تراثنا ـ العددان [ 125 و 126 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العددان [ 125 و 126 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ٠
ISBN: 1016-4030
الصفحات: ٥١٠

الكتاب إلى عمر بن سعد فليعرض على الحسين عليه‌السلام وأصحابه النزول على حكمي ، فإن فعلوا فليبعث بهم إليّ سلماً ، وإن هم أبوا فليقاتلهم ، فإن فعل فاسمع له وأطع ، وإن هو أبى فقاتلهم فأنت أمير الناس وثب عليه فاضرب عنقه وابعث إليّ برأسه»(١).

٢ ـ روايته موقف عمر بن سعد على أثر الرسالة المذكورة ، ومحاولة عمر توصيل رسالة لأمير الكوفة بموقفه المتشدّد اتجاه الحسين عليه‌السلام وأصحابه ، وتبديد مطامح الشمر الذي كان توّاقاً لاستلام قيادة الجيش ، قال : «وزحف عمر بن سعد نحوهم ثمّ نادى : يا زويد أدن رايتك ، قال : فأدناها ثمّ وضع سهمه في كبد قوسه ثمّ رمى فقال : اشهدوا أنّي أوّل من رمى»(٢).

٣ ـ روايته لمخطّط عبيد الله بن زياد في تشديد الحصار على الحسين عليه‌السلام بناءً على الرسالة التي بعثها إلى عمر بن سعد ، قال : «جاء من عبيد الله بن زياد كتاب إلى عمر بن سعد أمّا بعد فحل بين الحسين عليه‌السلام وأصحابه وبين الماء ولا يذوقوا منه قطرة(٣) ، ونلحظ من مضمون هذه الرسالة أنّ حميد كان حاضراً خلال هذا الوقت في كربلاء ، ومن المحتمل نزل مع شمر بن ذي الجوشن ، أو التحق به فيما بعد ، لكن مدلول الرواية توضّح تواجده مع اللحظات الحاسمة بعد وصول شمر بن ذي الجوشن.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تاريخ الرسل والملوك ٤/٣١٤ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٥/٥١ ـ ٥٢.

(٢) تاريخ الرسل والملوك ٤/٣٢٦ ، الإرشاد ٢/٢٨٨.

(٣) تاريخ الرسل والملوك ٤/٣١١ ، الإرشاد ٢/٨٦ ، مناقب آل أبي طالب ٣/٢٤٧.

٤٠١

وفي نصّ آخر ينفرد به حميد يذكر الإجراءات السريعة التي اتّخذها عمر بن سعد بعد وصول هذه الرسالة بإرسال عبد الله بن حصين الأزدي إلى معسكر الحسين عليه‌السلام ونادى بأعلى صوته : «يا حسين ألا تنظر إلى الماء كأنّه كبد السماء والله لا تذوق منه قطرة حتّى تموت عطشا. فقال الحسين : اللّهم اقتله عطشا ولا تغفر له أبداً. قال حميد بن مسلم : والله لعدته بعد ذلك في مرضه ، فوالله الذي لا إله إلاّ هو لقد رأيته يشرب حتّى بغر ، ثمّ يقيء ثمّ يعود فيشرب حتّى يبغر فما يروى ، فما زال ذلك دأبه حتّى لفظ غصّته يعني نفسه»(١).

٤ ـ روايته لمصارع بني هاشم في ساحة المعركة ، من خلال معاينته لمسيرة المعركة ، فقد نقل مشاهد حيّة انفرد بها عن غيره ، لكونه كان حاضراً لكلّ مشاهدها ، ونقل بعض التفاصيل التي كانت محلّ اعتماد من قبل مؤرّخي المقاتل ، فهو يحدّثنا مرّة عن مصرع عليّ بن الحسين الأكبر عليهما‌السلام : «قال : سماع أذني يومئذ من الحسين يقول : قتل الله قوماً قتلوك يا بني ما أجرأهم على الرحمان وعلى انتهاك حرمة الرسول ، على الدنيا بعدك العفاء. قال : وكأنّي أنظر إلى امرأة خرجت مسرعة كأنّها الشمس الطالعة تنادي يا أخيّاه ويا بن أخاه قال فسألت عنها فقيل : هذه زينب ابنة فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم فجاءت حتّى أكبّت عليه فجاءها الحسين ، فأخذ بيدها ، فردّها إلى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تاريخ الرسل والملوك ٤/٣١٢ ، الإرشاد ٢/٨٧ ، إعلام الورى بأعلام الهدى ١/٤٥ ، بحار الأنوار ٤٤/٣٨٩.

٤٠٢

الفسطاط ، وأقبل الحسين إلى ابنه وأقبل فتيانه إليه فقال : احملوا أخاكم فحملوه من مصرعه حتّى وضعوه بين يدي الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه»(١).

