إتحاف الأخيار بغرائب الأخبار

إدريس الجعيدي السلوي

إتحاف الأخيار بغرائب الأخبار

المؤلف:

إدريس الجعيدي السلوي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر
الطبعة: ١
ISBN: 9953-36-640-3
الصفحات: ٤٧٩

دفعت لآخر ينصبها أمامه ويشتغل بتبريمها فتدخل البريمة فيها كما يدخل رأس المشعاب في العود ، والماء يتقاطر عليها من فوق ليلا تذوب. ورأيت في بعض جهاتها ناعورتين كاللتين حوله ، لكن أنصاف الدوائر المحفورة في إحداهما يسامتها من الأخرى نصف دائرة بارز عن جسمها أصغر من نصف دائرة الرحى الأخرى ، وهي هناك متعددة متفاوتة ، فظننت أن في هاتين الناعورتين بنيديان طي الجعبة حين تكون بارة مبسوطة والله أعلم. ووجدناهم يصنعون هذه الجعبات من أول وهلة أجساما صلبة كهيئة الزكروم ، ثم يبرمونها على حسب غرض الطالب.

الفابريكة العظمى في مدينة سراين (١) وما يخدم فيها

وفي منتصف هذا اليوم ركبنا في بابور يسافر في الوادي الذي يشق هذه المدينة ، لأن فيها بابورات عديدة ليس فيها صوار ، وهي كبيرة تسافر فيه إلى المدن التي بشاطئيه ، وتوجهنا إلى مدينة تسمى سراين ، فسار البابور بنا في هذا الوادي ثلثي ساعة ، وعرضه من المحل الذي ركبنا /١٩٢/ فيه نحو عشرين خطوة ، والمون يحده من الشاطئين. ثم خرجنا من قنطرة منصوبة عليه فوجدناه انبسط غاية ، يمينا ويسارا حتى صار في العرض مثل مجاز العدوتين. ثم لقيتنا قنطرة أخرى فيها خمسة قسي ،

__________________

(١) «من مدينة الياج أخذ أعضاء السفارة المغربية الباخرة البخاريةـ Orban Michel Le ، التي قطعت بهم نهرMeuse ، وفي ظرف ٤٠ دقيقة أوصلتهم إلى رصيف ميناء سوران Seraing الداخلي ، حيث توجد المركبات الصناعية الضخمة ...».

G. D. B. R. A. ler Belgique) j. de Bruxelles (.

ولهذه المركبات الصناعية توجهت بعثة مغربية طلابية تتكون من سبعة أفراد لدراسة هندسة المدفع ومكينات فبريكة القرطوش ، انظر مكاتب محمد بن الكعاب الشرقي أحد أفراد البعثة الحسنية إلى فرنسا ثم إلى بلجيكا سنة ١٨٧٩ م والتي كان يبعث بها من مدينة صيرن يقصد سوران Seraing البلجيكية نيابة عن جماعة طلاب ككريل يقصدCockerill. (المنوني ، مظاهر يقظة المغرب ، ج ١ : ١٩١ و١٩٢).

٢٤١

وعند مرورنا تحت إحداهما مرّ فوقنا بابور البر. ثم انتهينا إلى قنطرة أخرى امتدت من الشاطئ إلى الشاطئ ، وليس فيها قسي ، وطولها نحو خمسين خطوة ، وانظر كيف تأتى لهم ذلك ، وفي هذا الوادي سد ببارات حديد يترك للماء فرجا يخرج (١) منها ، قيل إن العلة في ذلك ليلا يتموج الماء فتصير البابورات تضطرب فيه.

وعند نزولنا من هذا البابور ركبنا إلى دار اشتملت على اثنتي عشرة (٢) فابريكة ، يخدم فيها كل ما يحتاج إليه عندهم من آلات الحديد ، ومثل مكينات بابورات النار وبابورات البر وطرقها وآلات القراصن ، والفرقاطات التي تصنع من الحديد والمدافع وتصفية المعادن الحديد والنحاس والهند وغير ذلك من كل ما يحتاج إليه. وهذه الدار تخدم لجميع الأجناس (٣) من جميع ما يطلبون من المكينات ، وليس يوجد في بر النصارى أعظم منها ولا ما يماثلها. وطولها كما ذكر عشرون ميلا.

ومعدن الفاخر تحتها ينزل إليه الخدمة بالضوء ، كل واحد في حزامه فنار ، يقفون على مائدة ستة أناس وتلك المائدة مربعة ، في كل زاوية قنبة ككفة الميزان ، تنتهي إلى أعمدة (٤) من حديد مساوية في القدر لأرباع المائدة ، ثم يجمع بين أطراف القنانيب فوق الأعمدة وتربط في شريطة مبسوطة /١٩٣/ ملتوية على ناعورة عظيمة ،

__________________

(١) سدود صغيرة لرفع أو خفض مستوى المياه لتسهل مرور البواخر النهرية في العمق المناسب.

(٢) الأوراش الكيرى لشركة كوكريل Cockerill في سوران.

G. D. B. R. A. ler Belgique) j. de Bruxelles (.

(٣) «السيد أرمان سادوان Sadoine ، مدير الشركة استقبل الزوار المرافقين لعمدة لييج ورافقهم ابنه وعدد من المهندسين حيث زاروا الأوراش الشاسعة وآلات صقل الورق ، وصناعة خطوط السكة الحديدية والعجلات ، كما تتبعوا صناعة الصلب وتعجبوا لهذا المجمع الصناعي المتنوع الذي يعتبر أهم الوحدات لصناعة الصلب الحديثة ، وفي كل مكان كانت تعطى شروح دقيقة من طرف السادة رؤساء المصالح وتترجم بواسطةSuccie et Monge وكان كاتب السفير يأخذ نقطا لهذه الشروح ...».(نفس المرجع السابق).

(٤) رسم من إنشاء الجعيدي يوضح فكرة المصاعد والمهابط الخاصة بالمناجم (Ascenseur المصعد(أ) :

(انظر ملحق الرسوم والصور صفحة ١٤).

٢٤٢

وعند استقرار الخدمة الستة محل تلك المائدة يرسلون تلك الناعورة ، فتسير تدور دورانا مثل دوران ناعورة الشراط في غاية جهدها ، وبدورانها تنزل المائدة بالخدمة إلى معدن الفاخر بمقدار خمسمائة متر كما ذكر ، وعند نزول هؤلاء الخدمة يطلع آخرون من تربيعة أخرى حداء التربيعة التي ينزل فيها الآخرون ، وهؤلاء الخدمة يخدمون الفاخر هناك ست ساعات ، ويطلعون على أسوأ حال كأنهم من عبيد الزنج. وينزل لهذا المعدن ريح عظيم (١) من مكينة عظيمة خاصة له لتوليد الريح ، ولولاه ما تأتي الخدمة فيه ، فقلت إذ ذلك أنتم قلتم إن بين الأرض والمعدن خمسمائة متر والأودية في أرضكم كالبحار ، فبالضرورة يكون آبارها قريبا. وهؤلاء الذين حفروا تلك المياتر لم يصلوا إلى الماء ، قيل بلى حين وصلوا إليه نزحوه بالطرونبات ونبوا عليه بناء محكما من جميع الجهات فرجع إلى مواضع آخر ، وقيل إنه يخرج من هذا المعدن عشرون ألف قنطار كل يوم لخدمة مكينات هذه الدار. وفيها من الخدمة تسعة آلاف (٢) واثنا عشر مهندسا ، قدم علينا أحدهم فرأيته ولدا صغيرا نحيف الجسم ، قلت لا أظن هذا الرجل يدرك الثلاثين سنة ، فسئل عن سنه فقال : في هذا الشهر يكمل ستا وشرين سنة ولا غرابة في ذلك لمن نشأ في علوم الهندسة والرياضيات. وهذه الدار في طرقها سكك لبابور البر يأتي إليها بالمعادن وغيرها ، ويخرج منها المكينات والمصنوعات التي /١٩٤/ تخدم فيها ، ورأينا في بعض أماكنها حجرا أحمر قيل إنه يضيفونه إلى معدن آخر ويخرجون منه الحديد والنحاس ، وذكروا أن في غربنا من ذلك معادن

