التبيان في إعراب القرآن

محبّ الدين عبدالله بن الحسين البغدادي [ أبي البقاء العكبري ]

التبيان في إعراب القرآن

المؤلف:

محبّ الدين عبدالله بن الحسين البغدادي [ أبي البقاء العكبري ]


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: بيت الأفكار الدوليّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٧

(إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ) : هو مثل : (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ).

(لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ) : الجملة في موضع الحال من الضمير في «هلك».

(وَلَهُ أُخْتٌ) : جملة حالية أيضا ، وجواب الشرط (فَلَها).

(وَهُوَ يَرِثُها) : مستأنف لا موضع له ، وقد سدّت هذه الجملة مسدّ جواب الشرط الذي هو قوله : (إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ).

(فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ) : الألف في كانتا ضمير الأختين ، ودلّ على ذلك قوله : (وَلَهُ أُخْتٌ). هو ضمير من ، والتقدير : فإن كان من يرث ثنتين ، وحمل ضمير «من» على المعنى ؛ لأنّها تستعمل في الإفراد والتثنية والجمع بلفظ واحد.

فإن قيل : من شرط الخبر أن يفيد مالا يفيده المبتدأ ، والألف قد دلّت على الاثنين.

قيل : الفائدة في قوله : اثنتين ـ بيان أنّ الميراث ـ وهو الثلثان هاهنا ـ مستحقّ بالعدد مجرّدا عن الصّغر والكبر وغيرهما ؛ فلهذا كان مفيدا.

(مِمَّا تَرَكَ) : في موضع الحال من (الثُّلُثانِ).

(وَإِنْ كانُوا) : الضمير للورثة ، وقد دلّ عليه ما تقدّم.

(فَلِلذَّكَرِ) ؛ أي منهم.

(أَنْ تَضِلُّوا) : فيه ثلاثة أوجه :

أحدها ـ هو مفعول يبين ؛ أي يبيّن لكم ضلالكم ؛ لتعرفوا الهدى.

والثاني ـ هو مفعول له ، تقديره : مخافة أن تضلّوا.

والثالث ـ تقديره : لئلّا تضلّوا ، وهو قول الكوفيين. ومفعول يبين على الوجهين محذوف ؛ أي يبيّن لكم الحقّ.

سورة المائدة

١ ـ (إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) : في موضع نصب على الاستثناء من (بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ) ، والاستثناء متّصل ؛ والتقدير : أحلّت لكم بهيمة الأنعام إلا الميتة ، وما أهلّ لغير الله به ، وغيره مما ذكر في الآية الثالثة من السورة.

(غَيْرَ) : حال من الضمير المجرور في عليكم ، أو لكم.

وقيل : هو حال من ضمير الفاعل في (أَوْفُوا).

و (مُحِلِّي) : اسم فاعل مضاف إلى المفعول ، وحذفت النون للإضافة. و (الصَّيْدِ) : مصدر بمعنى المفعول ؛ أي المصيد.

ويجوز أن يكون على بابه هاهنا ؛ أي غير محلّين.

الاصطياد في حال الإحرام.

٢ ـ (وَلَا الْقَلائِدَ) : أي ولا ذوات القلائد ؛ لأنّها جمع قلادة ؛ والمراد تحريم المقلّدة لا القلادة.

(وَلَا آمِّينَ) : أي ولا قتال آمين ، أو أذى آمّين.

وقرئ في الشاذ : «ولا آمّي البيت» ـ بحذف النون والإضافة.

(يَبْتَغُونَ) : في موضع الحال من الضمير في آمّين. ولا يجوز أن يكون صفة لآمّين ؛ لأنّ اسم الفاعل إذا وصف لم يعمل في الاختيار.

(فَاصْطادُوا) : قرئ في الشاذ بكسر الفاء ، وهي بعيدة من الصواب. وكأنه حرّكها بحركة همزة الوصل.

(وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) : الجمهور على فتح الياء ، وقرئ بضمها ، وهما لغتان ، يقال : جرم وأجرم ؛ وقيل : جرم متعدّ إلى مفعول واحد ، وأجرم متعدّ إلى اثنين ، والهمزة للنقل ؛ فأما فاعل هذا الفعل فهو «شنآن» ، ومفعوله الأول الكاف والميم.

و (أَنْ تَعْتَدُوا) : هو المفعول الثاني على قول من عدّاه إلى مفعولين ، ومن عدّاه إلى واحد كأنه قدّر حرف الجر مرادا مع «أن تعتدوا».

والمعنى : لا يحملنّكم بغض قوم على الاعتداء.

والجمهور على فتح النون الأولى من شنآن ، وهو مصدر كالغليان والنزوان.

ويقرأ بسكونها ، وهو صفة مثل عطشان وسكران ؛ والتقدير على هذا : لا يحملنكم بغض قوم ؛ أي عداوة قوم.

وقيل : من سكن أراد المصدر أيضا ؛ لكنه خفّف لكثرة الحركات. وإذا حركت النون كان مصدرا مضافا إلى المفعول ؛ أي لا يحملنّكم بغضكم لقوم.

ويجوز أن يكون مضافا إلى الفاعل ؛ أي بغض قوم إياكم. (أَنْ صَدُّوكُمْ) : يقرأ بفتح الهمزة وهي مصدرية ؛ والتقدير : لأن صدّوكم ، وموضعه نصب ، أو جرّ على الاختلاف في نظائره.

ويقرأ بكسرها على أنها شرط.

والمعنى : إن يصدّوكم مثل ذلك الصدّ الذي وقع منهم ؛ أو يستديموا الصدّ ؛ وإنما قدّر بذلك لأنّ الصدّ كان قد وقع من الكفار للمسلمين.

(وَلا تَعاوَنُوا) : يقرأ بتخفيف التاء على أنه حذف التاء الثانية تخفيفا ، أو بتشديدها إذا وصلتها بلا على إدغام إحدى التاءين في الأخرى. وساغ الجمع بين ساكنين ؛ لأنّ الأول منهما حرف مد.

٣ ـ (الْمَيْتَةُ) : أصلها الميّتة.

(وَالدَّمُ) : أصله دمى.

(وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) : قد ذكر ذلك كلّه في البقرة.

(وَالنَّطِيحَةُ) : بمعنى المنطوحة. ودخلت فيها الهاء ، لأنّها لم تذكر الموصوفة معها ، فصارت كالاسم. فإن قلت : شاة نطيح لم تدخل الهاء.

(وَما أَكَلَ السَّبُعُ) : «ما» بمعنى الذي ، وموضعه رفع عطفا على الميتة ؛ والأكثر ضمّ الباء من السبع ، وتسكينها لغة ، وقد قرئ به.

١٢١

(إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) : في موضع نصب استثناء من الموجب قبله ، والاستثناء راجع الى المتردّية ، والنّطيحة ، وأكيلة السبع.

(وَما ذُبِحَ) : مثل : (وَما أَكَلَ السَّبُعُ).

(عَلَى النُّصُبِ) : فيه وجهان :

أحدهما ـ هو متعلّق بذبح تعلّق المفعول بالفعل ؛ أي ذبح على الحجارة التي تسمى نصبا ، أي ذبحت في ذلك الموضع.

والثاني ـ أنّ النّصب الأصنام ؛ فعلى هذا في «على» وجهان :

أحدهما : هي بمعنى اللام ؛ أي لأجل الأصنام ؛ فتكون مفعولا له.

والثاني : أنها على أصلها ، وموضعه حال ؛ أي وما ذبح مسمّى على الأصنام.

وقيل نصب ـ بضمتين ، ونصب ـ بضمّ النون وإسكان الصاد ، ونصب ـ بفتح النون وإسكان الصاد ؛ وهو مصدر بمعنى المفعول.

وقيل : يجوز فتح النون والصاد أيضا ، وهو اسم بمعنى المنصوب ، كالقبض والنّقض بمعنى المقبوض والمنقوض.

(وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا) : في موضع رفع عطفا على الميتة. و (الأزلام) : جمع زلم : وهو القدح الذي كانوا يضربون به على أيسار الجزور.

(ذلِكُمْ فِسْقٌ) : مبتدأ ، وخبر. وذلكم إشارة إلى جميع المحرمات في الآية. ويجوز أن يرجع إلى الاستقسام.

(الْيَوْمَ) : ظرف ل (يَئِسَ) ، و (الْيَوْمَ) الثاني ظرف ل (أَكْمَلْتُ) ؛ و (عَلَيْكُمْ) يتعلق بأتممت ؛ ولا يتعلّق ب (نِعْمَتِي) ؛ فإن شئت جعلته على التبين ؛ أي أتممت ؛ أعني عليكم.

و (رَضِيتُ) : يتعدّى إلى مفعول واحد ؛ وهو هنا (الْإِسْلامَ).

و (دِيناً) : حال.

وقيل : يتعدى إلى مفعولين ؛ لأنّ معنى رضيت هنا جعلت وصيّرت.

ولكم : يتعلّق برضيت ، وهي للتخصيص.

ويجوز أن يكون حالا من الإسلام ؛ أي رضيت الإسلام لكم.

(فَمَنِ اضْطُرَّ) : شرط في موضع رفع بالابتداء ؛ و (غَيْرَ) حال.

والجمهور على (مُتَجانِفٍ) : بالألف والتخفيف ، وقرئ : «متجنّف» ـ بالتشديد من غير ألف ، يقال : تجانف ، وتجنّف.

(لِإِثْمٍ) : متعلق بمتجانف.

وقيل : اللام بمعنى إلى ؛ أي مائل إلى إثم.

(فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) : أي له ؛ فحذف العائد على المبتدأ.

٤ ـ (ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ) : قد ذكر في البقرة.

(وَما عَلَّمْتُمْ) : «ما» بمعنى الذي ؛ والتقدير : صيد ما علمتم ؛ أو تعليم ما علمتم.

و (مِنَ الْجَوارِحِ) : حال من الهاء المحذوفة ؛ أو من «ما».

والجوارح : جمع جارحة ؛ والهاء فيها للمبالغة ، وهي صفة غالبة ، إذ لا يكاد يذكر معها الموصوف. (مُكَلِّبِينَ) : يقرأ بالتشديد والتخفيف. يقال : كلّبت الكلب ، وأكلبته فكلب ؛ أي أغريته على الصيد ، وآسدته فأستاسد ؛ وهو حال من الضمير في علمتم.

(تُعَلِّمُونَهُنَ) : فيه وجهان :

أحدهما ـ هو مستأنف لا موضع له.

والثاني ـ هو حال من الضمير في مكلّبين.

ولا يجوز أن يكون حالا ثانية ؛ لأنّ العامل الواحد لا يعمل في حالين ؛ ولا يحسن أن يجعل حالا من الجوارح ؛ لأنّك قد فصلت بينهما بحال لغير الجوارح.

(مِمَّا) ؛ أي شيئا مما (عَلَّمَكُمُ اللهُ).

٥ ـ (وَطَعامُ الَّذِينَ) : مبتدأ ، و (حِلٌّ لَكُمْ) : خبره.

ويجوز أن يكون معطوفا على الطيبات. وحلّ لكم خبر مبتدأ محذوف.

(وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) : مبتدأ ، وخبر.

(وَالْمُحْصَناتُ) : معطوف على الطيبات.

ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر محذوف ؛ أي والمحصنات من المؤمنات حلّ لكم أيضا.

و (حِلٌ) : مصدر بمعنى الحلال ؛ فلا يثنّى ولا يجمع.

و (مِنَ الْمُؤْمِناتِ) : حال من الضمير في المحصنات ، أو من نفس المحصنات إذا عطفتها على الطيبات.

(إِذا آتَيْتُمُوهُنَ) : ظرف لأحلّ ، أو ل «حلّ» المحذوفة.

(مُحْصِنِينَ) : حال من الضمير المرفوع في آتيتموهن ؛ فيكون العامل آتيتم.

ويجوز أن يكون العامل أحلّ ، أو «حل» المحذوفة.

(غَيْرَ) : صفة لمحصنين ، أو حال من الضمير الذي فيها.

(وَلا مُتَّخِذِي) : معطوف على غير ؛ فيكون منصوبا.

ويجوز أن يعطف على مسافحين ، وتكون لا لتأكيد النفي.

(وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ) : أي بالمؤمن به ؛ فهو مصدر في موضع المفعول كالخلق بمعنى المخلوق.

وقيل : التقدير بموجب الإيمان ؛ وهو الله.

(وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) : إعرابه مثل إعراب : (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ). وقد ذكر في البقرة.

١٢٢

٦ ـ (إِلَى الْمَرافِقِ) : قيل : إلى بمعنى مع ؛ كقوله : (وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ) ؛ وليس هذا بالمختار.

والصحيح أنها على بابها ، وأنها لانتهاء الغاية ؛ وإنما وجب غسل المرافق بالسنّة وليس بينهما تناقض ؛ لأنّ «إلى» تدل على انتهاء الفعل ، ولا يتعرض بنفي المحدود إليه ولا بإثباته ؛ ألا ترى أنك إذا قلت : سرت إلى الكوفة ، فغير ممتنع أن تكون بلغت أول حدودها ولم تدخلها ، وأن تكون دخلتها ؛ فلو قام الدليل على أنك دخلتها لم يكن مناقضا لقولك : سرت إلى الكوفة ؛ فعلى هذا تكون «إلى» متعلقة باغسلوا.

ويجوز أن تكون في موضع الحال ، وتتعلّق بمحذوف ؛ والتقدير : وأيديكم مضافة إلى المرافق.

(بِرُؤُسِكُمْ) : الباء زائدة. وقال من لا خبرة له بالعربية : الباء في مثل هذا للتبعيض ؛ وليس بشيء يعرفه أهل النحو.

ووجه دخولها أنّها تدلّ على إلصاق المسح بالرأس.

(وَأَرْجُلَكُمْ) : يقرأ بالنصب ، وفيه وجهان :

أحدهما ـ هو معطوف على الوجوه والأيدي ؛ أي فاغسلوا وجوهكم وأيديكم وأرجلكم ؛ وذلك جائز في العربية بلا خلاف ؛ والسنّة الدّالة على وجوب غسل الرّجلين تقوّي ذلك.

والثاني ـ أنه معطوف على موضع برؤوسكم ؛ والأوّل أقوى ، لأنّ العطف على اللفظ أقوى من العطف على الموضع.

ويقرأ في الشذوذ بالرفع على الابتداء ؛ أي وأرجلكم مغسولة كذلك.

