التبيان في إعراب القرآن

محبّ الدين عبدالله بن الحسين البغدادي [ أبي البقاء العكبري ]

التبيان في إعراب القرآن

المؤلف:

محبّ الدين عبدالله بن الحسين البغدادي [ أبي البقاء العكبري ]


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: بيت الأفكار الدوليّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٧

سورة التوبة

١ ـ (بَراءَةٌ) : فيه وجهان :

أحدهما ـ هو خبر مبتدأ محذوف ؛ أي هذا براءة ، أو هذه ، و (مِنَ اللهِ) : نعت له. و (إِلَى الَّذِينَ) متعلّقة ببراءة ، كما تقول : برئت إليك من كذا.

والثاني ـ أنها مبتدأ ، ومن الله نعت لها ، و «إلى الذين» الخبر.

وقرئ شاذا «من الله» بكسر النون على أصل التقاء الساكنين.

٢ ـ و (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) : ظرف ل (فَسِيحُوا).

٣ ـ (وَأَذانٌ) : مثل براءة و (إِلَى النَّاسِ) : متعلق بأذان ، أو خبر له.

(أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ) : المشهور بفتح الهمزة ، وفيه وجهان :

أحدهما ـ هو خبر الأذان ؛ أي الإعلام من الله براءته من المشركين.

والثاني ـ هو صفة ؛ أي وأذان كائن بالبراءة.

وقيل : التقدير : وإعلام من الله بالبراءة ، فالياء متعلقة بنفس المصدر.

(وَرَسُولِهِ) : يقرأ بالرفع ، وفيه ثلاثة أوجه : أحدها ـ هو معطوف على الضمير في بريء ، وما بينهما يجري مجرى التوكيد ؛ فلذلك ساغ العطف.

والثاني ـ هو خبر مبتدأ محذوف ؛ أي ورسوله بريء.

والثالث ـ هو معطوف على موضع الابتداء ، وهو عند المحققين غير جائز ؛ لأن المفتوحة لها موضع غير الابتداء ، بخلاف المكسورة.

ويقرأ بالنصب عطفا على اسم إن.

ويقرأ بالجرّ شاذا ، وهو على القسم ؛ ولا يكون عطفا على المشركين ؛ لأنه يؤدّي إلى الكفر.

٤ ـ (إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ) : في موضع نصب على الاستثناء من المشركين ؛ ويجوز أن يكون مبتدأ ، والخبر (فَأَتِمُّوا).

(يَنْقُصُوكُمْ) : الجمهور بالصاد ، وقرئ بالضاد ؛ أي ينقضوا عهودكم ، فحذف المضاف.

و (شَيْئاً) : في موضع المصدر.

٥ ـ (وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ) : المرصد مفعل ، من رصدت ، وهو هنا مكان ، و «كلّ» ظرف لاقعدوا.

وقيل : هو منصوب على تقدير حذف حرف الجر ؛ أي على كلّ مرصد ، أو بكلّ ...

٦ ـ (وَإِنْ أَحَدٌ) : هو فاعل لفعل محذوف دلّ عليه ما بعده.

و (حَتَّى يَسْمَعَ) ؛ أي إلى أن يسمع ؛ أو كي يسمع.

و «مأمن» : مفعل من الأمن ، وهو مكان ؛ ويجوز أن يكون مصدرا ، ويكون التقدير : ثم أبلغه موضع مأمنه.

٧ ـ (كَيْفَ يَكُونُ) : اسم يكون (عَهْدٌ) ؛ وفي الخبر ثلاثة أوجه :

أحدها ـ كيف وقدّم للاستفهام ، وهو مثل قوله : (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ).

والثاني ـ أنه (لِلْمُشْرِكِينَ) ؛ و (عِنْدَ) على هذين ظرف للعهد ؛ أو ليكون ؛ أو للجار ، أو هي وصف للعهد.

والثالث ـ الخبر (عِنْدَ اللهِ) ، وللمشركين تبيين ، أو متعلق بيكون ، وكيف حال من العهد.

(فَمَا اسْتَقامُوا) : في «ما» وجهان :

أحدهما ـ هي زمانيّة ؛ وهي المصدرية على التحقيق ؛ والتقدير : فاستقيموا لهم مدة استقامتهم لكم.

والثاني ـ هي شرطية ، كقوله : (ما يَفْتَحِ اللهُ).

والمعنى : إن استقاموا لكم فاستقيموا.

ولا تكون نافية ؛ لأن المعنى يفسد ؛ إذ يصير المعنى : استقيموا لهم ؛ لأنهم لم يستقيموا لكم.

١٨١

٨ ـ (كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا) : المستفهم عنه محذوف تقديره : كيف يكون لهم عهد ؛ أو كيف تطمئنون إليهم.

(إِلًّا) : الجمهور بلام مشدّدة من غير ياء.

وقرئ : «إيلا» مثل ريح ؛ وفيه وجهان :

أحدهما ـ أنه أبدل اللام الأولى ياء لثقل التضعيف وكسر الهمزة.

والثاني ـ أنه من آل يؤول ، إذا ساس ، أو من آل يؤول ، إذا صار إلى آخر الأمر ؛ وعلى الوجهين قلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها.

(يُرْضُونَكُمْ) : حال من الفاعل في (لا يَرْقُبُوا) عند قوم ؛ وليس بشيء ؛ لأنهم بعد ظهورهم لا يرضون المؤمنين ، وإنما هو مستأنف.

١١ ـ (فَإِخْوانُكُمْ) : أي فهم إخوانكم.

و (فِي الدِّينِ) : متعلّق بإخوانكم.

١٢ ـ (أَئِمَّةَ الْكُفْرِ) : هو جمع إمام ، وأصله أأممة ، مثل خباء وأخبية ، فنقلت حركة الميم الأولى إلى الهمزة الساكنة ، وأدغمت في الميم الأخرى ؛ فمن حقّق الهمزتين أخرجهما على الأصل ، ومن قلب الثانية ياء فلكسرتها المنقولة إليها ؛ ولا يجوز هنا أن تجعل بين بين كما جعلت همزة أئذا ؛ لأنّ الكسرة هنا منقولة وهناك أصلية ؛ ولو خففت الهمزة الثانية هنا على القياس لكانت ألفا لانفتاح ما قبلها ، ولكن ترك ذلك لتتحرك بحركة الميم في الأصل.

١٣ ـ (أَوَّلَ مَرَّةٍ) : هو منصوب على الظرف.

(فَاللهُ أَحَقُ) : مبتدأ وفي الخبر وجهان :

أحدهما ـ هو «أحق» ، و (أَنْ تَخْشَوْهُ) : في موضع نصب ، أو جر ؛ أي بأن تخشوه ؛ وفي الكلام حذف ؛ أي أحقّ من غيره بأن تخشوه.

أو أن تخشوه مبتدأ بدل من اسم الله بدل الاشتمال ، وأحقّ : الخبر ؛ والتقدير : خشية الله أحقّ.

والثاني ـ أنّ «أن تخشوه» مبتدأ ، وأحق خبره مقدّم عليه ، والجملة خبر عن اسم الله.

١٥ ـ (وَيَتُوبُ اللهُ) : مستأنف ، ولم يجزم لأنّ توبته على من يشاء ليست جزاء على قتال الكفار.

وقرئ بالنصب على إضمار أن.

١٧ ـ (شاهِدِينَ) : حال من الفاعل في (يَعْمُرُوا).

(وَفِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ) ؛ أي وهم خالدون في النار ، وقد وقع الظرف بين حرف العطف والمعطوف.

١٩ ـ (سِقايَةَ الْحاجِ) : الجمهور على سقاية ـ بالياء ، وهو مصدر مثل العمارة ، وصحّت الياء لمّا كانت بعدها تاء التأنيث. والتقدير : أجعلتم أصحاب سقاية الحاجّ. أو يكون التقدير : كإيمان من آمن ، ليكون الأول هو الثاني.

وقرئ : «سقاة الحاج وعمرة المسجد» ، على أنه جمع ساق وعامر.

(لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ) : مستأنف ؛ ويجوز أن يكون حالا من المفعول الأول والثاني ؛ ويكون التقدير : سوّيتم بينهم في حال تفاوتهم.

٢١ ـ (لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ) : الضمير كناية عن الرحمة والجنّات.

٢٥ ـ (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ) : هو معطوف على موضع (فِي مَواطِنَ).

و (إِذْ) : بدل من يوم.

٢٩ ـ (دِينَ الْحَقِ) : يجوز أن يكون مصدر (يَدِينُونَ) ، وأن يكون مفعولا به ؛ و «يدينون» بمعنى يعتقدون.

(عَنْ يَدٍ) : في موضع الحال ؛ أي يعطوا الجزية أذلّة.

١٨٢

٣٠ ـ (عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ) : يقرأ بالتنوين على أن عزيرا مبتدأ ، وابن خبره ، ولم يحذف التنوين إيذانا بأنّ الأول مبتدأ ، وأن ما بعده خبر وليس بصفة.

ويقرأ بحذف التنوين ، وفيه ثلاثة أوجه :

أحدها ـ أنه مبتدأ وخبر أيضا ، وفي حذف التنوين وجهان : أحدهما : أنه حذف لالتقاء الساكنين. والثاني : أنه لا ينصرف للعجمة والتعريف ؛ وهذا ضعيف ؛ لأنّ الاسم عربي عند أكثر الناس ، ولأنّ مكبّره ينصرف لسكون أوسطه ، فصرفه في التصغير أولى.

والوجه الثاني ـ أنّ عزيزا خبر مبتدأ محذوف ، تقديره : نبيّنا ، أو صاحبنا ، أو معبودنا ؛ و «ابن» صفة. أو يكون «عزير» مبتدأ ، و «ابن» صفة ، والخبر محذوف ؛ أي عزير ابن الله صاحبنا.

والثالث ـ أنّ ابنا بدل من عزير ، أو عطف بيان ، وعزيز على ما ذكرنا من الوجهين ؛ وحذف التنوين في الصفة ؛ لأنها مع الموصوف كشيء واحد.

(ذلِكَ) : مبتدأ ، و (قَوْلُهُمْ) : خبره ، و (بِأَفْواهِهِمْ) : حال ، والعامل فيه القول ، ويجوز أن يعمل فيه معنى الإشارة ؛ ويجوز أن تتعلّق الباء بيضاهئون.

فأما (يُضاهِؤُنَ) فالجمهور على ضمّ الهاء من غير همز ، والأصل ضاهى ، والألف منقلبة عن ياء ، وحذفت من أجل الواو.

وقرئ بكسر الهاء وهمزة مضمومة بعدها ؛ وهو ضعيف ؛ والأشبه أن يكون لغة في ضاهى ، وليس مشتقّا ، من قولهم : امرأة ضهياء ، لأن الياء أصل والهمزة زائدة ؛ ولا يجوز أن تكون الياء زائدة ؛ إذ ليس في الكلام فعيل بفتح الفاء.

٣١ ـ (وَالْمَسِيحَ) : أي واتخذوا المسيح ربّا ، فحذف الفعل وأحد المفعولين. ويجوز أن يكون التقدير : وعبدوا المسيح.

(إِلَّا لِيَعْبُدُوا) : قد تقدم نظائره.

