التفسير المبين

محمّد جواد مغنية

التفسير المبين

المؤلف:

محمّد جواد مغنية


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة دار الكتاب الاسلامي
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٣
ISBN: 964-465-000-X
الصفحات: ٨٣٠

١٧ ـ (اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ) القرآن (بِالْحَقِّ وَالْمِيزانَ) العدل أي إن كل ما فيه حق ، ويفصل بين الناس بالعدل (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ) ومن مات فقد قامت قيامته ، لأن الموت آخر ساعة من ساعات الدنيا وأول ساعة من آخرة الميّت.

١٨ ـ (يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها) وعليه يكون هذا الاستعجال لمجرد التهكم والسخرية ، وكثير من الناس يستخفون بأنفسهم ، ويخوضون بها المهالك من حيث لا يشعرون (وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُ) من يؤمن بالبعث والحساب يشعر بأنه مسؤول عن عمله ، فيقبل على الخير طمعا بالنجاة وحسن الثواب ، ويبتعد عن الشر خوفا من شر المآب ، ومن يكفر بالبعث والحساب يرى الحياة الدنيا فرصته الوحيدة للاستمتاع بكل ما لذّ وطاب من حلال أو حرام ، لا يصده خلق أو قانون إذا ضمن السلامة وأمن العقاب (أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ) يجادلون في وجودها (لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ) أوغلوا في الغواية والجهالة.

١٩ ـ (اللهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ) يرفق بهم (يَرْزُقُ) يخلق الأرزاق كلها ، وأعظمها سلامة العقول وصدق العقيدة وصحة الأبدان (مَنْ يَشاءُ) أي ما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن.

٢٠ ـ (مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ) المراد بالحرث هنا العمل ، والمعنى من كافح وناضل صامدا محتسبا لإقامة العدل وإحقاق الحق لا يرهب طاغيا وباغيا ـ أمده الله بعونه وتوفيقه ، وزاد في حسناته أضعافا مضاعفة.

(وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) أما من عمل لنفسه وكفى ، وقاس الحق والعظمة بسيارته والعدل والخير كله بمعاشه «وبدلته» ـ فإنه ينال ما أراد كله أو بعضه ، ولكنه عند الله والناس يقدّر بما قاس به الحق والعدل ، (وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) ـ ١٩ الأحقاف» وتقدم في الآية ١٤٥ من آل عمران وغيرها.

٢١ ـ (أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ) على أي شيء يعتمد ويستند الذين لا يعملون إلا لأنفسهم وذويهم منكرين البعث والحساب؟ هل لهم قرناء مضللون وضعوا لهم دينا يأمرهم بالمنكر وينهاهم عن المعروف؟ (وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ) وهي «اليوم عمل ولا حساب ، وغدا حساب ولا عمل» (لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) بتعجيل النقمة والعذاب.

٢٢ ـ (تَرَى الظَّالِمِينَ) يوم القيامة (مُشْفِقِينَ) خائفين ترتعد فرائصهم لسوء أعمالهم (وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ) العذاب الذي خافوا منه بعد النشر والحشر (وَالَّذِينَ آمَنُوا) بالله واليوم الآخر ، وعملوا له ، في ملاذ مما لا عين رأت ولا أذن سمعت.

٦٤١

٢٣ ـ (ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) ذلك إشارة إلى نعيم الآخرة ، أعده سبحانه للمتقين ، وبشرهم به ليفرحوا ويعملوا له جاهدين.

(قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قال ابن كثير من شرح وكلام طويل لهذه الآية ما نصه بالحرف الواحد : «ثبت في الصحيح أن رسول الله قال في خطبته بغدير خم : إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي وأنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» وفي تفسير البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي وروح البيان لإسماعيل حقي : «لما نزلت هذه الآية قيل يا رسول الله من هم قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال : عليّ وفاطمة والحسن والحسين» وفي الجزء الأول من كتاب فضائل الخمسة : أن الطبري والسيوطي والزمخشري فسروا القربى في هذه الآية بقرابة الرسول الأعظم (ص) ٢٤ ـ (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) قال المفترون : محمد مفتر بدعوى النبوة! فردّ سبحانه على هؤلاء بقوله : (فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ) لو حاول محمد الافتراء على الله لطمس على قلبه وسلبه الوعي والشعور ولكنه منزّه عن الكذب بعصمته بل وبطبعه (وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَ) محمد على حق وأعداؤه على باطل ، ولذا جعل سبحانه كلمتهم هي السفلى ، وكلمة محمد هي العليا.

٢٥ ـ (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ) أي يعلم سبحانه هل صدق التائبون ما عاهدوا الله عليه من ترك المعاصي أو نقضوا العهد من بعد ميثاقه؟ وفي الحديث : المقيم على المذنب وهو يستغفر كالمستهزئ. أي يضيف إلى ذنبه ذنبا آخر أخطر وأكبر.

٢٦ ـ (وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا ...) يدعو سبحانه إلى سبيل الحق ، فيستجيب الطيبون ، وينفر المجرمون ، فيعاقب هؤلاء ، ويثيب أولئك.

٢٧ ـ (وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ) أناط سبحانه أرزاق الناس بالأعمال لينصرف الفلاح إلى حقله والعامل إلى معمله ، والتاجر إلى متجره ... ولو أنه تعالى رزقهم من غير عمل لملوا الحياة ، واشتغل بعضهم ببعض ، وتلهوا بالفسق وقضاء الشهوات ، وبأعمال لا جدوى منها ولا هدف لها (وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ) أي بقدر عمل الإنسان ، لأنه تعالى أبي أن يجري الأمور إلا على أسبابها أما الثراء الحرام بالغش والاحتكار والسلب والنهب فهو من رزق الشيطان لا من عطاء الرّحمن.

___________________________________

الإعراب : ذلك الذي مبتدأ وخبر. (يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ) صلة الموصول والعائد محذوف أي يبشر الله به عباده. (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) استثناء منقطع أي لكن أسألكم المودة في القربى. وكذبا مفعول لافترى لأن الكذب والافتراء بمعنى واحد. (وَيَمْحُ) مستأنف وغير معطوف على جواب الشرط وهو يختم لأن محو الباطل مطلق لا يجوز تعليقه على شيء ، وحذفت الواو من يمحو للاختصار مثل قوله تعالى : (يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ) ـ ٦ القمر.

٦٤٢

٢٨ ـ (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا) للمطر أسبابه الطبيعية ، ولكن كل سبب طبيعي هو سبب إلهي ، لأنه تعالى هو خالق كل شيء ، وإذا تأخر المطر لسبب أو لآخر قنط الناس ، فيتداركهم سبحانه برحمته التي وسعت كل شيء.

٢٩ ـ (وَمِنْ آياتِهِ) تعالى الدالة على قدرته وعظمته (خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) المراد بالسماوات هنا الأشياء العالية المترفعة سواء أكانت من الكواكب أم غيرها (وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ) أي كل ما فيه حياة أيا كان نوعه ، وكلها تنطبق بوجود باريها ومصورها (وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ) تماما كما قدر على خلقهم وبثهم في الأرض والسماء.