ويقرأ بالجر ، وهو مشهور أيضا كشهرة النّصب. وفيها وجهان :

أحدهما ـ أنها معطوفة على الرؤوس في الإعراب ، والحكم مختلف ؛ فالرؤوس ممسوحة والأرجل مغسولة ؛ وهو الإعراب الذي يقال هو على الجوار ؛ وليس بممتنع أن يقع في القرآن لكثرته ، فقد جاء في القرآن والشّعر ؛ فمن القرآن قوله تعالى : (وَحُورٌ عِينٌ) على قراءة من جرّ ، وهو معطوف على قوله : (بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ) ، والمعنى مختلف ؛ إذ ليس المعنى : يطوف عليهم ولدان مخلّدون بحور عين ؛ وقال الشاعر ـ وهو النابغة :

لم يبق إلّا أسير غير منفلت

أو موثق في حبال القدّ مجنوب

والقوافي مجرورة ، والجوار مشهور عندهم في الإعراب ، وقلب الحروف بعضها إلى بعض ، والتأنيث وغير ذلك ، فمن الإعراب ما ذكرنا في العطف ، ومن الصفات قوله : (عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ) ، واليوم ليس بمحيط ، وإنما المحيط العذاب.

وكذلك قوله : (فِي يَوْمٍ عاصِفٍ) ، واليوم ليس بعاصف ، وإنما العاصف الريح.

ومن قلب الحروف قوله عليه الصلاة والسلام :

«ارجعن مأزورات غير مأجورات» ؛ والأصل موزورات ؛ ولكن أريد التآخي.

وكذلك قولهم : إنه لا يأتينا بالغدايا والعشايا.

ومن التأنيث قوله : (فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) ، فحذفت التاء من عشر ، وهي مضافة إلى الأمثال ، وهي مذكّرة ، ولكن لما جاورت الأمثال الضمير المؤنّث أجرى عليها حكمة ، وكذلك قول الشاعر :

لما أتى خبر الزّبير تضعضعت

سور المدينة والجبال الخشع

وقولهم : ذهبت بعض أصابعه.

ومما راعت العرب فيه الجوار قولهم : قامت هند ، فلم يجيزوا حذف التاء إذا لم يفصل بينهما ؛ فإن فصلوا بينهما أجازوا حذفها ، ولا فرق بينهما إلا المجاورة وعدم المجاورة.

ومن ذلك قولهم : قام زيد وعمرا كلمته ـ استحسنوا النّصب بفعل محذوف لمجاورة الجملة اسما قد عمل فيه الفعل.

ومن ذلك قلبهم الواو المجاورة للطرف همزة في قولهم : أوائل ؛ كما لو وقعت طرفا ؛ وكذلك إذا بعدت عن الطرف لا تقلب نحو طواويس ، وهذا موضع يحتمل أن يكتب فيه أوراق من الشواهد ، وقد جعل النحويون له بابا ورتّبوا عليه مسائل ، ثم أصّلوه بقولهم : جحر ضبّ خرب ، حتى اختلفوا في جواز جرّ التثنية والجمع ؛ فأجاز الإتباع فيهما جماعة من حذّاقهم قياسا على المفرد المسموع ، ولو كان لا وجه له في القياس بحال لاقتصروا فيه على المسموع فقط.

ويؤيّد ما ذكرناه أن الجرّ في الآية قد أجيز غيره ، وهو النصب والرفع. والرفع والنصب غير قاطعين ولا ظاهرين على أنّ حكم الرّجلين المسح وكذلك الجرّ يجب أن يكون كالنصب والرفع في الحكم دون الإعراب.

والوجه الثاني : أن يكون جرّ الأرجل بجارّ محذوف ، تقديره : وافعلوا بأرجلكم غسلا ، وحذف الجار وإبقاء الجر جائز ، قال الشاعر :

مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة

ولا ناعب إلّا ببين غرابها

وقال زهير :

بدا لي أني لست مدرك ما مضى

ولا سابق شيئا إذا كان جائيا

فجرّ بتقدير الباء ، وليس بموضع ضرورة.

وقد أفردت لهذه المسألة كتابا.

(إِلَى الْكَعْبَيْنِ) : مثل (إِلَى الْمَرافِقِ). وفيه دليل على وجوب غسل الرجلين ؛ لأنّ المسموح ليس بمحدود ، والتحديد في المغسول الذي أريد بعضه ، وهو قوله : (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) ، ولم يحدّد الوجه ؛ لأنّ المراد جميعه.

١٢٣

(وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) : «منه» في موضع نصب بامسحوا.

(لِيَجْعَلَ) : اللام : غير زائدة ، ومفعول يريد محذوف ، تقديره : ما يريد الله الرخصة في التيمّم ليجعل عليكم حرجا.

وقيل : اللام زائدة ؛ وهذا ضعيف ؛ لأنّ أن غير ملفوظ بها ، وإنّما يصحّ أن يكون الفعل مفعولا ليريد بأن ، ومثله : (وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ) ؛ ـ أي يريد ذلك ليطهّركم.

(عَلَيْكُمْ) : يتعلّق بيتمّ.

ويجوز أن يتعلّق بالنعمة.

ويجوز أن يكون حالا من النعمة.

٧ ـ (إِذْ) : ظرف لواثقكم.

ويجوز أن يكون حالا من الهاء المجرورة ، وأن يكون حالا من الميثاق.

٨ ـ (شُهَداءَ بِالْقِسْطِ) : مثل قوله تعالى : (شُهَداءَ لِلَّهِ). وقد ذكرناه في النساء.

(هُوَ أَقْرَبُ) : هو ضمير العدل ، وقد دلّ عليه اعدلوا ، وأقرب للتقوى قد ذكر في البقرة.

٩ ـ (وَعَدَ اللهُ) : وعد يتعدّى إلى مفعولين يجوز الاقتصار على أحدهما ، والمفعول الأوّل هنا : (الَّذِينَ آمَنُوا). والثاني محذوف استغنى عنه بالجملة التي هي قوله (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) ، ولا موضع لها من الإعراب ؛ لأنّ وعد لا يعلّق عن العمل كما تعلّق ظننت وأخواتها.

١١ ـ (نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ) : يتعلق بنعمة.

ويجوز أن يكون حالا منها ، فيتعلق بمحذوف.

و (إِذْ) : ظرف للنعمة أيضا ؛ وإذا جعلت عليكم حالا جاز أن يعمل في إذ.

(أَنْ يَبْسُطُوا) ؛ أي بأن يبسطوا ، وقد ذكرنا الخلاف في موضعه.

١٢ ـ (مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ) : يجوز أن يتعلّق منهم ببعثنا ، وأن يكون صفة لاثني عشر ، تقدّمت ، فصارت حالا.

وعزّزتموهم : يقرأ بالتشديد والتخفيف. والمعنى واحد.

(قَرْضاً) : يجوز أن يكون مصدرا محذوف الزوائد ، والعامل فيه أقرضتم ؛ أي إقراضا.

ويجوز أن يكون القرض بمعنى المقرض ؛ فيكون مفعولا به.

(لَأُكَفِّرَنَ) : جواب الشرط.

(فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ) : في موضع الحال من الضمير في لاكفّرنّ.

و (سَواءَ السَّبِيلِ) : قد ذكر في البقرة.

١٣ ـ (فَبِما نَقْضِهِمْ) : الباء تتعلّق ب (لَعَنَّاهُمْ) ، ولو تقدّم الفعل لدخلت الفاء عليه ، وما زائدة ، أو بمعنى شيء ، وقد ذكر في النساء.

(وَجَعَلْنا) : يتعدّى إلى مفعولين بمعنى صيّرنا.

و (قاسِيَةً) : المفعول الثاني ، وياؤه واو في الأصل ؛ لأنه من القسوة.

ويقرأ «قسيّة» ، على فعيله ، قلبت الواو ياء ، وأدغمت فيها ياء فعيل ؛ وفعليه هنا للمبالغة بمعنى فاعله. (يُحَرِّفُونَ) : مستأنف ، ويجوز أن يكون حالا من المفعول في لعنّاهم ، وأن يكون حالا من الضمير في قاسية ؛ ولا يجوز أن يكون حالا من القلوب ؛ لأنّ الضمير في يحرّفون لا يرجع إلى القلوب ، ويضعف أن يجعل حالا من الهاء والميم في (قُلُوبَهُمْ).

(عَنْ مَواضِعِهِ) : قد ذكر في النساء.

(عَلى خائِنَةٍ) : أي على طائفة خائنة.

ويجوز أن تكون فاعلة هنا مصدرا ، كالعاقبة والعافية.

و (مِنْهُمْ) : صفة لخائنة.

ويقرأ «خيانة» ، وهي مصدر ، والياء منقلبة عن واو ؛ لقولهم يخون ، وفلان أخون من فلان ، وهو خوّان.

(إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ) : استثناء من خائنة.

ولو قرئ بالجر على البدل لكان مستقيما.

١٤ ـ (وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا) : «من» تتعلق بأخذنا تقديره : وأخذنا من الذين قالوا إنّا نصارى ميثاقهم ، والكلام معطوف على قوله : (وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ). والتقدير : وأخذنا من الذين قالوا إنّا نصارى ميثاقهم.

ولا يجوز أن يكون التقدير : وأخذنا ميثاقهم من الذين قالوا إنّا نصارى ؛ لأنّ فيه إضمارا قبل الذّكر لفظا وتقديرا.

والياء في «وأغرينا» من واو ، واشتقاقه من الغراء ؛ وهو الذي يلصق به ، يقال : سهم مغروّ.

و (بَيْنَهُمُ) : ظرف لأغرينا ، أو حال من (الْعَداوَةَ) ؛ ولا يكون ظرفا للعداوة ؛ لأنّ المصدر لا يعمل فيما قبله.

(إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) : يتعلق بأغرينا ، أو بالبغضاء ، أو بالعداوة ؛ أي تباغضوا إلى يوم القيامة.

١٥ ـ (يُبَيِّنُ لَكُمْ) : حال من رسولنا.

و (مِنَ الْكِتابِ) : حال من الهاء المحذوفة في يخفون.

(قَدْ جاءَكُمْ) : لا موضع له.

(مِنَ اللهِ) : يتعلّق بجاءكم ، أو حال من «نور».

١٦ ـ (يَهْدِي بِهِ اللهُ) : يجوز أن يكون حالا من رسولنا بدلا من يبين ، وأن يكون حالا من الضمير في «يبيّن».

١٢٤

ويجوز أن يكون صفة لنور أو لكتاب. والهاء في «به» تعود على «كتاب» عند من جعل يهدي حالا منه ، أو صفة له ، فلذلك أفرد.

و (مَنِ) : بمعنى الذي ، أو نكرة موصوفة.

و (سُبُلَ السَّلامِ) : المفعول الثاني ليهدي.

ويجوز أن يكون بدلا من رضوانه.

والرّضوان ـ بكسر الراء وضمها لغتان. وقد قرئ بهما.

وسبل ـ بضم الباء والتسكين لغة ، وقد قرئ به.

(بِإِذْنِهِ) ؛ أي بسبب أمره المنزّل على رسوله.

١٧ ـ (فَمَنْ يَمْلِكُ) : أي قل لهم ، ومن استفهام تقرير.

و (مِنَ اللهِ) : يجوز أن يكون حالا متعلقا بيملك ، وأن يكون حالا من شيء ، و (جَمِيعاً) : حال من المسيح ، وأمه ، ومن في الأرض.

ويجوز أن يكون حالا من «من» وحدها ، ومن هاهنا عام سبقه خاصّ من جنسه ، وهو المسيح وأمّه.

(يَخْلُقُ) : مستأنف.

١٨ ـ (قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ) ؛ أي قل لهم.

(بَلْ أَنْتُمْ) : ردّ لقولهم : (نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ) ، وهو محكيّ بقل.

١٩ ـ (عَلى فَتْرَةٍ) : في موضع الحال من الضمير في يبيّن.

ويجوز أن يكون حالا من الضمير المجرور في لكم.

و (مِنَ الرُّسُلِ) : نعت لفترة.

(أَنْ تَقُولُوا) ؛ أي مخافة أن تقولوا.

(وَلا نَذِيرٍ) : معطوف على لفظ بشير ، ويجوز في الكلام الرفع على موضع من بشير.

٢٠ ـ (نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ) ، هو مثل قوله : (نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ). وقد ذكر.

٢١ ـ (عَلى أَدْبارِكُمْ) : حال من الفاعل في ترتدّوا.

(فَتَنْقَلِبُوا) : يجوز أن يكون مجزوما عطفا على ترتدوا ، وأن يكون منصوبا على جواب النهي.

٢٢ ـ (فَإِنَّا داخِلُونَ) ؛ أي داخلوها ؛ فحذف المفعول لدلالة الكلام عليه.

٢٣ ـ (مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ) : في موضع رفع صفة لرجلين.

ويخافون صلة الذين ، والواو العائد. ويقرأ بضمّ الياء على ما لم يسم فاعله. وله معنيان :

أحدهما ـ هو من قولك : خيف الرجل ؛ أي خوّف.

والثاني ـ أن يكون المعنى يخافهم غيرهم ؛ كقولك : فلان مخوف ؛ أي يخافه الناس.

(أَنْعَمَ اللهُ) : صفة أخرى لرجلين.

ويجوز أن يكون حالا ، «وقد» معه مقدّرة ، وصاحب الحال رجلان ، أو الضمير في الذين.

٢٤ ـ (ما دامُوا) : هو بدل من أبدا ؛ لأنّ ما مصدرية تنوب عن الزمان ، وهو بدل بعض.

و (هاهُنا) : ظرف ل (قاعِدُونَ) ، والاسم «هنا» ، وها للتنبيه ، مثل التي في قولك : هذا ، وهؤلاء.

٢٥ ـ (وَأَخِي) : في موضعه وجهان :

أحدهما ـ نصب عطفا على نفسي ، أو على اسم إنّ.

والثاني ـ رفع عطفا على الضمير في أملك ؛ أي ولا يملك أخي إلا نفسه.

ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر محذوف ؛ أي وأخي كذلك.

١٢٥

(وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) : الأصل ألّا تكرّر «بين» ، وقد تكرر توكيدا ، كقولك ؛ المال بين زيد وبين عمرو ، وكرّرت هنا لئلا يعطف على الضمير من غير إعادة الجار.

٢٦ ـ (أَرْبَعِينَ سَنَةً) : ظرف لمحرّمة ، فالتحريم على هذا مقدّر ؛ و (يَتِيهُونَ) : حال من الضمير المجرور.

