التفسير المبين

محمّد جواد مغنية

التفسير المبين

المؤلف:

محمّد جواد مغنية


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة دار الكتاب الاسلامي
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٣
ISBN: 964-465-000-X
الصفحات: ٨٣٠

الصَّالِحاتِ) المراد بالخسر هنا الخسر في الآخرة كما نطقت الآية ١٥ من الزمر : (قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ) وعليه يكون المعنى أن كل ما يملكه الإنسان من غرائز ومواهب ومناصب ، وكل جهد يقوم به أو ربح يكسبه في الحياة الدنيا ـ فلا يغني عنه شيئا يوم القيامة إلا ما كان لوجه الله والخير ويؤكد هذا المعنى قوله تعالى : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) ـ ١٥٢ البقرة» (وَتَواصَوْا بِالْحَقِ) أي أوصى بعضهم بعضا بفعل الواجبات وترك المحرمات (وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) بالثبات على طاعة الله ، وتحمل المشاق والمكروه في سبيلها وسبيله. ونقل عن الشافعي أنه قال : لو لم ينزل من القرآن سوى هذه السورة لكفت الناس.

سورة الهمزة

مكيّة وهي تسع آيات

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

١ ـ (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) الويل : الخزي والهوان ، والهمز واللمز والغمز بمعنى واحد في القرآن ، قال سبحانه : (وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ) ـ ٣٠ المطففين ... (هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ) ـ ١١ القلم ... (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ) ـ ٥٨ التوبة» والمراد واحد في هذه الآيات وهو الطعن والعض والنهش في أعراض الناس.

٢ ـ (الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ) يعده شغفا وتلذذا ، وهو الذي دفعه إلى الحط من كرامة الناس.

٣ ـ (يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ) أيظن أن هذا المال يدفع الموت عنه أو ينجيه من حساب الله وعذابه؟

٤ ـ (كَلَّا) لا تجديه الأموال نفعا ، بل (يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ) ـ ٣٥ التوبة» (لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ) هي جهنم تحطم الطغاة ، وتدمر المتغطرسين.

٥ ـ (وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ) إنها فوق التصور.

٦ ـ (نارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ) نار الغضب لا نار الفحم والنفط والحطب ، نار قال لها الجليل كوني أشد من نار الدنيا ألما وعذابا فكانت ... رحماك يا الله رحماك على من حمل القلم وسهر الليالي الطوال لإعلاء كلمتك.

٧ ـ (الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ) تحرق وتكوي من يستحق العذاب ، وخصّ سبحانه الأفئدة بالذكر ، لأنها مواطن الحقد واللؤم والحسد.

٨ ـ (إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ) مطبقة لا مفرّ منها إلّا إليها ، وتقدم في الآية ٢٠ من البلد.

٩ ـ (فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ) عمد : جمع عمود ، وممددة : مطولة ، وهذا كناية عن شدة الإطباق والإحكام.

٨٢١

سورة الفيل

مكيّة وهي خمس آيات

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

١ ـ (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ) الخطاب لرسول الله (ص) ظاهر وعام واقعا ، لأنه يشير إلى قدرة الله وعظمته. والاستفهام لتقرير الواقع وتوكيده ، والغاية من هذه السورة التنبيه إلى أن الله يقصم ظهور الطغاة الجبابرة ، أما أصحاب الفيل فهم قوم من الأحباش قادهم رجل اسمه أبرهة ، يركب أضخم الفيلة ، وقد توجه بهم إلى مكة لهدم الكعبة ، فانتقم الله منه ومنهم بأسراب من الطيور الصغار ، ترميهم بحصى لا تصيب أحدا إلا نثرت لحمه ، وأوهنت عظمه وبهذه المعجزة سلمت الكعبة من أيدي الأشرار. وفي هذه السنة ولد الهدى وأضاء الكون بنور الرسول الأعظم (ص).

