إتحاف الأخيار بغرائب الأخبار

إدريس الجعيدي السلوي

إتحاف الأخيار بغرائب الأخبار

المؤلف:

إدريس الجعيدي السلوي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر
الطبعة: ١
ISBN: 9953-36-640-3
الصفحات: ٤٧٩

عندهم ، ووجدنا عنده في تلك القبة سلك التلغراف (١) مجموعا عنده في محل واحد ، ومنه يتفرق على جميع الطرق التي حول المدينة لأجل إخباره بما يحدث في أطراف البلد وفي غيرها عاجلا. ثم إنه أخذ لولبا واحدا من لواليب مركوزة في لوحة ، فحركه قليلا ، فقال الترجمان : إنه سأل صاحب السلك الذي في خارج المدينة عن الجالس معه حينئذ ، فأجابه عاجلا في ربيعة بيضاء ملوية على ناعورة /١٦٩/ صغيرة رأيناها تدور ، فيخرج الجواب مكتوبا في تلك السفيفة (٢) بقلم الخفيف ، قائلا له معي فلان وفلان ، كذا أخبرنا الترجمان. ثم دخلنا إلى قبة أخرى فيها كراسي وشوالي من الموبر ، ذكر لنا أن هذا المحل يجتمع فيه كبراء الدولة في خمسة عشر يوما لتفقد أحوال البلد ، وما يحدث فيها ، والمفاوضة في أمره وهذه الدار ، قيل إنها تزيد على تسعمائة سنة منذ بنيت ، وهذا المحل معروف فيها لهذا الغرض ، ما بدلوه قط ، ودخلنا إلى قبة أخرى ، رأينا فيها تصاوير في الجدران والسقف لا جسم بها ، قيل إن لها في ذلك المحل أزيد من ثلاثمائة عام. ثم دخلنا إلى قبة أخرى وجدنا فهيا كراسي قيل إن في ذلك يعقد نكاحهم على يد العامل (٣) ، وأن في كل يوم يعقد النكاح لعشرة أو أزيد ، ثم خرجنا من هذه القبة إلى سرجم خارج عن جدار الدار ، وأشرفنا

__________________

(١) معناه «الكتابة من بعيد» وهذا الجهاز يعتمد على تيار كهربائي ضعيف متقطع في سلك معدني ممتد بين نقطتين تعرفان بمحطتي الإرسال والاستقبال (الموسوعة العربية).

(٢) تتم المخابرة عندما ينقر المرسل بواسطة مفتاح الآلة ، فينقل ذلك كهربائيا إلى جهاز الاستقبال ، ويظهر في شكل نقط أو خطوط هي أساس الشفرة التلغرافية على سفيفة أو شريط رقيق ، وللإشارة فقد وفد على السلطان الحسن الأول باشادورات فرنسا وأنجلترا وإسبانيا والبرتغال عام ١٨٧٥ م في شأن إدخال التلغراف للمغرب (الإعلام ، المراكشي ، ج ٧ : ٧٣). والذي استفاد منه التجار والهيئات الدبلوماسية الأجنبية فقط.

(٣) شاهد الزبيدي بقصر بلدية ابروكسيل قاعة اجتماع ممثلي السكان ، وقاعة عقد الزواج العرفي المدني ، وتعرف على أحدث وسائل مكافحة الحرائق ، وبالمركز الثقافي والأدبي شاهدوا عرضا لفرقة Hall ـ Vau بقيادة Monnate ، وبالتالي تعرفوا على أهمية المجالس البلدية ، ودورها في خدمة سكان الحواضر.

M. A. E. R. B) ARCH. HIST. DIP): 518.

٢٢١

فيه على سوق متسع البراح ، وفيه خلق كثير ، فتكلم القائد مع رجل به ، فنصب طرونبة (١) قائمة ، وفتح فاها ، فصار الماء يخرج منها ويتصاعد حتى جاوز الأسطحة العالية بجهد عظيم. وسئل عما يتصاعد هذا الماء فقيل يصعد عشرة مياتير ، وأخبرنا أنه وقع حريق في أربع عشرة دورا فركبت الطرونبات مثل هذه وأطفئت تلك النار في ثلث ساعة ، ثم هممنا بالرجوع فتكلم الترجمان (٢) وذكر أن القائد يطلب من الباشدور فابورا بتأنيه هنا نحو ربع ساعة ، ليلبس ثيابه /١٧٠/ ويخرج معنا لمحل مكينة الغاز الذي تشعل منه المدينة ، فدخلنا للقبة التي وجدناه فيها أولا ، وجلسنا فأوتي إلينا بموائد القهوة والحلواء ثانيا ، من جملتها حلواء معقودة على حبوب العنب الذي يصنع عندهم بالمكينة ، فتناولنا شيئا يسيرا ، ثم قدم علينا القائد وقد نزع ثياب لباسه الفاخرة المرصعة بالذهب ، ولبس الثياب التي تلبسها العامة منهم.

توجهه مع الباشدور لمحل صنع الغاز وشرح كيفيته

وخرجنا فركب مع الباشدور في كدشه المعين له ، وركبنا نحن في أكداشنا تابعين له ، إلى أن وصلنا إلى محل صنع الغاز ، فوجدنا بقربه كدي عظيمة من الفاخر (٣) تأتي به البابورات البرية من نواحي كثيرة ، فمنه ما هو من معدن بلادهم ، ومنه ما هو

__________________

(١) انظر شرحه في الملحق رقم : ٤.

(٢) ابراهام سكسAbraham Succic، كان منذ سنة ١٨٦٦ م يضطلع بمنصب الترجمان الأول بالقنصلية البلجيكية بطنجة ، ورافق سفارة الزبيدي طيلة مقامها ببلجيكا كترجمان رسمي للدولة. وحسب رسالة الطريس إلى السلطان بتاريخ ٢٦ أبريل ١٨٩٠ م أنه تورط صحبة منصور ملحمة ترجمان ألمانيا بطنجة ، في شراء أرض لفائدة شركة فرنسية بوهران ب ٦٠٠ ريال بناحية المنار ، وادعيا أنهما فعلا ذلك ب ٠٠٠ ، ٢٦ ريال ، وكان معه أحد أقاربه يدعى يعقوب سكس كترجمان ثاني منذ ١٨٨٥ م. الاستيطان والحماية ، بو شعراء ، ج ٢ : ٥٤٢).

(٣) يستخرج من الفحم الحجري الغاز (آلية تغويز الفحم) الذي يستعمل في الإنارة والطهي في المدن ، ويسمى عادة غاز الاستصباح كطاقة رخيصة. (البخار والآلات البخارية ، د. عبد الله صبري ، د. محمد مصطفى أنور ، د. محمد أبو بكر إبراهيم ، القاهرة ، ١٩٥٧).