وروى كذلك مقتل القاسم ابن الإمام الحسن وعبد الله بن مسلم بن عقيل وعون وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب ومحمّد بن عبد الله بن جعفر ابن أبي طالب وعبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب وجعفر بن عقيل بن أبي طالب(٢).

٥ ـ روايته اللّحظات الأخيرة من حياة الإمام الحسين عليه‌السلام ، وفي نصّ مباشر ينقل لنا حميد بن مسلم الأحداث الجمّة التي مرّت بالإمام الحسين وقوّة العزيمة والإرادة والثبات على المبدأ فقال : «فو الله ما رأيت مكثوراً قط قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشاً ولا أمضى جناناً منه إن كانت الرجّالة لتشدّ عليه فيشدّ عليها بسيفه فتنكشف عن يمينه وشماله انكشاف المعزى إذا شدّ فيها الذئب»(٣).

وروى كذلك مصرع الحسين عليه‌السلام بتفاصيل دقيقة ، وخاصّة اللّحظات الأخيرة من حياته بعد سقوطه من ظهر فرسه ، ومن المحتمل وقوفه بجنب المقاتلة الذين شدّوا على الحسين ؛ بل وحتّى ينقل تفاصيل الكلام الذي جرى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تاريخ الرسل والملوك ٤/٣٤١.

(٢) تاريخ الرسل والملوك ٤/٣٤١ ـ ٣٤٣.

(٣) المصدر نفسه ٤/٣٤٥ ، الإرشاد ٢/١١١ ، روضة الواعظين ١/١٨٩.

٤٠٣

بين الحسين وهؤلاء ، ومن الأهمّية لذلك ذكر الأسماء التي اشتركت بمقتل الحسين كشمر بن ذي الجوشن ، وزرعة بن شريك ، وسنان بن أنس ، وغيرهم(١).

٦ ـ روايته للحوادث المتعلّقة ما بعد العاشر من المحرّم ، إذ نقل الحوار الذي جرى بين زيد بن أرقم وبين عبيد الله بن زياد ، عندما جيء برأس الحسين إلى مجلس عبيد الله بن زياد : «قال : دعاني عمر بن سعد فسرّحني إلى أهله لأبشّرهم بفتح الله عليه وبعافيته فأقبلت حتّى أتيت أهله فأعلمتهم ذلك ، ثمّ أقبلت حتّى أدخل ، فأجد ابن زياد قد جلس للناس وأجد الوفد قد قدموا عليه فأدخلهم وأذّن للنّاس فدخلت فيمن دخل ، فإذا رأس الحسين موضوع بين يديه ، وإذا هو ينكت بقضيب بين ثنيّتيه ساعة. فلمّا رآه زيد بن أرقم لا ينجم عن نكته بالقضيب قال له : أعل بهذا القضيب عن هاتين الثنيّتين ، فو الذي لا إله غيره لقد رأيت شفتي رسول الله(صلى الله عليه وآله) على هاتين الشفتين يقبّلهما ، ثمّ انفضح الشيخ يبكي ، فقال له ابن زياد : أبكى الله عينيك فوالله لولا أنّك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك»(٢).

وسجّل لنا كذلك خبر دخول السبايا أهل البيت عليهم‌السلام على مجلس عبيد الله ابن زياد وحواره مع الإمام عليّ بن الحسين قال : «إنّي لقائم عند ابن زياد حين عرض عليه عليّ بن الحسين فقال له : ما اسمك؟ قال : أنا عليّ بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تاريخ الرسل والملوك ٤/٣٤٦ ـ ٣٤٧.

(٢) المصدر نفسه ٤/٣٤٩.

٤٠٤

الحسين ، قال : أولم يقتل الله عليّ بن الحسين ؟...»(١).

٧ ـ ومن الروايات المهمّة التي نقلها حميد بن مسلم خطبة ابن زياد في جامع الكوفة بعد وفود السبايا ، والتي أعطت طابعاً مهمّاً جدّاً عن محاولة تغييب السلطة وتعتيمها الإعلامي حول ما جرى في واقعة كربلاء وإظهار دور المنتصر الذي لم يقف أمامه أيّاً كان ، حتّى وإن كان الحسين بن عليّ فهو يراه متمرّداً على السلطة الأموية ، قال : «لما دخل عبيد الله القصر ودخل الناس نودي الصلاة جامعة ، فاجتمع الناس في المسجد الأعظم ، فصعد المنبر ابن زياد فقال : الحمد الله الذي أظهر الحقّ وأهله ، ونصر أمير المؤمنين يزيد بن معاوية وحزبه ، وقتل الكذّاب بن الكذّاب الحسين بن علي وشيعته»(٢).