٢ ـ (أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ) أي في تضييع ، والمعنى أحبط خطتهم وأبطل كيدهم.

٣ ـ ٤ ـ (وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ) أفواجا تمطرهم بأشد العذاب وهو حجارة (مِنْ سِجِّيلٍ) طين متحجر.

٥ ـ (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) العصف : ورق الزرع وتبنه ، والمعنى أنهم صاروا كالرميم.

سورة قريش

مكيّة وهي اربع آيات

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

١ ـ (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ) الإيلاف : من الألفة والائتلاف وقريش : تصغير قرش بمعنى التجار ، والمراد بها هنا قبيلة سيد الكونين محمد (ص).

٢ ـ (إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ) اعتادت قريش أن ترجل للكسب والتجارة في العام مرتين : صيفا إلى الشام ، وشتاء إلى اليمن.

___________________________________

الإعراب : (كَيْفَ) مفعول مطلق لفعل لأن المعنى أي فعل فعل ربك. و (تَرَ) هنا معلقة عن العمل لوجود كيف التي لا يعمل ما قبلها فيما بعدها. و (أَبابِيلَ) صفة للطير ومعناه جماعات. و (كَعَصْفٍ) الكاف بمعنى مثل وهي مفعول ثان لجعل. (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ) يتعلق بقوله تعالى : (فَجَعَلَهُمْ) ، في آخر السورة السابقة اي ان الله أهلك اصحاب الفيل لتطمئن قريش في بلدها ، ومن جعلها سورة مستقلة قال : لإيلاف قريش يتعلق بفليعبدوا ، او بمحذوف أي اعجبوا لإيلاف قريش. وإيلاف بدل من إيلاف قريش. و (رِحْلَةَ) مفعول إيلافهم. فليعبدوا مجزوم بلام الأمر. و (الَّذِي أَطْعَمَهُمْ) صفة لرب هذا البيت.

٨٢٢

٣ ـ (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ) فهو أولى الناس بأن يوحدوه ويفردوه بالتعظيم والتنزيه عن الند والشريك ، ولما ذا؟ لأنه هو :

٤ ـ (الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) وإذا عطفنا قول الرسول الأعظم (ص) : «كاد الفقر يكون كفرا» على هذه الآية التي ربطت بين دعوته تعالى إلى عبادته تعالى وبين التذكير بنعمته ـ ظهر لنا بوضوح أن الفقر والحرمان إذا سيطر اتخذ منه الشيطان وحزبه منفذا إلى التشكيك في الله وعدله ورحمته ، والمسئول الأول عن سيئات الفقر وآثامه هم الأغنياء الذين يستأثرون ويغتصبون الحق المعلوم الذي فرضه سبحانه في أموالهم للسائل والمحروم ، ونذكّر للمرة الثالثة أو الرابعة قول الإمام جعفر الصادق (ع) الذي دونه صاحب الوسائل في أول باب الزكاة : إن الناس ما افتقروا ولا احتاجوا ولا جاعوا ولا عروا إلا بذنوب الأغنياء ، وحقيق على الله تعالى أن يمنع رحمته ممن منع حق الله في ماله. وأخيرا روى الشيعة الإمامية عن أهل البيت (ع) : «لا تجمع بين سورتين في ركعة واحدة إلا الضحى وألم نشرح ، وألم تر كيف ولإيلاف قريش»

سورة الماعون

مكيّة وهي سبع آيات

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

١ ـ (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ) أرأيت : هل تعرف؟ والدين : الإيمان بالله واليوم الآخر ، وبشريعته التي بلغها سبحانه للخلق بلسان أنبيائه ورسله والمعنى ، فإن كنت لا تعرف من كفر بكل ذلك فاعلم أنه :