٢٢٢

من معادن أجناس آخرين. ووجدنا ثلاثة بيوت معدة عندهم لحرق ذلك الفاخر ، لكننا وجدنا الخدمة في بيت واحد. وكيفية خدمته أنهم يتخذون في نصف جدار كل بيت ثمان فرج ، وينصبون في نصف عرض جدار كل فرجة سبعة بيوت النار ، أفواهها قيل إنها من حديد مستدير كشكل البيضة ، وامتد كل بيت في نصف عرض الجدار وتمام بيت النار يبنى كما ذكر من الطين الذي يثبت (١) مع النار ، أما ثلاثة بيوت منها فهي مصطفة مع طول الجدار من اليمين إلى اليسار ، وفوقها بيتان ، وآخران أسفلها ، ومجموعها في السبعة بيوت المذكورة المبنية في نصف عرض الجدار ، ونصف عرضه الآخر يجعلون فيه مثلها في البيت المتصل بهذا البيت /١٧١/ ثم يجمعون في كل بيت منها جعبة حديد أسفلها متصل ببيت النار قرب فمه ، تمتد مع علو الجدار ، حتى تنتهي إلى جعبة عظيمة مقاطعة لها ، ممتدة مع امتداد طول الجدار ، وجميع جعبات بيوت النار هكذا ، خارجة منها كما ذكر وتنتهي إلى تلك الجعة العظيمة ، فإذا أرادوا الخدمة يجعلون من الفاخر المذكور في بيوت النار وتوقد ، ويقفلون على أفواهها بألواح من حديد مماثلة لهيئة أفواهها المذكورة ، ويجعلون عليها طينا أبيض مبلولا ، يدخل عند السد بها بين الألواح وأفواه البيوت ، ليلا يخرج الدخان ، فعند ذلك يصير ذلك الفاخر يشتعل في تلك البيوت ، وله لهيب عظيم ، ودخانه يخرج من تلك الجعبات المتصلات بأفواهها ، ويصعد فيها حتى ينتهي إلى تلك الجعبة العظيمة ، وتحت كل فرجة من الفرج المذكورة سواني يجري الماء فيها بحرارة. وهو ظاهر من أسفلها قيل ليلا يذوب الحديد الذي تحته من شدة النار ، ويبقى ذلك الفاخر يشتعل في ذلك المجمار خمس سوائع ، فإذا مضت له هذه المدة يأتي رجل من الخدمة ويعد تلك اللوحة الملصقة في فم المجمار ، ويضع آخر أسفله صندوقا حديديا ، ويوخذ قضيب طويل من حديد معكوف الرأس ، ويشتغل بإخراج الفاخر المشعول من ذلك المجمار ، فيسقط في ذلك الصندوق ، فيصب عليه الماء فينطفىء فيخرجونه إلى الفضاء ، ويجمع هناك في مواضع فيباع بعد ذلك لأهل البلد ، /١٧٢/ وبه يطبخون

__________________

(١) تحاط الأفران بمواد عازلة من الطوب الحراري ، حتى لا تضيع الحرارة وتتسرب من الأفران عن طريق الإشعاع إلى الخارج. (نفس المرجع السابق).

٢٢٣

طعامهم ويجعلونه في مجامير بيوت مساكنهم في البرد ، لأنه لا تبقى له رائحة كريهة (١) ولا كثير دخان ، هكذا أخبرنا (٢). ذومهما فرغ بيت من الفاخر المشعول يملأه اثنان بغير المشعول ، كل واحد بيده مدرة من الحديد يغترف بها الفاخر ويرميه إلى داخل المجمار حتى يجعلا فيه كفايته ثم يسد بلومته مع ذلك الطينذ ، وقد بينا أن نصف جدار كل بيت فيه ثمان فرج ، وفي كل فرجة سبعة مجامير عينية ، في نصف عرض الجدار ، وفي نصف عرضه الآخر المقابل لها مثلها ، فيكون في نصف البيتين المتصلين من بيوت النار مائة بيت واثنا عشر بيتا كلها في نصف جداره ، وفي النصف الآخر مثلها تصير مائتي بيت وأربعة وعشرين بيتا ، جميع دخانها الخارج من جعباتها ينتهي إلى تلك الجعبة العظيمة ، وتقدم أن هذا المحل فيه ثلاثة بيوت لخدمة الفاخر فيكون في جملتها من بيوت النار ستمائة بيت واثنان وسبعون بيتا ، قيل كلها يخدم بها في أوان البرد ، وأما في وقتنا وهو شهر يوليوز والشمس في برج السرطان ، فوجدناهم مقتصرين على الخدمة في نصف بيت ، لحرارة الوقت ، وحيث ينتهي الدخان إلى تلك الجعبة العظيمة الممتدة في أعلا الجدار ، ينزل منها إلى الأرض في مجاري لا ترى حتى ينتهي إلى بيوت أخر عظيمة. قد جعل في براحها صهاريج (٣) عظيمة من الحديد وفرشت بغبراء الجير ، وكل صهريج منها يحيط به آخر أعظم منه ، وبينهما بعد بقدر الشبر يكون الماء جاريا فيه. وهذه الصهاريج ينزل إليها

__________________

(١) الكبريت الموجود في الفحم الحجري ، عند الاحتراق يعطي غاز ثاني أكسيد الكبريت ، وهو غاز سام ذو رائحة كريهة غير مرغوب في وجوده مع غاز الاستصباح الناتج ، لهذا معظم الأفحام المستعملة من نوع الدسمةAntracite أو النصف دسمة ، والتي تتميز بوجود نسبة قليلة من الكبريت ١%.(نفس الرجع السابق).

(٢) استدراك بطرة الصفحة أدرجته في مكانه بين نجمتين ذ ... ذ.

(٣) صهاريج تكثيف وتجميع الغاز المتولد عن تسخين الفحم الحجري ، وتحوله إلى مادة سائلة تحت ضغط كبير. فعندما يراد الحصول على غاز للإنارة تخفض درجة حرارة التسخين ، أما إذا ارتفعت درجة حرارة التسخين فتتحول الغازات الإيدروكاربونية إلى إيدروجين تستخدم في آلات الاحتراق الداخلي. (نفس المرجع السابق).

٢٢٤

الدخان الوارد من تلك الجعبة العظيمة ، ولها أي هذه الصهاريج أغطية على هيئتها ، وفي مقدار /١٧٣/ جرمها ، وجدنا أحدها قد رفع غطاؤه بمكينة فوقه ، كما ترفع عندنا المدافع ، ورجلان يخدمان البوجي (١) المنصوب على قنطرة عظيمة فوق هذه الصناديق. وهي مع عظمتها غير ثابتة في موضع ، بل بطرفيها ناعورتان ، في حرفها درج تمشي بها على الجدارين البنيين لها إلى حيث يراد بها ، لأن بها ترفع أغطية تلك الصهاريج التي في هذا البيت. وبهذا توضع الأغطية بحركة البوجي الذي في وسط القنطرة ، فإذا نزل الدخان إلى الصهريج الأول بعد سده بالصهريج الآخر الذي فوقه ، يسلب عنه الجير ، ومع ذلك الماء ماء فيه من العفونات والأضرار المؤذية ، ومن الصندوق الأول يخرج إلى الثاني فيسلب عنه البقايا التي فيه. ثم إلى الثالث وإلى الرابع وهكذا ، حتى لا تبقى فيه رائحة ولا ضرر ولا أذى ، فعند ذلك تخرجه مكينة مبنية في بيت آخر عظيمة الجرم ، مثل مكينة البابور ، فتسفه وتجذبه من تلك الصناديق ، ويخرج منها مختفيا تحت الأرض ، حتى يصل إلى (٢) ذمخازينه الآتي ذكرها ومنها يخرج إليذ قادوسين عظيمين ممتدين مع الأرض ، قطر دائرة كل منهما يزيد على ذراع واحد ، ومنهما يتفرق على المدينة في قواديس صغيرة وكبيرة بحسب الديار والحوانيت التي في البقاع كثرة وقلة ، ودخلنا إلى بيت آخر ، وجدنا فيه ناعورتين كبيرتين قيل لنا بهما يعرف ما دخل من الدخان للبلد ، في كل يوم وبين لنا بعض ذلك في دائرة صغيرة مثل رخامة المجانة المستديرة ، قد قسم نحو ثلاثة /١٧٤/ أرباعها بمقدار واحد وجعل في كل قسم دائرة صغيرة قد قسمت على عشرة أجزاء ، وفي وسطها موري (٣) مثل المجانة ، فإذا تحرك الدخان وخرج منه مقدار متر واحد ، تحرك ذلك الموري الذي في الدائرة الأولى (٤) درجة واجدة من الدرج العشر التي في محيط الدائرة ، وإذا دخل متران تحرك درجة أخرى وهكذا ، فإذا تحرك عشر درج ، وقطع

__________________

(١) انظر شرحه بالملحق رقم : ٤.

