تراثنا ـ العددان [ 125 و 126 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العددان [ 125 و 126 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ٠
ISBN: 1016-4030
الصفحات: ٥١٠

٧٠ ـ ج٦ ، ص٢٣٤ :

علي بن إبراهيم > أبيه > ابن أبي عمير > عمر بن أذينة > محمّد بن مسلم > أحدهما عليهما‌السلام.

٧١ ـ ج٦ ، ص٢٣٧ :

علي بن إبراهيم > أبيه > حمّاد > الحلبي > حريز > محمّد بن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

٧٢ ـ ج٦ ، ص٢٦٤ :

محمّد بن يحيى > أحمد بن محمّد > ابن محبوب > علاء بن رزين > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٧٣ ـ ج٦ ، ص٤٥٨ :

محمّد بن يحيى > أحمد بن محمّد > ابن محبوب > علاء بن رزين >محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٧٤ ـ ج٦ ، ص٤٧٥ :

محمّد بن يحيى > أحمد بن محمّد > علي بن الحكم > علاء > محمّد بن مسلم > أبا عبدالله عليه‌السلام.

٧٥ ـ ج٦ ، ص٥٠٢ :

علي بن إبراهيم > أبيه > حمّاد بن عيسى > رِبعي بن عبدالله > محمّد ابن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

١٠١

٧٦ ـ ج٦ ، ص٥٥٣ :

عنه ( = علي بن إبراهيم) > أبيه > ابن محبوب > علاء بن رزين > محمّد ابن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

٧٧ ـ ج٧ ، ص١٠ :

محمّد بن يحيى > أحمد بن محمّد > حسن بن علي > عبد الله بن بكير > محمّد بن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

٧٨ ـ ج٧ ، ص١٤ :

علي بن إبراهيم > أبيه > حمّاد بن عيسى > حريز > محمّد بن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

٧٩ ـ ج٧ ، ص١٢٠ :

علي بن إبراهيم > أبيه > حمّاد > حريز > محمّد بن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

٨٠ ـ ج٧ ، ص١٥٠ :

أحمد بن محمّد بن عيسى ، (أيضاً : علي بن إبراهيم > أبيه) > ابن محبوب > علاء بن رزين > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٨١ ـ ج٧ ، ص١٥٣ :

ابن محبوب > علاء بن رزين > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٨٢ ـ ج٧ ، ص١٦٠ :

عدّة من أصحابنا > سهل بن زياد > عبدالرحمن بن أبي نجران > مثنّى الحنّاط > محمّد بن مسلم > أبا عبدالله عليه‌السلام

١٠٢

٨٣ ـ ج٧ ، ص٢١٢ :

علي بن إبراهيم > أبيه > ابن محبوب > علاء بن رزين > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٨٤ ـ ج٧ ، ص٢٣٣ :

محمّد بن يحيى > محمّد بن الحسين > بعض الأصحاب > علاء بن رزين > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٨٥ ـ ج٧ ، ص٢٤٣ :

علي بن إبراهيم > أبيه > محمّد بن جعفر > أبي حبيب > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٨٦ ـ ج٧ ، ص٢٥٦ :

علي بن إبراهيم > أبيه ، (أيضاً : عدّة من أصحابنا > سهل بن زياد) >ابن محبوب > علاء بن رزين > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٨٧ ـ ج٧ ، ص٢٧٢ :

علي بن إبراهيم > أبيه ، (أيضاً : محمّد بن إسماعيل > فضل بن شاذان) >حمّاد بن عيسى > ربعي بن عبدالله > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٨٨ ـ ج٧ ، ص٣٠٨ :

ابن محبوب > أبي أيّوب > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

١٠٣

٨٩ ـ ج٧ ، ص٣٤٥ :

محمّد بن يحيى > أحمد بن محمّد بن عيسى > ابن محبوب > أبي أيّوب الخزاز > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٩٠ ـ ج٧ ، ص٣٨٢ :

محمّد بن يحيى > محمّد بن حسين > محمّد بن عبدالله بن هلال >علاء بن رزين > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٩١ ـ ج٧ ، ص٤١٧ :

علي بن إبراهيم > أبيه > بعض الأصحاب > عاصم بن حميد >محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٩٢ ـ ج٧ ، ص٤٤٦ :

محمّد بن يحيى > أحمد بن محمّد > حسين بن سعيد > فضالة بن أيّوب > قاسم بن بريد > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٩٣ ـ ج٧ ، ص٤٥٨ :

علي بن إبراهيم > أبيه > حمّاد > حريز > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

١٠٤

المصادر

١ ـ الاستبصار : لمحمّد بن حسن الطوسي ، تحقيق : السيّد حسن الموسوي الخرسان ، طهران ١٣٦٣ هـ. ش.

٢ ـ الإيضاح : للقاضي النعمان محمّد بن حيّون المغربي ، تحقيق : محمّد كاظم رحمتي ، ميراث حديث شيعة ، إعداد : مهدي مهريزي ـ علي صدرائي خويى ، دفتر دهم ، قم ، ١٣٨٢هـ. ش.