٢ ـ (فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ) يدع : يزجر ، والمراد باليتيم هنا كل ضعيف لا نصير له ولا مجير ، وفي نهج البلاغة : ظلم الضعيف أفحش الظلم ، وفي الحديث : «من أعان ظالما وهو يعلم أنه ظالم فقد برئ من الإسلام» وبالأولى الظالم ، ومعنى هذا أن الظالم يعامل في الآخرة معاملة الكافر لأن الآية ربطت بين ظلم اليتيم والتكذيب بالدين. أجل إذا نطق الظالم بالشهادتين يعامل في معاملة المسلم في الدنيا ، أما في الآخرة فلا تنفعه الشهادتان شيئا حتى ولو صلّى وصام وحج إلى بيت الله الحرام ٣ ـ (وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ) المراد بالحض هنا التعاون مع الآخرين على الاهتمام بشأن المعوزين والعاطلين عن العمل ، وتقدم في الآية ٣٤ من الحاقة وغيرها ٤ ـ ٥ ـ (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ) والمراد بالمصلين والساهين هنا المنافقون الذين لا يؤمنون بالله من الأساس فضلا عن الصلاة له ، لقوله سبحانه في تحديدهم :

٦ ـ (الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ) وكل من يفعل الخير لغير وجه الله والخير فهو مراء ، ومن أوضح العلامات الدالة عليه أن يترك أو يكسل إذا كان وحده ، وينشط إذا كان أحد عنده.

٧ ـ (وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ) هذا تصوير للمنافقين ودليل على أن صلاتهم للناس لا لله ، ووجه الدلالة أنهم لا ينفعون أحدا ولا يعينونه بأتفه الأشياء كإعارة الآنية أو الكتاب أو القلم ، ولو كانوا من أهل الدين لنفعوا وأعانوا تقربا إلى الله أما الصلاة فيأتون بها لأنها بالمجان.

٨٢٣

سورة الكوثر

مكيّة وهي ثلاث آيات

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

١ ـ (إِنَّا أَعْطَيْناكَ) يا محمد (الْكَوْثَرَ) : مبالغة في الكثرة ، وقد أعطى سبحانه محمدا (ص) ما لم يعطه لملك مقرب ولا لنبي مرسل ، من ذلك ذكر صفاته وعلاماته في الكتب السماوية السابقة ، وأخذ الميثاق على النبيين بالتبشير به ، وأعطاه شخصية معجزة خارقة تماما كالقرآن ، إلى غير ذلك مما يستوعب مجلدات. وقال لي قائل : إن محمدا لم يقل : فاسألوني قبل أن تفقدوني كما قال عليّ. فقلت له : إن محمدا (ص) قال أعظم من هذا بكثير. وذلك قوله : «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ... مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله إلا موضع لينة من زاوية ، فجعل الناس يطوفون به ويتعجبون له ويقولون : هلا وضعت هذه اللبنة؟ فأنا اللبنة ، وأنا خاتم النبيين».

٢ ـ (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) اشكر ربك يا محمد على نعمه الكبرى عليك بالإخلاص له في الصلاة وذبح الأضاحي والقرابين لوجهه الكريم.

٣ ـ (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) الخطاب لمحمد (ص). والشانئ : المبغض من الشنآن بمعنى العداوة ، والأبتر : منقطع الذكر والأثر ، وهذه الآية رد على أحد رؤوس البغي والشرك حيث قال : محمد أبتر لا ولد له ، فإذا مات انقطع ذكره بموته ، فأكذبه سبحانه بأن عدو محمد هو الأبتر الذي لا يذكر إلا باللعنات وأقبح السيئات ، أما محمد فيذكر بالصلوات وأكمل الصفات.

