إتحاف الأخيار بغرائب الأخبار

إدريس الجعيدي السلوي

إتحاف الأخيار بغرائب الأخبار

المؤلف:

إدريس الجعيدي السلوي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر
الطبعة: ١
ISBN: 9953-36-640-3
الصفحات: ٤٧٩

وذلك منهم وداع خاص يفعلونه للخاصة والأعيان من الدول. /٣٥١/ ثم التفت إليهم الباشدور أشار إليهم بيده للوداع على حسب عرفهم ، وحيث قرب الباشدور إلى البر أخرجت المدافع القانونية من أبراج طنجة ، وعند النزول بساحلها قرب المرسى وجدنا هناك نائب مولانا المذكور وخديمه القائد الجلالي بن حم ، والأمناء وأعيان البلد متهيئين للقاء الباشدور ، فتلاقوا به هناك ونحن كذلك وطلعنا إلى محل النزول بدويرة رياض القصبة التي هناك ، فنزلنا بها وحمدنا الله سبحانه حق حمده على ما أسدى إلينا من العافية والسلامة اللتين هما للعاقل غاية مطلبه وقصده ، وسألناه من جوده وكرمه أن يختم لنا هذه السياحة المباركة بالطلوع إلى حضرة مولانا الشريفة ، والتمتع بالنظر إلى طلعته (١) السعيدة المنيفة ، بقصد أن نلتمس (٢) من سيادته أعزه الله صالح الدعاء ، وجلب رضاه وزيارة الأولياء الأموات منهم والأحياء ، عسى ربنا سبحانه يكفر عنا بذلك ما اقترفناه من السيئات ، ويستمر عنا بكرمه ما اجترمناه من الزلات وقبيح العترات ، فإنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير.

تمت الرحلة

__________________

(١) بالفعل سافر السفير الزبيدي من طنجة لفاس حيث كان مثوى السلطان إذ ذاك فأكرم وفادته ... ولما قص عليه قصص سفارته وقرر له كل شاذة وفاذة شكر مسعاه ودعا له بالخير وأمره بالرجوع لطنجة لتتميم المسائل المحالة على القناصل والباشدورات القاطنين هنالك في حل مبرمها ، ولم يزل بطنجة إلى أن أكمل المراد وفق ما يراد حسبما ينبني عن ذلك جواب الحاجب.

الإتحاف ، ابن زيدان ، ج ٢ : ٣١١.

(٢) عند قدوم الجعيدي على السلطان مدحه بقصيدة جيدة فيها إحدى وستون بيتا كما صرح به ناظنها في كتاب كتبه لأبي العباس الناصري ، الذي ذكر له منها الأبيات الثلاثة الأولى وستة أبيات من الآخر ، (انظر الاستقصا ، ج ٧ : ١٥١) وقد نقلها عن الناصري المؤرخ العباس بن إبراهيم المراكشي (الإعلام ، ج ٣ : ٣٩) حرفيا بدون زيادة أو نقصان ، لكنني وجدت بعض أبيات هذه القصيدة في كناشة الأديب أحمد الصبيحي (الفالودج رقم ١ ب خ. ع. ص. بسلا تحت رقم ٤٢٦) تزيد ب ١٣ بيتا عما ذكره الناصري. (انظر نص القصيدة بالملحق ٢).

٤٠١
٤٠٢

ملاحق

٤٠٣
٤٠٤

ملحق ١

ترجمة للأعضاء المرافقين للرحالة في السفارة

ترجمة الحاج محمد الزبيدي (١٢٢٠ ه‍ ـ ١٣٠٢ ه‍)

