تراثنا ـ العدد [ 124 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العدد [ 124 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ٠
ISBN: 1016-4030
الصفحات: ٤٩٤

رَبِّ إنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي ...) الآية(١) ، فقد قال : «ظاهر قوله تعالى (إنّهُ لَيْسَ مِن أَهْلِكَ) يقتضي تكذيب قوله : (إنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي) والنبيُّ لا يجوز عليه الكذب ، فما الوجه في ذلك؟ وكيف يصحّ أن يخبر عن ابنه بأنّه (عَمَلٌ غَيْرُ صَالِح) وما المراد به؟ الجواب ...»(٢).

ثانياً : عرض الآراء المختلفة وترجيح أحدها :

ـ ومنها : عرضه للآراء التي قيلت في تفسير النصّ ، ثمّ التعقيب عليه بقوله : «وجواب أبي عبيد أحسن الأجوبة وأسلمها ، وجواب أبي بكر أبعدها ...»(٣).

ـ ومنها ما ورد في تأويله لقوله تعالى : (كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمَاً آخَرِيْنَ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهمُ السّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِيْنَ)(٤) ، وردّه على مَن يسأل : «كيف يجوز أن يضيف البكاء اليهما (أي إلى الأرض والسماء) وهو ما لا يجوز في الحقيقة عليهما؟ الجواب : يُقال في هذه الآية وجوه أربعة من التأويل : أوّلهما ... وثانيهما ... وثالثها ... ورابعها ... ويمكن في الآية وجه خامس وهو ...»(٥).

__________________

(١) هود : ٤٥ ـ ٤٦.

(٢) ينظر: نفس المصدر :١/٥٠٢ ، ومثله ما ورد في ١/٤٢٩ و١/٤٣٠ و٢/٦٩ و٢/١٢٠ و٢/١٤٤ و٢/١٦٣ وغيرها من الموارد المشابهة.

(٣) نفس المصدر :١/٣٤.

(٤) الدخان : ٢٨ ـ ٢٩.

(٥) نفس المصدر : ١/٤٩ ـ ٥٥ ، وينظر في هذا الباب الأمالي :١/٨٧و١/٢٠١ وقد

٨١

ـ ويعمد في اُسلوبه في الغالب إلى طريقة المناقشة والحوار لنخل الآراء وغربلتها ، ومن ثمّ الخروج بترجيح أحدها فيتكرّر قوله : «قالوا ... قلنا ...»(١) أو «فإن قيل ... قلنا ..»(٢) ويبدأ أكثر مجالسه بقوله : إن سأل سائل عن قوله تعالى : ...

ـ وممّا نقل فيه آراءً رجّح أحدها قوله : «هذا قول أبي عبيد ، وقال ابن قتيبة رداً عليه ...»(٣) ، ثمّ عقّب عليه بقوله : «ليس الذي ذكره أبو عبيد ببعيد ...».

ـ ومنه قوله : «قد ذكر في الآية وجوه من التأويل نحن نذكرها ونرجّح الأرجح منها»(٤).

ـ بل تجده مرّات كثيرة يكشف عن وجوه أُخر ، فيقول ـ مثلاً ـ «ويمكن في الآية وجه آخر» (أو) «ويمكن أن يكون في الآية وجه آخر ...»(٥) أو «ويمكن في الآية وجه ثالث ...»(٦).

ـ وقد لا يذكر اسماً معيّناً ، وإنّما يكتفي بالقول : «وقال بعض أهل

__________________

تصل الوجوه التي يعرضها في تفسير الآية إلى تسع ، ممّا يدلّ على سعة العلم والقدرة على الاستنباط ، ينظر : ١/٣٠٨ ـ ٣١٤.

(١) نفس المصدر : ٢/٣٠٦.

(٢) نفس المصدر : ٢/٦٨و ٢/٣٠٧.

(٣) نفس المصدر : ١/١٥٦ ـ ١٥٧ ، ومثله ما ورد في ١/٤٢٧ ـ ٤٢٨.

(٤) نفس المصدر : ١/٥٧٨.

(٥) ينظر الأمالي : ١/٣٣٨.

(٦) نفس المصدر : ١/٤٤٢.

٨٢

اللغة ...»(١). ومثله : «وحكي عن بعض علماء أهل اللغة أنّه قال : ...»(٢).

ـ وقد يلجأ إلى مقاييس أُخر ، كالعرف والشرع في تعليله للأوجه التي يذكرها في الآية ، ومثال ذلك ما ورد في تأويل قوله تعالى : (أُوْلَئِكَ لَهُمْ نَصِيْبٌ مِمّا كَسَبُوا وَاللهُ سَرِيْعُ الحِسَابِ)(٣) فقد قال : «وهذا الجواب مبنيّ أيضاً على دعوى أنّ قبول الدعاء لا يُسمّى حساباً في لغة ولا عرف ولا شرع ...»(٤).