سورة الكافرون

مكيّة وهي ست آيات

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

١ ـ ٥ ـ (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ ، وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) قال الرواة والمفسرون : جاء نفر من المشركين إلى رسول الله (ص) وعرضوا عليه أن يعبد آلهتهم سنة ، ويعبدوا إلهه سنة ، وينتهي ما بينه وبينهم من صراع. فقال لهم : ليس الخلاف فيما بيننا على حكم وسلطان ولا على عقار وأموال كي نشترك ونقتسم ، وإنما هو خلاف في الدين والمبدأ الذي لا يقبل تقسيما ولا مصالحة إلا أن يتنازل أحد الطرفين ويؤمن بفكرة الآخر ... ومعاذ الله أن أشرك به ، وأنتم ترفضون التوحيد بإصرار واستكبار ، وإذن :

٦ ـ (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) كفوا عنى ، وأكف عنكم وندع الحكم لله العليم الحكيم. أما التكرار (لا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ ...) فهو لمجرد الإشارة إلى أن كلّا من الطرفين ثابت على مبدئه ومصرّ على موقفه ، وبهذا التوكيد الوطيد يئس الكفار من محمد (ص) وأيقنوا أن الأمر جد وليس بالهزل ، وأنهم أمام رجل لا ككل الرجال.

٨٢٤

سورة النصر

مدنيّة وهي ثلاث آيات

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

١ ـ (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ) هذه بشارة من الله سبحانه لنبيه الكريم بفتح مكة والنصر على أعداء الله وأعدائه وبهذا الفتح والنصر أظهر سبحانه دينه ، وأنجز وعده في قوله الكريم : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) ـ ٣٣ التوبة» حتى قادة الشرك استسلموا واضطروا للإذعان ، قال الدكتور طه حسين في كتاب مرآة الإسلام : «شهد أبو سفيان بين يدي محمد (ص) : لا إله إلا الله وأظهر التردد في الشهادة بأن محمدا رسول الله ، ولكنه اضطر آخر الأمر إلى أن يعلنها».

٢ ـ (وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ) وهو الدين الذي آمنت به يا محمد ودعوت إليه وقاسيت الكثير في سبيله ، ورفضت من أجله المال والملك وقلت فيما قلت : لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري عن أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته. فما ذا ترى الآن؟ لقد عوضك الله بخير منه ملايين المرات.

٣ ـ (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) اشكره على هذه النعمة الجلى ... وهكذا كل من أطاع الله وعفّ عن حرامه أحرز عنده عوضا عنه ما هو خير وأبقى (وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً) كان العديد من الصحابة يستعجلون النصر ، ويأخذهم القلق والضجر من التأخير ، والنبيّ (ص) يقول لهم : وعدني به ربي وهو آت لا محالة ، وقوله تعالى : «واستغفره» فيه تعريض بهؤلاء المستعجلين القلقين ، وانه كان عليهم أن يصبروا ويثقوا بوعد الله ، ويتغلبوا على خواطر النفس ووساوسها.

سورة اللهب

مكيّة وهي خمس آيات

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

١ ـ (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَ) التب : الهلاك والخسران ، وتبت دعاء بالهلاك ، وتب إخبار بأن الهلاك واقع لا محالة ، وأبو لهب أحد أعمام النبي (ص) واسمه عبد العزى ، وكان كثير البغض والأذى لرسول الله (ص) وقال الرواة : نادى محمد الناس في ذات يوم ، فلما اجتمعوا ومنهم أبو لهب قال : لو أخبرتكم بعدو يغزوكم أتصدقوني؟ قالوا : أجل. قال : أنا نذير لكم بين يدي عذاب. فقال أبو لهب. ألهذا جمعتنا تبا لك. فنزلت هذه السورة ، ولفظها يشعر بذلك.

٢ ـ (ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ) المال مادة الشهوات في الدنيا ، أما نعيم الآخرة فهو وقف على من اتبع الهدى ، ونهى النفس عن الهوى.

___________________________________

الإعراب : جملة (يَدْخُلُونَ) حال من الناس أي داخلين ورأيت بصرية تعمل في مفعول واحد ، وهو هنا الناس. و (أَفْواجاً) حال ثانية. من ص ٤٨٠ الى الأخير.

