تراثنا ـ العددان [ 125 و 126 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العددان [ 125 و 126 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ٠
ISBN: 1016-4030
الصفحات: ٥١٠

أبو عبد الله النعماني سكناً له في أواخر حياته ومات فيها ـ وكانت تعدّ الرملة من مدن الشام آنذاك.

وقد ذكر صاحب لباب الأنساب أنّ عمّ أبيه ـ عبيد الله بن طاهر بن يحيى ـ قد توفّي في عام (٣٢٩ للهجرة)(١) ، وهذا يتناسب مع كون حفيد أخيه ـ محمّد بن عبيد الله بن الحسين بن طاهر ـ راوية عن أبي عبد الله النعماني.

وقد وجدنا روايته عن النعماني في تضاعيف جزء من أجزاء تاريخ دمشق لابن عساكر والذي خصّصه لترجمة الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام. وسوف نجعل مسك الختام في هذا القسم من هذا المقال هذه الرواية الشريفة :

«أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد الحبّال ، ثنا الشريف أبو عبد الله محمّد بن عبيد الله بن الحسين بن طاهر بن يحيى الحسيني ، ثنا أبو عبد الله الكاتب النعماني ، ثنا أحمد بن محمّد بن سعيد ، ثنا عليّ بن الحسن التيمي ، ثنا جعفر بن محمّد بن حكيم وجعفر بن أبي الصبّاح ، قالا : ثنا إبراهيم بن عبد الحميد عن رقبة بن مصقلة العبدي(٢) ، عن أبيه ، عن جدّه ، قال : أتى رجلان عمر بن الخطّاب في ولايته يسألانه عن طلاق الأمة ، فقام معتمداً بشيء بينهما حتّى أتى حلقة في المسجد ، وفيها رجل أصلع ، فوقف عليه ، فقال : يا أصلع ما قولك في طلاق الأمة؟ فرفع رأسه إليه ثمّ أومأ إليه بإصبعيه ، فقال عمر للرجلين : تطليقتان ؛ فقال أحدهما :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) لباب الأنساب ، ص ٦١٦.

(٢) أشار ابن عساكر بعد ذكر الحديث إلى أنّ اسم عبد الله بن الحويعة بن صبرة العبدريـ الذي ورد في بعض الأسانيد محرّفاً على صيغة عبد الله بن ضبيعة العبدي ـ قد سقط من هذا الجزء من سلسلة الأسناد.

٦١

سبحان الله ، جئنا لنسألك وأنت أمير المؤمنين ، فمشيت معنا حتّى وقفت على هذا الرجل [فسألته] فرضيت منه بأن أومأ إليك! فقال : أوَتدريان من هذا؟ قالا : لا. قال : هذا عليّ بن أبي طالب ، أشهد على رسول الله (صلى الله عليه وآله)سمعته وهو يقول : لو أنّ السماوات السبع وضعن في كفّة ميزان ، ووضع إيمان عليّ في كفّة ميزان ، لرجح بها إيمان عليّ»(١).

استطراد على سنة تناثر النجوم :

ورد في رجال النجاشي تأريخ وفاة الشيخ الكليني وكذلك الشيخ عليّ ابن الحسين بن بابويه في عام (٣٢٩ للهجرة) ، وسُمّيت هذه السنة بـ : (سنة تناثر النجوم)(٢). وهناك من كبار العلماء من عزا سبب هذه التسمية إلى وفاة الكثير من العلماء الكبار فيها من أمثال : (الشيخ الكليني ، وابن بابويه القمّي ، وعليّ بن محمّد السمري)(٣) ، بيد أنّ هذه التسمية ـ كما قال المحقّق التستري(٤) ـ تشير إلى ظاهرة طبيعية حدثت في عام (٣٢٣ للهجرة) ليلة هجوم القرامطة على الحجيج فكانت الشهب قد ظهرت بكثرة في السماء في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تاريخ مدينة دمشق ، ج ٤٢ ، ص ٣٤٠ ـ ٣٤١.

(٢) قاموس الرجال ، ج ٧ ، ص ٤٣٧.

(٣) ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ج ٨ ، ص ٣١١ ؛ التنبيه والأشراف ، ص ٣٣٨ [تاريخ تأليفه عام ٣٤٥] ؛ مروج الذهب ، ج ٥ ، ص ٢١ ، ٢٩١٥ ، ضمن تاريخ خلافة المتوكّل [بداية التأليف في عام (٣٣٢ للهجرة) ، وتاريخ الفراغ من تأليفه عام (٣٣٦هـ)].

(٤) رجال الشيخ الطوسي ، ص ٦١٩١/٤٣٢ = ٣٤.

٦٢

تلك الليلة بطولها(١) ، وكانت هذه الظاهرة من الغرابة حتّى اقترنت تسمية تلك السنة بها.

وقد حدثت هذه الظاهرة في (عام ٣٢٣ للهجرة) ، وليس في (عام ٣٢٩ للهجرة) كما ذكر النجاشي ، فما هو السبب الذي أوقع النجاشي في هذا الخطأ؟

وللإجابة عن هذا السؤال لا بدّ من تسليط الضوء على السنة التي جاء فيها عليّ بن بابويه إلى بغداد.

جاء في رجال الشيخ الطوسي في ترجمة عليّ بن بابويه : «روى عنه التلعكبري ، قال : سمعت منه [الحديث] في السنة التي تهافتت فيها الكواكب ، دخل بغداد فيها»(٢).

وفي غيبة الطوسي نقل عن نجل عليّ بن بابويه (أبي عبد الله الحسين ابن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه) أنّه قال : «حدّثني جماعة من أهل بلدنا المقيمين كانوا ببغداد في السنة التي خرجت القرامطة على الحاجّ ـ وهي سنة تناثر الكواكب ـ أنّ والدي رضی‌الله‌عنه كتب إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح رضی‌الله‌عنه يستأذن في الخروج إلى الحجّ .. فخرج في الجواب : لا تخرج في هذه السنة. فأعاد فقال : هو نذر واجب ، أفيجوز لي القعود عنه؟ فخرج الجواب : إن كان لا بدّ فكن في القافلة الأخيرة ، فكان في القافلة الأخيرة ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) غيبة الطوسي ، ص ٢٧٠/٣٢٢.