٣٠ ـ (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) تدل هذه الآية بوضوح أن الظلم والبؤس والضعف والانحطاط من الأنظمة الجائرة والأوضاع الفاسدة لا من صنع الله العادل ولا من شريعته الحنيفة السمحة التي لا حرج فيها ولا ضرر.

٣١ ـ (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ) لا يعجزه من طلب ، ولا يفوته من هرب ، وتقدم في الآية ٢٢ من العنكبوت ٣٢ ـ (وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ) السفن (فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ) جمع علم وهو الجبل ، وإذا كانت السفينة من تركيب الإنسان فإن ربانها وموادها من صنع الرّحمن ، معطوفا عليه وعليها الماء والهواء ، حتى السيارة وسفينة الفضاء والكهرباء كانت موجودة في الطبيعة ، واكتشفها الإنسان واستخدمها ، في مصلحته.

٣٣ ـ (إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ) أو يجمد الماء (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) باهرة واضحة على أن وراء الكون مدبرا مقتدرا.

٣٤ ـ (أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا) يهلك أصحاب السفينة بذنوبهم ، ولكنه يمهل ولا يهمل.

٣٥ ـ (وَيَعْلَمَ) بالنصب على حذف اللام أي ليعلم (الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) أي أنه تعالى أشار إلى السفينة وقدرته على هلاكها بمن فيها ليذكر الجاحدين بأنهم يكفرون بالله وهم آمنون ، وإذا أحدقت بهم المخاطر ولم يجدوا بدا منها ولا محيصا عنها ، اعترفوا بالله ولجأوا إليه تلقائيا.

___________________________________

الإعراب : (الْجَوارِ) مبتدأ وأصلها الجواري وحذفت الياء تخفيفا وفي البحر متعلق بها. و (كَالْأَعْلامِ) الكاف بمعنى مثل حالا من الجواري. (فَيَظْلَلْنَ) محلها الجزم جوابا للشرط. و (رَواكِدَ) حال. والضمير في ظهره إلى البحر. أو يوبقهن ويعف عطف على يظللن.

٦٤٣

٣٦ ـ (فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ) كالجاه والمال والصحة (فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) وزينتها ، وهو حلال طيب ، تمتعوا به هنيئا مريئا بشرط واحد وهو أن لا يؤدي إلى الحرام قال سبحانه : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ) ـ ٣٢ الأعراف» (وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى) وليس معناه أن عدم المتاع خير من وجوده ، بل معناه أنفق منه في سبيل الله والصالح العام لتنتفع به عند الله يوم تلقاه (لِلَّذِينَ آمَنُوا) بالله ، أما الذين كفروا به فأجرهم عند من عملوا له.

٣٧ ـ (وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ) كالظلم والزنا والفساد في الأرض ، وتقدم في الآية ٣١ من النساء (وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) يردون جهل الجاهل بتجاهله.

٣٨ ـ (وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ) يؤدون العبادات ، ويتورعون عن المحرمات ، أما من يتقي الله في طهارته وصلاته ويتبع الهوى في ملذاته فهو من حزب الشيطان.

(وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ) طال الكلام وكثر حول هذه الآية ، ولكن القرآن ينطق بعضه ببعض ، وتقول الآية ١٥٩ من آل عمران لرسول الله (ص) : (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) وعليه يكون المراد بالأمر في قوله : (وَأَمْرُهُمْ شُورى) عين الأمر الذي شاور فيه النبي الصحابة ، وثبت أنه شاورهم في الحرب وما جرى مجراها ، فينبغي تفسير أمر الشورى بذلك ولا يتعداه.

٣٩ ـ (وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ) ليسوا أكلة لكل راغب ولا مطية لكل راكب ، بل يستميتون من أجل حريتهم وكرامتهم والذود عن حياضهم وبلادهم.

٤٠ ـ (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ١٩٤ البقرة (فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ) وإن تعفوا أقرب للتقوى ٢٣٧ البقرة ٤١ ـ (وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ ...) فلا عتاب ولا عقاب ، لأن البادي هو الظالم.

٤٢ ـ ٤٣ ـ (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ) لا كفارة إطلاقا لمن اعتدى على واحد من عيال الله ، فكيف بالذين زلزلوا الأمن بأسلحتهم الجهنمية ، وأرهبوا الدنيا بطغيانهم وجبروتهم ، وأساءوا إلى الأمم بدسائسهم ومطامعهم؟ (أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) وهذا التهديد والوعيد نوع من الكفاح القرآني لعتاة البغي والفساد ، ودرس لنا نحن الناهين عن المنكر أن نجابه بكلمة الله والحق كل جائر ومفسد ، ولا نخاف لومة لائم.

___________________________________

الإعراب : ويعلم بالنصب على حذف اللام أي ليعلم ، وقيل بالعطف على محذوف أي لينتقم منه ويعلم الذين الخ.

٦٤٤

٤٤ ـ (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ) من سلك طريق الضلال بفعل محرم أو ترك واجب بسوء اختياره ـ حقت عليه كلمة الله بأنه من الضالين ، وعاقبه على ضلاله ، ولا يجد له ناصرا (وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ) يوم القيامة تمنوا الخلاص منه وقالوا : (هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ)؟ الجواب : هل يعود ما فات من العمر؟

٤٥ ـ (وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها) على النار (خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِ) بما قدمت أيديهم (يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍ) يسترقون النظر إلى جهنم وفرائصهم ترتعد من شدة الخوف ، ومن قبل كانوا بها يستهزئون (وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا) لما رأوا المجرمين يساقون إلى جهنم : هؤلاء أخسر الناس صفقة ، وأخيبهم سعيا ، وتقدم في الآية ١٥ من الزمر.

٤٦ ـ (وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ) ينقذونهم من النكال والوبال (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ) المراد بالضلال هنا العذاب بقرينة السياق (فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ) إلى الخلاص.

٤٧ ـ (اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ) تزودوا من طاعة الله سبحانه ليوم لا مناص منه ولا مفر (ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ) تلوذون به (وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ) لا تنكرون ذنوبكم ، بل تعترفون بها كاملة.

٤٨ ـ (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) مهيمنا تحفظ أعمالهم وتحاسبهم عليها ، وتقدم في الآية ٨٠ من النساء ، وغيرها (وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً) رخاء ونعمة (فَرِحَ بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) بلاء ونقمة (فَإِنَّ

اللغة : مرد مرجع. ونكير أي لا تنكرون أعمالكم. وحفيظ وكيل.

___________________________________

الإعراب : ضمير عليها يعود إلى النار المدلول عليها بكلمة العذاب و (خاشِعِينَ) حال من مفعول تراهم لأن الرؤيا هنا بصرية تتعدى الى مفعول واحد. و (حَفِيظاً) حال من كاف (أَرْسَلْناكَ).