٨٢٥

٣ ـ (سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ) أعدت له ولكن من نهب وسلب.

٤ ـ (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) هي أم جميل بنت حرب أخت أبو سفيان وعمّه معاوية ، والحطب كناية عن لؤمها وإثمها الذي قادها إلى النار.

٥ ـ (فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) الجيد : العنق ، والمسد : الليف ، والمعنى ستخنق وتشنق غدا بحبل من نار جهنم ، وهذا النوع من العذاب معد لكل من يمشي بالنميمة لأنها مهنة ام جميل كما قيل.

سورة الإخلاص

مكيّة وهي اربع آيات

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

١ ـ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) تكلم الفلاسفة قديما وما زالوا : هل لهذا الكون من خالق ومبدأ أول؟ وعلى فرض وجوده : هل هو واحد أو أكثر؟ وأثبتنا فيما سبق بالعديد من الأدلة وبأساليب شتى تبعا لموضوع الآيات ـ وجود الخالق الواحد ـ والآن ونحن نفسر سورة الإخلاص نشير إلى دليل التوحيد بهذه الإشارة الخاطفة ، وهي أن نفس الدليل على وجود الخالق يدل تلقائيا على أنه واحد سواء أكان هذا الدليل الأفعال والآثار التي تدل على الفاعل والمؤثر أم كان انتهاء الموجود الممكن إلى واجب الوجود حيث لا أثر طبيعي في الكون يومئ من قريب أم بعيد أنه صادر عن أكثر من واحد ، بل العكس هو الصحيح لأن وحدة النظام والتدبير تدل على وحدة المنظم والمدبر ، وأيضا يستحيل أن يكون للعالم إلهان ، لأنه لا يخلو من أحد فرضين : إما أن يكون كل منهما قادر على خلق الكون مستقلا ومن دون معين وشريك ، وإما أن يكون عاجزا عن ذلك إلا بمعين وشريك ، وعلى الفرض الأول يكون وجود أحد هما كعدمه ولزوم ما لا يلزم ، وعلى الثاني يكون فقيرا وضعيفا ، وتعالى رب العالمين عن هذا وذاك. فتعين التوحيد ونفي الشريك والمثيل ٢ ـ (اللهُ الصَّمَدُ) قاضي الحاجات بلا امتنان وأثمان ٣ ـ (لَمْ يَلِدْ) بالتناسل كالإنسان والحيوان ، أو بالنشوء كالنبات لأن الولد بضعة من والده ، ثم يرتقي حتى يكون مثيلا له ، وهو سبحانه واجب الوجود لا ينفصل عن ذاته شيء ، وليس كمثله شيء (وَلَمْ يُولَدْ) لأن كل مولود حادث يبتدئ وجوده بتاريخ ولادته ، والله هو الأول الذي لا أول لأوله ٤ ـ (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) في ذاته وصفاته وأفعاله.

سورة الفلق

مدنيّة وهي خمس آيات

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

١ ـ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) أعوذ : أعتصم وأستجير ، والفلق : الصبح ، وفي الآية ٩٦ من الأنعام (فالِقُ الْإِصْباحِ) أي شق عمود النور من ظلمة الليل ٢ ـ (مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ) أي من كل شر سواء أكان طبيعيا كالزلازل والصواعق ، أم من حشرة سامة كلدغ العقرب ولسع الحية ، أم من فعل الأشرار كالحقد والحسد والعدوان والطغيان ، أم من سوء اختيار المتعوذ والمستجير كالعجب والغرور. والقول بلا علم وكل الأتقياء الأخيار يخافون من غلبة الهوى ويتعوذون بالله منه ، ويستمدون

٨٢٦

العون من فضله على أنفسهم.

٣ ـ (وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ) الغاسق : الليل المظلم والوقب : الدخول ، والمراد بشر الليل ما يحدث من مكروه.