(٢) رجال الشيخ الطوسي ، ص ٦١٩١/٤٣٢ = ٣٤.

٦٣

فسلم بنفسه وقُتل من تقدّمه في القوافل الأخر»(١).

إنّ هذه العبارة تثبت بوضوح أنّهم كانوا يتّخذون من هذه الظاهرة السماوية العجيبة وسيلة إلى تحديد سنة وقوع الأحداث ، وعليه لا يمكن القول إنّ هذه الظاهرة قد تكرّرت في سنتين متقاربتين ، أي سنة (٣٢٣ للهجرة) ، وسنة (٣٢٩ للهجرة) ، وعلاوة على ما في الكتب التأريخية القريبة من عصر هذه الظاهرة تمثّل رواية غيبة الطوسي ـ بالالتفات إلى وفاة الحسين ابن روح (عام ٣٢٦ للهجرة) ـ شاهداً آخر على أنّ ظاهرة تناثر النجوم لم تحدث في عام (٣٢٩ للهجرة).

يبدو أنّه قد وقع خلط في رجال النجاشي بين تاريخ وصول عليّ بن بابويه إلى بغداد (سنة ٣٢٣ للهجرة) وتاريخ وفاته (سنة ٣٢٩ للهجرة) ، وقد سرى هذا الخلط إلى ترجمة الكليني أيضاً. ومن المحتمل أن يكون سبب هذا الخلط سهوٌ آخر نراه في موضع آخر من رجال النجاشي.

ولكن قبل أن ننقل عبارة النجاشي يجدر بنا الإشارة إلى أنّ هناك روايتان في تاريخ وفاة عليّ بن بابويه : فهناك رواية تؤرّخ وفاته بـ : (٣٢٨ للهجرة) ، بينما تذهب الرواية الأخرى إلى أنّ وفاته كانت في عام (٣٢٩ للهجرة) ، وعليه يحتمل أن يكون الخلط بين هاتين الروايتين ـ مضافاً إلى الخطأ الذي نشير إليه لاحقاً ـ قد أدّى إلى اعتبار (سنة ٣٢٩) هي (سنة تناثر النجوم).

فعبارة النجاشي التي أشرنا إليها والتي جاءت في رجاله (٢٦٢/٦٨٤)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) غيبة الطوسي ، ص ٢٧٠/٣٢٢.

٦٤

نقلاً عن (الكلوذاني) فقد قال فيها : «أخذت إجازة عليّ بن الحسين بن بابويه لمّا قدم بغداد سنة ثمان وعشرين وثلاثمئة بجميع كتبه».

ربّما نستفيد من لحن الكلام في هذه الرواية أنّ ابن بابويه لم يأتِ إلى بغداد إلاّ مرّة واحدة. وعليه يبدو أنّ كلمة (ثلاث) في هذه العبارة قد تمّ تصحيفها إلى (ثمان) ، وعليه تكون سنة (٣٢٣ للهجرة) هي سنة تناثر النجوم وليست سنة (٣٢٩ للهجرة) ، وأنّ عليّ بن بابويه إنّما دخل بغداد في هذه السنة ، وليس في سنة (٣٢٨ للهجرة) ، وربما أنّه عندما وصل إلى بغداد لم يكن النعماني قد جاء إليها بعد ، ولذلك لم يرو عنه.

٦٥

مسائل محمّد بن مسلم

كتابٌ من تصنيفه أو ممّا جمعه الآخرون من مرويّاته؟

(مرويّاته في الكافي أنموذجاً)(١)

السيّد محمّد العمادي الحائري

بسم الله الرحمن الرحيم

تنويه :

محمّد بن مسلم الثقفي (ت ١٥٠هـ) فقيهٌ معروف وهو واحدٌ من أبرز

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) إنّ هذه المقالة هي في الأصل باللغة الفارسية وكانت تحت عنوان (مسائل محمّد بن مسلم در كافي كليني) ، وقد طبعت لأوّل مرّة ضمن مجموعة المقالات الفارسية للمؤتمر الدولي لثقة الإسلام الكليني (قم ، دار الحديث ، ١٣٨٧ش ؛ ج٣ ، ص ٤٧ ـ ٧٦) وللمرّة الثانية في (بازسازي متون كهن حديث شيعة : روش ، تحليل ، نمونه ، من تأليف وإعداد السيّد محمّد العمادي الحائري ، طهران ، مكتبة متحف ومركز أسناد مجلس الشورى الإسلامي ـ دار الحديث ١٣٨٨ش ؛ ص ٣١٥ ـ ٣٤١) ، وقد قامت هيئة التحرير في مجلّة تراثنا بترجمتها إلى العربية مع إضافات تمّت عليها من قبل المؤلّف إتماماً للفائدة ، وقد تمّت الترجمة ابتناءً على متن النسخة المطبوعة في (بازسازي متون كهن حديث شيعة) وقد طبعت هنا تحت هذا العنوان الذي اختاره المؤلّف بعد التغييرات التي أجراها عليها.

٦٦

الرواة الثقاة الشيعة.

فمن الروايات المنقولة عنه والمثبتة في مصادر الحديث الشيعي هي أسئلته الفقهية من الإمام محمّد الباقر عليه‌السلام والإمام جعفر الصادق عليه‌السلام وأجوبتهم عليهم‌السلام عليها ، وهي التي جاء ذكرها في هذه المقالة تحت عنوان (روايات مسائل محمّد بن مسلم) وذلك خلافاً للشيخ الطوسي الذي لم ينسب إليه أيّ كتاب ولم يذكره في زمرة مصنّفي الشيعة ، هذا وقد ذكر النجاشي كتاباً تحت عنوان الأربعمائة مسألة في أبواب الحلال والحرام) نسبة إلى محمّد بن مسلم ، حيث يبدو من عنوانه أنّه يماثل روايات (المسائل) موضوعاً.