ودوّن لنا مواقف لبعض الشخصيّات الكوفية التي كانت في منتهى الشجاعة والبطولة ، لم تخش في الله لومة لائم ، في الوقت كانت السلطة الأموية في أشدّ قساوتها وما حدث للحسين اعتبرته درساً للآخرين ، لكنّ هذا لم يثنِ عبد الله بن عفيف الأزدي عن قول كلمة حقّ أمام سلطان جائر ، وكان من خيار الشيعة وزهّادها ، وكانت عينه اليسرى ذهبت في يوم الجمل والأخرى في يوم صفّين ، وكان يلازم المسجد الأعظم يصلّي فيه إلى اللّيل ثمّ ينصرف(٣) ، ويصوّر لنا حميد بن مسلم هذه اللحظات بأدقّ التفاصيل ، فلمّا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) المصدر نفسه ٤/٣٥٠.

(٢) المصدر نفسه ٤/٣٥٠.

(٣) المصدر نفسه ٤/٣٥٠.

٤٠٥

سمع مقالة ابن زياد وثب قائماً ثمّ قال : «يا بن مرجانة إنّ الكذّاب أنت وأبوك ، والذي ولاّك وأبوه ، يا بن مرجانة : أتقتلون أبناء النبيّين وتكلّمون بكلام الصدّيقين»(١) ، وكانت نهاية لهذا الموقف الكبير أن يأمر بقتله وصلبه(٢).

ثالثاً : من الرواة لثورة التوّابين :

يتكرّر ذكر حميد بن مسلم في نقل وقائع حركة التوّابين في سنة (٦٥هـ) التي قادها سليمان بن صرد الخزاعي ضدّ الحكم الأموي ثأراً لواقعة كربلاء ، وهذا ما نقله سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم قال : «والله إنّي لشاهد بهذا اليوم يوم ولّوا سليمان بن صرد وإنّا يومئذ لأكثر من مائة رجل من فرسان الشيعة ووجوههم في داره(٣) ، ونقل أبو مخنف كذلك عن حميد بن مسلم قوله : قلت لسليمان بن صرد إنّ المختار والله يثبّط الناس عنك إنّي كنت عنده أوّل ثلاث»(٤).

نقف على جملة أمور في هذا النصّ ، إذ لا يختلف كثيراً موقفه عن سابقه ، فعملية انضمامه إلى التوّابين لا يعني أصبح منهم ، ولا يمكن عداده من التوّابين المناهضين ، أو جزء من تحرّكاتهم ضدّ الأمويّين ، بل نراه يقف موقف المتفرّج الناقل للأحداث ليس إلاّ ، بل نرى من خلال كلامه مع سليمان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) المصدر نفسه ٤/٣٥٠.

(٢) المصدر نفسه ٤/٣٥٠.

(٣) المصدر نفسه ٤/٤٢٨.

(٤) المصدر نفسه ٤/٤٥٢.

٤٠٦

ابن صرد كان موقفه سلبيّاً اتّجاه دور المختار بن أبي عبيدة الثقفي الذي حاول جاهداً العمل على تنظيم المعارضة ضدّ الأمويّين ، تنظيم وإعداد عناصره إعداداً جيّداً بحيث يصبحون على قدر من النضج والوعي قبل القيام بأيّ نشاط علني ، ولا يكون عملية ردّ الفعل من قبل التوّابين دون دراسة مسبقة للظروف المحيطة بالثورة متّهماً إيّاهم بقصر النظر وعدم الكفاءة لقيادة الثورة الشيعية الهادفة إلى الانتقام من قتلة الحسين عليه‌السلام(١) ، لكنّ هذا لا يعني السعي بالشحناء وإيغال القلوب ، وهذا أمر كان في ذلك الوقت له نتائج مدمّرة سواء كان يشعر به فاعله أو لم يكن.

فهو مثلاً يشهد كربلاء ولا يقاتل في أيّ من الصفّين ولا يؤثر عنه فعل ، لا في هذا الجانب ولا في ذاك ، ثمّ يكون مع التوّابين الذين ثاروا ضدّ بني أميّة في إطار التكفير عن الذنب وقد اتّخذوا من الثأر للحسين عليه‌السلام شعاراً رئيسيّاً لها(٢) ، لكنّ هؤلاء لم تتح لهم فرصة القتال مع الحسين لأسباب كثيرة ، الاعتقال ، أو الإقامة الجبرية ، أو تطويق الكوفة من قبل شرطة ابن زياد ومنع الخروج منها ، بينما كان هذا الرجل موجوداً في ساحة المعركة ، وشهد تحوّل عدد من أنصار بني أميّة إلى المعسكر الحسيني فلم يكن هناك شيء ليمنعه لو كان صاحب موقف.

مع العلم من خلال نصوص الروايات التي وردت عنه تشير إلى تواجده

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) المصدر نفسه ٤/٤٤٩ ، التوّابون : ١١٩ ـ ١٢٠.

(٢) تاريخ الرسل والملوك ٤/٤٥٢.