وقيل : هي ظرف ليتيهون ، فالتحريم على هذا غير مؤقّت.

(فَلا تَأْسَ) : ألف تأسى بدل من واو ؛ لأنه من الأسى الذي هو الحزن ، وتثنيته أسوان ، ولا حجّة في أسيت عليه ، لانكسار السين ؛ ويقال : رجل أسوان بالواو ، وقيل : هي من الياء ، يقال : رجل أسيان أيضا.

٢٧ ـ (نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ) : الهمزة في ابني همزة وصل ، كما هي في الواحد ؛ فأما همزة أبناء في الجمع فهمزة قطع ؛ لأنها حادثة للجمع.

(إِذْ قَرَّبا) : ظرف لنبأ ، أو حال منه ؛ ولا يكون ظرفا لاتل.

و (بِالْحَقِ) : حال من الضمير في اتل ؛ أي محقا ، أو صادقا. (قُرْباناً) : هو في الأصل مصدر ، وقد وقع هنا موضع المفعول به ، والأصل إذ قربا قربانين ؛ لكنه لم يثنّ ؛ لأن المصدر لا يثنّى.

وقال أبو علي : تقديره : إذ قرّب كلّ واحد منهما قربانا ؛ كقوله : (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً) ؛ أي كلّ واحد منهم (قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ) ؛ أي قال المردود عليه للمقبول منه.

ومفعول (يُتَقَبَّلْ) محذوف ؛ أي يتقبل من المتقين قرابينهم وأعمالهم.

٢٩ ـ (بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ) : في موضع الحال ؛ أي ترجع حاملا للإثمين.

٣٠ ـ (فَطَوَّعَتْ) : الجمهور على تشديد الواو.

ويقرأ : «طاوعت» بالألف والتخفيف ، وهما لغتان.

والمعنى : زيّنت.

وقال قوم : طاوعت تتعدّى بغير لام. وهذا خطأ ؛ لأنّ التي تتعدّى بغير اللام تتعدى إلى مفعول واحد ، وقد عدّاه هاهنا إلى (قَتْلَ أَخِيهِ).

وقيل : التقدير طاوعته نفسه على قتل أخيه ، فزاد اللام وحذف على.

٣١ ـ (كَيْفَ يُوارِي) : «كيف» : في موضع الحال من الضمير في يواري ، والجملة في موضع نصب بيري.

والسّوأة : يجوز تخفيف همزتها بإلقاء حركتها على الواو فتبقى سواة أخيه ، ولا تقلب الواو ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها ؛ لأنّ حركتها عارضة.

والألف في (وَيْلَتى) : بدل من ياء المتكلم.

والمعنى : يا ويلتي احضري ، فهذا وقتك.

(فَأُوارِيَ) : معطوف على أكون.

وذكر بعضهم أنه يجوز أن ينتصب على جواب الاستفهام ؛ وليس بشيء إذ ليس المعنى أيكون منّى عجز فمواراة ، ألا ترى أن قولك : أين بيتك فأزورك ـ معناه : لو عرفت لزرت ، وليس المعنى هنا لو عجزت لواريت.

٣٢ ـ (مِنْ أَجْلِ) : من تتعلق ب (كَتَبْنا) ، ولا تتعلّق بالنادمين ؛ لأنه لا يحسن الابتداء بكتبنا هنا.

والهاء في (أَنَّهُ) للشأن. و (مِنْ) شرطية. و (بِغَيْرِ) : حال من الضمير في قتل أي من قتل نفسا ظالما.

(أَوْ فَسادٍ) : معطوف على نفس ، وقرئ في الشاذّ بالنصب ؛ أي : أو عمل فسادا ، أو أفسد فسادا ؛ أي إفسادا ، فوضعه موضع المصدر مثل العطاء.

و (بَعْدَ ذلِكَ) : ظرف ل «مسرفون» ، ولا تمنع لام التوكيد ذلك.

٣٣ ـ (يُحارِبُونَ اللهَ) : أي أولياء الله ، فحذف المضاف.

و (أَنْ يُقَتَّلُوا) : خبر (جَزاءُ) ، وكذلك المعطوف عليه.

وقد قرئ فيهن بالتخفيف.

و (مِنْ خِلافٍ) : حال من الأيدي والأرجل ؛ أي مختلفة.

(أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ) : أي من الأرض التي يريدون الإقامة بها ، فحذف الصفة.

و (ذلِكَ) : مبتدأ.

و (لَهُمْ خِزْيٌ) : مبتدأ وخبر في موضع خبر ذلك.

و (فِي الدُّنْيا) : صفة خزي.

ويجوز أن يكون ظرفا له. ويجوز أن يكون خزي خبر ذلك ، ولهم صفة مقدّمة ، فتكون حالا.

ويجوز أن يكون في الدنيا ظرفا للاستقرار.

٣٤ ـ (إِلَّا الَّذِينَ) : استثناء من (الَّذِينَ يُحارِبُونَ) في موضع نصب.

وقيل : يجوز أن يكون في موضع رفع بالابتداء ، والعائد عليه من الخبر محذوف ؛ أي «فإنّ الله غفور لهم» ، أو «رحيم» بهم.

٣٥ ـ (إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) : يجوز أن يتعلّق إلى بابتغوا ، وأن يتعلّق بالوسيلة ؛ لأن الوسيلة بمعنى المتوسّل به ، فيعمل فيما قبله.

١٢٦

ويجوز أن يكون حالا ؛ أي الوسيلة كائنة إليه.

٣٦ ـ (مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ) : العذاب اسم للتعذيب ؛ وله حكمه في العمل ، وأخرجت إضافته إلى يوم «يوما» عن الظرفية.

٣٨ ـ (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ) : مبتدأ. وفي الخبر وجهان :

أحدهما ـ هو محذوف تقديره عند سيبويه :

وفيما يتلى عليكم ؛ ولا يجوز أن يكون عنده (فَاقْطَعُوا) هو الخبر من أجل الفاء ؛ وإنما يجوز ذلك فيما إذا كان المبتدأ الذي وصلته بالفعل أو الظرف ؛ لأنه يشبه الشرط ، والسارق ليس كذلك.

والثاني ـ أنّ الخبر فاقطعوا أيديهما ؛ لأنّ الألف واللام في السارق بمنزلة الذي ؛ إذ لا يراد به سارق بعينه.

و (أَيْدِيَهُما) : بمعنى يديهما ؛ لأن المقطوع من السارق والسارقة يميناهما ، فوضع الجمع موضع الاثنين ؛ لأنه ليس في الإنسان سوى يمين واحد ، وما هذا سبيله يجعل الجمع فيه مكان الاثنين.

ويجوز أن يخرج على الأصل ، وقد جاء في بيت واحد ، قال الشاعر :

ومهمهين فدفدين مرتين

ظهراهما مثل ظهور التّرسين

(جَزاءً) : مفعول من أجله ، أو مصدر لفعل محذوف ؛ أي جازاهما جزاء ؛ وكذلك (نَكالاً).

٤١ ـ (لا يَحْزُنْكَ) : نهي. والجيّد فتح الياء وضم الزاي.

ويقرأ بضم الياء وكسر الزاي ، من أحزنني ، وهي لغة.

(مِنَ الَّذِينَ قالُوا) : في موضع نصب على الحال من الضمير في يسارعون ؛ أو من الذين يسارعون.

(بِأَفْواهِهِمْ) : يتعلق بقالوا ؛ أي قالوا بأفواههم آمنّا.

(وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ) : الجملة حال.

(وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا) : معطوف على قوله : (مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا).

و (سَمَّاعُونَ) : خبر مبتدأ محذوف ؛ أي هم سمّاعون.

وقيل : سمّاعون مبتدأ ، ومن الذين هادوا خبره.

(لِلْكَذِبِ) : فيه وجهان :

أحدهما ـ اللام زائدة ، تقديره : سمّاعون الكذب. والثاني ـ ليست زائدة ، والمفعول محذوف ؛ والتقدير : سمّاعون أخباركم للكذب ؛ أي ليكذبوا عليكم فيها.

و (سَمَّاعُونَ) : الثانية تكرير للأولى.

و (لِقَوْمٍ) : متعلّق به ؛ أي لأجل قوم.

ويجوز أن تتعلّق اللام في «لقوم» بالكذب ؛ لأنّ سماعون الثانية مكررة. والتقدير : ليكذبوا لقوم آخرين.

و (لَمْ يَأْتُوكَ) : في موضع جرّ صفة أخرى لقوم.

(يُحَرِّفُونَ) : فيه وجهان :

أحدهما ـ هو مستأنف لا موضع له ، أو في موضع رفع خبر لمبتدأ محذوف ؛ أي هم يحرّفون.

والثاني ـ ليس بمستأنف ؛ بل هو صفة لسمّاعون ؛ أي سماعون محرفون.

ويجوز أن يكون حالا من الضمير في سمّاعون.

ويجوز أن يكون صفة أخرى لقوم ؛ أي محرّفين.

و (مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ) : مذكور في النساء.

(يَقُولُونَ) : مثل يحرفون.

ويجوز أن يكون حالا من الضمير في يحرّفون.

(مِنَ اللهِ شَيْئاً) : في موضع الحال. التقدير : شيئا كائنا من أمر الله.

١٢٧

٤٢ ـ (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ) : أي هم سمّاعون ، ومثله (أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ). والسّحت والسّحت لغتان ، وقد قرئ بهما.

(فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً) : في موضع المصدر ؛ أي ضررا.

٤٣ ـ (وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ) : كيف في موضع نصب على الحال من الضمير الفاعل في «يحكّمونك».

(وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ) : جملة في موضع الحال ؛ والتوراة مبتدأ ، وعندهم الخبر.

ويجوز أن ترفع التوراة بالظرف.

(فِيها حُكْمُ اللهِ) : في موضع الحال ، والعامل فيها ما في «عند» : من معنى الفعل ، وحكم الله مبتدأ ، أو معمول الظرف.

٤٤ ـ (فِيها هُدىً وَنُورٌ) : في موضع الحال من التوراة.

(يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ) : جملة في موضع الحال من الضمير المجرور في «فيها».

(لِلَّذِينَ هادُوا) : اللّام تتعلّق بيحكم.

(وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ) : عطف على «النّبيون». (بِمَا اسْتُحْفِظُوا) : يجوز أن يكون بدلا من قوله : «بها» في قوله : (يَحْكُمُ بِهَا) ؛ وقد أعاد الجارّ لطول الكلام ، وهو جائز أيضا وإن لم يطل.

وقيل : الرّبانيّون مرفوع بفعل محذوف ؛ والتقدير : ويحكم الربانيّون والأحبار بما استحفظوا.

وقيل : هو مفعول به ، أي يحكمون بالتوراة بسبب استحفاظهم ذلك. و «ما» بمعنى الذي ؛ أي بما استحفظوه.

(مِنْ كِتابِ اللهِ) : حال من المحذوف ، أو من «ما».

و (عَلَيْهِ) : يتعلّق ب (شُهَداءَ).

٤٥ ـ (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) : بالنفس في موضع رفع خبر أنّ ، وفيه ضمير.

وأمّا : (الْعَيْنَ) : إلى قوله تعالى : (وَالسِّنَّ) فيقرأ بالنصب عطفا على ما عملت فيه أن ، وبالرفع ؛ فيه ثلاثة أوجه :

أحدها ـ هو مبتدأ والمجرور خبره ، وقد عطف جملا على جملة.

والثاني ـ أنّ المرفوع منها معطوف على الضمير في قوله : (بِالنَّفْسِ) ، والمجرورات على هذا أحوال مبيّنة للمعنى ، لأنّ المرفوع على هذا فاعل للجار ، وجاز العطف من غير توكيد ؛ كقوله تعالى : (ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا).

والثالث ـ أنها معطوفة على المعنى ؛ لأن معنى كتبنا عليهم : قلنا لهم النفس بالنفس.

ولا يجوز أن يكون معطوفا على أنّ وما عملت فيه ؛ لأنها وما عملت فيه في موضع نصب.

وأما قوله : (وَالْجُرُوحَ) فيقرأ بالنصب حملا على النفس ، وبالرفع ، وفيه الأوجه الثلاثة.

ويجوز أن يكون مستأنفا ؛ أي والجروح قصاص في شريعة محمد.

والهاء في (بِهِ) للقصاص.

و (فَهُوَ) : كناية عن التصدّق ، والهاء في «له» للمتصدّق.

٤٦ ـ (مُصَدِّقاً) الأولى : حال من عيسى.

و (مِنَ التَّوْراةِ) : حال من «ما» ، أو من الضمير في الظرف.

و (فِيهِ هُدىً) : جملة في موضع الحال من الإنجيل.

(وَمُصَدِّقاً) الثاني : حال أخرى من الإنجيل.

وقيل : من عيسى أيضا.

(وَهُدىً وَمَوْعِظَةً) : حال من الإنجيل أيضا.

ويجوز أن يكون من عيسى ؛ أي هاديا وواعظا ، أو ذا هدى وذا موعظة.

ويجوز أن يكون مفعولا من أجله ؛ أي قفّينا للهدى ، أو وآتيناه الإنجيل للهدى.

وقد قرئ في الشاذ بالرفع ؛ أي وفي الإنجيل هدى وموعظة ؛ وكرّر الهدى توكيدا.

٤٧ ـ (وَلْيَحْكُمْ) : يقرأ بسكون اللام والميم على الأمر.

ويقرأ بكسر اللام وفتح الميم على أنها لام كي ؛ أي وقفّينا ليؤمنوا وليحكم.

٤٨ ـ (بِالْحَقِ) : حال من الكتاب.

(مُصَدِّقاً) : حال من الضمير في قوله : بالحق ، ولا يكون حالا من الكتاب ؛ إذ لا يكون حالان لعامل واحد.

(وَمُهَيْمِناً) : حال أيضا. و (مِنَ الْكِتابِ) حال من «ما» ، أو من الضمير في الظرف.

والكتاب الثاني جنس.

وأصل مهيمن مؤيمن ؛ لأنه مشتق من الأمانة ؛ لأن المهيمن الشاهد ، وليس في الكلام همن حتى تكون الهاء أصلا.

(عَمَّا جاءَكَ) : في موضع الحال ؛ أي عادلا عما جاءك.

و (مِنَ الْحَقِ) : حال من الضمير في «جاءك» ، أو من «ما».

(لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ) : لا يجوز أن يكون منكم صفة لكل ؛ لأن ذلك يوجب الفصل بين الصفة والموصوف بالأجنبي الذي لا تشديد فيه للكلام ، ويوجب أيضا أن يفصل بين جعلنا وبين معمولها ، وهو (شِرْعَةً) ؛ وإنما يتعلّق بمحذوف ، تقديره أعني.

و «جعلنا» هاهنا إن شئت جعلتها المتعدّية إلى مفعول واحد ؛ وإن شئت جعلتها بمعنى صيّرنا.

(وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ) : اللام تتعلّق بمحذوف ، تقديره : ولكن فرّقكم ليبلوكم.

١٢٨

(مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً) : حال من الضمير المجرور. وفي العامل وجهان :

أحدهما ـ المصدر المضاف ، لأنه في تقدير : إليه ترجعون جميعا. والضمير المجرور فاعل في المعنى ، أو قائم مقام الفاعل.

والثاني ـ أن يعمل فيه الاستقرار الذي ارتفع به مرجعكم ، أو الضمير الذي في الجار.

٤٩ ـ (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ) : في «أن» وجهان :

أحدهما ـ هي مصدرية ، والأمر صلة لها. وفي موضعها ثلاثة أوجه :

أحدها : نصب عطفا على «الكتاب» في قوله : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ) ؛ أي وأنزلنا إليك الحكم.

والثاني : جرّ عطفا على «الحق» ؛ أي أنزلنا إليك الكتاب بالحق وبالحكم. ويجوز على هذا الوجه أن يكون نصبا لما حذف الجار.

والثالث : أن يكون في موضع رفع تقديره : وأن احكم بينهم بما نزّل الله أمرنا ، أو قولنا.

وقيل : أن بمعنى أي ، وهو بعيد ؛ لأنّ الواو تمنع من ذلك. والمعنى يفسد بذلك ؛ لأنّ أن التفسيرية ينبغي أن يسبقها قول يفسّر بها ؛ ويمكن تصحيح هذا القول على أن يكون التقدير : وأمرناك ؛ ثم فسّر هذا الأمر باحكم.

(أَنْ يَفْتِنُوكَ) : فيه وجهان : أحدهما ـ هو بدل من الضمير المفعول بدل الاشتمال ؛ أي : احذرهم فتنتهم.

والثاني ـ أن يكون مفعولا من أجله ؛ أي : مخافة أن يفتنوك.

٥٠ ـ (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ) : يقرأ بضمّ الحاء وسكون الكاف وفتح الميم والناصب له يبغون ، ويقرأ بفتح الجميع ، وهو أيضا منصوب يبغون ، أي احكم حكم الجاهلية.

ويقرأ : تبغون ـ بالتاء على الخطاب ؛ لأنّ قبله خطابا.

ويقرأ بضم الحاء وسكون الكاف وضمّ الميم على أنه مبتدأ ، والخبر يبغون ، والعائد محذوف ؛ أي يبغونه ؛ وهو ضعيف. وإنما جاء في الشعر إلا أنه ليس بضرورة في الشعر ، والمستشهد به على ذلك قول أبي النّجم حيث يقول :

قد أصبحت أمّ الخيار تدّعي

عليّ ذنبا كله لم أصنع

فرفع كلّه ، ولو نصب لم يفسد الوزن.

(وَمَنْ أَحْسَنُ) : مبتدأ ، وخبر ، وهو استفهام في معنى النفي.

و (حُكْماً) : تمييز.

و (لِقَوْمٍ) : هو في المعنى : عند قوم يوقنون. وليس المعنى أنّ الحكم لهم ؛ وإنما المعنى أن الموقن يتدبّر حكم الله فيحسن عنده ومثله : («إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ) ؛ و (لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) ، ونحو ذلك.

وقيل : هي على أصلها. والمعنى إنّ حكم الله للمؤمنين على الكافرين ، وكذلك الآية لهم ؛ أي الحجّة لهم.

٥١ ـ (بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) : مبتدأ وخبر لا موضع له.

٥٢ ـ (فَتَرَى الَّذِينَ) : يجوز أن يكون من رؤية العين ، فيكون (يُسارِعُونَ) : في موضع الحال.

ويجوز أن يكون بمعنى تعرف ، فيكون يسارعون حالا أيضا.

ويجوز أن يكون من رؤية القلب المتعدية إلى مفعولين ، فيكون «يسارعون» المفعول الثاني.

وقرئ في الشاذ بالياء والفاعل الله تعالى.

و (يَقُولُونَ) : حال من ضمير الفاعل في يسارعون.

قال : و (دائِرَةٌ) : صفة غالبة لا يذكر معها الموصوف.

(أَنْ يَأْتِيَ) : في موضع نصب خبر عسى.

وقيل : هو في موضع رفع بدلا من اسم الله.

١٢٩

(فَيُصْبِحُوا) : معطوف على «يأتي».

٥٣ ـ (وَيَقُولُ) : يقرأ بالرفع من غير واو العطف ، وهو مستأنف.

ويقرأ بالواو كذلك. ويقرأ بالواو والنصب ، وفي النصب أربعة أوجه :

أحدها ـ أنه معطوف على «يأتي» حملا على المعنى ؛ لأنّ معنى عسى الله أن يأتي ، وعسى أن يأتي الله واحد. ولا يجوز أن يكون معطوفا على لفظ أن يأتي ، لأنّ أن يأتي خبر عسى ، والمعطوف عليه في حكمه ؛ فيفتقر إلى ضمير يرجع إلى اسم عسى ، ولا ضمير في قوله : (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا) ، فيصير كقولك : عسى الله أن يقول الذين آمنوا.

والثاني ـ أنه معطوف على لفظ «يأتي» على الوجه الذي جعل فيه بدلا ؛ فيكون داخلا في اسم عسى ، واستغني عن خبرها بما تضّمنه اسمها من الحدث.

والوجه الثالث ـ أن يعطف على لفظ يأتي وهو خبر ، ويقدّر مع المعطوف ضمير محذوف ، تقديره : ويقول الذين آمنوا به.

والرابع ـ أن يكون معطوفا على «الفتح» ، تقديره فعسى الله أن يأتي بالفتح ؛ وبأن يقول الذين آمنوا.

(جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) : فيه وجهان :

أحدهما ـ أنه حال ، وهو هنا معرفة ، والتقدير : وأقسموا بالله يجهدون جهد أيمانهم ، فالحال في الحقيقة مجتهدين ؛ ثم أقيم الفعل المضارع مقامه ؛ ثم أقيم المصدر مقام الفعل لدلالته عليه.

والثاني ـ أنه مصدر يعمل فيه أقسموا ، وهو من معناه لا من لفظه.

٥٤ ـ (مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ) :

يقرأ بفتح الدال وتشديدها على الإدغام ، وحرك الدال بالفتح لالتقاء الساكنين. ويقرأ «يرتدد» بفكّ الإدغام والجزم على الأصل.

و «منكم» : في موضع الحال من ضمير الفاعل.

(يُحِبُّهُمْ) : في موضع جرّ صفة لقوم.

(وَيُحِبُّونَهُ) : معطوف عليه. ويجوز أن يكون حالا من الضمير المنصوب ، تقديره : وهم يحبّونه.

(أَذِلَّةٍ) ، و (أَعِزَّةٍ) : صفتان أيضا.

(يُجاهِدُونَ) : يجوز أن يكون صفة لقوم أيضا ، وجاء بغير واو كما جاء أذلة وأعزة.

ويجوز أن يكون حالا من الضمير في أعزة : أي يعزّون مجاهدين. ويجوز أن يكون مستأنفا.

٥٥ ـ (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ) : صفة للذين آمنوا.

(وَهُمْ راكِعُونَ) : حال من الضمير في (يُؤْتُونَ).

٥٦ ـ (فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ) : قيل هو خبر المبتدأ الذي هو «من» ، ولم يعد منه ضمير إليه ؛ لأنّ الحزب هو «من» في المعنى ، فكأنه قال : فإنهم هم الغالبون.

٥٧ ـ (مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) : في موضع الحال من (الَّذِينَ) الأولى ، أو من الفاعل في (اتَّخَذُوا).

(وَالْكُفَّارَ) يقرأ بالجر عطفا على الذين المجرورة ، وبالنصب عطفا على الذين المنصوبة والمعنيان صحيحان.

٥٨ ـ (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ) : ذلك مبتدأ ، وما بعده الخبر ؛ أي ذلك بسبب جهلهم ؛ أي واقع بسبب جهلهم.

٥٩ ـ (هَلْ تَنْقِمُونَ) : يقرأ بإظهار اللام على الأصل ، وبإدغامها في التاء لقربها منها في المخرج. ويقرأ «تنقمون» ـ بكسر القاف وفتحها ، وهو مبني على الماضي. وفيه لغتان : نقم ينقم ونقم ينقم.

و (مِنَّا) : مفعول تنقمون الثاني ، وما بعد إلا هو المفعول الأول. ولا يجوز أن يكون «منا» حالا من أن والفعل لأمرين :

أحدهما ـ تقدّم الحال على إلّا.

والثاني ـ تقدّم الصلة على الموصول. والتقدير : هل تكرهون منا إلا إيماننا.

وأما قوله : (وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ) : ففي موضعه وجهان :

أحدهما ـ أنه معطوف على (أَنْ آمَنَّا) ، والمعنى على هذا : إنكم كرهتم إيماننا وامتناعكم ؛ أي كرهتم مخالفتنا إياكم ؛ وهذا كقولك للرجل : ما كرهت مني إلا أنني محبّب إلى الناس وأنت مبغض وإن كان قد لا يعترف بأنه مبغّض.

والوجه الثاني ـ أنه معطوف على (ما) ، والتقدير : إلّا أن آمنّا بالله ، وبأنّ أكثركم فاسقون.

٦٠ ـ (مَثُوبَةً) : منصوب على التمييز ، والمميز (بِشَرٍّ).

ويقرأ : «مثوبة» ـ بسكون الثاء وفتح الواو ، وقد ذكر في البقرة.

و (عِنْدَ اللهِ) : صفة لمثوبة.

(مَنْ لَعَنَهُ) : في موضع «من» ثلاثة أوجه :

أحدهما ـ هو في موضع جرّ بدلا من شرّ.

والثاني ـ هو في موضع نصب بفعل دلّ عليه أنبئكم ؛ أي أعرفكم من لعنه الله.

والثالث ـ هو في موضع رفع ؛ أي هو من لعنه الله.

(وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ) : يقرأ بفتح العين والباء ، ونصب الطاغوت ، على أنه فعل معطوف على لعن.

ويقرأ بفتح العين وضمّ الباء وجرّ الطاغوت ؛ وعبد هنا اسم مثل يقظ وندس ؛ وهو في معنى الجمع ؛ وما بعده مجرور بإضافته إليه ، وهو منصوب ب (جَعَلَ).

ويقرأ بضمّ العين والباء ونصب الدال وجرّ ما بعده ، وهو جمع عبد ، مثل سقف ؛ وسقف ؛ أو عبيد مثل قتيل وقتل ، أو عابد مثل نازل ونزل ، أو عباد مثل كتاب وكتب ، فيكون جمع جمع مثل ثمار وثمر.

ويقرأ «عبّد الطاغوت» ـ بضم العين وفتح الباء وتشديدها ، مثل ضارب وضرّب.

ويقرأ «عبّاد الطاغوت» مثل صائم وصوّام.

١٣٠

ويقرأ «عباد الطاغوت» ؛ وهو ظاهر ، مثل صائم وصيام.

ويقرأ «وعباد الطاغوت» ، و «عبد الطاغوت» ، على أنه صفة مثل حطم.

ويقرأ «وعبد الطاغوت» ، على أنه فعل مالم يسمّ فاعله. والطاغوت مرفوع.

ويقرأ «وعبد» ، مثل ظرف ؛ أي صار ذلك للطاغوت كالغريزي.

ويقرأ «وعبدوا» على أنه فعل والواو فاعل ، والطاغوت نصب.

ويقرأ «وعبدة الطاغوت» ، وهو جمع عابد ، مثل قاتل وقتله

٦١ ـ (وَقَدْ دَخَلُوا) : في موضع الحال من الفاعل في (قالُوا) ، أو من الفاعل في آمنّا.

و (بِالْكُفْرِ) : في موضع الحال من الفاعل في دخلوا ؛ أي دخلوا كفّارا.

(وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا) : حال أخرى.

ويجوز أن يكون التقدير : وقد كانوا خرجوا به.

٦٢ ـ (وَأَكْلِهِمُ) : المصدر مضاف إلى الفاعل.

و (السُّحْتَ) : مفعوله ، ومثله : (عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ).

٦٤ ـ (يُنْفِقُ) : مستأنف ، ولا يجوز أن يكون حالا من الهاء لشيئين : أحدهما ـ أنّ الهاء مضاف إليها.

والثاني ـ أنّ الخبر يفصل بينهما ؛ ولا يجوز أن يكون حالا من اليدين ؛ إذ ليس فيها ضمير يعود إليهما.

(لِلْحَرْبِ) : يجوز أن يكون صفة لنار ، فيتعلّق بمحذوف ، وأن يكون متعلقا بأوقدوا.

و (فَساداً) : مفعول من أجله.

٦٦ ـ (لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ) : مفعول أكلوا محذوف ، و «من فوقهم» نعت له ، تقديره : رزقا كائنا من فوقهم ، أو مأخوذا من فوقهم.

(ساءَ ما يَعْمَلُونَ) : ساء هنا بمعنى بئس ، وقد ذكر فيما تقدم.

٦٧ ـ (فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) : يقرأ على الإفراد ، وهو جنس في معنى الجمع ؛ وبالجمع ؛ لأنّ جنس الرسالة مختلف.

٦٩ ـ (وَالصَّابِئُونَ) : يقرأ بتحقيق الهمزة على الأصل ، وبحذفها وضمّ الباء ؛ والأصل على هذا صبا بالألف المبدلة من الهمزة. ويقرأ بياء مضمومة ، ووجهه أنه أبدل الهمزة ياء لانكسار ما قبلها ، ولم يحذفها لتدلّ على أن أصلها حرف يثبت.

ويقرأ بالهمزة عطفا على الذين ، وهو شاذّ في الرواية صحيح في القياس ، وهو مثل الذي في البقرة ، والمشهور في القراءة الرفع.

وفيها أقوال :

أحدها ـ قول سيبويه : وهو أنّ النية به التأخير بعد خبر إن ؛ وتقديره : ولا هم يحزنون ، والصابئون كذلك ؛ فهو مبتدأ والخبر محذوف ، ومثله : فإنّي وقيّار بها لغريب أي : فإني لغريب وقيّار بها كذلك.