ثالثاً : وقد يلجأ إلى تعضيد الدليل العقلي بشهادة اللفظ :

ـ ومنه ما ورد في تأويل الآية : (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَة وَلاَ يَزَالُوْنَ مُخْتَلِفِيْنَ إلاّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ)(٥) فقد قال : «فأمّا لفظة ذلك في الآية ، فحملها على الرحمة أولى من حملها على الاختلاف ، لدليل العقل وشهادة اللفظ.

فأمّا دليل العقل : فمن حيث علمنا أنّه تعالى كره الاختلاف والذهاب عن الدين ، ونهى عنه وتوعّد عليه ، فكيف يجوز أن يكون شائياً له ، ومجرياً بخلق العباد إليه؟

__________________

(١) نفس المصدر : ١/٣٦٩.

(٢) نفس المصدر : : ١/٤١٩.

(٣) البقرة : ٢٠٢.

(٤) نفس المصدر : ١/٣٩٠.

(٥) هود : ١١٨ ـ ١١٩.

٨٣

وأمّا شهادة اللفظ : فلأنّ الرحمة أقرب إلى هذه الكتابة من الاختلاف وحمل اللفظ على أقرب المذكورين أولى في لسان العرب».

ـ وقد(١) يستشهد بأقوال علماء اللغة ، ناسباً تلك الأقوال إلى أصحابها ، ومنه قوله : «وحكي عن الفرّاء في ذلك جوابان ...»(٢) ، وقوله : «فأمّا البيت الأوّل فإنّ أبا العبّاس المبرّد حمله على الشذوذ ...»(٣) وقوله : «وقال الفرّاء وغيره : يجوز في النحو ...»(٤) «وأنشد الفرّاء ...»(٥) وقوله : «قال الفرّاء ...»(٦).

رابعاً : وفي عرضه لمسائل النحو واللغة يكشف عن أنّه لغويٌّ ثَبَتٌ واسع الإطّلاع ، ضليع بعلوم اللغة :

ـ فمن ذلك قوله : «فأمّا قوله (والمؤمنون) ففي رفعه وجهان : أحدهما ... والوجه الآخر ...» وقوله : «وأمّا نصب (الصابرين) ففيه وجهان : أحدهما ... والوجه الآخر ...»(٧) ، ثمّ يعرض خلال ذلك آراء علماء النحو ناسباً تلك الآراء إلى أصحابها ، ويتكرّر ذكر كثيرين منهم كما مرّ في البحث.

__________________

(١) نفس المصدر :١/٧٠ ـ ٧١.

(٢) نفس المصدر : ١/٩١.

(٣) نفس المصدر : ٢/٣١٧.

(٤) نفس المصدر : ٢/١٤٧.

(٥) نفس المصدر : ١/٤٦ و١/٥٧٧ و١/٥٩١.

(٦) نفس المصدر : ١/١١٠و١/٣٤٣و ١/٣٥٦و ...

(٧) الأمالي : ١/٢٠٥ ـ ٢٠٦ ، ومثله كثير غيره.

٨٤

وقد يشير إلى اللغوي بقوله : «ووجدتُ بعض المتقدّمين في علم اللغة يحكي في كتاب له قال : ...»(١).

ـ ومنه ما ورد في تأويل قوله تعالى : (تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ)(٢) ، فقال : ما المراد بالنفس في هذه الآية؟ و... الجواب قلنا : «النفس في اللغة لها معان مختلفة ...»(٣).

ـ وقد يوازن بين آراء اللغويين في المسألة الواحدة كما ورد في تأويله قوله تعالى : (وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتَاً)(٤) فإنّه بعد عرضه لرأي ابن الأنباري وابن قتيبة قال : «والمقدار الذي ذكره ابن الأنباري لا يقدح في جواب ابن قتيبة ...»(٥). ثم قال : «فإن قيل : فما الفرق بين جواب ابن قتيبة وجوابكم الذي ذكرتموه أخيراً؟ قلنا : الفرق ...»(٦).

ـ ولقد تدقّ أحكامه اللغوية في براعة لا تخفى من قبيل تمييزه بين الحذف والاختصار في قوله «... والاختصار يرجع إلى المعاني ، وهو أن تأتي بلفظ مفيد لمعان كثيرة لو عبّر عنها بغيره لاحتيج إلى أكثر من ذلك اللفظ ، فلا حذف إلاّ وهو اختصار ، وليس كل اختصار حذفاً ، فمثال

__________________

(١) نفس المصدر : ١/٢١٩.

(٢) المائدة : ١١٦.

(٣) نفس المصدر : ١/٣٢٤.

(٤) النبأ : ٩.