__________________

(١) حقيقة المناجم ذات عمق ٥٠٠ متر عن سطح الأرض تتطلب التهوية التي يتخصص بها أحد الآبار ، وبئر آخر يخصص لإخراج الهواء الملوث ، وامتصاص غازGrisou السام ، والغبار الذي يؤدي بالعمال إلى مرض تنفسي السيليكوز وكذلك للتقليل من السخونة. (البخار والآلات البخارية).

(٢) استغلال الفحم الجوفي مع ضعف المكننة ، يتطلب أعداد هائلة من اليد العاملة التي كانت وما زالت طليعة نقابية للطبقة الشغيلة (نفس المرجع السابق).

٢٤٣

كثيرة (١). وأخبرنا أن هذه الدار صير عليها في بنائها وإقامتها ثلاثون مليونا من الريال ، وأن صاحبها ربح في هذا العام فيها أربعة ملايين من الريال.

ومن جملة ما رأيناه فيها من الصنائع ، أننا وجدنا ساقية تجري بالحديد المذاب كما يجري الماء في سواني العراصي ، وينصب في برمة عظيمة أعظم من برمة الحمام بكثير ، والنار (٢) توقد في باطنها ، ويخرج منها لهب عظيم ، فإذا قرب ملؤها تدور فينحدر فمها إلى أسفل ، فتبعد الخدمة عنها وتصير ترمي بشرر من النار ، ثم يوضع تحتها برمة أصغر منها كبرمة الحمام ، وتملأ هي الأخرى من المعدن المذاب فيها. فإذا ملئت يفتحون مخرجا فيها من أسفلها ويضعون تحته قوالب مختلفة الأشكال على القدر المراد عندهم ، وكلما ملئ قالب ينزع وينصب آخر ، وهكذا حتى تفرغ البرمة. وهذه القوالب منها ما هو معد لفرغ رويضات بابور البر وطوله أقل من ذراع والعرض والغلظ مثل ثلث ذراع. ومنها ما هو يصنع منه بارات طريق الحديد ، ويكون طول قالبه أزيد من ذراعين ، والعرض والغلظ كثلث ذراع ، ومنها ما هو لغير ذلك من آلات المكينات ، إذ كل آلة يصنعون لها قالبا بقدرها أو أزيد بيسير في بعضها فقط. ثم رأينا خدمة يخدمون البارات التي تنصب في طريق الحديد ، فيأتون أولا إلى القطعة من الحديد المفروغة لأجلها ، بعدما يخرجونها /١٩٥/ من النار يجعلون رأسها بين ناعورتين كساريتين كما ذكر ، قد حفر فيهما قوالب البارات متفاوتة في الكبر

__________________

(١) فعلا عثر على الفحم الحجري بأنجرة وطنجة ، والإثمد بالريف وقرب سبتة ، والرصاص والنحاس بالجنوب وسوس والحديد بجبل الحديد قرب الصويرة ، وغير ذلك إلا أن السلطان الحسن الأول كان يحترز كثيرا ، ولا يأذن للأجانب ولا لغيرهم في التنقيب فضلا عن الاستغلال خصوصا أن المناجم كائنة بداخل المغرب وواقعة بنواحي نائية منعزلة.

Miege) Le Maroc et l\'EuroPe (, Tom 4: 335.

(٢) المواد الأولية الأكثر أهمية هي الكوك التعديني الناتج من تكرير الفحم الحجري ، في بواتق مغلقة بمعزل عن الهواء لصهر حديد الزهر في المسابك وداخل الأفران العاية. (الموسوعة).

رسم توضيحي لشكل الفرن العالي من إنشاء إدريس الجعيدي (أ): (انظر ملحق الرسوم والصور صفحة ١٥).

٢٤٤

والصغر ، فتدوران عليها فتخرج من تحتها بل من بينهما أطول مما كانت وأرق. ثم يمرونها تحت التي هي أضيق منها ، وهكذا حتى تصير هذه البارة في طولها ثلاثين خطوة ، وعند خروجها من القالب الأخير والذي قبله تصير وترتفع وتنحدر كما يشاهد في قضبان الحلواء عند خدمتها ، ثم يخرجونها من المزرة الأخيرة وينصبونها فوق جريرات من حديد مدفون جلها في الأرض ، وهي على سمت واحد لتبقى مستقيمة ليس فيها اعوجاج ، فيأتي رجل آخر بمنشار رحوي ويأخذ من طرفيها القدر الزائد ، ثم يقسمها نصفين به.

ورأينا أناسا آخرين يصنعون الرويضات التي تنصب فوقها كروصات البابور ، وذلك أنهم يأتون بتلك القطعة من الحديد المفروغة لأجلها ، بعدما يخرجونها ويضعونها فوق مزبرة كمزبرة الحداد ، مربعة نحو ذراع ونصف طولا وعرضا ، وفوقها قطعة من حديد مربعة ، وزنها كما قيل مائة قنطار ، ورجل واقف يحرك يدا من حديد قربها ، فتصير هذه القطعة ترتفع وتنزل بجهد عظيم على التي نصبت تحتها ، حتى تصير مستديرة منبسطة ، فيضعون في وسطها مثقبا مستديرا قطره نحو ثلث ذراع ، فتنزل عليه تلك القطعة ثلاث مرات ، فيقوص جله في القطعة أسفله ، فينزعون ويقلبون تلك القطعة ، وينصبون المثقب في وسطها /١٩٦/ وتنزل عليه مرتين ، وينزعونه فتنفذ الثقبة في تلك الرويضة ، فيذهبون بها لمكينة أخرى فيها يد من حديد خارجة ، يدخلونها في فرجة الرويضة وتدور عليها فتنبسط تلك الفرجة ، ولا تزال كذلك حتى يصير في قطر دائرة الرويضة نحو ذراع ونصف ، وفي غلظ حرف الرويضة نحو أربعة أصابع ، وتخرج بحرفها ناتئا فيها الذي يحدها عند دوراتها على حرف بارات طريق الحديد ، فعند ذلك يخرجونها ويضعونها على أرض منبسطة ، ويرقمون فيها الحروف التي يطلب الأجناس وضعها عليها. ومن جملة ذلك وجدنا رويضات كثيرة موضوعة قد فرغت في ذلك اليوم ، ورقم عليها طابع حروف أنجلترا ، فذكر أنهم يخدمونها له ويعملونها له بعلامته كما يطلب. وقال لنا كبير (١) الدار الذي يطوف معنا انظروا فإننا نخدم