٤٠٧

في المعركة الفاصلة بين التوّابين وجيش عبيد الله بن زياد في موقعة عين وردة سنة (٦٥هـ) ، لكن لم يشترك في المعركة ، بل لم يكن إلاّ مراسلاً حربيّاً لهذه المعركة ، ونلحظ هذا في أكثر من حادثة وحادثة ، فيقول : «لمّا قتل المسيّب بن نجبة(١) أخذ الراية عبدالله بن سعد بن نفيل»(٢)(٣) ، ونضيف إلى لائحة الروايات التي رواها الرجل على لسانه ربّما كانت تحتلّ مكاناً أبرز من النصّ السابق ويبيّن من خلاله موقفه من سير المعركة بعد أن وضعت أوزارها ، قال : «لمّا تهيّأنا للانصراف ـ بعد الواقعة ـ قام عبدالله بن غزية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) المسيّب بن نجبة بن ربيعة بن رباح بن عوف الفزاري الكوفي ، قال ابن سعد : في الطبقة الأولى من أهل الكوفة شهد القادسية وفتوح العراق وشهد مع الإمام عليّ مشاهده ، خرج مع سليمان بن صرد في طلب دم الحسين بن عليّ فقتلا سنة خمس وستّين في وقعة عين الوردة وبعث الحصين بن نمير برأس المسيّب بن نخبة مع أدهم بن محرز الباهلي إلى عبيد الله بن زياد وبعث به عبيد الله بن زياد إلى مروان بن الحكم فنصبه بدمشق.

ينظر : الطبقات الكبرى ٦/٢١٦ ، ١/١٣٩ ، رجال الطوسي : ٩٨ ، الثقات ٥/٤٣٧ ، تهذيب التهذيب ٨/١٨٥.

(٢) عبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي ، من جملة الذين تخلّفوا عن نصرة الإمام الحسين عليه‌السلام ، وبدءوا تحرّكهم ضدّ الأمويّين سنة إحدى وستّين وهي السنة التي قتل فيها الحسين عليه‌السلام فلم يزل القوم في جمع آلة الحرب والاستعداد للقتال ودعاء الناس في السرّ من الشيعة وغيرها إلى الطلب بدم الحسين فكان يجيبهم القوم بعد القوم والنفر بعد النفر فلم يزالوا كذلك حتّى ثاروا ضدّ الأمويّين واستشهد في وقعة عين الوردة في ربيع الآخر سنة خمس وستّين للهجرة.

ينظر : تاريخ الطبري ٣/٣٩٤ ، ٤١٨ ، الكامل في التاريخ ٤/١٢ ، البداية والنهاية ٨/٢٥٤.

(٣) تاريخ الرسل والملوك ٤/٤٦٦.

٤٠٨

ووقف على القتلى فقال : يرحمكم الله فقد صدقتم وصبرتم وكذّبنا وفررنا»(١).

يتكرّر الموقف السابق لحميد في هذه المعركة أيضاً ، إذ وقف موقف المتفرّج الناقل للحدث ليس إلاّ ، وهو يختلف بالتأكيد عن التضحية العظمى التي جعلت هؤلاء يتجاوزون حياتهم نحو الآخرين ومن أجل الآخرين.

رابعاً : من الرواة لثورة المختار بن أبي عبيدة الثقفي :

يتكرّر ذكره في نقل أخبار حركة المختار بن أبي عبيدة الثقفي في سنة (٦٦ هـ) بالضدّ من الحكم الأموي ، في الكوفة حتّى سنة (٦٧ هـ) ، كانت النهاية المأساوية للتوّابيين في هذه الحركة التي يمكن اعتبارها أوّل ثورة مناهضة للحكم الأموي في الكوفة بعد استشهاد الإمام الحسين ، ولا شكّ كانت هذه الثورة ردّة فعل على فاجعة كربلاء ، ومع كلّ ما كتب عن هذه الثورة ومصيرها ، لكن يبقى أن نقول إنّها سجّلت للتاريخ مواقف لا يمكن أن تمحى من البال ، ومع نهايتها المتوقّعة من قبل المختار والتي أعلن عنها في وقت سابق للمنضمّين لصفوف سليمان بن صرد الخزاعي ، ولم يكن كلامه عن هذا المصير لتثبيط المعنويات كما يتصوّر البعض(٢) ؛ لأنّ جميع محاولاته بالاتّصال بسليمان قد باءت بالفشل ، وكلّ من الطرفين كان له وجهة نظره الخاصّة من ناحية التنظيم والأداء واختيار الوقت المناسب ، حيث كان يرى سليمان بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) المصدر نفسه ٤/٤٧١.

(٢) التوّابون : ١١٩ ـ ١٢٠.