«... ح محمد ابن الحاج الطاهر ابن أحمد الزبيدي الأندلسي (١) الأصل الرباطي ، كان رحمه الله من الوجهاء وأكابر الأمناء ، ولد بالرباط عام ١٢٢٠ ه‍ وكان في أوائل أمره يتعاطى التجارة وحج مرتين وولاه مولاي عبد الرحمان عاملا على الرباط عام ١٢٦٠ ه‍ ...» (٢) وقد ذكر المؤرخ الناصري تفاصيل الطريقة السلمية التي سلكها الزبيدي لإزاحة عامل الرباط الحاج محمد السوسي ، وتوحيد رأي أهل الرباط على تقديمه مكانه ، وتصلبه في موقفه حتى أرغم السلطان مولاي عبد الرحمان على تزكية تعيينه مؤقتا عاملا على الرباط بظهير شريف بتاريخ ٢٣ رمضان عام ١٢٦١ ه‍ ، وبعد ستة أشهر نزل السلطان بالرباط وقبض على الزبيدي ورفاقه وبعث بهم إلى فاس ، فسجنوا بها ثم سرحوا بعد حين ، وعفى عنهم وقربه إليه «... (٣) ثم أسند له بعد أمر المالية والأشغال الخارجية التي ترد من النائب السلطاني بطنجة إلى الأعتاب الشريفة ، وكان وجهه السلطان سيدي محمد لمباشرة قضية تطوان مع الإصبنيول ... كنائب سلطاني (٤) بجانب محمد الخطيب بتاريخ ١٤ ربيع الأول عام ١٢٧٦ ه‍ لتفادي

__________________

(١) مجالس الانبساط بشرح علماء وصلحاء الرباط ، محمد دينية ، ص : ٢١٣ «من عائلة الفقيه محمد الحاج إبراهيم الزبيد الذي كان من خواص الشيخ العكاري الملازمين له والقائمين بخدمته ظاهرا وباطنا» (بوجندار ، الاغتباط ، ص : ١٠٢). والحاج محمد الزبيدي عضو الديوان الأندلسي في القصبة (بوجندار ، مقدمة الفتح القرن ١٧ م ، ص : ٢٢١).

(٢) الاستقصا ، الناصري ، ج ٩ : ٥٤.

(٣) مجالس الانبساط ، دينية ، ص : ٢١٣.

(٤) الإتحاف ، ابن زيدان ، ج ٣ : ٤٠٤ ، وتاريخ تطوان ، داوود ، ج ٤ : ٨٤.

٤٠٥

قيام الحرب ، وقد علق الزبيدي عن مهمته هذه في كناشة توجد عند نجله الحاج أحمد الزبيدي.

يقول «ولما وصلت (١) لطنجة وجدت سفير الإصبنيول ركب البحر في مركبه ، وأن النائب محمد الخطيب قد سلم المطالب الأربعة التي كان يطلب الإصبنيول التي وجهنا سيدنا أيده الله لأجلها ، وظهر لي من المصلحة موافقة الخطيب عليها ، ثم إن النائب الإصبنيولي بعد دخوله لطنجة أمر جميع من هو من جنسه مغادرة طنجة والركوب حالا في البحر ، وأعلن الحرب من غير مفاوضة ... خلافا لبعض المؤرخين كالناصري في «الاستقصا» ، وابن زيدان في «الإتحاف».

وقد تنبه الزبيدي أن الجيش المخزني المتواجد بتطوان بقيادة مولاي العباس كان قليل العدد والعدة «... وقد أعلمت الوزير بعدد العسكر الذي أنزل العدو بسبتة حسبما وصلني تفاصيله من جبل طارق وقدره ستون ألفا ، وطلب منه التعجيل بتوجيه عدد وافر من المقاتلين واستنفار القبائل والتعجيل ...» (٢).

وبعد هزيمة حرب تطوان عين «... أمينا لاختيار الكنانيش ومراقبة الحسابات التي ترد الحضرة العالية من قبل أمناء المراسي ...» (٣).