٣ ـ باز شناسي منابع أصلي رجال شيعة : لمحمّد كاظم رحمان ستايش ـ محمّد رضا جديدى نژاد ، قم ١٣٨٤هـ. ش.

٤ ـ البرقي أبو جعفر : للسيّد محمّد جواد الشبيري (دانش نامة جهان اسلام جلد سوم) (دائرة المعارف الإسلامية ، المجلّد الثالث) ، بإشراف : غلام علي حدّاد عادل ، طهران ١٣٧٨هـ. ش.

٥ ـ البرقي أبو عبد الله : للحسن الطارمي ، المصدر السابق.

٦ ـ تهذيب الأحكام : لمحمّد بن حسن الطوسي ، تحقيق : السيّد حسن الموسوي الخرسان ، طهران ، ١٣٦٥هـ. ش.

٧ ـ جوامع حديث شيعة وبحار الأنوار : لمحمّد كاظم رحمان شتايش (في المجلّد الأوّل من ذكرى العلاّمة المجلسي) ، تحقيق : مهدي مهريزي ـ هادي ربّاني ، تهران ١٣٧٩هـ. ش.

١٠٥

٨ ـ خاتمة مستدرك الوسائل : للميرزا حسين النوري الطبرسي ، تحقيق : مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ، قم ، ١٤١٥ق.

٩ ـ درنگي در منابع مكتوب الإيضاح : للسيّد محمّد العمادي الحائري (بازسازي متون كهن حديث شيعة : روش تحليل ، نمونه) ، تأليف : السيّد محمّد العمادي الحائري ، طهران ، مكتبة متحف مجلس الشورى الإسلامي.

١٠ ـ فهرستي تازه از ميراث مكتوب شيعة : للسيّد محمّد العمادي الحائري (آينة پژوهش ، س١٦ ، العدد ٢ ، متوالياً ٩٢ ، خرداد ـ تير ، ١٣٨٤هـ. ش).

١١ ـ الفهرست : لمحمّد بن حسن الطوسي ، تحقيق : جواد قيّومي ، قم ، ١٤٢٢هـ.

١٢ ـ فهرست أسماء مصنّفي الشيعة (رجال النجاشي) : لأحمد بن علي النجاشي ، تحقيق : السيّد موسى الشبيري الزنجاني ، قم ، ١٤٢٤هـ.

١٣ ـ الكافي : لمحمّد بن يعقوب الكليني ، تحقيق : علي أكبر الغفّاري ، طهران ، ١٣٨٨هـ ـ ١٣٨٩هـ.

١٤ ـ كتاب مسائل الإمام أحمد : أبو داود سليمان بن أشعث السجستاني ، تحقيق : محمّد بهجة البيطار ، مع مقدّمة للسيّد محمّد رشيد رضا ، ١٣٥٣هـ.

١٥ ـ كتب مسائل در نگارش حديثي : لإحسان سرخه اى (علوم حديث ، س ١٠ ، العدد ٣ ـ ٤ ، متوالياً ٣٧ ـ ٣٨ ، پاييز ـ زمستان ، ١٣٨٤هـ. ش).

١٦ ـ گفتگو با آية الله سيّد أحمد مددي (ذكرى العلاّمة المجلسي) : تحقيق : مهدي مهريزي ـ هادي ربّاني ، المجلّد الثالث ، طهران ، ١٣٨٤هـ ش.

١٧ ـ المحاسن : لأحمد بن محمّد بن خالد البرقي ، تحقيق : سيّد جلال الدين المحدّث ، طهران ، ١٣٧١هـ.

١٠٦

١٨ ـ مشيخة تهذيب الأحكام : لمحمّد بن الحسن الطوسي ، في نهاية المجلّد العاشر من تهذيب الأحكام.

١٩ ـ من لا يحضره الفقيه : لمحمّد بن علي بن بابويه القمّي (الصدوق) ، تحقيق : علي أكبر الغفّاري ، قم ، ١٤٠٤هـ.

٢٠ ـ ميراث فرهنگي شيعة در تاريخ محلّي وجغرافيا : رسول جعفريان ، (آينة پژوهش ، س ٨ ، العدد١ ، متوالياً ٤٣ ، فروردين ـ ارديبهشت) ١٣٧٦هـ. ش.

٢١ ـ ميراث مكتوب شيعة از سه قرن نخستين هجري : للسيّد حسين المدرّسي الطباطبائي ، ترجمة : سيّد علي قرائي ـ رسول جعفريان ، ١٣٨٣هـ. ش.

٢٢ ـ النوادر : [المنسوب لـ] أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري ، تحقيق : سيّد محمّد باقر الموحّد الأبطحي ، قم ، ١٤٠٨هـ.

٢٣ ـ نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى (أو كتاب الحسين بن سعيد) : للسيّد محمّد جواد الشبيري ، (آينه پژوهش ، س ٨ ، العدد ٤ ، متوالياً ٤٦ ، مهر ـ آبان ، ١٣٧٦هـ. ش).