(٥) نفس المصدر : ١/٣٤٠.

(٦) نفس المصدر : ١/٣٣٩.

٨٥

الحذف ... ومثال الاختصار الذي ليس بحذف ... وفي معنى الاختصار ...»(١).

ـ ومنه قوله : «... وإنّما فضل الكلام الفصيح بعضه على بعض ، لقوّة حظّه من إفادة المعاني الكثيرة بالألفاظ المختصرة»(٢).

ـ وممّا ورد في تعقيبه على خلاف المتكلّمين والنحويّين قوله : «فكم من معنى كاد يضيع بسوء العبارة عنه ، وقصور الإشارة إليه ...»(٣).

ـ ثم قوله : «وكلّ كلام خلا من مجاز وحذف واختصار واقتصار بَعُدَ عن الفصاحة ، وخرج عن قانون البلاغة والأدلّة لا يجوز فيها مجاز ، ولا ما يخالف الحقيقة ، وهي القاضية على الكلام والتي يجب بناؤه عليها ، والفروع دائماً تبنى على الأُصول»(٤).

خامساً : وممّا يدخل تحت باب التفسير بالمأثور ما ورد في مواضع كثيرة من أماليه ، نورد في الآتي بعضاً من الأمثلة عليها منها :

ـ قوله : «... وما يشهد لهذا الوجه من طريق الرواية ما رواه سلام بن مسكين عن أبي زيد المدني أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) لقي أبا جهل فصافحه أبو جهل ، فقيل له : يا أبا الحكم أتصافح هذا الصبي؟ فقال : والله إنّي لأعلم أنّه

__________________

(١) نفس المصدر : ٢/٧٣ ـ ٧٥.

(٢) نفس المصدر : ٢/٧٣ ـ ٧٥.

(٣) نفس المصدر : ٢/٢٩٥.

(٤) الأمالي : ٢/٣٠٠ وانظر ما ورد في ٢/٢٩٦ و٢/٣٠٩.

٨٦

نبيّ ، ولكن متى كنّا تبعاً لبني عبد مناف؟ ...»(١).

ـ وفي خبر آخر : «... وروي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ...»(٢).

ـ ومنه «وروى أبو بكر الهذلي عن الحسن ... وقد روي مثل ذلك عن ابن عبّاس والسدّي ومجاهد وغيرهم ...»(٣).

ـ ومثله قوله «... وروي عن ابن عبّاس في قوله تعالى (وَأَرْسَلْنَاهُ إلَى مِئَةِ أَلْف أَوْ يَزِيْدُوْنَ)(٤) قال : كانوا مئة ألف وبضعاً وأربعين ألفاً»(٥).

ـ ومنه ما ورد في تأويل قوله تعالى (وَاللهُ يَرْزُقُ مَن يشَاءُ بِغَيْرِ حِسَاب)(٦) فقد استند ـ في بيان أحد أوجه تأويلها ـ إلى ما ورد عن ابن عبّاس أنّه قال : عنى بها أموال بني قريضة والنضير ، وأنّها تصير إليكم بغير حساب ولا مثل ، على أسهل الأمور وأقربها وأيسرها(٧).

ـ ومثله ما ورد في تأويل قوله تعالى (وَيَسْأَلُوْنَكَ مَاذَا يُنْفِقُوْنَ َ قُلِ الْعَفْوَ)(٨) وما نقله عن ابن عبّاس «وغيره من المفسّرين في تفسير قوله تعالى

__________________

(١) نفس المصدر : ٢/٢٦٤.

(٢) نفس المصدر : ٢/٢٦٧ ، ويلحظ أنّ كلّ هذه الروايات وردت في تأويل آية واحدة ، وقد أشفعها بما ورد عن الكسائي وما قاله : «بعض الشعراء ...».

(٣) نفس المصدر : ٢/١٠٩ ، وانظر أيضاً : ٢/٢٨٢ ـ ٢٩٠.

(٤) الصافات : ١٤٧.

(٥) نفس المصدر : ٢/٥٦ ، وانظر أيضاً : ٢/٤٥و١٤٩و١٧٠.

(٦) البقرة : ٢١٢.

(٧) نفس المصدر : ١/٩٢ ، وانظر أيضاً : ١ / ٤٧٠ و٥١٤ وغيرها.

(٨) البقرة : ٢١٩.

٨٧

(وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ)»(١)(٢) ومثله قوله : «فمن الأدلّة على ما ذكرناه ما رواه ابن عبّاس أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) ...»(٣).