والثاني ـ أنه معطوف على موضع «إن» ؛ كقولك : إن زيدا وعمرو قائمان ؛ وهذا خطأ ؛ لأنّ خبر «إن» لم يتم ، وقائمان إن جعلته خبر إن لم يبق لعمرو خبر ، وإن جعلته خبر عمرو لم يبق لإنّ خبر ؛ ثم هو ممتنع من جهة المعنى ؛ لأنك تخبر بالمثنى عن المفرد.

فأما قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ) على قراءة من رفع «ملائكته» فخبر إن محذوف ، تقديره : إن الله يصلي ، وأغنى عنه خبر الثاني ؛ وكذلك لو قلت : إنّ عمرا وزيد قائم ، فرفعت زيدا جاز على أن يكون مبتدأ ، وقائم خبره ، أو خبر إن.

والقول الثالث ـ أنّ (الصَّابِئُونَ) معطوف على الفاعل في هادوا. وهذا فاسد لوجهين :

أحدهما ـ أنه يوجب كون الصابئين هودا ، وليس كذلك.

والثاني ـ أنّ الضمير لم يؤكد.

والقول الرابع ـ أن يكون خبر الصابئين محذوفا من غير أن ينوى به التأخير ؛ وهو ضعيف أيضا لما فيه من لزوم الحذف والفصل.

والقول الخامس ـ أنّ إنّ بمعنى نعم ، فما بعدها في موضع رفع ، فالصابئون كذلك.

والسادس ـ أنّ (الصَّابِئُونَ) في موضع نصب ، ولكنه جاء على لغة بلحرث الذين يجعلون التثنية بالألف على كل حال ، والجمع بالواو على كل حال ؛ وهو بعيد. والقول السابع ـ أن يجعل النون حرف الإعراب.

فإن قيل : فأبو عليّ إنما أجاز ذلك مع الياء لا مع الواو.

قيل : قد أجازه غيره ؛ والقياس لا يدفعه.

فأما (النَّصارى) فالجّيد أن يكون في موضع نصب على القياس المطّرد ، ولا ضرورة تدعو إلى غيره.

٧٠ ـ (فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً ...) : فريقا الأول مفعول كذّبوا. والثاني مفعول (يَقْتُلُونَ).

وكذّبوا جواب كلما ، ويقتلون بمعنى قتلوا ؛ وإنما جاء كذلك لتتوافق رؤوس الآي.

٧١ ـ (أَلَّا تَكُونَ) : يقرأ بالنصب على أنّ «أن» الناصبة للفعل ، وحسبوا بمعنى الشك.

ويقرأ بالرفع على أنّ «أن» المخففة من الثقيلة وخبرها محذوف ، وجاز ذلك لما فصلت «لا» بينها وبين الفعل. وحسبوا على هذا بمعنى علموا ، وقد جاء الوجهان فيها. ولا يجوز أن تكون المخفّفة من الثقيلة مع أفعال الشكّ والطمع. ولا الناصبة للفعل مع علمت ، وما كان في معناها. وكان هنا هي التامة.

(فَعَمُوا وَصَمُّوا) : هذا هو المشهور.

ويقرأ بضمّ العين والصاد ، وهو من باب زكم وأزكمه الله ، ولا يقال عميته وصممته ؛ وإنما جاء بغير همزة فيما لم يسمّ فاعله ، وهو قليل. واللغة الفاشية : أعمى ، وأصم.

١٣١

(كَثِيرٌ مِنْهُمْ) : هو خبر مبتدأ محذوف ؛ أي العمى والصم كثير.

وقيل : هو بدل من ضمير الفاعل في صمّوا.

وقيل : هو مبتدأ والجملة قبله خبر عنه ؛ أي كثير منهم عموا. وهو ضعيف ؛ لأنّ الفعل قد وقع في موضعه فلا ينوى به غيره.

وقيل : الواو علامة جمع الاسم ، و «كثير» : فاعل صمّوا.

٧٣ ـ (ثالِثُ ثَلاثَةٍ) ؛ أي أحد ثلاثة. ولا يجوز في مثل هذا إلا الإضافة.

(وَما مِنْ إِلهٍ) : من زائدة ، وإله في موضع مبتدأ ، والخبر محذوف ؛ اي وما للخلق إله.

(إِلَّا إِلهٌ) : بدل من إله.

ولو قرئ بالجر بدلا من لفظ إله كان جائزا في العربية.

(لَيَمَسَّنَ) : جواب قسم محذوف ، وسدّ مسدّ جواب الشرط الذي هو (وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا).

و (مِنْهُمْ) : في موضع الحال ، إمّا من (الَّذِينَ) ، أو من ضمير الفاعل في كفروا.

٧٥ ـ (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) : في موضع رفع صفة لرسول. (كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ) : لا موضع له من الإعراب.

(أَنَّى) : بمعنى كيف في موضع الحال ، والعامل فيها (يُؤْفَكُونَ) ؛ ولا يعمل فيها (انْظُرْ) ؛ لأنّ الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله.

٧٦ ـ (ما لا يَمْلِكُ) : يجوز أن تكون «ما» نكرة موصوفة ، وأن تكون بمعنى الذي.

٧٧ ـ (تَغْلُوا) : فعل لازم.

و (غَيْرَ الْحَقِ) : صفة لمصدر محذوف ؛ أي غلوّا غير الحق.

ويجوز أن يكون حالا من ضمير الفاعل ؛ أي لا تغلوا مجاوزين الحق.

٧٨ ـ (مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ) : في موضع الحال من (الَّذِينَ كَفَرُوا) ؛ أو من ضمير الفاعل في كفروا.

(عَلى لِسانِ داوُدَ) : متعلّق ب (لُعِنَ) ، كقولك : جاء زيد على الفرس.

(ذلِكَ بِما عَصَوْا) : قد تقدم ذكره في غير موضع.

وكذلك : و (لَبِئْسَ ما كانُوا) ، و (لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ). (أَنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ) : أن والفعل في تقدير مصدر مرفوع خبر ابتداء محذوف ؛ أي هو سخط الله.

وقيل : في موضع نصب بدلا من «ما» ؛ أي بئس شيئا سخط الله عليهم.

وقيل : هو في موضع جرّ بلام محذوفة ؛ أي لأن سخط.

٨٢ ـ (عَداوَةً) : تمييز ، والعامل فيه أشد.

و (لِلَّذِينَ آمَنُوا) : متعلق بالمصدر ، أو نعت له.

(الْيَهُودَ) : المفعول الثاني لتجد.

(ذلِكَ) : مبتدأ ، و (بِأَنَّ مِنْهُمْ) : الخبر ؛ أي ذلك كائن بهذه الصفة.

٨٣ ـ (وَإِذا سَمِعُوا) : الواو هاهنا عطفت إذا على خبر أن ، وهو قوله : (لا يَسْتَكْبِرُونَ) ؛ فصار الكلام داخلا في صلة «أن». وإذا في موضع نصب ب (تَرى) ، وإذا وجوابها في موضع رفع عطفا على خبر أن الثانية.

ويجوز أن يكون مستأنفا في اللفظ ، وإن كان له تعلّق بما قبله في المعنى.

و (تَفِيضُ) : في موضع نصب على الحال ؛ لأنّ ترى من رؤية العين.

١٣٢

و (مِنَ الدَّمْعِ) : فيه وجهان :

أحدهما ـ أن «من» لابتداء الغاية ؛ أي فيضها من كثرة الدّمع.

والثاني ـ أن يكون حالا ، والتقدير : تفيض مملوءة من الدّمع.

وأما (مِمَّا عَرَفُوا) فمن لابتداء الغاية ، ومعناها : من أجل الذي عرفوه ، و (مِنَ الْحَقِّ) : حال من العائد المحذوف.

(يَقُولُونَ) : حال من ضمير الفاعل في عرفوا.

٨٤ ـ (وَما لَنا) : «ما» في موضع رفع بالابتداء ، ولنا الخبر.

و (لا نُؤْمِنُ) : حال من الضمير في الخبر ، والعامل فيه الجار ؛ أي ما لنا غير مؤمنين ، كما تقول : ما لك قائما.

(وَما جاءَنا) : يجوز أن يكون في موضع جر ؛ أي وبما جاءنا.

(مِنَ الْحَقِ) : حال من ضمير الفاعل.

ويجوز أن تكون لابتداء الغاية ؛ أي ولما جاءنا من عند الله.

ويجوز أن يكون مبتدأ ومن الحق الخبر ؛ والجملة في موضع الحال.

(وَنَطْمَعُ) : يجوز أن يكون معطوفا على نؤمن ؛ أي وما لنا لا نطمع؟

ويجوز أن يكون التقدير : ونحن نطمع ؛ فتكون الجملة حالا من ضمير الفاعل في نؤمن.

و (أَنْ يُدْخِلَنا) ؛ أي في أن يدخلنا ؛ فهو في موضع نصب ، أو جرّ على الخلاف بين الخليل وسيبويه.

٨٨ ـ (حَلالاً) : فيه ثلاثة أوجه :

أحدها ـ هو مفعول كلوا ؛ فعلى هذا يكون (مِمَّا) في موضع الحال ؛ لأنه صفة للنكرة قدّمت عليها.

ويجوز أن تكون «من» لابتداء غاية الأكل ، فتكون متعلقة بكلوا ، كقولك : أكلت من الخبز رغيفا إذا لم ترد الصفة.

والوجه الثاني ـ أن يكون حالا من «ما» ؛ لأنها بمعنى الذي.

ويجوز أن يكون حالا من العائد المحذوف ، فيكون العامل «رزق».

والثالث ـ أن يكون صفة لمصدر محذوف ؛ أي أكلا حلالا. ولا يجوز أن ينصب حلالا برزق على أنه مفعوله ؛ لأن ذلك يمنع من أن يعود إلى «ما» ضمير.

٨٩ ـ (بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) : فيه ثلاثة أوجه :

أحدها ـ أن تكون متعلقة بنفس اللّغو ؛ لأنك تقول : لغا في يمينه ، وهذا مصدر بالألف واللام يعمل ، ولكن معدّى بحرف الجر.

والثاني ـ أن تكون حالا من اللغو ؛ أي باللغو كائنا ، أو واقعا في أيمانكم.

والثالث ـ أن يتعلق في ب (يُؤاخِذُكُمُ).

(عَقَّدْتُمُ) : يقرأ بتخفيف القاف ، وهو الأصل ، وعقد اليمين هو قصد الالتزام بها.

ويقرأ بتشديدها ؛ وذلك لتوكيد اليمين ، كقوله : (هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) ، ونحوه.

وقيل : التشديد يدلّ على تأكيد العزم بالالتزام بها.

وقيل : إنما شدّد لكثرة الحالفين وكثرة الأيمان.

وقيل : التشديد عوض من الألف في عاقد.

ولا يجوز أن يكون التشديد لتكرير اليمين ؛ لأنّ الكفارة تجب وإن لم يكرر.

ويقرأ : «عاقدتم» ، بالألف ؛ وهي بمعنى عقدتم ؛ كقولك : قاطعته وقطعته من الهجران.

(فَكَفَّارَتُهُ) : الهاء ضمير العقد ، وقد تقدّم الفعل الدالّ عليه.

وقيل : تعود على اليمين بالمعنى ؛ لأن الحلف واليمين بمعنى واحد.

و (إِطْعامُ) : مصدر مضاف إلى المفعول به ، والجيّد أن يقدّر بفعل قد سمّي فاعله ؛ لأنّ ما قبله وما بعده خطاب ؛ ف (عَشَرَةِ) على هذا في موضع نصب.

(مِنْ أَوْسَطِ) ؛ صفة لمفعول محذوف ، تقديره : أن تطعموا عشرة مساكين طعاما أو قوتا من أوسط ؛ أي متوسطا.

(ما تُطْعِمُونَ) : أي الذي تطعمون منه ، أو تطعمونه. (أَوْ كِسْوَتُهُمْ) : معطوف على إطعام.

ويقرأ شاذّا : «أو كإسوتهم» ؛ فالكاف في موضع رفع ؛ أي أو مثل إسوة أهليكم في الكسوة.

(أَوْ تَحْرِيرُ) : معطوف على إطعام ، وهو مصدر مضاف إلى المفعول أيضا.

(إِذا حَلَفْتُمْ) : العامل في «إذا» كفارة أيمانكم ؛ لأنّ المعنى : ذلك يكفر أيمانكم وقت حلفكم.

(كَذلِكَ) : الكاف صفة مصدر محذوف ؛ أي يبين لكم آياته تبيينا مثل ذلك.

٩٠ ـ (رِجْسٌ) : إنما أفرد ، لأنّ التقدير إنما عمل هذه الأشياء رجس.

ويجوز أن يكون خبرا عن الخمر ، وأخبار المعطوفات محذوفة لدلالة خبر الأول عليها.

و (مِنْ عَمَلِ) : صفة لرجس ، أو خبر ثان.

والهاء في (فَاجْتَنِبُوهُ) ترجع إلى العمل ، أو إلى الرجس ؛ والتقدير : رجس من جنس عمل الشيطان.

٩١ ـ (فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) : «في» متعلقة بيوقع ، وهي بمعنى السبب ؛ أي بسبب شرب الخمر وفعل الميسر.

١٣٣

ويجوز أن تتعلّق «في» بالعداوة ، أو بالبغضاء ، أي أن تتعادوا ؛ وأن تتباغضوا بسبب الشرب ، وهو على هذا مصدر بالألف واللام معمل.

والهمزة في (الْبَغْضاءَ) للتأنيث ، وليس مؤنّث أفعل ؛ إذ ليس مذكر البغضاء أبغض ، وهو مثل البأساء والضرّاء.

(فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) : لفظه استفهام ، ومعناه الأمر ؛ أي انتهوا ؛ لكن الاستفهام عقيب ذكر هذه المعايب أبلغ من الأمر.

٩٣ ـ (إِذا مَا اتَّقَوْا) : العامل في إذا معنى : ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح ؛ أي لا يأثمون إذا ما اتّقوا.

٩٤ ـ (مِنَ الصَّيْدِ) : في موضع جرّ صفة لشيء ، ومن لبيان الجنس. وقيل للتبعيض ؛ إذ لا يحرم إلا الصيد في حال الإحرام ، وفي الحرم ، وفي البر. والصيد في الأصل مصدر ؛ وهو هاهنا بمعنى الصيد ، وسمّي مصيدا وصيدا لماله إلى ذلك ، وتوفّر الدواعي إلى صيده ؛ فكأنه لما أعدّ للصيد صار كأنه مصيد.