١٠٧

الأستاذ الشيخ محمود أبو ريّة

دراسة في منهجه ودفاعه عن السنّة المحمديّة والعترة النبوية

أحمد رضا مرادي

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدّمة :

الحَمد لله على ما عرّفنا من نفسه ، وألهمنا من شكره ، وفتح لنا من أبواب العلم بربوبيّته ، ودلّنا عليه من الإخلاص له في توحيده ، وجنّبنا من الإلحاد والشكّ في أمره (١).

والصلاة على خاتم الأنبياء وسيّد الأصفياء محمّد وآله (٢) الفائزين بخلوص الانتماء ووجوب الاقتداء ما أظلّت الزرقاء وأقلّت الغبراء صلاة باقية إلى يوم البعث والجزاء.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الصحيفة السجّادية : الدعاء الأوّل.

(٢) عَنِ النَّبِيِّ(صلى الله عليه وآله) أَنَّهُ قَالَ : لا تُفَرِّقُوا بَيْنِي وَبَيْنَ آلِي بـ : (على). مستدرك الوسائل ج٥ :ص٣٥٦.

١٠٨

ممّا لا يكاد يختلف فيه إثنان ولا يحتاج إلى إثباته بالبرهان هو أنّ السنّة المحمّدية ـ منذ بداية الدعوة الإسلامية ومنذ نزول الوحي وحتّى يومنا هذا ـ تعتبر في الدرجة الثانية بعد القرآن الكريم ؛ وذلك لأنّه لا ريب في حجّيتها لقوله تعالى : (يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأمْرِ مِنكُمْ فَإِنْ تَنزَعْتُمْ فِي شَيء فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ)(١) ؛ فالردّ إلى الله هو الأخذ بمحكم كتابه والردّ إلى الرسول هو الأخذ بسنّته الجامعة غير المفرّقة(٢).

وأمّا الفرق في حجّيّة القرآن والسنّة هو أنّ القرآن قد جاء من طريق التواتر بحيث لا يعتريه ريب فهو من أجل ذلك مقطوع به جملةً وتفصيلا أمّا السنّة فقد جاءت من طريق الآحاد فهي مظنونة في تفصيلها وإن كانت مقطوعةً بجملتها ، فالقرآن مثلا لم يذكر تفاصيل الصلاة والزكاة وهما من أهمّ أركان الإسلام بل اكتفى بمثل قوله (أَقيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاة)(٣) لكنّ الحديث فصّل أوقات الصلاة وكيفيّاتها ، وهذان أمران من بين مئات الأوامر التي تناولتها أفعال الرسول وأقواله ، ولذلك كان الفرض على رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يبيّن للناس أحكام الشريعة وما اختلف منها وتشابه عليهم لأن يتفكّروا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) سورة النساء : ٥٩

(٢) من كتاب كتَبَه الإمام عليٌّ عليه السلام للأشْتَر النَّخَعىّ لمَّا ولاّه على مصر وأعمالها ، حين اضطرب أمر أميرها محمَّد بن أبي بكر ؛ وهو أطوَلُ عهْد كتَبَه وأجمعه للمحاسن. نهج البلاغة كتاب٥٣ ، قال العلاّمة المجلسي : لعلّ المراد بالجامعة غير المفرّقة المتواترة ؛ وقيل : أي يصير نيّاتهم بالأخذ بالسنة واحدة. بحار الأنوار ج٢ ص٢٤.

(٣) البقرة :٢ : ٤٣

١٠٩

ويتّخذوا سبيلا إلى فهم مقاصدها وسمّى ذلك السنّة وجعل الله ذلك غاية إنزال القرآن عليه(١).

وللسنّة المحمدية ـ وهي ما حكي عن النبيّ من قول أو فعل أو تقرير ـ من جلال القدر وعلوّ الشأن ورفيع الذكر ما يدعو المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها إلى العناية البالغة بها والبحث الدقيق عنها حتّى يؤخذ بما فيها من دين وأخلاق وحكم وآداب وغير ذلك ممّا ينفعهم في دنياهم وآخرتهم ؛ ولمّا توفّي النبيّ(صلى الله عليه وآله) وقصد الناس سماع حديثه هنا تشتّت الأمر بين الصحابة ، ولم يمتثل أمر رسول الله في تبليغ رسالاته(٢) ؛ وذلك أنّ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) يدلّنا على ذلك آيتان من كتاب الله :

(وَأَنْزَلْنا اِلَيْك الذِّكرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكرُون). النحل : ١٦ : ٤٤.

(وَما أَنْزَلْنا عَلَيْك الْكتابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْم يُؤْمِنُون). النحل : ١٦ : ٦٤.

(٢) قال عمر لابن عبّاس : إنّ رسول الله أراد أمراً وأراد الله غيره ، فنفذ مرادُ الله تعالى ولم ينفذ مرادُ رسوله ، أوَكلّما أراد رسولُ الله كان؟! (شرح الحديدي ، ج١٢ ص ٧٩ ، نكت من كلام عمر وسيرته).