(٢) استدراك بطرة الصفحة أدرجته في مكانه بين نجمتين ذ ... ذ.

(٣) يتحرك عقرب الساعة بشكل تصاعدي داخل هذه الدوائر مسجلا مقدار استهلاك الغاز.

(٤) الدائرة الأولى (من الدرجة ٠ إلى ١٠)

٢٢٥

محيط الدائرة ، وذلك عند دخول عشرة مياتير من الدخان للبلد ، يتحرك موري الدائرة الثانية (١) درجة واحدة من عشر درجها ، فإذا دخلت عشرة مياتير من الدخان تحرك درجة ثانية ، فإذا دخلت منه مائة متر تحرك عشر درج ، وقطع الموري جميع الدائرة ، ويتحرك موري الدائرة الثالثة (٢) درجة واحدة ، فإذا دخلت مائتا متر تحرك موري الثالثة درجتين ، فإذا دخل ألف متر تحرك عشر درج ، وقطع دائرته. ويتحرك موري الدائرة الرابعة (٣) درجة واحدة ، وإذا دخل منه ألفا متر تحرك درجتين ، وإذا دخل منه عشرة آلاف ميتر تحرك عشر درج وقطع دائرته وتحرك موري الدائرة الخامسة درجة واحدة. وهكذا حتى يكون موري الدائرة الثامنة ينبئ تحركه عن عدد عشرات الملايين ، لأن مراتب هذه الدوائر بنيت على مراتب أسس مطلق العدد. وذكر لنا أن كل دار أو حانوت أو غيرهما مما يشعل فيه الغاز ، فيه دائرة فيها موري ينبئ عن القدر الذي يشعل منه في ذلك المحل كل ليلة ، /١٧٥/ وهذا الدخان الذي يخرج في كل يوم ، ليس كل ما يخرج منه يدخل للبلد ، بل ينصرف إلى مخزنين عظيمين من حديد مستديرين ، ومنهما يخرج منه القدر المحتاج ، ووجدناهم يصنعون خزينا ثالثا مثل الآخرين ، وهو ملفق من ورقات. ورأيناهم يلفقون الطبقة العليا منه بمسامير كبيرة ، يخرجونها من بيت النار قريبا منهم ، ويدخلونه في ثقبتي الورقتين اللتين في حرفيها ، ويكعبون أرباع رأس المسمارة ، ثم يوضع على رأسه قطعة حديد فيها قالب رأس المسمار كهيئة نصف كرة ، ويضربونه بمقامع من حديد. ثم ينزعون ذلك القالب فيبقى رأس المسمار كهيئة نصف كرة. وسألت عن قطر دائرة هذا الخزين ، فأخبر مهندسهم أن قطرها ثمانية وأربعون مترا ، وسألت عن علو هذا الخزين ، فقال عشرون مترا ، فقلت وكم يملأ هذا الخزين من الأمتار؟ فقال عشرون مليونا من الأمتار ، لكن إذا

__________________

(١) الدائرة الثانية (من الدرجة ١٠ إلى ١٠٠)

(٢) الدائرة الثالثة (من الدرجة ١٠٠ إلى ١٠٠٠).

(٣) الدائرة الرابعة (من الدرجة ١٠٠٠ إلى ٠٠٠ ، ١٠).

(انظر الرسم بملحق الرسوم والصور صفحة ١٠).

٢٢٦

ضربنا نص قطره في نصف محيطه والخارج في علوه كان الخارج (١) ستة وثلاثين ألف متر ، ومائتي متر وعشرين ، ولعل المراد عنده بالميتر شيء (٢) آخر باعتبار مصطلحه. وهذا كله وعامل البلد يطوف معنا في تلك الأماكن.

دار الوحوش الميتة

وفي يوم السبت الثامن (٣) منه توجهوا بنا في الأكداش إلى دار فيها وحوش كثيرة ، لكنها ميتة وحشيت جلودها حتى ملئت ، فيتخيل للناظر أنها أحياء ، فدخلنا إليها فرأينا فيها أسدا من أسد الغرب في خزانة زاج ، ذكر أن مولانا السلطان المقدس بالله سيدنا ومولانا عبد الرحمان /١٧٦/ أسكنه الله فسيح الجنان كان وجهه لكبير دولة البلجيك ، وأنه عاش عنده اثني عشر عاما ومات ، فأخذ جلده وحشي ، وجعل الكافور في رأسه فبقي على حالته حين كان حيا. ووجدنا في أسطوانها أقفاصا من حديد ، وسلك ممتدة طولا وارتفاعا مع جدران الأسطوان ، معلقة بشيء ظنناه حجرا ، فقيل لنا إن ذلك عظام حيوان محفوظة هناك ، وفي هذه الدار من هيئات الحيوان مثل ما في جنان باريز من الحيوان الحي ، إلا ما قل. وفيها زيادة على ذلك هيئة حيوان أعظم من الجمل ، لكن لم يبق منه إلا العظام ، قد ربط بعضها مع بعض بالسك

__________________

(١) بالفعل العملية الحسابية التي قام بها الجعيدي صحيحة وهي كالتالي : القطر ٤٨ سنتم ،

الارتفاع ـ ٢٠ متر ، الشعاع ـ ٢٤ سنتم. ١٤ ، ٣ ـ ١١

المحيط ـ ٢ (الشعاع) * ١١S ـ R ٢ *١١

الحجم ـ المحيط* الارتفاع V ـ S *h

الحجم العادي ـ ١٤ ، ٣* ٢ (٢٤) * ٢٠ ـ ٢٠٠ ، ٣٦ متر مكعب.

(٢) الحجم يقاس بالمتر المكعب.

(٣) ١ يوليوز سنة ١٨٧٦ م.