بعد دراسة وتحليل لمجموعة روايات (مسائل محمّد بن مسلم) التي رواها الكليني في الكافي جاءت هذه المقالة لتثير تساؤلا وهو : هل أنّ الكليني كان بحوزته كتابٌ لمحمّد بن مسلم أم أنّه أخذ رواياته (المسائل) من مصادر أخرى كانت واسطة في النقل؟ وبعد الإجابة على هذه الأسئلة فإنّ راقم هذه السطور يأتي بفرضية وهي أنّ محمّد بن مسلم لم يكن له مصنّف كتبه بقلمه أبداً ، ولكن نُسبت إليه في تلك الحقبة مصنّفات هي في حقيقة الأمر ما جمعه الآخرون من مرويّاته.

الكتاب المنسوب إلى محمّد بن مسلم :

محمّد بن مسلم الثقفي (ت : ١٥٠هـ) هو من تلامذة الإمامين محمّد

٦٧

الباقر وجعفر الصادق عليهما‌السلام المبرَّزين ، فقيه معروف وراوية عَلَمٌ(١) ، وبالرغم من أنّ الروايات المنقولة عنه جمّةٌ(٢) إلاّ إنّه نُسب إليه كتاب واحد فقط تحت عنوان الأربعمائة مسألة في أبواب الحلال والحرام(٣).

وأنّ الذي أثار انتباهي إلى هذا الكتاب ـ وهو الكتاب الوحيد المنسوب إلى محمّد بن مسلم ـ هو أنّني عندما كنت منشغلا بتأليف مقالة حول المصادر المدوّنة لكتاب الإيضاح(٤) للقاضي النعمان المغربي (٣٦٣هـ) ـ وهو كتاب فقهيٌّ روائيٌّ للقاضي النعمان والذي لم يصل إلينا منه إلاّ النزر القليل ـ وفي أثناء ذلك تكرّر عنوان كتاب المسائل الذي ذكره القاضي النعمان سبع مرّات وكان قد نقل عنه روايات بالسند التالي : كتاب المسائل برواية الحسين بن علي بن الحسن > إبراهيم بن سليمان > إسماعيل > علاء بن رزين > محمّد بن مسلم ؛ حيث إنّ هذه الروايات السبع بأسرها كانت تشكّل المسائل الفقهية لمحمّد بن مسلم من الإمام محمّد الباقر عليه‌السلام وجواب الإمام عليه‌السلام على

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) أنظر : ميراث مكتوب شيعة از سه قرن نخست هجري ، ص ٤٠٩ ـ ٤١٠.

(٢) لقد سعى بعض المعاصرين أن يجمع جميع رواياته ، وإن كان ما تبقى منها في المجاميع الحديثية ما هو إلاّ القليل من رواياته وذلك اعتماداً على ما نقله الكشّي من أنّه سمع من الإمام الباقر عليه‌السلام ثلاثين ألف حديث ، ومن الإمام الصادق عليه‌السلام ستّة عشر ألف حديث (أنظر : نفس المصدر).

(٣) فهرست أسماء مصنّفي الشيعة ، ص ٣٢٤.

(٤) لقد نشرت هذه المقالة تحت عنوان : (درنگي در منابع مكتوب الإيضاح) ، أنظر : بازسازي متون كهن حديث شيعه ، ص ٤٣١ ـ ٤٤٦.

٦٨

تلك المسائل(١).

ومن خلال التنقيب في الفهارس ـ وبالتعيين فهرسي النجاشي والطوسي ـ تبيّن لنا أنّه لم يكن لأحد من رواة هذا الكتاب وهذه الروايات ـ بالسند المذكور آنفاً ـ كتابٌ تحت عنوان المسائل سوى محمّد بن مسلم الذي نسب إليه النجاشي كتاباً تحت عنوان الأربعمائة مسألة.

وإنّ ما يقوّي الظنّ في كون كتاب المسائل هو نفس الأربعمائة مسألة هو التشابه بينهما في الموضوع ـ الحلال والحرام ـ والتشابه في العنوان ـ مسائل / مسألة ـ في الكتابين هذا أوّلا ، وثانياً هو أنّ النجاشي عندما ذكر طريقه إلى الأربعمائة مسألة ذكر العلاء بن رزين كأوّل راو لكتاب محمّد بن مسلم ، وهذا موافق للسند الذي أتى به القاضي النعمان لكتاب المسائل(٢).

طريقنا للعثور على كتاب المسائل : الخطوة الأولى من الكافي للكليني :

نظراً لمكانة محمّد بن مسلم وشخصيّته ـ القليلة النظير ، وما امتازت به روايات (مسائله) من خصوصيّات فقد عزمت على جمع روايات كتابه المسائل ولملمته وصياغته من خلال استقراء النصوص(٣) الواردة في متون

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) أنظر : درنگي در منابع مكتوب الإيضاح ، ص٤٣٨ ـ ٤٣٩.

(٢) أنظر : نفس المصدر.

(٣) وبعد جمع الكتاب لابدّ لنا من تقييم مدى استناد فتاوى فقهاء الشيعة على رواياته ليمكننا معرفة مدى اعتمادهم قديماً عليها.

٦٩

المصادر الحديثية ، والذي جعلني أرغب في إنجاز هذا العمل هو وجود الكتاب في حوزة القاضي النعمان (في القرن الرابع الهجري) ووجوده في حوزة النجاشي (في القرن الخامس الهجري) ، بناءً على هذا فإنّ سائر مصنّفي الشيعة ومحدّثيهم أيضاً في تلك الحقبة لابدّ وإن كان لهم من رواياته في كتبهم الروائية والفقهية.

ومن أجل جمع روايات هذا الكتاب بدأت البحث(١) عن الروايات التي عبّر فيها محمّد بن مسلم بكلمة (سألت) والتي امتازت بها روايات المسائل في أدبيات الحديث الشيعي(٢) ـ والتي بادر فيها بطرح أسئلته على الإمام محمّد الباقر عليه‌السلام أو الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام وقد أجاب عنها آنذاك

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) وقد استعنت في ذلك على البرامج الكمبيوترية من إعداد مركز تحقيقات العلوم الإسلامية.

