ (عَلَى الْجُودِيِ) : بتشديد الياء ، وهو الأصل. وقرئ بالتخفيف لاستثقال الياءين.

(وَغِيضَ الْماءُ) : هذا الفعل يستعمل لازما ومتعدّيا ، فمن المتعدّي : (وَغِيضَ الْماءُ) ، ومن اللازم : (وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ).

ويجوز أن يكون هذا متعدّيا أيضا ، ويقال : غاض الماء وغضته.

و (بُعْداً) : مصدر ؛ أي وقيل : بعد بعدا.

و (لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) : تبيين وتخصيص ؛ وليست اللام متعلقة بالمصدر.

٤٦ ـ (إِنَّهُ عَمَلٌ) : في الهاء ثلاثة أوجه :

أحدها ـ هي ضمير الابن ؛ أي إنه ذو عمل.

والثاني ـ أنها ضمير النداء والسؤال في ابنه ؛ أي إن سؤالك فيه عمل غير صالح.

والثالث ـ أنها ضمير الركوب وقد دلّ عليه (ارْكَبْ مَعَنا).

ومن قرأ «عمل» على أنه فعل ماض فالهاء ضمير الابن لا غير.

(فَلا تَسْئَلْنِي) : يقرأ بإثبات الياء على الأصل ، وبحذفها تخفيفا ، والكسرة تدلّ عليها.

ويقرأ بفتح اللام وتشديد النون على أنها نون التوكيد ؛ فمنهم من يكسرها ، ومنهم من يفتحها ، والمعنى واضح.

٢٠٢

٤٧ ـ (وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي) : الجزم بإن ، ولم يبطل عملها بلا ؛ لأنّ «لا» صارت كجزء من الفعل ، وهي غير عاملة في النفي ، وهي تنفي ما في المستقبل ؛ وليس كذلك «ما» ؛ فإنها تنفي ما في الحال ؛ ولذلك لم يجز أن تدخل «إن» عليها ؛ لأنّ إن الشرطية تختصّ بالمستقبل ، و «ما» لنفي الحال.

٤٨ ـ (قِيلَ يا نُوحُ) : «يا» و «نوح» في موضع رفع لوقوعهما موقع الفاعل. وقيل القائم مقام الفاعل مضمر ، والنداء مفسّر له ؛ أي قيل قول ، أو قيل هو يا نوح.

(بِسَلامٍ) و (بَرَكاتٍ) : حالان من ضمير الفاعل.

(وَأُمَمٌ) : معطوف على الضمير في اهبط ؛ تقديره اهبط أنت وأمم ؛ وكان الفصل بينهما مغنيا عن التوكيد.

(سَنُمَتِّعُهُمْ) : نعت لأمم.

٤٩ ـ (تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ) : هو مثل قوله تعالى في آل عمران : (ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ) ، وقد ذكر إعرابه.

(ما كُنْتَ تَعْلَمُها) : يجوز أن يكون حالا من ضمير المؤنث في (نُوحِيها). وأن يكون حالا من الكاف في (إِلَيْكَ).

٥٠ ـ (مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) : قد ذكر في الأعراف.

٥٢ ـ (مِدْراراً) : حال من السماء ، ولم يؤنّثه لوجهين :

أحدهما ـ أنّ السماء : السحاب ، فذكّر مدرارا على المعنى.

والثاني ـ أنّ مفعالا للمبالغة ، وذلك يستوي فيه المؤنث والمذكر ، مثل : فعول ، كصبور ؛ وفعيل ، كبغيّ.

(إِلى قُوَّتِكُمْ) : «إلى» هنا محمولة على المعنى ، ومعنى يزدكم يضف ؛ ويجوز أن يكون «إلى» صفة لقوة ؛ فتتعلق بمحذوف ؛ أي قوة مضافة إلى قوّتكم.

٥٣ ـ (ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ) : يجوز أن تتعلّق الباء بجئت ؛ والتقدير : ما أظهرت بيّنة.

ويجوز أن تكون حالا ؛ أي ومعك بيّنة ، أو محتجّا ببينة.

٥٤ ـ (إِلَّا اعْتَراكَ) : الجملة مفسّرة لمصدر محذوف ، تقديره : إن نقول إلا قولا ، هو اعتراك. ويجوز أن يكون موضعها نصبا ؛ أي ما نذكر إلا هذا القول.

٥٧ ـ (فَإِنْ تَوَلَّوْا) : أي تتولّوا ، فحذف التاء الثانية.

(وَيَسْتَخْلِفُ) : الجمهور على الضمّ ، وهو معطوف على الجواب بالفاء.

وقد سكّنه بعضهم على الموضع ، أو على التخفيف لتوالي الحركات.

٦٠ ـ (كَفَرُوا رَبَّهُمْ) : هو محمول على المعنى ؛ أي جحدوا ربّهم.

ويجوز أن يكون انتصب لما حذف الباء.

وقيل : التقدير : كفروا نعمة ربّهم ؛ أي بطروها.

٦٣ ـ (غَيْرَ تَخْسِيرٍ) : الأقوى في المعنى أن يكون «غير» هنا استثناء في المعنى ؛ وهو مفعول ثان لتزيدونني ؛ أي فما تزيدونني إلا تخسيرا. ويضعف أن تكون صفة لمحذوف ؛ إذ التقدير : فما تزيدونني شيئا غير تخسير ، وهو ضدّ المعنى.

٦٦ ـ (وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ) : يقرأ بكسر الميم على أنه معرب ، وانجراره بالإضافة. وبفتحها على أنه مبنيّ مع «إذ» لأنّ «إذ» مبنى ، وظرف الزمان إذا أضيف إلى مبنيّ جاز أن يبنى لما في الظروف من الإبهام ؛ ولأنّ المضاف يكتسب كثيرا من أحوال المضاف إليه ؛ كالتعريف ، والاستفهام ، والعموم ، والجزاء.

وأما إذ فقد تقدّم ذكرها.

٦٧ ـ (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ) : في حذف التاء ثلاثة أوجه :

أحدها ـ أنه فصل بين الفعل والفاعل.

والثاني ـ أنّ التأنيث غير حقيقي.

والثالث ـ أن الصّيحة بمعنى الصياح ، فحمل على المعنى.

٦٨ ـ (كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها) : قد ذكر في الأعراف. (لِثَمُودَ) : يقرأ بالتنوين ؛ لأنه مذكّر ، وهي حيّ ، أو أبو القبيلة. وبحذف التنوين غير مصروف على أنها القبيلة.

٦٩ ـ (بِالْبُشْرى) : في موضع الحال من الرّسل.

(قالُوا سَلاماً) : في نصبه وجهان :

أحدهما ـ هو مفعول به على المعنى ، كأنه قال : ذكروا سلاما.

والثاني ـ هو مصدر : أسلموا سلاما.

وأما (سَلامٌ) الثاني فمرفوع على وجهين :

أحدهما ـ هو خبر مبتدأ محذوف ؛ أي أمري سلام ، أو جوابي ، أو قولي.

والثاني ـ هو مبتدأ ، والخبر محذوف ؛ أي سلام عليكم.

وقد قرئ على غير هذا الوجه بشيء هو ظاهر في الإعراب.

(أَنْ جاءَ) : في موضعه ثلاثة أوجه :

أحدها ـ جرّ ، تقديره : عن أن جاء لأنّ لبث بمعنى تأخّر.

٢٠٣

والثاني ـ نصب ، وفيه وجهان : أحدهما : أنه لما حذف حرف الجرّ وصل الفعل بنفسه. والثاني : هو محمول على المعنى ؛ أي لم يترك الإتيان بعجل.

والثالث ـ رفع على وجهين أيضا : أحدهما : فاعل لبث ؛ أي فما أبطأ مجيئه. والثاني : أن «ما» بمعنى الذي ، وهو مبتدأ ، و «أن جاء» خبره ؛ تقديره : والذي لبثه إبراهيم عليه‌السلام قدر مجيئه ، أو مصدرية : أي لبثه مقدار مجيئه.

٧١ ـ (وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ) : الجملة حال من ضمير الفاعل في (أُرْسِلْنا).

(فَضَحِكَتْ) : الجمهور على كسر الحاء ، وقرئ بفتحها ؛ والمعنى : حاضت ؛ يقال ضحكت الأرنب ـ بفتح الحاء.

(وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ) : يقرأ بالرفع وفيه وجهان :

أحدهما ـ وهو مبتدأ ، وما قبله الخبر.

والثاني ـ هو مرفوع بالظرف.

ويقرأ بفتح الباء ، وفيه وجهان :

أحدهما ـ أنّ الفتحة هنا للنّصب ، وفيه وجهان :

أحدهما : هو معطوف على موضع «بإسحاق». والثاني : هو منصوب بفعل محذوف دلّ عليه الكلام ، تقديره : ووهبنا له من وراء إسحاق يعقوب. والوجه الثاني ـ أنّ الفتحة للجر ، وهو معطوف على لفظ إسحاق ؛ أي فبشّرناها بإسحاق وبيعقوب.

وفي وجهي العطف قد فصل بين يعقوب وبين الواو العاطفة بالظرف ، وهو ضعيف عند قوم ؛ وقد ذكرنا ذلك في سورة النساء.

٧٢ ـ (وَهذا بَعْلِي شَيْخاً) : هذا مبتدأ ، وبعلي خبره ، وشيخا : حال من «بعلي» مؤكدة ؛ إذ ليس الغرض الإعلام بأنه بعلها في حال شيخوخته دون غيرها ، والعامل في الحال معنى الإشارة والتنبيه ، أو أحدهما.

ويقرأ «شيخ» بالرفع. وفيه عدة أوجه :

أحدها ـ أن يكون هذا مبتدأ وبعلي بدلا منه ، و «شيخ» الخبر.

والثاني ـ أن يكون بعلي عطف بيان ، وشيخ الخبر.

والثالث ـ أن يكون بعلي مبتدأ ثانيا ، وشيخ خبره ، والجملة خبر هذا.

والرابع ـ أن يكون بعلي خبر المبتدأ ، وشيخ خبر مبتدأ محذوف ؛ أي هو شيخ.

والخامس ـ أن يكون شيخ خبرا ثانيا.

والسادس ـ أن يكون بعلي وشيخ جميعا خبرا واحدا ، كما تقول : هذا حلو وحامض.

والسابع ـ أن يكون «شيخ» بدلا من بعلي.

٧٣ ـ (أَهْلَ الْبَيْتِ) ؛ تقديره : يا أهل البيت ، أو يكون منصوبا على التعظيم والتخصيص ؛ أي أعني.

ولا يجوز في الكلام جرّ مثل هذا على البدل ؛ لأن ضمير المخاطب لا يبدل منه إذا كان في غاية الوضوح.

٧٤ ـ (وَجاءَتْهُ الْبُشْرى) : هو معطوف على ذهب.

ويجوز أن يكون حالا من إبراهيم ، «وقد» مرادة.

فأمّا جواب «لمّا» ففيه وجهان :

أحدهما ـ هو محذوف تقديره ؛ أقبل يجادلنا ، ويجادلنا على هذا حال.

والثاني ـ أنه يجادلنا ، وهو مستقبل بمعنى الماضي ؛ أي جادلنا.

ويبعد أن يكون الجواب جاءته البشرى ؛ لأنّ ذلك يوجب زيادة الواو ، وهو ضعيف.

٧٥ ـ (أَوَّاهٌ) : فعّال من التأوّه.

٧٦ ـ (آتِيهِمْ) : هو خبر إن ، و (عَذابٌ) : مرفوع به.

وقيل : عذاب مبتدأ ، وآتيهم خبر مقدم ؛ وجوّز ذلك أنّ عذابا وإن كان نكرة فقد وصف بقوله (غَيْرُ مَرْدُودٍ) ، وأنّ إضافة اسم الفاعل هاهنا لا تفيده التعريف ؛ إذ المراد به الاستقبال.