٦٤٥

الْإِنْسانَ كَفُورٌ) بنعمة الله عليه ، وهي لا تعد ولا تحصى وتقدم في الآية ٩ من هود وغيرها.

٤٩ ـ (لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) هو مبدع الكون ومالكه (يَخْلُقُ ما يَشاءُ) ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن (يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ).

٥٠ ـ (أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً) ليس المراد بيزوجهم الزواج المعروف ، بل المراد العطاء من صنف الإناث وصنف الذكور ، ومعنى الآية بجملتها أنه لا اختيار للإنسان في أن يجعل كل أولاده ذكورا أو إناثا أو هما معا ولكنه تعالى هو الذي قسم عباده أربعة أقسام : منهم له البنون فقط ، ومنهم البنات وكفى ومنهم هما معا ، ومنهم لا شيء.

٥١ ـ (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً ...) ذكر سبحانه في هذه الآية ثلاثة طرق للوحي : القذف في القلب أو الرؤيا في المنام كما حدث لإبراهيم (ع) في ذبح ولده إسماعيل (ع) وهذا هو المراد بقوله : (إِلَّا وَحْياً).

الثاني أن يخلق الكلام كما يخلق غيره من الكائنات ، فيسمع النبي الكلام ولا يرى المتكلم لأنه تعالى في ذاته غير مرئي كما كلم موسى (ع). وهذا هو المقصود بقوله : (مِنْ وَراءِ حِجابٍ).

الثالث أن يرسل إلى النبي ملكا يبلّغه رسالات ربه ، كما أوحى سبحانه القرآن إلى رسوله محمد (ص) بلسان جبريل (ع) ، وهذا هو المراد بقوله : (يُرْسِلَ رَسُولاً).

٥٢ ـ (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) يا محمد (رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) المراد بالروح هنا القرآن ، لأنه حياة للأرواح والعقول (ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ) القرآن (وَلَا الْإِيمانُ) بكل ما جاء في القرآن وشريعة الإسلام وآدابه وأخلاقه (وَلكِنْ جَعَلْناهُ) القرآن (نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا) وهم الذين طلبوا الهداية بإخلاص ومعرفة الحق للعمل به (وَإِنَّكَ) يا محمد (لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) وفي الخطبة ١١٤ من نهج البلاغة : «أرسله داعيا إلى الحق وشاهدا على الخلق ، فبلغ رسالات ربه غير وان ولا مقصّر ، وجاهد في الله أعداءه غير واهن ولا معذر. امام من اتقى وبصر من اهتدى».

___________________________________

الإعراب : المصدر من أن يكلمه اسم كان ، و (لِبَشَرٍ) متعلق بمحذوف خبرها أي ما كان تكليم الله واقعا لبشر. و (إِلَّا وَحْياً) استثناء منقطع لأن الوحي غير التكليم. أو يرسل بالنصب عطفا على «وحيا» لأن المعنى الا أن يوحي. ولا يجوز عطف يرسل على أن يكلمه إذ يصير المعنى ان الله لا يكلم بشرا ولا يرسل إليه رسولا. وصراط الله بد من صراط مستقيم.

٦٤٦

سورة الزخرف

مكيّة وهي تسع وثمانون آية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

١ ـ (حم) تقدم في أول البقرة.

٢ ـ (وَالْكِتابِ الْمُبِينِ) أقسم سبحانه بقرآنه الجلي الواضح في بيان عقيدة الحق وشريعته.

٣ ـ (إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) معانيه ـ أيها العرب ـ ومقاصده ، وتعملون بموجبها ، وتبلغونها لسائر الأمم ، وتقدم في الآية ٢ من يوسف وغيرها.

٤ ـ (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ) المراد بالأم هنا الأصل وبالكتاب علم الله ، والمعنى القرآن من الله وعلمه لا من وضع محمد وغيره (لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) القرآن عند الله عال في منزلته حكيم في مبادئه وأحكامه.

٥ ـ (أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ) الخطاب للمشركين ، وصفحا : إعراضا ، والمصدر من أن وما بعدها مفعول من أجله ، والمعنى أتريدون أن نسكت عن دعوتكم إلى الحق غير منذرين لا لشيء إلا لأنكم جهلاء أشقياء؟

٦ ـ ٧ ـ (وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ) لأن الله سبحانه ما خلق الناس عبثا ولا يتركهم سدى بلا زاجر وآمر.

٨ ـ (فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً) أهلك من كان أقوى وأعتى من الذين كذبوا محمدا (ص) (وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ) وتقدم في القرآن ذكر الأمم الماضية وما حلّ بها من وبال.

٩ ـ (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ ...) تقدم في الآية ٦١ من العنكبوت وغيرها.

١٠ ـ ١٣ ـ (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً) فراشا

___________________________________

الإعراب : (وَالْكِتابِ) الواو للقسم. و (جَعَلْناهُ) هنا بمعنى أنزلناه كما في الآية ٢ من سورة يوسف و ١١٣ من سورة طه ، و (قُرْآناً) حال ، و (عَرَبِيًّا) صفة. و (لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) خبر انه. و (فِي أُمِّ الْكِتابِ) متعلق بعلي واللام لا تمنع من ذلك على حد تعبير البيضاوي. ولدينا بدل أم الكتاب. وصفحا مفعول مطلق لنضرب لأنهما بمعنى واحد. وأن كنتم «أن» مصدرية والمصدر المنسبك مفعول من أجله لنضرب أي أفنضرب عنكم الذكر صفحا من أجل كونكم قوما مسرفين. وكم خبرية ومحلها النصب بأرسلنا ، ومن نبي تمييز. وبطشا تمييز.

٦٤٧

وقرارا (وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ) الأصناف من حيوان ونبات وجماد ، وتقدم مرات ، منها في الآية ٥٣ طه (لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ) الهاء تعود إلى ما تركبون ، والإستواء : الاستقرار (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ) أي مستطيعين ، والمعنى أن الله أودع في الحيوان غريزة الانقياد للإنسان ، ولو لاها لتعذر عليه أو تعسر أن يسخره في الركوب والحمل والحرث.

١٤ ـ (وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ) فيه إيماء إلى أن الركوب مظنة الخطر ، وربما أدى إلى الموت ، فكيف بركوب السيارة والطيارة وسفينة الفضاء؟

١٥ ـ (وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً) ولدا لأن الولد بضعة من والده.

١٦ ـ (أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ) إشارة إلى ما يأتي في الآية ١٩ ، وتقدم في الآية ٤٠ من الإسراء.

١٧ ـ (وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلاً) أي بالأنثى ، وتقدم في الآية ٥٧ من النحل.

١٨ ـ (أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ) المراد به الأنثى تتحلى بالزينة (وَهُوَ) يعود إلى اسم الموصول باعتبار اللفظ (فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ) عاجزة عن بيان الحجة والدليل والمعنى ما لكم أيها المشركون؟ أتنسبون إلى الله من يتزين بالحلية والحلل ويعجز عن البيان؟

١٩ ـ (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) وهذا تماما كقول من تفلسف وتعسف في أن أصل الإنسان قرد! ومن الذي رأى هذه الولادة وشاهدها (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ) ـ ٦ آل عمران».