(٢) للاطّلاع على متون المسائل في أدبيّات الحديث الشيعي القديم. (أنظر : كتاب مسائل در نگارش هاى حديثي ص٣٢ ـ ٤٧).

علماً أنّ تأليف ما يسمّى بكتب المسائل عند أهل السنّة أيضاً له تأريخه ، وإنّ أقدم نموذج نعرفه عند أهل السنّة في هذا المجال هو كتاب مسائل الإمام أحمد تأليف أبو داود سليمان بن أشعث السجستاني (ت ٢٧٥هـ) الذي جمع فيه أسئلته عن أحمد بن حنبل (ت ٢٤١هـ) والتي أكثرها من المسائل الفقهية (ما عدا الأبواب الأخيرة للكتاب التي هي من المسائل الكلامية) ، وقد أشار رشيد رضا في مقدّمته ص : ٤ إلى هذا الأثر على أنّه كتب (بلسان المشافهة) لا (بلسان التصنيف) وإنّ هذا الأمر يجعل درك القارىء للسان المشافهة في بغداد أيّام أحمد بن حنبل أمراً ضروريّاً في فهم الكتاب ، وإنّ الأمر المهمّ الذي أشار إليه رشيد رضا هو الجانب الشفهي والأسئلة والأجوبة على الخصوص.

٧٠

الإمامان عليهما‌السلام(١).

وقد افتتحت عملي هذا بكتاب الكافي لأنّ الكليني (ت ٣٢٩هـ) كان معاصراً للقاضي النعمان (وذلك قبله بقليل) وإنّ كتابه هذا يُعدّ أهمّ موسوعة للحديث الشيعي(٢) ، علماً أنّ هذا البحث لم يقتصر على كتاب الكافي فحسب ، ولكن هذه المقالة اعتمدت بشكل خاصّ على معطيات كتاب الكافي.

مسائل محمّد بن مسلم في الكافي :

لقد تبيّن من خلال بحثنا أنّه توجد في الكافي (٩٣) رواية جاء فيها أنّ محمّد بن مسلم بادر بالأسئلة من الإمامين الباقر والصادق عليهما‌السلام وقد تلقّى منهم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) توجد أيضاً مجموعة أخرى من الروايات في الكافي وفي سائر المصادر الحديثية القديمة جاء فيها أنّ محمّد بن مسلم يعبّر عن كلامه مع الإمام بـ : (قلت) وينقل لنا كلام الإمام بقوله قال ؛ (أنظر نموذجاً من ذلك في الكافي ج١ ، ص٥١ ، ٦٤ ، ج٣ ، ص ٢٨٩ ، ٣١٣) ، بغضّ النظر عن الاختلاف الموجود بين معنى (قلت) و (سألت) فإنّ التأمّل في الروايات التي جاءت بتعبير (قلت) تبيّن أنّ مضمونها ليس هو السؤال والجواب ـ في معناه الأخصّ ـ وإن كانت هناك بعض الروايات يمكن أن تكون ذات منشأ واحد ، ولكن جاء في أحدها (قلت) بمعنى (سألت) أو بالعكس من ذلك أنظر : (الكافي ج٣ ، ص٣٩١ ـ ٣٩٢ ، وتهذيب الأحكام ج٢ ، ص٢٢٦ ، ٣٧٠).

(٢) أنظر : الجوامع الحديثية الشيعية وبحار الأنوار ص٢٢٢ ـ ٢٢٧. لتطّلع إجمالا على الكافي وخصوصيّاته.

٧١

الأجوبة عليها وذلك بالتعبير التالي : «سألت أبا جعفر»(١) أي الإمام الباقر عليه‌السلام ، و : «سألت أبا عبدالله»(٢) أي الإمام الصادق عليه‌السلام ، أو من أحدهما بتعبير «سألت

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) اشتمل على ٤٨ رواية ، بالترتيب التالي : [٢] ج١ ، ١٢٤ ؛ [٥] ج٢ ، ص ٤٧٩ ؛ [٦] ج٢ ، ص ٤٨١ ؛ [٧] ج٢ ، ص ٥٥٣ ؛ [٩] ج٣ ، ص ٤٠ ؛ [١٢] ج٣ ، ص٦٨ ؛ [١٨] ج٣ ، ص٣٣٩ ؛ [١٩] ج٣ ،ص٣٤٥ ؛ [٢١] ج٣ ، ص٣٦٥ ؛ [٢٧] ج٣ ، ص٤١١ ؛ [٣٠] ج٣ ، ص٤٥٠ ؛ [٣٢] ج٣ ، ص٥٠٤ ؛ [٣٧] ج٤ ، ص١٣٢ ؛ [٣٨] ج٤ ، ص٢٠٩ ؛ [٤١] ج٤ ، ص٤٢٣ ؛ [٤٢] ج٤ ، ص٤٨٢ ؛ [٤٤] ج٥ ، ص٢٢٥ ؛ [٤٦] ج٥ ، ص٣٥٣ ؛ [٤٧] ج٥ ، ص٣٥٧ ؛ [٤٨] ج٥ ، ص٣٦٥ ؛ [٥٠] ج٥ ، ص٤١٠ ؛ [٥٤] ج٥ ، ص٤٨١ ؛ [٥٨] ج٦ ، ص١٣٥ ؛ [٥٩] ج٦ ، ص١٣٦ ؛ [٦١] ج٦ ، ص١٦١ ؛ [٦٢] ج٦ ، ص١٦٢ ؛ [٦٣] ج٦ ، ص١٧٤ ؛ [٦٤] ج٦ ، ص١٨٥ ؛ [٦٥] ج٦ ، ص٢٢٧ ؛ [٦٦] ج٦ ، ص٢٣٠ ؛ [٦٧]ج٦ ، ص٢٣٣ ؛ [٦٨] ج٦ ، ص٢٣٣ ؛ [٧٢] ج٦ ، ص٢٦٤ ؛ [٧٣] ج٦ ، ص٤٥٨ ؛ [٧٥] ج٦ ، ص٥٠٢ ؛ [٨٠] ج٧ ، ص١٥٠ ؛ [٨١] ج٧ ، ص١٥٣ ؛ [٨٣] ج٧ ، ص٢١٢ ؛ [٨٤] ج٧ ، ص٢٣٣ ؛ [٨٥] ج٧ ، ص٢٤٣ ؛ [٨٦] ج٧ ، ص٢٥٦ ؛ [٨٧] ج٧ ، ص٢٧٢ ؛ [٨٨] ج٧ ، ص٣٠٨ ؛ [٨٩] ج٧ ، ص٣٤٥ ؛[٩٠] ج٧ ، ص٣٨٢ ؛ [٩١] ج٧ ، ص٤١٧ ؛ [٩٢] ج٧ ، ص٤٤٦ ؛ [٩٣] ج٧ ، ص٤٥٨.