٤٠٩

صرد الخزاعي أنّ أوج الثورة والعمل المسلّح والإطاحة بقواعد الدولة الأموية في العراق قد وصل أعلى مراحله وخاصّة بعد السيطرة على الكوفة ، ولم يبق سوى عبيدالله بن زياد في الموصل حيث كانوا على استعداد للّقاء به ، أمّا بالنسبة للمختار كان يرى أنّ قواعد التنظيم بالنسبة للعمل العسكري لم تنتظم بعد وخاصّة أنّ عبيدالله بن زياد لم يزل يمتلك قوّة لا يستهان بها لذا آثر أن يغتنم وقتاً أكبر لأجل الوصول إلى نتائج مرضية والاستفادة من جميع القوى والفئات في الكوفة أو خارجها على أمل أن يحقّق نصراً يشلّ فيه أذناب الدولة الأموية في العراق ، وهذا ما شاهدناه فيما بعد من القضاء السريع على ثورة التوّابين ، لذا عمل المختار بخطّ آخر وأخذ يجمع حوله ما تمكّن من الأشخاص وكان انهيار ثورة التوّابين بالنسبة له أن ينفرد بالساحة الكوفية تحت لواء واحد ، ويصبح الزعيم المنتظر لشيعتها(١).

يكمن دور حميد بن مسلم خلال هذه المرحلة المهمّة بجوانب عدّة وخاصّة ، بعد إعلان المختار عن برنامجه الذي سيقوم به بعد سيطرته على مقاليد الأمور من خلال لقائه بشخصيّات الكوفة في سجنه ، فكان لا ينفكّ يردّد على مسامع زائريه أنّه لن يتخلّى مطلقاً عمّا سعى إليه وجاء من أجله ، أو يتوقّف لحظة عن السير في الاقتصاص ومعاقبة المسؤولين عن دم الحسين ، والمضيّ في ملاحقتهم أيّاً كانوا وفي أيّ أرض ذهبوا إليها ، وكانت هذه عصب دعوته الرئيسية ، وتردّدت على مسامع حميد بن مسلم توجّه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) المصدر نفسه : ١٢١.

٤١٠

المختار بعد لقائه فيه وجهاً لوجه فسمعه يقول : «أما وربّ البحار ، والنخيل والأشجار ، والمهامّة والقفار ، والملائكة الأبرار ، والمصطفين الأخيار ، لأقتلنّ كلّ جبّار بكلّ لدن خطّار ومهنّد بتّار في جموع من الأنصار ليسوا بميل أغمار ولا بعزل أشرار. حتّى إذا أقمت عمود الدين وزايلت شعب صدع المسلمين وشفيت غليل صدور المؤمنين وأدركت بثأر أولاد النبيّين ، لم يكبر عليّ زوال الدنيا ولم أحفل بالموت إذا أتى»(١) ، وهذه الكلمة أخذ يردّدها المختار مراراً وتكراراً ، وأشار إلى ذلك حميد بن مسلم فقال : «فكان إذا أتيناه وهو في السجن ردّد علينا هذا القول حتّى خرج منه قال وكان يتشجّع لأصحابه بعد ما خرج ابن صرد»(٢).

كانت زيارات حميد بن مسلم المتكرّرة للمختار في السجن قد لا تعطي موقفاً إيجابيّاً للرجل ؛ لأنّ المختار كان على علم بازدواجية شخصية حميد ودوره في واقعة كربلاء ، لكنّه لم يفصح عن ذلك لأنّه كان أحد المطلوبين له ، وإن لم يفصح له عن ذلك ؛ لأنّ موقفه بين أسوار السجن لم تسمح له بمحاولة استعداء الآخرين أو إثارتهم ضدّه ، وهو في هذا الموقف الذي لا يحسد عليه ، وقد علمنا موقف حميد السابق من إيغال قلوب التوّابين ضدّه.

الخطّ العام لمنهج ثورة المختار كان أمام أنظار حميد بن مسلم ولم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تاريخ الرسل والملوك ٤/٤٥٠.

(٢) المصدر نفسه ٤/٤٥١.

٤١١

يغب عنه للحظة ، لذلك حاول أن يجد سبيلاً بخروجه من هذا الشرك وإبعاد كلّ التهم عنه من خلال الانضمام ولو الشكلي لهذه الثورة وتأييدها المعلن والاشتراك بكافّة المخطّطات التي هيّأت لها.

فمع اللحظات الأولى لها ، نجده ينضمّ إلى صفوفها مع إبراهيم بن مالك الأشتر ، الذي تربطه علاقة الصداقة ، إذ يروي أبو مخنف عن يحيى بن أبي عيسى الأزدي هذه التحوّل في الموقف ويصف برواية مهمّة جدّاً الاندماج الفعلي لحميد مع هذه الثورة من خلال اللقاءات المستمرّة التي كان يعقدها المختار مع إبراهيم بن مالك الأشتر الذي كان يصطحبه معه في هذه الاجتماعات السرّية ، قال : «كان حميد بن مسلم الأسدي صديقاً لإبراهيم بن الأشتر وكان يختلف إليه ويذهب به معه وكان إبراهيم يروح في كلّ عشية عند المساء فيأتي المختار فيمكث عنده حتّى تصوب النجوم ثمّ ينصرف فمكثوا بذلك يدبّرون أمورهم حتّى اجتمع رأيهم على أن يخرجوا ليلة الخميس لأربع عشرة من ربيع الأوّل سنة (٦٦هـ) ووطّن على ذلك شيعتهم ومن أجابهم»(١).