٢٠٤

٧٨ ـ (سِيءَ بِهِمْ) : القائم مقام الفاعل ضمير لوط. و (ذَرْعاً) : تمييز.

و (يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ) : حال ، والماضي منه أهرع.

(هؤُلاءِ) : مبتدأ ، و (بَناتِي) : عطف بيان أو بدل ، و (هُنَ) : فصل ، و (أَطْهَرُ) : الخبر.

ويجوز أن يكون «هنّ» مبتدأ ثانيا ، وأطهر خبره.

ويجوز أن يكون بناتي خبرا ، وهنّ أطهر مبتدأ وخبر.

وقرئ في الشاذ «أطهر» ـ بالنصب ؛ وفيه وجهان :

أحدهما ـ أن يكون بناتي خبرا ، وهنّ فصلا ، وأطهر حالا.

والثاني ـ أن يكون «هنّ» مبتدأ ، و (لَكُمْ) خبرا ، و «أطهر» حالا ، والعامل فيه ما فى «هنّ» من معنى التوكيد بتكرير المعنى.

وقيل : العامل «لكم» ، لما فيه من معنى الاستقرار.

والضيف : مصدر في الأصل وصف به ؛ فلذلك لم يثنّ ولم يجمع ، وقد جاء مجموعا : يقال أضياف ، وضيوف ، وضيفان.

٧٩ ـ (ما نُرِيدُ) : يجوز أن تكون «ما» بمعنى الذي ، فتكون نصبا بتعلم ، وهو بمعنى تعرف.

ويجوز أن تكون استفهاما في موضع نصب بنريد و (عَلِمْتَ) معلّقة.

٨٠ ـ (أَوْ آوِي) : يجوز أن يكون مستأنفا ، وأن يكون في موضع رفع خبر «أن» على المعنى ؛ تقديره : أو أني آوي.

ويضعف أن يكون معطوفا على قوة ؛ إذ لو كان كذلك لكان منصوبا بإضمار أن.

وقد قرئ به ؛ والتقدير : أو أن آوي.

و (بِكُمْ) : حال من (قُوَّةً) ؛ وليس معمولا لها ، لأنها مصدر.

٨١ ـ (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ) : يقرأ بقطع الهمزة ووصلها ، وهما لغتان ؛ يقال : أسرى ، وسرى.

(إِلَّا امْرَأَتَكَ) : يقرأ بالرفع على أنه بدل من أحد ، والنّهى في اللفظ لأحد ، وهو في المعنى للوط ؛ أي لا تمكّن أحدا منهم من الالتفات ، إلا امرأتك.

ويقرأ بالنصب على أنه استثناء من أحد ، أو من أهل.

٨٢ ـ (جَعَلْنا عالِيَها) : مفعول أول ، و (سافِلَها) : ثان.

(مِنْ سِجِّيلٍ) : صفة لحجارة ، و (مَنْضُودٍ) : نعت لسجّيل.

٨٣ ـ و (مُسَوَّمَةً) : نعت لحجارة.

و (عِنْدَ) : معمول مسوّمة ، أو نعت لها.

و (هِيَ) : ضمير العقوبة.

و (بعيد) : نعت «لمكان» محذوف. ويجوز أن يكون خبر هي ، ولم تؤنّث لأنّ العقوبة والعقاب بمعنى ؛ أي وما العقاب بعيدا من الظالمين.

٨٤ ـ (أَخاهُمْ) : مفعول فعل محذوف ؛ أي وأرسلنا إلى مدين. و (شُعَيْباً) : بدل.

و (تَنْقُصُوا) : يتعدّى إلى المفعول بنفسه ، وإلى آخر تارة بنفسه وتارة بحرف جر ؛ تقول : نقصت زيدا حقّه ، ومن حقّه ؛ وهو هاهنا كذلك ؛ أي لا تنقصوا الناس من المكيال.

ويجوز أن يكون هنا متعدّيا إلى واحد على المعنى ؛ أي لا تقلّلوا وتطفّفوا.

و (مُحِيطٍ) : نعت ليوم في اللفظ ، وللعذاب في المعنى.

وذهب قوم إلى أنّ التقدير : عذاب يوم محيط عذابه ؛ وهو بعيد ؛ لأنّ محيطا قد جرى على غير من هو له ؛ فيجب إبراز فاعله مضافا إلى ضمير الموصوف.

٨٧ ـ (أَوْ أَنْ نَفْعَلَ) : في موضع نصب عطفا على (ما يَعْبُدُ) ، والتقدير : أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا ، أو أن نترك أن نفعل ، وليس بمعطوف على أن نترك ، إذ ليس المعنى : أأ صلاتك تأمرك أن نفعل في أموالنا.

٨٩ ـ (لا يَجْرِمَنَّكُمْ) : يقرأ بفتح الياء وضمّها ، وقد ذكر في المائدة ، وفاعله (شِقاقِي) ، و (أَنْ يُصِيبَكُمْ) : مفعوله الثاني.

٩٢ ـ (وَاتَّخَذْتُمُوهُ) : هي المتعدية إلى مفعولين ، و (ظِهْرِيًّا) : المفعول الثاني.

٢٠٥

و (وَراءَكُمْ) : يجوز أن يكون ظرفا لاتّخذتم ، وأن يكون حالا من ظهريا.

٩٣ ـ (سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ) : هو مثل الذي في قصّة نوح عليه‌السلام.

٩٥ ـ (كَما بَعِدَتْ) : يقرأ بكسر العين ، ومستقبله يبعد ، والمصدر بعدا ـ بفتح العين فيهما ؛ أي هلك. ويقرأ بضمّ العين ، ومصدره البعد ؛ وهو من البعد في المكان.

٩٨ ـ (يَقْدُمُ قَوْمَهُ) : هو مستأنف لا موضع له.

(فَأَوْرَدَهُمُ) : تقديره : فيوردهم. وفاعل (بِئْسَ) الورد. والمورود نعت له ، والمخصوص بالذم محذوف ، تقديره : بئس الورد النار.

ويجوز أن يكون المورود هو المخصوص بالذم.

١٠٠ ـ (ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى) : ابتداء ، وخبر. و (نَقُصُّهُ) حال ؛ ويجوز أن يكون «ذلك» مفعولا به ، والناصب له محذوف ؛ أي ونقصّ ذلك من أنباء القرى ، وفيه أوجه أخر قد ذكرت في قوله تعالى : (ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ) ، في آل عمران.

(مِنْها قائِمٌ) : مبتدأ وخبر في موضع الحال من الهاء في نقصّه.

(وَحَصِيدٌ) : مبتدأ خبره محذوف ؛ أي ومنها حصيد ، وهو بمعنى محصود.

١٠٢ ـ (إِذا أَخَذَ) : ظرف ، والعامل فيه (أَخْذُ رَبِّكَ).

١٠٣ ـ (ذلِكَ) :

مبتدأ. و (يَوْمٌ) : خبره ، و (مَجْمُوعٌ) : صفة يوم.

و (النَّاسُ) : مرفوع بمجموع.

١٠٥ ـ يوم يأتي : «يوم» ظرف ، والعامل فيه «تكلّم» مقدّرة ؛ والتقدير لا تكلم نفس فيه.

ويجوز أن يكون العامل فيه «نفس» ، وهو أجود.

ويجوز أن يكون مفعولا لفعل محذوف ؛ أي اذكروا يوم يأتي ، ويكون «تكلم» صفة له. والعائد محذوف ؛ أي لا تكلم فيه ، أو لا تكلمه.

ويجوز أن يكون منصوبا على إضمار أعني.

وأما فاعل «يأتي» فضمير يرجع على قوله : (يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ) ، ولا يرجع على «يوم» المضاف إلى يأتي ؛ لأنّ المضاف إليه كجزء من المضاف ؛ فلا يصحّ أن يكون الفاعل بعض الكلمة ؛ إذ ذلك يؤدّي إلى إضافة الشيء إلى نفسه ؛ والجيّد إثبات الياء ، إذ لا علّة توجب حذفها ، وقد حذفها بعضهم اكتفاء بالكسرة عنها ، وشبّه ذلك بالفواصل ؛ ونظير ذلك : (ما كُنَّا نَبْغِ) ـ (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ).

(إِلَّا بِإِذْنِهِ) : قد ذكر نظيره في آية الكرسي.

١٠٦ ـ (لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ) : الجملة في موضع الحال ، والعامل فيها الاستقرار الذي في (فَفِي النَّارِ) ، أو نفس الظرف. ويجوز أن يكون حالا من النار.

١٠٧ ـ (خالِدِينَ فِيها) : خالدين : حال ، والعامل فيها «لهم» ، أو ما يتعلّق به.

(ما دامَتِ) : في موضع نصب ؛ أي مدة دوام السموات. ودام هنا تامة.

(إِلَّا ما شاءَ) : في هذا الاستثناء قولان :

أحدهما ـ هو منقطع.

والثاني ـ هو متّصل.

ثم في «ما» وجهان : أحدهما ـ هي بمعنى «من». والمعنى على هذا أنّ الأشقياء من الكفّار والمؤمنين فى النار ، والخارج منهم منها الموحدون.

وفي الآية الثانية يراد بالسعداء الموحّدون ، ولكن يدخل منهم النّار العصاة ، ثم يخرجون منها.

فمقتضى أوّل الآية أن يكون كل الموحدين في الجنة من أول الأمر. ثم استثنى من هذا العموم العصاة ؛ فإنهم لا يدخلونها في أول الأمر.

والوجه الثاني ـ أنّ «ما» على بابها ؛ والمعنى : أنّ الأشقياء يستحقّون النار من حين قيامهم من قبورهم ، ولكنهم يؤخّرون عن إدخالها مدة الموقف. والسعداء ، يستحقّون الجنة ويؤخّرون عنها مدة الموقف ، و «خالدين» على هذا حال مقدّرة ؛ و «فيها» في الموضعين تكرير عند قوم ؛ إذ الكلام يستقلّ بدونها.

وقال قوم : «فيها» يتعلق بخالدين ، وليست تكريرا ، وفي الأولى يتعلّق بمحذوف.

١٠٨ ـ و (عَطاءً) : اسم مصدر ؛ أي إعطاء لذلك ؛ ويجوز أن يكون مفعولا ؛ لأن العطاء بمعنى المعطي.

(سُعِدُوا) ـ بفتح السين ، وهو الجيد ؛ وقرئ بضمّها وهو ضعيف ، وقد ذكر فيها وجهان :

أحدهما ـ أنه على حذف الزيادة ؛ أي اسعدوا ، وأسّسه قولهم : رجل مسعود.

والثاني ـ أنه مما لازمه ومتعدّية بلفظ واحد ، مثل شحا فاه ، وشحا فوه ، وكذلك سعدوا وسعدته ، وهو غير معروف في اللغة ، ولا هو مقيس.

١٠٩ ـ (غَيْرَ مَنْقُوصٍ) : حال ، أي وافيا.

١١١ ـ (وَإِنَّ كُلًّا) : يقرأ بتشديد النون ونصب كلّ ، وهو الأصل.

ويقرأ بالتخفيف والنصب ، وهو جيّد ؛ لأنّ «إن» محمولة على الفعل ، والفعل يعمل بعد الحذف كما يعمل قبل الحذف ؛ نحو : لم يكن ولم يك.

وفي خبر «إن» على الوجهين وجهان :

أحدهما ـ (لَيُوَفِّيَنَّهُمْ).

و «ما» خفيفة زائدة ، لتكون فاصلة بين لام إن ولام القسم كراهية تواليهما ، كما فصلوا بالألف بين النّونات في قولهم : أحسنان عني.