__________________

(١) كانت الصحافة البلجيكية تتتبع تحركات السفارة المغربية وتنقل أخبارها إلى الجمهور. «السيدSa ـ doine ، شكر الزبيدي على الزيارة وطلب منه أن يخبر جلالة إمبراطور المغرب ، أنه يرحب-

٢٤٥

للنجليز ما يحتاجه ونطبعه له بطابعه ، والناس يقولون أنه أجهد منا. ووجدنا الخدمة في بعض المواضع يلفقون ناعورة عظيمة لمكينة البابور أو غيره ، وهي من أجزاء ، كل جزء يرفعونه بالبوجي ، ويركبونه في موضعه حتى تلتئم الناعورة ، كما يلفق دور العراصي. وفي موضع آخر خدمة يصنعون قنطرة عظيمة ، طولها سبعون خطوة ، وعرضها اثنتا عشر خطوة ، فالطول مركب من أجزاء (١) وكل جزء مثلث الطرفين ، ويأخذون كل مثلث نحو نصف عرضه ، ومن آخر كذلك ، ويقرن بينهما بطراريش حتى يظن أنه قطعة واحدة ، ويتركون في وسط الأجزاء أجراما ناتئة من الحديد توضع عليها قناطر حديد أي عرض القنطرة /١٩٧/ ويوصل بين ذلك باللوالب والطراريش ، ثم أناس آخرون يصنعون المدافع ، فرأينا قطعة من الحديد مثل الصندوق فوق مزبرة مناسبة بجرمها ، والمطرقة ترفعها المكينة وتنزل عليها فيها ثلاثمائة قنطار كما قيل. ثم خرجنا من هذه الفابريكة.

__________________

- بالصناع المغاربة لزيارة معامله بسوران ليزودهم بجميع الشروح الممكنة. وأجابه الزبيدي أنه سيبلغ ذلك لملكهم بعد ما بدأ العياء يخيم على الوفد بعد ثلاثة ساعات من الدوران ، بين أروقة الورش وخصوصا أنهم متعودون في بلادهم الخروج على ظهر الحصان ، زيادة على الأحذية التي يلبسونها ، ليست مريحة للمشي على الرصيف ، رغم كل هذا فإن الأهمية التي يعيرونها لهذه المعجمات الصناعية تجعلهم يقظين ... «. جريدة ابروكسيل.

G. D. B. R. A. ler Belgique) j. de Bruxelles (.

وقد ذكر محمد المنوني في (مظاهر يقظة المغرب الحديث ، ج ١ : ١٢٨ و١٣١) تقييد المتعلمين الواردين من البلجيك وبيان أسمائهم ، وعددهم يقارب ٥٥ متعلما ؛ كما أرسلت بعثة أخرى للتدريب في معمل السلاح بلييج ، وورد على المغرب البلجيكي المهندس Grignard الذي تكلف بمعمل القرطوش بمراكش بعد تعاقده مع المخزن المغربي.

(١) رسم توضيحي من إنشاء صاحب الرحلة (أ): (انظر ملحق الرسوم والصور صفحة ١٦).

٢٤٦

مكينة البلار والزاج

ودخلنا إلى فابريكة صنع الأثاث من الزاج والبلار (١) ، فوجدنا فيها بيوت النار متعددة والخدمة بل المعلمون بيدهم جعبة (٢) حديد أرق من المكحلة ، فإذا أراد صنع حاجة يدخل رأس الجعبة في بيت النار ، ويأخذ التخليطة التي في داخله القدر الذي يكفيه للآنية التي يريد صنعها ، وينفخ في الجعبة فتنتفخ تلك التخليطة لأنها تكون مثل العجين فيفتح له متعلم قالب تلك الآنية قد حفر فيها كهيئتها فيضعها في القالب وهي لاصقة في رأس الجعبة ، فيسد المتعلم القالب فينفخ المعلم في الجعبة حتى يعلم أن الريح الخارج من فيه قد ملأ القالب ، ويبقى بينهما جرم الآنية ، فيفتح القالب وينزعها ويقطعها من الجعبة بعدما يدخلها بيت النار ، ويدخل في فمها قضيبا من حديد ويديرها به على حديد مبسوط ، ويجعل عليها شيئا من الماء أو الدهن ، ويصير يعدل فاها بذلك القضيب ، بعدما يمسكها بآخر من قعرها وبآخر في رأسه شيء يسير من تلك التخليطة ، فإذا تم تعديلها يضرب القضيب الماسك لها ضربة خفيفة فينفصل عن قعرها ، فيأخذها متعلم ويضعها بمحل آخر. هكذا رأيناهم يصنعون جعبات (٣) لآنيات وقود الغاز ، وآخرون يصنعون الأباريق بالأيدي هكذا ، بعد ما يعدل فم الإبريق الذي يكون /١٩٨/ فمه معكوفا إلى أسفل يأخذ رجل آخر

__________________

(١) «... بعد ذلك توجهوا إلى Lambert Val St لصناعة الزجاج والكريسطال ، التي أثارت غرابة وإعجاب السفير ومرافقيه لأنهم حضروا تلفيق أجزاء الزجاج ، كزجاج المصابيح ، والكؤوس والقارورات ... وجابوا المخازين وتفحصوا باهتمام المواد التي أصبحت جميلة». جريدة ابروكسيل.

G. D. B. R. A. ler Belgique) j. de Bruxelles (.

(٢) انظر شرح طريقة صناعة الزجاج بالصفحات : ١٥٥ ، ١٥٦ ، ١٥٧ ، ١٥٨.

(٣) انظر شرحها بالملحق رقم : ٤.

٢٤٧

من التخليطة (١) التي ببيت النار بقضيب ، ويخرجه فتنحدر منه التخليطة نازلة إلى أسفل كقضيب الحلواء ، فإذا صارت رقيقة في القدر الذي يريد صنع اليد منه ، يلقي المعلم رأس القضيب من التخليطة بعن الإبريق في محل وضع اليد منه من أعلاه ، فيلتئم رأسه هناك ، فيقطع من ذلك القضيب النازل مقدار اليد بمقراض ، ويمسك رأسه الآخر بلقاط ، ويضعه ببطن الإبريق خارجا ، ويعدل اليد بقضيب آخر ، وعلى الكيفية التي يريد. ووجدنا آخرين يصنعون كؤوسا كبيرة مثل التي نتخذها لإقامة الأتاي ، ولها قوالب قد حفر في جرمها مقدارها مع التوريق الذي يرى بها ، فيأخذ المعلم القالب ، ويجعل فيه مقدار ما يصنع منه الكأس الواحد ، ثم يحرك المكينة فينزل طرف من الحديد مثل باطن الكأس في القدر ، فيقوص التخليطة التي في وسط القالب ، حتى لا يبقى بين رأس هذا الطرف وقعر القالب إلا مقدار قعر الكأس ، فيرتفع القالب عنه ، فيخرجون القالب ، ويفتح ويخرج منه كأس مورق تام الهيئة ، فيوضع في محل آخر حتى يبرد ، وهكذا عملهم. ثم خرجنا من هذا الدار بعد ما رأينا في محل منها صناديق مملوءة بتراب أحمر ورماد.