٤ ـ (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ) ليس المراد بالنفاثات جماعات السحرة كما قيل ، بل المراد كل مشعوذ محتال سواء أنفخ في العقد مدعيا تسخير الجن أم لم ينفث ، وخص سبحانه النفث بالذكر لأنه مظهر من مظاهر التدليس والتلبيس ، أما الرواية القائلة بأن النبي (ص) سحر فيجب طرحها لأنها تناقض القرآن في قوله : (وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى) ـ ٦٩ من طه» وأيضا كذّب سبحانه المشركين الذين قالوا عن الرسول المعصوم : (إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً) ـ ٤٧ الإسراء».

٥ ـ (وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ) الحاسد هو الذي يتمنى زوال النعمة عن أهلها وهذه الأمنية من أمهات الآثام وكبائرها ، وفي الحديث : «الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب ... المنافق يحسد ، والمؤمن يغبط» أي يتمنى أن يكون له من النعمة مثل ما لأخيه دون أن يرغب في زوالها عنه.

سورة النّاس

مدنيّة وهي ست آيات

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

١ ـ ٣ ـ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلهِ النَّاسِ) قال الشيخ الطبرسي وغيره من المفسرين : رب الناس : خالقهم ومربيهم ، وملك الناس : سيدهم والمتصرف فيهم ، وإله الناس : معبودهم الذي يستحق العبادة دون سواه. وقال الله تقدست أسماؤه : (أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) ـ ١١٠ الإسراء» ومعنى هذا أن جميع أسمائه مرادفة تعبّر عن شيء واحد وهو الجلال والكمال.

٤ ـ ٥ ـ (مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ) الوسواس : اسم من وسوس إليه الشيطان أي كلمه بصوت خفي ، والخناس : اسم فاعل للذي يخنس أي يتأخر ويتراجع إذا ذكر اسم الله تعالى ، والمراد بالوسواس الخناس هنا حديث النفس وهواها الذي إذا سلطت عليه العقل والإيمان يزول ويضمحل ، ومثاله أن يعرض عليك أحد السماسرة الأبالسة ألوف الليرات لتضل عن طريق الحق والعدل ، فتوسوس النفس الأمارة لك وتزين أن تسمع له وتستجيب ، وعليك في مثل هذه الحال أن تجمع قواك وتملك نفسك ، وتعتصم بالله ذاكرا أمره ونهيه وغضبه وعقابه ، وأنك لو مددت يدك إلى المال الحرام لتمتعت به قليلا ، ثم إلى أسوأ المصائر والخسائر ، وتقدم في الآية ٢٠ من الأعراف.

٦ ـ (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) الوسواس نوعان : الأول خفي كالوهم وحديث النفس وهو المراد بالجنة من جنّ فلان الشيء إذا ستره وأخفاه. الثاني ظاهر كالإعلانات والدعايات الضالة المضلة في العهد الراهن ، وهذا الوسواس من شياطين الإنس الذين يلبسون الحق بالباطل ، ويخدعون البسطاء بالتحريف والتزييف. ونعوذ بالله من إيثار العاجلة على الآجلة ، ونشكره على ما وفق وأعان ، وصلّى الله على محمد وآله الذين ارتضاهم خزنة لعلمه وولاة لأمره.