والثاني ـ أنّ الخبر «ما» ، وهي نكرة ؛ أي لخلق ، أو جمع.

ويقرأ بتشديد الميم مع نصب كل ، وفيها ثلاثة أوجه :

٢٠٦

أحدها ـ أنّ الأصل : لمن ما ـ بكسر الميم الأولى ، وإن شئت بفتحها ، فأبدلت النون ميما ، وأدغمت ، ثم حذفت الميم الأولى كراهية التكرير ؛ وجاز حذف الأولى وإبقاء الساكنة لاتّصال اللام بها ، وهي الخبر على هذين التقديرين.

الوجه الثاني ـ أنه مصدر لمّ يلمّ ، إذا جمع ، لكنه أجرى الوصل مجرى الوقف ، وقد نوّنه قوم ، وانتصابه على الحال من ضمير المفعول في «لنوفينّهم» ، وهو ضعيف.

الوجه الثالث ـ أنه شدّد ميم «ما» كما يشدّد الحرف الموقوف عليه في بعض اللغات ، وهذا في غاية البعد.

ويقرأ : و «إن» بتخفيف النّون. كلّ بالرفع ، وفيه وجهان : أحدهما ـ أنّها المخففة ، واسمها محذوف ، وكلّ وخبرها خبر إن ، وعلى هذا تكون «لما» نكرة ؛ أي خلق أو جمع على ما ذكرناه في قراءة النصب.

والثاني ـ أن «إن» بمعنى «ما» ، و «لما» بمعنى «إلا» ؛ أي ما كلّ إلا ليوفينهم. وقد قرئ به شاذّا ؛ ومن شدّد فهو على ما تقدم ؛ ولا يجوز أن تكون «لما» بالتشديد حرف جزم ، ولا حينا لفساد المعنى.

١١٢ ـ (وَمَنْ تابَ) : هو في موضع رفع عطفا على الفاعل في «استقم».

ويجوز أن يكون نصبا مفعولا معه.

١١٣ ـ (وَلا تَرْكَنُوا) : يقرأ : بفتح الكاف ، وماضيه على هذا ركن ـ بكسرها ، وهي لغة. وقيل ماضيه على هذا بفتح الكاف ، ولكنه جاء على فعل يفعل بالفتح فيهما ، وهو شاذّ. وقيل : اللغتان متداخلتان ، وذلك أنه سمع من لغته الفتح في الماضي فتحها في المستقبل على لغة غيره فنطق بها على ذلك.

ويقرأ بضمّ الكاف ، وماضيه ركن بفتحها.

(فَتَمَسَّكُمُ) : الجمهور على فتح التاء.

وقرئ بكسرها ، وهي لغة ، وقيل : هي لغة في كلّ ما عين ماضيه مكسورة ولامه كعينه ؛ نحو مسّ ، أصله مسست ، وكسر أوله في المستقبل تنبيها على ذلك.

١١٤ ـ (طَرَفَيِ النَّهارِ) : ظرف لأقم.

(وَزُلَفاً) : بفتح اللام وجمع زلفة ، مثل ظلمة وظلم.

ويقرأ بضمها ، وفيه وجهان :

أحدهما ـ أنه جمع زلفة أيضا ، وكانت اللام ساكنة مثل بسرة وبسر ، ولكنه اتبع الضمّ الضم.

والثاني ـ هو جمع زليف ، وقد نطق به.

ويقرأ بسكون اللام ، وهو جمع زلفة على الأصل ، نحو بسرة وبسر ، أو هو مخفّف من جمع زليف.

١١٦ ـ (أُولُوا بَقِيَّةٍ) : الجمهور على تشديد الياء وهو الأصل.

وقرئ بتخفيفها ، وهو مصدر بقي يبقى بقية ، كلقيته لقية ؛ فيجوز أن يكون على بابه ؛ ويجوز أن يكون مصدرا بمعنى فعيل ، وهو بمعنى فاعل.

(فِي الْأَرْضِ) : حال من الفساد.

(وَاتَّبَعَ) : الجمهور على أنها همزة وصل وفتح التاء والباء ؛ أي اتبعوا الشهوات.

وقرئ بضم الهمزة وقطعها وسكون التاء وكسر الباء ، والتقدير : جزاء ما أترفوا.

١١٩ ـ (إِلَّا مَنْ رَحِمَ) : هو مستثنى من ضمير الفاعل في (يَزالُونَ) ؛ و «ذلك» يعود على الرحمة. وقيل على الاختلاف.

١٢٠ ـ (وَكُلًّا) : هو منصوب ب (نَقُصُّ).

و (مِنْ أَنْباءِ) : صفة لكلّ ، و (ما نُثَبِّتُ) : بدل من كل ، أو هو رفع بإضمار هو.

ويجوز أن يكون مفعول «نقصّ» ، ويكون «كلا» حالا من «ما» ، أو من الهاء على مذهب من أجاز تقديم حال المجرور عليه ، أو من «أنباء» على هذا المذهب أيضا. ويكون «كلّا» بمعنى جميعا.

(فِي هذِهِ) : قيل في الدنيا. وقيل في هذه السورة. والله أعلم.

٢٠٧

سورة يوسف

١ ـ (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ) : قد ذكر في أول يونس.

٢ ـ (قُرْآناً) : فيه وجهان :

أحدهما ـ أنه توطئة للحال التي هي (عَرَبِيًّا).

والثاني أنه حال ، وهو مصدر في موضع المفعول ؛ أي مجموعا أو مجتمعا. وعربيّ صفة له على رأي من يصف الصفة ، أو حال من الضمير الذي في المصدر على رأي من قال : يحتمل الضمير إذا وقع موقع ما يحتمل الضمير.

٣ ـ (أَحْسَنَ) : ينتصب انتصاب المصدر.

(بِما أَوْحَيْنا) : «ما» : مصدرية ، و (هذَا) مفعول «أوحينا» و (الْقُرْآنَ) : نعت له ، أو بيان.

ويجوز في العربية جرّه على البدل من «ما» ، ورفعه على إضمار هو. والباء متعلقة بنقصّ.

ويجوز أن يكون حالا من أحسن.

والهاء في (قَبْلِهِ) ترجع على القرآن ؛ أو على هذا ، أو على الإيحاء.

٤ ـ (إِذْ قالَ) ؛ أي اذكر إذ.

وفي (يُوسُفُ) ست لغات : ضمّ السين ، وفتحها ، وكسرها بغير همز فيهن ، وبالهمز فيهنّ ، ومثله يونس. (يا أَبَتِ) : يقرأ بكسر التاء ، والتاء فيه زائدة عوضا من ياء المتكلم ، وهذا في النداء خاصة ، وكسرت التاء لتدلّ على الياء المحذوفة ؛ ولا يجمع بينهما ، لئلا يجمع بين العوض والمعوّض ويقرأ بفتحها ، وفيه ثلاثة أوجه :

أحدها ـ أنه حذف التاء التي هي عوض من الياء ، كما تحذف تاء طلحة في الترخيم ، وزيدت بدلها تاء أخرى ، وحرّكت بحركة ما قبلها ، كما قالوا : يا طلحة ، أقبل ـ بالفتح.

والثاني ـ أنه أبدل من الكسرة فتحة كما يبدل من الياء ألف.

والثالث ـ أنه أراد يا أبتا ، كما جاء في الشعر يا أبتا علّك أو عساكا فحذفت الألف تخفيفا.

وقد أجاز بعضهم ضمّ التاء لشبهها بتاء التأنيث.

فأمّا الوقف على هذا الاسم فبالتاء عند قوم ؛ لأنها ليست للتأنيث ، فيبقى لفظها دليلا على المحذوف. وبالهاء عند آخرين شبّهوها بهاء التأنيث.

وقيل : الهاء بدل من الألف المبدلة من الياء.

وقيل : هي زائدة لبيان الحركة.

و (أَحَدَ عَشَرَ) : بفتح العين على الأصل ، وبإسكانها على التخفيف فرارا من توالي الحركات ، وإيدانا بشدّة الامتزاج.

وكرّر (رَأَيْتُ) تفخيما لطول الكلام ؛ وجعل الضمير على لفظ المذكّر ؛ لأنّه وصفه بصفات من يعقل ، من السجود والطاعة ؛ ولذلك جمع الصفة جمع السلامة.

و (ساجِدِينَ) : حال ؛ لأنّ الرؤية من رؤية العين.

٥ ـ (رُؤْياكَ) : الأصل الهمز ، وعليه الجمهور.

وقرئ بواو مكان الهمز ، لانضمام ما قبلها.

ومن العرب من يدغّم ، فيقول ريّاك ، فأجرى المخفّفة مجرى الأصلية. ومنهم من يكسر الراء لتناسب الياء.

(فَيَكِيدُوا) : جواب النهى. (كَيْداً) : فيه وجهان :

أحدهما ـ هو مفعول به ، والمعنى : فيضعون لك أمرا يكيدك ، وهو مصدر في موضع الاسم ؛ ومنه قوله تعالى : (فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ) ؛ أي ما تكيدون به ؛ فعلى هذا يكون في اللام وجهان : أحدهما : هي بمعنى من أجلك. والثاني : هي صفة قدمت فصارت حالا.

والوجه الآخر ـ أن يكون مصدرا مؤكّدا ؛ وعلى هذا في اللام ثلاثة أوجه : منها الاثنان الماضيان.

والثالث : أن تكون زائدة : لأنّ هذا الفعل يتعدى بنفسه ، ومنه : (فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ).

ونظير زيادتها هنا : (رَدِفَ لَكُمْ).

٦ ـ (وَكَذلِكَ) : الكاف في موضع نصب نعتا لمصدر محذوف ؛ أي اجتباه مثل ذلك.

(إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ) : بدلان من أبويك.

٧ ـ (آياتٌ) : يقرأ على الجمع ؛ لأنّ كلّ خصلة مما جرى آية.

ويقرأ على الإفراد ؛ لأنّ جميعها يجري مجرى الشيء الواحد.

وقيل : وضع الواحد موضع الجمع ، وقد ذكرنا أصل الآية في البقرة.

٩ ـ (أَرْضاً) : ظرف لا طرحوه ؛ وليس بمفعول به ؛ لأن طرح لا يتعدى إلى اثنين.

وقيل : هو مفعول ثان ؛ لأنّ اطرحوه بمعنى أنزلوه ، وأنت تقول : أنزلت زيدا الدار.

١٠ ـ (غَيابَتِ الْجُبِ) : يقرأ بألف بعد الياء وتخفيف الباء ، وهو الموضع الذي يخفى من فيه.

ويقرأ على الجمع ؛ إما أن يكون جمعها بما حولها ، كما قال الشاعر : يزلّ الغلام الخفّ عن صهواته أو أن يكون في الجبّ مواضع على ذلك. وفيه قراءات اخر ظاهرة لم نصل بذكرها.

(يَلْتَقِطْهُ) : الجمهور على الياء حملا على لفظ بعض.

ويقرأ بالتاء حملا على المعنى ؛ إذ بعض السيارة سيّارة ، ومنه قولهم : ذهبت بعض أصابعه.

١١ ـ (لا تَأْمَنَّا) : في موضع الحال.

والجمهور على الإشارة إلى ضمة النون الأولى ؛ فمنهم من يختلس الضمة بحيث يدركها السمع. ومنهم من يدلّ عليها بضم الشفة فلا يدركها السمع ، ومنهم من يدغمها من غير إشمام ، وفي الشاذ من يظهر النون ؛ وهو القياس.

٢٠٨

١٢ ـ نرتع : الجمهور على أنّ العين آخر الفعل ، وماضيه رتع ؛ فمنهم من يسكّنها على الجواب ، ومنهم من يضمّها على أن تكون حالا مقدّرة. ومنهم من يقرؤها بالنون ، ومنهم من يقرؤها بالياء.

