تراثنا ـ العدد [ 124 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العدد [ 124 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ٠
ISBN: 1016-4030
الصفحات: ٤٩٤

١٠٥ ـ المعجم الكبير : للطبراني ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

١٠٦ ـ معرفة الرجال : ليحيى بن معين ، مجمع اللغة العربية بدمشق ،١٩٨٥م.

١٠٧ ـ معرفة الصحابة : لأبي نعيم الأصبهاني ، دار الوطن ، الرياض ، ١٩٩٨م.

١٠٨ ـ معرفة علوم الحديث : للحاكم النيسابوري ، المكتبة العلمية ، المدينة المنورة ، ١٩٧٧م.

١٠٩ ـ المعيار والموازنة : لأبي جعفر الإسكافي ، مؤسّسة المحمودي ، بيروت ،١٩٨١م.

١١٠ ـ المغني : للقاضي عبد الجبار ، المؤسّسة المصرية للتأليف والنشر ، مصر ،١٩٦١م.

١١١ ـ الملل والنحل : للشهرستاني ، دار الكتب العلمية ، بيروت.

١١٢ ـ مناقب ابن شهر أشوب : دار الأضواء ، بيروت ، ١٩٩١م.

١١٣ ـ مناهج اليقين : لابن المطهّر الحلّي ، مطبعة ياران ، إيران ، ١٤١٦هـ.

١١٤ ـ المنتخب من مسند عبد بن حميد : عالم الكتب ، بيروت ، ١٩٨٨م.

١١٥ ـ المنقذ من التقليد : لسديد الدين الحمصي ، مؤسّسة النشر الإسلامية ، قم ، ١٤١٢هـ.

١١٦ ـ المواقف : للإيجي ، مكتبة المتنبّي ، القاهرة.

١١٧ ـ نهاية الإقدام في علم الكلام : للشهرستاني ، مكتبة الثقافة الدينية.

١١٨ ـ نهج البلاغة : جمع الشريف الرضي ، دار الكتاب المصري ، القاهرة ، ١٩٩١م.

١٦١

مع ديوان الشريف المرتضى

(ت ٤٣٦هـ)

السيّد محمّد علي السيّد راضي الحكيم

بسم الله الرحمن الرحيم

تمهيد :

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله خير البريّة المنتجبين الأطهار.

لكلّ شاعر إذا قرأنا ديوانه واطّلعنا على أشعاره بِنيةٌ شعرية يعرف بها ، وطالما عُبّر عنها في كتب الأدب بـ : (مسلك) أو (مذهب) الشاعر في أسلوبه وطابعه الشعريّ ، ثمّ إنّ هذا المسلك أو المذهب الشعريّ إنّما هو نتاج مرحلتين مهمّتين مرّ بهما الشاعر صقلته وصقلت شاعريّته معاً ، فالمرحلة الأولى تتمثّل في بناء شخصيّته التي تكشف عن البيئة المحيطة به ونشأ بها منتزعاً منها ثقافته الشعريّة بفطنته وحسّه المرهف التي تركت آثارها وبصماتها على شعره وشاعريّته حيث صار يعرف ويمتاز بها عن الآخرين في ذوقه

١٦٢

الأدبيّ وحسّه الشاعريّ وملكته في الصناعة الشعرية.

فإنّ السلوك الشخصيَّ الذي يعرف به الشاعر قبل شاعريّته يحذو حذوه حتّى يأخذ طابعاً أدبيّاً معه في أشعاره.

وأمّا المرحلة الثانية فهي مرحلة اقتباس الشعر والأدب الذي يترك على ذهنية الشاعر أثراً كبيراً في شحذ موهبته الشعرية وبراعته وحذاقته وصقل شاعريّته في فصاحتها وبلاغتها وفيما يمتاز به هذا الجانب من استعارات وكنايات وصنائع أدبية يتفوّق بها شعره من شعر تصنعه الخطوب وتتذوّقه القلوب.

وإذا علمنا هذين المفهومين واجتزناهما ونحن بصدد قراءة سريعة ومقتضبة لديوان السيّد المرتضى علم الهدى لنتعرّف على مسلكه الشعريّ بهذين المفهومين أي معرفة شخصيّته ومعرفة المسلك الأدبيّ في شعر السيّد المرتضى رضي‌الله‌عنه وهو عملاقٌ من عمالقة الشعر وسيّد من ساداته ونابغة من ألمع نوابغه دون إطناب في إطراء ومبالغة في ثناء ، وهو أحقّ بالمدح والثناء ، حيث جُهِلَ شعره ولم يعرف منه في الأوساط إلاّ من اطّلع عليه خُبراً فأبهره ذلك الأدب والشعر الذي ينحدر عنه انحدار السيل ، فلنبدأ بمعرفة جوانب من شخصيّته الفذّة من خلال أدبه وشعره الشامخ.