(تَنالُهُ) : صفة لشيء.

ويجوز أن يكون حالا من شيء ؛ لأنه قد وصف ، وأن يكون حالا من الصيد. (لِيَعْلَمَ) : اللام متعلّقة ب (لَيَبْلُوَنَّكُمُ).

(بِالْغَيْبِ) : يجوز أن يكون في موضع الحال من «من» ، أو من ضمير الفاعل في يخافه ؛ أي يخافه غائبا عن الخلق.

ويجوز أن يكون بمعنى في ؛ أي في الموضع الغائب عن الخلق.

والغيب : مصدر في موضع فاعل.

٩٥ ـ (وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) : في موضع الحال من ضمير الفاعل في (تَقْتُلُوا).

و (مُتَعَمِّداً) : حال من ضمير الفاعل في قتله.

(فَجَزاءٌ) : مبتدأ ، والخبر محذوف. وقيل التقدير : فالواجب جزاء.

ويقرأ بالتنوين ، فعلى هذا يكون (مِثْلُ) صفة له أو بدلا. ومثل هنا بمعنى مماثل ، ولا يجوز على هذه القراءة أن يعلق (مِنَ النَّعَمِ) بجزاء ؛ لأنه مصدر ، وما يتعلق به من صلته ، والفصل بين الصلة والموصول بالصفة أو البدل غير جائز ؛ لأنّ الموصول لم يتم ، فلا يوصف ولا يبدل منه.

ويقرأ شاذا «جزاء» ـ بالتنوين ، ومثل ـ بالنصب ؛ وانتصابه بجزاء. ويجوز أن ينتصب بفعل دلّ عليه جزاء ؛ أي يخرج أو يؤدّي مثل ، وهذا أولى ، فإنّ الجزاء يتعدى بحرف الجر.

ويقرأ في المشهور بإضافة جزاء إلى المثل ، وإعراب الجزاء على ما تقدم ، و «مثل» في هذه القراءة في حكم الزائدة ، وهو كقولهم : مثلى لا يقول ذلك ؛ أي أنا لا أقول ؛ وإنما دعا إلى هذا التقدير أنّ الذي يجب به الجزاء المقتول لا مثله.

وأمّا «من النّعم» ففيه أوجه :

أحدها ـ أنّ تجعله حالا من الضمير في قتل ؛ لأنّ المقتول يكون من النعم.

والثاني ـ أن يكون صفة لجزاء إذا نوّنته ؛ أي جزاء كائن من النعم.

والثالث ـ أن تعلّقها بنفس الجزاء إذا أضفته ، لأنّ المضاف إليه داخل في المضاف ، فلا يعدّ فصلا بين الصلة والموصول. وكذلك إن نوّنت الجزاء ونصبت «مثلا» ؛ لأنه عامل فيهما ، فهما من صلته ؛ كما تقول : يعجبني ضربك زيدا بالسّوط.

(يَحْكُمُ بِهِ) : في موضع رفع صفة لجزاء إذا نوّنته. وأما على الإضافة فهو في موضع الحال ، والعامل فيه معنى الاستقرار المقدّر في الخبر المحذوف.

(ذَوا عَدْلٍ) : الألف للتثنية.

ويقرأ شاذا : «ذو» على الإفراد ؛ والمراد به الجنس ؛ كما تكون : «من» محمولة على المعنى ، فتقديره على هذا : فريق ذو عدل ، أو حاكم ذو عدل.

و (مِنْكُمْ) : صفة لذوا ، ولا يجوز أن يكون صفة العدل ؛ لأنّ «عدلا» هنا مصدر غير وصف.

(هَدْياً) : حال من الهاء في به ، وهو بمعنى مهدي.

وقيل : هو مصدر ، أي يهديه هديا.

وقيل : على التمييز.

و (بالِغَ الْكَعْبَةِ) : صفة لهدى ، والتنوين مقدّر ؛ أي بالغا الكعبة.

(أَوْ كَفَّارَةٌ) : معطوف على جزاء ؛ أي : أو عليه كفارة إذا لم يجد المثل.

و (طَعامُ) : بدل من كفارة ، أو خبر مبتدأ محذوف ؛ أي هي طعام.

ويقرأ بالإضافة والإضافة هنا لتبيين المضاف.

و (صِياماً) : تمييز.

(لِيَذُوقَ) : اللام متعلقة بالاستقرار ؛ أي عليه الجزاء ليذوق.

ويجوز أن تتعلّق بصيام ، وبطعام.

(فَيَنْتَقِمُ اللهُ) : جواب الشرط ، وحسن ذلك لما كان فعل الشرط ماضيا في اللفظ.

٩٦ ـ (وَطَعامُهُ) : الهاء ضمير البحر ؛ وقيل : ضمير الصيد ؛ والتقدير : وإطعام الصيد أنفسكم.

والمعنى أنه أباح لهم صيد البحر وأكل صيده ؛ بخلاف صيد البر.

(مَتاعاً) : مفعول من أجله.

وقيل : مصدر ، أي متّعتم بذلك تمتيعا.

(ما دُمْتُمْ) : يقرأ بضمّ الدال وهو الأصل ، وبكسرها وهي لغة ، يقال : دمت تدام.

(حُرُماً) : جمع حرام ، ككتاب وكتب.

١٣٤

وقرئ في الشاذ حرما ـ بفتح الحاء والراء ؛ أي ذوي حرم : أي إحرام. وقيل : جعلهم بمنزلة المكان المنوع منه.

٩٧ ـ (جَعَلَ اللهُ) : هي بمعنى صيّر ، فيكون (قِياماً) مفعولا ثانيا.

وقل : هي بمعنى خلق ، فيكون «قيام» حالا.

و (الْبَيْتَ) : بدل من الكعبة.

ويقرأ «قيما» : بالألف ، أي سببا لقيام دينهم ومعاشهم.

ويقرأ «قيما» بغير ألف ، وهو محذوف من قيام كخيم في خيام.

(ذلِكَ) : في موضع رفع خبر مبتدأ محذوف ؛ أي الحكم الذي ذكرناه ذلك ؛ أي لا غيره.

ويجوز أن يكون المحذوف هو الخبر.

ويجوز أن يكون في موضع نصب ؛ أي فعلنا ذلك أو شرعنا.

واللام في (لِتَعْلَمُوا) متعلّقة بالمحذوف.

١٠١ ـ (عَنْ أَشْياءَ) : الأصل فيها عند الخليل وسيبويه شيئاء بهمزتين بينهما ألف ، وهي فعلاء من لفظ شيء ، وهمزتها الثانية للتأنيث ، وهي مفردة في اللفظ ومعناها الجمع ، مثل قصباء وطرفاء ؛ ولأجل همزة التأنيث لم تنصرف ؛ ثم إن الهمزة الأولى التي هي لام الكلمة قدّمت ، فجعلت قبل الشين كراهية الهمزتين بينهما ألف خصوصا بعد الياء ، فصار وزنها لفعاء ، وهذا قول صحيح يرد عليه إشكال.

وقال الأخفش ، والفرّاء : أصل الكلمة شيء مثل هيّن على فيعل ثم خففت ياؤه كما خففت ياء هين ، فقيل شيء كما قيل هين ، ثم جمع على أفعلاء ؛ وكان الأصل أشياء ، كما قالوا هيّن وأهوناء ؛ ثم حذفت الهمزة الأولى فصار وزنها أفعاء ، فلامها محذوفة.

وقال آخرون : الأصل في شيء شيء مثل صديق ؛ ثم جمع على أفعلاء كأصدقاء وأنبياء ؛ ثم حذفت الهمزة الأولى.

وقيل : هو جمع شيء من غير تغيير كبيت وأبيات ، وهو غلط ؛ لأنّ مثل هذا الجمع ينصرف ، وعلى الأقوال الأول يمتنع صرفه لأجل همزة التأنيث ، ولو كان أفعالا لانصرف ، ولم يسمع أشياء منصرفة البتة ، وفي هذه المسألة كلام طويل موضعه التصريف. (إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) : الشرط وجوابه في موضع جرّ صفة لأشياء.

(عَفَا اللهُ عَنْها) : قيل هو مستأنف.

وقيل : هو في موضع جر أيضا ، والنية به التقديم ؛ أي عن أشياء قد عفا الله لكم عنها.

١٠٢ ـ (مِنْ قَبْلِكُمْ) : هو متعلق بسألها ، ولا يجوز أن يكون صفة لقوم ولا حالا ؛ لأنّ ظرف الزمان لا يكون صفة للجثّة ، ولا حالا منها ، ولا خبرا عنها.

١٠٣ ـ (ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ) : من زائدة ، و «جعل» هاهنا بمعنى سمّى ؛ فعلى هذا يكون بحيرة أحد المفعولين ، والآخر محذوف ؛ أي ما سمى الله حيوانا بحيرة.

ويجوز أن تكون «جعل» متعدية إلى مفعول واحد بمعنى ما شرع ، ولا وضع.

وبحيرة : فعلية بمعنى مفعولة.

والسائبة : فاعلة ، من ساب يسبب إذا جرى ؛ وهو مطاوع سيبه فساب.

وقيل : هي فاعلة بمعنى مفعولة ؛ أي مسيّبة.

والوصيلة : بمعنى الواصلة.

والحامي : فاعل ، من حمى ظهره يحميه.

١٠٤ ـ (حَسْبُنا) : هو مبتدأ ، وهو مصدر بمعنى اسم الفاعل ، و (ما وَجَدْنا) : هو الخبر ، و «ما» بمعنى الذي ؛ أو نكرة موصوفة ؛ والتقدير : كافينا الذي وجدناه.

ووجدنا هنا : يجوز أن تكون بمعنى علمنا ، فيكون (عَلَيْهِ) المفعول الثاني.

ويجوز أن تكون بمعنى صادفنا ، فتتعدّى إلى مفعول واحد بنفسها.

وفي «عليه» على هذا وجهان :

أحدهما ـ هي متعلّقة بالفعل معدّية له ، كما تتعدى ضربت زيدا بالسوط.

والثاني ـ أن تكون حالا من الآباء. وجواب (أَوَلَوْ كانَ) محذوف ؛ تقديره : أو لو كانوا يتبعونهم.

١٠٥ ـ (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) : عليكم هو اسم للفعل هاهنا ، وبه انتصب أنفسكم. والتقدير : احفظوا أنفسكم ، والكاف والميم في «عليكم» في موضع جرّ ، لأنّ اسم الفعل هو الجار والمجرور ، «وعلى» وحدها لم تستعمل اسما للفعل ؛ بخلاف رويدكم ؛ فإن الكاف والميم هناك للخطاب فقط ، ولا موضع لهما ؛ لأن رويدا قد استعملت اسما للأمر للمواجه من غير كاف الخطاب.

وهكذا قوله : (مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ) ، الكاف والميم في موضع جرّ أيضا ، ويذكر في موضعه إن شاء الله تعالى.

(لا يَضُرُّكُمْ) : يقرأ بالتشديد والضمّ على أنه مستأنف. وقيل : حقّه الجزم على جواب الأمر ؛ ولكنه حرّك بالضم اتباعا لضمة الضاد.

ويقرأ بفتح الراء على أنّ حقه الجزم وحرّك بالفتح.

ويقرأ بتخفيف الراء وسكونها وكسر الضاد ، وهو من ضاره يضيره.

ويقرأ كذلك إلا أنه بضمّ الضاد ، وهو من ضاره يضوره ، وكل ذلك لغات فيه.

١٣٥

و (إِذَا) : ظرف ليضر ، ويبعد ان يكون ظرفا لضلّ ؛ لأن المعنى لا يصحّ معه.

١٠٦ ـ (شَهادَةُ بَيْنِكُمْ) : يقرأ برفع الشهادة وإضافتها إلى بينكم. والرفع على الابتداء ، والإضافة هنا إلى بين على أن تجعل «بين» مفعولا به على السّعة ، والخبر (اثْنانِ). والتقدير : شهادة اثنين.

وقيل التقدير : ذوا شهادة بينكم اثنان ، فحذف المضاف الأوّل ؛ فعلى هذا يكون (إِذا حَضَرَ) ظرفا للشهادة.

وأما (حِينَ الْوَصِيَّةِ) ففيه على هذا ثلاثة أوجه :

أحدها ـ هو ظرف للموت.

والثاني ـ ظرف لحضر ؛ وجاز ذلك إذ كان المعنى حضر أسباب الموت.

والثالث ـ أن يكون بدلا من إذا.

وقيل : شهادة بينكم مبتدأ ، وخبره إذا حضر ، و «حين» على الوجوه الثلاثة في الإعراب.

وقيل : خبر الشهادة حين ، وإذا ظرف للشهادة ، ولا يجوز أن يكون (إِذا) خبرا للشهادة وحين ظرفا لها ؛ إذ في ذلك الفصل بين المصدر وصلته بخبره. ولا يجوز أن تعمل الوصية في «إذا» ؛ لأنّ المصدر لا يعمل فيما قبله ، ولا المضاف إليه في الإعراب يعمل فيما قبله. وإذا جعلت الظرف خبرا عن الشهادة فائنان خبر مبتدأ محذوف : أي الشاهدان اثنان.

وقيل : الشهادة مبتدأ ، وإذا وحين غير خبرين ؛ بل هما على ما ذكرنا من الظرفية ، واثنان فاعل شهادة ، وأغنى الفاعل عن خبر المبتدأ.

و (ذَوا عَدْلٍ) : صفة لاثنين ، وكذلك «منكم».

(أَوْ آخَرانِ) : معطوف على اثنان.

و (مِنْ غَيْرِكُمْ) : صفة لآخران.

و (إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ) : معترض بين آخران وبين صفته ، وهو (تَحْبِسُونَهُما) ؛ أي أو آخران من غيركم محبوسان.

و (مِنْ بَعْدِ) : متعلق بتحبسون ، وأنتم مرفوع بأنه فاعل فعل محذوف ؛ لأنه واقع بعد إن الشرطية ، فلا يرتفع بالابتداء. والتقدير : إن ضربتم ؛ فلما حذف الفعل وجب أن يفصل الضمير فيصير أنتم ليقوم بنفسه ، وضربتم تفسير للفعل المحذوف لا موضع له.

(فَيُقْسِمانِ) : جملة معطوفة على تحبسونهما.