ـ ويتوسّع في الاستناد على الرواية في تفسيره توافقاً مع مذهبه فيستشهد بنصوص منقولة عن الأئمّة عليهم‌السلام ، ممّا يهيئ له كثيراً من الروايات التي تعينه في التفسير لاسيّما أنّه قريب العهد من عصرهم ، وقد عاصر تدوين الأُصول الأساسية في الحديث لدى الإماميّة ، ولعلّ في هذا الاستشهاد دليل على أنّ السيّد المرتضى لا يمكن أن يكون من المعتزلة ، فهم لا يؤمنون بالأئمة عليهم‌السلام من قريب ولا من بعيد.

وممّا استعان به في ذلك ما رواه عن الباقر والصادق والرضا عليهم‌السلام في تفسيره للآيات الدالّة على الرؤية في قوله تعالى : (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى)(٤) وما تلاها من آيات في السورة نفسها ، إذ نفى الرؤية البصريّة ؛ مستدلاًّ بما ورد عن الأئمّة المذكورين عليهم‌السلام(٥) ، ولا يتحرّج من أن يسند رأيه بما يروى عن غيرهم من وجوه المذاهب الإسلاميّة ، الأخر ، فيروي عن أبي حنيفة النعمان بن ثابت(٦) وينقل عن الحسن البصريّ(٧) ،

__________________

(١) البقرة : ١٠٢.

(٢) نفس المصدر : ١/٥٠٢ ـ ٥٠٤.

(٣) نفس المصدر : ١/٣٩٦.

(٤) النجم : ١٣ ـ ١٤.

(٥) الأمالي : ١/١٤٩ ـ ١٥٠.

(٦) نفس المصدر : ١/١٥١.

(٧) نفس المصدر : ١/١٥٢ ـ ١٥٥.

٨٨

وغيرهم(١).

ـ ومعلومٌ أنّ من أهمّ موارد التفسير بالمأثور : تفسير القرآن بالقرآن ، ونجد أمثلة لذلك في كثير ممّا أورده في سياق تأويله لبعض الآيات.

ومنه ما ورد في المجلس الثالث ما نصّه : «فإن قيل على هذا الوجه : كيف يصحّ ما ذكرتموه مع قوله تعالى : (فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِيْنٌ)(٢). وهذا يقتضي أنّها صارت ثعباناً بعد الإلقاء بلا فصل؟

قلنا : تفيد الآية ما ظُنَّ(٣) ، وإنّما فائدة قوله تعالى : (فَإذَا هِيَ) الإخبار عن قرب الحال التي صارت فيها بتلك الصفة ، وأنّه لم يطل الزمان في مصيرها كذلك ، ويجري هذا في مجرى قوله تعالى : (أَوَ لَمْ يَرَ الإنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَة فَإِذَا هُوَ خَصِيْمٌ مُّبِيْنٌ)(٤) ، مع تباعد ما بين كونه نطفة وكونه خصيماً مبيناً»(٥).

ـ ومن هذا أيضاً ما ورد في تأويله لقوله تعالى : (خُلِقَ الإنْسانُ مِنْ عَجَل سَأُرِيْكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُوْنَ)(٦) فقد استشهد بقوله تعالى : (وَكَانَ الإنْسَانُ عَجُوْلا)(٧) ، وما ورد في آيات أُخر(٨).

__________________

(١) نفس المصدر : ١/١٤٣ و١٦٢ و١٦٥ و١٧٨ و١٨٢ ، وغيرها كثير.

(٢) الشعراء : ٣٢.

(٣) والأقرب أنّ بداية النصّ : لا تفيد بدليل قوله وإنّما.

(٤) يس : ٧٧.

(٥) الأمالي : ١ / ٢٧.

(٦) الأنبياء : ٣٧.

(٧) الإسراء : ١١.

(٨) نفس المصدر : ١/٤٦٥ ـ ٤٦٦.

٨٩

ـ وقد يستدلّ بالمدلول اللغوي لآية مّا لبيان تفسير آية أخرى لتقارب لَحِظَهُ الشريف المرتضى بين المدلولين في النتيجة النهائية.

ومن ذلك ما ورد في تأويله آية : (فَغَشِيَهُمْ فِي الْيَمِّ مَا غَشِيَهُم)(١) فقد قال : «ويمكن في الآية وجه آخر لم يذكر فيها يليق بمذاهب العرب في استعمال هذا اللفظ ، وهو أن تكون الفائدة في قوله تعالى (مَا غَشِيَهُم) تعظيم الأمر وتفخيمه كما يقول القائل : فلان ما فعل ، وأقدم على ما أقدم ، إذا أراد التفخيم ، وكما قال تعالى (وَفَعَلْتَ فِعْلَتُكَ الَّتِي فَعَلْتَ)(٢) ، وما يجري هذا المجرى(٣).