ويقرأ نرتع ـ بكسر العين ، وهو يفتعل من رعى ؛ أي ترعى ماشيتنا ، أو نأكل نحن.

١٣ ـ (يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ) : الأصل في الذئب الهمز ، وهو من قولهم : تذأبت الريح ؛ إذا جاءت من كلّ وجه ؛ كما أنّ الذئب كذلك.

ويقرأ بالياء على التخفيف.

١٤ ـ (وَنَحْنُ عُصْبَةٌ) : الجملة حال.

وقرئ في الشاذ «عصبة» ـ بالنصب ؛ وهو بعيد. ووجهه أن يكون حذف الخبر ونصب هذا على الحال ؛ أي : ونحن نتعصّب ، أو نجتمع عصبة.

١٥ ـ (فَلَمَّا ذَهَبُوا) : جواب «لما» محذوف تقديره : عرّفناه ، أو نحو ذلك ؛ وعلى قول الكوفيين الجواب (وَأَوْحَيْنا) ، والواو زائدة.

(وَأَجْمَعُوا) : يجوز أن يكون حالا معه «قد» مرادة ، وأن يكون معطوفا.

١٦ ـ (عِشاءً) : فيه وجهان :

أحدهما ـ هو ظرف ؛ أي وقت العشاء ؛ و (يَبْكُونَ) : حال.

والثاني ـ أن يكون جمع عاش ، كقائم وقيام.

ويقرأ بضم العين ؛ والأصل عشاة ، مثل غاز وغزاة ، فحذفت الهاء وزيدت الألف عوضا منها ، ثم قلبت الألف همزة.

وفيه كلام قد ذكرناه في آل عمران عند قوله سبحانه : (أَوْ كانُوا غُزًّى).

ويجوز أن يكون جمع فاعل على فعال ، كما جمع فعيل على فعال لقرب ما بين الكسر والضمّ.

ويجوز أن يكون كتؤام ورباب ، وهو شاذّ.

١٨ ـ (عَلى قَمِيصِهِ) ؛ في موضع نصب حالا من الدم ؛ لأنّ التقدير جاؤوا بدم كذب على قميصه.

و (كَذِبٍ) : بمعنى ذي كذب.

ويقرأ في الشاذ بالدال ، والكدب : النقط الخارجة على أطراف الأحداث ، فشبّه الدم اللّاصق على القميص بها. وقيل : الكذب : الطريّ.

(فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) ؛ أي فشأني ، فحذفت المبتدأ ؛ وإن شئت كان المحذوف الخبر ؛ أي فلي ، أو عندي.

١٩ ـ بشراي : يقرأ بياء مفتوحة بعد الألف ، مثل عصاي ؛ وإنما فتحت الياء من أجل الألف.

ويقرأ بغير ياء ، وعلى الألف ضمّة مقدرة ؛ لأنه منادى مقصود ؛ ويجوز أن يكون منصوبا مثله قوله : (يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ).

ويقرأ : بشريّ ـ بياء مشدّدة من غير ألف ، وقد ذكر في قوله تعالى : (هُدىً) في البقرة ، والمعنى : يا بشارة ، احضري فهذا أوانك.

(وَأَسَرُّوهُ) : الفاعل ضمير الإخوة. وقيل السيارة. و (بِضاعَةً) : حال.

٢٠ ـ (بَخْسٍ) : مصدر في موضع المفعول ؛ أي مبخوس ؛ أو ذي بخس.

و (دَراهِمَ) : بدل من ثمن.

(وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ) : قد ذكر مثله في قوله : (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) في البقرة.

(وَنَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ) في المائدة.

٢١ ـ (مِنْ مِصْرَ) : يجوز أن يكون متعلقا بالفعل ؛ كقولك : اشتريت من بغداد ؛ أي فيها ، أو بها.

ويجوز أن يكون حالا من (الَّذِي) ، أو من الضمير في «اشترى» ، فيتعلّق بمحذوف.

(وَلِنُعَلِّمَهُ) : اللام متعلقة بمحذوف ؛ أي ولنعلمه مكنّاه.

وقد ذكر مثله في قوله تعالى : (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ) ، وغيره.

والهاء في «أمره» : يجوز أن تعود على الله عزوجل ، وأن تعود على يوسف.

٢٣ ـ (هَيْتَ لَكَ) : فيه قراءات :

إحداها ـ فتح الهاء والتاء وياء بينهما.

والثانية ـ كذلك ، إلا أنه بكسر التاء.

والثالثة ـ كذلك ، إلى أنه بضمّها ؛ وهي لغات فيها.

والكلمة اسم للفعل ؛ فمنهم من يقول : هو خبر معناه تهيّأت ، وبني كما بني شتّان ، ومنهم من يقول : هو اسم للأمر ؛ أي أقبل وهلمّ ؛ فمن فتح طلب الخفّة ، ومن كسر فعلى التقاء الساكنين ، مثل جير.

ومنهم من ضمّ ، شبّهه بحيث. واللام على هذا للتبيين مثل التي في قولهم : سقيا لك.

والقراءة الرابعة : بكسر الهاء وهمزة ساكنة وضمّ التاء ؛ وهو على هذا فعل من هاء يهاء مثل شاء يشاء ؛ ويهيء مثل : فاء يفيء. والمعنى : تهيأت لك ، أو خلقت ذا هيئة لك ، واللام متعلّقة بالفعل.

والقراءة الخامسة : هيئت لك ، وهي غريبة.

والسادسة ـ بكسر الهاء وسكون الهمزة وفتح التاء ، والأشبه أن تكون الهمزة بدلا من الياء ، أو تكون لغة في الكلمة التي هي اسم للفعل ؛ وليست فعلا ؛ لأنّ ذلك يوجب أن يكون الخطاب ليوسف عليه‌السلام ، وهو فاسد لوجهين :

أحدهما ـ أنه لم يتهيّأ لها ، وإنما هي تهيّأت له.

٢٠٩

والثاني ـ أنه قال لك ، ولو أراد الخطاب لكان هئت لي.

(قالَ مَعاذَ اللهِ) : هو منصوب على المصدر ؛ يقال : عذت به عوذا ، وعياذا ، وعياذة ، ومعاذا.

(إِنَّهُ) : الهاء ضمير الشأن ، والجملة بعده الخبر.

٢٤ ـ (لَوْ لا أَنْ رَأى) : جواب «لولا» محذوف تقديره : لهمّ بها ، والوقف على هذا ولقد همّت به. والمعنى أنه لم يهمّ بها.

وقيل التقدير : لولا أن رأى البرهان لواقع المعصية.

(كَذلِكَ) : في موضع رفع ؛ أي الأمر كذلك.

وقيل : في موضع نصب ، أي رؤية كذلك.

واللام في (لِنَصْرِفَ) متعلقة بالمحذوف.

و (الْمُخْلَصِينَ) : بكسر اللام ؛ أي المخلصين أعمالهم. وبفتحها ؛ أي أخلصهم الله لطاعته.

٢٥ ـ (مِنْ دُبُرٍ) : الجمهور على الجرّ والتنوين.

وقرئ في الشواذ بثلاث ضمّات من غير تنوين ؛ وهو مبنيّ على الضم ؛ لأنه قطع على الإضافة ؛ والأصل من دبره وقبله ، ثم فعل فيه ما فعل في قبل وبعد ؛ وهو ضعيف ؛ لأن الإضافة لا تلزمه كما تلزم الظروف المبنية لقطعها عن الإضافة. ٢٩ ـ (يُوسُفُ أَعْرِضْ) : الجمهور على ضمّ الفاء ، والتقدير : يا يوسف.

وقرأ الأعمش بالفتح ، والأشبه أن يكون أخرجه على أصل المنادى ، كما جاء في الشعر : يا عديّا لقد وقتك الأواقي وقيل : لم تضبط هذه القراءة عن الأعمش ، والأشبه أن يكون وقف على الكلمة ثم وصل ، وأجرى الوصل مجرى الوقف ، فألقى حركة الهمزة على الفاء وحذفها فصار اللفظ بها «يوسف اعرض». وهذا كما حكي : الله أكبر ، اشهد أن لا ـ بالوصل والفتح.

وقرئ في الشاذ أيضا بضمّ الفاء ، وأعرض على لفظ الماضي ؛ وفيه ضعف ، لقوله : (وَاسْتَغْفِرِي) ؛ وكان الأشبه أن يكون بالفاء فاستغفري.

٣٠ ـ (نِسْوَةٌ) : يقرأ بكسر النون ، وضمّها ؛ وهما لغتان.

وألف «الفتى» منقلبة عن ياء ، لقولهم فتيان ، والفتوة شاذ.

(قَدْ شَغَفَها) : يقرأ بالغين ، وهو من شغاف القلب ، وهو غلافه. والمعنى : أنه أصاب شغاف قلبها ، وأنّ حبّه صار محتويا على قلبها كاحتواء الشّغاف عليه.

ويقرأ بالعين ؛ وهو من قولك : فلان مشغوف بكذا ؛ أي مغرم به ومولع.

و (حُبًّا) : تمييز ، والأصل قد شغفها حبّه ، والجملة مستأنفة. ويجوز أن يكون حالا من الضمير في (تُراوِدُ) ، أو من «الفتى».

٣١ ـ (وَأَعْتَدَتْ) : هو من العتاد ، وهو الشيء المهّيأ للأمر.

(مُتَّكَأً) : الجمهور على تشديد التاء والهمز من غير مدّ ، وأصل الكلمة موتكأ ؛ لأنه من توكأت ، ويراد به المجلس الذي يتّكا فيه ؛ فأبدلت الواو تاء وأدغمت. وقرئ شاذا بالمد والهمز ، والألف فيه ناشئة عن إشباع الفتحة.

ويقرأ بالتنوين من غير همز ، والوجه فيه أنه أبدل الهمزة ألفا ثم حذفها لتنوين.

وقال ابن جنى : يجوز أن يكون من أو كيت السقاء ؛ فتكون الألف بدلا من الياء ، ووزنه مفتعل من ذلك.

ويقرأ بتخفيف التاء من غير همز ، ويقال ألمتك الأترجّ.

حاشى لله : يقرأ بألفين وهو الأصل.

والجمهور على أنه هنا فعل ، وقد قالوا منه أحاشي ، وأيدّ ذلك دخول اللام على اسم الله تعالى ، ولو كان حرف جرّ لما دخل على حرف جر. وفاعله مضمر تقديره : حاشى يوسف ؛ أي بعد عن المعصية لخوف الله.

وأصل الكلمة من حاشيت الشيء ، فحاشى صار في حاشية ؛ أي ناحية.

ويقرأ بغير ألف بعد الشين ، حذفت تخفيفا ، واتبع في ذلك المصحف ، وحسّن ذلك كثرة استعمالها.

وقرئ شاذّا «حشا لله» ، بغير ألف بعد الحاء ، وهو مخفّف منه.

وقال بعضهم : هي حرف جرّ ، واللام زائدة ، وهو ضعيف ؛ لأنّ موضع مثل هذا ضرورة الشعر.

(ما هذا بَشَراً) : يقرأ بفتح الباء ؛ أي إنسانا ؛ بل هو ملك.

ويقرأ بكسر الباء من الشراء ؛ أي لم يحصل هذا بثمن. ويجوز أن يكون مصدرا في موضع المفعول ؛ أي بمشترى ، وعلى هذا قرئ بكسر اللام في (مَلَكٌ).

٣٣ ـ (رَبِّ السِّجْنُ) : يقرأ بكسر السين وضمّ النون ، وهو مبتدأ ، و (أَحَبُّ) : خبره. والمراد المحبس ؛ والتقدير : سكنى السجن.

ويقرأ بفتح السين على أنه مصدر.