٣٢ ـ (وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ) : يأبى بمعنى يكره ، ويكره بمعنى يمنع ؛ فلذلك استثنى لما فيه من معنى النّفي ؛ والتقدير : يأبى كلّ شيء إلا إتمام نوره.

٣٤ ـ (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ) : مبتدأ ، والخبر (فَبَشِّرْهُمْ).

ويجوز أن يكون منصوبا ، تقدير : بشّر الذين يكنزون.

(يُنْفِقُونَها) : الضمير المؤنّث يعود على الأموال ، أو على الكنوز المدلول عليها بالفعل ؛ أو على الذّهب والفضة ؛ لأنهما جنسان ، ولهما أنواع ، فعاد الضمير على المعنى ؛ أو على الفضّة لأنها أقرب. ويدلّ ذلك على إرادة الذهب.

وقيل : يعود على الذهب ، وهو يذكّر ويؤنث.

٣٥ ـ (يَوْمَ يُحْمى) : يوم ظرف على المعنى ؛ أي يعذبهم في ذلك اليوم.

وقيل ؛ تقديره : عذاب يوم ، و «عذاب» بدل من الأموال ؛ فلما حذف المضاف أقام اليوم مقام.

وقيل : التقدير : اذكر.

و (عَلَيْها) : في موضع رفع لقيامه مقام الفاعل.

وقيل : القائم مقام الفاعل مضمر ؛ أي يحمى الوقود ، أو الجمر.

(بِها) ؛ أي الكنوز.

وقيل : هي بمعنى فيها ؛ أي في جهنم.

وقيل : يوم ظرف لمحذوف تقديره : يوم يحمى عليها يقال لهم : هذا ما كنزتم.

٣٦ ـ (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ) : عدّة مصدر مثل العدد. و (عِنْدَ) معمول له ، و (فِي كِتابِ اللهِ) : صفة لاثنى عشر ، وليس بمعمول لعدة ؛ لأنّ المصدر إذا أخبر عنه لا يعمل فيما بعد الخبر.

١٨٣

و (يَوْمَ خَلَقَ) : معمول لكتاب ، على أنّ «كتابا» هنا مصدر لا جثّة ؛ ويجوز أن يكون جثّة ، ويكون العامل في «يوم» معنى الاستقرار.

وقيل في (كِتابِ اللهِ) بدل من عند ، وهو ضعيف ؛ لأنك قد فصلت بين البدل والمبدل منه بخبر العامل في المبدل.

(مِنْها أَرْبَعَةٌ) : يجوز أن تكون الجملة صفة لاثنى عشر ، وأن تكون حالا من استقرار ، وأن تكون مستأنفة.

(فِيهِنَ) : ضمير الأربعة. وقيل : ضمير اثنى عشر.

و (كَافَّةً) : مصدر في موضع الحال من المشركين ، أو من ضمير الفاعل في (قاتِلُوا).

٣٧ ـ (إِنَّمَا النَّسِيءُ) : يقرأ بهمزة بعد الياء ، وهو فعيل مصدر ، مثل النّذير والنّكير ؛ ويجوز أن يكون بمعنى مفعول ؛ أي إنما المنسوء. وفي الكلام على هذا حذف تقديره : إنّ نسء النّسيء ، أو إنّ النسيء ذو زيادة.

ويقرأ بتشديد الياء من غير همز على قلب الهمزة ياء.

ويقرأ بسكون السين وهمزة بعدها ، وهو مصدر نسأت.

ويقرأ بسكون السين وياء مخففة بعدها على الإبدال أيضا.

(يُضَلُ) : يقرأ بفتح الياء وكسر الضاد ، والفاعل (الَّذِينَ). ويقرأ بفتحهما وهي لغة. والماضي ضللت بفتح اللام الأولى وكسرها ، فمن فتحها في الماضي كسر الضاد في المستقبل ومن كسرها في الماضي فتح الضاد في المستقبل.

ويقرأ بضم الياء وفتح الضاد على ما لم يسم فاعله.

ويقرأ بضم الياء وكسر الضاد ؛ أي يضلّ به الذين كفروا أتباعهم ؛ ويجوز أن يكون الفاعل مضمرا ؛ أي يضلّ الله أو الشيطان.

(يُحِلُّونَهُ) : يجوز أن يكون مفسرا للضلال ؛ فلا يكون له موضع ؛ ويجوز أن يكون حالا.

٣٨ ـ (اثَّاقَلْتُمْ) : الكلام فيها مثل الكلام في (فَادَّارَأْتُمْ) ؛ والماضي هنا بمعنى المضارع ؛ أي مالكم تتثاقلون.

وموضعه نصب ؛ أي أيّ شيء لكم في التثاقل ، أو في موضع جرّ على رأى الخليل. وقيل : هو حال ؛ أي مالكم متثاقلين.

(مِنَ الْآخِرَةِ) : في موضع الحال ؛ أي بدلا من الآخرة.

٤٠ ـ (ثانِيَ اثْنَيْنِ) : هو حال من الهاء ؛ أي أحد اثنين.

ويقرأ بسكون الياء وحقّها التحريك ، وهو من أحسن الضرورة في الشعر.

وقال قوم : ليس بضرورة ، ولذلك أجازوه في القرآن. (إِذْ هُما) : ظرف لنصره ؛ لأنه بدل من «إذ» الأولى ، ومن قال : العامل في البدل غير العامل في المبدل قدّر هنا فعلا آخر ؛ أي نصره إذ هما.

(إِذْ يَقُولُ) : بدل أيضا. وقيل : «إذ هما» ظرف لثاني.

(فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ) : هي فعيلة بمعنى مفعلة ؛ أي أنزل عليه ما يسكنه.

والهاء في (عَلَيْهِ) تعود على أبي بكر رضي الله عنه ، لأنه كان منزعجا.

والهاء في (أَيَّدَهُ) للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(وَكَلِمَةُ اللهِ) ـ بالرفع : على الابتداء.

و (هِيَ الْعُلْيا) : مبتدأ وخبر ، أو تكون هي فصلا.

وقرئ بالنصب ؛ أي وجعل كلمة الله ، وهو ضعيف لثلاثة أوجه :

أحدها ـ أنّ فيه وضع الظاهر موضع المضمر ؛ إذ الوجه أن تقول كلمته.

والثاني ـ أن فيه دلالة على أنّ كلمة الله كانت سفلى ، فصارت عليا ؛ وليس كذلك.

والثالث ـ أن توكيد مثل ذلك بهي بعيد ؛ إذ القياس أن يكون إياها.

٤٢ ـ (لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً) : اسم «كان» مضمر ، تقديره : لو كان ما دعوتم إليه.

١٨٤

(لَوِ اسْتَطَعْنا) : الجمهور على كسر الواو على الأصل.

وقرئ بضمها ؛ تشبيها للواو الأصلية بواو الضمير ، نحو (اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ).

(يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ) : يجوز أن يكون مستأنفا ، وأن يكون حالا من الضمير في «يحلفون».

٤٣ ـ (حَتَّى يَتَبَيَّنَ) : حتى متعلقة بمحذوف دلّ عليه الكلام ؛ تقديره : هلّا أخّرتهم إلى أن يتبيّن ، أو ليتبين ، وقوله : (لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ) يدلّ على المحذوف.

ولا يجوز أن يتعلّق «حتى» بأذنت ، لأنّ ذلك يوجب أن يكون أذن لهم إلى هذه الغاية ، أو لأجل التبيين ، وهذا لا يعاتب عليه.

٤٧ ـ (خِلالَكُمْ) : ظرف لأوضعوا ؛ أي أسرعوا فيما بينكم.

(يَبْغُونَكُمُ) : حال من الضمير في «أوضعوا».

٤٩ ـ (يَقُولُ ائْذَنْ لِي) : هو مثل قوله : (فَأْتِنا بِما تَعِدُنا) ، وقد ذكر.

٥٣ ـ (هَلْ تَرَبَّصُونَ) : الجمهور على تسكين اللام ، وتخفيف التاء. ويقرأ : بكسر اللام وتشديد التاء ووصلها ؛ والأصل تتربصون ، فسكن التاء الأولى ، وأدغمها ووصلها بما قبلها ، وكسرت اللام لالتقاء الساكنين ، ومثله : (ناراً تَلَظَّى). وله نظائر.

(وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ) : مفعول نتربّص وبكم متعلقة بنترّبص.

٥٤ ـ (أَنْ تُقْبَلَ) : في موضع نصب بدلا من المفعول في منعهم.

ويجوز أن يكون التقدير : من أن تقبل. و (أَنَّهُمْ كَفَرُوا) في موضع الفاعل.

ويجوز أن يكون فاعل منع «الله» ، وأنهم كفروا مفعول له ؛ أي إلا لأنهم كفروا.

٥٧ ـ (أَوْ مُدَّخَلاً) : يقرأ بالتشديد ، وضمّ الميم ، وهو مفتعل من الدخول ، وهو الموضع الذي يدخل فيه.

ويقرأ بضمّ الميم وفتح الخاء من غير تشديد.

ويقرأ بفتحهما ، وهما مكانان أيضا.

وكذلك المغارة ، وهي واحد مغارات ، وقيل : الملجأ وما بعده مصادر ، أي لو قدروا على ذلك لمالوا إليه.

٥٨ ـ (يَلْمِزُكَ) : يجوز كسر الميم وضمّها ، وهما لغتان قد قرئ بهما.

(إِذا هُمْ) : إذا هنا للمفاجأة ، وهي ظرف مكان ، وجعلت في جواب الشرط كالفاء لما فيها من المفاجأة ، وما بعدها ابتداء وخبر.

والعامل في إذا (يَسْخَطُونَ).

٦٠ ـ (فَرِيضَةً) : حال من الضمير في الفقراء ؛ أي مفروضة.

وقيل : هو مصدر ، والمعنى فرض الله ذلك فرضا.

٦١ ـ (قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ) : أذن : خبر مبتدأ محذوف ؛ أي هو.

ويقرأ بالإضافة ؛ أي مستمع خير. ويقرأ بالتنوين ورفع «خير» على أنه صفة لأذن ، والتقدير : أذن ذو خير.

ويجوز أن يكون «خير» بمعنى أفعل ؛ أي أذن أكثر خير لكم.

(يُؤْمِنُ بِاللهِ) : في موضع رفع صفة أيضا.

واللام في (لِلْمُؤْمِنِينَ) زائدة دخلت لتفرق بين «يؤمن» بمعنى يصدق ، و «يؤمن» بمعني يثبت الأمان.

(وَرَحْمَةٌ) : بالرفع عطف على أذن ؛ أي هو أذن ورحمة.

ويقرأ بالجر عطفا على «خير» فيمن جرّ خيرا.

١٨٥

٦٢ ـ (وَاللهُ وَرَسُولُهُ) : مبتدأ و (أَحَقُّ) :

خبره ، والرسول مبتدأ ثان وخبره محذوف دلّ عليه خبر الأوّل.