سادساً : ولا تفوته الإشارة إلى القراءات المعروفة في الآية الكريمة بما يكشف عن إلمام بوجوه صرفها :

ـ من ذلك قوله : «وقد اختلف القرّاء في فتح الميم وكسرها في قوله تعالى (وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى)(٤) فقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وأبو عمرو بفتح الميمين معاً ، وفي رواية حفص عن عاصم : لا يكسرهما ، وكسر أبو عمرو الأولى وفتح الأخيرة ، ولكلّ وجه ، أمّا من ترك إمالة الجميع فإنّ قوله حسن ، لأنّ كثيراً من العرب لا يميلون هذه الفتحة ،

__________________

(١) طه : ٧٨.

(٢) الشعراء : ١٩.

(٣) الأمالي : ١/٣٥٠ ، وينظر أيضاً : ٢/١٨٢و ١٩٦ ـ ١٩٧.

(٤) الإسراء : ٧٢.

٩٠

وأمّا من أمال الجميع فوجه قوله أن ينحو بالألف نحو الياء ، ليعلم أنّها تنقلب إلى الياء ، وأمّا قراءة أبي عمرو بإمالة الأولى وفتح الثانية فوجه قوله أنّه جعل الثانية أفعل من كذا مثل أفضل من فلان ، وإذا جعلها كذلك لم تقع الألف في آخر الكلمة ، لأنّ آخرها هو من كذا ، وإنّما تحسن الإمالة في الأواخر ...»(١).

ـ ومن ذكره للقراءات قوله : «وروي عن سعيد بن جبير أنّه كان يقرأ ....»(٢).

ـ ومنها قراءة ابن عبّاس في قوله تعالى (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ ممّا يَدْعُوْنَنِي إلَيْهِ)»(٣)(٤) في إشارته إلى قراءة (السَجن) بفتح السين.

ـ وما ورد في قوله تعالى : (إنّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِح)(٥)(٦).

ـ وقوله : «وقد اختلفت قراءة القرّاء السبعة في رفع الراء ونصبها في قوله تعالى (لَيْسَ البِرّ)»(٧)(٨).

ـ ومن إشاراته إلى القراءات قوله : «وقيل : إنّ قراءة أُبَي ... ، (ثُمّ

__________________

(١) نفس المصدر : ١/٩٤.

(٢) نفس المصدر : ١/٣٣٣.

(٣) يوسف : ٣٣.

(٤) نفس المصدر : ١/٤٩١.

(٥) هود : ٤٦.

(٦) نفس المصدر : ١/٥٠٥.

(٧) البقرة : ١٧٧.

(٨) نفس المصدر : ١/٢٠٦ ـ ٢٠٧

٩١

عَرَضَها)(١) وفي قراءة عبد الله بن مسعود : ... ، (ثم عرضهن) وعلى هاتين القراءتين يصلح أن تكون عبارة عن الأسماء»(٢).

ـ ومن ذلك ما ورد في تأويله لقوله تعالى : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْب قُتِلَتْ)(٣) فقد أورد ما زاد على أربع عشرة قراءة ، ووازن بينها مرجّحاً بعضها(٤).

سابعاً : الاستشهاد بالشواهد الأدبيّة شعراً ونثراً وأمثالا :

ولابدّ لمن يتّبع المنهج العقلي في التفسير من أن يلجأ إلى الشواهد الشعرية لإيضاح النصوص التي يتصدّى لتفسيرها ، ولذلك فإنّ ظاهرة الاستشهاد بالشواهد الشعرية أكثر الظواهر بروزاً في تفسيره ، ولم يخلُ تفسير أيّ نصّ من إيراد شواهد من الشعر والنثر وأنّ الغالب على ما ورد في الأمالي من تفسير هو الاستعانة بالنصوص ، ويصلح معظمها ؛ ليكون أمثلةً على ما أسلفنا ، نورد بعض ما اتّسم به استشهاده بهذه النصوص في الآتي :

ـ أمّا من حيث عدد الشواهد فإنّ المرتبة الأولى للشعر ، وهو ما طبع مجمل تفسيره الوارد في كتابه الأمالي.

ـ أمّا الأمثال فقد وردت الإشارة إليها من دون ذكر نصوصها ، ومن ذلك

__________________

(١) البقرة : ٣١.

(٢) نفس المصدر : ٢ / ٧٥ و٢ / ٢٩٠.

(٣) التكوير : ٨ ـ ٩.

(٤) نفس المصدر : ٢ / ٢٨٠.

٩٢

قوله : «ولهذا نظائر في القرآن وكلام العرب وأمثالهم ظاهرة على من له أدنى أنس بمذاهبهم وتصرّف كلامهم»(١).

ـ ويكشف عن قدرة فائقة على فهم النصوص ، وتعيين المتقدّم منها أو المتأخّر وتحديد السبق بناءً عليه(٢).