٢٢٧

وقضبان الحديد ، وله نابان في الفك الأسفل منعكفان إلى ناحية أعلا رأسه (١) ، في كل ناب نحو ثلاثة أرباع ، دائرة قطرها نحو ذراعين ونصف ، وطوله أي هذا الحيوان نحو ستة أذرع ، وفي ذنبه نحو أربعة أذرع ، وفك فمه الأسفل في دوره نحو ستة أشبار ، ورأسه كبطن بقرة. قيل إن هذا الحيوان كان قبل الطوفان (٢). ورأينا فكرونا عظيم الخلقة ، طوله مثل عرضه نحو ذراعين في مثلهما عرضا ، والتمساح طوله نحو سبعة أشبار ، وبلينه لم يبق منها إلا بعض عظام بطنها مع عظام فقار ظهرها ، في طولها ثلاثون خطوة وأفاعي عظيمة الخلقة ، ملتوية على ذاتها ، غلظ كل واحدة قدر ما يحيط به الإبهامان والسبابتان عند اقتران رؤوسها. وكل ذلك في خزانات من الزاج عدا /١٧٧/ الحيوان الذي قبل الطوفان والبلينة. وفي صناديق كثيرة (٣) ، أغطيتها من الزاج جميع ما في الأقاليم من المعادن ، كل معدن أخذ منه حجرا وتراب ، ووضع

__________________

(١) الماموث Mammouth معاصر للإنسان كما تثبت لنا الرسوم الكثيرة على جدران الكهوف ، قد انقرض في العصر الحجري (موسوعة عربية عالمية).

(٢) تعليق بالطرة من إنشاء نجله عبد القادر الجعيدي «لم يدر هل كان مع نوح في السفينة أو انفرد عنه في ناحية لم يصلها فناء على أنه خاص ، فتأمل بفكرك السوابق واللواحق». وأسفله تعقيب لابن علي الدكالي «لا غرض لنا في أن يكون مع نوح في السفينة أو لم يكن معه لأن المؤلف قال إنه كان قبل الطوفان وعبارته تقتضي وجوده في الأرض قبل الطوفان ولا ندري هل انقرض قبل وقوع الطوفان أو بعده ، فإن كان انقرض قبل وقوع الطوفان ، فلا شك أنه لم يكن مع نوح في السفينة ، وإن كان انقرض بعده فلا شك أنه كان معه في السفينة بدليل آياته «قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين». وعلى كل حال فإن عظامه بقيت محفوظة في طبقات الأرض حتى عثر عليها الباحثون في هذا العصر ، وركبوها على الكيفية التي رآها عليها المؤلف كما هو الشأن في عدة آثار ، حفظت تحت طبقات الأرض منذ آلاف من السنين إلى الآن ، والحاصل أنه لا اعتراض على المؤلف ، ولو كان كاتب الطرة أعلاه له إلمام بعلم التاريخ الطبيعي لما كتب ما كتب والله أعلم».

(٣) تعرض متاحف التاريخ الطبيعي الأحافير (علم الجيولوجيا) وكميات من المعادن (علم المناجم) والنباتات المجففة (علم النبات) ، والبقايا البشرية (علم الأجناس البشرية) وغير ذلك ، وتكون تحت تصرف الباحثين لدراستها وتحليلها وصيانتها.

٢٢٨

الحجر في حك من كاغد ، والتراب في قطيع زاج ، وكتب على كل معدن من أي محل هو ، وما يخرج منه ، منها صندوقان فيهما حجر معادن الغرب (١) ، وعدد ما في هذين الصندوقين من المعادن المغربية سبعون معدنا. منها ما هو من الجديدة ، ومن طيط وغيرهما ، وصناديق أخرى بالزاج ، فيها النبات الذي يكون في قعر البحر على أشكال ، وفي صناديق عظام حيوان البحر الصغير والكبير ، حتى عظام غلالتة التي تكون بالشاطئ ، وهناك قرود ممتدة الأفواه كالكلاب ، والقاموس وحيوان عظيم الخلقة ، أما ذاته ما عدا الرأس والأرجل فأعظم من ذات الفيل الذي رأيناه في جنان الوحوش ، ويداه ورجلاه مثل ما للفيل ، إلا أنها قصيرة ، طولها نحو ذراع ، وعنقه قصير جدا ، ورأسه (٢) قرنة جسم كأنه مربع الشكل إلا أن زاويتي الفكين مثل قطع دائرة ، قيل إنه وجد في بعض الأودية. ثم أكباشا من الغنم صوفها أسود. والكركران والقنية والفيران كبار وصغار ، منها فأر عظيم كالحوت الشابل ، له ذنب مبسوط ، قيل إنه يعبر الواد ويرفع ذنبه للريح ، والضربان ، وهناك من الطير ما لا حاجة إلى تفصيلها ، سئل عن عددها فقيل ثمانية عشر ألفا ، فقيل كم أجناسها ، فقيل ثلاثمائة ، ورأينا هناك القنفود والهر /١٧٨/ والنمس. ومن تلك الطيور الباز والرخمة والحدية (٣) والنسر والنعام إلى غيرها. مما لا نعرفه ، ثم دخلنا لثماني قبب ، أربع مصفوفة بعد أربع إنما فيها أي في جدرانها مرايا كبيرة ، فيها صور آدميين ، وفي وسطها شوالي وكنابيس ، ووجدنا في بعضها صورة رجل وزوجته لا شيء عليهما من الثياب ، والرجل بيده اليمنى بل اليسرى أغصان شجرة بأوراقها ، قد وضعها على عورته ، وفي يده شيء مثل التفاحة وبيد زوجته مثلها ، وقد جمعت فخذيها على فرجها ، وهما تحت شجرة

__________________

(١) المهندس البلجيكي ديكان Desguins ورد على المغرب سنة ١٨٦٨ م للتنقيب عن المعادن والثروات الطبيعية ، ودراسة إمكانيات صناعية وغيره. ربما تكون العينات التي أخذها معه إلى بلجيكا هي المعروضة في المتحف المذكور. ابن زيدان ، الإتحاف ، ج ٢ : ٤٦١.

(٢) وحيد القرن Rhinoceroc ، أو خرتيت كركدن (المنجد).

(٣) الحدأة طائر من الجوارح (معجم الفصحى في العامية ، محمد الحلوي).

٢٢٩

قيل أنهما صورتا نبينا آدم وأمنا حواء (١) ، ووصفه صورة الآدمي وجهه للطول أقنى الأنف ، أبيض مشوب بحمرة ، ضيق العينين أسودهما ، أسود شعر الرأس ، مرسله إلى ناحية ظهره ، رقيق الأطراف ، وأما الأنثى فهي بيضاء اللون ، مدورة الوجه للطول يسيرا ، نجلاء العينين واسعتهما بوجهها حمرة ضعيفة ، ناتئة البطن كأنها حامل ، ناتئة الثديين ، مسبولة ، شعر الرأس يميل إلى الحمرة والبياض ، ثم خرجنا من هذه الدار.

دار فابريكة النحاس والصفر

وتوجهنا إلى دار فابريكة النحاس والصفر ، وليس يصنع فيها شيء من أواني الطبخ والأكل والشراب ، وإنما يصنع فيها الحوائج المحتاج إليها للأبنية ، كالسراجيم وآلة الدفف والتصاوير والثريات ، ولكل حاجة من تلك الحوائج قالب تفرغ فيه ، فدخلنا للبيت الأول فوجدنا فيه خدمة بين أيديهم ألواح من حديد ، يجعلون في وسطها قوالب الحوائج التي يريدون فرغها ، وهم /١٧٩/ يسجنون عليها بالتراب ، ويشدون القوالب أجزاء بعضها ببعض ، ثم ترفع لأناس آخرين في بيت آخر ، فيه بيوت النار ، يذيبون النحاس والصفر ، ويفرغونه في تلك القوالب. وقد أفرغوا بمحضرنا من ذلك المذاب في قوالب ، فكان يصب منها في القوالب كما ينصب الماء من القواديس. وبعد حين فتحت فألقيت فيها حوائج مورقة مما يستعمل في الدرابيز والله أعلم (٢). ووجدنا آخرين في بيت ثالث مشتغلين بفك القوالب التي تكون فيها الصور

__________________

(١) تعليق من أنشاء نجله عبد القادر بطرة الصفحة : «لا أدري لم أقتصر على هذا الجنس من البشر دون غيره من أولاده ، ولعله كان بارا بهما أكثر ، إلا أنه كان من حسن البرور أن يكسوهما».