و (إِنِ ارْتَبْتُمْ) : معترض بين يقسمان وجوابه ، وهو (لا نَشْتَرِي) ، وجواب الشرط محذوف في الموضعين اغنى عنه معنى الكلام.

والتقدير : إن ارتبتم فاحبسوهما ، أو فحلفوهما ، وإن ضربتم في الأرض فأشهدوا اثنين.

و (لا نَشْتَرِي) : جواب يقسمان ؛ لأنه يقوم مقام اليمين.

والهاء في (بِهِ) تعود إلى الله تعالى ؛ أو على القسم ، أو اليمين ، أو الحلف ؛ أو على تحريف الشهادة ، أو على الشهادة لأنها قول.

و (ثَمَناً) : مفعول نشتري ، ولا حذف فيه ، لأن الثمن يشتري كما يشتري به.

وقيل : التقدير : ذا ثمن.

(وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى) : أي ولو كان المشهود له ...

(وَلا نَكْتُمُ) : معطوف على لا نشتري.

وأضاف الشهادة إلى الله ؛ لأنه أمر بها ، فصارت له. ويقرأ شهادة ـ بالتنوين ، والله بقطع الهمزة من غير مدّ ، وبكسر الهاء على أنه جرّه بحرف القسم محذوفا ، وقطع الهمزة تنبيها على ذلك.

وقيل : قطعها عوض من حرف القسم.

ويقرأ كذلك إلّا أنه بوصل الهمزة ، والجرّ على القسم من غير تعويض ولا تنبيه.

ويقرأ كذلك ، إلا أنه بقطع الهمزة ومدّها ، والهمزة على هذا عوض من حرف القسم.

ويقرأ بتنوين الشهادة ووصل الهمزة ، ونصب اسم الله من غير مدّ على أنه منصوب بفعل القسم محذوفا.

١٠٧ ـ (فَإِنْ عُثِرَ) : مصدره العثور ، ومعناه اطلع ، فأمّا مصدر عثر في مشيه ومنطقه ورأيه فالعثار.

و (عَلى أَنَّهُمَا) : في موضع رفع لقيامه مقام الفاعل.

(فَآخَرانِ) : خبر مبتدأ محذوف ؛ أي فالشاهدان آخران.

وقيل : فاعل فعل محذوف ؛ أي فليشهد آخران.

وقيل : هو مبتدأ ، والخبر (يَقُومانِ). وجاز الابتداء هنا بالنكرة لحصول الفائدة به.

وقيل : الخبر الأوليان ؛ وقيل : المبتدأ الأوليان ، وآخران خبر مقدّم ، ويقومان : صفة آخران إذا لم تجعله خبرا.

و (مَقامَهُما) : مصدر ، و (مِنَ الَّذِينَ) : صفة اخرى لآخران.

ويجوز أن يكون حالا من ضمير الفاعل في «يقومان».

(اسْتَحَقَ) : يقرأ بفتح التاء على تسمية الفاعل ، والفاعل (الْأَوْلَيانِ) ، والمفعول محذوف ؛ أي وصيتهما.

ويقرأ بضمها على ما لم يسمّ فاعله ، وفي نائب الفاعل وجهان :

أحدهما ـ ضمير الإثم ، لتقدّم ذكره في قوله (اسْتَحَقَّا إِثْماً) ؛ أي استحق عليهم الإثم.

والثاني ـ الأوليان ؛ أي إثم الأوليين.

وفي (عَلَيْهِمُ) ثلاثة أوجه :

أحدها ـ هي على بابها ، كقولك : وجب عليه الإثم.

والثاني ـ هي بمعنى في ؛ أي استحق فيهم الوصية ونحوها.

١٣٦

والثالث ـ هي بمعنى من ، أي استحق منهم الأوليان.

ومثله : (اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ) ؛ أي من الناس.

(الْأَوْلَيانِ) : يقرأ بالألف على تثنية أولى.

وفي رفعه خمسة أوجه :

أحدها ـ هو خبر مبتدأ محذوف ؛ أي هما الأوليان.

والثاني ـ هو مبتدأ وخبره آخران ، وقد ذكر.

والثالث ـ هو فاعل استحق ؛ وقد ذكر أيضا.

والرابع ـ هو بدل من الضمير في يقومان.

والخامس ـ أن يكون صفة لآخران ؛ لأنه وإن كان نكرة فقد وصف ، والأوليان لم يقصد بهما قصد اثنين بأعيانهما ؛ وهذا محكيّ عن الأخفش.

ويقرأ الأوّلين ، وهو جمع أول ؛ وهو صفة للذين استحق ، أو بدل من الضمير في عليهم.

ويقرأ الأوّلين ، وهو جمع أول ؛ وإعرابه كإعراب الأوّلين.

ويقرأ «الأولان» تثنية الأوّل ، وإعرابه كإعراب الأوليان.

(فَيُقْسِمانِ) : عطف على «يقومان».

(لَشَهادَتُنا أَحَقُ) : مبتدأ وخبر ، وهو جواب «يقسمان».

١٠٨ ـ (ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا) : أي من ان يأتوا ، أو إلى أن يأتوا ، وقد ذكر نظائره.

و (عَلى وَجْهِها) : في موضع الحال من الشهادة ؛ أي محققة ، أو صحبحة.

(أَوْ يَخافُوا) : معطوف على يأتوا.

و (بَعْدَ أَيْمانِهِمْ) : ظرف لترد ، أو صفة لأيمان.

١٠٩ ـ (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ) : العامل في يوم (يَهْدِي) ؛ أي لا يهديهم في ذلك اليوم إلى حجّة ، أو إلى طريق الجنة.

وقيل : هو مفعول به ؛ والتقدير : واسمعوا خبر يوم جمع الله الرسل ، فحذف المضاف.

(ما ذا) : في موضع نصب ب (أُجِبْتُمْ) ، وحرف الجر محذوف ؛ أي بماذا أجبتم.

وما ، وذا هنا بمنزلة اسم واحد ، ويضعف أن يجعل «ذا» بمعنى الذي هاهنا ؛ لأنه لا عائد هنا ، وحذف العائد مع حرف الجر ضعيف.

(إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) ، و «إنّك أنت العزيز الحكيم» مثل : (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) ، وقد ذكر في البقرة.

١١٠ ـ (إِذْ قالَ اللهُ) : يجوز أن يكون بدلا من يوم ، والتقدير : إذ يقول ؛ ووقعت هنا «إذ» وهي للماضي على حكاية الحال.

ويجوز أن يكون التقدير : اذكر إذ يقول.

(يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ) : يجوز أن يكون على الألف من عيسى فتحه ، لأنّه قد وصف بابن وهو بين علمين ، وأن يكون عليها ضمّة ، وهي مثل قولك : يا زيد بن عمرو ـ بفتح الدال وضمّها ؛ فإذا قدرت الضمّ جاز أن تجعل ابن مريم صفة وبيانا وبدلا.

(إِذْ أَيَّدْتُكَ) : العامل في إذ (نِعْمَتِي). ويجوز أن يكون حالا من نعمتي. وأن يكون مفعولا به على السعة.

وأيّدتك ، وآيدتك : قد قرئ بهما ، وقد ذكر في البقرة.

(تُكَلِّمُ النَّاسَ) : في موضع الحال من الكاف في «أيّدتك».

و (فِي الْمَهْدِ) : ظرف لتكلم ، أو حال من ضمير الفاعل في تكلم.

(وَكَهْلاً) : حال منه أيضا. ويجوز أن يكون من الكاف في أيّدتك ؛ وهي حال مقدرة. (وَإِذْ عَلَّمْتُكَ). (وَإِذْ تَخْلُقُ) ؛ (وَإِذْ تُخْرِجُ) : معطوفات على إذ أيّدتك.

(مِنَ الطِّينِ) : يجوز أن يتعلّق بتخلق ، فتكون «من» لابتداء غاية الخلق ، وأن يكون حالا من «هيئة الطّير» على قول من أجاز تقديم حال المجرور عليه والكاف مفعول تخلق ؛ وقد تكلمنا على قوله : «هيئة الطير» في آل عمران.

(فَتَكُونُ طَيْراً) : يقرأ بياء ساكنة من غير ألف. وفيه وجهان :

أحدهما ـ أنه مصدر في معنى الفاعل.

والثاني ـ أن يكون أصله طيرا مثل سيّد ، ثم خفّف ، إلا أنّ ذلك يقلّ فيما عينه ياء ، وهو جائز.

ويقرأ طائرا ، وهي صفة غالبة.

وقيل : هو اسم للجمع ، مثل الحامل والباقر.

(وَتُبْرِئُ) : معطوف على (تَخْلُقُ). (إِذْ جِئْتَهُمْ) : ظرف لكففت.

(سِحْرٌ مُبِينٌ) : يقرأ بغير ألف على أنه مصدر ، ويشار به إلى ما جاء به من الآيات.

ويقرأ ساحر ـ بالألف ، والإشارة به إلى عيسى.

وقيل : هو فاعل في معنى المصدر ، كما قالوا : عائذا بالله منك ؛ أي عوذا. أو عياذا.

١١١ ـ (وَإِذْ أَوْحَيْتُ) : معطوف على (إِذْ أَيَّدْتُكَ).

(أَنْ آمِنُوا) : يجوز أن تكون أن مصدرية ، فتكون في موضع نصب بأوحيت. وأن تكون بمعنى أي ، وقد ذكرت نظائره.

١١٢ ـ (إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ) : أي اذكر إذ قال ...

ويجوز أن يكون ظرفا لمسلمون.

(هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ) : يقرأ بالياء على أنه فعل وفاعل. والمعنى : هل يقدر ربّك أن يفعل. وقيل التقدير : هل يطيع ربّك ، وهما بمعنى واحد ، مثل استجاب ، وأجاب ، واستجب ، وأجب.

ويقرأ بالتاء ؛ وربّك نصب. والتقدير : هل تستطيع سؤال ربّك ، فحذف المضاف.

١٣٧

فأما قوله : (أَنْ يُنَزِّلَ) فعلى القراءة الأولى هو مفعول يستطيع ؛ والتقدير : على أن ينزل ، أو في أن ينزل.

ويجوز ألا يحتاج إلى حرف جرّ على أن يكون يستطيع بمعنى يطيق ؛ وعلى القراءة الأخرى يكون مفعولا لسؤال محذوف.

١١٤ ـ (أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا) : أن مخفّفّة من الثقيلة ، واسمها محذوف ، و «قد» عوض منه.

وقيل : أن مصدرية و «قد» لا تمنع من ذلك.

(تَكُونُ) : صفة لمائدة.

و (لَنا) : يجوز أن يكون خبر كان ، ويكون (عِيداً) حالا من الضمير في الظرف ، أو حالا من الضمير في «كان» على قول من ينصب عنها الحال.

ويجوز أن يكون عيدا الخبر.

وفي «لنا» على هذا وجهان :

أحدهما ـ أن يكون حالا من الضمير في تكون.

والثاني ـ أن تكون حالا من عيد ، لأنّه صفة له قدّمت عليه.

فأمّا (لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا) فإذا جعلت لنا خبرا ، أو حالا من فاعل تكون فهو صفة لعيد. وإن جعلت «لنا» صفة لعيد كان لأولنا وآخرنا بدلا من الضمير المجرور بإعادة الجار. ويقرأ : لأولانا وأخرانا ، على تأنيث الطائفة أو الفرقة.

وأما (مِنَ السَّماءِ) فيجوز أن يكون صفة لمائدة ، وأن يتعلق بينزل.

(وَآيَةً) : عطف على عيد.

و (مِنْكَ) : صفة لها.

١١٥ ـ (مِنْكُمْ) : في موضع الحال من ضمير الفاعل في يكفر.

(عَذاباً) : اسم للمصدر الذي هو التعذيب ، فيقع موقعه.

ويجوز أن يجعل مفعولا به على السعة.

وأما قوله : (لا أُعَذِّبُهُ) فيجوز أن تكون الهاء للعذاب.

وفيه على هذا وجهان :

أحدهما ـ أن يكون حذف حرف الجر ؛ أي : لا أعذّب به أحدا.

والثاني ـ أن يكون مفعولا به على السّعة.

ويجوز أن يكون ضمير المصدر المؤكد ، كقولك : ظننته زيدا منطلقا ؛ ولا تكون هذه الهاء عائدة على العذاب الأوّل.

فإن قلت : لا أعذّبه صفة لعذاب ؛ فعلى هذا التقدير لا يعود من الصفة إلى الموصوف شيء.

قيل : إنّ الثاني لما كان واقعا موقع المصدر ، والمصدر جنس ، و «عذابا» نكرة ، كان الأول داخلا في الثاني ، والثاني مشتمل على الأول ؛ وهو مثل : زيد نعم الرجل.

ويجوز أن تكون الهاء ضمير «من» ؛ وفي الكلام حذف ؛ أي لا أعذّب الكافر ؛ أي مثل الكافر ؛ أي مثل عذاب الكافر.

١١٦ ـ (اتَّخِذُونِي) : هذه تتعدّى إلى مفعولين ؛ لأنّها بمعنى صيّروني.

و (مِنْ دُونِ اللهِ) : في موضع صفة إلهين.

ويجوز أن تكون متعلّقة باتخذوا.

(أَنْ أَقُولَ) : في موضع رفع فاعل يكون.

و (لِي) : الخبر. و (ما لَيْسَ) : بمعنى الذي ، أو نكرة موصوفة ، وهو مفعول أقول ؛ لأنّ التقدير : أن أدعى ، أو أذكر.

واسم ليس مضمر فيها ، وخبرها «لي».

و (بِحَقٍ) : في موضع الحال من الضمير في الجار ، والعامل فيه الجارّ.

ويجوز أن يكون «بحق» مفعولا به ، تقديره : ما ليس يثبت لي بسبب حقّ ؛ فالباء تتعلّق بالفعل المحذوف لا بنفس الجار ، لأنّ المعاني لا تعمل في المفعول به.

ويجوز أن يجعل «بحق» خبر ليس ، و «لي» تبيين ، كما في قولهم : سقيا له ورعيا.

ويجوز أن يكون «بحق» خبر ليس ، ولى صفة لحقّ قدّم عليه فصار حالا ؛ وهذا يخرج على قول من أجاز تقديم حال المجرور عليه.

(إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ) : كنت لفظها ماض ، والمراد المستقبل ؛ والتقدير : إن يصح دعواي له ، وإنما دعا هذا لأنّ إن الشرطية لا معنى لها إلا في المستقبل ؛ فآل حاصل المعنى إلى ما ذكرناه.