ويقرأ «ربّ» ـ بضم الباء من غير ياء ، و «السجن» بكسر السين ، والجرّ على الإضافة ؛ أي صاحب السجن. والتقدير : لقاؤه أو مقاساته.

٣٥ ـ (بَدا لَهُمْ) : في فاعل «بدا» ثلاثة أوجه :

أحدها ـ هو محذوف ، و (لَيَسْجُنُنَّهُ) : قائم مقامه ؛ أي بدا لهم السجن ، فحذف وأقيمت الجملة مقامه ، وليست الجملة فاعلا ؛ لأنّ الجمل لا تكون كذلك.

٢١٠

والثاني ـ أنّ الفاعل مضمر ، وهو مصدر بدا ؛ أي بدا لهم بداء ، فأضمر.

والثالث ـ أنّ الفاعل ما دلّ عليه الكلام ؛ أي بدا لهم رأي ؛ أي فأضمر أيضا.

و (حَتَّى) : متعلقة بيسجننّه. والله أعلم.

٣٦ ـ (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ) : الجمهور على كسر السين ، وقرئ بفتحها ؛ والتقدير : موضع السجن ، أو في السجن.

و (قالَ) : مستأنف ؛ لأنه لم يقل ذلك المنام حال دخوله ، ولا هو حال مقدرة ؛ لأنّ الدخول لا يؤدّي إلى المنام.

(فَوْقَ رَأْسِي) : ظرف لأحمل.

ويجوز أن يكون حالا من الخبر. و (تَأْكُلُ) : صفة له.

٣٩ ـ (أَمِ اللهُ الْواحِدُ) : أم هنا متصلة.

٤٠ ـ (سَمَّيْتُمُوها) : يتعدّى إلى مفعولين ، وقد حذف الثاني ؛ أي سمّيتموها آلهة.

و (أَسْماءً) هنا بمعنى مسمّيات ، أو ذوي أسماء ؛ لأن الاسم لا يعبد.

(أَمَرَ أَلَّا) : يجوز أن يكون مستأنفا ، وأن يكون حالا ، و «قد» معه مرادة ، وهو ضعيف لضعف العامل فيه.

٤٢ ـ (مِنْهُمَا) : يجوز أن يكون صفة لناج ؛ وأن يكون حالا من الذي ؛ ولا يكون متعلقا بناج ؛ لأنه ليس المعنى عليه.

٤٣ ـ (سِمانٍ) : صفة لبقرات. ويجوز في الكلام نصبه نعتا لسبع.

و (يَأْكُلُهُنَ) : في موضع جر ، أو نصب على ما ذكرنا. ومثله (خُضْرٍ).

(لِلرُّءْيا) : اللام فيه زائدة تقوية للفعل لمّا تقدم مفعوله عليه ؛ ويجوز حذفها في غير القرآن ؛ لأنه يقال : عبّرت الرؤيا.

٤٤ ـ (أَضْغاثُ أَحْلامٍ) ؛ أي هذه.

(بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ) : أي بتأويل أضغاث الأحلام ؛ لا بدّ من ذلك ، لأنهم لم يدّعوا الجهل بتعبير الرؤيا.

٤٥ ـ (نَجا مِنْهُما) : في موضع الحال من ضمير الفاعل ؛ وليس بمفعول به ؛ ويجوز أن يكون حالا من (الَّذِي).

(وَادَّكَرَ) : أصله اذتكر ، فأبدلت الذال دالا والتاء دالا ، وأدغمت الأولى في الثانية ، ليتقارب الحرفان.

ويقرأ شاذّا بذال معجمة مشددة ؛ ووجهها أنه قلب التاء ذالا وأدغم.

(بَعْدَ أُمَّةٍ) : يقرأ بضم الهمزة وبكسرها ؛ أي نعمة ، وهي خلاصه من السجن ؛ ويجوز أن تكون بمعنى حين.

ويقرأ بفتح الهمزة والميم وهاء منونة ؛ وهو النّسيان ، يقال : أمه يأمه أمها.

٤٧ ـ (دَأَباً) : منصوب على المصدر ؛ أي تدأبون ؛ ودلّ الكلام عليه.

ويقرأ بإسكان الهمزة وفتحها ؛ والفعل منه دأب ، دأبا ، ودئب دأبا.

ويقرأ بألف من غير همز على التخفيف.

٤٩ ـ (يَعْصِرُونَ) : يقرأ بالياء والتاء والفتح ، والمفعول محذوف ؛ أي يعصرون العنب لكثرة الخصب.

ويقرأ بضمّ التاء وفتح الصاد ؛ أي تمطرون ؛ وهو من قوله : (مِنَ الْمُعْصِراتِ).

٢١١

٥١ ـ (إِذْ راوَدْتُنَ) : العامل في الظرف خطبكنّ ؛ وهو مصدر سمّي به الأمر العظيم ويعمل بالمعنى ؛ لأن معناه : ما أردتنّ ، أو ما فعلتنّ.

٥٢ ـ (ذلِكَ لِيَعْلَمَ) ؛ أي الأمر ذلك ، واللام متعلقة بمحذوف تقديره : أظهر الله ذلك ليعلم.

٥٣ ـ (إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي) : في «ما» وجهان :

أحدهما ـ هي مصدرية ، وموضعها نصب ؛ والتقدير : إنّ النفس لأمّارة بالسّوء إلا وقت رحمة ربّي ؛ ونظيره : (وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا). وقد ذكروا انتصابه على الظرف ، وهو كقولك : ما قمت إلا يوم الجمعة.

والوجه الآخر ـ أن تكون «ما» بمعنى من ؛ والتقدير إن النفس لتأمر بالسوء إلا لمن رحم ربّي ؛ أو إلا نفسا رحمها ربي فإنّها لا تأمر بالسوء.

٥٦ ـ (يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ) : حيث ظرف ليتبوأ. ويجوز أن يكون مفعولا به ، و «منها» يتعلق بيتبوّأ ؛ ولا يجوز أن يكون حالا من «حيث» ؛ لأنّ حيث لا تتمّ إلا بالمضاف إليه ، وتقديم الحال على المضاف إليه لا يجوز.

و (يَشاءُ) ـ بالياء ، وفاعله ضمير يوسف. وبالنون ضمير اسم الله على التعظيم.

ويجوز أن يكون فاعله ضمير يوسف ؛ لأنّ مشيئته من مشيئة الله.

واللام في (لِيُوسُفَ) زائدة ؛ أي مكنّا يوسف.

ويجوز أن تكون زائدة ، ويكون المفعول محذوفا ؛ أي مكنّا ليوسف الأمور.

ويتبوّأ : حال من يوسف.

٦٢ ـ لفتيته : يقرأ بالتاء على فعلة ، وهو جمع قلّة مثل صبية. وبالنون مثل غلمان ، وهو من جموع الكثرة ؛ وعلى هذا يكون واقعا موقع جمع القلّة.

(إِذَا انْقَلَبُوا) : العامل في إذا (يَعْرِفُونَها).

٦٣ ـ (نَكْتَلْ) : يقرأ بالنون ؛ لأن إرساله سبب في الكيل للجماعة. وبالياء على أن الفاعل هو الأخ ؛ ولما كان هو السبب نسب الفعل إليه ؛ فكأنه هو الذي يكيل للجماعة.

٦٤ ـ (إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ) : في موضع نصب على المصدر ؛ أي أمنا كأمني إياكم على أخيه.

(خَيْرٌ حافِظاً) : يقرأ بالألف ، وهو تمييز ؛ ومثل هذا يجوز إضافته ، وقيل : هو حال.

ويقرأ «حفظا» ؛ وهو تمييز لا غير.

٦٥ ـ (رُدَّتْ) : الجمهور على ضمّ الراء ، وهو الأصل.

ويقرأ بكسرها ؛ ووجهه أنه نقل كسرة العين إلى الفاء ، كما فعل في قيل وبيع ، والمضاعف يشبه المعتلّ.

(ما نَبْغِي) : «ما» : استفهام في موضع نصب بنبغي ؛ ويجوز أن تكون نافية ، ويكون في «نبغي» وجهان :

أحدهما ـ بمعنى نطلب ، فيكون المفعول محذوفا ؛ أي ما نطلب الظلم.

والثاني ـ أن يكون لازما بمعنى ما نتعدّى.

٦٦ ـ (لَتَأْتُنَّنِي بِهِ) : هو جواب قسم على المعنى ؛ لأنّ الميثاق بمعنى اليمين.

(إِلَّا أَنْ يُحاطَ) : هو استثناء من غير الجنس.

ويجوز أن يكون من الجنس ؛ ويكون التقدير لتأتنّني به على كلّ حال إلا في حال الإحاطة بكم.

٢١٢

٦٨ ـ (وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ) : في جواب «لما» وجهان :

أحدهما ـ هو «آوى» ، وهو جواب «لما» في الأولى. والثانية ؛ كقولك : لما جئتك ولما كلمتك أجبتني ؛ وحسّن ذلك أنّ دخولهم على يوسف يعقب دخولهم من الأبواب.

والثاني ـ هو محذوف ، تقديره : امتثلوا ، أو قضوا حاجة أبيهم ، ونحوه.

ويجوز أن يكون الجواب معنى (ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ).

و (حاجَةً) : مفعول من أجله : وفاعل يغني «التفرق».

٦٩ ـ (قالَ إِنِّي أَنَا) : هو مستأنف ، وهكذا كلّ ما اقتضى جوابا وذكر جوابه ثم جاءت بعده «قال» ـ فهي مستأنفة.

٧٢ ـ (صُواعَ الْمَلِكِ) : الجمهور على ضمّ الصاد ، وألف بعد الواو.

ويقرأ بغير ألف ، فمنهم من يضمّ الصاد ، ومنهم من يفتحها.

ويقرأ «صاع الملك». وكل ذلك لغات فيه ، وهو الإناء الذي يشرب به.

ويقرأ «صوغ الملك» ـ بغين معجمة ؛ أي مصوغة.

٧٥ ـ (قالُوا جَزاؤُهُ) : فيه ثلاثة أوجه :

أحدها ـ أنه مبتدأ ، والخبر محذوف ؛ تقديره : جزاؤه عندنا كجزائه عندكم. والهاء تعود على السارق ، أو على السّرق. وفي الكلام المتقدم دليل عليهما ؛ فعلى هذا يكون قوله (مَنْ وُجِدَ) مبتدأ ، و (فَهُوَ) مبتدأ ثان ، و «جزاؤه» خبر المبتدأ الثاني ، والمبتدأ الثاني وخبره خبر الأول.

و «من» شرطية ، والفاء جوابها.

ويجوز أن تكون بمعنى الذي ، ودخلت الفاء في خبرها لما فيها من الإبهام ، والتقدير : استعباد من وجد في رحله فهو ـ أي الاستعباد ـ جزاء السارق.

ويجوز أن تكون الهاء في جزائه للسّرق.

والوجه الثاني ـ أن يكون «جزاؤه» مبتدأ ، و «من وجد» : خبره ؛ والتقدير : استعباد من وجد في رحله ، و (فَهُوَ جَزاؤُهُ) مبتدأ وخبر مؤكّد لمعنى الأول.

والوجه الثالث ـ أن يكون جزاؤه مبتدأ ، ومن وجد : مبتدأ ثان ، و «فهو» : مبتدأ ثالث ، و «جزاؤه» خبر الثالث ، والعائد على المبتدأ الأول الهاء الأخيرة ، وعلى الثاني هو.

(كَذلِكَ نَجْزِي) : الكاف في موضع نصب ؛ أي جزاء مثل ذلك.

٧٦ ـ (وِعاءِ أَخِيهِ) : الجمهور على كسر الواو ، وهو الأصل ؛ لأنه من وعى يعي.