ـ ومن آرائه في الشعر وشيوعه قوله : «ويقال إنّ هذا الشعر حفظ وصار من أكثر من يسبّون به ويسبّ قومهم ، ولربّ مزح جرّ جدّاً ، وعثرة الشعر لا تستقال ، والشعر يسير بحسب جودته»(٣).

ـ وممّا استعان فيه بشواهد من الشعر ، ورجع إلى اللغة ، ليخرج برأي طريف ما ورد في تأويله لقوله تعالى : (إلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ)(٤) فقد حمل ذلك على معنى «أنّه أراد به نعمة ربّها ، لأنّ الآلاء : النعم ، وفي واحدها أربع لغات : (ألا) مثل قفا ، و (ألْي) مثل رمْي ، و (إلى) مثل مِعى ، و (ألىَّ) مثل حسىّ ، قال أعشى بكر بن وائل :

أَبْيَضٌ لاَ يَرْهَبُ الهَزالَ وَلاَ

يَقْطَعُ رَحْمَاً وَلاَ يَخُوْنُ إلى

أراد : أنّه لايخون نعمة ، فأراد بـ : (إلى رَبِّها) نعمة ربّها ، وأسقط التنوين للإضافة ، فإن قيل : فأيّ فرق بين هذا الوجه وبين تأويل مَن حمل الآية على أنّه أريد بها (إلى ثواب ربّها ناظرة) ، بمعنى : رائية لنعمة ربّها ، قلنا : ذلك

__________________

(١) الأمالي : ١ / ٤٢٨.

(٢) نفس المصدر : ٢ / ٢٥٧.

(٣) نفس المصدر : ٢ / ٢٧٠.

(٤) القيامة : ٢٣.

٩٣

الوجه يفتقر إلى محذوف لأنّه إذا جعل (إلى) حرفاً ولـم يعلّقها بالربّ تعالى ، فلابد من تقدير محذوف ، وفي الجواب الذي ذكرناه لا يفتقر إلى تقدير محذوف لأنّ (إلى) منه اسم يتعلّق به الرؤية ولا يحتاج إلى تقدير غيره»(١).

ثامناً : وفي عرضه للنصوص والشواهد يلجأ إلى الموازنة بينها والحكم عليها بنظرة نقديّة لا يعوزها التعليل النقدي :

ـ فمن ذلك : ما ورد في ردّه على ابن عمّار في ذمّه بيتاً للكميت ، وقد تعرّض أثناء الموازنة لأبيات لذي الرمّة وللمجنون وأبي نوّاس وأبي تمّام ليصل إلى تغليط ابن عمّار ووصفه بالغفلة(٢).

ـ ومنه قوله موازناً بين شعر الفرزدق وليلى الأخيلية : «وليس أبيات الفرزدق بدون أبيات ليلى ، بل هي أجزل ألفاظاً ، وأشدّ أسراً ، إلاّ أنّ أبيات ليلى أطبع وأنصع ...»(٣).

ـ ومن أحكامه النقدية ، وقد قرنها بتاريخ الأدب قوله : «وكان أبو دهبل من شعراء قريش وممّن جمع إلى الطبع التجويد واسمه ... فأمّا كنيته فهي مشتقّة من الدهبلة ، وهي المشي الثقيل ، يقال : دهبل الرجل دهبلة ، إذا مشى ثقيلاً.

ثمّ ينقل رأي أبي عمرو ابن العلاء في شعر أبي دهبل ليقول بعدها :

__________________

(١) نفس المصدر : ١/٤٠ ـ ٤١ ، وينظر أيضاً : ١ / ٤٤ و٧١ و١٠٥ و١١٠ ـ ١١٥.

(٢) الأمالي : ٢/٢٥٥ ـ ٢٥٧.

(٣) نفس المصدر : ١ / ٥٨.

٩٤

«وروى أبو عمرو الشيباني لأبي دهبل ...»(١).

ـ وممّا يكشف عن منهج نقدي يجنح إلى التعليل قوله : «وأنّي لأستحسن القصيدة التي من جملتها البيت الذي أوردناه لأبي نوّاس لأنّها دون العشرين بيتاً ، وقد نسّب في أولها ، ثمّ وصف الناقةَ بأحسن وصف ، ثمّ مدح الرجل الذي قصد مدحه واقتضاه حاجته ، كلّ ذلك بطبع يتدفّق ورونق يترقرق وسهولة مع جزالة»(٢).

فهو في هذا قد علّل حكمه النقدي وأردف القول المتقدّم ـ بعد ذكر النصّ ـ بتحليل للمعاني التي وردت في القصيدة ، ولم يفُتْهُ خلاله الإستشهاد بأبيات لشعراء آخرين(٣).

ـ وكثيراً مّا يورد ـ في عرضه للنصوص ـ موازنات للمعاني لأكثر من شاعر ، مبيّناً أوجه التفضيل التي يراها ، وقد يورد على سبيل الاستطراد أحسن ما يراه ممّا ورد في ذلك المعنى ، مع إشارة إلى ظاهرة الإجتلاب لدى الشعراء ، كما في استحسانه لأبيات الخنساء(٤).