(٢) اشتمل على ٤١ رواية بالترتيب التالي : [١] ج١ ، ١٣٣ ؛ [٣] ج١ ، ص٢٢٠ ؛ [٤] ج١ ، ص٤٢٠ ؛ [٨] ج٣ ، ص٢ ؛ [١٠] ج٣ ، ص٥٧ ؛ [١١] ج٣ ، ص٦٠ ؛ [١٣] ج٣ ، ص٧٨ ؛ [١٤] ج٣ ، ص١٠٠ ؛ [١٥] ج٣ ، ص١٧٩ ؛ [١٦] ج٣ ، ص١٨٠ ؛ [٢٠] ج٣ ، ص٣٥١ ؛ [٢٢] ج٣ ، ص٣٦٧ ؛ [٢٣] ج٣ ، ص٣٧٨ ؛ [٢٤] ج٣ ، ص٣٨٧ ؛ [٢٦] ج٣ ، ص٤١٠ ؛ [٢٨] ج٣ ، ص٤١٩ ؛ [٢٩] ج٣ ، ص٤٣٤ ؛ [٣١] ج٣ ، ص٥٠٢ ؛ [٣٣] ج٣ ، ص٥١٤ ؛ [٣٤] ج٣ ، ص٥١٦ ؛ [٣٥] ج٣ ، ص٥٢٨ ؛ [٣٦] ج٣ ، ص٥٦٨ ؛ [٣٩] ج٤ ، ص٣٨٢ ؛ [٤٣] ج٤ ، ص٥١٦ ؛ [٤٥[ ج٥ ، ص٢٥٥ ؛ [٤٩] ج٥ ، ص٤٠٦ ؛ [٥١] ج٥ ، ص٤٣٣ ؛ [٥٢] ج٥ ، ص٤٥٦ ؛ [٥٣] ج٥ ، ص٤٥٧ ؛ [٥٥] ج٥ ، ص٥٠٤ ؛ [٥٦] ج٥ ، ص٥٦٧ ؛ [٥٧] ج٦ ، ص١٠٧ ؛ [٦٠] ج٦ ، ص١٤٢ ؛ [٦٩] ج٦ ، ص٢٣٣ ؛ [٧١] ج٦ ، ص٢٣٧ ؛ [٧٤] ج٦ ،ص٤٧٥ ؛ [٧٦] ج٦ ، ص٥٥٣ ؛ [٧٧] ج٧ ، ص١٠ ؛ [٧٨] ج٧ ، ص١٤ ؛ [٧٩] ج٧ ، ص١٢٠ ؛ [٨٢] ج٧ ، ص١٦٠.

٧٢

أحدَهما»(١)(٢).

فمن مجموع (٩٣) رواية هناك سبع روايات ليست لها مدخلية في باب الأحكام الفقهية(٣) ، أمّا بقية الروايات وهي (٨٦) رواية فإنّها مرتبطة بسائر أبواب الفقه (من الطهارة والصلاة إلى الديات والشهادات) ؛ فمن هنا تتبيّن مصداقية عنوان «في أبواب الحلال والحرام» الذي ذكره النجاشي بعد ذكر اسم كتاب محمّد بن مسلم(٤).

رواة (المسائل) عن محمّد بن مسلم :

إنّ الروايات المذكورة آنفاً (٩٣) رواية قد ذكرها الرواة الآتي ذكرهم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) اشتمل على أربع روايات بالترتيب التالي : [١٧] ٣ / ١٩٥ ؛ [٢٥] ٣ / ٣٩١ ؛ [١٧] ٤ / ٤٢٠ ؛ [٧٠] ٦ / ٢٣٤. يبدو أنّ تعبير «عن أحدهما» من زيادات الرواة الذين جاؤوا فيما بعد وذلك عندما لم يتبيّن لهم مراد محمّد بن مسلم من قوله «سألته» ، هل هو الإمام محمّد الباقر عليه‌السلام أم الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام. (أنظر النوادر ، ص ٧٦ ، ١١٦ ، ١٣١ ، ١٣٦ ، حيث جاء في أسانيدها «عن أحدهما» ولكن في متنها «سألته» ).

(٢) من هنا وإلى نهاية المقالة إنّ الأرقام التي جاءت بين المعقوفتين للروايات التي ذكرتها في الهوامش الثلاثة السابقة سأرجعها إلى مصادرها ، كذلك أنظر ملحق هذه المقالة حيث ذكرت فيه سلسلة أسانيد هذه الروايات وهي (٩٣) رواية على ترتيب الأرقام.

(٣) إنّ الرواية السابعة فقط من بين الروايات السبع هي من نقل العلاء بن رزين ، وإنّ اهتمامنا بعدد الروايات غير الفقهية التي يرويها علاء بن رزين عن محمّد بن مسلم ـ من نوع المسائل ـ إنّما جاء نتيجة لما ذُكر من أنّه هو الراوي الأصلي للكتاب الذي جُمعت فيه المسائل الفقهية لمحمد بن مسلم. (أنظر : بقيّة المقالة).

(٤) علماً أنّ بعض هذه الروايات (مثل الرواية ٥٦) ليس لها صلة مباشرة بمسائل الحلال والحرام وإنّما هي في باب فلسفة الأحكام أو استنتاج الحكم الفقهي من القرآن.