وقال سيبويه : أحقّ خبر الرسول ، وخبر الأوّل محذوف ؛ وهو أقوى ؛ إذ لا يلزم منه التفريق بين المبتدأ وخبره ، وفيه أيضا أنه خبر الأقرب إليه ، ومثله قول الشاعر :

نحن بما عندنا وأنت بما عن

دك راض والرّأي مختلف

وقيل : أحق أن يرضوه ـ خبر عن الاسمين ؛ لأنّ أمر الرسول تابع لأمر الله تعالى ، ولأنّ الرسول قائم مقام الله ، بدليل قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ).

وقيل : أفرد الضمير وهو في موضع التثنية.

وقيل : التقدير : أن ترضوه أحق ، وقد ذكرناه في قوله : (فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ).

وقيل : التقدير : أحق بالإرضاء.

٦٣ ـ (أَلَمْ يَعْلَمُوا) : يجوز أن تكون المتعدية إلى مفعولين ، وتكون (أَنَّهُ) وخبرها سدّ مسدّ المفعولين.

ويجوز أن تكون المتعدية إلى واحد. و (مَنْ) شرطية في موضع مبتدأ ، والفاء جواب الشرط ؛ فأما «أن» الثانية فالمشهور فتحها ، وفيها أوجه : أحدها ـ أنها بدل من الأولى ، وهذا ضعيف لوجهين : أحدهما : أنّ الفاء التي معها تمنع من ذلك ، والحكم بزيادتها ضعيف ، والثاني : أنّ جعلها بدلا يوجب سقوط جواب «من» من الكلام.

والوجه الثاني ـ أنها كرّرت توكيدا ؛ كقوله تعالى : (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ) ، ثم قال : (إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها) ؛ والفاء على هذا جواب الشرط.

والثالث ـ أن «أن» هاهنا مبتدأ والخبر محذوف ؛ أي فلهم أنّ لهم.

والرابع ـ أن تكون خبر مبتدأ محذوف ؛ أي فجزاؤهم أنّ لهم ، أو فالواجب أنّ لهم.

ويقرأ بالكسر على الاستئناف.

٦٤ ـ (أَنْ تُنَزَّلَ) : في موضع نصب بيحذر على أنها متعدية بنفسها ، ويجوز أن يكون بحرف الجر ؛ أي من أن تنزّل ؛ فيكون موضعه نصبا أو جرا على ما ذكرنا من اختلافهم في ذلك.

٦٥ ـ (أَبِاللهِ) : الباء متعلقة ب (تَسْتَهْزِؤُنَ) ، وقد قدّم معمول خبر كان عليها ، فيدلّ على جواز تقديم خبرها عليها.

٦٧ ـ (بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ) : مبتدأ وخبر ؛ أي بعضهم من جنس بعض في النّفاق. (يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ) : مستأنف مفسّر لما قبلها.

٦٩ ـ (كَالَّذِينَ) : الكاف في موضع نصب نعت لمصدر محذوف ، وفي الكلام حذف مضاف : تقديره : وعدا كوعد الذين.

(كَمَا اسْتَمْتَعَ) : أي استمتاعا كاستمتاعهم.

(كَالَّذِي خاضُوا) : الكاف في موضع نصب أيضا. وفي «الذي» وجهان :

أحدهما ـ أنه جنس ، والتقدير : خوضا كخوض الذين خاضوا ، وقد ذكر مثله في قوله تعالى : (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ).

والثاني ـ أن «الذي» هنا مصدرية ؛ أي كخوضهم ، وهو نادر.

٧٠ ـ (قَوْمِ نُوحٍ) : هو بدل من الذين.

٧٢ ـ (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ) : مبتدأ و (أَكْبَرُ) : خبره.

٧٣ ـ (وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ، وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ) :

إن قيل كيف حسنت الواو هنا ، والفاء أشبه بهذا الموضع؟ ففيه ثلاثة أجوبة :

أحدها ـ أنها واو الحال ، والتقدير افعل ذلك في حال استحقاقهم جهنم ، وتلك الحال حال كفرهم ونفاقهم.

١٨٦

والثاني ـ أنّ الواو جئ بها تنبيها على إرادة فعل محذوف تقديره : واعلم أنّ مأواهم جهنم.

والثالث ـ أن الكلام محمول على المعنى.

والمعنى : أنه قد اجتمع لهم عذاب الدنيا بالجهاد والغلظة ، وعذاب الآخرة بجعل جهنم مأوى لهم.

٧٤ ـ (ما قالُوا) : هو جواب قسم ، ويحلفون قائم مقام القسم.

(وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللهُ) : أن وما عملت فيه مفعول «نقموا» ؛ أي وما كرهوا إلا إغناء الله إيّاهم.

وقيل : هو مفعول من آجله ، والمفعول به محذوف ؛ أي ما كرهوا الأيمان إلا ليغنوا.

٧٥ ـ (لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ) : فيه وجهان :

أحدهما ـ تقديره : عاهد ، فقال : لئن آتانا.

والثاني ـ أن يكون عاهد بمعنى قال ، إذ العهد قول.

٧٩ ـ (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ) : مبتدأ و (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) : حال من الضمير في (الْمُطَّوِّعِينَ).

و (فِي الصَّدَقاتِ) : متعلّق بيلمزون ؛ ولا يتعلّق بالمطّوعين ، لئلّا يفصل بينهما بأجنبي. (وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ) : معطوف على (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ).

وقيل : على المطوّعين ؛ أي ويلمزون الذين لا يجدون.

وقيل : هو معطوف على المؤمنين ، وخبر الأول على هذه الوجوه فيه وجهان :

أحدهما ـ (فَيَسْخَرُونَ) ، ودخلت الفاء لما في «الذين» من الشّبه بالشّرط.

والثاني ـ أن الخبر (سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ) ؛ وعلى هذا المعنى يجوز أن يكون «الذين يلمزون» في موضع نصب بفعل محذوف يفسّره سخر ؛ تقديره عاب الذين يلمزون.

وقيل : الخبر محذوف ؛ تقديره : منهم الذين يلمزون.

٨٠ ـ (سَبْعِينَ مَرَّةً) : هو منصوب على المصدر ، والعدد يقوم مقام المصدر ، كقولهم : ضربته عشرين ضربة.

٨١ ـ (بِمَقْعَدِهِمْ) : أي بقعودهم.

و (خِلافَ) : ظرف بمعنى خلف.

(رَسُولِ اللهِ) : أي بعده ؛ والعامل فيه مقعد.

ويجوز أن يكون العامل (فَرِحَ). وقيل : هو مفعول من أجله ؛ فعلى هذا مصدر ؛ أي لمخالفته ، والعامل المقعد أو فرح.

وقيل : هو منصوب على المصدر بفعل دلّ عليه الكلام ؛ لأنّ مقعدهم عنه تخلّف.

٨٢ ـ (قَلِيلاً) : أي ضحكا قليلا ، أو زمنا قليلا.

و (جَزاءً) : مفعول له ، أو مصدر على المعنى.

٨٣ ـ (فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ) : هو متعدية بنفسها ، ومصدرها رجع ، وتأتي لازمة ومصدرها الرّجوع.

٨٤ ـ (مِنْهُمْ) : صفة لأحد. و (ماتَ) صفة أخرى.

ويجوز أن يكون «منهم» حالا من الضمير مات.

(أَبَداً) : ظرف لتصلّ

٨٦ ـ (أَنْ آمِنُوا) ؛ أي آمنوا ؛ والتقدير : يقال فيها آمنوا.

وقيل : أن هنا مصدرية ؛ تقديره : أنزلت بأن آمنوا ؛ أي بالأيمان.

٨٧ ـ (مَعَ الْخَوالِفِ) : هو جمع خالفة ، وهي المرأة ، وقد يقال للرجل خالف وخالفة ، ولا يجمع المذكر على خوالف.

١٨٧

٩٠ ـ (وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ) : يقرأ على وجوه كثيرة ، قد ذكرناها في قوله : (بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ).

٩١ ـ (إِذا نَصَحُوا) : العامل فيه معنى الكلام ؛ أي لا يخرجون حينئذ.

٩٢ ـ (وَلا عَلَى الَّذِينَ) : هو معطوف على الضّعفاء ، فيدخل في خبر ليس ، وإن شئت عطفته على (الْمُحْسِنِينَ) ، فيكون المبتدأ (مِنْ سَبِيلٍ). ويجوز أن يكون المبتدأ محذوفا ؛ أي ولا على الذين ... إلى تمام الصلة حرج أو سبيل ، وجواب إذا (تَوَلَّوْا) ؛ وفيه كلام قد ذكرناه عند قوله : (كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا).

(وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ) : الجملة في موضع الحال.

و (مِنَ الدَّمْعِ) : مثل الذي في المائدة.

و (حَزَناً) : مفعول له ؛ أو مصدر في موضع الحال ؛ أو منصوب على المصدر بفعل دلّ عليه ما قبله.

(أَلَّا يَجِدُوا) : يتعلّق بحزن ، وحرف الجر محذوف ؛ ويجوز أن يتعلق بتفيض.

٩٣ ـ (رَضُوا) : يجوز أن يكون مستأنفا ، وأن يكون حالا ، «وقد» معه مرادة.

٩٤ ـ (قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ) : هذا الفعل قد يتعدّى إلى ثلاثة ، أولها «نا» ، والاثنان الآخران محذوفان ، تقديره : أخبارا من أخباركم مثبتة.

و (مِنْ أَخْبارِكُمْ) : تنبيه على المحذوف ، وليست «من» زائدة ؛ إذ لو كانت زائدة لكانت مفعولا ثانيا ، والمفعول الثالث محذوف ؛ وهو خطأ ؛ لأن المفعول الثاني إذا ذكر في هذا الباب لزم ذكر الثالث.

وقيل : «من» بمعنى عن.

٩٥ ـ (جَزاءً). مصدر ؛ أي يجزون بذلك جزاء. أو هو مفعول له.

٩٧ ـ (وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا) : أي بأن لا يعلموا.

٩٨ ـ (بِكُمُ الدَّوائِرَ) : يجوز أن تتعلق الباء ب (يَتَرَبَّصُ) ، وأن تكون حالا من الدوائر.

(دائِرَةُ السَّوْءِ) : يقرأ بضم السين ، وهو الضّرر ، وهو مصدر في الحقيقة ، يقال : سؤته سوءا ومساءة ، ومسائية.

ويقرأ بفتح السين ؛ وهو الفساد والرداءة.

٩٩ ـ (قُرُباتٍ) : هو مفعول ثان ليتخذ.

و (عِنْدَ اللهِ) : صفة لقربات ؛ أو ظرف ليتخذ ، أو لقربات. (وَصَلَواتِ الرَّسُولِ) : معطوف على ما ينفق ، تقديره : وصلوات الرسول قربات.

و (قُرْبَةٌ) ـ بسكون الراء وقرئ بضمّها على الإتباع.

١٠٠ ـ (وَالسَّابِقُونَ) : يجوز أن يكون معطوفا على قوله : (مَنْ يُؤْمِنُ) تقديره : ومنهم السابقون.

ويجوز أن يكون مبتدأ ، وفي الخبر ثلاثة أوجه :

أحدها ـ (الْأَوَّلُونَ) ، والمعنى : والسابقون إلى الهجرة والأوّلون من أهل الملة ؛ أو السابقون إلى الجنة الأولون إلى الهجرة.

والثاني ـ الخبر (مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ) ؛ والمعنى فيه الإعلام بأنّ السابقين من هذه الأمّة هم من المهاجرين والأنصار.