اللغة : مسرفين متجاوزين الحد. مثل الأولين بفتح الثاء وصفهم وحالهم. مهدا فراشا. بقدر بمقدار. فأنشرنا فأحيينا. والأزواج الأصناف. لتستووا مثل واستوت على الجودي. سخّر ذلّل. مقرنين مطيقين. ومنقلبون راجعون.

___________________________________

الإعراب : (بَناتٍ) مفعول (اتَّخَذَ) ، وفي الكلام تقديم وتأخير أي أم اتخذ بنات مما يخلق. و (مُسْوَدًّا) خبر ظل. وجملة وهو كظيم حال. أو من ينشأ الهمزة للإنكار والتوبيخ ومن مفعول لفعل محذوف ، والمراد بها الأنثى ، أي أو قد جعل الأنثى لله. وان هم «ان» نافية. وكذلك خبر لمبتدأ محذوف أي الأمر مثل ذلك.

٦٤٨

٢٠ ـ (وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ) تماما كما قال الأشاعرة بأن الإنسان مسيّر لا مخيّر (إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) يكذبون ، وعلى الله يفترون.

٢١ ـ (أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ) قبل القرآن ، كلا ، لا خبر جاء بذلك ولا وحي نزل ، وإذن من أين جاءهم هذا الشرك؟ الجواب :

٢٢ ـ (بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا) وكفى بذلك شاهدا ودليلا ، لأن قول الآباء هو الحق الذي يستدل به لا عليه! ٢٣ ـ (وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ) يا محمد (فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها) إذا تحدث أو أشار مسلم قرآني إلى شرور المترفين تقول عليه من يعيش على فتاتهم بما يرضيهم ... هذا وهو يقرأ القرآن الكريم الذي ذمّ المترفين في العديد من آياته ، منها هذه الآية! وثبت في الحديث الشريف :

«كم من قارئ للقرآن ، والقرآن يلعنه».

٢٤ ـ ٢٥ ـ (قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ) فيه إيماء إلى صحة التقليد المطابق والموافق للواقع (قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) حتى ولو كان حقا مبينا! ولا كلام بعد هذا الكلام.

٢٦ ـ ٢٧ ـ (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ ...) تبرأ خليل الرّحمن من قومه وما يعبدون ، ولجأ إلى الله الواحد الأحد.

٢٨ ـ (وَجَعَلَها كَلِمَةً) التوحيد (باقِيَةً) خالدة (فِي عَقِبِهِ) ذريته (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) إلى التوحيد ، ويعملون بموجبه.

اشارة :

كان قوم إبراهيم يعبدون الأصنام ، ومنهم أبوه كما يدل ظاهر الآية ، فنهاهم عن عبادتها ، وأعلن براءته منهم ومن آلهتهم ، وانه يعبد الله الذي خلقه على فطرة التوحيد ، وانه سيهديه ويرشده إلى ما فيه خيره وصلاحه ، وقوله : «سيهدين» يومئ إلى يقينه وثقته بالله ... وهكذا كل من طلب الهدى والحق بإخلاص يثق بأن الله معه وكافيه وهاديه لقوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) .. (إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) .. (إِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ). ولقد وصى ابراهيم بنيه بكلمة التوحيد ليعملوا بها ، وإذا أشرك واحد منهم أو حاول يذكّر بوصية أبيه ، ويقال له : انك خالفت ما وصى به ابراهيم.

٦٤٩

٢٩ ـ (بَلْ مَتَّعْتُ هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ حَتَّى جاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ) هؤلاء إشارة إلى مشركي قريش ، والمراد بالحق هنا القرآن ، وبالرسول محمد ، وهو مبين برسالته الواضحة في دلالتها على صدقه وأمانته.

٣٠ ـ (وَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُ) عاندوه وقالوا من جملة ما قالوا : (هذا سِحْرٌ) مفترى ، أما عبادة الأصنام فحق لا ريب فيه! وهكذا تعكس الحقائق منذ آدم وإلى قيام الساعة.

٣١ ـ (وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) محمد ليس بنبي في منطق الجبابرة المترفين والدليل أن محمدا لا يملك مالا ولا جاها عريضا ، والنبوة لا تكون ولن تكون إلا لعظماء المظاهر والألقاب مثل الوليد ابن المغيرة بمكة ، وعروة بن مسعود بالطائف ، فأحدهما يجب أن يكون نبيا وينزل عليه القرآن! فرد سبحانه عليهم بقوله :

٣٢ ـ (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ) أأنتم تعرفون مكان الخير والفضل والعظمة ، أو تفهمون معنى القيم التي ترفع الناس درجات ، أو ان الله فوض إليكم توزيع المناصب والمراتب؟ الله هو الذي يقسم فضله بالعدل ، ويعلم وزن العظمة ، وأين هي؟ (لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا) من التسخير في الخدمة لا من السخرية والاستهزاء ، والمعنى أن أسباب الرزق على أنوع : صناعة وتجارة وزراعة وخدمات في الدولة أو المصنع ، أو المصرف أو المتجر أو عند طبيب أو مهندس ، وفي مفهوم الناس أن رب العمل أرفع من العامل أما عند الله فالأرفع هو الأتقى كما نصت الآية ١٣ من الحجرات.

٣٣ ـ (وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً) جمع سقف (مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ) جمع معرج وهو الدرج (عَلَيْها يَظْهَرُونَ) يصعدون.

٣٤ ـ (وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْواباً) أيضا من فضة (وَسُرُراً) من فضة ، جمع سرير.

٣٥ ـ (وَزُخْرُفاً) ذهبا وزينة ، وهذا رد على من قال : إن المناصب الإلهية وغيرها من المراتب العليا ، وقف على عظماء البذخ والمظاهر ، وخلاصة الرد لمولا أن الناس يؤثرون نعيم الدنيا على كل شيء لأعطى سبحانه الكافر بيوتا من فضة بأرضها وجدرانها وسقفها وأبوابها ومصاعدها وأثاثها وزادهم على ذلك ما يشاءون من الذهب والزينة لهوان الدنيا على الله ، ولأن الكافر لا حظ له في غيرها فهي جنته الوحيدة. ومن حكم الإمام عليّ (ع) : من هوان الدنيا على الله أنه لا يعصي إلا فيها ، ولا ينال ما عنده إلا بتركها.

___________________________________

الإعراب : (هؤُلاءِ) إشارة إلى مشركي مكة. ولو لا نزل (لَوْ لا) أداة طلب مثل هلا. ولو لا أن يكون «لولا» هذه تدل على امتناع الثاني لوجود الأول.