بعد تولية السلطان الحسن الأول الحكم عين الزبيدي على رأس مصلحة تقوم بتخليص القوائم الواردة من المراسي وغيرها وتسجيلها بالدفاتر المعدة لها في إطار إصلاح هياكل الدولة المغربية ، بعدها مباشرة اختاره سفيرا رغم كبر سنه لأربعة دول أوربية ، وقدمه لعظماء هذه الدول «... وقد اخترناه من أحظى خدام داخلية عتبتنا العزيزة وكبراء حاشيتنا حيث اقتضت خدمته ونصيحته تمييزه لما عرف به من السبقية

__________________

(١) تاريخ تطوان ، محمد داوود ، الجزء ١٠ : ٧٧.

(٢) كناشة الزبيدي توجد عند نجله الحاج أحمد الزبيدي المتوفى عام ١٩٦٣ م. تاريخ تطوان ، محمد داود ، ج ١٠ : ٧٧.

(٣) مجالس الانبساط ، دينية : ٢١٣.

٤٠٦

في الخدمة أيام سيدنا الجد ومولانا الوالد قدس الله روحيهما ...» (١). وبعد عودته من أوربا أسند إليه عدة مهام مخزنية كالإشراف على التشاور مع سفراء الدول لضرب الريال الحسني ، واستيراد الأسلحة وغير ذلك. كما سيرد بتفصيل في الدراسة (٢).

وختم دينية الرباطي ترجمة الأمين أبو عبد الله الزبيدي في كتابه «... ولما كبر سنه طلب من السلطان المذكور الإنعام عليه بالاستراحة. وإسناد وظيفته إلى ولده الطالب العربي ، فولاه عند ذلك أمينا بمرسى الرباط عام ١٣٠٢ ه‍ ، وولي مكانه في وظيفة المذكور ولده المذكور ، توفي المترجم صبيحة يوم الجمعة ١ ربيع النبوي عام ١٣٠٤ ه‍ ودفن بالعلو ...».

__________________

(١) من رسالة الحسن الأول إلى ملك إيطاليا. الإتحاف ، ابن زيدان ، ج ح : ٣٠٦. انظر نص الرسائل المتبادلة في هذا الموضوع بالإتحاف ، ابن زيدان ، ج ٢ : من ٤٤٢ إلى ٤٥٣.

(٢) مجالس الانبساط : ٢١٣.

٤٠٧

ملحق ٢

ترجمة أمين السفارة ابن ناصر (بناصر) ابن أحمد غنام

(١٢٦٢ ه‍ ، ١٣٣٤ ه‍).

ولد بالرباط حوالي ١٢٦٢ ه‍ من أسرة منحدرة من قبيلة الغنانمة المغربية التي تمتد مواطنها ما بين سوس وإقليم التوات ، ومن يرجح أن يكون أصلها أندلسيا حسب رسوم عدلية ، ووالده أحمد تولى نظارة الأحباس بالرباط سنين طويلة ، فلما توفي في ذي الحجة عام ١٢٩٠ ه‍ ، تولى ابنه محمد النظارة بدله وصار مترجمنا بناصر خليفة له ، سرعان ما عينه السلطان الحسن الأول في عام ١٢٩٢ ه‍ بتزكية من السفير الزبيدي عضوا برتبة أمين رفقة سفارته ، ثم عينه أمينا للمال ، ثم ترقى في أوائل سنة ١٣٠٠ ه‍ إلى رتبة أمين الاختيار ، وكانت تعني مفتش المالية (١) وفي سنة ١٣١٥ ه‍ نقل أمينا لمرسى طنجة ، ثم عين بدار النيابة سنة ١٣١٨ ه‍ مستشارا للنائب السلطاني الحاج محمد بن العربي الطريس ، ومن أعماله هناك تفاوضه سنة ١٣١٨ م على ضرب الريال وكسوره بأنجلترا ، وذهابه سنة ١٣١٩ م في سفارة إلى فرنسا وروسيا صحبة عبد الكريم ابن سليمان وزير الخارجية المغربي آنذاك ، ثم أرسل سنة ١٣٢٠ م إلى الجزائر موفدا من قبل السلطان مولاي عبد العزيز لتحية رئيس الجمهورية الفرنسية بمدينة وهران مجاملة ، ثم عين في اللجنة المكلفة بالتعويضات المتعلقة بالخسائر التي لحقت بمدينة الدار البيضاء سنة ١٩٠٧ م ، وبعد ثورة السلطان مولاي عبد الحفيظ على أخيه حاول أن يعينه خليفة لمحمد الجباص نظرا لخبرته وتجربته الطويلة ، لكن السفارة الفرنسية ثارت على هذا الترشيح بدعوى عدم استشارتها ، ووصفته أنه رجل متعصب من قبل الأجانب ، فأرسله مولاي عبد الحفيظ عضوا في سفارة أحمد ابن المواز إلى إسبانيا. ثم استراح المترجم بعد تأسيس الحماية إلى أن توفي يوم الخميس ١٥ صفر عام ١٣٣٤ ه‍ دجنبر سنة ١٩١٥ م ، وقد رثته جريدة السعادة «... كان