والثالث ـ أن الخبر (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ).

ويقرأ : والأنصار ـ بالرفع ، على أن يكون معطوفا على «السابقون» ، أو يكون مبتدأ والخبر رضي الله عنهم ؛ وذلك على الوجهين الأولين.

و (بِإِحْسانٍ) : حال من ضمير الفاعل في (اتَّبَعُوهُمْ).

١٨٨

(تَجْرِي تَحْتَهَا) : ومن تحتها ؛ والمعنى فيهما واضح.

١٠١ ـ (وَمِمَّنْ) : من بمعنى الذي ، و (مُنافِقُونَ) : مبتدأ ، وما قبله الخبر.

و (مَرَدُوا) : صفة لمبتدأ محذوف ، تقديره : ومن أهل المدينة قوم مردوا.

وقيل : مردوا صفة لمنافقون ، وقد فصل بينهما. ومن أهل المدينة خبر مبتدأ محذوف ، تقديره : من أهل المدينة قوم كذلك.

(لا تَعْلَمُهُمْ) : صفة أخرى مثل مردوا.

و (نَعْلَمُهُمْ) : بمعنى نعرفهم ، فهي تتعدّى إلى مفعول واحد.

١٠٢ ـ (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا) : هو معطوف على «منافقون» ؛ ويجوز أن يكون مبتدأ ، و (اعْتَرَفُوا) صفته ؛ و (خَلَطُوا) : خبره.

(وَآخَرَ سَيِّئاً :) معطوف على (عَمَلاً) ، ولو كان بالباء جاز أن تقول خلطت الحنطة والشعير ، وخلطت الحنطة بالشعير.

(عَسَى اللهُ) : الجملة مستأنفة.

وقيل : خلطوا حال ، و «قد» معه مرادة ، أي اعترفوا بذنوبهم قد خلطوا ؛ وعسى الله خبر المبتدأ.

١٠٣ ـ (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ) : يجوز أن تكون «من» متعلقة بخذ ، وأن تكون حالا من (صَدَقَةً).

(تُطَهِّرُهُمْ) : في موضع نصب صفة لصدقة.

ويجوز أن يكون مستأنفا والتاء للخطاب ؛ أي تطهّرهم أنت.

(وَتُزَكِّيهِمْ) : كالتاء للخطاب لا غير ، لقوله : (بِها) ؛ ويجوز أن يكون (تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها) في موضع نصب صفة لصدقة مع قولنا إنّ التاء فيهما للخطاب ، لأنّ قوله «تطهرهم» تقديره بها ، ودلّ عليه «بها» الثانية ، وإذا كان فيهما ضمير الصدقة جاز أن يكون صفة لها.

ويجوز أن تكون الجملة حالا من ضمير الفاعل في «خذ».

(إِنَّ صَلاتَكَ) : يقرأ بالإفراد والجمع ؛ وهما ظاهران.

و (سَكَنٌ) : بمعنى مسكون إليها ؛ فلذلك لم يؤنّثه ، وهو مثل القبض بمعنى المقبوض.

١٠٤ ـ (هُوَ يَقْبَلُ) : هو مبتدأ ، و «يقبل» الخبر ، ولا يجوز أن يكون «هو» فصلا ؛ لأنّ يقبل ليس بمعرفة ولا قريب منها.

١٠٦ ـ (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ) : هو معطوف على : (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا) ، و (مُرْجَوْنَ) ـ بالهمز على الأصل ، وبغير همز ، وقد ذكر أصله في الأعراف.

(إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ) : إما هاهنا : للشك ؛ والشك راجع إلى المخلوق ؛ وإذا كانت إمّا للشك جاز أن يليها الاسم ، وجاز أن يليها الفعل ؛ فإن كانت للتخيير ووقع الفعل بعدها كانت معه «أن» كقوله : (إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ). وقد ذكر.

١٠٧ ـ (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا) : يقرأ بالواو.

وفيه وجهان :

أحدهما ـ هو معطوف على (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ) ؛ أي : ومنهم الذين اتخذوا.

والثاني ـ هو مبتدأ ، والخبر : (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ) ؛ أي منهم ؛ فحذف العائد للعلم به.

ويقرأ بغير واو ؛ وهو مبتدأ ، والخبر : (أَفَمَنْ أَسَّسَ) ـ على ما تقدّم.

(ضِراراً) : يجوز أن يكون مفعولا ثانيا لاتّخذوا ، وكذلك ما بعده ؛ وهذه المصادر كلّها واقعة موضع اسم الفاعل ؛ أي مضرّا ومفترقا.

ويجوز أن تكون كلّها مفعولا له.

١٠٨ ـ (لَمَسْجِدٌ) : اللام لام الابتداء.

وقيل جواب قسم محذوف ؛ و (أُسِّسَ) : نعت له.

١٨٩

و (مِنْ أَوَّلِ) : يتعلق بأسّس : والتقدير عند بعض البصريين : من تأسيس أوّل يوم ؛ لأنهم يرون أن «من» لا تدخل على الزمان ؛ وإنما ذلك لمنذ ؛ وهذا ضعيف هاهنا ؛ لأنّ التأسيس المقدّر ليس بمكان حتى تكون «من» لابتداء غايته. ويدلّ على جواز دخول «من» على الزمان ما جاء في القرآن من دخولها على «قبل» التي يراد بها الزمان ، وهو كثير في القرآن وغيره.

والخبر : (أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ). و (فِيهِ) الأولى تتعلق بتقوم ، والتاء لخطاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

فيه رجال : فيه ثلاثة أوجه :

أحدها ـ هو صفة لمسجد ، جاءت بعد الخبر.

والثاني ـ أن الجملة حال من الهاء في «فيه» الاولى. والعامل فيه تقوم.

والثالث ـ هي مستأنفة.

١٠٩ ـ (عَلى تَقْوى) : يجوز أن يكون في موضع الحال من الضمير في (أَسَّسَ) ؛ أي على قصد التقوى ؛ والتقدير : قاصدا بنيانه التقوى.

ويجوز أن يكون مفعولا لأسّس.

(جُرُفٍ) بالضم والإسكان ، وهما لغتان.

وفي (هارٍ) وجهان :

أحدهما ـ أصله «هور» أو «هير» على فعل ، فلمّا تحرّك حرف العلة ، وانفتح ما قبله قلب ألفا ؛ وهذا يعرف بالرفع ، والنصب ، والجر. مثل قولهم : كبش صاف ؛ أي صوف ، ويوم راح : أي ذو روح.

والثاني ـ أن يكون أصله هاورا ، أو هائرا ، ثم أخّرت عين الكلمة فصارت بعد الراء ، وقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها ، ثم حذفت لسكونها وسكون التنوين ، فوزنه بعد القلب فالع ، وبعد الحذف فال ، وعين الكلمة واو أو ياء ؛ يقال : تهوّر البناء وتهيّر.

(فَانْهارَ بِهِ) : «به» هنا حال ؛ أي فانهار وهو معه.

١١١ ـ (بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) : الباء هنا للمقابلة ، والتقدير : باستحقاقهم الجنة.

(يُقاتِلُونَ) : مستأنف.

(فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ) : هو مثل الذي في آخر آل عمران في وجوه القراءة.

(وَعْداً) : مصدر ؛ أي وعدهم بذلك وعدا.

و (حَقًّا) : صفته.

١١٢ ـ (التَّائِبُونَ) : يقرأ بالرفع ؛ أي هم التائبون. ويجوز أن يكون مبتدأ ، والخبر (الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) وما بعده ؛ وهو ضعيف.

ويقرأ بالياء ، على إضمار أعني ، أو أمدح ؛ ويجوز أن يكون مجرورا صفة للمؤمنين. (وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ) : إنما دخلت الواو في الصفة الثامنة إيذانا بأنّ السبعة عندهم عدد تام ؛ ولذلك قالوا : سبع في ثمانية ؛ أي سبع أذرع في ثمانية أشبار ؛ وإنما دلّت الواو على ذلك ؛ لأنّ الواو تؤذن بأنّ ما بعدها غير ما قبلها ؛ ولذلك دخلت في باب عطف النّسق.

١١٧ ـ (مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ) : في فاعل «كاد» ثلاثة أوجه :

أحدها ـ ضمير الشأن ، والجملة بعده في موضع نصب.

والثاني ـ فاعله مضمر ، تقديره : من بعد ما كاد القوم ، والعائد على هذا الضمير في «منهم».

والثالث ـ فاعلها القلوب ، ويزيغ في نية التأخير ، وفيه ضمير فاعل ، وإنما يحسن ذلك على القراءة بالتاء ، فأما القراءة بالياء فيضعف ، على أن أصل هذا التقدير ضعيف ؛ وقد بيناه في قوله : (ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ).

١١٨ ـ (وَعَلَى الثَّلاثَةِ) : إن شئت عطفته على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ؛ أي تاب على النبيّ وعلى الثلاثة. وإن شئت على (عَلَيْهِمُ) ؛ أي ثم تاب عليهم وعلى الثلاثة.

(لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ) : خبر «لا» من الله.

(إِلَّا إِلَيْهِ) : استثناء مثل : لا إله إلا الله.

١٢٠ ـ (مَوْطِئاً) : يجوز أن يكون مكانا ، فيكون مفعولا به ؛ وأن يكون مصدرا مثل الموعد.

١٩٠

١٢٢ ـ (فِرْقَةٍ مِنْهُمْ) : يجوز أن يكون «منهم» صفة لفرقة ، وأن يكون حالا من (طائِفَةٌ).

١٢٣ ـ (غِلْظَةً) : يقرأ بكسر الغين وفتحها وضمها ، وكلّها لغات.

١٢٧ ـ (هَلْ يَراكُمْ) : تقديره : يقولون : هل يراكم.

١٢٨ ـ (عَزِيزٌ عَلَيْهِ) : فيه وجهان :

أحدهما ـ هو صفة لرسول ، وما مصدرية موضعها رفع بعزيز.

والثاني ـ أن (ما عَنِتُّمْ) مبتدأ ، و (عَزِيزٌ عَلَيْهِ) خبر مقدّم. والجملة صفة لرسول.

(بِالْمُؤْمِنِينَ) : يتعلق ب (رَؤُفٌ).

سورة يونس

قد تقدم القول على الحروف المقطّعة في أول البقرة ، والأعراف ، ويقاس الباقي عليهما.

١ ـ و (الْحَكِيمِ) : بمعنى المحكم. وقيل : هو بمعنى الحاكم.

٢ ـ (أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا) : اسم كان. وخبرها عجبا ، و (لِلنَّاسِ) : حال من عجب ؛ لأن التقدير : أكان عجبا للناس. وقيل : هو متعلق بكان. وقيل : هو يتعلق بعجب على التبيين.

وقيل «عجب» هنا بمعنى معجب ؛ والمصدر إذا وقع موقع اسم مفعول أو فاعل جاز أن يتقدّم معموله عليه كاسم المفعول.

(أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ) : يجوز أن تكون أن المصدرية ، فيكون موضعها نصبا بأوحينا ، وأن تكون بمعنى أي ، فلا يكون لها موضع.

٣ ـ (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) : يجوز أن يكون مستأنفا ، وأن يكون خبرا ثانيا ، وأن يكون حالا.