(٢) «زار الزبيدي ببروكسيل مصنع البرونز ومصنع الطناجير والفخار ، ثم ورش السيد فاشيرWasher بزنقة طيرنوف Terre Neuve لصناعة القماش ، ثم مستودع التخريم لسيد بوشلتزBuchoctz بزنقة ليوبولد ، ثم مصنع المدخات للسيد بييرPierre بزنقةMuysbroeck مويسابروك. وفي أغلب هذه المحلات الصناعية والتجارية عمل السيد السفير على شراء بعض هذه المنتجات التي ستظهر للمغرب جودة منتوجاتنا التي نتمنى أن تتبعها طلبات جديدة».

M. A. E. R. B) ARCH. HIST. DIP): 518.

٢٣٠

العظيمة ، ووجدنا بين أيديهم صورة بطن آدمي هائل الخلقة ، وهم ينزعون منه ما هو زائد على ذاته حين الفرغ ، ويحاولون وقوفه بالبوجي بعدما ربطوه من تحت إبطيه بالقنانيب ، ثم وجدنا خدمة في بيت آخر يبردون بعض الأثاث الرقيقة التي خرجت من القوالب ، واحتاجت إلى التصفية. ووجدنا مكينة عظيمة في بيت آخر ، يخرج الريح من بعض جهاتها كصوت الثور ، ويمر بعضه على كير مجمر حداد هناك يصنع حوائج أخرى ، وهذه المكينة تدير نواعير كثيرة كل ناعورة قبالتها رجل أمامه آلة الخرط ، يركب الحاجة التي يريد خرطها في محلها ، منها ما يكون كالقضيب فيمسك من الرأسين ، ومنها ما يدخل في فرجة كبعض خواء المسك. وتصير الناعورة تدور ، وهو يأخذ بآلة الخرط من ذلك المخروط على الكيفية المرادة ، وتفعل آلة الهند في ذلك الصفر والنحاس مثل ما تفعله عندنا في العود.

الحوائج المصنوعة عندهم في بعض الأماكن

وفي يوم الأحد /١٨٠/ التاسع من جمادى الثانية (١) ركبنا مع الباشدور إلى دار تسمى عندهم دار موزي (٢) ، وهي عندهم لحفظ السلاح القديم وآلة الحرب القديمة ، مثل الدار التي رأينا في باريس ، فعند دخولنا لها وجدنا في سفيلها المدافع التي استنبطوها أولا ، وهي رقيقة طويلة ، كل مدفع موجود في سريره كالمكحلة ، وله رويضتان ، وفي خزنته فرجة يخرج منها قطعة من دائرة من حديد ، ثابتة في أجزاء الكريطة ، مأخوذة هناك لارتفاع المدفع أو خفضه. وفي أحد البيوت تصاوير خيل ، وأناس بالزرد راكبون عليها وبأيديهم المزارد. وخزانة فيها سلاح كثير قديم ، وفي صندوق من زاج مكاحيل تركية على أشكال ، وخزانتان فيها شواقير مفضضة ، وأخريان فيهما كوابيس (٣) منبتة بالفضة من عمل الترك. ووجدنا معها مكحلة

__________________

(١) ٢ يوليوز سنة ١٨٧٦ م.

(٢) المتحف الحربي الملكي ببروكسيل يقارنه مع متحف ليزانفاليد بباريس (نفس المرجع السابق).

(٣) انظر شرحه بالملحق رقم : ٤.

٢٣١

ريفيت ، وفي آخر حناجير وسبائل ، وفيه مهمازان مفضضان ، وخلخال فضة من عمل الغرب ، وكميات عمل سوس ، وخزانتان فيهما مكاحيل عظيمة من عمل الأقدمين ، وآخر فيه مدافع صفر صغيرة ، على كراريطها نحو نصف ذراع في المدفع ، وابورز تناسبها في الصفر ، وفي صندوقين عدة مختلطة بأحدهما تاج من ذهب ، ومكحلة بقربه من صفر طويلة غليظة ، كأنها مدفع البحر ، وفورمتها تسع الضوبلي ولها سرير المكحلة ، ثم فرس كان يركبه بعض الملوك ، وبعد موته حشي باطنه ، واستعمل الكافور لجلده. وفي خزانة عدة قيل كانت لسلطان السويد /١٨١/ وللسلطان فلب اسكونر (١) بإصبانيا ، ومكحلة في خزنتها أربع عمارات تخرج في صفتها الأصلية ، كانت لسلطان إصبانيا أيضا ، وأخرى تعمر من خزنتها ، فيها ست عمارات ، تخرج بالزناد قيل إن لها هناك عندهم هذه مدة من نحو ثلاثمائة عام ، وأنها من استنباطاتهم ، ومنها عدد في صندوق خاص بها ، وفي خزانة سيوف كانت بيد الأكابر من الدول ، ومعها سكين كانت عندهم معدة لقطع الرؤوس ، وقد ربط مع مقبضها شعر كثير ، عدده كعدد ما قطع بها من الرؤوس ، وبقربها كابوس تجريب البارود ، ضلعته قائمة ، وليست قطعة دائرة ، وفي صندوق مكاحيل من العينة التي أحدثوها في الوقت ، تعمر من الخزنة ، وبقربه فرس كان لسلطان إصبانيا ، قيل له هناك ثلاثمائة عام وخمسون عاما ، وفي خزين آخر فوق هذا أواني فخار عمل أجناس شتى محفوظة فيه. منها مجبنة بديع كانت لنابليون ، وخواتيم عمل إيطاليا قديما ، وسرج منبت بألوان الأحجار بين ثورين بالذهب ، ذكر أنهم لا يدرون لمن كان ، وخزانات فيها أواني بلار ، ة منها غراف كبير خفيف جدا قيل في وزنه ثمن أوقية ، وفي أخرى بعض سكك الريال القديم ، وفي أخرى صروف الوزن قيل لها سبعمائة عام هناك ، ومهارس نحاس بأيديها منه كالتي تتخذ في الغرب للتوابل ، وفي أخرى أثاث عاج ، منها ناب فيل طوله كذراع ونصف ، قد شد طرفاه / بالصفر أو غيره ، ومعه جناوي مقابضها من عاج.

__________________

(١) فليب الثاني ملك إسبانيا (١٥٢٧ ـ ١٥٩٨) أرسل أسطول «الأرمادة» لفتح أنجلترا ، فحطمته الزوابع البحرية (المنجد).