٧٣

فيما يلي :

١ ـ حريز بن عبدالله (٢٩ رواية)(١).

٢ ـ علاء بن رزين (٢٦ رواية)(٢).

٣ ـ أبو أيّوب الخزّاز (١٤ رواية)(٣).

٤ ـ عمر بن أُذينة (أربع روايات)(٤).

٥ ـ عبد الله بن بُكير (ثلاث روايات)(٥).

٦ ـ عاصم بن حُميد (ثلاث روايات)(٦).

٧ ـ عبد الله بن مسكان (روايتين)(٧).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) بالترتيب التالي : ٩ ، ١٠ ، ١١ ، ١٣ ، ١٤ ، لقد جاء في سند هذه الروايات (حريز عن زرارة عن محمّد بن مسلم) وإذا أخذنا بسند روايات أخرى (مثل : ٣٩ ، ٤١) لابدّ لنا أن نصحّحها إلى (حريز بن عبدالله عن محمّد بن مسلم) ، ١٥ ، ٢٠ ، ٢٢ ، ٢٣ ، ٢٤ ، ٢٦ ، ٢٨ ، ٢٩ ، ٣٣ ، ٣٤ ، ٣٥ ، ٣٦ ، ٣٩ ، ٤١ ، ٤٣ ، ٤٤ ، ٤٩ ، ٦٠ ، ٦٦ ، ٦٩ ، ٧١ ، ٧٨ ، ٧٩ ، ٩٣.

(٢) بالترتيب التالي :

٧ ،١٧ ،١٩ ،٢١ ،٢٥ ،٣٨ ،٤٠ ،٤٢ ،٤٦ ،٤٧ ،٥٠ ،٥١ ،٥٥ ،٦١ ،٦٣ ،٦٨ ،٧٢ ، ٧٣ ، ٧٤ ،٧٦ ،٨٠ ،٨١ ،٨٣ ،٨٤ ،٨٦ ،٩٠.

(٣) بالترتيب التالي : ٢ ،٣ ،٤ ،٥ ،٦ ،٨ ،١٢ ،٤٥ ،٤٨ ،٥٤ ،٥٩ ،٦٤ ،٨٨ ،٨٩.

(٤) بالترتيب التالي : ٥٧ ،٦٥ ،٦٧ ،٧٠.

(٥) بالترتيب التالي : ١٨ ،٢٧ ،٧٧.

(٦) بالترتيب التالي : ٣٧ ،٥٣ ،٩١.

(٧) بالترتيب التالي : ٣١ ،٣٢.

٧٤

٨ ـ جميل بن درّاج (روايتين)(١).

٩ ـ رِبعي بن عبد الله (روايتين)(٢).

١٠ ـ عبد الحميد الطائي (رواية واحدة)(٣).

١١ ـ أبان [بن عثمان] (رواية واحدة)(٤).

١٢ ـ بُريد بن معاوية (رواية واحدة)(٥).

١٣ ـ [علي] بن رئاب (رواية واحدة)(٦).

١٤ ـ إبراهيم بن ميمون (رواية واحدة)(٧).

١٥ ـ مثنّى الحنّاط (رواية واحدة)(٨).

١٦ ـ قاسم بن بُريد (رواية واحدة)(٩).

١٧ ـ [موسى] ابن أبي حبيب (رواية واحدة)(١٠).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) بالترتيب التالي : ٥٨ ،٦٢.

(٢) بالترتب التالي : ٧٥ ،٨٧.

(٣) الرواية ١.

(٤) الرواية ١٦.

(٥) الرواية ٣٠ والتي صحّف في سند روايتها (بريد بن معاوية العجلي) إلى (بريد بن ضمرة الليثي) ، وقد جاء نفس هذا التصحيف في تهذيب الأحكام ٢ / ٢٦٨ (وقد تكرّر في المتن المطبوع : (يزيد) بدلا عن (بريد).

(٦) الرواية ٥٢.

(٧) الرواية ٥٦.

(٨) الرواية ٨٢.

(٩) الرواية ٩٢.

(١٠) الرواية ٨٥.

٧٥

إنّ وجود هذا العدد الغفير من الرواة يدفع الاحتمال القائل : أنّ الكليني كانت بحوزته نسخة أو نسخٌ من كتاب المسائل لمحمّد بن مسلم قد نقلها بسند واحد ـ أو على أكثر التقادير بسندين أو ثلاثة أسانيد ـ وذلك أنّه على فرض وجود اختلاف بين نسخ الكتاب ـ الذي يمكن أن يكون اختلاف الطرق دليلا وأمارة عليه ـ إلاّ أنّه لا يعقل أن يكون الكليني قد استفاد من سبعة عشر كتاباً (على عدد الرواة من محمّد بن مسلم)(١) ؛ ولأجل ذلك فقد قمت بتغيير طريقتي في العمل ، فلم أعتمد في التنقيب والتفحّص عن المصدر الذي اعتمده الكليني في نقل روايات (مسائل) محمّد بن مسلم ، بل عمدت إلى دراسة الأسناد من نفس الكليني (أيّ أنّني ابتدأت من الراوي المتأخّر إلى الراوي المتقدّم)(٢).

مشايخ الكليني في روايات المسائل :

إنّ أكثر روايات (مسائل) محمّد بن مسلم قد رواها الكليني عن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) وكلّ هؤلاء الرواة السبعة عشر (أي غير الرواة ١٠ و ١٤) كانوا أصحاب مدوّنات ربّما لأكثر من تأليف واحد وكانوا يعدّون من ضمن مؤلّفي الشيعة. للاطّلاع على هؤلاء الرواة الخمسة عشر وعلى مصنّفاتهم ، انظر الترتيب التالي من ميراث مكتوب شيعة از سه قرن نخستين هجري ، ص٣٠٠ ، ٣٠٤ ، ٢٢٩ ـ ٢٣٠ ، ٣٤٥ ، ٤٥٤ ، ١٨٤ ـ ١٨٥ ، ٢٦٢ ، ٢٦٣ ، ١٩٦ ـ ٢٠١ ، ٣٦٨ ، ٣٧٠ ، ٤٢٧ ، ٤٢٨ ، ١٧١ ، ١٧٣ ، ٢٦٥ ، ٢٦٦ ، ٢٣٩ ، ٢٤١ ، ٤٢٣ ، ٤٢٥ ، فهرست أسماء مصنّفي الشيعة ص٤٠٨.