٤ ـ (وَعْدَ اللهِ) : هو منصوب على المصدر بفعل دلّ عليه الكلام ، وهو قوله : (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ) ؛ لأنّ هذا وعد منه سبحانه بالبعث.

و (حَقًّا) : مصدر آخر ، تقديره : حقّ ذلك حقّا.

(إِنَّهُ يَبْدَؤُا) : الجمهور على كسر الهمزة على الاستئناف ؛ وقرئ بفتحها ؛ والتقدير : حق أنه يبدأ ، فهو فاعل. ويجوز أن يكون التقدير لأنه يبدأ.

وماضي يبدأ بدأ ، وفيه لغة أخرى أبدا.

(بِما كانُوا) : في موضع رفع صفة أخرى لعذاب. ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف.

٥ ـ (جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً) : مفعولان ؛ ويجوز أن يكون ضياء حالا ، وجعل بمعنى خلق ، والتقدير : ذات ضياء.

وقيل الشمس هي الضياء. والياء منقلبة عن واو ، لقولك ضوء ، والهمزة أصل.

ويقرأ بهمزتين بينهما ألف. والوجه فيه أن يكون أخّر الياء وقدّم الهمزة ، فلما وقعت الياء طرفا بعد ألف زائدة قلبت همزة عند قوم ، وعند آخرين ألفا ، ثم قلبت الألف همزة لئلا يجتمع ألفان.

(وَالْقَمَرَ نُوراً) ؛ أي ذا نور.

وقيل : المصدر بمعنى فاعل ؛ أي منيرا.

(وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ) : أي وقدّر له ، فحذف حرف الجر.

وقيل : التقدير : قدّره ذا منازل.

و «قدّر» على هذا متعدية إلى مفعولين ؛ لأن معناه جعل وصيّر.

ويجوز أن يكون قدّر متعديا إلى واحد بمعنى خلق. ومنازل : حال ؛ أي منتقلا.

٨ ـ (إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ) : خبر إن : (أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ) ؛ فأولئك مبتدأ ، ومأواهم مبتدأ ثان ، والنار خبره ، والجملة خبر أولئك.

١٩١

(بِما كانُوا) : الباء متعلقة بفعل محذوف دلّ عليه الكلام ؛ أي جوزوا بما كانوا يكسبون.

٩ ـ (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ) : يجوز أن يكون مستأنفا ، وأن يكون حالا من ضمير المفعول في (يَهْدِيهِمْ). والمعنى : يهديهم في الجنة إلى مراداتهم في هذه الحال.

(فِي جَنَّاتِ) : يجوز أن يتعلّق بتجري ، وأن يكون حالا من الأنهار ، وأن يكون متعلقا بيهدي ، وأن يكون حالا من ضمير المفعول في يهدي ، وأن يكون خبرا ثانيا لإن.

١٠ ـ (دَعْواهُمْ) : مبتدأ.

(سُبْحانَكَ) : منصوب على المصدر ، وهو تفسير الدعوى ؛ لأنّ المعنى : قولهم سبحانك اللهم.

و (فِيها) : متعلق بتحية.

(أَنِ الْحَمْدُ) : أن مخفّفة من الثقيلة.

ويقرأ أنّ بتشديد النون ، وهي مصدرية.

والتقدير : آخر دعواهم حمد الله.

١١ ـ (الشَّرَّ) : هو مفعول يعجّل.

و (اسْتِعْجالَهُمْ) : تقديره تعجيلا مثل استعجالهم ؛ فحذف المصدر وصفته المضافة ، وأقام المضاف إليه مقامهما. وقال بعضهم : هو منصوب على تقدير حذف حرف الجر ؛ أي كاستعجالهم ؛ وهو بعيد ؛ إذ لو جاز ذلك لجاز زيد غلام عمرو ؛ أي كغلام عمرو ، وبهذا ضعّفه جماعة. وليس بتضعيف صحيح ؛ إذ ليس في المثال الذي ذكر فعل يتعدّى بنفسه عند حذف الجار ؛ وفي الآية فعل يصحّ فيه ذلك ؛ وهو قوله : (يُعَجِّلُ).

(فَنَذَرُ) : هو معطوف على فعل محذوف ، تقديره : ولكن نمهلهم فنذر ؛ ولا يجوز أن يكون معطوفا على يعجّل ؛ إذ لو كان كذلك لدخل في الامتناع الذي تقتضيه (لَوْ) ، وليس كذلك ؛ لأنّ التعجيل لم يقع. وتركهم في طغيانهم وقع.

١٢ ـ (لِجَنْبِهِ) : في موضع الحال ؛ أي دعانا مضطجعا. ومثله (قاعِداً ، أَوْ قائِماً).

وقيل : العامل في هذه الأحوال (مَسَّ) ؛ ؛ وهو ضعيف لأمرين :

أحدهما ـ أنّ الحال على هذا واقعة بعد جواب (إِذا) ، وليس بالوجه.

والثاني ـ أنّ المعنى كثرة دعائه في كل أحواله ، لا على أنّ الضرّ يصيبه في كل أحواله ؛ وعليه جاءت آيات كثيرة في القرآن.

(كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا) : في موضع الحال من الفاعل في (مَرَّ). (إِلى ضُرٍّ) ؛ أي إلى كشف ضرّ.

واللام في (لِجَنْبِهِ) على أصلها عند البصريين ، والتقدير : دعانا ملقيا لجنبه.

١٣ ـ (مِنْ قَبْلِكُمْ) : متعلق بأهلكنا ، وليس بحال من القرون ؛ لأنه زمان.

(وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ) : يجوز أن يكون حالا ؛ أي وقد جاءتهم ؛ ويجوز أن يكون معطوفا على ظلموا.

١٤ ـ (لِنَنْظُرَ) : يقرأ في الشاذ بنون واحدة وتشديد الظاء ، ووجهها أنّ النون الثابتة قلبت ظاء وأدغمت.

١٦ ـ (وَلا أَدْراكُمْ بِهِ) : هو فعل ماض ، من دريت ؛ والتقدير : لو شاء الله لما أعلمكم بالقرآن.

ويقرأ : «ولأدراكم به» على الإثبات ؛ والمعنى : ولو شاء الله لأعلمكم به بلا واسطة.

ويقرأ في الشاذ : «ولا أدرأكم به» ـ بالهمزة مكان الألف ؛ قيل : هي لغة لبعض العرب يقلبون الألف المبدلة من ياء همزة.

وقيل : هو غلط لأن قارئها ظنّ أنه من الدّرء ، وهو الدّفع.

وقيل : ليس بغلط ، والمعنى : ولو شاء الله لدفعكم عن الأيمان به.

١٩٢

(عُمُراً) : ينتصب نصب الظروف ؛ أي مقدار عمر ، أو مدة عمر.

١٨ ـ (ما لا يَضُرُّهُمْ) : «ما» بمعنى الذي ، ويراد بها الأصنام ؛ ولهذا قال تعالى : (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا) : فجمع حملا على معنى «ما».

٢١ ـ (وَإِذا أَذَقْنَا) : جواب «إذا» الأولى «إذا» الثانية. والثانية للمفاجأة ، والعامل في الثانية الاستقرار الذي في (لَهُمْ).

وقيل : «إذا» الثانية زمانية أيضا ؛ والثانية وما بعدها جواب الأولى.

٢٢ ـ (يُسَيِّرُكُمْ) : يقرأ بالسين من السير ، وينشركم من النشر ؛ أي يصرفكم ويبثّكم.

(وَجَرَيْنَ بِهِمْ) : ضمير الغائب ، وهو رجوع من الخطاب إلى الغيبة ؛ ولو قال «بكم» لكان موافقا لكنتم ، وكذلك (فَرِحُوا) وما بعده.

(جاءَتْها) : الضمير للفلك. وقيل للريح.

٢٣ ـ (إِذا هُمْ) : هو جواب «لمّا» ، وهي للمفاجأة كالتي يجاب بها الشّرط.

(بَغْيُكُمْ) : مبتدأ. وفي الخبر وجهان :

أحدهما ـ (عَلى أَنْفُسِكُمْ) ، و «على» متعلّقة بمحذوف ؛ أي كائن ؛ لا بالمصدر ؛ لأنّ الخبر لا يتعلّق بالمبتدأ. ف (مَتاعَ) على هذا خبر مبتدأ محذوف ؛ أي هو متاع ، أو خبر بعد خبر.

والثاني ـ أنّ الخبر متاع ، وعلى أنفسكم متعلّق بالمصدر.

ويقرأ «متاع» بالنصب ؛ فعلى هذا «على أنفسكم» خبر المبتدأ ، و «متاع» منصوب على المصدر ؛ أي يمتّعكم بذلك متاع.

وقيل : هو مفعول به ، والعامل فيه بغيكم ، ويكون البغي هنا بمعنى الطلب ؛ أي طلبكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا ؛ فعلى هذا «على أنفسكم» ليس بخبر ؛ لأنّ المصدر لا يعمل فيما بعد خبره ؛ بل «على أنفسكم» متعلق بالمصدر ، والخبر محذوف ؛ تقديره : طلبكم متاع الحياة الدنيا ضلال ، ونحو ذلك.

ويقرأ : متاع ـ بالجر ، على أنه نعت للأنفس ، والتقدير : ذوات متاع.

ويجوز أن يكون المصدر بمعنى اسم الفاعل ، أي ممتعات الدنيا ، ويضعف أن يكون بدلا ؛ إذ قد أمكن أن يجعل صفة.

٢٤ ـ (فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ) : الباء للسبب ؛ أي اختلط النبات بسبب اتصال الماء به. وقيل : المعنى خالطه نبات الأرض ؛ أي اتصل به فربّاه ، و (مِمَّا يَأْكُلُ) : حال من النبات.

(وَازَّيَّنَتْ) : أصله تزينت ، ثم عمل فيه ما ذكرنا في (فَادَّارَأْتُمْ فِيها).

ويقرأ بفتح الهمزة وسكون الزاي وياء مفتوحة بعدها خفيفة النون والياء ؛ أي صارت ذات زينة ؛ كقولك : أجرب الرجل إذا صار ذا إبل جربى.

وصحح الياء ، والقياس أن تقلب ألفا ؛ ولكن جاء مصحّحا كما جاء استحوذ.

ويقرأ : «وازيأنت» بزاي ساكنة خفيفة بعدها ياء مفتوحة بعدها همزة بعدها نون مشددة ؛ والأصل وازيانّت مثل احمارّت ، ولكن حرّك الألف فانقلبت همزة كما ذكرنا في الضالين.

(تَغْنَ بِالْأَمْسِ) : قرئ في الشاذ «تتغنّ» ـ بتاءين ، وهو في القراءة المشهورة.

و «الأمس» هنا يراد به الزمان الماضي لا حقيقة أمس الذي قبل يومك ، وإذا أريد به ذلك كان معربا ؛ وكان بلا ألف ولام ولا إضافة ، نكرة.

٢٦ ـ (وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ) : الجملة مستأنفة.

ويجوز أن يكون حالا ، والعامل فيها الاستقرار في للذين ؛ أي استقرّت لهم الحسنى مضمونا لهم السلامة ، ونحو ذلك.