يأتي الدور الذي أسهم فيه حميد بن مسلم خلال هذه الثورة راوياً لبعض أحداثها ومساهماً فعليّاً مع قادتها في القتال ، ونقف على ذلك في أكثر من نصّ ونصّ ويمكن الاستشهاد بجملة من هذه الروايات التي توقفنا على حال هذا الرجل ضمن هذه المرحلة وهي :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) المصدر نفسه ٤/٤٩٦.

٤١٢

١ ـ كان مع التحرّك الأوّل لتنفيذ المهمّات التي اتّفق عليها لهذه الثورة في ليلة الخميس لأربع عشرة من ربيع الأوّل سنة (٦٦هـ)(١) ، بقيادة إبراهيم ابن مالك الأشتر ، والتي كانت مهمّتها الأولى بتصفية وملاحقة كلّ من توجّه أصابع الاتّهام ضدّه ، أو يكون موقفه سلبيّاً اتّجاه ما يحدث من تغيير أوضاع داخل الكوفة.

٢ ـ روايته لتحرّكات إبراهيم بن مالك الأشتر ، ويروي كذلك في نفس الوقت دوره في الكتائب العسكرية التي قادها إبراهيم(٢) ، وقد صوّر ذلك من خلال نصّ أورده أوضح فيه قال : «خرجت مع إبراهيم من منزله بعد المغرب ليلة الثلاثاء حتّى مررنا بدار عمر بن حريث ونحن مع ابن الأشتر كتيبة نحو من مائة علينا الدروع قد كفرنا عليها بالأقبية ونحن متقلّدو السيوف ليس معنا سلاح إلاّ السيوف في عواتقنا والدروع قد سترناها بأقبيتنا...»(٣).

٣ ـ يروي دور المختار العسكري في مواجهة وقتال الكثير من القيادات الكوفية التي شاركت في قتال الحسين ، في مواقع عدّة داخل الكوفة وخارجها(٤) ، ونلمح من خلالها أنّه كان حاضر في بعضها ، بل كان له دور يذكر له خلال هذه المداهمات والمواجهات ، سجّلها ببيت من الشعر قال فيه دفاعاً عن عبد الرحمن بن عفيف الأزدي الذي سقط جريحاً في هذه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) المصدر نفسه ٤/٤٩٦.

(٢) المصدر نفسه ٤/٤٩٧ ـ ٤٩٩.

(٣) المصدر نفسه ٤/٤٩٧.

(٤) المصدر نفسه ٤/٤٩٩ ـ ٥٠٠.

٤١٣

المواجهات بقوله :

لأضربنَّ عن أبي حكيم

مفارق الأعبد والصميم(١)

وبعد أن استتبّت الأمور إلى المختار أخذ يتقصّى ويبحث ويطلب كلّ من له يد من قريب أو بعيد ، في الخروج لقتال الحسين ، وعلى الرغم من انحياز حميد إلى المختار لكن هذا الأمر لم ينفع في تبرئته من إثم المشاركة في كربلاء ، ولذا طلبه المختار فيمن طلب ، ونقل أبو مخنف عن سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم قال : «جاءنا السائب بن مالك الأشعري في خيل المختار فخرجت نحو عبد القيس وخرج عبد الله وعبد الرحمن ابنا صلخب في أثري وشغلوا بالاحتباس عليهما عنّي فنجوت وأخذوهما ثمّ مضوا بهما حتّى مرّوا على منزل رجل يقال له عبد الله بن وهب ابن عمرو ابن عمّ أعشى همدان من بني عبد فأخذوه فانتهوا بهم إلى المختار فأمر بهم فقتلوا في السوق فهؤلاء ثلاثة فقال حميد بن مسلم في ذلك حيث نجا منهم :

ألم ترني على دهش

نجوت ولم أكد أنجو

رجـاء الله أنقذنـي

ولم أك غيره أرجو (٢)

لم نقف بعد ذلك على أيّ شيء من تفاصيل حياته بعد هروبه من المختار ، ومن المحتمل أنّه آثر التخفّي خشية تعرّضه للقتل ، لكن من خلال تتبّعنا نقف على رواية يذكرها الطبري تشير إلى بقائه إلى أيّام سيطرة عبد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) المصدر نفسه ٤/٥٢٤.

(٢) المصدر نفسه ٤/٥٣٠.