شخصيّة السيّد المرتضى :

هي المرحلة الأولى التي نخوضها من خلال دراسة شعره لنتعرّف على

١٦٣

أصالته وعراقته وعلى جودة شعره ومتانته فلو أردنا أن نتعرّف على شخصيّته من خلال التراجم لطال بنا المقال وخرجنا عمّا نقصده من منال ، وإنّما سيكون معوّلنا عليها في نقل بعض ما يكون متمّماً للكلام ومعزّزاً للمقام.

فإنّ شخصيّة السيّد المرتضى كانت ذا جوانب وأبعاد عديدة من علمية واجتماعية وسياسية وأخلاقية ، وإنّ هذه الصفات والسجايا التي كان يتمتّع بها السيّد المرتضى رضي‌الله‌عنه إنّما جاءته إثر المنشأ الذي نشأ فيه والعناية التي حفّت به منذ طفولته ، فلم تكن وجاهته أو شخصيّته اكتسابيةً قطّ ، بل كانت ذاتيةً ، والحقّ أن نقول : إنّ العناية الإلهية التي حظي بها هي التي أحدقت به وأرشدته وساقته إلى أن يكون (علم الهدى) مع ما له من همّة عالية وذكاء متوقّد ؛ فإنّ قصّة رؤيا أستاذه الشيخ المفيد لفاطمة الزهراء في عالم المنام وهي تقود إليه الحسن والحسين عليهما‌السلام ليعلّمهما الفقه(١) والتي طالما تناقلتها الكتب وذكرها العلماء والخطباء لخير دليل على مصداقيّة هذه العناية التي احتفّت به واحتوته منذ طفولته ونعومة أظفاره ، هذا وإنّ اعتناء والده به حيث جعل له خيرة الأساتذة والمعلّمين لتعجن طينته على طلب العلم والتمرّس في الفنون والعلوم هو العامل الآخر الذي ترك على شخصيّة الشريف المرتضى آثار الرفعة والسموّ والجلالة والوقار ، فخاض سبل العلم من شتّى روافده وورده من جميع أبوابه حتّى يكون علماً من أعلام العلم والحِكَم وسيّداً من سادة الأمم ورائداً من روّاد القلم. ولم ينس لوالده الجميل والفضل ، فقد أثنى عليه

__________________

(١) قاموس الرجال : ٩ / ٢٢٩.

١٦٤

في شعره في عدّة مواطن مشيداً بذكره حيث كان له الأثر الكبير في بناء شخصيّته وإعدادها فصار يتذكّر ذاك البيت الذي ترعرع به ونشأ وكأنّه يعترف بما أسداه إليه والده من معروف قد غمره به في تربيته وتعليمه وشحذ مواهبه قائلا :

سقى الله منزلنا بالكثيب

بكفّ السحائب غمر الحيا

محلّ الغيوث ومأوى الليوث

وبحر النّدى ومكان الغنى

فكم قد نعمت به ما اشتهيت

مشتملا بإزار الصّبا

تعانقني منه أيدي الشمال

ويلثم خدّي نسيم الصّبا

إذا ما طمت بي أشواقه

دعوت (الحسين) فغاض الأسى(١)

وصار يفتخر بأبيه قائلا في مدحه :

ولي صاحبٌ لا يصحبُ الضيم ربُّه

له في دماء الدّارعين قِرابُ

وأسمرُ عسّال الكعوب سنانه

رسول المنايا في يديه كتابُ

إذا ما وجا أوداج قرن مصمّم

أعاد مشيب الوجه وهو شبابُ

ملاني فخراً أنّك اليوم والدي

وأنّك طودي والأنام شعابُ

ألست من القوم الذين إذا دنوا

لحرب تدانت أرؤسٌ ورقابُ

سُيُوفُهمُ ألحاظهم وقناتهم

سواعِدُهم مهما استحرّ ضرابُ(٢)

فإنّه لم يُعهد من تراجم السيّد الشريف المرتضى رحمه‌الله أو ممّن كتب عن

__________________

(١) ديوان الشريف المرتضى : ١ / ١٥٣.

(٢) ديوان الشريف المرتضى : ١ / ١٩٧.