وكان ذلك حتّى أمر عمر بن عبد العزيز بتدوين الحديث ، قال يونس بن عبيد سألت الحسن [البصري] قلت : يا أبا سعيد إنّك تقول قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وإنّك لم تدركه؟ فقال يا ابن أخي : لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك ولولا منزلتك منّي ما أخبرتك ، إنّي في زمان كما ترى ـ وكان في زمن الحجّاج ـ كلّ شيء سمعتني أقوله قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فهو عن عليّ بن أبي طالب ، غير أنّي في زمان لا أستطيع أن أذكر عليّاً (تهذيب الكمال ، ج٦ ص١٢٤) ؛ والحسن البصري هذا هو الذي شبّهوه بعمر بن الخطّاب في المهابة ومع ذلك يخاف أن يذكر عليّاً. (محو السنة ، ص٩٢).

١١٠

أصحابه ـ وهم الرعيل الأوّل من حملة الحديث ـ نَهوا عن كتابة حديثه واختلقوا أحاديث بأنّ النبيّ نهى أن تصبح كتابة حديثه عامّةً(١) ، وقد بذلوا في هذا السبيل أقصى جهدهم وغاية سعيهم وإن لم يكن لأصحابه إجماع على هذا الأمر(٢) ، ولمّا رأى بعض الصحابة أنّهم لا يستطيعون أن يرووا ما سمعوه من النبي على حقيقة لفظه ـ وقد دعت الضرورة الدينية أن يفضوا بما سمعوا ـ فقد جوّزوا أن يرووا ما سمعوه من النبيّ بالمعنى ، فزادوا ونقصوا في عبارته وقدّموا في كلماته وأخّروا وأبدلوا ألفاظاً بألفاظ(٣) فتغيّر كلام النبيّ عن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) «دخل زيد بن ثابت ـ وكان عثمانيّاً ومنحرفاً عن أمير الؤمنين ـ على معاوية فسأله عن حديث ، وأمر إنساناً أن يكتبه فقال له زيد : إنّ رسول الله أمَرَنا ألاّ نكتب شيئاً من حديثه ، فمحاه» ، جامع بيان العلم وفضله ١ / ٦٣ ، وقال عمر : «لا أشوب كتاب الله بشيء أبداً» ، نفس المصدر ١ / ٦٤.

(٢) قال شوقي ضيف : «عناية الشيعة بكتابة الفقه كانت قوية ، لاعتقادهم في أئمّتهم أنّهم الهادون المهديّون الذين ينبغي أن يلتزموا بفتاويهم ومن ثمّ عنوا بفتاوى عليّ وأقضيته». (تاريخ الأدب العربي ج١ ص ٤٥٣) ؛ إنّ ما قاله شوقي كان موجزاً ممّا ذكره السيوطي من أمر تدوين الحديث عند الشيعة منذ صدوره في زمن الرسول وذلك أنّ أئمّتهم ـ هؤلاء الهادون المهديّون ـ لم ينهوا عن كتابة الحديث أبداً ، لكن الدكتور شوقي ضيف ذكر ذلك بتحفّظ منه حتّى لا يخطر ببال أحد أنّه يقصد من كلامه هذا ما لا يستسيغه الآخرون ؛ قال السيوطي : «اختلف السلف من الصحابة والتابعين في كتابة الحديث فكرهها طائفة منهم... وأباحها طائفة وفعلوها ، منهم : عمر [في حين أنّ أخبار نهيه عن رواية الحديث مستفيضة بل متواترة بين المسلمين] وعليٌّ وابنه الحسن... (تدريب الراوي ج٢ ص٦١).

(٣) ولذلك رأى أئمّة اللغة والنحو كالخليل وسيبويه والفرّاء أن لا يحتجّوا بشيء من الحديث في إثبات القواعد الكلّية في لسان العرب والاستدلال عليها ، لأنّ الأحاديث لم

١١١

أصله(١) واختلفت العبارات حتّى تغيّر المعنى بحيث لم يبق وجه شبه بين كلامه(صلى الله عليه وآله) وبين ما ذكروه ولا حتّى نوع مناسبة ، ومن أجل ذلك فقد تعدّدت رواية الكثير من الأحاديث ، ولمّا رأى أعداء الدين(٢) وأهل الهوى من المسلمين هذه الفوضى(٣) استغلّوا الظروف ووضعوا على النبيّ أحاديث لا تعدّ ولا تحصى لأسباب لا محلّ لذكرها هنا(٤) ، وخاصّة بعد موت الخليفة الثاني عمر ، لأنّه كان شديداً على الأصحاب في ذلك وكان يأمرهم بأن يقلّوا من الرواية عن النبيّ حتّى ضرب أبا هريرة على رواية الحديث وأنذره بالنفي إلى بلاده.

ولمّا استفاضت رواية الحديث وشاعت ـ حتّى بلغت مئات الآلاف ـ واشتبه الصحيح منه بالسقيم هنا نهض علماء أجلاّء ليمحّصوا هذه الروايات بالبحث في تاريخ من رووها حتّى يتبيّن لهم من اتّصف بالعدالة والضبط من رواة الحديث ممّن تعرّى منهم من هاتين الصفتين ، بعد أن كانوا ـ أحيانا ـ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تكن تروى بألفاظها كما جاءت عن الرسول ، إنّما كانت تروى غالباً بمعانيها ، فلذلك اعتمدوا في ذلك على القرآن وصحيح النقل عن العرب.