١٩٣

ولا يجوز أن يكون معطوفا على الحسنى ؛ لأنّ الفعل إذا عطف على المصدر احتاج إلى «أن» ذكرا أو تقديرا ؛ و «أن» غير المقدرة ، لأنّ الفعل مرفوع.

٢٧ ـ (وَالَّذِينَ كَسَبُوا) : مبتدأ ، وفي الخبر وجهان :

أحدهما ـ هو قوله : (ما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ) ؛ أو قوله : (كَأَنَّما أُغْشِيَتْ) ؛ أو قوله : (أُولئِكَ أَصْحابُ) ؛ ويكون (جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها) معترضا بين المبتدأ وخبره.

والثاني ـ الخبر (جَزاءُ سَيِّئَةٍ). وجزاء مبتدأ. وفي خبره وجهان :

أحدهما : بمثلها ، والباء زائدة ، كقوله : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) : ويجوز أن تكون غير زائدة ، والتقدير : جزاء سيئة مقدر بمثلها.

والثاني : أن تكون الباء متعلقة بجزاء ، والخبر محذوف ؛ أي وجزاء سيئة بمثلها واقع.

(وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) : قيل هو معطوف على كسبوا ، وهو ضعيف ؛ لأن المستقبل لا يعطف على الماضي ؛ وإن قيل هو بمعنى الماضي فضعيف أيضا. وقيل : الجملة حال.

(قِطَعاً) : يقرأ بفتح الطاء ، وهو جمع قطعة ، وهو مفعول ثان ل (أُغْشِيَتْ).

و (مِنَ اللَّيْلِ) : صفة لقطع.

و (مُظْلِماً) : حال من الليل ؛ وقيل من «قطّع» ، أو صفة ل «قطع» ، وذكّره لأنّ القطع في معنى الكثير.

ويقرأ بسكون الطاء ، فعلى هذا يكون «مظلما» صفة لقطع ، أو حالا منه ، أو حالا من الضمير في «من الليل» ، أو حالا من «الليل».

٢٨ ـ (مَكانَكُمْ) : هو ظرف مبني لوقوعه موقع الأمر ؛ أي الزموا ؛ وفيه ضمير فاعل.

و (أَنْتُمْ) : توكيد له. و «الكاف والميم» في موضع جرّ عند قوم ، وعند آخرين الكاف للخطاب لا موضع لها ، كالكاف في إياكم.

(وَشُرَكاؤُكُمْ) : عطف على الفاعل.

(فَزَيَّلْنا) : عين الكلمة واو ، لأنه من زال يزول ؛ وإنما قلبت ياء ؛ لأنّ وزن الكلمة فيعل ؛ أي زيولنا مثل بيطر وبيقر ؛ فلما اجتمعت الياء والواو على الشرط المعروف قلبت ياء.

وقيل : هو من زلت الشيء أزيله ، فعينه على هذا ياء ؛ فيحتمل على هذا أن تكون فعّلنا وفيعلنا.

٣٠ ـ (هُنالِكَ تَبْلُوا) : يقرأ بالباء ؛ أي تختبر عملها. ويقرأ بالتاء ؛ أي تتبع ، أو تقرأ في الصحيفة.

٣٣ ـ (أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) : أن وما عملت فيه موضع رفع بدلا من كلمة. أو خبر مبتدأ محذوف ، أو في موضع نصب ؛ أي لأنهم. أو في موضع جر على إعمال اللام محذوفة.

٣٥ ـ (أَمَّنْ لا يَهِدِّي) : فيها قراءات قد ذكرنا مثلها في قوله : (يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ) ، ووجّهناها هناك.

وأما (إِلَّا أَنْ يُهْدى) فهو مثل قوله : (إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا) ؛ وقد ذكر في النساء ، وله نظائر قد ذكرت أيضا.

(فَما لَكُمْ) : مبتدأ وخبر ؛ أيّ أي شيء لكم في الإشراك.

و (كَيْفَ تَحْكُمُونَ) ـ مستأنف ؛ أي كيف تحكمون بأنّ له شريكا.

٣٦ ـ (لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) : في موضع المصدر ؛ أي إغناء.

ويجوز أن يكون مفعولا ليغنى. و «من الحق» حال منه.

٣٧ ـ (وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ) : «هذا» اسم كان ، والقرآن نعت له ، أو عطف بيان.

و (أَنْ يُفْتَرى) : فيه ثلاثة أوجه :

أحدها ـ أنه خبر كان ؛ أي وما كان القرآن افتراء ، والمصدر هنا بمعنى المفعول ؛ أي مفترى.

والثاني ـ التقدير : ما كان القرآن ذا افتراء.

والثالث ـ أنّ خبر كان محذوف ؛ والتقدير : ما كان هذا القرآن ممكنا أن يفترى. وقيل التقدير : لأن يفترى.

و (تَصْدِيقَ) : مفعول له ؛ أي ولكن أنزل للتصديق.

وقيل التقدير : ولكن كان التصديق الذي ؛ أي مصدق الذي.

(وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ) : مثل تصديق.

(لا رَيْبَ فِيهِ) : يجوز أن يكون حالا من الكتاب ، و «الكتاب» مفعول في المعنى. ويجوز أن يكون مستأنفا.

(مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) : يجوز أن يكون حالا أخرى ، وأن يكون متعلّقا بالمحذوف ؛ أي ولكن أنزل من رب العالمين.

٣٩ ـ (كَيْفَ كانَ) : «كيف» خبر كان ، و (عاقِبَةُ) : اسمها.

٤٢ ـ (مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) : الجمع محمول على معنى «من» ، والإفراد في قوله تعالى :

٤٢ ـ (مَنْ يَنْظُرُ) محمول على لفظها.

٤٤ ـ (لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً) : يجوز أن يكون مفعولا ؛ أي لا ينقصهم. شيئا ، وأن يكون في موضع المصدر.

٤٥ ـ (كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا) : الكلام كلّه في موضع الحال ، والعامل فيه (يَحْشُرُهُمْ) ، وكأنّ هاهنا مخفّفة من الثقيلة ، واسمها محذوف ؛ أي كأنهم.

و (ساعَةً) : ظرف ليلبثوا ، و (مِنَ النَّهارِ) : نعت لساعة.

وقيل : «كأن لم» صفة اليوم ، والعائد محذوف ؛ أي لم يلبثوا قبله.

وقيل : هو نعت لمصدر محذوف ؛ أي حشرا كأن لم يلبثوا قبله ، والعامل في (يَوْمَ) اذكر.

١٩٤

(يَتَعارَفُونَ) : حال أخرى ، والعامل فيها «يحشرهم» ؛ وهي حال مقدرة ؛ لأنّ التعارف لا يكون حال الحشر.

(قَدْ خَسِرَ) : يجوز أن يكون مستأنفا ؛ ويجوز أن يكون التقدير : يقولون : قد خسر ، والمحذوف حال من الضمير في يتعارفون.

٤٦ ـ (ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ) : «ثم» هاهنا غير مقتضية ترتيبا في المعنى ، وإنّما رتبت الأخبار بعضها على بعض ، كقولك زيد عالم ، ثم هو كريم.

٥٠ ـ (ما ذا يَسْتَعْجِلُ) : قد ذكرنا في «ماذا» في البقرة عند قوله تعالى : (ما ذا يُنْفِقُونَ) قولين ، وهما مقولان هاهنا.

وقيل فيها قول ثالث ؛ وهو أن تكون «ماذا» اسما واحدا مبتدأ ، و (يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ) الخبر ، وقد ضعّف ذلك من حيث إنّ الخبر هاهنا جملة من فعل وفاعل ، ولا ضمير فيه يعود على المبتدأ.

وردّ هذا القول بأنّ العائد الهاء في «منه» ، فهو كقولك : زيد أخذت منه درهما.

٥١ ـ (آلْآنَ) : فيها كلام قد ذكر مثله في البقرة ، والناصب لها محذوف ، تقديره : آمنتم الآن.

٥٣ ـ (أَحَقٌّ هُوَ) : مبتدأ ، و «هو» مرفوع به ؛ ويجوز أن يكون «هو» مبتدأ ، و «أحقّ» الخبر ، وموضع الجملة نصب بيستنبئونك.

و (إِي) : بمعنى نعم.

٥٤ ـ (وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ) : مستأنف ؛ وهو حكاية ما يكون في الآخرة.

وقيل : هو بمعنى المستقبل. وقيل : قد كان ذلك في الدنيا.

٥٧ ـ (وَشِفاءٌ) : هو مصدر في معنى الفاعل ؛ أي وشاف.

وقيل : هو في معنى المفعول ؛ أي المشفيّ به.

٥٨ ـ (فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا) : الفاء الأولى مرتبطة بما قبلها ، والثانية بفعل محذوف ؛ تقديره :

فليعجبوا بذلك فليفرحوا ، كقولهم : زيدا فاضربه ؛ أي تعمّد زيدا فاضربه.

وقيل الفاء الأولى زائدة.

والجمهور على الياء ، وهو أمر للغائب ؛ وهو رجوع من الخطاب إلى الغيبة.

ويقرأ بالتاء على الخطاب كالذي قبله.

٥٩ ـ (أَرَأَيْتُمْ) : قد ذكر في الأنعام.

(اللهُ) مثل : «الذكرين» ، وقد ذكر في الأنعام.

٦١ ـ (فِي شَأْنٍ) : خبر كان.

(وَما تَتْلُوا) : ما نافية ؛ و (مِنْهُ) ؛ أي من الشأن ؛ أي من أجله ، و (مِنْ قُرْآنٍ) : مفعول تتلو ، ومن زائدة.

(إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ) : ظرف ل «شهودا».

(مِنْ مِثْقالِ) : في موضع رفع بيعزب ، ويعزب ـ بضم الزاي وكسرها لغتان ، وقد قرئ بهما.

(وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ) : بفتح الراء في موضع جرّ صفة ل (ذَرَّةٍ) ، أو ل «مثقال» على اللفظ. ويقرآن بالرفع حملا على موضع من مثقال. والذي في سبأ يذكر في موضعه إن شاء الله تعالى.

(إِلَّا فِي كِتابٍ) : أي إلا هو في كتاب ، والاستثناء منقطع.

٦٣ ـ (الَّذِينَ آمَنُوا) : يجوز أن يكون مبتدأ ، وخبره (لَهُمُ الْبُشْرى) ؛ ويجوز أن يكون خبرا ثانيا لإنّ ، أو خبر ابتداء محذوف ؛ أي هم الذين. ويجوز أن يكون منصوبا بإضمار أعني ، أو صفة لأولياء بعد الخبر.

وقيل : يجوز أن يكون في موضع جرّ بدلا من الهاء والميم في (عَلَيْهِمْ).

(فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) : يجوز أن تتعلق «في» بالبشرى ، وأن تكون حالا منها ، والعامل الاستقرار.

١٩٥

و (لا تَبْدِيلَ) : مستأنف.

٦٥ ـ (إِنَّ الْعِزَّةَ) : هو مستأنف ، والوقف على ما قبله.

٦٦ ـ (وَما يَتَّبِعُ) : فيه وجهان :

أحدهما ـ هي نافية ، ومفعول يتّبع محذوف دلّ عليه قوله : (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ).