(٢) إنّ تدقيق وتطبيق سلسلة الأسانيد إذا تمّ من الراوي المتأخّر إلى الراوي المتقدّم فسيكون أكثر دقّة وأكثر نفعاً ، فإنّ تعيين سقطات الأسانيد والتصحيفات والاطّلاع الصحيح على التلميذ والأستاذ (المجاز والمجيز) في هذه الطريقة تكون أقوم وأضبط.

٧٦

شخصين :

ـ روى عن علي بن إبراهيم القمّي(١) (٤٣ رواية)(٢).

ـ وروى عن محمّد بن يحيى العطّار القمّي(٣) (٢٨ رواية)(٤).

وفي البين هناك رواية واحدة وهي رقم (٨٠) عند الكليني جاءت مشتركة بينهما وإنّ الكليني نقلها عنهما.

إضافة إلى ذلك فإنّ الكليني افتتح السلسة الروائية من روايات (المسائل) بهذا التعبير : «عدَّةٌ من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن عيسى»(٥) وبناءً على ما قاله هو فإنّ محمّد بن يحيى وعلي بن إبراهيم ذكرا أيضاً من زمرة هذه الـ (عدّة)(٦).

علي بن إبراهيم بن هاشم القمّي(٧) : الراوي لكتاب أبيه.

لقد روى علي بن إبراهيم جميع هذه الروايات عن أبيه إبراهيم بن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) انظر : فهرست أسماء مصنّفي الشيعة : ٢٦٠ ، الفهرست : ١٥٢ ـ ١٥٣.

(٢) بالترتيب التالي : ٥ ، ٩ ، ١٣ ، ١٤ ، ١٥ ، ١٩ ، ٢٠ ، ٢٣ ، ٢٨ ، ٢٩ ، ٣١ ، ٣٣ ، ٣٤ ، ٣٥ ، ٣٦ ، ٣٨ ، ٣٩ ، ٤١ ، ٤٣ ، ٤٤ ، ٤٥ ، ٤٨ ، ٤٩ ، ٥٨ ، ٦٠ ، ٦٢ ، ٦٥ ، ٦٦ ، ٦٧ ، ٦٩ ، ٧٠ ، ٧١ ، ٧٥ ، ٧٦ ، ٧٨ ، ٧٩ ، ٨٠ ، ٨٣ ، ٨٥ ، ٨٦ ، ٨٧ ، ٩١ ، ٩٣.

(٣) انظر : فهرست أسماء مصنّفي الشيعة : ٣٥٣.

(٤) بالترتيب التالي : ١ ، ٦ ، ١٢ ، ١٨ ، ٢٢ ، ٢٤ ، ٢٦ ، ٣٢ ، ٤٠ ، ٤٢ ، ٤٦ ، ٥٠ ، ٥١ ، ٥٤ ، ٥٥ ، ٥٦ ، ٦٣ ، ٦٤ ، ٦٨ ، ٧٢ ، ٧٣ ، ٧٤ ، ٧٧ ، ٨٠ ، ٨٤ ، ٨٩ ، ٩٠ ، ٩٢.

(٥) الرواية : ٨.

(٦) انظر : فهرست أسماء مصنّفي الشيعة : ٣٧٨ ،

(٧) انظر فهرست أسماء مصنّفي الشيعة ، ص٦ ، الفهرست ، ص٣٥ ، ٣٦.

٧٧

هاشم.

إذن يتبيّن لنا أنّ أباه ـ إبراهيم بن هاشم ـ كان أهمّ مصدر لعلي بن إبراهيم(١) في نقل روايات (المسائل) ، فإنّ إبراهيم بن هاشم هو الذي روى (٤٣) رواية وذلك من ستّة من الرواة على الأقل(٢) ؛ وإنّ رواية علي بن إبراهيم هذه تكشف لنا أنّه لم يكن راوياً لكتاب خاصّ ، بل أنّه إمّا كان راوياً لعدّة كتب كانت قد احتوت على روايات (مسائل) محمّد بن مسلم ، أو أنّه هو الذي كان قد جمع هذه الأحاديث بحيث أخذ هذه الروايات من الرواة أو من المؤلّفين وأدرجها في كتابه ، وأنّ أكثر هذه الروايات يرويها عن حمّاد بن عيسى(٣).

محمّد بن يحيى القمّي : الراوي لكتاب أحمد بن محمّد البرقي.

من مجموع (٢٨) رواية روى محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد [بن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) فمن أجل ذلك رأينا أنّ إبراهيم بن هاشم أفضل مصدر لابنه في نقل روايات (المسائل) ، وذلك لأنّ ابنه ليس هو فقط المصدر الوحيد ، إذ يبدو أنّ ابنه روى عدداً من روايات (المسائل) مع جماعة من الرواة عن أحمد بن محمّد بن عيسى. (أنظر هناك).

(٢) بالترتيب التالي : حمّاد بن عيسى (٩ ، ١٣ ، ١٤ ، ١٥ ، ٢٠ ، ٢٣ ، ٢٨ ، ٢٩ ، ٣٣ ، ٣٤ ، ٣٥ ، ٣٦ ، ٣٩ ، ٤١ ، ٤٣ ، ٤٤ ، ٤٩ ، ٦٠ ، ٦٦ ، ٦٩ ، ٧١ ، ٧٥ ، ٧٨ ، ٧٩ ، ٨٧ ، ٩٣) ، ابن أبي عمير (٥ ، ٣١ ، ٤٥ ، ٥٨ ، ٦٢) ، [وقد صحّف في سنده (ابن أبي عمير) إلى (ابن أبي نصر) ، قس : رواية ٥٨] ، ٦٥ ، ٦٧ ، و٧٠) ، الحسن بن محبوب (٧٦ ، ٨٠ ، ٨٣ ، ٨٦) ، الحسين بن سعيد (١٩) أحمد بن محمّد بن أبي نصر [البنزنطي ](٣٨ [وقد صحّف في سنده (عن) إلى (و)] ، ٥٣) محمّد بن جعفر (٨٥) ، بعض الأصحاب (٩١).