فسئل عنها فقيل هي تخليطة الزاج (٢) ، فقيل ما هي فقيل ثلاثة أجزاء من الرملة ، وجزءان من الزرقطون ، وجزء واحد من رماد العود ، وفي هذه الدار عشرون مائة من الخدمة كما ذكر ، في طباقاتها أواني من الزاج والبلار أشكال مختلفة ، /١٩٩/ ولا أظن شيئا من ذلك يجلب لغربنا بقصد التجارة لغلائه وارتفاع ثمنه.

__________________

(١) علميا يصنع من أجود أنواع الرمال التي ينعدم فيها أوكسيد الحديد ، وتتكون خلطة البلار من مواد وأكاسيد تدخل في أنواع متعددة من الزجاج بلمعانه ونقاء مادته وشفافيته ، وكان عنوان الرفاهية والغنى يستعمل خاصة عند الطبقات البورجوازية وعظماء الدول والملوك حتى كان يعرف في القرن ١٩ م بأنه ـ زجاج الملوك ـ وذلك لدقة صناعته التي تبهر الأنظار. (صناعة الزجاج ، فؤاد سعود).

(٢) يصنع عادة عن طريق صهر ١٠٠ جزء من أجود أنواع الرمال ، مع ٦٦ جزءا من الرصاص الأحمر و٣٣ جزءا من كربونات البوتاسيوم ، و٥٠ جزءا من خميرة ، ويضاف إلى هذا الخليط كميات بسيطة من نترات البوتاسيوم والمانغنيز. وزجاج البلار ذو لمعة جذابة ولا لون له خصوصا بعد صقله. (نفس المرجع السابق). هناك تقارب بين وصفة الجعيدي والوصفة العلمية.

٢٤٨

فابريكة صنع الملف

وفي يوم الأربعاء الثاني عشر (١) منه ، توجهنا راجعين (٢) من مدينة الياج إلى مدينة بروكصلا ، فمررنا في الطريق على دار فابريكات صنع الملف ، فدخلنا إليها فوجدناهم يجعلون الصوفة أولا في صناديق مثل الصهاريج ، وهي متصل بعضها ببعض طولا ، والماء يجري فيها مثل ما يجري في الساقية المنحدرة ، والصوف تجعل في الصندوق الأول ، ونصب على كل صندوق ثلاثة قضبان من الحديد ، وألصق في كل قضيب ثلاثة قضبان مقاطعة له ، والماء يدور بها ، وبدورانها يحرك القضبان الأولان الصوفة من داخل الصندوق إلى أمامه ، وبجره لها ومرور الماء عليها يبتدئ الوسخ في الخروج منها ، وعند وصول الصوف إلى القضبان المعكوفة في الصف الأخير تعلو بها الصوف (٣) مع شيء من الماء في مجرى من حديد ، فيرتفعان أي الماء والصوف ، كل في محله يدوران الماء الذي في الصندوق إلى أن يصلا إلى غاية الارتفاع ، ثم تنزل هذه القضبان الحاملة للصوف على حرف صندوق آخر ، فينزل ذلك الماء المرتفع معها عليها ، فينزل بها في الصندوق الثاني وقد خرجت منه نقية يسيرا ، وتخرج من الثاني أنقى مما كانت في الأول ، ومن الثالث أصفى مما كانت في الثاني وهكذا حتى لا يبقى بها شيء من الوسخ ، وبقرب الصندوق الأخير جعبة من حديد أقل من القامة ، وقطر دائرها نحو ذراعين ، تدور دورانا سريعا فتخرج الصوف من

__________________

(١) ٥ يوليوز سنة ١٨٧٦ م.

(٢) في الأخير أعادت عربات Sadoine الجميع إلى الباخرة Le Michel Orban التي نقلتهم إلى الياج ، فوجدوا عربات مؤسسةDrey التي نقلتهم إلى فندق Suede ، ومثل وقت الذهاب تجمعت حشود كثيرة من الناس في الطريق. وبعد تناولهم الوجبة التقليدية الكسكس غادرواLie ? ge إلى Vervirers بعد ما شكرهم السفير الزبيدي عن حسن الاستقبال ، ومنها إلى ابروكسيل.

جريدة ابروكسيل

G.D.B.R.A.ler Belgique (j.de Bruxelles)

(٣) رسم توضيحي لصهاريج غسل الصوفة من إنشاء الجعيدي ، (أ): (انظر ملحق الرسوم والصور صفحة ١٧). جريدة ابروكسيل.

٢٤٩

الصندوق الأخير أجزاء لطيفة ، /٢٠٠/ وتثبت بباطن تلك الجعبة فيصيبها الريح بسبب دوران تلك الجعبة فتيبس عاجلا وتخرج مغسولة بيضاء غاية ، ثم يجعلونها في صناديق أخر تدور في (١) وسطها نواعير كالطبل بل كهيئة الطبل ، وهي أعظم ، وبدورانها تجدب الصوف إليها وتخرجها من تحتها قطعا قطا صغيرة جدا ، وتنقيها من الشوك الذي يكون بها فيخرج وحده ، ثم يضعون هذه الصوفة في صناديق أخرى قد نصبت فيها نواعير مثل السوار ، تدور وتجدب الصوفة إليها بمسامير (٢) من سلك رقيقة ، قد أثبتتها المكينة فيها بصفة عجيبة ، فتخرج الصوفة منها مقرشلة لطيفة ، فتتلقاها جعبة أخرى مثل السارية تدور عليها ، وقد نصب على حرفها مثل المنشار ينزع الصوفة التي علقت بها ، فإذا نزعها عنها تبقى ملتئمة على طول تلك الجعبة ، وطولها أزيد من ذراعين ، وهي ترى مع ذلك كالعباء فتوصل إلى طرف من عود يدور أمامها فتلتوي عليه وقد جمع طرفيها فترجع مسبولة من الصوف ملتوية على مغزل ، وبهذه الدار قراشيل على هذه الكيفية عديدة مصطفة صفا أمام صف ، وكل صف موكل به متعلم أو متعلمة ، فإذا ملئ ذلك المغزل بسبولة الصوف تكلم ناقوس بقربه فيأتي المتعلم فينزعه ويركب آخر فيتكلم ناقوس آخر فينزع مغزله ويضع آخر. هذا شغل هؤلاء المتعلمين هناك لا يفترون ، كل واحد منهم مقابل لصف من تلك المغازل ، وهناك بمحل آخر صفوف فيها مغازل قائمة تغزل (٣) هذه الصوف. /٢٠١/ وعدد صفوف هذه المغازل ثمانية وأربعون صفا ، في كل صف ثلاثون مغزلا ، وبها

__________________

(١) بعد فرز وتفتيح الصوف تأتي مرحلة الغسيل ، وتتم داخل أحواض مختلفة أوتوماتيكيا بحركة الشوكة المتحركة أو الجراريف المتوازية ، مع إضافة الصابون والقلويات المذيبة أو المحللة تحت درجة حرارة معينة قصد إزالة الرمال والأتربة والقاذورات. وفي النهاية تمر الصوف بأسطوانات عاصرة ، ثم تنقل إلى المجففات بالهواء الساخن.

(٢) عملية تسريح الصوف تتم بواسطة أسطوانات مغطاة بأسنان معدنية رفيعة تدور في اتجاه عكس بعضها (القراشيل). (موسوعة عربية).