ـ ولا يكتفي بالموازنات وإنّما يُخَطّئ آخرين ممّن اشتهروا بموازناتهم ومنهم الآمدي متّهماً إيّاه بظلم البحتري فيقول : «وجدتُ الآمدي قد ظلم البحتري في تفسير بيت له مضاف إليه مع ظلمه له في أشياء كثيرة

__________________

(١) نفس المصدر : ١/١١٦ ـ ١١٧.

(٢) نفس المصدر : ١/٢٧٩ ـ ٢٨١ ، وهذا يكشف عن الحاجة إلى الوقوف عند المنهج النقدي للسيّد المرتضى ودراسته.

(٣) نفس المصدر : ١/٢٧٩.

(٤) نفس المصدر : ١/٢٧٩.

٩٥

تأوّلها ...»(١).

ومرّة أُخرى يقول : «وقد ظلم الآمدي البحتري في قوله ...»(٢).

وأُخرى : «وممّا خطّأ الآمدي فيه البحتري وإن كان له فيه عذر صحيح لم يهتد إليه قوله ...»(٣).

ـ والسيّد المرتضى وإن لم يؤلّف «كتاباً في اللغة ليُعدّ من أعلامها الذين يظفرون بذكر في قائمة أسماء اللغويّين ، ولكنّه من غير شكٍّ أحد أعلام اللغة المبرّزين ، وذلك بما وعت كتبه من مفردات لغويّة تطرّق فيها إلى شرحها وتحديد مفاهيمها»(٤) ومنها في كتابه الأمالي.

نتائج البحث :

ويمكن تلخيص أبرز مزايا تفسير السيّد المرتضى في كتابه الأمالي بالآتي :

١ ـ يعتمد تفسيره بصفة غالبة على الدليل العقلي مع التمسّك بالضوابط المسوّغة لهذا المنهج من التفسير ؛ ولذلك فيمكن عدّه في طليعة المفسّرين بالرأي من الإماميّة.

٢ ـ يقوم منهجه على عرض الآراء المتعدّدة في تفسير الآية وترجيح أحدها ، ولا يجد غضاضة في تبنّي قول أحد أعلام المفسّرين ممّن تعرّض

__________________

(١) نفس المصدر : ٢/٩١.

(٢) نفس المصدر : ٢/٩٣.

(٣) الأمالي : ٢/٩٤ ، وانظر من موازناته : ١/٣٩٧ ـ ٤٠١.

(٤) أدب المرتضى : ٤٢.

٩٦

لأقوالهم.

٣ ـ يلجأ إلى الشواهد الشعرية أو النثرية لإلقاء الضوء على النصّ ، وهو منهج قديم بدأت ملامحه فيما أُثر عن ابن عبّاس وغيره من الصحابة ، وقد أفصح ما ورد في أماليه عن أنّه لغويٌّ ثبت ، ملمٌّ بالنصوص ، قديرٌ على استكشاف معان دقيقة فيها.

٤ ـ قد يلجأ إلى الرواية ـ وأعني به الاستناد على المأثور ـ غير أنّه توافقاً مع مذهبه يتوسّع في الاستشهاد بالنصوص المنقولة معتمداً على الرواية الواردة عن أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام.

٥ ـ يُخضِع تفسيره لآرائه الكلاميّة فيما يرى وجوب صرفه عن معناه الظاهر ، ولاسيّما في تنزيه الأنبياء.

٦ ـ يلجأ مرّات قليلة إلى التفسير بالمأثور معتمداً على تفسير القرآن بالقرآن ، وأخالُهُ لم يعطِ الروايات اهتماماً كبيراً لشكّه في طريق رواية بعضها ، ممّا قد يُدخل الإسرائيليّات وغيرها فيها.

٧ ـ قد يلجأ إلى تعضيد الدليل العقلي بدليل اللفظ ومعناه اللغوي.

٨ ـ لم تفُتْهُ الإشارة إلى وجوه القراءات المعروفة في النصّ ممّا يكشف عن إلمام بها وبوجوه صرفها.

٩ ـ وفي معالجته للنصوص الشعريّة الواردة كشواهد يكشف عن قدرة متقدّمة على النقد الذي لا تعوزه المعايير النقديّة الموضوعيّة.

١٠ ـ يلجأ أحياناً إلى الموازنة بين النصوص الشعريّة الواردة في معنى واحد ليصل إلى تفضيل أحدها في نظرة نقديّة عميقة.

٩٧

فهرس المصادر

١ ـ القرآن الكريم.