(٣) انظر لاحقاً.

٧٨

خالد البرقي](١) (٢١) رواية ، وعن أحمد بن محمّد بن عيسى [الأشعري](٢)أربع روايات(٣) ، وعن أحمد بن محمّد بن حسين [بن أبي الخطّاب؟](٤) ثلاث روايات(٥) ، وهؤلاء الثلاثة جاؤوا في عداد مؤلّفي الشيعة.

هذا وإنّ البرقي كان قد نقل هذه الروايات ـ ٢١ رواية ـ من ستّة أشخاص(٦) ، حيث يتبيّن من هذا أنّه لم يكن راو لكتاب خاصّ ؛ بل إنّه إمّا أن يكون راو لعدّة كتب كانت قد حوت روايات (مسائل) محمّد بن مسلم ، أو أنّه هو كذلك كان جامعاً لهذه الروايات وكان قد أخذها من رواة أو مؤلّفين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) انظر : فهرست أسماء مصنّفي الشيعة : ٧٦ ـ ٧٧ ؛ الفهرست : ٦٢ ـ ٦٤ ؛ البرقي أبو جعفر : ١٥٨ ـ ١٦٠ ؛ وفي شأن أبيه وبيته أنظر : البرقي أبو عبد الله : ١٦٠ ـ ١٦٢ ، ميراث فرهنگي شيعة در تاريخ محلّي وجغرافيا : ٣ ـ ٧.

(٢) انظر : فهرست أسماء مصنّفي الشيعة : ٨١ ـ ٨٣ ؛ الفهرست : ٦٨ ـ ٦٩. وقد تمّ نشر كتاب بإسم النوادر لأحمد بن محمّد بن عيسي وهو ليس له ، وإنّما في الأصل هو مجموعة من الأحاديث التي يبدو أنّ أكثرها كانت فصول متفرّقة في الكتب الثلاثين للحسين بن سعيد (لمزيد من الاطّلاع ، انظر : نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى أو كتاب الحيسن بن سعيد : ٢٣ ـ ٢٦ ، كذلك انظر : گفتگو با آيت الله سيد أحمد مددي ص٢٥٠ ـ ٢٥١. لم نعثر في هذا المتن المطبوع على أيّ رواية من الروايات الأربعة من (المسائل) التي جاءت في الكافي نقلا عن أحمد بن محمّد بن عيسى.

(٣) بالترتيب التالي : ١٨ ، ٣٢ ، ٨٠ ، ٨٩.

(٤) انظر : فهرست أسماء مصنّفي الشيعة : ٣٣٤ ، الفهرست : ٢١٥.

(٥) بالترتيب التالي : ٤٠ ، ٨٤ ، ٩٠.

(٦) بالترتيب التالي : الحسن بن محبوب (٦ ، ١٢ ، ٥٤ ، ٥٥ ، ٦٣ ، ٦٤ ، ٦٨ ، ٧٢ ، ٧٣) ، علي بن الحكم (٤٢ ، ٤٦ ، ٥٠ ، ٥١ ، ٥٦ ، ٧٤) ، حمّاد بن عيسى (٢٢ ، ٢٤ ، ٢٦) ، محمّد بن خالد البرقي ، أبوه (١) الحسن بن علي (٧٧) الحسين بن سعيد (٩٢) : كذلك انظر : (٧) الحسن بن محبوب.

٧٩

آخرين وأدرجها في كتابه ؛ وإنّ الرواية رقم (٧٢) بنفس السند والموجودة في محاسن البرقي(١) لهي خير شاهد على هذا الادّعاء.

إنّ هذه الروايات ـ ٢١ رواية ـ هي غير الروايتين اللتين يرويهما الكليني بواسطة جمع من مشايخه عن البرقي(٢) ؛ حيث يبدو أنّ علي بن إبراهيم ومحمّد بن يحيى أيضاً كانا بين هذا الجمع من مشايخه (٣).

عِدّة من الأصحاب : رواة كتاب سهل بن زياد الرازي.

لابدّ لنا من ضمّ راو أو مؤلّف آخر إلى إبراهيم بن هاشم وأحمد بن محمّد ، وهو سهل بن زياد الرازي(٤) الذي أبعده أحمد بن محمّد بن عيسى من قم إلى الريّ بتهمة الغلوّ والكذب(٥) ، فإنّ الكليني يروي عنه بواسطة (عدّة) من مشايخه (٦) ثمان روايات من روايات (المسائل)(٧) ، وقد روى منها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) المحاسن ٢ / ٤٥٤. كذلك لم نعثر على ثلاث روايات أخر من مسائل محمّد بن مسلم جاءت في المحاسن ١ / ٢٨٥ ، ٢ / ٤٥٤ ، ولم تكن موجودة في الكافي.

(٢) انظر : روايات ٢ و ٢٥.

(٣) انظر : خاتمة مستدرك الوسائل ٣ / ٥٩.

(٤) انظر : فهرست أسماء مصنّفي الشيعة : ١٨٥ ؛ الفهرست : ١٤٢.

(٥) فهرست أسماء مصنّفي الشيعة : ١٨٥.

(٦) ما عدا الرواية ٢٧ التي رواها الكليني عن طريق علي بن محمّد فقط ، وكان سهل بن زياد في طريق الشيخ الكليني في رواية كتاب النوادر (انظر : نفس المصدر).

(٧) بالترتيب التالي : ١٧ ، ٢٧ ، ٤٧ ، ٥٢ ، ٥٣ ، ٨٠ ، ٨٢ ، ٨٦. كذلك روى إبراهيم بن هاشم عن الحسن بن محبوب الروايات ٨٠ و٨٦ .

٨٠