٦٥٠

٣٦ ـ (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) المراد بالشيطان هنا كل ما يقود إلى الشر والفساد والمخاطر والتهلكة ، هوى كان أو وهما أو إنسانا أو أي شيء ، والمعنى من يتعامى عن دعوة الحق والخير ، وينطلق مع أهوائه ، يتخلى الله عنه ، ويكله إلى نفسه وشياطينه ، وتقدم في الآية ٢٥ من فصلت.

٣٧ ـ (وَإِنَّهُمْ) أي قرناء السوء (لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ) طريق الهدى والحق.

٣٨ ـ (حَتَّى إِذا جاءَنا) الذي اتبع هواه وشيطانه ، ورأى عذاب الخزي والهوان (قالَ) لمن ضلله وأفسده : (يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ) كناية عن أبعد الأمكنة وأقصاها (فَبِئْسَ الْقَرِينُ) كنت والخدين.

٣٩ ـ (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ) أنفسكم (أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) قد يتعزى الإنسان في مصابه حين يرى مصيبة غيرة في الحياة الدنيا ، أما في عذاب الآخرة فلا تصبّر وعزاء.

٤٠ ـ (أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ) لمن تنادي ، وتنير السبيل؟ ولا سميع وبصير.

٤١ ـ (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ) يا محمد إلى الرفيق الأعلى قبل أن ننتقم من المجرمين ولا بد من الإشارة إلى أن «إما» هنا ليست أداة تفصيل مثل إما شاكرا وإما كفورا ، بل هي كلمتان : ان الشرطية وما الزائدة (فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ) من بعدك.

٤٢ ـ ٤٣ ـ (أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ) أي وإن بقيت حيا يا محمد أظهرك الله عليهم ، وأخضعهم لأمرك مرغمين ، وهذا ما حدث بالفعل حيث دخل الرسول مكة فاتحا ، واستسلم له عتاتها.

٤٤ ـ (وَإِنَّهُ) أي القرآن (لَذِكْرٌ لَكَ) يا محمد (وَلِقَوْمِكَ) العرب حيث رفع من شأنهم ، ونشر سلطانهم ولغتهم في شرق الأرض وغربها.

٤٥ ـ (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ ...) جميع الأنبياء والرسل دعوا إلى ما دعا إليه محمد ، ونهوا عما نهى فعلام أيها المعاندون تعلنون الحرب عليه وعلى دعوته؟

٤٦ ـ ٤٧ ـ (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى) هذي هي المرة السادسة عشرة التي تتكرر فيها قصة موسى ، وتأتي أيضا وتكلمنا فيما سبق عن السبب الموجب لهذا التكرار عند تفسير الآية ٩ من طه ، والآن نعطف على ما تقدم هذا السبب على سبيل الاحتمال ، وهو أن اليهود كانوا يجاورون محمدا (ص) في المدينة ، وقد عانى الكثير من مكرهم وغدرهم ، فذكرهم سبحانه بهذا التكرار والتوكيد أن محمدا تماما كموسى في دعوته وأهدافه ، فكيف تكفرون به ، وأنتم على دين موسى كما تزعمون؟

٦٥١

٤٨ ـ (وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ) من آيات العذاب كالجراد والقمل والضفادع (إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها) أبلغ وأشد عذابا من التي قبلها (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) عن الضلال إلى الهدى.

٤٩ ـ ٥٠ ـ (وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ) يعنون موسى (ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ) من كشف العذاب عمن اهتدى (إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ) أخذهم سبحانه بالعذاب ، فاستغاثوا بموسى ، وعاهدوا أن يتوبوا إن كشف العذاب ، ولما كشفه عنهم إذا هم ينكثون.

٥١ ـ (وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ ...) يضحك على ذقونهم ، ويلعب بعقولهم بواسع الملك وسلطة الحكم.

٥٢ ـ (أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا) من موسى (الَّذِي هُوَ مَهِينٌ) حقير لفقره (وَلا يَكادُ يُبِينُ) لا يفصح ولا يوضح عما يريد.

٥٣ ـ (فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ) قال المفسرون ؛ جرت عادة قوم فرعون إذا اختاروا رئيسا لهم أن يسوروه بسوار من ذهب (أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ) به لا يفارقونه تماما كالرجل العظيم مع حاشيته.

٥٤ ـ ٥٦ ـ (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ) بأسورة من ذهب وما إليها من مظاهر وأكثر القادة في عصرنا حملة ألقاب ومظهر خلاب ، دينهم إعلان ، وإصلاحهم كلام بكلام. (فَلَمَّا

اللغة : بآياتنا بمعجزاتنا التي أظهرناها على يد موسى. وملئه أشراف قومه. ومهين حقير. ويبين يفصح. وأسورة جمع سوارة مثل أخمرة جمع خمار ... ومقترنين ملازمين. وآسفونا أغضبونا. وسلفا أي سابقين الى النار. ومثلا عبرة وموعظة.

___________________________________

الإعراب : (أَمْ أَنَا) بل أنا. فلو لا فهلا. ومقترنين حال من الملائكة. و (أَجْمَعِينَ) تأكيد لضمير أغرقناهم. (لِلْآخِرِينَ) متعلق ب «مثلا».

٦٥٢

آسَفُونا) أغضبونا حقت كلمة العذاب على المجرمين (فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً) السابقين إلى الجحيم (وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ) عبرة وعظة لمن يأتي بعدهم.

٥٧ ـ (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) بكسر الصاد بمعنى يصيحون ويصخبون ، وضرب مبني للمجهول ، والمراد بقومك قريش ، والمعنى كما في جوامع الجامع «لما نزل قوله تعالى : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) ـ ٩٨ الأنبياء قيل لرسول الله : ألست تزعم أن عيسى نبي؟ فإن كان هو في النار فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا في النار ، فثار لقريش جلبة وضجيج فرحا وجدلا وضحكا» وفي بعض الروايات أن النبي (ص) قال للمعترض ما أجهلك بلغة قومك؟ أما فهمت أن «ما» لما لا يعقل؟

٥٨ ـ (وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ) أي عيسى ، انه خير منها عندك ، فعلام إذن تنكر علينا عبادة الأصنام؟ (ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً) ما نقضوا واعترضوا بعيسى إلا تهربا من الحق ، وإلا فهم يعلمون أن المراد من «وما يعبدون» أصنامهم بالخصوص (بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ) يبالغون في اللجاج والخصومة بالباطل.

٥٩ ـ (إِنْ هُوَ) عيسى (إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ) بالنبوة (وَجَعَلْناهُ مَثَلاً) آية على قدرة الله وعظمته.

٦٠ ـ (وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ) أي بدلكم أيها المشركون (مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ) أي يخلفونكم فيها.

٦١ ـ (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ) الضمير في أنه للقرآن ، والمراد بالعلم هنا الكشف والبيان ، والمعنى أن القرآن يلقي الأضواء على يوم القيامة ، أحواله وأهواله ، وما أعدّ الله فيه للمطيعين من نعيم ، وللعاصين من جحيم ، وأيضا يقف طويلا مع الذين أنكروا البعث ، ويذكر أقوالهم ، ويجادلهم فيها أشد الجدال (فَلا تَمْتَرُنَّ بِها) لا شك في وقوع الساعة.