__________________

(١) أعلام المغرب العربي ، بن منصور ، ج ١ : ٢١٧.

٤٠٨

كثير الحذر شديد الانتقاد ، صادق الوطنية لحد المبالغة في بعض الأحيان ، وكان فيه نزعة للساسة الفرنساوية ... ولعل تلك النزعة كانت مستمدة من نصائح الوزير عبد الكريم بن سليمان ... لكنه كان يضطر غالبا لإظهار غير ما يضمر نظرا للحالة المخزنية واختلاف آراء رجالها في ذلك الوقت ، وسعايتهم ببعضهم البعض ، وقد جمع ثروة طائلة خلفها لأولاده ... مات مأسوفا عليه ودفن بعد صلاة العصر في الزاوية الناصرية ...»(١)

__________________

(١) عدد ١١٣٥ بتاريخ ٢٣ و٢٤ شتنبر ١٩١٥ م ، لسان المندوبية السامية الفرنسية ، الرباط ، خ. ع.

٤٠٩

ملحق رقم ٣ :

اعتذار من مقيده للمحب الصادق الأمين الطالب

السيد عبد القادر غنام

يا فريد الإحسان صدقا وودا

وحفيظ العهود قربا وبعدا

قد أتاني منك ألف سلام

وشذاه يفوح مسكا وندا

فعليك السلام في كل حين

وثناء عليك شكرا وحمدا

لكن في ذلك السلام عتاب

فاق لطفا وراق قدحا وهجدا

أنت مولاي عبد القادر غنا

م الأمين الشهير صدقا وجدا

فبما لك عندنا من أياد

ووداد وفضل لا يحصى عدا

قد ملكت قلبي يا قرة العي

ن فصرت إذاك رقا وعبدا

كيف أنساك والفؤاد شهيد؟

منك سله يفدك شوقا ووجدا

ما سهوت ولا تغافلت إلا

رد بي الخوف من عتابك ردا

أو تظن؟ فالظن بعضه إثم

حسن الظن ، فهو أجمل رقدا

فلولا الفضل منك ما كنت عني

سائلا ، وقصدتني به قصدا

٤١٠

وإلا فما قيمتي وما قدري

مع ضعفي حتى تجاوزت حدا

غير أنك ذو أياد فحليتني

من أنفس التحية عقدا

فتجاوز ، وسامح بالفعل عني

لا تراني مغيرا لك عهدا

قد أرخته قائلا في الدعاء :

دم يا قرة العين صادقا جدا

٤٤+ ٩١١+ ١٦٠+ ١٦٦+ ١٢ ـ ١٢٩٣ ه‍ مجموع الأرقام لعله يشير إلى تاريخ نظم القصيدة وهو أواخر المائة الثالثة بعد الألف.