١٦٥

حياته أنّه كان كميّاً وفارساً شجاعاً يرتدي لامة حربه ويحمل في إحدى يديه سيفاً بتّاراً وفي الأخرى قناةً وسمهريّاً ذابلا يقارع في الحرب فرسانها ويناوش في الطعن ذؤبانها ثمّ يفخر بأبيه أنّه من القوم الذين إذا دنوا لحرب تدانت أرؤس ورقاب ، ولكن كلّ ما نلمسه من هذه الاستعارات والكنايات الشعرية أنّه يفخر بوالده حيث أنشأه خير منشأ وأعدّه حتّى صار علماً من الأعلام ، مسلّحاً بسلاح العلم والحكمة والمعرفة.

ومن جيد شعره ما قاله في رثاء أبيه وأعرب عن بالغ أساه هي قصيدته التي مطلعها :

ألا يا قوم للقدر المُتاح

وللأيّام ترغب عن جراحي

قال فيها :

ويا لملمّة نزعت يميني

وحصّت بالقوادم من جناحي

وقال أيضاً :

ألا قل للأخاير من قريش

وسكّان الظواهر والبطاحِ

هوى من بينكم جبل المعالي

وعرنين المكارم والسماحِ

وقال :

سلام الله تنقله الليالي

ويهديهِ الغدُوُّ إلى الرّواحِ

على جَدَث تشبّث من لُؤيٍّ

بينبوع العبادة والصّلاحِ

فتىً لم يروَ إلاّ من حلال

ولم يك زاده غير المباحِ

ولا دَنِسَت له أُزُرٌ بعار

ولا عَلِقَت له راحٌ براحِ

١٦٦

خفيف الظهر من حمل الخطايا

وعريان الصحيفة من جُناحِ

مسوقٌ في الأمور إلى هداها

ومدلولٌ على باب النجاحِ

من القوم الذين لهم قلوبٌ

بذكر الله عامرة النّواحي

بأجسام من التقوى مراض

لمبصرها وأديان صحاحِ(١)

وكذلك فمن أروع ما قاله في مدح أبيه قوله :

لقد ألصقتني بالحسين خلائقٌ

أعدن قديم المجد غضّاً مجدّداً

هو المرء إن قلّ التقدّم مقدِمٌ

وإن عزّ زادٌ في العشيرة زوّدا

أبيٌّ على قول العواذل سمْعُهُ

إذا أعرضوا دون الحفيظة والنّدا

كرامٌ سعوا للمجد من كلّ وجهة

كما بسطوا في كلّ مَكرُمة يدا(٢)

وما فيهم إلاّ فتىً ما تلبّست

به الحرب إلاّ كان عضباً مجرّدا

ثمّ وإن كان لوالده السهم الأوفر والفضل الأوّل في تعليمه وتربيته وبناء مجده إلاّ أنّ البيئة التي نشأ بها شريفنا المرتضى أيضاً كان لها الثقل العظيم في شحذ مواهبه وصقلها ، نعم إنّ إطلاق كلمة ذي المجدين على شريفنا المرتضى وإن أعطاه وساماً عالياً ـ لأنّه انحدر من نسلين علويّين ، وكان والده يلقّب بالطاهر الأجلّ ذو المناقب الأوحد وكان نقيب الطالبيّين وعالمهم وزعيمهم(٣) ثمّ انتهت النقابة إلى الشريف المرتضى بعد رحيل والده وأخيه

__________________

(١) ديوان الشريف المرتضى : ١ / ٣٤٦.

(٢) ديوان الشريف المرتضى : ١ / ٣٨٣.

(٣) الكنى والألقاب : ١ / ٥.

١٦٧

الشريف الرضي رحمه‌الله ـ إلاّ أنّ نشأته في بيت علميّ حيث كان جدّه لأمّه الحسن الملقّب بالناصر الصغير نقيب العلويّين في بغداد وعالمهم وزاهدهم وشاعرهم(١) أيضاً ، فهو أمرٌ يعدّ من العوامل المؤثّرة في إعداده شاعراً من أعلام الشعراء ، كما أنّ البيئة التي أحاطت به من كبار العلماء والشخصيّات من علماء وأدباء هي الأخرى أيضاً تعدّ من العوامل التي حدت به وساقته لسلوك طريق المجد والرفعة والشموخ العلميّ ، فهاهم أساتذته ومشايخه الذين لمعت أسماؤهم في صفحات التاريخ وهم :

الشيخ المفيد (ت ٤١٣هـ) : العالم المتكلّم المشهور ، اشتهر بكثرة علمه. وهو محمّد بن محمّد بن عبدالسلام العكبري البغدادي المكنّى بأبي عبد الله وابن المعلّم.

ابن نباتة : الشاعر المشهور ، وهو أبو نصر عبد العزيز بن عمر بن محمّد بن أحمد بن نباتة السعدي (ت ٤٠٥هـ).