(٣) الغزل هو العملية التي يتم بها استطالة وبرم ألياف الصوف لينتج عنها الصوف المبروم أو المغزول. و(نفس المرجع).

٢٥٠

مواضع أخر للغزل على كيفية أخرى ، عددها ـ والله أعلم ـ مثل الأخرى. وفي محل آخر فيها متعلمات يركبن هذه الصوف المغزولة على نواعير أمامهن ، كنواعير الطرازة ، إلا أنها أعرض ، حتى يصيّرنها على الكيفية التي تراد للنسج (١) ، فتركب في المناسج كمناسج الطرازة بالغرب ، إلا أنها أخصر عملا ، فيخدمها رجل واحد برجل واحدة ، والنزق يدخل ويخرج وحده ، فكلما خرج النزق عن المنسج تلقاه لوحة تضربه ضربة واحدة فيرجع نزقان يخدمان في كل منسج ، وبعد ذلك يصبغون الملف على الكيفية المطلوبة. وهذه الدار تخدم كما قيل لأجناس كثيرة ، فمنهم من يخدم فيها الملف ، ومنهم من يغسلها فيها لا غير. ووجدنا فيها براحا عظيما فيه مكينات صغيرة لطيفة ، تصنع قراشيل للصوف وحدها ، لا يقابلها أحد إلا عند التركيب أو النزع. أما الجلد الذي تركب فيه أسنان القرشال ، فيفصل باليد وتلصق أطرافه بعضها ببعض حتى يصير طرفا واحدا طويلا ، فيلوى على ناعورة أعلا المكينة ، ويمسك طرفه أسفلها ، ثم يجعل السلك الذي يصنع منه القرشال في آنية في الأرض عن يسار المكينة ، ويرفع رأس السلك حتى تقبضه المكينة بطرفي حديد مثل الأصبعين ، وهو بينهما فيصير هذان الأصبعان يرفعان من السلك طرفا بعد طرف على قدر واحد ، ومهما دفعت طرفا نزلت عليه قطعة من حديد ، فتفصله ، وعند الفصل تخرج إبرتان تثقبان ذلك الجلد ثقبتين متقاربتين ، ثم تأتي حديدة أخرى /٢٠٢/ تثني تلك القطعة من السلك ، وتقرن بين رأسيها حتى يبقى بينهما مقدار ما بين تلك الثقبتين ، فيجر بل يدخل فيهما بعد انعكافه من أسفل كما تعكف أسنان القرشال. وهكذا خدمته والمكينة مارة مع صف أسنان القرشال ، حتى يتم صف الذي تصف فيه الأسنان ، فيعلو الجلد بمقدار صف آخر فتأخذ راجعة في خدمه (٢). (..... /٢٠٢/) بارات حديد (......) (٣) ، والماء يخرج من بين البارات ، وعند وصولنا إلى ذلك الباب

__________________

(١) يتم نسج الصوف بتداخل وتشابك مجموعتين أو أكثر من خيوط الغزل مع بعضها ليكونا النسيج. (نفس المرجع).

(٢) بتر بوسط الصفحة بمقدار خمس أسطر.

(٣) بتر بمقدار نصف سطر.

٢٥١

وجدناه مسدودا ، فوقفنا هنيئة حتى خرج الماء المحصور في ذلك المضيق ، ونزل واستوى (١) مع الماء الذي يخرج من بين البارات ، فعند ذلك أخذ رجلان بطرفي القنطرة يدوّر كل واحد منهما ناعورة ، ودفتا الباب تفتحان بسبب ذلك حتى وصت الدفتان إلى حائط القنطرة ، فعند ذلك خرج البابور وساربنا إلى أن وصلنا إلى البر ، فوجدنا هناك خلقا عظيما من الرجال والنساء والصبيان ، واقفين ينتظرون قدومنا ، وعند نزولنا إلى البر أخذ بعضهم ...! (٢)

القبة العظيمة القريبة من دار (٣) عظيم الدولة والأثاث

وعينات الحوائج التي فيها

/٢٠٦/ ... الماء تجر التراب من الذي بأسفل الساقية ، والماء يخرج من ثقب بذلك اللوح الذي يجر التراب ، فيبقى الماء صافيا عند دخوله للبلد. ومثال السلك الذي يعلم به عند اشتعال النار ، في بعض المواضع ، مراكب صغيرة موضوعة ، منها مركب قسم طولا ليرى باطنه وظاهره ، ومثال مدرسة للموسكو ، وصومعة من عود ينزل أحدهم من أعلاها في قنبة يمسكها بحديدة بيده ، فيها ثقب يدخل فيها تلك القنبة بعد ما يجعل في رأس القنبة علاقتين إحداهما يجلس عليها والأخرى يجعلها تحت إبطيه وبين كتفيه كهيئة المشمار الذي يشمر به الإنسان ، وينزل بعد ذلك ، وإذا أراد الوقوف وهو نازل فيقف بعد أن يلوي القنبة على تلك الحديدة فيقف ، ووجدنا فلكا كبيرا لعله من ثوب حشوه ريح ، لا تغرق بسبب ذلك ، وفلكا آخر اتخذ بقعره عنبرا

__________________

(١) النقل النهري يظل حتى يومنا هذا الوسيلة الأكثر سهولة لنقل البضائع الثقيلة والكثيفة ، ومن أجل تسهيل عملية النقل شيدت قنوات وهويسات Ecluses لرفع السفن أو خفضها من مستوى إلى آخر تسمح بقطع المعابر حيث تزيد سرعة التيار (بسبب حدة نقطة الانحناء) الموسوعة.

(٢) الصفحات / ٢٠٣ / و/ ٢٠٤ / و/ ٢٠٥ بيضاء فارغة.

(٣) زار أعضاء السفارة المغربية المعرض الدولي للعلاج والإنقاذ ببروكسيل. جريدة ابروكسيل.

G. D. B. R. A. ler Belgique) j. de Bruxelles (.

٢٥٢

أي فضاء ، وجلد عليه لا شيء فيه كما قيل ، وبسبب ذلك الفضاء لا يغرق هذا الفلك ، ومركبا فيه قنبة كبيرة ، قيل هي مثال للمركب الذي يكون وقت الحرب في البحر ، وتصيبه كورة وتخرقه فيوضع على تلك الثقبة صوف ملبدة غليظة ، ويمسكها بالزّيار على تلك الثقبة ، فلا يدخل الماء منها للمركب. ومعدة ينزل تحتها كأس بلار على ورقة من المعدن ، وبنزوله عليها ينزل الماء من المعدة في ذلك الكأس ، فإذا رفع انقطع الماء. ثم الآلة التي ينزلون بها إلى المعدن إذا تقطع بهم السبيل أثناء النزول تنتشر الأعمدة من الفنار النازلين /٢٠٧/ فيه وتثبت في الجدارات فيبقى الفنار واقفا بهم في أثناء النزول. وفيها من آلة البحر أشياء عجيبة. وجملة ما فيها يحتاج إلى مجلد كبير (١).