تقييم القصيدة من حيث الشكل

حاول المؤلف في قصيدته أن يصوغ مشاعره الجياشة تجاه أخ عزيز عليه ـ صياغة شعرية مهما كان حالها. فاختار لها إيقاع الخفيف ، لكن نظمها جاء مختلا في جل أبياتها ، الأمر الذي يدل على أن المؤلف قاصر في نظم الشعر ، ولا سيما في تعامله مع التفاعيل العروضية الخليلية.

فالقصيدة يطغى عليها تكسير الإيقاع ، في جل أبياتها علاوة على بساطة أسلوبها تركيبا وتعبيرا ، مما يفيد أن ناظمها لم يكن له إلمام واسع بفن الشعر ، ولا بأدواته الضرورية.

ويبدو هذا جليا في بعض تركيباته اللغوية ، وصياغاته النظمية التي هي أقرب ما تكون إلى النثر منها إلى الشعر ، وذلك لخلوها ـ في الغالب ـ من المميزات والخصائص الفنية التي يتسم بها هذا الفن الأدبي الرفيع.

غير أن المؤلف له عذره ، ومن غير أن نلتمسه له. فهو لم يكن شاعرا بالمعنى الأدبي المفهوم من الشعر اليوم. وإنما كان ـ على عادة أهل زمانه ـ مشاركا فقط

٤١١

ويمارس شعره على ما هو عليه كتعبير ثاني إضافي ، يستعين به على تسجيل ما يقع تحت ألحاظه من مشاهد ووقائع وأحداث ، بعد أن ينتهي من تسجيلها بنثره المسجوع ، دون اكتراث بما يقع فيه ـ أثناء النظم ـ من محظور في صياغته الشعرية.

ويمكن أن يطرد هذا الحكم على سائر ما نظمه في هذا المجال. لهذا لا أرى فائدة في تصيد هفواته العفوية المتكررة ، والملحوظة في تضاعيف القصيدة ، ما دام عذره في ذلك واضحا ومقبولا (انظر دراسة أحمد الطريس ، الشعر المغربي في ق ١٩ م» بكتاب الإصلاح والمجتمع المغربي في ق ١٩ م. ص ٣٧٣).

ملحوطة : توجد هذه القصيدة بالصفحة الأخيرة من رحلة الجعيدي. ربما كان الجعيدي ينوي إهداء هذه النسخة لسيدي عبد القادر غنام الذي نبهه إلى جانب أحمد الناصري السلوي على ضرورة كتابة رحلته هذه السفارية.

٤١٢

ملحق رقم ٤ :

بعض قصائد إدريس الجعيدي التي لم ترد في الرحلة

لما عاد الجعيدي من الوجهة الفرنجية صحبة السفير الزبيدي ، مدح السلطان الحسن الأول بقصيدة جيدة فيها إحدى وستون بيتا كما صرح به ناظمها في كتاب كتبه لأحمد الناصري (١) ، ذكر له منها الأبيات الثلاث الأول وستة أبيات من الأخر(الاستقصا ، ج ٧ : ١٥١) وقد نقلها عن الناصري العباس بن إبراهيم المراكشي(الاعلام ، ج ٣ : ٣٩) حرفيا بدون زيادة أو نقصان.

لكنني وجدت بعض أبيات هذه القصيدة في كناشة أحمد الصبيحي «الفالودج» رقم ١ ب خ. ع. ص بسلا تحت رقم ٤٢٦ تزيد ب ١٣ بيتا عما ذكره الناصري.

أسالم دهري في المرام وفي القصد

فينقض ما أبرمت للصلح من عقد

واسأله الرحمى فيبدي ازوراره

ونفرته عني فيأعظم ما يبدي

وكم لي أسترضيه وهو مغاضب

ولا يرعوي عما جناه على عمد

انتهى ما ذكره الناصري ، ويضيف أحمد الصبيحي :

لي الله كم لاقيت في طرف الهوى

لي الله كمجرعت من غصص الصد

لي الله كم قاسى الفؤاد من النوى

وشدته حتى بلغت إلى الحد

__________________

(١) كما نشر أحمد الناصري قصيدة أخرى لإدريس الجعيدي ، نصها الكامل بالاستقصا ، ج ٩ : ١٧١ يمدح الحسن الأول الذي عينه لإحصاء صائره بمراكش في ربيع الثاني عام ١٢٩٧ ه‍ ، ربما أدخل عليها بعض التلقيح والتهذيب حتى جعلها في مستوى القصائد الموزونة.