و (شُرَكاءَ) : مفعول (يَدْعُونَ) ؛ ولا يجوز أن يكون مفعول «يتّبعون» ؛ لأنّ المعنى يصير إلى أنّهم لم يتّبعوا شركاء ، وليس كذلك.

والوجه الثاني ـ أن تكون «ما» استفهاما في موضع نصب ب «يتبع».

٦٨ ـ (إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ) : إن هاهنا بمعنى «ما» لا غير.

(بِهذا) : يتعلّق بسلطان ، أو نعت له.

٧٠ ـ (مَتاعٌ فِي الدُّنْيا) : خبر مبتدأ محذوف ، تقديره : افتراؤهم ، أو حياتهم ، أو تقلّبهم ، ونحو ذلك.

٧١ ـ (إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ) : «إذ» ظرف ، والعامل فيه (نَبَأَ) ؛ ويجوز أن يكون حالا.

(فَعَلَى اللهِ) : الفاء جواب الشرط. والفاء في (فَأَجْمِعُوا) عاطفة على الجواب ، وأجمعوا بقطع الهمزة من قولك : أجمعت على الأمر ؛ إذا عزمت عليه ؛ إلا أنه حذف حرف الجر فوصل الفعل بنفسه.

وقيل : هو متعدّ بنفسه في الأصل ، ومنه قول الحارث :

أجمعوا أمرهم بليل فلما

أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء

وأمّا (شُرَكاءَكُمْ) فالجمهور على النصب ، وفيه أوجه :

أحدها ـ هو معطوف على (أَمْرَكُمْ) ؛ تقديره :

وأمر شركائكم ؛ فأقام المضاف إليه مقام المضاف.

والثاني ـ هو مفعول معه ، تقديره : مع شركائكم.

والثالث ـ هو منصوب بفعل محذوف ؛ أي وأجمعوا شركاءكم.

وقيل : التقدير : وادعوا شركاءكم.

ويقرأ بالرفع ، وهو معطوف على الضمير في «أجمعوا».

ويقرأ : «فاجمعوا» بوصل الهمزة وفتح الميم ؛ والتقدير : ذوي أمركم ، لأنّك تقول : جمعت القوم ، وأجمعت الأمر ، ولا تقول : جمعت الأمر على هذا المعنى. وقيل : لا حذف فيه ؛ لأنّ المراد بالجمع هنا ضمّ بعض أمورهم إلى بعض.

(ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَ) : يقرأ بالقاف والضاد ؛ من قضيت الأمر ، والمعنى : اقضوا ما عزمتم عليه من الإيقاع بي.

ويقرأ بفتح الهمزة ، والفاء والضاد ، والمصدر منه الإفضاء ، والمعنى : صلوا إلي ؛ ولام الكلمة واو ، يقال : فضا المكان يفضو ؛ إذا اتّسع.

٧٤ ـ (مِنْ بَعْدِهِ) : الهاء تعود على نوح عليه‌السلام.

(فَما كانُوا) : الواو ضمير القوم ، والضمير في (كَذَّبُوا) يعود على قوم نوح ، والهاء في (بِهِ) لنوح.

والمعنى : فما كان قوم الرسل الذين بعد نوح ليؤمنوا بالذي كذّب به قوم نوح ؛ أي بمثله.

ويجوز أن تكون الهاء لنوح ، ولا يكون فيه حذف ، والمعنى : فما كان قوم الرسل الذين بعد نوح ليؤمنوا بنوح عليه‌السلام.

٧٧ ـ (أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَكُمْ) : المحكي بيقول محذوف ؛ أي أتقولون له : هو سحر! ثم استأنف ، فقال : (سِحْرٌ هذا)؟ وسحر خبر مقدم ، وهذا مبتدأ.

٧٨ ـ (الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ) : هو اسم كان ، و (لَكُمَا) خبرها. وفي الأرض ظرف للكبرياء منصوب بها ، أو بكان ، أو بالاستقرار في «لكما».

١٩٦

ويجوز أن يكون حالا من الكبرياء ، أو من الضمير في «لكما».

٨١ ـ (ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ) : يقرأ بالاستفهام ؛ فعلى هذا تكون «ما» استفهاما ، وفي موضعها وجهان.

أحدهما ـ نصب بفعل محذوف موضعه بعد ما ، تقديره : أي شيء أتيتم به ، و «جئتم به» يفسّر المحذوف.

فعلى هذا في قوله «السحر» وجهان :

أحدهما : هو خبر مبتدأ محذوف ؛ أي هو السحر.

والثاني : أن يكون الخبر محذوفا ؛ أي السحر هو.

والثاني ـ موضعها رفع بالابتداء ، و «جئتم به» الخبر.

و «السحر» فيه وجهان : أحدهما ـ ما تقدّم من الوجهين.

والثاني ـ هو بدل من موضع «ما» ؛ كما تقول : ما عندك ؛ أدينار أم درهم؟

ويقرأ على لفظ الخبر وفيه وجهان :

أحدهما ـ استفهام أيضا في المعنى ، وحذفت الهمزة للعلم بها.

والثاني ـ هو خبر في المعنى ؛ فعلى هذا تكون «ما» بمعنى الذي ، و «جئتم به» صلتها ، والسّحر خبرها.

ويجوز أن تكون «ما» استفهاما ، والسحر خبر مبتدأ محذوف.

٨٣ ـ (وَمَلَائِهِمْ) : فيما يعود الهاء والميم إليه أوجه :

أحدها ـ هو عائد على الذريّة ، ولم تؤنّث ؛ لأنّ الذرية قوم ؛ فهو مذكّر في المعنى.

والثاني ـ هو عائد على القوم.

والثالث ـ يعود على فرعون ؛ وإنما جمع لوجهين :

أحدهما ـ أنّ فرعون لما كان عظيما عندهم عاد الضمير إليه بلفظ الجمع ، كما يقول العظيم : نحو نأمر.

والثاني ـ أنّ فرعون صار اسما لأتباعه ؛ كما أنّ ثمود اسم للقبيلة كلّها.

وقيل : الضمير يعود على محذوف ؛ تقديره : من آل فرعون وملئهم ؛ أي ملأ الآل ؛ وهذا عندنا غلط ؛ لأنّ المحذوف لا يعود إليه ضمير ؛ إذ لو جاز ذلك لجاز أن تقول : زيد قاموا ، وأنت تريد غلمان زيد قاموا.

(أَنْ يَفْتِنَهُمْ) : هو في موضع جرّ بدلا من فرعون ؛ تقديره : على خوف فتنة من فرعون.

ويجوز أن يكون في موضع نصب بخوف ؛ أي على خوف فتنة فرعون.

٨٧ ـ (أَنْ تَبَوَّءا) : يجوز أن تكون «أن» المفسرة ولا يكون لها موضع من الإعراب. وأن تكون مصدريّة فتكون في موضع نصب بأوحينا.

والجمهور على تحقيق الهمزة ؛ ومنهم من جعلها ياء وهي مبدلة من الهمزة تخفيفا.

(لِقَوْمِكُما) : فيه وجهان :

أحدهما ـ اللام غير زائدة ، والتقدير : اتّخذا لقومكما بيوتا ؛ فعلى هذا يجوز أن يكون لقومكما أحد مفعولي تبوّا ، وأن يكون حالا من البيوت.

والثاني ـ اللام زائدة ، والتقدير : بوّءا قومكما بيوتا ؛ أي أنزلاهم ، وتفعّل وفعّل بمعنى ، مثل علقها وتعلّقها.

فأما قوله : (بِمِصْرَ) فيجوز أن يتعلّق بتبوّءا ، وأن يكون حالا من البيوت ، وأن يكون حالا من قومكما.

وأن يكون حالا من ضمير الفاعل في تبوّا ، وفيه ضعف.

(وَاجْعَلُوا) ـ (وَأَقِيمُوا) : إنما جمع فيهما ؛ لأنه أراد موسى وهارون صلوات الله عليهما وقومهما ، وأفرد في قوله : (وَبَشِّرِ) ؛ لأنه أراد موسى عليه‌السلام وحده ؛ إذ كان هو الرسول ، وهارون وزيرا له ؛ فموسى عليه‌السلام هو الأصل.

٨٨ ـ (فَلا يُؤْمِنُوا) : في موضعه وجهان :

أحدهما ـ النصب ، وفيه وجهان : أحدهما : هو معطوف على (لِيُضِلُّوا). والثاني : هو جواب الدعاء في قوله : اطمس. واشدد.

والقول الثاني ـ موضعه جزم ؛ لأن معناه الدعاء ، كما تقول : لا تعذبني.

٨٩ ـ (وَلا تَتَّبِعانِ) : يقرأ بتشديد النون ، والنون للتوكيد ، والفعل مبني معها ، والنون التي تدخل للرفع ولا وجه لها هاهنا ؛ لأنّ الفعل هنا غير معرب.

ويقرأ بتخفيف النون وكسرها. وفيه وجهان :

أحدهما ـ أنه نهي أيضا ، وحذف النون الأولى من الثقيلة تخفيفا ؛ ولم تحذف الثانية ؛ لأنه لو حذفها لحذف نونا محركة ، واحتاج إلى تحريك الساكنة ، وحذف الساكنة أقلّ تغيرا.

والوجه الثاني ـ أنّ الفعل معرب مرفوع ؛ وفيه وجهان :

أحدهما : هو خبر في معنى النهي ، كما ذكرنا في قوله : (لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ).

والثاني : هو في موضع الحال ، والتقدير : فاستقيما غير متبعين.

٩٠ ـ (وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ) : الباء للتعدية مثل الهمزة ، كقولك : أجزت الرجال البحر.

(بَغْياً وَعَدْواً) : مفعول من أجله ، أو مصدر في موضع الحال.

١٩٧

٩١ ـ (آلْآنَ) : العامل فيه محذوف ، تقديره : أتؤمن الآن.

٩٢ ـ (بِبَدَنِكَ) : في موضع الحال ؛ أي عاريا.

وقيل : بجسدك لا روح فيه. وقيل : بدرعك.

٩٣ ـ (مُبَوَّأَ صِدْقٍ) : يجوز أن يكون مصدرا ، وأن يكون مكانا.

٩٨ ـ (إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ) : هو منصوب على الاستثناء المنقطع ؛ لأن المستثنى منه القرية ، وليست من جنس القوم.

وقيل : هو متّصل ؛ لأن التقدير : فلو لا كان أهل قرية.

ولو كان قد قرئ بالرفع لكانت «إلا فيه» بمنزلة غير ، فيكون صفة.

١٠١ ـ (ما ذا فِي السَّماواتِ) : هو استفهام في موضع رفع بالابتداء. وفي السموات الخبر ، و (انْظُرُوا) معلقة عن العمل.

ويجوز أن يكون بمعنى الذي ، وقد تقدم أصل ذلك.

(وَما تُغْنِي) : يجوز أن تكون استفهاما في موضع نصب ، وأن تكون نفيا.

١٠٣ ـ (كَذلِكَ حَقًّا) : فيه ثلاثة أوجه : أحدها ـ أن «كذلك» في موضع نصب صفة لمصدر محذوف ؛ أي إنجاء كذلك. و «حقّا» بدل منه.