ثم توجهنا منها إلى دار فابريكة خدمة البرنتك ، فوجدنا فيها مناسج كثيرة ، عرض المنسج أربعة أمتار وخمس متر كما ذكر كبيرها. ونصف هذا المناسج من الأعلى إلى الأسفل ، وليست كما نعلم من امتدادها أماما ، وخيوط السداد (٢) النازلة من المنسج تذهب أماما وترجع ثلاث مرات ، وعند ذلك يطلع منشار بين خيوط السداد يحصر تلك العقد التي انعقدت بتردد الخيوط ، وهكذا العمل في نسج (٣) البرنتك ، فهو سداء دون طعمة ، والمكينة هي التي تخدم المناسج كلها.

__________________

(١) لقد قام سعادة سفير جلالة إمبراطور المغرب السيد محمد الزبيدي البارحة على الساعة الثالثة بزيارة معرض العلاج والإنقاد (L\'ExPesition d\'hygiène et de Sauvetage) ولقد كان أثناءها مرفوقا بالسادة الجنرالات رناردRenard ومونتيفيورG.Montefiore وإفراردEvrqrd بتقديم محتويات المعرض تشريفا للسيد السفير ، فيما أبدى الزوار المحترمون اهتماما كبيرا لكل ما كانوا يشاهدونه ، وكانوا يطلبون معلومات بواسطة مترجم السفارة. جريدة ابروكسيل.

G. D. B. R. A. ler Belgique) j. de Bruxelles (.

(٢) الخيوط الطويلة المغزولة على الأنوال تسمى السدادةWarP والخيوط العرضية باللحمة.

(٣) الحياكة تأتي بعد النسيج Knitting لصناعة الملابس بواسطة آلة الحياكة تعمل على الخام العقد والخيات مع بعضها ، بدلا من تداخل مجموعتين من الخيوط الغزلية كما يحدث في نسج الصوف على الأنوال (الموسوعة العربية).

٢٥٣

ما رأيناه في ساقية الماء الجاري في البلد

وفي يوم الجمعة (١) بعد صلاة الظهر توجهنا لدار عامل البلد بعد ما استدعانا لذلك ، فحين دخلنا لاسطوان داره وجدنا فيه ساقية مربعة على قدر طول الاسطوان ، وطوله يقرب من ثلاثين خطوة ، وعرضها نحو ذراع واحد ، وغرقها نحو عشرين خطوة ، والماء يجري من تحت الاسطوان بين قوسين عظيمين ، قطر كل قوس إحدى عشرة ، خطوة. وليس هو قطرا حقيقيا وإنما هو خط وصل بي طرفي قوس دائرة أقل من نصفها ، كقطعتي قوسي دائرة شكل البيضة الممتدين مع طولها ، وقد جعل دفتين عظيمتين بين ساريتي كل قوس نازلة من أصل القوس إلى الماء ، حاصرة له بحيث لا يخرج من تحتها إلا القدر المطلوب ، فإذا أرادوا كنس الساقية يحرك ناعورة مركبة في آلة حديد بالاسطوان. فترتفع الدفتان إلى أعلا فيمر /٢٠٨/ الماء بسرعة بما تحته من التراب والعفونات ، ثم إنه نزل بنا من الاسطوان إلى أسفل بنحو ثلاثين درجة ، فانتهينا إلى ساقية عظيمة ، عرضها نحو عشر خطوات ، وهي مقببة بناء في غاية الإتقان والإحكام. ووجدنا بابور النار منصوبا على مصطبتين مارتين مع الساقية والقوس محيط بها. فركبنا في هذا البابور ، وأوتي بفنار في داخله قضيب قيل من الهند ، لكن في وسطه شيء يضيء ويخرج منه شعاع كشعاع الشمس ، لا يستطيع أحد النظر إليه ، وبه استضاءت الساقية. ثم تحرك البابور ، وكان في طرفه وراءنا كير عظيم ، يخرج منه ريح كثير عند مروره في هذه الساقية على المسطبتين المذكورتين ، والماء جار تحت البابور ، بينه وبين الماء بعد كبير. فسار البابور بنا في هذه الساقية بالضوء والريح المذكورين ميلين. فكنا نرى في بعض المواضع في القوس عن اليمين واليسار فرجا نافذة ـ والله أعلم ـ إلى وجه الأرض بسبب الضوء النازل منها. وهذه الساقية تارة تنعطف يمينا وتارة يسارا ، وعند الانعطاف يجدب رجلان البابور إلى جهة الانعطاف ، ليلا يسقط في الماء. وانتهى بنا في سيرنا إلى محل عن يسار الساقية إلى قوس ، دخلنا فيه فوجدنا قوسين عظيمين مقبيين ، وهما متصلان

__________________

(١) ٧ يوليوز سنة ١٨٧٦ م.

٢٥٤

كقنوطي مرسى العدوتين ، والماء يجري أسفلهما ، وأحدهما فيه ماء قليل والآخر فيه ماء كثير يقرب من مبدأ القوس في غاية الصفا /٢٠٩/ وانتهينا في مسيرنا في البابور في تلك الساقية إلى قوس آخر ، بقربه فوق القوس حجر فيه كتابة بقلمهم منقوشة فيه ، ذكر لنا أن كبير دولتهم وضع تلك الحجرة بيده هناك. فطلعنا في درج من ذلك القوس حتى انتهيت بنا إلى وجه الأرض ، فحين خرجنا أطبق الباب على المحل الذي خرجنا منه ، وهو دائرة مقسومة بستة أقسام ، في كل قسمة لوحدة حديد فيها توريق ، وثقب فتنبسط على الفرجة التي خرجنا منها. ويقفلونها. وذكر لنا أن هذه الساقية طولها ثمانية عشر ميلا ، وأن كبير دولتهم الموجود الآن هو الذي أمر ببنائها على تلك الكيفية ، واشترى مواضع ، وديار من أربابها بثمن له بال ، وإن جملة ما صيره في بنائها وثمن البقاع ثلاثة وستون مليونا من الافرنك. وحين تم بناؤها باع البقاع الفاضلة التي حولها بثلاثة وخمسين مليونا من الافرنك. قبقيت الساقية في عشرة ملايين من الافرنك. وأن أولاد الملوك والأعيان من الدول يأتون إليهم بقصد الفرجة فيها والتعجب منها ، فلذلك طلب قائد البلد منا الإتيان إليه ليطلعنا عليها ، وهي لعمري من المباني العجيبة الأشكال الغريبة.

الطلوع للضيافة لدار كبير دولة البلجيق

ثم ركبنا الأكداش ورجعنا إلى محل المقام وفي الساعة السابعة من مساء يوم الجمعة (١) طلعنا لدار كبير الدولة بعدما كان استدعانا لذلك في يوم الخميس. كل واحد بورقة تخصه. فطلع الباشدور والأمين وكاتبه معه ، ومعنا قائد المخازنية ، فوجدنا خواص عسكره بباب الدار /٢١٠/ وباسطوانها ، وكذلك في قببها ، حتى انتهينا إلى قبة فيها وزراء الدولة وأعيانها ، فتلقى وزير الأمور البرانية وعامل البلد الباشدور بالرح والترحيب ، وكذلك من هناك من ذكر ، ثم خرج كبير دولتهم من قبة أخرى ومعه

__________________

(١) ٧ يوليوز سنة ١٨٧٦ م.