٤١٣

لي الله ما جملت في الحب من ضنى

وما بي حب في سعاد ولا دعد

فياليت شعري هل أرى الدهرمنصفي

فيذهب عني ما براني من وجد

واطرح عني عتبه وشكاته

وانزع عني ما لبست من الجهد

صبرت وإن الصبر صبر مذاقه

ولكن مثال الصبر أحلى من الشهد

لئن لم أنل من ذا الزمان لبانتي

فإني عليه ما حييت لمستعدي

ومن ينصف المظلوم منه ويكتفي

به غير من يسعى إلى الأجر والحمد

سأقصد مأوى العدل والحلم والندى

عسى عطفة تبدو من الطالع السعد

ومن لي بلقياه وبيني وبينه

كمثل الثريا والتراب من البعد

بلى بابه المقصود كل يؤمه

فيظفر بالمطلوب فورا وبالرفد

عليك به فانهض سريعا مبادرا

وسابق إلى ظل من العدل ممتد

شريف اسمه منه اقتبس كل مطلب

تساعدك الأقدار بالنجح والرشد

يعود أحمد الناصري لذكر ستة أبيات من الأخر :

وهذي بنات الفكر مني هدية

إلى الملك المنصور ذي الجود والرفد

٤١٤

فإن أهملت عدلا فإني مهمل

وإنصادفت وقت القبول فياسعدي

وما كنت في باب القريض مبرزا

شهيرا ولكن تعاطيته جهدي

لأجل امتحاني لذت فيه بربنا

فأصبحت ذا وجد وقد كنت ذا فقد

فها أنا ضيف زائر لحماكم

وحسبي رضاكم فهو نفس المنى عندي

ويا ربنا اعط الأمير مرامه

وظفره بالمطلوب منك وبالقصد

كما ذكر أحمد الصبيحي في كناشته العلمية ـ الفالودج بعض القصائد الأخرى لسيدي إدريس الجعيدي السلاوي لم يذكرها المؤرخ الناصري ولا غيره :

القصيدة الأولى : يجيب فيها الشيخ الجليل سيدي ، الحاج العربي بن مولانا بنداوود الشرقاوي العمري (بزاوية أبي الجعد) رسالة جواب :

دعوني إلى من قد هويت أسير

ولو أني في قيد الذنوب أسير

وخلوا سبيلي إن شوقي زائد

ومن شدة الأشواق كدت أطير

ولا سيما والحب أعلن معلما

بشوق إلى ذي النظم وهو حفير

وجاد بمجد لست أهلا لنيله

ولكنه بالصدق مني خبير

فلبيك يا مولاي إن عزيمتي

تبشرني صدقا بأني أزور

٤١٥

رجال أبي جعد إليكم تشوقي

وللقطب بنداوود قلبي شكور

وفي تلكم الأعتاب يحلو تطارحي

ويشفى سقام ضاق منه صدور

ويجمع شملي بالخليل وسيدي

مولاي العربي فالشأن منه كبير

فيا أيها الحبر العلي جنابه

لكم مدد يتلى وفضل شهير

ويا من حوى جل المحامد والثنا

ومن لعلاه الخلق طرا يشير

حباكم إلاه العرش كل فضيلة

لكم عزة من أجلها وهور

وأسراركم معهودة وجلية

لنا من ذكراها غبطة وسرور

فعطفا على عبد كسير جنابه

وجد بعلاج القلب فهو نفور

وسل ني من القطب الشهير أبيكم

صلاحا وسترا فالنوال كثير

القصيدة الثانية : ذكرها أحمد الصبيحي في مخطوطه (كشكول الصبيحي) ج ٣ رقم ٤٢٨ ب خ. ع. ص بسلا يقول في ص ٣٥ :

قصيدة لأبي العلاء الجعيدي.