٢٣٢

صورة آدم وحواء على ما زعموا

وفي الخزين الثالث الذي فوق هذا آدميون موتى في صناديق ، قيل وجدوا كل واحد بداخل ثلاثة صناديق ، ومنهم واحد كشف عنه فإذا كفنه متلاشى عليه ، وقدماه قائمة قيل له بعد موته ستة آلاف سنة (١). ورأيت بلغة (٢) عظيمة في خزانة زاج ، فقلت لمن كانت تلك البلغة ، فقيل لي ، لم يدر لمن كانت ، فقلت إن من اعتنائكم بهذه الأمور أن تكون عندكم بلغة نبينا آدم فأين هي ، قالوا تركها في الجنة عند خروجه فلذلك لم توجد هناذ ، وأن ذلك أوتي به من مصر ، وفيه فخار عمل الهند ، وأثاث منها سلسلة ذهب لها ستة آلاف سنة كما قيل. ومن هذا الفخار ما هو موضوع على ألواح من البلار ، غلظها كنصف أصبع ، وهذه الألواح داخل الخزانات ، وفي طوابيل أنواع معادن المرمر ، كل نوع موضوع وحده ، وغطي بالزاج ، وفي خزانة أخرى قناديل فخار كهيئة آنية زيت المنارة ، كانت للأقدمين. ثم صعدنا للقبة العليا التي وضع عليها الجامور (٣) ، فوجدنا في قطر دورها عشرين خطوة ، وفيها أمثلة صور المراكب ، وآدميين موتى لم تبق إلا عظامهم ملتئم بعضهم على بعض ، ومنهم صبي كان أسود اللون وجلده يابس على عظامه لم يظهر شيء منها ، أي عظامه. ومنهم آخر جالس على إليتيه ورأسه واقف ويداه قد رمى بهما على كتفيه خلف ظهره وأسنانه وأضراسه ظامرة ، ولم تبق منه إلا العظام ملتئمة ، وجماجم موضوعة بينهما ، وذلك في صندوق من الزاج (٤) ، وأشرفنا من هذه القبة على هذه المدينة ، فرأينا بنيانها قد امتد من كل جهة مع امتداد البصر ، فوجدناها عظيمة ، /١٨٣/ وقيل لي

__________________

(١) مستملحة استدراك بطرة الصفحة أدرجته في مكانه بين نجمتين ذ .. ذ.

(٢) استعملت الكلمة في الأندلس والمغرب للحذاء المغربي المعروف ، كما عرفتها مصر التي كانت تستورد البلغة المغربية (معجم الفصحى ، الحلوي).

(٣) قطع حديد أو نحاس توضع على قمة صومعة المسجد تعلق فيها الخرقة أو علم الصومعة.

(٤) طرة من إنشاء نجله عبد القادر الجعيدي «قد رأينا بالإسكندرية أذنا معلقة على باب حانوت من حارة النصارى لعلها كانت لذلك الآدمي»؟

٢٣٣

عند ذلك على وجه المداعبة ، أخبرنا يا مهندس عن كل هذه المدينة وعن طولها وعرضها. فقلت : ناولني المرءاة التي كان أمر مولنا المنصور بالله بشرائها ، التي تقدر بها الأبعاد (١) ، ونخبرك ـ بحول الله ـ عن مطلبك. ثم نزلنا إلى الأسفل فكان عدد الدرج التي ارتقيناها مائة وثمانين درجة. وهي تدور حول شكل مثمن بني بالرافد المنجور قد فتحت فيه كوات تشرف منها على أسفله فيرى باطنه كالبئر.

التوجه إلى مدينة الياج (٢) لرؤية فابريكاتها

وعند رجوعنا أخبرنا بأن كبير هذه الدولة أذن لنا بالتوجه في بابور البر لمدينة تسمى الياج ، بقصد رؤية الفابريكات التي فيها ، اعتناء منه بالجانب العالي بالله ، فخرجنا إليها وركبنا في بابور البر في الساعة العاشرة من نهار الاثنين العاشر منه ((٣) ، بعدما كان هيّأ لنا عربة مزخرفة ، فيها أربع كنابيس وشليتان كبيرتان ، ذلك بالموبر الأخضر ، فجلس كل منا في محل يناسبه ، وحين سافرنا رأينا الأرض التي عن يميننا وشمالنا كلها مزارع ، والأشجار والأنهار ممتدة معها. ومررنا بجبال خرقت للبابور فكان يمر تحتها ، ولو لا الضوء المتخذ في سقف العربية ما كان أحدنا يرى غيره ، فمر ثابتا في هذه الطريق تحت أحد عشر جبلا ، منها ما قطعه في دقيقة ، وفي دقيقتين ، وفي ست دقائق ، وما بين ذلك ، ومنها ما قطعه في عشر دقائق مجانية ، وقد اتخذ فيه مواضع توقد دائما ، والطرق في وسطه متعددة ، وكثيرا ما يلتقي فيه بابوران ، كل منهما يجري على طريقه /١٨٤/ يتقدم لهم من الإعلام بذلك ، ويتقرر عندهم على حسب مصطلحهم ليلا تقع المصادمة والعياذ بالله ، وأما القناطير التي مررنا تحتها فهي كثيرة جدا ، ومررنا على مدن وقرى عديدة ، فكان البابور يقف في

__________________

(١) نظارة مزدوجة للأبعاد أو آلة المقراب البصري Jumelles.

(٢) Liege.

(٣) ٣ يوليوز سنة ١٨٧٦ م.

٢٣٤

بعضها لما له في ذلك من الأغراض ، وسقا ووضعا ، فوقف أولا في مدينة لوفاير (١) في الساعة العاشرة ونصف ، وفي طرلام (٢) في الحادية عشرة وربع ، وفي أنس (٣) في ثنتي عشرة وست دقائق ، وفي أوبرى (٤) في ثنتي عشرة وربع ، ووصلنا لمدينة الياج بعد منتصف النهار بثلث ساعة ، فتلقى للباشدور عاملها وكبراؤها ، وأخبروا أن كبير دولتهم أمره بالوقوف معنا حتييطوف بما في هذه البلدة وفي أخرى قربها ، لنرى ما لهم هناك من الفبريكات العظام التي لا توجد عند غيرهم من الأجناس ، ثم أتانا بأكداش ركبناها وسرنا إلى محل النزول ، فأنزلونا في أشرف المواضع عندهم وأنظفها ، فنزلنا في الطبقة الثانية منه ، فاتخذنا فيه صالة مزخرفة غاية لللأكل ، وأخريين للنوم. ووجدنا في هذه الطبقة بيتين من بيوت الخلاء وآخر فيه بانيو (٥) للوضوء ، وهو صندوق يتخذونه من بعض المعادن والماء ينزل إليه عند الحاجة في بزبوزين. وفي هذه المدينة من التحف واللطائف شيء كثير لا نرى في غربنا إلا أقل قليل ، وخرجت في بعض الأوقات مع الأمين ومعنا ترجمان دولتهم /١٨٥/ ورجل من كبراء عسكرهم.

وتوجهنا لبعض أسواقهم ، فاجتمع علينا جم غفير من الرجال والنساء والصبيان ، حتى كادت تسد الطريق ، وهم يتعجبون منا أكثر من تعجب غيرهم منا ، فحين رأينا ذلك رجعنا لمحلنا ، لأنهم لا يطرقهم أحد من المسلمين إلا نادرا. ومع ذلك قيل لنا نلبس بلغة من بلاغهم ، وكسوة من مساويهم إلا الطربوش فنتركه ، فنزع العمامة ليلا نصير عندهم مثلة وأعجوبة ، وهم مع ذلك لا تصدر منهم إذاية ولا مضرة ، لا من الكبير ولا من الصغير إلا ما كان من كثرة الضحك واللغط جهرا فيما بينهم. ومررنا ذات يوم في الأكداش على رجل كبير السن ، فحين رأى الباشدور قفز من موضعه

__________________

(١) محطةLouvain.