٦٢ ـ (وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ) عن الإيمان بالقرآن والبعث.

٦٣ ـ (وَلَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ) بالمعجزات الدالة على نبوته (قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ) بدين الله وشريعته (لِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ) كالأحكام الدينية. أما الشؤون الدنيوية كالزراعة والصناعة والتجارة فارجعوا فيها لأهل الخبرة والإختصاص.

٦٤ ـ (إِنَّ اللهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ) وما أنا إلا عبد من عباده أخاف منه أكثر مما تخافون.

٦٥ ـ (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ) اختلف اليهود والنصارى في عيسى (ع) ، ثم اختلف النصارى في طبيعته هل هي واحدة أو أكثر (فَوَيْلٌ) لليهود الذين قالوا : هو ابن زنا ، وللنصارى الذين قالوا : هو الله أو ابنه.

___________________________________

الإعراب : (مَثَلاً) مفعول ثان ل (ضُرِبَ) لأن الفعل هنا بمعنى جعل ، وهو يعود الى ابن مريم. و (ما ضَرَبُوهُ) كلام مستأنف ، وما نافية. و (جَدَلاً) مفعول لأجله.

٦٥٣

٦٦ ـ (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً) هذا تهديد لليهود والنصارى معا ، وتقدم ما قيل حول عيسى (ع) مرات ، منها في الآية ٣٠ من التوبة.

٦٧ ـ (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) كل الصداقات والعلاقات تتبخر يوم القيامة ، وتذهب مع الريح إلا ما كان منها للتعاون على الخير والصالح العام ، ولهؤلاء يقول سبحانه غدا :

٦٨ ـ (يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ) لأنكم في دار السلام والراحة.

٦٩ ـ (الَّذِينَ آمَنُوا) وعملوا بموجب إيمانهم وإسلامهم ٧٠ ـ (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ) الصالحات (تُحْبَرُونَ) تسرون بلطف الله وضيافته.

٧١ ـ ٧٣ ـ (يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ) جمع صحفة وهي الآنية (وَأَكْوابٍ) جمع كوب وهي الكوز أو ما أشبه (وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ) لا حد لخزائن الله ولا نهاية ، وهي في تصرف أهل الجنة كعيال الرجل الغني يطلق لهم العنان فيما يشتهون بلا قيد أو شرط ، وإن بعد التشبيه.

٧٤ ـ ٧٦ ـ (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ) لما ذكر سبحانه سعادة الصالحين أشار إلى المجرمين ، وأنهم في عذاب دائم يزيد ولا يخف ، ويستمر ولا ينقطع (وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) آيسون من النجاة.

٧٧ ـ ٧٨ ـ (وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ) يطلبون الرحمة بالإعدام بدلا من السجن المؤبد في قعر جهنم (قالَ) مالك : شاء الله تعالى أن لا يقضى عليكم فتموتوا وأن لا يخفف عنكم العذاب ، دعوناكم إلى الفوز بالجنان والنجاة من الهلكة ، فرفضتم ، فلا يلومن من أساء إلى نفسه إلا نفسه.

___________________________________

الإعراب : وان هو «ان» نافية. فلا تمترن النون للتوكيد. واتبعون أي واتبعوني ومثله وأطيعون. والمصدر من أن تأتيهم بدل من الساعة لأن المعنى هل ينظرون إلا إتيان الساعة. وبغتة صفة لمفعول مطلق محذوف أي اتيانا بغتة أو في مكان الحال أي مباغتة. (الْأَخِلَّاءُ) مبتدأ وبعضهم مبتدأ ثان وعدوّ خبره ، والجملة خبر الأول ، ويومئذ متعلق بعدو. وجملة (يا عِبادِ) الخ مفعول لقول محذوف ، والأصل يا عبادي وحذفت الياء تخفيفا. و (الَّذِينَ آمَنُوا) بدل من يا عبادي. وفيها ما تشتهيه مبتدأ وخبر. وتلك الجنة مبتدأ وخبر. وهم الظالمين «هم» ضمير فصل لا محل له من الإعراب.

٦٥٤

٧٩ ـ ٨٠ ـ (أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ) دبروا وأبرموا الكيد والمكر لرسول الله ، فنقض سبحانه ما دبروا وأبرموا.

٨١ ـ ٨٣ ـ (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) نحن مع الدليل ، فهو ضالتنا ندين بموجبه أنى كان ويكون ، ولا دليل على هذا ، بل قام على الضد والعكس.

٨٤ ـ (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) الله وحده إله الكون وخالقه بأرضه وسمائه ومدبره بعلمه وحكمته.

٨٥ ـ (وَتَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) تقدس سبحانه وتنزه عن الولد ، ولما ذا الولد وهو خالق الكون بكلمة «كن» (وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) فيجزي الذين جعلوا له ولدا بما يستحقون.

٨٦ ـ (وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ) المشركون عبدوا الأصنام لتشفع لهم عند الله ، فقال سبحانه : كلا ، لا شفاعة عنده لصنم ولا لمن يدين به ، ولكن يشفع عنده من آمن بالتوحيد وعمل بموجب إيمانه ، والشفاعة بمعناها القرآني ، هي أن يشهد الشافع عند الله بأن المشفوع له قد فعل كذا وكذا من الخيرات والحسنات ، على أن تكون هذه الشهادة عن علم اليقين ، وهذا المعنى يدل عليه بوضوح قوله تعالى : (إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ).

٨٧ ـ (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ ...) تقدم مرارا منها في الآية ٩ من هذه السورة.

اشارة :

ان الذين يعرضون عن الحق على نوعين : الأول يعرض عنه لجهله به. والثاني يعرض عنه لأنه يصادم أهواءهم وأغراضهم. وهذا النوع من الناس هم الأكثرية الغالبية ... وكل من يدخل النار غدا يدخلها لأنه أعرض عن الحق ولم يعمل به ، ولكن القليل منهم استحق العذاب لأنه قصر في طلب العلم بالحق ، والأكثر استحقوا العذاب لأنهم تركوا الحق لتصادمه مع أهوائهم ، لا لجهلهم به.

___________________________________

الإعراب : (أَمْ أَبْرَمُوا) اضراب ومثلها ام يحسبون. (هُوَ) مبتدأ والذي خبر وفي السماء متعلق بإله لأنه بمعنى معبود ، و (إِلهٌ) خبر لمبتدأ محذوف أي هو إله في السماء. وقيله على حذف مضاف عطفا على وعنده علم الساعة أي وعنده علم قيله أيضا.

٦٥٥

٨٨ ـ (وَقِيلِهِ) مصدر تماما كالقول ، ـ الضمير يعود إلى النبي (ص) : (يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ) القوم الذين بعثتني إليهم لم يستجيبوا لدعوتي ، فأجابه سبحانه بقوله : ٨٩ ـ (فَاصْفَحْ عَنْهُمْ) تألفهم بالعفو (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) ما يحل بهم حين يلقون جزاءهم المحتوم.