الحمد لله طلب بعض الأدباء من الأديب الشريف أبي العلا سيدي إدريس الجعيدي السلاوي كتاب المنية لابن غازي فوجهه له وكتب عليه ما نصه ومن خطه نقلت.

٤١٦

قد وصلت إلى ديار التهاني

وارتقيت إلى مقام التداني

فابشري بالمنى يا نفس فإني

صرت من خدم الأديب ابن داني

هذه منيتي تزوره شوقا

كل ما يشتهي بها متداني

فهي قائمة مقام أنيس

وهي غانية عن صوت الأغاني

كم شربت من ثغرها كأس رائع

وسلوت بها عن نقر المثاني

٤١٧

ملحق ، رقم ٥ :

خزانة الكتب التي تركها سيدي إدريس الجعيدي السلاوي حسب التريكة (خزانة نجله سيدي عبد القادرالجعيدي بسلا)

نسخة من الشفا بالمطبعة المصرية (القاضي عياض). ـ إحياء علوم الدين (الإمام الغزالي) في أربعة أسفار. ـ الإتقان في علوم القرآن (الإمام السيوطي). ـ شرح جسوس على عقيدة الرسالة (أبي زيد القيرواني) شرح سيدي عبد القادر الفاسي. ـ حسن المحاضرة للسيوطي. ـ حاشية الدسوقي على الدردير (شارح الشيخ متن خليل) في أسفار. ـ القاموس في سفرين (البحر المحيط فيرزبادي). ـ سعود المطالع في سفرين (الفلك والتوقيت). ـ تذكرة الشيخ داوود في سفرين (الأنطاكي). ـ شرح الطرابلسي على المرشد المعين. ـ حكم بن عباد (الصوفية). ـ حياة الحيوان في سفر(الكبرى الدمياري). ـ ميزان الشعراني في سفر والعمود أيضا والطبقات الكبرى. ـ نزهة الصفوري. ـ المستضرف (من كل فن طرف). ـ ريحانة الألباء للخفاجي. ـ الجغرافية. ـ اختصار السويدي للشعراني. ـ تألثف تفسير الرؤيا لابن سيرين حسن. ـ كتاب ابن معشر الفلكي. ـ النصف الثاني من كشف الغمة للشعراني. ـ تبصرة بن فرحون وبهامشه ابن سلمون. ـ سفران في علم التنجيم لابن البنا. ـ منهاج الطالب في التوقيت والتعديل. ـ مقامات الحريري بخط مغربي. ـ شرح بنيس على الهمزية بالمطبعة الفاسية. ـ سلوانات ابن ظفر. ـ كتاب القرطاس. ـ روضة الأزهار. ـ حاشية التسولي على التحفة. ـ التاودي. ـ ابن حجر على الهمزية الجزء الأول والثالث من سيدي الخرشي وكتب أخرى. ـ ثلاثة أجزاء من الخطاب ومن الذكاء إلخ. ـ نسختان من المصباح. ـ البيروني في التنجيم. ـ مجموعة في عمل الاسطرلاب. ـ كتاب في الصلاة على النبي. ـ كراريس ٢٠ من القاموس. ـ كراريس مختلطة في التنجيم.

٤١٨

كما ترك سيدي إدريس الجعيدي العديد من آلات الرصد الفلكية

كرتان للتعديل روميتان. ـ قوس الارتفاع من صفر. ـ ميزان الهواء. ـ مجانة قزدير مستديرة ومجانة مستديرة. ـ شاخص بمدفع وبيت الابرة. ـ ءالة المساحة. ـ اصطرلاب من صفرـ كابوسان روميان والكثير من الأسلحة الأخرى والأثاث والحلي والمجوهرات.

٤١٩
٤٢٠