والثاني ـ أن يكونا منصوبين ب (نُنْجِ) التي بعدهما.

والثالث ـ أن يكون «كذلك» للأولى ، وحقّا للثانية.

ويجوز أن يكون كذلك خبر المبتدأ ؛ أي الأمر كذلك ، و «حقّا» منصوب بما بعدها.

١٠٥ ـ (وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ) : قد ذكر في الأنعام مثله.

سورة هود

إن جعلت «هودا» اسما للسّورة لم تصرفه للتعريف والتأنيث ؛ ويجوز صرفه لسكون أوسطه عند قوم ، وعند آخرين لا يجوز صرفه بحال ؛ لأنه من تسمية المؤنث بالمذكر ؛ وإن جعلته للنبي عليه‌السلام صرفته.

١ ـ (كِتابٌ) ؛ أي هذا كتاب ؛ ويجوز أن يكون خبر (الر) ؛ أي «الر» وأشباهها كتاب.

(ثُمَّ فُصِّلَتْ) : الجمهور على الضم والتشديد.

ويقرأ بالفتح والتخفيف وتسمية الفاعل ؛ والمعنى : ثم فرقّت ، كقوله : (فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ) ؛ أي فارق.

(مِنْ لَدُنْ) : يجوز أن يكون صفة ؛ أي كائن من لدن ؛ ويجوز أن يكون مفعولا ، والعامل فيه فصلت.

وبنيت «لدن» وإن أضيفت : لأنّ علّة بنائها خروجها عن نظيرها ؛ لأن لدن بمعنى عند ، ولكن هي مخصوصة بملاصقة الشيء وشدّة مقاربته ، و «عند» ليست كذلك ؛ بل هي للقريب وما بعد عنه ، وبمعنى الملك.

٢ ـ (أَلَّا تَعْبُدُوا) : في «أن» ثلاثة أوجه :

أحدها ـ هي مخفّفة من الثقيلة.

والثاني ـ أنها الناصبة للفعل ؛ وعلى الوجهين موضعها رفع ، تقديره هي أن لا تعبدوا ؛ ويجوز أن يكون التقدير : بأن لا تعبدوا ، فيكون موضعها جرّا أو نصبا على ما حكينا من الخلاف.

والوجه الثالث ـ أن تكون «أن» بمعنى أي ؛ فلا يكون لها موضع ، ولا تعبدوا نهي.

و (مِنْهُ) ؛ أي من الله ؛ والتقدير : نذير كائن منه ، فلما قدّمه صار حالا.

ويجوز أن يتعلّق بنذير ؛ ويكون التقدير : إنني لكم نذير من أجل عذابه.

١٩٨

٣ ـ (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا) : «أن» معطوفة على «أن» الأولى ، وهي مثلها فيما ذكر.

(وَإِنْ تَوَلَّوْا) : أي يتولّوا.

٥ ـ (يَثْنُونَ) : الجمهور على فتح الياء وضمّ النون ، وماضيه ثنى.

ويقرأ كذلك إلا أنه بضمّ الياء وماضيه أثنى ؛ ولا يعرف في اللغة ، إلا أن يقال معناه عرضوها للإثناء ، كما تقول : أبعت الفرس إذا عرّضته للبيع.

ويقرأ بالياء مفتوحة وسكون الثاء ونون مفتوحة وبعدها همزة مضمومة بعدها نون مفتوحة مشدّدة مثل يقرؤن ؛ وهو من ثنيت ؛ إلا أنه قلب الياء واوا لانضمامها ، ثم همزها لانضمامها.

ويقرأ يثنوني مثل يعشوشب ، وهو يفعوعل ، من ثنيت ، والصدور فاعل.

ويقرأ كذلك إلا أنه بحذف الياء الأخيرة تخفيفا لطول الكلمة.

ويقرأ بفتح الياء والنون وهمزة مكسورة بعدها نون مرفوعة مشددة ، وأصل الكلمة يفعوعل من الثني ، إلا أنه أبدل الواو المكسورة همزة كما أبدلت في وسادة ، فقالوا : إسادة ، وقيل : أصلها يفعال مثل يحمارّ ، فأبدلت الألف همزة ؛ كما قالوا : ابياضّ. (أَلا حِينَ) : العامل في الظرف محذوف ؛ أي : ألا يستغشون ثيابهم يستخفون. ويجوز أن يكون ظرفا ليعلم.

٦ ـ (مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها) : مكانان ؛ ويجوز أن يكونا مصدرين ؛ كما قال الشاعر : ألم تعلم مسرّحي القوافي ؛ أي تسريحى.

٨ ـ (وَلَئِنْ) : اللام لتوطئة القسم ، والقسم محذوف ؛ وجوابه (لَيَقُولُنَّ).

٩ ـ ومثله : (وَلَئِنْ أَذَقْنَا) ، وجواب القسم (إِنَّهُ لَيَؤُسٌ) ، وسدّ القسم وجوابه مسدّ جواب الشّرط.

(أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ) : يوم ظرف ل (مَصْرُوفاً) ؛ أي لا يصرف عنهم يوم يأتيهم ؛ وهذا يدلّ على جواز تقديم خبر ليس عليها.

وقال بعضهم : العامل فيه محذوف دلّ عليه الكلام ؛ أي لا يصرف عنهم العذاب يوم يأتيهم ؛ واسم ليس مضمر فيها ؛ أي ليس العذاب مصروفا.

١٠ ـ (لَفَرِحٌ) : يقرأ بكسر الراء وضمّها ، وهما لغتان ؛ مثل يقظ ويقظ ، وحذر وحذر.

١١ ـ (إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا) : في موضع نصب ، وهو استثناء متصل ، والمستثنى منه الإنسان.

وقيل هو منفصل. وقيل : هو في موضع رفع على الابتداء ، و (أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) : خبره.

١٢ ـ (وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ) : صدرك مرفوع بضائق ؛ لأنه معتمد على المبتدأ.

وقيل : هو مبتدأ ، وضائق خبر مقدم ، وجاء «ضائق» على فاعل ، من ضاق يضيق.

(أَنْ يَقُولُوا) ؛ أي مخافة أن يقولوا. وقيل : لأن يقولوا ؛ أي : لأن قالوا ؛ فهو بمعنى الماضي.

١٦ ـ (وَباطِلٌ) : خبر مقدم ، و (ما كانُوا) المبتدأ ، والعائد محذوف ؛ أي يعملونه.

وقرئ : باطل بالنصب ، والعامل فيه (يَعْمَلُونَ) ، وما زائدة.

١٧ ـ (أَفَمَنْ كانَ) : في موضع رفع بالابتداء ، والخبر محذوف ؛ تقديره : أفمن كان على هذه الأشياء كغيره.

(وَيَتْلُوهُ) : في الهاء عدة أوجه :

أحدها ـ يرجع على «من» ، وهو النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والتقدير : ويتلو محمدا ؛ أي صدق محمد.

(شاهِدٌ مِنْهُ) : أي لسانه.

وقيل : الشاهد جبريل عليه‌السلام. والهاء في «منه» لله ، وفي (مِنْ قَبْلِهِ) للنبي.

١٩٩

و (كِتابُ مُوسى) : معطوف على الشاهد.

وقيل : الشّاهد الإنجيل ، والمعنى أنّ التوراة والإنجيل يتلوان محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم في التصديق ، وقد فصل بين حرف العطف والمعطوف بقوله : (وَمِنْ قَبْلِهِ) ؛ أي وكتاب موسى عليه‌السلام من قبله.

والوجه الثاني ـ أنّ الهاء للقرآن ، أي ويتلو القرآن شاهد من محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ؛ وهو لسانه. وقيل : جبريل عليه‌السلام.

والثالث ـ أنها تعود على البيان الذي دلّت عليه البينة.

وقيل : تمام الكلام عند قوله «منه» ، ومن قبله كتاب موسى عليه‌السلام ابتداء وخبر.

و (إِماماً وَرَحْمَةً) : حالان.

وقرئ : كتاب موسى ـ بالنصب ؛ أي ويتلو كتاب موسى.

(فِي مِرْيَةٍ) : يقرأ بالكسر والضمّ ، وهما لغتان.

٢٠ ـ (يُضاعَفُ لَهُمُ) : مستأنف.

(ما كانُوا) : في «ما» ثلاثة أوجه :

أحدها ـ بمعنى الذي ؛ والمعنى يضاعف لهم بما كانوا ، فلما حذف الحرف نصب.

والثاني ـ هي مصدرية ، والتقدير : مدّة ما كانوا يستطيعون. والثالث ـ هي نافية ؛ أي من شدة بغضهم له لم يستطيعوا الإصغاء إليه.

٢٢ ـ (لا جَرَمَ) : فيه أربعة أقوال :

أحدها ـ أن «لا» ردّ لكلام ماض ؛ أي ليس الأمر كما زعموا ، وجرم فعل ، وفاعله مضمر فيه.

و (أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ) : في موضع نصب ، والتقدير : كسبهم قولهم خسرانهم في الآخرة.

والقول الثاني ـ أن «لا جرم» كلمتان ركّبتا وصارتا بمعنى حقّا ، و «أنّ» في موضع رفع بأنه فاعل لحق ؛ أي حقّ خسرانهم.

والثالث ـ أنّ المعنى لا محالة خسرانهم ؛ فيكون في موضع رفع أيضا. وقيل : في موضع نصب أو جرّ ؛ إذ التقدير : لا محالة في خسرانهم.

والرابع ـ أنّ المعنى لا منع من أنهم خسروا ، فهو في الإعراب كالذي قبله.

٢٤ ـ (مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ) : مبتدأ ، والخبر (كَالْأَعْمى) ؛ والتقدير : كمثل الأعمى ؛ وأحد الفريقين الأعمى والأصم ، والآخر البصير والسميع.

(مَثَلاً) : تمييز

٢٥ ـ (إِنِّي لَكُمْ) : يقرأ بكسر الهمزة ، على تقدير : فقال : إني. وبفتحها على تقدير : بأنّي ، وهو في موضع نصب ؛ أي أرسلناه بالإنذار ؛ أي منذرا.

٢٦ ـ (أَنْ لا تَعْبُدُوا) : هو مثل الذي في أوّل السورة.

٢٧ ـ (ما نَراكَ) : يجوز أن يكون من رؤية العين ، وتكون الجملة بعده في موضع الحال ، «وقد» معه مرادة.

ويجوز أن يكون من رؤية القلب ؛ فتكون الجملة في موضع المفعول الثاني.

والأراذل : جمع أرذال ، وأرذال : جمع رذل ؛ وقيل الواحد أرذل ، والجمع أراذل ؛ وجمع على هذه الزّنة وإن كان وصفا ؛ لأنه غلب فصار كالأسماء. ومعنى غلبته أنه لا يكاد يذكر الموصوف معه ؛ وهو مثل الأبطح والأبرق.

(بادِيَ الرَّأْيِ). يقرأ بهمزة بعد الدال ، وهو من بدأ يبدا ، إذا فعل الشيء أولا.

ويقرأ بياء مفتوحة. وفيه وجهان :

أحدهما ـ أنّ الهمزة أبدلت ياء لانكسار ما قبلها.

والثاني ـ أنه من بدا يبدو ، إذا ظهر.

٢٠٠