ويقرأ بالهمزة ، وهي بدل من الواو ؛ وهما لغتان ؛ يقال : وعاء وإعاء ، ووشاح وإشاح ، ووسادة وإسادة ؛ وإنما فرّوا إلى الهمز لثقل الكسرة على الواو.

ويقرأ بضمّها ، وهى لغة.

فإن قيل : لم لم يقل فاستخرجها منه لتقدم ذكره؟

قيل : لم يصرح بتفتيش وعاء أخيه حتى يعيد ذكره مضمرا فأظهره ليكون ذلك تنبيها على المحذوف ، فتقديره : ثم فتّش وعاء أخيه ، فاستخرجها منه.

(كَذلِكَ كِدْنا) ، و (إِلَّا أَنْ يَشاءَ) ، و (دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ) : كل ذلك قد ذكر.

(وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) : يقرأ شاذّا «ذي عالم» ، وفيه ثلاثة أوجه :

أحدها ـ هو مصدر كالباطل.

والثاني ـ ذي زائدة ، وقد جاء مثل ذلك في الشعر ، كقول الكميت :

إليكم ذوي آل النّبيّ

الثالث ـ أنه أضاف الاسم إلى المسمّى ؛ وهو محذوف تقديره : ذي مسمى عالم ، كقول الشاعر :

إلى الحول ثمّ اسم السّلام عليكما

أي مسمّى السلام.

٢١٣

٧٧ ـ (فَأَسَرَّها) : الضمير يعود إلى نسبتهم إياه إلى السّرق ، وقد دلّ عليه الكلام.

وقيل : في الكلام تقديم وتأخير ، تقديره : قال في نفسه أنتم شرّ مكانا. وأسرّها ؛ أي هذه الكلمة.

و (مَكاناً) : تمييز ؛ أي شرّ منه ، أو منهما.

٧٨ ـ (فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ) : هو منصوب على الظرف ، والعامل فيه خذ.

ويجوز أن يكون محمولا على المعنى ؛ أي اجعل أحدنا مكانه.

٧٩ ـ (مَعاذَ اللهِ) : هو مصدر ؛ والتقدير : من أن نأخذ.

٨٠ ـ (اسْتَيْأَسُوا) : يقرأ بياء بعدها همزة ، وهو من يئس.

ويقرأ استأيسوا ـ بألف بعد التاء وقبل الياء ، وهو مقلوب ؛ يقال : يئس وأيس ، والأصل تقديم الياء ، وعليه تصرّف الكلمة ؛ فأما «إياس» اسم رجل فليس مصدر هذا الفعل ؛ بل مصدر استه ؛ أي أعطيته ، إلّا أنّ الهمزة في الآية قلبت ألفا تخفيفا.

(نَجِيًّا) : حال من ضمير الفاعل في (خَلَصُوا) ، وهو واحد في موضع الجمع ؛ أي أنجية ؛ كما قال تعالى : (ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً). (وَمِنْ قَبْلُ) : أي ومن قبل ذلك.

(ما فَرَّطْتُمْ) : في «ما» وجهان :

أحدهما ـ هي زائدة ؛ «ومن» متعلقة بالفعل ؛ أي وفرّطتم من قبل.

والثاني ـ هي مصدرية ، وفي موضعها ثلاثة أوجه :

أحدها : رفع بالابتداء ، و «من قبل» خبره ؛ أي وتفريطكم في يوسف من قبل.

وهذا ضعيف ؛ لأن «قبل» إذا وقعت خبرا أو صلة لا تقطع عن الإضافة لئلا تبقى ناقصة.

والثاني : موضعها نصب عطفا على معمول تعلموا ؛ تقديره : ألم تعرفوا أخذ أبيكم عليكم الميثاق وتفريطكم في يوسف.

والثالث ـ هو معطوف على اسم إن ؛ تقديره : وأنّ تفريطكم من قبل في يوسف.

وقيل : هو ضعيف على هذين الوجهين ، لأنّ فيهما فصلا بين حرف العطف والمعطوف ، وقد بيّنا في سورة النساء أن هذا ليس بشيء.

فأما خبر إن على الوجه الأخير فيجوز أن يكون في يوسف ؛ وهو الأولى لئلا يجعل «من قبل» خبرا.

(فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ) : هو مفعول أبرح ؛ أي لن أفارق ؛ ويجوز أن يكون ظرفا.

٨١ ـ (سَرَقَ) : يقرأ بالفتح والتخفيف ؛ أي فيما ظهر لنا.

ويقرأ بضم السين وتشديد الراء وكسرها ؛ أي نسب إلى السّرق.

٨٢ ـ (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) ؛ أي أهل القرية ؛ وجاز حذف المضاف ؛ لأن المعنى لا يلتبس.

فأما قوله تعالى : (وَالْعِيرَ الَّتِي) : فيراد بها الإبل ؛ فعلى هذا يكون المضاف محذوفا أيضا ؛ أي أصحاب العير ؛ وقيل العير القافلة ، وهم الناس الراجعون من السّفر ؛ فعلى هذا ليس فيه حذف.

٨٤ ـ (يا أَسَفى) : الألف مبدلة من ياء المتكلم ؛ والأصل أسفي ، ففتحت الفاء وصيّرت الياء ألفا ليكون الصوت بها أتمّ.

و (عَلى) : متعلقة بأسفى.

٨٥ ـ (تَفْتَؤُا) ؛ أي لا تفتا ، فحذفت «لا» للعلم بها.

و (تَذْكُرُ) : في موضع نصب خبر تفتا.

٨٧ ـ (مِنْ رَوْحِ اللهِ) : الجمهور على فتح الراء ، وهو مصدر بمعنى الرحمة ، إلّا أنّ استعمال الفعل منه قليل ، وإنما يستعمل بالزيادة مثل : أراح ، وروّح.

ويقرأ بضم الراء ، وهي لغة فيه. وقيل : هو اسم للمصدر ، مثل الشّرب والشّرب.

٨٨ ـ (مُزْجاةٍ) : ألفها منقلبة عن ياء ، أو عن واو ؛ لقولهم زجا الأمر يزجو.

(فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ) ؛ أي المكيل.

٩٠ ـ (قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا) : جملة مستأنفة.

وقيل : هي حال من يوسف وأخي ؛ وفيه بعد لعدم العامل في الحال ، و (أَنَا) لا يعمل في الحال ، ولا يصحّ أن يعمل فيه (هذا) ، لأنه إشارة إلى واحد ، و «علينا» راجع إليهما جميعا.

(مَنْ يَتَّقِ) : الجمهور على حذف الياء. و «من» شرط ، والفاء جوابه.

ويقرأ بالياء ، وفيه ثلاثة أوجه :

أحدها ـ أنه أشبع كسرة القاف ، فنشأت الياء.

والثاني ـ أنه قدّر الحركة على الياء ، وحذفها بالجزم ، وجعل حرف العلة كالصحيح في ذلك.

والثالث ـ أنه جعل «من» بمعنى الذي ، فالفعل على هذا مرفوع.

(وَيَصْبِرْ) ـ بالسكون : فيه وجهان :

أحدهما ـ أنه حذف الضمة لئلا تتوالى الحركات ، أو نوى الوقف عليه ، وأجرى الوصل مجرى الوقف.

والثاني ـ هو مجزوم على المعنى ؛ لأنّ «من» هنا وإن كانت بمعنى الذي ، ولكنها بمعنى الشرط لما فيها من العموم والإبهام ؛ ومن هنا دخلت الفاء في خبرها ، ونظيره : (فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ) ـ في قراءة من جزم.

٢١٤

والعائد من الخبر محذوف ؛ تقديره : المحسنين منهم.

ويجوز أن يكون وضع الظاهر موضع المضمر ؛ أي لا نضيع أجرهم.

٩٢ ـ (لا تَثْرِيبَ) : في خبر «لا» وجهان :

أحدهما ـ قوله : (عَلَيْكُمُ) ؛ فعلى هذا ينتصب (الْيَوْمَ) بالخبر. وقيل ينتصب اليوم ب (يَغْفِرُ).

والثاني ـ الخبر (الْيَوْمَ) ، وعليكم يتعلّق بالظرف أو بالعامل في الظّرف ، وهو الاستقرار.

وقيل : مي للتبيين كاللام في قولهم : سقيا لك ؛ ولا يجوز أن تتعلق «على» بتثريب ، ولا نصب اليوم به ، لأن اسم «لا» إذا عمل ينوّن.

٩٣ ـ (بِقَمِيصِي) : يجوز أن يكون مفعولا به ؛ أي احملوا قميصي. ويجوز أن يكون حالا ؛ أي اذهبوا وقميصي معكم.

و (بَصِيراً) : حال في الموضعين.

١٠٠ ـ (سُجَّداً) : حال مقدّرة ، لأنّ السجود يكون بعد الخرور.

(رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ) : الظرف حال من «رؤياي» ؛ لأنّ المعنى رؤياي التي كانت من قبل ؛ والعامل فيها هذا. ويجوز أن يكون ظرفا للرّؤيا ؛ أي تأويل رؤياي في ذلك الوقت.

ويجوز أن يكون العامل فيها (تَأْوِيلُ) ؛ لأنّ التأويل كان من حين وقوعها هكذا ، والآن ظهر له.

و (قَدْ جَعَلَها) : حال مقدرة ؛ ويجوز أن تكون مقارنة.

و (حَقًّا) : صفة مصدر ؛ أي جعلا حقّا.

ويجوز أن يكون مفعولا ثانيا ؛ وجعل بمعنى صيّر. ويجوز أن يكون حالا ؛ أي وضعها صحيحة.

ويجوز أن يكون «حقّا» مصدرا من غير لفظ الفحل ؛ بل من معناه ؛ لأن جعلها في معنى حقّقها ، وحقّا في معنى تحقيق.

(وَقَدْ أَحْسَنَ بِي) : قبل الباء بمعنى إلى.

وقيل : هي على بابها ، والمفعول محذوف ، تقديره : وقد أحسن صنعه بي.

و (إِذْ) : ظرف لأحسن ، أو لصنعه.

١٠١ ـ (مِنَ الْمُلْكِ) ، و (مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) : قيل المفعول محذوف ؛ أي عظيما من الملك ، وحظّا من التأويل.

وقيل : هي زائدة. وقيل «من» لبيان الجنس.

١٠٥ ـ (وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ) : الجمهور على الجر عطفا على السموات ، والضمير في (عَلَيْها) للآية. وقيل الأرض ؛ فيكون يمرّون حالا منها ؛ وقيل : منها ومن السموات.

ومعنى يمرّون يشاهدون ، أو يعلمون.

ويقرأ «والأرض» ـ بالنصب ؛ أي ويسلكون الأرض ، وفسّره «يمرون».

ويقرأ بالرفع على الابتداء.

١٠٧ ـ و (بَغْتَةً) : مصدر في موضع الحال.

١٠٨ ـ و (أَدْعُوا إِلَى اللهِ) : مستأنف.

وقيل : حال من الياء.

و (عَلى بَصِيرَةٍ) : حال ؛ أي مستيقنا.

(وَمَنِ اتَّبَعَنِي) : معطوف على ضمير الفاعل في ادعو.

ويجوز أن يكون مبتدأ ؛ أي : ومن اتبعني كذلك.

١٠٩ ـ و (مِنْ أَهْلِ الْقُرى) : صفة لرجال ، او حال من المجرور.

١١٠ ـ (قَدْ كُذِبُوا) : يقرأ بضمّ الكاف وتشديد الذال وكسرها ؛ أي علموا أنهم نسبوا إلى التكذيب.

٢١٥

وقيل الضمير يرجع إلى المرسّل إليهم ؛ أي علم الأمم أنّ الرسل كذبوهم.

ويقرأ بتخفيف الذال ، والمراد على هذا الأمم لا غير.