١١٧ ـ (ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ) : «ما» في موضع نصب بقلت ؛ أي ذكرت ، أو أدّيت الذي أمرتني به ؛ فيكون مفعولا به.

ويجوز أن تكون «ما» نكرة موصوفة. وهو مفعول به أيضا.

(أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) : يجوز أن تكون أن مصدرية ، والأمر صلة لها ، وفي الموضوع ثلاثة أوجه : الجر على البدل من الهاء ، والرّفع على إضمار هو ، والنّصب على إضمار أعني ، أو بدلا من موضع «به». ولا يجوز أن تكون بمعنى أي المفسرة ، لأنّ القول قد صرّح به ؛ و «أي» لا تكون مع التصريح بالقول.

(رَبِّي) : صفة لله ، أو بدل منه ، و (عَلَيْهِمْ) يتعلّق ب (شَهِيداً).

(ما دُمْتُ) «ما» هنا مصدرية ، والزمان معها محذوف ؛ أي مدّة ما دمت.

و (دُمْتُ) : هنا يجوز أن تكون الناقصة ، و (فِيهِمْ) : خبرها.

ويجوز أن تكون التامة ؛ أي ما أقمت فيهم ؛ فيكون فيهم ظرفا للفعل.

و (الرَّقِيبَ) : خبر كان. و (أَنْتَ) : فصل ، أو توكيد للفاعل.

ويقرأ بالرفع على أن يكون مبتدأ وخبرا في موضع نصب.

١٣٨

١١٨ ـ (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ) : الفاء جواب الشرط ، وهو محمول على المعنى ؛ أي إن تعذّبهم تعدل ، وإن تغفر لهم تتفضّل.

١١٩ ـ (هذا يَوْمُ) : هذا مبتدأ ، ويوم خبره ؛ وهو معرب لأنّه مضاف إلى معرب ، فبقي على حقّه من الإعراب.

ويقرأ «يوم» ـ بالفتح ؛ وهو منصوب على الظرف ، و «هذا» فيه وجهان :

أحدهما ـ هو مفعول قال ؛ أي قال الله هذا القول في يوم.

والثاني ـ أن هذا مبتدأ ، ويوم ظرف للخبر المحذوف ؛ أي هذا يقع ، أو يكون يوم ينفع.

وقال الكوفيون : يوم في موضع رفع خبر هذا ولكنه بني على الفتح لإضافته إلى الفعل ، وعندهم يجوز بناؤه ، وإن أضيف إلى معرب ، وذلك عندنا لا يجوز إلا إذا أضيف إلى مبنى.

و (صِدْقُهُمْ) : فاعل ينفع. وقد قرئ شاذا «صدقهم» ـ بالنصب ، على أن يكون الفاعل ضمير اسم الله. وصدقهم ـ بالنصب ـ على أربعة أوجه :

أحدها ـ أن يكون مفعولا له ؛ أي لصدقهم.

والثاني ـ أن يكون حذف حرف الجر ؛ أي بصدقهم.

والثالث ـ أن يكون مصدرا مؤكدا ؛ أي الذين يصدقون صدّقهم. كما تقول : تصدق الصدق.

والرابع ـ أن يكون مفعولا به ، والفاعل مضمر في الصادقين ؛ أي يصدقون الصدق ، كقوله : صدقته القتال. والمعنى : يحققون الصدق.

سورة الأنعام

١ ـ (بِرَبِّهِمْ) : الباء تتعلّق ب (يَعْدِلُونَ) ؛ أي الذين كفروا يعدّلون بربّهم غيره.

و (الَّذِينَ كَفَرُوا) : مبتدأ ، و (يَعْدِلُونَ) الخبر ، والمفعول محذوف.

ويجوز على هذا أن تكون الباء بمعنى عن ؛ فلا يكون في الكلام مفعول محذوف ؛ بل يكون يعدلون لازما ؛ أي يعدلون عنه إلى غيره.

ويجوز أن تتعلّق الباء بكفروا ؛ فيكون المعنى : الذين جحدوا ربّهم مائلون عن الهدى.

٢ ـ (خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ) : في الكلام حذف مضاف ؛ أي خلق أصلكم.

و (مِنْ طِينٍ) : متعلّق بخلق ، و «من» هنا لابتداء الغاية. ويجوز أن تكون حالا ؛ أي خلق أصلكم كائنا من طين.

(وَأَجَلٌ مُسَمًّى) : مبتدأ موصوف ، و (عِنْدَهُ) الخبر.

٣ ـ (وَهُوَ اللهُ) : هو مبتدأ ، والله الخبر.

و (فِي السَّماواتِ) : فيه وجهان :

أحدهما ـ يتعلّق ب (يَعْلَمُ) ؛ أي يعلم سرّكم وجهركم في السموات والأرض ؛ فهما ظرفان للعلم ، فيعلم على هذا خبر ثان.

ويجوز أن يكون «الله» بدلا من «هو» ، ويعلم الخبر.

والثاني ـ أن يتعلق «في» باسم الله ؛ لأنّه بمعنى المعبود ؛ أي وهو المعبود في السموات والأرض ؛ ويعلم على هذا خبر ثان ، أو حال من الضمير في المعبود ، أو مستأنف.

وقال أبو علي : لا يجوز أن تتعلّق «في» باسم الله لأنّه صار بدخول الألف واللام والتغيير الذي دخله كالعلم ؛ ولهذا قال تعالى : (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا).

وقيل : قد تمّ الكلام على قوله : (فِي السَّماواتِ). و (فِي الْأَرْضِ) يتعلّق بيعلم ؛ وهذا ضعيف ؛ لأنّه سبحانه معبود في السموات وفي الأرض ويعلم ما في السماء والأرض ؛ فلا اختصاص لإحدى الصفتين بأحد الظرفين.

و (سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ) : مصدران بمعنى المفعولين ؛ أي مسروركم ومجهوركم.

ودلّ على ذلك قوله : (وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ) ؛ أي الذي ...

ويجوز أن يكونا على بابهما.

٤ ـ (مِنْ آيَةٍ) : موضعه رفع بتأتي ، و «من» زائدة.

و (مِنْ آياتِ) : في موضع جرّ صفة لآية.

ويجوز أن تكون في موضع رفع على موضع آية.

٥ ـ (لَمَّا جاءَهُمْ) : «لمّا» ظرف لكذبوا ؛ وهذا قد عمل فيها وهو قبلها ، ومثله «إذا».

و «به» : متعلق ب (يَسْتَهْزِؤُنَ).

٦ ـ (كَمْ أَهْلَكْنا) : كم : استفهام بمعنى التعظيم ؛ فلذلك لا يعمل فيها يروا ، وهي في موضع نصب بأهلكنا ؛ فيجوز أن تكون (كَمْ) مفعولا به ، ويكون (مِنْ قَرْنٍ) تبيينا لكم.

ويجوز أن تكون ظرفا ، و «من قرن» مفعول أهلكنا. ومن زائدة ؛ أي كم أزمنة أهلكنا فيها من قبلهم قرونا.

ويجوز أن يكون «كم» مصدرا ؛ أي كم مرة ، أو كم إهلاكا ، وهذا يتكرّر في القرآن كثيرا.

(مَكَّنَّاهُمْ) : في موضع جر صفة لقرن ، وجمع على المعنى.

(ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ) : رجع من الغيبة في قوله : (أَلَمْ يَرَوْا) ، إلى الخطاب في «لكم» ، ولو قال لهم لكان جائزا.

و (ما) : نكرة موصوفة ، والعائد محذوف ؛ أي شيئا لم نمكّنه لكم.

ويجوز أن تكون «ما» مصدرية والزمان محذوف ، أي مدة ما لم نمكن لكم ؛ أي مدة تمكنهم أطول من مدتكم.

ويجوز أن تكون «ما» مفعول نمكّن على المعنى ؛ لأنّ المعنى أعطيناهم ما لم نعطكم.

و (مِدْراراً) : حال من السماء.

١٣٩

و (تَجْرِي) : المفعول الثاني لجعلنا ، أو حال من الأنهار إذا جعلت «جعل» متعدّية إلى واحد.

و (مِنْ تَحْتِهِمْ) : يتعلّق بتجري.

ويجوز أن يكون حالا من الضمير في تجري ؛ أي وهي من تحتهم.

ويجوز أن يكون «من تحتهم» مفعولا ثانيا لجعل ، أو حالا من الأنهار ، وتجري في موضع الحال من الضمير في الجار ؛ أي وجعلنا الأنهار من تحتهم جارية ؛ أي استقرّت جارية.

و (مِنْ بَعْدِهِمْ) : يتعلّق بأنشأنا ؛ ولا يجوز أن يكون حالا من قرن ، لأنّه ظرف زمان

٧ ـ (فِي قِرْطاسٍ) : نعت لكتاب.

ويجوز أن يتعلّق بكتاب على أنه ظرف له.

والكتاب هنا : المكتوب في الصحيفة لا نفس الصحيفة.

والقرطاس ـ بكسر القاف وفتحها لغتان ؛ وقد قرئ بهما.

والهاء في «لمسوه» يجوز أن ترجع على قرطاس ، وأن ترجع على كتاب.

٩ ـ (ما يَلْبِسُونَ) : «ما» بمعنى الذي ، وهو مفعول «لبسنا».

١٠ ـ (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ) : يقرأ بكسر الدال على أصل التقاء الساكنين ؛ وبضمّها على أنه أتبع حركتها حركة التاء لضعف الحاجز بينهما.

و (ما) : بمعنى الذي ، وهو فاعل حاق.

و (بِهِ) : يتعلّق ب (يَسْتَهْزِؤُنَ).

و (مِنْهُمْ) : الضمير للرسل ؛ فيكون منهم متعلّقا بسخروا ؛ لقوله : (فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ). ويجوز في الكلام سخرت به ، ويجوز أن يكون الضمير راجعا إلى المستهزئين ؛ فيكون «منهم» حالا من ضمير الفاعل في سخروا.

١١ ـ (كَيْفَ كانَ) : كيف خبر كان.

و (عاقِبَةُ) : اسمها ولم يؤنّث الفعل ؛ لأنّ العاقبة بمعنى المعاد ؛ فهو في معنى المذكر ؛ ولأنّ التأنيث غير حقيقي.

١٢ ـ (لِمَنْ) : من استفهام ، و «ما» : بمعنى الذي في موضع مبتدأ ، ولمن خبره.

(قُلْ لِلَّهِ) : أي قل هو لله.

(لَيَجْمَعَنَّكُمْ) : قيل موضعه نصب بدلا من الرحمة. وقيل : لا موضع له ، بل هو مستأنف ؛ واللام فيه جواب قسم محذوف وقع (كَتَبَ) موقعه.

(لا رَيْبَ فِيهِ) : قد ذكر في آل عمران ، والنساء.

(الَّذِينَ خَسِرُوا) : مبتدأ. (فَهُمْ) : مبتدأ ثان ، (لا يُؤْمِنُونَ) خبره ، والثاني وخبره خبر الأول ؛ ودخلت الفاء لما في الذين من معنى الشرط.

وقال الأخفش : الذين خسروا بدل من المنصوب في ليجمعنّكم ، وهو بعيد ؛ لأنّ ضمير المتكلم والمخاطب لا يبدل منهما لوضوحهما غاية الوضوح ، وغيرهما في ذلك.

١٤ ـ (أَغَيْرَ اللهِ) : مفعول أول (أَتَّخِذُ) ، و (وَلِيًّا) الثاني.

ويجوز أن يكون «أتخذ» متعديّا إلى واحد وهو وليّ ، وغير الله صفة له ، قدّمت عليه ، فصارت حالا. ولا يجوز أن تكون «غير» هنا استثناء. (فاطِرِ السَّماواتِ) : يقرأ بالجر ، وهو المشهور ، وجرّه على البدل من اسم الله.

وقرئ شاذّا بالنصب ، وهو بدل من وليّ.

والمعنى على هذا : أجعل فاطر السموات. والأرض غير الله.

ويجوز أن يكون صفة لوليّ ، والتنوين مراد ، وهو على الحكاية ؛ أي فاطر السموات.

(وَهُوَ يُطْعِمُ) : بضم الياء وكسر والعين ، (وَلا يُطْعَمُ) بضم الياء وفتح العين ، وهو المشهور.

ويقرا «ولا يطعم» ـ بفتح الياء والعين. والمعنى على القراءتين يرجع على الله.

وقرئ في الشاذ «وهو يطعم» بفتح الياء والعين ؛ ولا يطعم بضم الياء وكسر الياء وكسر العين ؛ وهذا يرجع إلى الولي الذي هو غير الله.

(مَنْ أَسْلَمَ) : أي أوّل فريق أسلم.

(وَلا تَكُونَنَ) : أي وقيل له : لا تكوننّ ، ولو كان معطوفا على ما قبله لقال وألّا أكون.

١٦ ـ (مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ) : يقرأ بضمّ الياء وفتح الراء على ما لم يسمّ فاعله ، وفي القائم مقام الفاعل وجهان :

أحدهما ـ (يَوْمَئِذٍ) ؛ أي من يصرف عنه عذاب يومئذ ؛ فحذف المضاف. ويومئذ مبنيّ على الفتح.

والثاني ـ أن يكون مضمرا في «يصرف» يرجع إلى العذاب ، فيكون يومئذ ظرفا ليصرف ، أو للعذاب ، أو حالا من الضمير.

ويقرأ بفتح الياء وكسر الراء على تسمية الفاعل ؛ أي من يصرف الله عنه العذاب ؛ فمن على هذا مبتدأ ، والعائد عليه الهاء في عنه ، وفي (رَحِمَهُ) ، والمفعول محذوف وهو العذاب.

ويجوز أن يكون المفعول «يومئذ» ؛ أي عذاب يومئذ.

ويجوز أن تجعل «من» في موضع نصب بفعل محذوف تقديره : من يكرم يصرف الله عنه العذاب ، فجعلت «يصرف» تفسيرا للمحذوف. ومثله (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ).

ويجوز أن ينصب من يصرف ، وتجعل الهاء في عنه للعذاب ؛ أي أيّ إنسان يصرف الله عنه العذاب فقد رحمه.

فأمّا «من» على القراءة الأولى فليس فيها إلا الرّفع على الابتداء ، والهاء في «عنه» يجوز أن ترجع على «من» ، وأن ترجع على العذاب.

١٧ ـ (فَلا كاشِفَ لَهُ) : «له» : خبر كاشف.

١٤٠