(١) ولو كان التدوين شائعاً في الصدر الأوّل ، وتيسّر لهم أن يدوّنوا كلّ ما سمعوه من النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) بألفاظه وصوغه وبيانه ، لكان لهذه اللغة شأن غير شأنها (إعجاز القرآن ص٣٦٤).

(٢) كعبدالله بن سلام وكعب الأحبار.

(٣) كصاحب الزاملتين وصاحب الكيس والمزوّد من الصحابة المشهورين بالنقل عن الإسرائيليّات.

(٤) لو ذهبنا لنستقصيها لطال بنا سبيل القول ، ولاحتاج ذلك إلى مقالات مستفيضة ، منها ترحيب معاوية بوضع الحديث لأسباب معروفة عند القاصي والداني.

١١٢

يذكرون الحديث وفيه ما يخالف العقل والمنطق ، فيقولون : «إسناده جيّد أو حَسَن» أو «رَواهُ البُخاري» ولا يعنيهم من أمر الدلالة في الحديث شيء(١).

ولكنّ اليوم وفي عصرنا هذا فإنّ كتب الحديث والتفسير وغيرها صارت في متناول أيدي المسلمين وتراها في كلِّ بيت ومعهد ومسجد ، فإذا قرأنا البعض من كتب شيوخهم بدا لنا العجب العجاب لما نراه من الأحاديث في التفسير والتاريخ والأخلاق والطبّ وغيرها ممّا لا يوافقه القرآن ولا يثبته علم صحيح ولا يقبله عقل صريح ولا يؤيّده حسّ ظاهر ، وهم لا يعتنون بذلك ولا يفهمون من الصحّة والسقم إلاّ عبارة (رَواهُ البخاري)(٢) الذي روى من الأحاديث ما يضحك الثكلى فحينئذ تستحوذ علينا الدهشة وتتملّكنا الحيرة أنّه كيف صدر عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) مثل هذا الكلام السقيم والعاري عن الفصاحة والبلاغة وهو أبلغ من نطق بالضاد وأحكم من دعا إلى الرشاد؟

والأنكى من هذا كلّه هو احتجاج المستشرقين في كتبهم بهذه الأحاديث وهم الذين نتّهمهم ونرميهم دائماً بأنّهم يطعنون في سيرتنا ويشوّهون وجه ملّتنا لئلاّ يهتدي أحد بهُداه أو يستمع صَداه ، وإذا أمعنت يتّضح لك عياناً أنّه لا تثريب على الاستشراق وأهله بل على أهل الحديث

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) قال الزمخشري في قصيدته المشهورة :

وإن قلت من أهل الحديث وحزبه.......يقولون تيس ليس يدري ويفهم.

(٢) قال السيّد محمّد رشيد رضا «ما كلّف الله مسلماً أن يقرأ صحيح البخاري ويؤمن بكلّ ما فيه وإن لم يصحّ عنده ، أو اعتقد أنّه ينافي أصول الإسلام». مجلّة المنار ج٢٩ ص ٥١.

١١٣

ورواته قرناً بعد قرن ، فإنّ المستشرقين لم يفتروا شيئاً من عند أنفسهم إنّما وجدوا مادّة خَصِبة من الخرافات والأوهام قد بُثّت في ديننا وقد نسب بعضها إلى النبيّ(صلى الله عليه وآله) كذباً وزوراً فتشبّثوا بها واستفادوا منها(١) ، فلا تلوموهم ولوموا أنفسكم على ما اقترفتموه من وضع الأحاديث.

ولكي يطمئنّ قلب القارئ بما قلناه وتسكن نفسه إلى ما بيّناه نتسائل : فإذا كان الأمر كذلك ؛ فماذا نفعل بهذه الأحاديث؟ ، أليس من الصواب التمحيص فيها ـ وإن كانت صحيحة الإسناد ـ ونميّز بين الصحيح منها وبين السقيم ممّا وضعه الوضّاعون ، ونكذّب الأحاديث التي لا نجد لها صبغة البلاغة وفيها اهتزاز الجزالة؟ إذاً ما القاعدة في التمييز بينها؟

لقد فطن المحدّثون القدماء إلى هذا كلّه وقد بذلوا جهدهم ما استطاعوا في الأخذ بالصحيح من غيره وتنقيته من كذب الكذّابين ووضع الوضّاعين(٢) ، ولكن هذا الجهد على عظمته لم يكن كافياً ، فمن أعسر الأشياء وأشدّها تعقيداً هو دراسة النصّ نفسه في كتاب مستوف حتّى يتبيّن للناس أين هم من دينهم ؛ فلا بدّ إذن من أن نتعمّق في دراسة نصّ الحديث الذي حمل الطِّمّ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) وذلك لأنّ الجيل الجديد قد بلغ درجة من السحر العلمي والنضج الفكري والعقلي فهو ينفر من الأوهام ولا يهتمّ إلاّ بالحقائق ولا يسعى إلاّ إلى المعرفة والعلم النافع ينبذ كلّ ما عدا ذلك مهما كان ومهما كان قائله.