٢ ـ أدب المرتضى من سيرته وآثاره : د. عبد الرزاق محيي الدين ، مطبعة المعارف ، بغداد ، ط١ ، ١٩٥٧م.

٣ ـ أمالي المرتضى (غرر الفوائد ودرر القلائد) : الشريف المرتضى عليّ بن الحسين الموسوي العلوي (٣٥٥ ـ ٤٣٦هـ) القسم الأول ، تحقيق : محمّد أبي الفضل إبراهيم ، دار إحياء الكتب العربية ، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه ، ط١ ، ١٣٧٣هـ/١٩٥٤م.

٤ ـ أمالي المرتضى (غررالفوائد ودرر القلائد) : الشريف المرتضى عليّ بن الحسين الموسوي العلوي (٣٥٥ ـ ٤٣٦هـ) القسم الثاني (ومعه التكملة) ، تحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، لبنان ، ط٢ ، ١٣٧٨هـ/١٩٦٧م.

٥ ـ التفسير والمفسّرون في ثوبه القشيب : الأستاذ المحقّق محمّد هادي معرفة ، تنقيح : قاسم النوري ، نشر : الجامعة الرضويّة للعلوم الإسلامية ، مؤسّسة الطبع والنشر في الآستانة الرضويّة المقدّسة ، ط٢ ، ١٤٢٥ق/١٣٨٣ش.

٦ ـ سقط الزند : أبو العلاء المعرّي ، دار صادر ، بيروت ، ١٣٨٣هـ/١٩٦٣م.

٧ ـ علم التفسير : د. محمّد حسين الذهبي ، دار المعارف ، مصر ، ١٩٧٧م.

٩٨

تعيين الإمام

في ضوء تقريرات الشريف المرتضى

د. جواد حسين الورد

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين.

المقدّمة :

تعدّ مسألة الإمامة من أهمّ المسائل الكلامية الّتي تناولها أهل النظر ، بل من أخطر المسائل الاعتقادية في الإسلام ، وأشدّها خلافاً وحسّاسية ، وما جرى بسببها ـ منذ الصدر الأوّل وحتّى يومنا هذا ـ من سفك للدماء ، وهتك للحرمات ، ونهب للأموال ، وسبي للذراري ، وتشريد من الديار ، وغيرها من الفجائع الأليمة ، والوقائع العظيمة ما يقصر عند حدّ الوصف ؛ وإلى ذلك أشار أبو الفتح الشهرستاني بقوله : «وأعظم خلاف بين الأمّة خلاف الإمامة ؛ إذ ما سُلّ سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سُلّ على الإمامة في كلّ

٩٩

زمان»(١).

وما خطّته الأقلام فيها ، وقاله الخطباء على المنابر عنها ، وجرى بين المتكلّمين من مناظرات حولها لا يقلّ أثراً عن السيف المسلول عليها.

ولا يخفى أنّ الاختلاف لم يقع في أصل الإمامة ، ولكن في وجوبها ، والقائلون بوجوبها اختلفوا في كونها واجبة عقلاً أو سمعاً؟ وهل تعدّ من أصول الدين أو فروعه؟ وهل هي بحسب النصّ أو الاختيار؟ فضلاً عن كيفية استحقاقها. ومن أبرز المتكلّمين الذين تناولوا هذه المسألة ـ بالرجوع إلى صريح المعقولات ، ولوازم المقولات ، وصحيح المنقولات ـ وأفردوها بالتصنيف : عيسى بن روضة (ت حدود ١٥٠ هـ) وأبو جعفر الأحول المعروف بمؤمن الطاق (ت نحو ١٦٠ هـ) والخليل بن أحمد (ت ١٧٠ هـ) وهشام بن الحكم (ت ١٧٩ هـ) وعلي بن إسماعيل الميثمي (ت حدود ٢٠٠ هـ) وثبيت ابن محمّد العسكري (ت حدود ٢٠٠ هـ) ومحمّد بن عمرو الزبيري (ت حدود ٢٠٠ هـ) وعبد الله بن هارون الزبيري (ت ٢١٨ هـ) وأبو جعفر السكّاك (ت حدود ٢٣٠ هـ) والحكم بن هشام بن الحكم (ت حدود ٢٤٠ هـ) والفضل بن شاذان الأزدي (ت ٢٦٠ هـ) وداود بن أسد بن أعفر المصري (ت حدود ٢٩٠ هـ) وإسماعيل بن علي النوبختي (ت حدود ٣٠٠ هـ) وعبد الله ابن جعفر الحميري (ت حدود ٣٠٠ هـ) وإسماعيل بن محمّد المخزومي (ت قبل ٣٠٠ هـ) وجعفر بن ورقاء الكاتب (ت ٣٥٢ هـ) وأبو

__________________

(١) الملل والنحل ج١ ص١٣.

١٠٠