(٢) محطةTerieuant.

(٣) محطةAns.

(٤) محطةWavre

(٥) كلمة إسبانية تعني مستحم أو مغتسل (المنجد).

٢٣٥

وصاح صيحة عظيمة كأنه فاجأه أسد ، أو حل به ما هو أشد (١).

الدار القديمة بها وبعض صفاتها وما فيها

وفي مساء هذا اليوم وجهت إلينا الأكداش ، فركبنا مع الباشدور وسرنا إلى دار قديمة عندهم في هذه البلدة لم يقفوا لها على تاريخ ، إلا أنها في ملكهم بنحو إحدى عشرة مائة عام ، وهي عندهم من ديار المخزن ، فوجدنا عامل البلد بباب هذه الدار ومعه المكلفون بها. وأخبروا أن هذه الأرض كانت بيد غيرهم من الأجناس ، وأنهم أخذوها من أيديهم فدخلنا القبة الأولى والثانية والثالثة ، وليس فيها إلا التصاوير والمرءات والشوالي. وفي الثالثة خزان معدن فيها حجر من بعض المعادن وسلاح قد صنع منه ، وفي القبة الرابعة فخار عمل التينة ، وأواني الزاج وفخار عمل النامسا ، وطبسيل كبير من عمل الهند ، /١٨٦/ وفي الخامسة لوحة فيها آلة النجارة التي تخرج عندهم الآن. وفي السادسة فخار أيضا وأثاث ومبخرة نحاس أكبر من قامة الإنسان ، كروي حرفها ، قطره أزيد من ذراع ، وناقوس معلق قيل له خمس عشرة مائة سنة ، ومقرج بديع كروي الشكل مذهب ، يده من صفر قد حبست فيه بصنعة عجيبة ، قيل كان لبعض ملوك الهند واشتري من بعض وصفائه ، وفيها حيوان ككلب النصارى الصغير قد شال ذنبه إلى ظهره وفتح يده ، وشفته العليا عظيمة كشفة الجمل (٢) ، وهو أخضر اللون ، وفي ذاته كالدماميل ناتئة كغلالة البحر، قيل

__________________

(١) الصحف البلجيكية وصفت السفير المغربي على النحو التالي : «... الحاج محمد الزبيدي رجل مسن وجميل المحيا ، ذو لحية بيضاء ، يلبس الجلباب التقليدي والعمامة البيضاء ، وله ما يقارب الستين عاما وجهه مجعد يتحرك كثيرا وضعيف ، عينه متقدة ، ويحمل معه على الدوام ابتسامة».

جريدة ابروكسيل. (j.de Bruxelles)G.D.B.R.A.ler Belgique .

(٢) يقصد التنين ، وحش جبار ليس له وجود إلا في خيال الشعب الصيني ، يصورونه بمخالب الأسد وبأجنحة الوطواط ، وذنب كذنب الحية ، شخصية خرافية تتحلى بقوة خارقة ، يحظى في بلادهم برمز قوة الإمبراطور وتفوقه على أعداء الصين. (المنجد).

٢٣٦

يعبده بعض أهل الهند. السادسة فارغة ، وليس في وسطها سوى زربية ، وبجدرانها سراجم ، وفي السابعة شوالي وموائد بالملف الأخضر ، وسراجم تشرف على مشور هذه الدار ، وهو براح مربع محيط بالأنباح ، في وسطه خصة ، وفي الثامنة شوالي وموائد أيضا بالملف الأخضر ، وفيها كناش يضع فيه خط يده من يدخل ذلك المحل من ملوك وأكابر الملل وأعيانهم. ثم توجهنا إلى دار فيها عينات من المكاحيل التي تعمر من الخزنة ، منها عينة بخزنتها يد حديد تجذب فتفتح خزنتها من غير كسر السرير إلى أسفل ، ويجعل القرطوس في محله ، وترك تلك اليد إلى محلها فتطبق على القرطوس ، وهي المعتبرة في هذا الوقت لم يكن حينئذ أخصر منها عملا ، وفتح خزنتها بمحضرنا فإذا هي مشتملة على طرفين من حديد ، بهما ثقب وتعريج وآخر كالخيط لا غير. ثم ركبها /١٨٧/ وردها إلى محلها. ومنها نوع آخر بأسفل الخزنة حديدة مدورة كالحاضي في مكاحيل غربنا ، وهي في محله تجذب من أسفل ، فتنفتح الخزنة إلى آخر العمل. ومنها عينات كثيرة ، كل عينة لجنس من الأجناس يصنعون له مثلها ، حتى أنهم يصنعون للسودان مكاحيل طوال ذات الزناد ، ويصبغون سرائرها بالزنحفور.

فابريكة الصفر والنحاس

ثم سرنا إلى فابريكة صنع الصفر والنحاس فدخلنا إليها فوجدنا في بيت فيه سلل مصنوعة من قضبان في كل واحدة قدر من النحاس وروح التوتية والصفر ، وفي بيت آخر تقصيص ما يتساقط من ورقات الصفر والنحاس عند قطعها أو تدويرها. وصبيان هناك يجمعونه في المهاريس ، ويدقونه حتى يلتئم بعضه ببعض ليرد للتذويب. ودخلنا البيت آخر وجدنا فيه مجامير محفورة في الأرض ، مبسوطة معها مع أساس الجدار ، والنار تلتهب فيها بريح المكينة. وهي مغطاة بألواح لعلها من حديد ، قد رفعت عن فم المجمار بسلسلة من وسطها وركبت في الجدار. ووجدنا في هذا البيت قوالب مربوطة ، شكلها مستطيل ، وفم القالب مفتوح بمقدار عرض القالب ، وقد وقف ونصب مائلا إلى الأرض إلى جهة المجامير ليسهل تعميره ، ثم رفعوا غطاء مجمر

٢٣٧

وأخرجوا منه بوطا (١) عظيما طوله نحو ثلاثة أرباع ذراع ، وهو مستدير ، قطر دائرته كثلث ذراع. ووضعوه على خرصة قد التحمت من طرفي وسطها /١٨٨/ بقضيبين من حديد ، وبهما يرفع البوط رجلان ، ويصبان منه في القالب ، فأفرغا هذا البوط الذي أخرجاه من بيت النار بمحضرنا في قالبين فملأهما ، ولم يفضل في البوط شيء ثم ملأه بالفاخر ورداه إلى بيت النار ليلا يبرد ، ثم فتحا بعض القوالب وأخرجا من كل واحد قطعة نحاس طولها ذراعان ، وعرضها نحو نصف ذراع ، وغلظها أزيد من أصبعين.