(٢) غاية جهدهم تأليف كتب في انتقاء الحديث والأخذ بالصحيح من غيره فميّزوا الموضوعات من غيرها كابن الجوزي في (موضوعاته) والسيوطي في (اللئالي الموضوعة) وسائر من سلك مسالكهم ، ولكن لم يتعرّضوا إلى الموضوعات في الصحيحين وفي غيرها من الصحاح المعتبرة عندهم.

١١٤

والرِّمّ ، والغثّ والسمين ، لنرى مقدار موافقته للقرآن الذي لا يتطرّق إليه الشكّ ولا يبلغه الريب.

أضواء على السنّة المحمّدية :

لقد لمع كتاب أضواء على السنّة المحمّدية ورجح على سائر الكتب المدوّنة في هذا المضمار في زماننا ؛ بحيث استفاض أمره وأحدث ضجّةً في أرجاء العالم الإسلامي ، ممّا لم يحدث مثله لكتاب آخر في عصرنا الحاضر(١).

ومن الطبيعي إذا أراد المرء أن يصلح دينه ويعصمه في العقديّات لابدّ له أن يواجه الكثير ممّن يكرهون التحقيق والبحث والاجتهاد والحُرية في التفكير ، ولا يرون العلم إلاّ فيما أخذوه عن شيوخهم تلقيناً ، فهولاء جميعاً قد قابلوا المؤلّف بالشتم القاذع والسبّ الوضيع(٢) حتّى ظهر ذلك في عناوين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) أضف إلى ذلك الطبعات الكثيرة للكتاب من أوّل يوم ظهوره في بلاد المسلمين وغيرهم.

(٢) والأقبح من ذلك كلّه أنّهم افتروا على المؤلّف ـ كما افتروا على غيره من العلماء من قبل ـ أنّه مات على عاقبة وخاتمة أمر أهل البدع والهوى ، ونقلوا عن شيخهم محمّد ابن محمّد المُختار الشنقيطيِّ : «أنَّ أبا ريّة عندما كان في وقت النزع الأخير وساعة الاحتضار حضره نفر من النّاسِ ، ورأوه وقد اسودّ وجههُ! وكان يصرخ مرعوباً فزِعاً بصوت عال ، وهو يقولُ : آه! ، آه! ، أبا هريرة أبا هريرة ، حتّى ماتَ على تلك الحالِ».

وهم يحاولون بهذا الكذب والبهتان أن لا يطمع أحد بقراءة كتب أبي ريّة وسائر من سلك العقلنة وغيره من أصحاب العقول الراجحة.... .

١١٥

كتبهم(١) ، كتب قد أظهرت أخلاق مؤلّفيها ومبلغ علمهم.

وأمّا الذين كانت لديهم الحميّة والشجاعة في الدفاع عن الفكر والتفكير والتحقيق(٢) فقد قرّظوا الكتاب(٣) بعبارات رائعة تنمّ عن تتبّع المؤلّف وجهده وعَنائه في تدوين الكتاب.

وهناك من أخفى استحسانه لئلاّ يثير غضب الحشويّين(٤) ـ الذين تغمرهم الدهشة عندما يرون أحداً يتفكّر في كنه شيء من العلم ـ حتّى لا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) مثل كتاب (ظلمات أبي ريّة) لعبدالرزّاق حمزة وهو قاموس الشتائم والسباب ، وتشهد كلّ صفحة من هذا الكتاب أنّ مؤلّفه كان متخرّجاً من جامعة الهجاء والسبّ ، وذاكرته مشحونة بأنواع النبز والشتم في حقّ علماء المسلمين حتّى وصف بعضهم ـ العياذ بالله ـ بالحمار والبقر و....!! ولنعم ما قال محمّد بن علي الباقر صلوات الله عليه : «إيَّاكمْ وَالطَّعْنَ عَلَى الْمُؤْمِنِين....اِنَّ اللَّعْنَةَ إِذَا خَرَجَتْ مِنْ صَاحِبِهَا تَرَدَّدَتْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الَّذِي يُلْعَنُ ، فَإِنْ وَجَدَتْ مَسَاغاً وَإلاّ عَادَتْ إِلَى صَاحِبِهَا وَكانَ أَحَقَّ بِهَا ، فَاحْذَرُوا أَنْ تَلْعَنُوا مُؤْمِناً فَيَحِلَّ بِكم» ، بحار الأنوار ٦٩ / ٢٠٨.