٢٥٥

ولد سلطان ابروصيا (١) ، لأنه استدعاه لهذه الضيافة تعظيما وفرحا للجانب الشريف ، فتقدم إلى الباشدور (٢) وظهر منه بسط وسرور ، وعرف (٣) به لولد السلطان المذكور ، فظهر منه أدب كبير ، وأخذ كبير الدولة يطوف على من هناك من الوزراء والكبراء ، ويتقدم إليهم واحدا بعد واحد ، وكل منهم واقف في مكانه قد اصطفوا صفا واحدا ونحن معهم بالصف من داخل القبة. فلما انتهى إلينا أشار إلينا إشارة وترحيب وتعظيم ، فأجبناه بمثل إشارته (٤). ثم أخذوا في الدخول إلى قبة الضيافة. فإذا فيها

__________________

(١) الأمير الملكي لبروسيا نجل إمبراطور ألمانيا غليوم الأول (ولي العهد بالوراثة).Guillaumo (٨٨٨١. (١٩١٨ وهو الذي زار طنجة سنة ١٩٠٥ م ، معلنا دعمه لاستقلال المغرب بعد الاتفاق الودي بين فرنسا وأنجلترا. (المنجد).

(٢) أثناء مقامه ببروكسيل تبرع الزبيدي على فقرائها بخمس آلاف فرنك ، فتوصل برسالة شكر من وزارة الخارجية «... لقد تأثر جلالة مولاي الملك وحكومته من صنيعكم المبرور ، واشك أن ذلك مما يخلد تذكار المهمة التي أديتموها في هذه الديار بغاية المقدرة والكفاءة ... «، وزارة الخارجية ، بروكسيل ١١ يوليوز ١٨٧٦ م. أما قائمة ما تبرع به في بلاد بلجيكا فهي طويلة ووصلت إلى ١٨٠٠٠ فرنك. الإتحاف ، ج ٢ : ٢٩٢.

(٣) مما لا شك فيه أن السفير الزبيدي استغل هذا اللقاء وطلب التأييد الألماني ، وهذا يفسر لنا وجود سفارة ببرلين على رأسها القائد الطيبي ابن هيمة الذي استقبل من طرف الإمبراطور الألماني يوم ٢٣ ماي سنة ١٨٧٨ م ، وقد ساوموه في الحصول على ميناء شمال المغرب أو على شاطئ الأطلس كثمن لمساعدة ألمانيا للمغرب. حسب ما أشاعته بعض الصحف الفرنسية (عبد الهادي التازي ، التاريخ الدبلوماسي ، ج ١٠).

(٤) السفير الزبيدي أخذ مكانه مباشرة بعد سيادة «لوننص» البابوي ، ولم يناقش موضوع تقدمه على السفراء العاديين ، لأن السفير المغربي ليست له علاقات رسمية مع الهيئات الدبلوماسية المعتمدة أما الملك ولا مع كبار موظفي الدولة ، لأنه سفير متنقل وليس قار.

M. A. E. R. B) ARCH. HIST. DIP): 518.

وتحدد أسبقية السفير بالنسبة لزملائه السفراء طبقا لتاريخ تقديم أوراق اعتماده إلى رئيس الدولة ، غير أن الدول الكاثوليكية احتراما منها لمركز القاصد الرسولي الذي يمثل قداسة بابا روما ويسمى Nonce APostalique تعطي له الحق في أن يكون عميد السلك الدبلوماسي مهما كانت أقدميته. (الدبلوماسية ، أحمد حلمي إبراهيم : ٤٣).

٢٥٦

مائدة عظيمة ممتدة بامتداد طولها ، قد أحاطت بها شوالي منتخبة ، وقد وضع أمام كل شيلية في المائدة ورقتا كاغد في أحدهما تعيين المحل الذي يجلس على تلك الشيلية. والأخرى فيها بيان الأطعمة والأشربة التي هيئت لهذه الضيافة ، فجلس كل واحد بالمحل المعين له وكان مع الأمين وكاتبه وقائد المخازنية باشدورهم بباريس. وهو يفهم من العربية ما تيسر ، فقربنا لموضع جلوسنا ، فجلسنا وجلس عن يميني وجلس الباشدور قبالتنا ، / وعن يساره كبير الدولة ، وقد حالت بينهما زوجته ووضع أمام كل واحد ممن على المائدة طبسيل من الطاووس العجيب ، وكأس زاج ، وأباريق فيها ماء ، وأخرى فيها أشربة من شرابهم ، ومعاليق وجنوي من المعدن وبعضها مذهب. ثم أخذوا يخرجون بالطعام وأنواع الحلواء في أواني كبيرة ، ويطوفون بها على من بالمائدة ، فكل واحد يأخذ منها بمغرفة ما يريد ويضعه في الطبسيل الذي قدامه. فإذا فرغوا من ذلك رفعت تلك الطباسيل وآلة الأكل التي معها ، وتوضع بدلها أرفع منها ، ويؤتى بطعام آخر فيؤخذ منه على تلك الكيفية ، ثم ترفع ويؤتى بأخرى وهكذا حتى فرغ من الطعام ، ونحن تناولنا من ذلك يسيرا من حلواء معقودة على الثلج مع غيرها من الحلواء الطازجة. وعدد من كان محيطا بالمائدة يزيد على الستين. وفوق المائدة حسك. كل واحدة كأنها ثرية ، وفي قبتها ثريات كبار كلها توقد شمعا ، وبها مشاميم من النوار موضوعة على أواني مذهبة عمل التينة. ومنذ أخذوا في الأكل وأصحاب الموسيقا والطرب مشتغلون بعملهم حتى فرغوا. فعند ذلك خرجوا إلى القبة التي دخلوا منها ، وفيها ثنتا عشرة ثرية عظيمة ، ست منها تقابل ست أخرى ، وعشر ثريات محيطة بجدراتها. كلها موقودة شمعا ، وفيها مرايا عظيمة محيطة بالجدارات. وفي قبوها كذلك مرءاة دوائر بينها توريق عجيب (١).

__________________

(١) «... السفير المغربي مع حاشيته زاروا مكان الرقص Ring Skating حيث اهتموا كثيرا بعروض الرقص الذي قدم أمامهم ، وتلقوا في الأخير من السيد المديرBruynen ، باقة من الورود ، هذا وعبر السفير الزبيدي عن ارتياحه لما شاهده ، وقد دامت مدة العرض من الثانية والربع إلى السادسة ربعا».

G. D. B. R. A. ler Belgique) j. de Bruxelles (

٢٥٧

دار العدة وآلة الحرب

/٢١٦/ (١)(٢) ... وضربته في الستة والستين المذكورة خرج ما في هذا المربع المستطيل من الكور ، وهو ثلاثون وثمانمائة وخمسة آلاف. وكان من هذه العينة ثمانية صفوف عن يمين الخزين ، ومثلها عن يساره ، فضربت ذلك العدد في ستة عشر فكان مبلغه ثمانين ومائتين وثلاثة وتسعين ألفا عدد عينة واحدة من الطرر التي بباب الخزين والله أعلم. وأخبرت بذلك الباشدور فصار منه على بال. والحامل على تتبع ذلك بعد امتثال أمره ، أن بعض النصارى هناك ذكر أن في كل تربيع عشرة آلاف كورة ، وحيث أحصيته على تلك الكيفية المقطوع بحصة أعمالها وجدت الأمر بخلاف ما أخبر به ذلك المخبر. وهناك عينات كثيرة مفترقة في مواضع شتى. وفي براحه أيضا مدافع عديدة ليست على الكراريط على تلك الكيفية المقطوع بحصة أعمالها وجدت الأمر بخلاف ما أخبر به ذلك المخبر ، وهناك عينات كثيرة مفترقة في مواضع شتى ، وفي براحه أيضا مدافع عديدة ليست على الكراريط ، وإنما بينها وبين الأرض حديد وهي مطلية بطلاء رمادي ، وأفواهها مقفولة.