سورة الدّخان

مكيّة وهي تسع وخمسون آية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

١ ـ (حم) تقدم في أول البقرة.

٢ ـ (وَالْكِتابِ الْمُبِينِ) الواضح.

٣ ـ (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ) وإذا قرأنا هذه الآية معطوفة عليها آية (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) وآية (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) ـ ١٨٥ البقرة» ـ تبين لنا أن هذه الليلة المباركة بنزول القرآن هي ليلة القدر ، وانها إحدى ليالي شهر رمضان المبارك.

٤ ـ (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) يفرق يبين ، وضمير فيها ليلة القدر ، وحكيم : محكم ، وكل أمر هنا وفي سورة إنا أنزلناه يعم ويشمل كل شيء ، ونسكت عن التفصيل الذي سكت عنه التنزيل.

٥ ـ ٧ ـ (أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) أرسل سبحانه محمدا رحمة للعالمين كما في الآية ١٠٧ من الأنبياء ، ورحمة محمد (ص) من رحمة القرآن التي عمّت الأرض شرقا وغربا (إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ) إن كانت لكم عقول تؤمن وتوقن بالحق ودلائله القائمة في كل شيء من أشياء الكون.

٨ ـ (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) بيده أرزاق الخلائق وأرواحهم ولا أحد يهب الحياة ويسلبها إلا هو (رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ) فكيف تلجئون إلى غيره

___________________________________

الإعراب : (وَالْكِتابِ الْمُبِينِ) الواو للقسم ، وجملة (إِنَّا أَنْزَلْناهُ) جواب القسم ، وقال صاحب مجمع البيان : لا يجوز ذلك لأنك لا تقسم بالشيء على نفسه ... ويرده ان القسم وقع على وقت نزوله لا عليه بالذات. و (أَمْراً) نصب على الاختصاص أي أعني بهذا الأمر أمرا حاصلا من عندنا. و (رَحْمَةً) مفعول من أجله لمرسلين أو لأنزلناه. و (رَبُّكُمْ) أي هو ربكم.

٦٥٦

٩ ـ (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ) وكلمة يلعبون تومئ إلى أن من يدّعي الإيمان بالله ، ويتكل على سواه فهو غير واثق من خالقه تماما كمن يلهو بشيء وهو على علم بأنه لا يجدي نفعا.

١٠ ـ ١١ ـ (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ) استعصت قريش على رسول الله (ص) وبالغت في إيذائه ، فدعا عليهم وقال : أللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف. فاستجاب سبحانه ، وقطع عنهم المطر ، وأصابهم الجهد والجوع ، وكان أحدهم لما به من الجوع يرى بينه وبين السماء كالدخان ، وإلى هذا تشير الآية ، فقالوا :

١٢ ـ (رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ) وتشفعوا برسول الله وناشدوه أن يدعو الله أن يكشف العذاب ويؤمنوا.

١٣ ـ (أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ) كيف يتعظون ويرتعدون ان كشف الله عنهم العذاب ، وقد أصروا على الشرك وتكذيب الرسول مكابرة وعنادا.

١٤ ـ (ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقالُوا) عن الرسول : (مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ) يتعلم ويحفظ بعض الكلمات ، وينطق بها من غير فهم وشعور.

١٥ ـ (إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عائِدُونَ) سنرفع عنهم ما هم فيه بعض الوقت ، ونحن نعلم أنهم ناكثون بالعهد لا محالة.

١٦ ـ (يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى) هذا إنذار بعذاب يوم القيامة إلا أن يستدركوا بالاستغفار والتوبة.

١٧ ـ (وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ) اختبرهم سبحانه بالنعماء والبأساء وبموسى (ع) تماما كما اختبر قريشا بالرخاء والضراء وبمحمد (ص) فتمرد هؤلاء وأولئك ، وقال موسى لفرعون وقومه :

١٨ ـ (أَنْ أَدُّوا إِلَيَ) ما لكم ولبني إسرائيل؟ تقتلون أبناءهم ، وتستحيون نساءهم ، دعوهم اني لكم من الله رسول أمين.

١٩ ـ ٢٠ ـ (وَأَنْ لا تَعْلُوا) وتستكبروا على طاعة الله ، ولدي الحجة الظاهرة الواضحة على اني رسول الله حقا وصدقا.

٢١ ـ (وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي) فليكن الأمر بيني وبينكم على السلم حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.

٢٢ ـ ٢٣ ـ (فَدَعا) موسى (رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ) فأمره سبحانه أن يخرج ببني إسرائيل ، وقال له من جملة ما قال :

___________________________________

الإعراب : (يَوْمَ) مفعول به لارتقب. وجملة (يَغْشَى النَّاسَ) صفة ثانية لدخان. و (هذا عَذابٌ أَلِيمٌ) مبتدأ وخبر ، والجملة مفعول لقول محذوف. ربنا أي يا ربنا. ومعلم مجنون أي هو معلم مجنون. وقليلا أي كشفا قليلا أو زمنا قليلا. ويوم نبطش «يوم» متعلق بفعل محذوف دل عليه منتقمون ، والتقدير ننتقم يوم نبطش الخ.

٦٥٧

٢٤ ـ (وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً) ساكنا ، لأن موسى لما تجاوز البحر أراد أن يضربه بعصاه حتى يحول بينه وبين فرعون فأمره سبحانه بتركه على حاله ساكنا ، وبشره بأن فرعون وقومه مغرقون فيه.

٢٥ ـ ٢٨ ـ (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ...) كان آل فرعون في سلطان وبذخ وقصور وأنهار وثمار ، فأهلكهم سبحانه ، وأورث ما كانوا فيه لقوم لا يمتون إليهم بسبب ولا نسب.

٢٩ ـ (فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ) لا أحد تألم أو تأسف لموتهم وهلاكهم (وَما كانُوا مُنْظَرِينَ) ما أخر سبحانه عذابهم إلى يوم القيامة.

٣٠ ـ ٣١ ـ (وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ) من طغيان فرعون وعذابه.

٣٢ ـ (وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ) أبدا ليس في خلق الرّحمن من تفاوت وتفاضل بنص القرآن الكريم في العديد من آياته ، ومنها (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) ـ ١٣ الحجرات» وعليه يكون المعنى أن الله سبحانه أنعم عليهم بالعديد من الآيات والمعجزات كفلق البحر وتضليل الغمام والمن والسلوى وما أشبه ، والدليل على ذلك قوله تعالى بلا فاصل :

٣٣ ـ (وَآتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ) أي الاختبار بالإنعام عليهم لتظهر أفعالهم شكرا أو كفرا ، وقد ظهرت في البغي والضلال والغدر والفساد حتى لعنهم الله وغضب عليهم ، وجعل منهم القردة والخنازير ، كما تقدم في العديد من الآيات.