(٢) «ما كنت أظنّ ـ عندما ظهرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب ـ أنّه سينال من إقبال القرّاء عليه ، ورضاهم عنه ، وتقديرهم إيّاه ، مثل ما نال ، والحمد لله. ذلك أنّه لم يكد ينقضي على ظهوره زمن قليل حتّى انتشر بين الأرجاء ونفدت نسخه كلّها ، ممّا دعا إلى إعادة طبعه». شيخ المضيرة ص١١ ، «طبع مرّتين في مدى سنتين ، ممّا لا يتّفق

وقوعه لأيّ كتاب إلاّ في الندرة». نفس المصدر ، ص٣٣.

(٣) كالأستاذ طناحي محرّر مجلّة (الهلال) ، الدكتور طه حسين ، العلاّمة السيّد مرتضى العسكري وغيرهم من العلماء.

(٤) وقال الوزير اليماني في (الروض الباسم) : «إنّما سمّوا بالحشوية لأنّهم يحشّون الأحاديث التي لا أصل لها في الأحاديث المروية عن رسول الله ، أي يدخلونها فيها وليست منها» ، أضواء : ٣٨٢. وقال محمّد بن نشوان : «إنّ الحشوية سمّوا بذلك لكثرة قبولهم الأخبار من غير إنكار».

١١٦

يكون ذلك من أسباب إقصائهم له(١).

وإن كان من بين هذه الجماعة بعض الأزهريّين وغيرهم ممّن انتقدوا المؤلّف وكتابه ـ في بادئ الأمر ـ بأسلوب علميٍّ صحيح يستحقّ أن ينظر فيه ويستأهل أن يردّ عليه ، وقد استجاب المؤلّف لانتقاداتهم وردّ عليهم بأبلغ البيان وأفحمهم في الردّ حتّى تستبين لهم الحقيقة ، ولكن لم يمضِ زمن حتّى طغى قلمهم وغلب عليهم الطيش فعادوا وهجموا عليه بعبارات قاسية ظهرت على صفحات مجلاّتهم كمجلّة الأزهر وغيرها في مصر والشام والحجاز.

والأمر الذي يثير العجب حقّاً أنّهم منعوا من نشر أيّ ردّ ونقد يرد على كلماتهم من قبل المؤلّف وغيره في نفس المجلّة لئلاّ يفضح علمهم ويظهر للناس جهلهم ، واستمرّ الأمر كذلك حتّى طبع المؤلّف نقده وأدرجه على صفحات إحدى المجلاّت اللبنانية... فوقع ما وقع.

حياة الأستاذ أبي ريّة :

ولد الأستاذ محمود أبو ريّة في كفر المندرة (مركز أجا) محافظة الدقهلية في (١٥ ديسمبر عام ١٨٨٩م)(٢). جمع بين الدراسة الأكاديمية والدينية بالمدارس الابتدائية والثانوية والمعاهد الدينية. قضى أكثر أيّام عمره

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) كما نقل عن معاوية : إنّه لا يستقيم لنا الأمر إلاّ بسبّ عليٍّ على المنابر. (الغدير : ج٧ : ص١٩٩).

(٢) الموافق ٢١ ربيع الثاني ١٣٠٧ هجري.

١١٧

في مدينة المنصورة حتّى وفد إلى الجيزة عام (١٩٥٧م) وبقي فيها إلى حين وفاته.

ومن المؤسف جدّاً أنّنا لم نقف على ترجمة له إلاّ ما ذكره الأستاذ السيّد مرتضى الرضوي في كتابه مع رجال الفكر في القاهرة ، حتّى أنّ الزِرِكلي قد فاته ذكر أبي ريّة في الأعلام وفي مستدركاته(١) ؛ فلذلك اكتفينا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) قال بعض الوهّابيّين في بعض مواقعهم على الانترنت : «إنّ هذا يكفي في تضليل أبي ريّة حيث لم يكن في كتب التراجم اسم منه». وقد أخذوا هذا المقال من قول السباعي حيث قال : «أبي ريّة فاجر يبتغي الشهرة...إلخ» ، أنظر : السنّة ومكانتها. وقد نسي أنّ التاريخ ذكر أشخاصاً كانت أحوالهم ـ على حدّ زعمهم ـ أسوأ من أبي ريّة ، فقد ذكر التاريخ قصّة الحجّاج بن يوسف وما فعله في شأن المسجد الحرام ، ويزيد بن معاوية وقتلة الحسين الشهيد الذي بكت عليه السماء والأرض دماً ، ولعلّهم يتصوّرون أنّ سنّة الله قائمة على محو تراجم من انتقد أبي هريرة والصحابة الذين انقلبوا على أعقابهم وبدّلوا بعد الرسول تبديلا ، ونسوا أنّ التاريخ المليء بالأراجيف والأوهام بحاجة إلى قراءة جديدة لتبقى الحقائق لائحةً لامعةً في جبينه حتّى تصل إليها يد الباحثين والمحقّقين ذوي الضمائر الحيّة وتعرّيها من الأوهام والشبهات فتتقبّلها الفطرة السليمة والعقول النيّرة على مرّ العصور لا سيّما في عصرنا الحاضر عصر العلم. وهذا هو التاريخ لا زال يذكر أمثال النظام والجاحظ والأسكافي وابن أبي الحديد والرافعي والدكتور طه حسين والسيّد شرف الدين بالرغم من انتقاداتهم الشديدة على أبي هريرة ومن شاكله من الصحابة.