ويقرأ بالفتح والتشديد ؛ أي : وظنّ الرسل أنّ الأمم كذّبوهم.

ويقرأ بالتخفيف ؛ أي علم الرسل أنّ الأمم كذبوا فيما ادّعوا.

فننجي : يقرأ بنونين وتخفيف الجيم.

ويقرأ بنون واحدة وتشديد الجيم على أنه ماض لم يسمّ فاعله.

ويقرأ كذلك إلا أنه بسكون الياء ، وفيه وجهان :

أحدهما ـ أن يكون أبدل النون الثانية جيما وأدغمها ؛ وهو مستقبل على هذا.

والثاني ـ أن يكون ماضيا وسكّن الياء لثقلها بحركتها وانكسار ما قبلها.

١١١ ـ (ما كانَ حَدِيثاً) ؛ أي ما كان حديث يوسف ، أو ما كان المتلوّ عليهم.

(وَلكِنْ تَصْدِيقَ) : قد ذكر في يونس.

(وَهُدىً وَرَحْمَةً) : معطوفان عليه ، والله أعلم.

سورة الرعد

١ ـ (المر) : قد ذكر حكمها في أول البقرة.

(تِلْكَ) : يجوز أن يكون مبتدأ ، و (آياتُ الْكِتابِ) : خبره. وأن يكون خبر «المر». وآيات بدل ، أو عطف بيان.

(وَالَّذِي أُنْزِلَ) : فيه وجهان :

أحدهما ـ هو في موضع رفع ؛ و (الْحَقُ) : خبره. ويجوز أن يكون الخبر (مِنْ رَبِّكَ) ، والحق خبر مبتدأ محذوف ، أو هو خبر بعد خبر ، أو كلاهما خبر واحد.

ولو قرئ : الحقّ ـ بالجر ، لجاز على أن يكون صفة لربك.

والوجه الثاني ـ أن يكون «والذي» صفة للكتاب ، وأدخلت الواو في الصفة كما أدخلت في التائبين والطّيبين.

والحق ـ بالرفع على هذا خبر مبتدأ محذوف.

٢ ـ (بِغَيْرِ عَمَدٍ) : الجار والمجرور في موضع نصب على الحال ؛ تقديره : خالية عن عمد.

والعمد ـ بالفتح : جمع عماد ، أو عمود ، مثل أديم وأدم ، وأفيق وأفق ، وإهاب وأهب ، ولا خامس لها. ويقرأ بضمّتين ، وهو مثل كتاب وكتب ، ورسول ورسل.

(تَرَوْنَها) : الضمير المفعول يعود على العمد ؛ فيكون «ترونها» في موضع جرّ صفة.

ويجوز أن يعود على السموات ، فيكون حالا منها.

(يُدَبِّرُ) ، و (يُفَصِّلُ) : يقرآن بالياء والنون ، ومعناهما ظاهر ، وهما مستأنفان.

ويجوز أن يكون الأول حالا من الضمير في سخّر ، والثاني حالا من الضمير في «يدبّر».

٣ ـ (وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) : ففيه ثلاثة أوجه :

أحدها ـ أن يكون متعلقا بجعل الثانية ؛ والتقدير : وجعل فيها زوجين اثنين من كلّ الثمرات.

والثاني ـ أن يكون حالا من اثنين ، وهو صفة له في الأصل.

والثالث ـ أن يتعلّق بجعل الأولى ، ويكون جعل الثاني مستأنفا.

(يُغْشِي اللَّيْلَ) : يجوز أن يكون حالا من ضمير اسم الله فيما يصحّ من الأفعال التي قبله ، وهي : رفع ، وسخّر ، ويدبر ، ويفصل ، ومدّ ، وجعل.

٢١٦

٤ ـ (وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ) : الجمهور على الرفع بالابتداء ، أو فاعل الظّرف.

وقرأ الحسن «قطعا متجاورات» ، على تقدير : وجعل في الأرض.

(وَجَنَّاتٌ) : كذلك على الاختلاف. ولم يقرأ أحد منهم. و «زرعا» ـ بالنصب ؛ ولكن رفعه قوم ، وهو عطف على قطع ؛ وكذلك ما بعده. وجرّه آخرون عطفا على (أَعْنابٍ) ، وضعّف قوم هذه القراءة ؛ لأن الزّرع ليس من الجنات.

وقال آخرون : قد يكون في الجنة زرع ، ولكن بين النخيل والأعناب.

وقيل : التقدير : ونبات زرع ؛ فعطفه على المعنى.

والصّنوان : جمع صنو ، مثل قنو وقنوان ، ويجمع في القلّة على أصناء. وفيه لغتان : كسر الصاد وضمها ، وقد قرئ بهما.

تسقى : الجمهور على التاء ، والتأنيث للجمع السابق. ويقرأ بالياء أي يسقى ذلك.

(وَنُفَضِّلُ) : يقرأ بالنون والياء على تسمية الفاعل ، وبالياء وفتح الضاد ، و (بَعْضَها) بالرفع ؛ وهو بيّن.

(فِي الْأُكُلِ) : يجوز أن يكون ظرفا لنفضّل.

وأن يكون متعلقا بمحذوف على أن يكون حالا من بعضها ؛ أي نفضّل بعضها مأكولا ؛ أو وفيه الأكل.

٥ ـ (فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ) : قولهم : مبتدأ ، وعجب خبر مقدم.

وقيل : العجب هنا بمعنى المعجب ؛ فعلى هذا يجوز أن يرتفع «قولهم» به.

(أَإِذا كُنَّا) : الكلام كلّه في موضع نصب بقولهم ، والعامل في إذا فعل دلّ عليه الكلام ؛ تقديره : أإذا كنّا ترابا نبعث ، ودلّ عليه قوله تعالى : (لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) ؛ ولا يجوز أن ينتصب بكنّا ؛ لأنّ «إذا» مضافة إليه ؛ ولا بجديد ؛ لأنّ ما بعد «إن» لا يعمل فيما قبلها.

٦ ـ (قَبْلَ الْحَسَنَةِ) : يجوز أن يكون ظرفا ليستعجلونك ، وأن يكون حالا من السيئة مقدّرة.

و (الْمَثُلاتُ) : بفتح الميم ، وضمّ الثاء ، واحدتها كذلك.

ويقرأ بإسكان الثاء ؛ وفيه وجهان :

أحدهما ـ أنها مخفّفة من الجمع المضموم فرارا من ثقل الضمة مع توالي الحركات.

والثاني ـ أنّ الواحد خفّف ثم جمع على ذلك.

ويقرأ بضمتين ، وبضمّ الأول وإسكان الثاني ، وضمّ الميم فيه لغة ، فأما ضمّ الثاء فيجوز أن يكون لغة في الواحد ، وأن يكون اتباعا في الجمع ، وأمّا إسكانها فعلى الوجهين.

(عَلى ظُلْمِهِمْ) : حال من الناس ، والعامل المغفرة.

٧ ـ (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) : فيه ثلاثة أوجه :

أحدها ـ أنه جملة مستأنفة ؛ أي : ولكل قوم نبيّ هاد.

والثاني ـ أنّ المبتدأ محذوف ، تقديره : وهو لكل قوم هاد.

الثالث ـ تقديره : إنما أنت منذر وهاد لكل قوم ؛ وفي هذا فصل بين حرف العطف والمعطوف عليه ، وقد ذكروا منه قدرا صالحا.

٨ ـ (ما تَحْمِلُ) : في «ما» وجهان :

أحدهما هي بمعنى الذي ، وموضعها نصب بيعلم.

والثاني ـ هي استفهامية ؛ فتكون منصوبة بتحمل ، والجملة في موضع نصب. ومثله : (وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ).

(وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ) : يجوز أن يكون «عنده» في موضع جرّ صفة لشيء ، أو في موضع رفع صفة لكل ، والعامل فيها على الوجهين محذوف ؛ وخبر كل «بمقدار».

ويجوز أن يكون صفة لمقدار ، وان يكون ظرفا لما يتعلّق به الجارّ.

٩ ـ (عالِمُ الْغَيْبِ) : خبر مبتدأ محذوف ؛ أي هو.

ويجوز أن يكون مبتدأ ، و (الْكَبِيرُ) : خبره.

والجيّد أن يكون مبتدأ ، و (الْكَبِيرُ) : خبره.

والجيّد الوقف على (الْمُتَعالِ) بغير ياء ؛ لأنه رأس آية ، ولولا ذلك لكان الجيّد إثباتها.

١٠ ـ (سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ) : من مبتدأ ، وسواء خبر. فأما «منكم» فيجوز أن يكون حالا من الضمير في سواء ؛ لأنّه في موضع مستو ؛ ومثله : (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ).

ويضعف أن يكون «منكم» حالا من الضمير في «أسرّ» ، و (جَهَرَ) ؛ لوجهين : أحدهما ـ تقديم ما في الصلة على الموصول ، أو الصفة على الموصوف.

والثاني ـ تقديم الخبر على «منكم» ، وحقّه أن يقع بعده.

١١ ـ (لَهُ مُعَقِّباتٌ) : واحدتها معقّبة ، والهاء فيها للمبالغة ؛ مثل نسّابة ؛ أي ملك معقّب.

وقيل : معقبة : صفة للجمع ، ثم جمع على ذلك.

(مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ) : يجوز أن يكون صفة لمعقبات ؛ وأن يكون ظرفا ؛ وأن يكون حالا من الضمير الذي فيه ؛ فعلى هذا يتمّ الكلام عنده.

ويجوز أن يتعلّق ب (يَحْفَظُونَهُ) ؛ أي معقّبات يحفظونه من بين يديه ومن خلفه ويجوز أن يتعلّق ب «يحفظونه» صفة لمعقّبات ، وأن يكون حالا مما يتعّلق به الظرف.

(مِنْ أَمْرِ اللهِ) : أي من الجنّ والإنس ؛ فتكون «من» على بابها. وقيل : «من» بمعنى الباء ؛ أي بأمر الله. وقيل بمعنى عن.

(وَإِذا أَرادَ) : العامل في «إذا» ما دلّ عليه الجواب ؛ أي لم يردّ ، أو وقع.

(مِنْ والٍ) : يقرأ بالإمالة من أجل الكسرة ، ولا مانع هنا.

٢١٧

١٢ ـ (خَوْفاً وَطَمَعاً) : مفعول من أجله.

و (السَّحابَ الثِّقالَ) : قد ذكر في الأعراف.

١٣ ـ (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ) : قيل هو ملك ؛ فعلى هذا قد سمّي بالمصدر ؛ وقيل : الرعد صوته ؛ والتقدير على هذا : ذو الرعد ، أو الراعد.

و (بِحَمْدِهِ) قد ذكر في البقرة في قصة آدم صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

و (الْمِحالِ) : فعال من المحل ، وهو القوة ، يقال : محل به ، إذا غلبه ، وفيه لغة أخرى فتح الميم.

١٤ ـ (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ) : فيه قولان :

أحدهما ـ هو كناية عن الأصنام ؛ أي والأصنام الذين يدعون المشركين إلى عبادتهم (لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ) : وجمعهم جمع من يعقل على اعتقادهم فيها.

والثاني ـ أنهم المشركون ، والتقدير : والمشركون الذين يدعون الأصنام من دون الله لا يستجيبون لهم ؛ أي لا يجيبونهم ؛ أي إنّ الأصنام لا تجيبهم بشيء.

(إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ) : التقدير إلا استجابة كاستجابة باسط كفّيه. والمصدر في هذا التقدير مضاف إلى المفعول ، كقوله تعالى : (لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ) ؛ وفاعل هذا المصدر مضمر ، وهو ضمير في الماء ؛ أي لا يجيبونهم إلا كما يجيب الماء باسط كفّيه إليه ، والإجابة هنا كناية عن الانقياد. وأما قوله تعالى (لِيَبْلُغَ فاهُ) ـ فاللام متعلّقة بباسط ، والفاعل ضمير الماء ؛ أي ليبلغ الماء فاه.