٤١٤

الملك بن مروان على الحكم بعد ما قتل المختار على يد أتباع مصعب بن الزبير ، وهُزم آل الزبير بيد أتباع الأمويّين. حيث نلاحظ له قصيدة رثاء في حقّ عبد الرحمن بن مخنف (الأزدي) الذي قتل ـ وهو من قادة الحجّاج الثقفي ـ في معركة مع الخوارج في حوالي سنة ٧٥ هـ قال فيها :

إن يقتلوك أبا حكيم غدرة

فلقد تشدّ وتقتل الأبطالا

أو يثكلونا سيّداً لمسوّد

سمح الخليقة ماجداً مفضالا

فلمثل قتلك هدّ قومك كلّهم

من كان يحمل عنهم الأثقالا

من كان يكشف غرمهم وقتالهم

يوماً إذا كان القتال نزالا

أقسمت ما نيلت مقاتل نفسه

حتّى تدرّع من دم سربالا

وتناجز الأبطال تحت لوائه

بالمشرفية في الأكفِّ نصالا

يوماً طويلاً ثمّ آخر ليلهم

حين استبانوا في السماء هلالا

وتكشّفت عنه الصفوف وخيله

فهناك نالته الرماح فمالا

وبعد هذه الأحداث لم يعرف خبره.

نتيجة البحث :

من خلال ما تقدّم يمكن أن نلحظ أنّ محور هذه الشخصية قد لا تخرج عن نطاق نقل الأحداث وهو ما نطلق عليه اليوم المراسل الحربي أو الصحفي سواء كان في واقعة كربلاء أو بعدها في ثورة التوّابين ، أو ثورة المختار ، في حين نجد أنّ هناك عدّة نصوص تاريخية قد تخرج هذه

٤١٥

الشخصية من هذا النطاق المبني عليه ، إذ نجد اسمه في كثير من الأحداث السياسية التي جرت خلال عصره ، إن لم يكن طرفاً مؤثّراً في أحداثها ، نجده طرفاً معنيّاً يشار له ، من جانب آخر حاول حميد بن مسلم من خلال بعض مرويّاته التي ذكرتها المصادر وبالأخصّ الطبري ، نراه يقف موقفاً حياديّاً ، أو يبعد نفسه عن كلّ شبهة قد تلصق له من قبل المؤرّخين ، بل نجده يبرّر ، أو يرفض بعض الأعمال التي انتهجها البعض خلال مسيرة المعركة ، محاولاً تسجيل لنفسه مواقف إيجابيه اتّجاه ما جرى في هذه الواقعة ، لكن هذا لا يعفيه عن دوره التاريخي السلبي اتّجاه هذه الأحداث ، وحتّى عملية انضمامه إلى التوّابين لا يمكن عداده من التوّابين المناهضين ، أو جزء من تحرّكاتهم ضدّ الأمويّين ، بل نراه يقف موقف المتفرّج الناقل للأحداث ليس إلاّ ، وعلى الرغم من انحياز حميد إلى المختار لكنّ هذا الأمر لم ينفع في تبرئته من إثم المشاركة في كربلاء ، أن تغاضى عنه لبرهة من الوقت ، لكن أصبح فيما بعد من المطلوبين الأمر الذي دعاه إلى الهروب من الكوفة والتخفّي خشية الملاحقة والقتل.

وختاماً مقولة الإمام الحسين عليه‌السلام شخّصت مصير الرجل بقوله : «فو الذي نفس الحسين بيده لا يسمع اليوم واعيتنا أحد فلا يعيننا إلاّ كبّه الله لوجهه في جهنّم»(١).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) أمالي الصدوق : ١٣٧ ، تاريخ الطبري ٤/٣٠٨ ، ينابيع المودّة لذوي القربى ٣/٦٣.

٤١٦

المصادر

١ ـ الإرشاد : المفيد ، محمّد بن النعمان (ت ٤١٣ هـ) ، تحقيق مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ، ط٢.

٢ ـ إعلام الورى بأعلام الهدى : الطبرسي ، الفضل بن الحسن بن الفضل (ت٥٤٨ هـ) ، تحقيق مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ، (قم : مطبعة ستارة ، ١٤١٧ هـ).

٣ ـ الأخبار الطوال : الدنيوري ، أحمد بن داود (ت ٢٨٢هـ) ، تحقيق : عبد المنعم عامر ، (القاهرة : دار إحياء الكتب العربي ،١٩٦٠م).

٤ ـ الأمالي : الصدوق ، أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي (ت ٣٨١هـ) ، (قم ، المكتبة الإسلامية ، ١٤٠٤هـ).

٥ ـ بحار الأنوار : المجلسي ، محمّد باقر (١١١١ هـ) ، (بيروت : مؤسّسة الوفاء ، ١٤٠٤هـ).

٦ ـ البداية والنهاية : ابن كثير ، أبو الفداء إسماعيل بن عمر (ت٧٧٤هـ) ، (بيروت : مكتبة المعارف ، د.ت).

٧ ـ تاريخ الرسل والملوك : الطبري ، أبو جعفر محمّد بن جرير (ت٣١٠هـ) ، (بيروت : دار الكتب العلمية ، د. ت).