فابريكة صنع الفلايل

ثم صعدنا إلى طبقة بهذه الدار فوجدنا فيها مكينات تصنع الإبر (٢) من سلك الصفر المسماة بالفليلة. فرأس السلك تمسكه آلة من المكينة كهيئة الزيار ، وتدفع منه مقدار طول الفليلة ، فيسقط عليه طرف منها محدد يقطعه من السلك ، فيسقط إلى آنية موضوعة له ، ثم يجمع منها ويجعل بين قطعتين من حديد غلظهما مثل طول الفليلة ، ورأس القطعتين محدب ، وبينهما رحى تدور غلظها كغلظ إحدى القطعتين ، وحرفها مفتوح فيه مقدار جرم الفليلة ، فإذا وضعت الفلائل على تلك الرحى وبين القطعتين المحدبتين ، فبالضرورة تنحدر الفلايل بالطبع إلى الجهة الأخرى إلى أسفل ، فتتزاحم حال النزول ولا يزال يتضايق الموضع الذي تريد الخروج فيه على حسب التقاء الخطين المحدبين من جهة تحديبهما ، حتى لا يبقى بين التقائهما إلا مقدار خروج فليلة واحدة بعد واحدة ، فإذا خرجت ودارت بها تلك الرحى وأرادت الفليلة

__________________

(١) رسم توضيحي من إنشاء إدريس الجعيدي (انظر ملحق الرسوم والصور صفحة ١١)

(٢) قضت السفارة المغربية ثلاثة أيام بمدينة الييج زاروا خلالها مصنع الآلات الحربية للسيد مشيرب Ma ـ cherbe وورش ليجوازLiegoise ، ثم مقلدة السيد كليمان كروكوت Graucotte Clement، وورش أنبوب البنادق ، ومصانع المسامير.

M. A. E. R. B.) ARCH. HIST. DIP): 518.

٢٣٨

السقوط /١٨٩/ فإنها تتساقط داخل دور من حديد قد فتحت فيه قوالب لها بمقدار رقتها ، وحرفه أقصر من طولها بنحو نصف أصبع. فعند تساقطها في هذه القوالب تبقى رؤوسها خارجة من القوالب ، وحيث ينتهي بها إلى غاية الانخفاض لما بين رؤوسها رحى من حجر تدور أسفلها ، فتحدد رؤوسها عند مرورها على تلك الرحى ، ثم تأخذ في الصعود وهي لا زالت في تلك القوالب ، حتى تلقاها مكينة أخرى فيها طرف حديد لطيف ، ينزل بلطافة على رأس الفليلة فيخرجها من ذلك الدور ، فتمر عند خروجها مماسة لحديدة أخرى. وعند التماس تنزل عليها حديدة أخرى ، فتصير الفليلة مقبوضة بينهما وذنبها خارج تلك الحديدة التي كانت تماسها أولا عند خروجها ، فإذا صارت ممسوكة بينهما وذنبها خارج ، تنزل عليه مطرقة صغيرة بثلاث ضربات ، ثم ترجع المطرقة مع الحديدة الماسكة ، فتسقط الفليلة في آنية تحتها ، وقد تم عملها ، فتجمع وتدفع لصبيات في طبقة أخرى فوق هذه ، فيضعنها في الكاغد مقروة فيه على كيفيته المعهودة ، ولا حاجة إلى بسط عملهن وإن كان مما يتعجب منه ، لكن بسطه يطول.

وفي طبقة أخرى ورقات من الصفر والنحاس والسلك على أنواع ، منه ما هو رقيق كالإبر وأرق. ومنه ما هو مثل الأصبع في الغلظ ، وفيه طاسات وأكواب من صفر ، وصفر مستدير ، أظنه منه يصنع الصواني في غربنا.

دار فابريكات صنع المكاحيل وغيرها

/١٩٠/ وفي يوم الثلاثاء الحادي عشر من جمادى الثانية (١) ، توجهنا لدار فابريكة صنع المكاحيل ، فحين وصلنا إليها تلقانا كبيرها بالترحيب والتعظيم كما هي عادة كل كبير محل معنا. فصعد بنا لخزين بأعلاها ، فوجدنا فيه جميع العينات التي تصنع للأجناس كما تقدم ، وجميع عينات الكوابيس. ومن المكاحيل ما له جعبتان ، وثمن هذه العينة أربعون ريالا ، ومنها ما لها جعبة واحدة ، وتعمر من الخزنة ، وهي

__________________

(١) ٤ يوليوز سنة ١٨٧٦ م.

٢٣٩

من العينة المختصرة ، في الوقت التي لم يظهر (١) بعد حينئذ أرخص منها ، ثمانية عشر ريالا ، وهناك بأقل من ذلك. حتى أن هناك عينة بالزناد ذات جعبة واحدة ، ذكر أن ثمنها ريال واحد وخمس ريال. ثم نزلنا ودخلنا للمكينة ، فوجدنا بعض الجعبات موضوعات أمام رجال ، وقدر كل واحدة ذراع واحد في الطول ، وغلظ حرفها كالأصبع ، فيدخلون الجعبة لبيت النار ، ثم يدخلونها بين ناعورتين تدور إحداهما على الأخرى ، وهما كقطعتي سارية مدورة الشكل ، وفتح في كل واحدة منها أنصاف دوائر بحرفها متفاوتة في الصغر والكبر ، وعند دوران إحداهما على الأخرى تنطبق أنصاف دوائر إحداهما على أنصاف دوائر الأخرى ، فتكمل دوائر منهما معا ، متصاعدة كما بالطرة (٢) ، فيدخلون الجعبة في الدائرة الأولى فتدور عليها الناعورتان ، فتخرجها منها بسرعة أطول مما كانت. ثم في الثانية وفي الثالثة وفي الرابعة كذلك حتى يصير في طولها نحو ذراعين ونصف ، فيلقيها رجل آخر يقطع من طرفيها القدر الزائد بمنشار /١٩١/ رحوي يدور ويدخل في فمها قضيبا من حديد ، ويصير يرفعها ويسقطها على لوحدة حديد مبسوطة لزوال ما فيها من الاعوجاج ، ثم يبالغ في استقامتها بمطرقة بيده ، ويرميها آخر فينصبها أمامه على قرب رحى (٣) من حجر تدور ، فيمرها عليها وعن يمينه قضيب حديد كالمخطاف ، يلقي الجعبة عند امتداد خروجها عن الرحى فتبردها هذه الرحى في أقرب مدة ، فمنها ما تكون خزنتها مثمنة ، وباقيها مدور كعمل عينة أفرقان ، ومنها ما هو بخلاف ذلك ، فإذا تم بردها

__________________

(١) جواب الحاجب السلطاني موسى بن أحمد على مراسلات السفير الزبيدي.«... فهلا وجهت مكحلة من كل عينة من العينات المحدثات التي لم تصل للمغرب ولا جلبها أحد للآن ، لا من التي وصلت للمغرب منها كالمعمرة من وراء فلا ، وعليه فإن أمكنك أن تصحب معك عينات من العدة المعتبرة الجديدة المحدثة ، التي لم تصل للمغرب فافعل إن تيسر لك تدارك الإتيان بها وببيان ثمنها ....» ، بتاريخ ٢٦ رجب عام ١٢٩٣ ه‍. الإتحاف ، ابن زيدان ، ج ٢ : ٢٩١.

(٢) رسم توضيحي من إنشاء إدريس الجعيدي (أ) (انظر ملحق الرسوم والصور صفحة ١٢).

(٣) رسمين توضيحيين من إنشاء صاحب الرحلة إدريس الجعيدي (أ) و(ب): (انظر ملحق الرسوم والصور صفحة ١٣).

٢٤٠