٨٢٧
٨٢٨

فهرس السور

اسم السورة

رقم

الصفحة

اسم السورة

رقم

الصفحة

اسم السورة

رقم

الصفحة

سورة الفاتحة

٢

سورة الأنبياء

٤٢٠

سورة فصلت

٦٢٩

سورة البقرة

٣

سورة الحج

٤٣٢

سورة الشورى

٦٣٨

سورة آل عمران

٦٢

سورة المؤمنون

٤٤٥

سورة الزخرف

٦٤٧

سورة النساء

٩٧

سورة النور

٤٥٦

سورة الدخان

٦٥٦

سورة المائدة

١٣٤

سورة الفرقان

٤٧٠

سورة الجاثية

٦١٠

سورة الأنعام

١٦٢

سورة الشعراء

٤٧٩

سورة الاحقاف

٦٦٥

سورة الأعراف

١٩٢

سورة النمل

٤٩٤

سورة محمد

٦٧٢

سورة الأنفال

٢٢٦

سورة القصص

٥٠٦

سورة الفتح

٦٧٨

سورة التوبة

٢٣٩

سورة العنكبوت

٥٢٠

سورة الحجرات

٦٨٤

سورة يونس

٢٦٥

سورة الروم

٥٣٠

سورة ق

٦٨٨

سورة هود

٢٨٣

سورة لقمان

٥٣٩

سورة الذاريات

٦٩٢

سورة يوسف

٣٠٢

سورة السجدة

٥٤٤

سورة الطور

٦٩٦

سورة الرعد

٣٢٠

سورة الأحزاب

٥٤٨

سورة النجم

٧٠٠

سورة ابراهيم

٣٢٩

سورة سبأ

٥٦٢

سورة القمر

٧٠٤

سورة الحجر

٣٣٧

سورة فاطر

٥٧١

سورة الرحمن

٧٠٨

سورة النحل

٣٤٥

سورة يس

٥٧٩

سورة الواقعة

٧١٣

سورة الإسراء

٣٦٤

سورة الصافات

٥٨٧

سورة الحديد

٧١٨

سورة الكهف

٣٨٠

سورة ص

٥٩٧

سورة المجادلة

٧٢٤

سورة مريم

٣٩٦

سورة الزمر

٦٠٥

سورة الحشر

٧٢٩

سورة طه

٤٠٦

سورة غافر

٦١٧

سورة الممتحنة

٧٣٤

٨٢٩

اسم السورة

رقم

الصفحة

اسم السورة

رقم

الصفحة

اسم السورة

رقم

الصفحة

سورة الصف

٧٣٨

سورة النازعات

٧٨٩

سورة القدر

٨١٥

سورة الجمعة

٧٤٠

سورة عبس

٧٩١

سورة البينة

٨١٦

سورة المنافقون

٧٤٢

سورة التكوير

٧٩٣

سورة الزلزلة

٨١٧

سورة التغابن

٧٤٥

سورة الانفطار

٧٩٥

سورة العاديات

٨١٨

سورة الطلاق

٧٤٨

سورة المطففين

٧٩٦

سورة القارعة

٨١٩

سورة التحريم

٧٥١

سورة الانشقاق

٧٩٩

سورة التكاثر

٨٢٠

سورة الملك

٧٥٤

سورة البروج

٨٠٠

سورة العصر

٨٢٠

سورة القلم

٧٥٧

سورة الطارق

٨٠٢

سورة الهمزة

٨٢١

سورة الحاقة

٧٦١

سورة الأعلى

٨٠٣

سورة الفيل

٨٢٢

سورة المعارج

٧٦٤

سورة الغاشية

٨٠٤

سورة قريش

٨٢٢

سورة نوح

٧٦٧

سورة الفجر

٨٠٦

سورة الماعون

٨٢٣

سورة الجن

٧٧٠

سورة البلد

٨٠٨

سورة الكوثر

٨٢٤

سورة المزمل

٧٧٣

سورة الشمس

٨٠٩

سورة الكافرون

٨٢٤

سورة المدثر

٧٧٥

سورة الليل

٨١٠

سورة النصر

٨٢٥

سورة القيامة

٧٧٨

سورة والضحى

٨١١

سورة المسد

٨٢٥

سورة الإنسان

٧٨١

سورة الشرح

٨١٢

سورة الاخلاص

٨٢٦

سورة المرسلات

٧٨٤

سورة التين

٨١٣

سورة الفلق

٨٢٦

سورة النبأ

٧٨٦

سورة العلق

٨١٤

سورة الناس

٨٢٧

٨٣٠