شكل السلم الذي توضع عليه المكاحيل

ثم دخل بنا إلى خزين كبير فيه سلاليم طوال ، ممتدة مع طول الخزين على هيئة المربع المستطيل من جهة الطول ، يقابله مربع مستطيل يقابله مثله ، ومن جهة العرض

__________________

(١) الصفحات / ٢١٢ / و/ ٢١٣ / و/ ٢١٤ / و/ ٢١٥ / مفقودة من مخطوط الرحلة.

(٢) «يوم السبت توجه الزبيدي إلى مدينة انفيرس Anvers وحضر المناورات الحربية في ضواحي المدينة ، حيث جلس سعادته في مكان مرتفع ورفع فوقه العلم المغربي ، وقد قام وزير الدفاع البلجيكي.M Thiebaunld المرافق له ، بتقديم الأسلحة والمراكز العسكرية ، فتعجب سيادته من أهمية الذخائر المجموعة للدفاع على المملكة ثم زار حديقة الحيوان بها» ...

M. A. E. R. B) ARCH. HIST. DIP. 518).

٢٥٨

يقابله مثلث متساوي الساقين ، ويقابله مثله من عرض الجهة الأخرى. ثم ركب فوق هذا السلم الذي على هذه الكيفية سلمان آخران فوقه مماثلان له طولا وعرضا ، بحيث لم ينطبق عليه ، بل ترك بين أضلاعهما المتوازية مقدار ذراع من كل جهة. ثم نصبت أضلاع من الحديد مع طول السلمين يوازي بعضهما بعضا وفتحت فيها /٢١٧/ أي في تلك الأضلاع المتوازية فرج متوازية أيضا ، متقاربة ، ونصبت المكاحيل مع ثقالاتها المركبات فيها في تلك الفرج التي في الأضلاع ، فصارت المكاحيل مصطفة مع طول السلاليم صفا بعد صف ، مع تساويها أي المكاحيل في الطول واستوائها في الوضع تصير على كيفية عجيبة ، وكلها من العينة التي تعمر من الخزنة ، وكأنها قد فرغت الآن من قواليبها بتعاهد مسحها ونظافتها ، وعدد ما هناك من المكاحيل ـ كما قيل ـ ثمانون ألفا ـ (١) غير محتاج إليها إذ ذاك زيادة على ما بيد عسكره.

وهناك كوابيس من العمل القديم ، معلقة في أعلا سقف الخزين ممتدة معه ، وبه مهاريس صفر صغيرة جدا ، غير أن فورمتها فورمة أربعة وعشرين.

ثم دخل بنا إلى خزين آخر فيه سيوف عديدة على أشكال ، وسروج ولجم لم أقف على حصر عددها ، وفي داخل الخزين أربعة مدافع عظام طولا وعرضا. ذكر أن عمارة كل واحد منها ستون رطلا من البارود ، وكورته من ثلاثة قناطير ، ويرمي ثنتي عشرة مائة متر. وذكر أن فورمته من أربعة وعشرين ، هي من العينة التي تعمر من الخزنة ، ويظهر منها أنها معدة لهدم الحصون العظيمة أو لرمي المراكب التي على نسبتها جرما وقوة.

ثم دخل بنا إلى خزين آخر وجدنا فيه مكينة عظيمة ، قد نصب عليها رحى لطحن الزرع للعسكر ، تركنا الطلوع لهذه الرحى لشهرتها ، ورأينا في مواقع عديدة أواني متسعة كأنها طناجير في الكيفية مع أنها أعظم بكثير ، يوضع فيها /

__________________

(١) «... لا نتصور دهشة المغاربة أمام تراكم ٠٠٠ ، ٨٠ بندقية الموجودة ضمن الذخائر بL\'arsenal de la guerre إلا أن المناورات التي شاهدوها لم ترقهم لأنهم مستأنسون بالفانطزيا ولا يفهمون شيئا ، أو إلا القليل من الاستراتيجيات الحديثة ...». جريدة ابروكسيل.

G. D. B. R. A. ler Belgique) j. de Bruxelles (.

٢٥٩

الدقيق فتصير تدور به أجرام من تحديد مبسوطة ، والماء ينزل عليه بمقدار معروف ، فتعجنه في الحين ، ويوضع في موائد حديد طويلة جدا ، فتدخل لبيت النار ، ثم يخرجونها جافة عاجلا. هكذا ذكروا لنا ، ولم يقع منه شيء بمحضرنا ، وذكر أن هذه المكينة يصنع فيها كل يوم ما يكفي من الخبز ثمانين ألفا من العسكر ، وذلك إذا احتيج إلى هذا المقدار كل يوم فإنها تقوم به لأنها توجده كل يوم يوم. ورأينا من فوق أسطحة هذه المخازين نباتا كثيرا ، فسئل عن ذلك فقيل أن المخازين قد أقيمت بالآجور بين قناطر الحديد ، ووضع فوق السطح تراب كثير ، فإذا نزلت عليه كورة أو بونبة كيف ما كانت فلا تضره ، ومع ذلك جعلوا في السطح مجاي للماء ، أي ماء المطر ، فيخرج من قادوس متصل برأسه قضيب حديد نازل منه إلى الأرض ، بحيث إذا ضعف نزول الماء يبقى نازلا إلى الأرض مع القضيب محافظة على جدار الخزين كيلا يصيبه ذلك الماء. ثم ركبنا في الأكداش ورجعنا إلى البابور ، فرجعنا فيه إلى محل النزول.

فابريكات المرايا الكبار من الزاج في مدينة شارلروا

وفي يوم الاثنين السابع عشر (١) منه أذن عامل البلد بتوجيهنا إلى مدينة شارلروا بقصد رؤية ما فيها من فابريكات الزاج الذي يصنع منه المرايا العظيمة وللسراجم ، فركبنا في بابور البر في الساعة التاسعة ، وسار بنا ساعتين غير ربع ساعة ، فوصلنا إليها ، فتلقى عاملها للباشدور عند النزول من /٢١٩/ البابور بفرح وسرور ، وصار معه ونحن في أثره في الأكداش إلى فابريكة صنع الزاج (٢) المذكور ، فوجدنا بيوت النار توقد والمعلمون بيد كل واحد منهم جعبة (٣) حديد كالمكحلة ، ويدها من عود ،

__________________

(١) ١٠ يوليوز سنة ١٨٧٦ م وصل إلى Charle Roi.

(٢) «فابريكة للسيدBaudux ومصنع المرايا العظيمة لSte Marie D\'Oignies ».

M. A. E. R. B) ARCH. HIST. DIP).

(٣) أنبوبة طويلة من المعدن حوالي ٥. ٢ متر وتنتهي بدرف على هيئة عقدة يلقط بها الزجاج المنصهر.

(صناعة الزجاج ، فؤاد مسعود).

٢٦٠