(وَما هُوَ) ؛ أي الماء. ولا يجوز أن يكون ضمير الباسط على أن يكون فاعل بالغ مضمرا ؛ لأنّ اسم الفاعل إذا جرى على غير من هوله لزم إبراز الفاعل ؛ فكان يجب على هذا أن يقول : وما هو ببالغه الماء ؛ فإن جعلت الهاء في «بالغه» ضمير الماء جاز أن يكون هو ضمير الباسط.

والكاف في (كَباسِطِ) إن جعلتها حرفا كان منها ضمير يعود على الموصوف المحذوف ؛ وإن جعلتها اسما لم يكن فيها ضمير.

١٥ ـ (طَوْعاً وَكَرْهاً) : مفعول له ، أو في موضع الحال.

(وَظِلالُهُمْ) : معطوف على من.

و (بِالْغُدُوِّ) : ظرف ليسجد.

١٦ ـ أم هل يستوي : يقرأ بالياء والتاء ، وقد سبقت نظائره.

١٧ ـ (أَوْدِيَةٌ) : هو جمع واد ، وجمع فاعل على أفعلة شاذّ ، ولم نسمعه في غير هذا الحرف. ووجهه أنّ فاعلا قد جاء بمعنى فعيل ، وكما جاء فعيل وأفعلة كجريب وأجربة ، كذلك فاعل. (بِقَدَرِها) : صفة لأودية.

(وَمِمَّا يُوقِدُونَ) : بالياء والتاء.

(عَلَيْهِ فِي النَّارِ) : متعلق بيوقدون.

و (ابْتِغاءَ) : مفعول له.

(أَوْ مَتاعٍ) : معطوف على حلية ؛ و (زَبَدٌ) : مبتدأ ، و (مِثْلُهُ) : صفة له ، والخبر (مِمَّا يُوقِدُونَ).

والمعنى : ومن جواهر الأرض كالنّحاس ما فيه زبد ، وهو خبثه ، مثله ؛ أي مثل الزبد الذي يكون على الماء.

و (جُفاءً) : حال ، وهمزته منقلبة عن واو. وقيل : هي أصل.

١٨ ـ (لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا) : مستأنف. وهو خبر (الْحُسْنى).

٢٠ ـ (الَّذِينَ يُوفُونَ) : يجوز أن يكون نصبا على إضمار أعني.

٢٣ ـ (جَنَّاتُ عَدْنٍ) : هو بدل من عقبى.

ويجوز أن يكون مبتدأ ، و (يَدْخُلُونَها) : الخبر.

(وَمَنْ صَلَحَ) : في موضع رفع عطفا على ضمير الفاعل ، وساغ ذلك وإن لم يؤكّد ؛ لأنّ ضمير المفعول صار فاصلا كالتوكيد.

ويجوز أن يكون نصبا بمعنى مع.

٢١٨

٢٤ ـ (سَلامٌ) : أي يقولون سلام.

(بِما صَبَرْتُمْ) : لا يجوز أن تتعلّق الباء بسلام ؛ لما فيه من الفصل بالخبر ؛ وإنما يتعلّق بعليكم ، أو بما يتعلّق به.

٢٦ ـ (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ) : التقدير في جنب الآخرة.

ولا يجوز أن يكون ظرفا لا للحياة ولا للدنيا ؛ لأنهما لا يقعان في الآخرة ؛ وإنما هو حال ؛ والتقدير : وما الحياة القريبة كائنة في جنب الآخرة.

٢٨ ـ (بِذِكْرِ اللهِ) : يجوز أن يكون مفعولا به ؛ أي الطمأنينة تحصل لهم بذكر الله.

ويجوز أن يكون حالا من القلوب ؛ أي تطمئن وفيها ذكر الله.

٢٩ ـ (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) : مبتدأ ، و (طُوبى لَهُمْ) : مبتدأ ثان وخبر في موضع الخبر الأول.

ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف ؛ أي هم الذين آمنوا ؛ فيكون «طوبى لهم» حالا مقدّرة ، والعامل فيها : آمنوا وعملوا.

ويجوز أن يكون «الذين» بدلا من (مَنْ أَنابَ) ؛ أو بإضمار أعني.

ويجوز أن يكون «طوبى» في موضع نصب على تقدير جعل. وواوها مبدلة من ياء ؛ لأنها من الطيب ، أبدلت واو للضمة قبلها.

(وَحُسْنُ مَآبٍ) : الجمهور على ضمّ النون والإضافة ، وهو معطوف على «طوبى» إذا جعلتها مبتدأ.

وقرئ بفتح النون والإضافة ، وهو عطف على طوبى في وجه نصبها.

ويقرأ شاذّا بفتح النون ورفع مآب ، و «حسن» على هذا فعل نقلت ضمة سينه إلى الحاء ؛ وهذا جائز في فعل إذا كان للمدح أو الذم.

٣٠ ـ (كَذلِكَ) : التقدير : الأمر كما أخبرناك.

٣١ ـ (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً) : جواب لو محذوف ؛ أي لكان هذا القرآن.

وقال الفرّاء : جوابه مقدّم عليه ؛ أي وهم يكفرون بالرحمن ، ولو أنّ قرآنا على المبالغة.

(أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى) : الوجه في حذف التاء من هذا الفعل مع إثباتها في الفعلين قبله ـ أنّ الموتى يشتمل على المذكر الحقيقي والتغليب له ؛ فكان حذف التاء أحسن ، والجبال والأرض ليسا كذلك.

(أَنْ لَوْ يَشاءُ) : في موضع نصب بييأس ؛ لأن معناه : أفلم يتبين ويعلم.

(أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً) : فاعل «تحلّ» ضمير القارعة. وقيل : هو للخطاب ؛ أي : أو تحل أنت يا محمّد قريبا منهم بالعقوبة ؛ فيكون موضع الجملة نصبا عطفا على تصيب.

٣٣ ـ (وَجَعَلُوا لِلَّهِ) : هو معطوف على (كَسَبَتْ) ؛ أي ويجعلهم شركاء. ويحتمل أن يكون مستأنفا.

(وَصُدُّوا) : يقرأ بفتح الصاد ؛ أي وصدوّا غيرهم ، وبضمها أي وصدّهم الشيطان أو شركاؤهم ؛ وبكسرها ؛ وأصلها صددوا بضم الأول فنقلت كسرة الدال إلى الصاد.

٣٥ ـ (مَثَلُ الْجَنَّةِ) : مبتدأ ، والخبر محذوف ؛ أي : وفيما يتلى عليكم مثل الجنة ؛ فعلى هذا (تَجْرِي) : حال من العائد المحذوف في (وُعِدَ) ؛ أي وعدها مقدرا جريان أنهارها.

وقال الفراء : الخبر «تجري» ، وهذا عند البصريين خطأ ؛ لأن المثل لا تجري من تحته الأنهار ، وإنما هو من صفة المضاف إليه ، وشبهته أنّ المثل هنا بمعنى الصفة ؛ فهو كقولك : صفة زيد أنه طويل.

ويجوز أن يكون «تجري» مستأنفا.

(أُكُلُها دائِمٌ) : هو مثل «تجري» في الوجهين.

٤١ ـ (نَنْقُصُها) : حال من ضمير الفاعل ، أو من الأرض.

٤٢ ـ (وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ) : يقرأ على الإفراد ، وهو جنس ، وعلى الجمع على الأصل.

٢١٩

٤٣ ـ (وَمَنْ عِنْدَهُ) : يقرأ بفتح الميم ، وهو بمعنى الذي ، وفي موضعه وجهان :

أحدهما ـ رفع على موضع اسم الله ؛ أي كفى الله ، وكفى من عنده.

والثاني ـ في موضع جرّ عطفا على لفظ اسم الله تعالى ؛ فعلى هذا (عِلْمُ الْكِتابِ) : مرفوع بالظرف ؛ لأنه اعتمد بكونه صلة.

ويجوز أن يكون خبرا ، والمبتدأ علم الكتاب.

ويقرأ «ومن عنده» ـ بكسر الميم على أنه حرف ؛ وعلم الكتاب على هذا مبتدأ ، أو فاعل الظرف.

ويقرأ : «علم الكتاب» على أنه فعل لم يسمّ فاعله ، وهو العامل في «من».

سورة إبراهيم

١ ـ (كِتابٌ) : خبر مبتدأ محذوف ؛ أي هذا كتاب. و (أَنْزَلْناهُ) صفة للكتاب ، وليس بحال ؛ لأنّ كتابا نكرة.

(بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) : في موضع نصب إن شئت على أنه مفعول به ؛ أي بسبب الإذن وإن شئت في موضع الحال من الناس ؛ أي مأذونا لهم ، أو من ضمير الفاعل : أي مأذونا لك.

(إِلى صِراطِ) : هذا بدل من قوله : إلى النّور ، بإعادة حرف الجر. ٢ ـ (اللهِ الَّذِي) : يقرأ بالجر على البدل ، وبالرفع على ثلاثة أوجه :

أحدها ـ على الابتداء ، وما بعده الخبر.

والثاني ـ على الخبر ، والمبتدأ محذوف ؛ أي هو الله ، والذي صفة.

والثالث ـ هو مبتدأ ، والذي صفته ، والخبر محذوف ؛ تقديره : الله الذي له ما في السموات وما في الأرض العزيز الحميد ، وحذف لتقدّم ذكره.

(وَوَيْلٌ) : مبتدأ ، و (لِلْكافِرِينَ) : خبره.

(مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ) : في موضع رفع صفة لويل بعد الخبر ، وهو جائز ؛ ولا يجوز أن يتعلّق بويل من أجل الفصل بينهما بالخبر.

٣ ـ (الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ) : في موضع جرّ صفة للكافرين ، أو في موضع نصب بإضمار أعني ، أو في موضع رفع بإضمار «هم».

(وَيَبْغُونَها) عوجا : قد ذكر في آل عمران.

٤ ـ (إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ) : في موضع نصب على الحال ؛ أي إلا متكلما بلغتهم.

وقرئ في الشاذ «بلسن قومه» ـ بكسر اللام وإسكان السين ، وهي بمعنى اللسان. (فَيُضِلُ) ـ بالرفع ؛ ولم ينتصب على العطف على (لِيُبَيِّنَ) ؛ لأنّ العطف يجعل معنى المعطوف كمعنى المعطوف عليه ، والرسل أرسلوا للبيان لا للضلال.

وقال الزجاج : لو قرئ بالنصب على أن تكون اللام لام العاقبة جاز.

٥ ـ (أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ) : أن بمعنى أي ، فلا موضع له.

ويجوز أن تكون مصدريّة ، فيكون التقدير : بأن أخرج ؛ وقد ذكر في غير موضع.

٦ ـ (نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ) : قد ذكر في قوله : (إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً) في آل عمران.

(وَيُذَبِّحُونَ) : حال أخرى معطوفة على «يسومون».

٧ ـ (وَإِذْ تَأَذَّنَ) : معطوف على : «إذ أنجاكم».

٩ ـ (قَوْمِ نُوحٍ) : بدل من «الذين».

(وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ) : معطوف عليه ؛ فعلى هذا يكون قوله تعالى : (لا يَعْلَمُهُمْ) حالا من الضمير في «من بعدهم».

ويجوز أن يكون مستأنفا ، وكذلك (جاءَتْهُمْ).

ويجوز أن يكون (وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ) مبتدأ ، و «لا يعلمهم» : خبره ، أو حال من الاستقرار ، و «جاءتهم» الخبر.

٢٢٠