٣٤ ـ ٣٥ ـ (إِنَّ هؤُلاءِ) إشارة إلى مشركي مكة وغيرهم من عرب الجاهلية (لَيَقُولُونَ إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى) الأصول الأساسية لعقيدة الإسلام ثلاثة : التوحيد وبنبوة محمد ، والبعث ، وكان عرب الجاهلية يعترفون بمن خلق السموات والأرض ، وينكرون التوحيد ، ولذا تعجبوا واستغربوا أن يجعل محمد الآلهة إلها واحدا ، وفي الآية ٢٥ من لقمان وغيرها : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) ولكن إنكارهم للبعث كان أشد بكثير من الجحود بالتوحيد لما وقع في تصورهم من استحالة الحياة بعد الموت وكان الكثير من المشركين على أتم الاستعداد أن يتخلوا عن الأصنام وعبادتها ويؤمنوا بنبوة محمد (ص) ولا أنه جمع في دعوته بين التوحيد والبعث ، وأبى أن يفصل بينهما ، وهنا يكمن السر في تكرار آيات البعث بأساليب شتى ، وألوان من الجدل والإحتجاج بين القرآن والمشركين ومن ذلك هذه الآية.

٣٦ ـ (فَأْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) وهذه مغالطة واضحة ، لأن البعث والإعادة في الآخرة لا في الحياة الدنيا.

٣٧ ـ (أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ) كان للتبابعة دولة وصولة في اليمن ، ولما عتوا عن أمر ربهم أخذهم بالهلاك والدمار.

٣٨ ـ (وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ) كيف والحكيم منزه عن الباطل والعبث؟

٦٥٨

٣٩ ـ (ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِ) أي ان السموات والأرض بما فيهما من نظام وأحكام يشهدان شهادة صدق وعدل بقدرة الخالق وعظمته.

٤٠ ـ (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ) يوم القيامة هو الموعد لمحاكمة المجرمين.

٤١ ـ (يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى) قريب عن قريب.

٤٢ ـ (إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ) والله أعلم حيث يجعل رحمته.

٤٣ ـ (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ) ثمرها مقيت ، وسم مميت.

٤٤ ـ (طَعامُ الْأَثِيمِ) من كثرت آثامه.

٤٥ ـ ٤٦ ـ (كَالْمُهْلِ) خثارة الزيت (يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ) شديد الحرارة.

٤٧ ـ (خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ) يأمر سبحانه زبانية جهنم أن يسوقوا الأثيم بقسوة وعنف إلى قلب جهنم.

٤٨ ـ (ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ) «دوش» جهنمي يفري الجلد ، ويذيب اللحم ، ويهشم العظم.

٤٩ ـ (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ) صاحب الجلالة والفخامة والسيادة والمعالي «والهر والسنور».

٥٠ ـ (إِنَّ هذا ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ) تشكون وتتصرفون مسترسلين مع طموح الميول وجموح الأهواء آمنين من كل حساب. هذي هي عاقبة الطغاة المجرمين أما مصير الأحرار الطيبين فقد أشار إليه سبحانه بقوله :

٥١ ـ (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ) أبدا لا شيء يكدر العيش ، ويزعج القلب ...

٥٢ ـ (فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) يتنعمون فيها كما يشاءون.

٥٣ ـ ٥٥ ـ (يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ) حرير رقيق (وَإِسْتَبْرَقٍ) حرير سميك سماوي لا أرضي ، ويتمتعون بالحور العين ، وبالخلود في السعادة والهناء.

___________________________________

الإعراب : (لاعِبِينَ) حال. و (أَجْمَعِينَ) تأكيد لضمير ميقاتهم. و (يَوْمَ لا يُغْنِي) بدل من (يَوْمَ الْفَصْلِ). (فِي جَنَّاتٍ) بدل من (مَقامٍ أَمِينٍ) بإعادة حرف جر. (مُتَقابِلِينَ) حال من واو (يَلْبَسُونَ). (كَذلِكَ) خبر لمبتدأ محذوف أي الأمر كذلك. آمنين حال من واو يدعون وفضلا منصوب على المصدرية أي تفضل تفضيلا.

٦٥٩

٥٦ ـ ٥٧ ـ (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) هذا الاستثناء منقطع ، والمعنى لا موت لأهل الجنة إطلاقا ، ولا سقم وهرم أبدا ، وفوق ذلك لا ثقل دم وإزعاج.

٥٨ ـ (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ) أنزل سبحانه القرآن بلسان العرب سهلا يسيرا ، ليفهموه ويعملوا بأحكامه وتعاليمه.

٥٩ ـ (فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ) انتظر يا محمد ، فسيعلم الذين اتخذوا هذا القرآن مهجورا ما ذا يحل بهم من خزي وهوان. وفي سفينة البحار عن رسول الله (ص) أنه قال : «يأتي زمان لا يبقى من القرآن إلى رسمه ، ولا من الإسلام إلا اسمه ، يمسون به ، وهم أبعد الناس عنه ، مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى».

سورة الجاثية

مكيّة وهي سبع وثلاثون آية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

١ ـ ٢ ـ (حم تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) أيضا القرآن عزيز حيث لا مثيل له ولا نظير ، ويقهر كل من يتحداه ، وهو حكيم بمبادئه وتعاليمه البالغة النافعة.

٣ ـ (إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) وروعتهما في النظام والإتقان ، لدليل قاطع على وجود القاصد والصانع ، والمراد بالمؤمنين كل من يؤمن بما دلّ عليه الدليل ، وبكلمة من لا يعاند الحق ويجحده.

٤ ـ (وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ) هل من شيء في الإنسان أو الحيوان أو الحشرة لا حكمة له؟ أليس هذا دلالة واضحة على الإرادة والتصميم.

٥ ـ (وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ ...) إلى كل ما في الكون من شيء ، هو خاضع لقانون طبيعي يضبط وجوده واستمراره وحركته أو سكونه وتفاعله ، والقانون والنظام يدل بطبعه على وجود القادر المنظم ، وعلى حد ما قال شوقي أمير الشعراء : الطبيعة من طبعها» وهل من عاقل يجيب عن هذا السؤال بأن الصدفة والفوضى هي التي أحكمت وطبّعت؟.

___________________________________

الإعراب : (تَنْزِيلُ) مبتدأ ومن الله الخبر ، ويجوز أن يكون تنزيل خبرا لمبتدأ محذوف أي هذا تنزيل الكتاب ، و (مِنَ اللهِ) متعلق بتنزيل. (لَآياتٍ) اسم و (إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) خبرها وآيات مبتدأ مؤخر. (وَفِي خَلْقِكُمْ) خبر مقدم (وَما يَبُثُ) عطف على (خَلْقِكُمْ). (وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) خبر مقدم و (آياتٌ لِقَوْمٍ) مبتدأ مؤخر. (تِلْكَ آياتُ اللهِ) مبتدأ وخبر.

٦٦٠