وأمّا عدم ذكر ترجمة لِعَلَم عَيْلَم ورائد من روّاد الحركة الإصلاحية للحديث السنّي ـ الأستاذ أبو رّية ـ فلأنّه لم يكن من أساتذة جامعة الأزهر أو الجامعات الأكاديمية ذات الدراسات الدينية التقليدية وإلاّ فليس من المعقول أن لا تذكر له ترجمة وقد طبعت كتبه وشاع صيته واستفحل أمره واستشرى فكره ومنطقه بين حملة العلم وروّاد الفكر ، وكيف يُنسى وقد ناهز الثمانين من عمره وقد رحل عنه أصدقاؤه كأمثال الرافعي

١١٨

بمعلومات قليلة وجدناها في سائر كتب أبي ريّة ومقالاته ، وبما ذكره بعض العلماء أحياناً في كتبهم.

وقد ذكر السباعي أنّ أبا ريّة كان يعمل في البلدية في ريعان شبابه ، ثمّ تولّى تحرير جريدة التوفيق وشارك في تحرير جريدة المنصورة والسياسة. كان ـ رحِمه الله ـ مولعاً بشراء الكتب بالرغم من الفاقة التي كان يعاني منها(١)شغفاً منه بالأدب والعلم ومكانتهما عنده.

مشايخه :

لم يدرس الأستاذ أبو ريّة دراسة رسمية في الجامعات الأكاديمية والدينية ؛ فلذلك لم يكن له شيخ ولا أستاذ غير عباراته التي تشير إلى الشيخ محمّد عبده(٢) بـ : (أستاذنا) والأستاذ مصطفى صادق الرافعي بـ : (شيخنا) ، إلاّ أنّ أبا ريّة لم يعدّ الرافعي من أساتذته وإنّما وصفه بمثابة صديق كريم يجيب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والزيّات وسعيد العريان وغيرهم إذ خلّفوه وهم في العقد السادس من عمرهم ولكن شاء الله أن يبقى ذكره لامعاً على صحائف من نور حيث يذكره القلم.

(١) قال في هامش أحد رسائل الرافعي : «نزلت بنا نكبة مالية بكلِّ ما يملك من أبي ، وخرج حكم قريتنا من بيتنا بعد أن ظلّ فيه قروناً طويلةً يتولاّه الخلف منهم عن السلف»؟؟؟؟؟.

(٢) وصفه أبوريّة بأنّه «لا يختلف اثنان في أنّه من كبار أئمّة الدين المجتهدين» (أضواء ص٣٥) و «إمام كبير من أئمّة الدين» (حياة الرافعي:١٤٣٠) ثمّ وصفه الشيخ مصطفى السباعي بأنّه «كان قليل البضاعة من الحديث ، وكان يرى في الاعتماد على المنطق والبرهان العقليّين خير سلاح للدفاع عن الإسلام». (السنّة ومكانتها للسباعي : ص٣٠). انظر إلى البون الشاسع بين هذا وذاك.

١١٩

أسئلة صديقه ، حتّى أنّ أبا ريّة لم يعدّ السيّد محمّد رشيد رضا من أساتذته مع كثرة الثناء والنقل عنه في كتاباته.

كلمات بعض الأعلام حول أبي ريّة وعلاقاته :

١ ـ العلاّمة السيّد محمّد رشيد رضا الحسيني :

نشر أبو ريّة مقالة حول تفسير المنار ـ تفسير القرآن الحكيم ـ للأستاذ السيّد محمّد رشيد رضا في جريدة المقطَّم وأثنى على الأستاذ وتفسيره ، ثمّ طبع رشيد رضا ذلك المقال في مجلّة المنار(١) ، قال فيها :

كلمة خالصة لوجه الله نشرها في المقطم الأستاذ العالم الإصلاحي المستقلّ ، والكاتب العصري المستدلّ ، السيّد الشيخ محمود أبو ريّة :

(كنت أتمنّى من زمان بعيد أن أظفر بتفسير المنار ، ظلّت هذه الأمنية تعتلج في نفسي حتّى قيّض الله لي في هذه الأيّام أن أحصل على أجزائه التي صدرت منه ، وما إن قرأت بعض هذه الأجزاء حتّى ألفيتني تلقاء شيء لا عهد لي به من قبل في كلّ ما قرأته من التفاسير ، واستبان لي أنّ هذا التفسير نسيج وحده فريد في موضوعه.

لقد قرأت كثيراً من التفاسير التي وُضعت لكتاب الله ووقفت على طريقة كلّ مفسر ممّن قرأت ، وعلى أنّهم ـ رضي الله عنهم ـ قد أتوا بما استطاعوا أن يأتوا به ممّا تَأَتَّوْا إليه بعلومهم وأزمانهم وأمكنتهم ؛ فإنّهم لم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) مجلّة المنار ج٣٤ ص٢١٢ ، ربيع الأوّل ١٣٥٣هـ.

١٢٠