٨ ـ التاريخ الكبير : البخاري ، أبو عبدالله محمّد بن إسماعيل (ت٢٥٦هـ) ، تحقيق السيد هاشم الندوي ، (بيروت : دار الفكر.د. ت).

٤١٧

٩ ـ تاريخ مدينة دمشق : ابن عساكر ، علي بن الحسن (ت٥٧١ هـ) ، تحقيق علي شيري ، ط١ ، (بيروت : ، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ،١٤١٥هـ).

١٠ ـ التوّابون : بيضون ، إبراهيم ، (بيروت : بلا. د.ت).

١١ ـ تهذيب التهذيب : ابن حجر ، أحمد بن علي العسقلاني (ت٨٥٢هـ) ، (بيروت : دار الفكر ، ١٤٠٥هـ).

١٢ ـ الثقات : ابن حبّان ، محمّد بن حبّان بن أحمد التميمي (ت٣٥٤ هـ) ، تحقيق شرف الدين أحمد ، (بيروت : دار الفكر ،١٩٧٥م).

١٣ ـ الجرح والتعديل : ابن أبي حاتم ، عبد الرحمن التميمي (ت ٣٢٧ هـ) ، ط١ ، (بيروت : دار إحياء التراث العربي ،١٢٧١هـ).

١٤ ـ الرجال : أبو جعفر محمّد بن الحسن (ت٤٦٠هـ) ، تحقيق جواد القيّومي ومؤسّسة النشر الإسلامي ، (قم : مؤسّسة النشر الإسلامي ، ١٤١٥هـ).

١٥ ـ روضة الواعظين : ابن الفتّال النيسابوري ، محمّد (ت٥٠٨هـ) ، تحقيق محمّد مهدي الخرسان ، (قم : منشورات الرضي ، د. ت).

١٦ ـ الطبقات الكبرى : ابن سعد ، محمّد بن منيع البصري (ت٢٣٠هـ) ، (بيروت : دار صادر ، د. ت).

١٧ ـ الكامل في التاريخ : ابن الأثير ، أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمّد (ت ٦٣٠هـ) ، تحقيق عبد الله القاضي ، ط٢ ، (بيروت : دار الكتب العلمية ، ١٤١٥هـ).

١٨ ـ لسان الميزان : ابن حجر ، أحمد بن علي العسقلاني (ت٨٥٢هـ) ، (بيروت : مؤسّسة الأعلمي ، ١٤٠٦هـ).

١٩ ـ اللهوف : ابن طاووس ، عليّ بن موسى (ت٦٦٤ هـ) ، (طهران : دار العالم ، ١١٣٤٨هـ).

٤١٨

٢٠ ـ مثير الأحزان : ابن نما الحلّي ، جعفر بن محمّد (ت٦٤٥هـ) ، (قم : مدرسة الإمام المهدي ، ١٤٠٩هـ).

٢١ ـ مناقب آل أبي طالب : ابن شهرآشوب ، رشيد الدين محمّد بن علي (ت٥٨٨هـ) ، تحقيق لجنة أساتذة النجف الأشرف ، (النجف الأشرف : المطبعة الحيدرية ، ١٣٧٦ هـ).

٢٢ ـ ميزان الاعتدال في نقد الرجال : الذهبي ، شمس الدين محمّد بن أحمد (ت ٧٤٨هـ) ، تحقيق الشيخ علي محمّد معوض ، والشيخ عادل أحمد ، (بيروت : دار الكتب العلمية ، ١٩٩٥م).

٢٣ ـ ينابيع المودّة لذوي القربى : القندوزي ، سليمان بن إبراهيم (ت١٢٩٤هـ) ، تحقيق علي جمال أشرف الحسيني ، (قم : دار الأسوة ،١٤١٣هـ).

٤١٩

فهرس النصوص المحقّقة في مجلّة تراثنا

(من العدد ١ ـ إلى العدد ١١٠)

حيدر كاظم الجبوري

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على خيرة خلق الله محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.

وبعد :

لمّا تطوّر علم التحقيق ، ومرّ بمراحل مختلفة ، حيث تعدّدت مناهجه ، وتشعّبت مدارسه ، وتأسّست له المراكز والمؤسّسات المختصّة ، وعقدت الندوات والمؤتمرات المحلّية والعالمية ، وكتبت البحوث والدراسات العلمية في شأنه ، حتّى صار محطّ أنظار العلماء والمحقّقين والباحثين ، وكتبت الفهارس والمعاجم التي تحصي وتأرشف لما حقّق ونشر من التراث المخطوط ، وكان من بين هذه المؤسّسات والمراكز مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ، التي كان لها الدور الكبير في نشر التراث الإسلامي العظيم ، وخرّجت الكثير من الأساتذة من خلال الدورات التعليمية التي تخصّ تحقيق

٤٢٠