المرزباني : وهو أبو عبد الله محمّد بن عمران بن موسى بن عبيد الله المعروف بالمرزباني (ت ٣٨٤هـ) كان راويةً للأخبار والآداب والشعر.

ابن جنيقا : وهو أبو القاسم بن عبد الله بن عثمان بن يحيى الدقّاق المعروف بابن جنيقا (ت ٣٩٠هـ) ، كان قاضياً محدّثاً ثقةً مأموناً حسن الخلق.

أبو عبد الله القمّي : وهو الحسين بن عليّ بن الحسين بن بابويه (ت أواخر القرن الرابع الهجري) ، أخو الشيخ الصدوق ، كان جليل القدر عظيم

__________________

(١) شرح نهج البلاغة : ١ / ٣٢.

١٦٨

الشأن في الحديث. وقد وثّقه أصحاب التراجم ، وأخباره مشهورة في كتبهم.

أبو علي الفارسي : الحسن بن أحمد بن عبد الغفّار بن محمّد بن سليمان بن أبان الفارسي المولود في (فسا) عام ٢٨٨هـ والمتوفّى في الشونيزي عام ٣٧٧هـ.

ـ وكذلك لو اطّلعنا على تلامذته خبراً لرأيناه واحد دهره وفريد عصره ممّا اكتسبه من علم وأجزله من عطاء في تربية وإنشاء جهابذة وأعلام لا زالوا للعلم عماداً وللعلماء ركناً واعتماداً ، وكلّ ذلك يدلّنا على هيمنة شخصيّة سيّدنا الشريف المرتضى العلمية ومحبّته ومهابته في القلوب إجلالا وتقديراً وإعظاماً له ، ومن عظيم شأنه أنّ بعض خلفاء وملوك زمانه وأبنائهم ورهط من الوزراء و... عدّوا من تلامذته ، وذلك ما يزيد القارئ إعجاباً بشخصيّته الفذّة وبجلالة شأنه وذلك أنّه كان عالماً عَلَماً بمعنى الكلمة.

وهنا نذكر قائمةً بأسماء تلامذته :

الطوسي : وهو أبو جعفر محمّد بن الحسن بن علي الطوسي (ت ٤٦٠هـ) ، الفقيه الأصولي والمحدّث الشهير.

أبو يعلى الديلمي (سالار) : وهو محمّد بن حمزة أو ابن عبد العزيز الطبرستاني (ت ٤٦٣هـ). وكان ينوب عن أستاذه المرتضى في التدريس ، وهو فقيه متكلّم.

أبو الصلاح الحلبي : وهو الشيخ تقيّ الدين بن النجم الحلبي (ت ٤٤٧هـ) ، خليفة المرتضى في البلاد الحلبية ومن كبار علماء الإمامية.

١٦٩

ابن البرّاج : وهو أبو القاسم القاضي السعيد عبد العزيز بن نحرير بن عبد العزيز بن البرّاج (ت ٤٨١هـ).

أبو الفتح الكراجكي : وهو الشيخ الإمام العلاّمة أبو الفتح محمّد بن علي بن عثمان الكراجكي (ت ٤٤٩هـ) ، عالم ، فاضل ، متكلّم ، فقيه ، محدّث ، ثقة جليل القدر.

عماد الدين ذو الفقار : وهو السيّد الإمام عماد الدين ذو الفقار محمّد ابن معبد بن الحسن بن أبي جعفر الملقّب بحميدان ، أمير اليمامة بن إسماعيل بن يوسف بن محمّد بن يوسف بن الأخيضر بن موسى الجون بن عبد الله المحض بن الحسن المثنّى بن الحسن السبط بن الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، كان فقيهاً عالماً متكلّماً ورعاً.

الدوريستي : هو أبو عبد الله جعفر بن محمّد بن أحمد بن العبّاسي الرازي الدوريستي (ت ٤٧٣هـ) ، من أكابر علماء الإمامية اشتهر في جميع الفنون.

من الخلفاء : الطائع لأمر الله ، والقادر ، وابنه القائم بأمر الله وأبو العبّاس محمّد بن القائم بأمر الله.

من الملوك : بهاء الدولة البويهي وأبناؤه شرف الدولة ، وسلطان الدولة ، وركن الدين جلال الدولة ، وأبو كاليجار المرزبان.

من الوزراء : أبو غالب محمّد بن خلف ، وأبو علي الرخجي : وأبو علي الحسن بن حمد ، وأبو سعيد بن عبد الرحيم ، وأبو الفتح ، وأبو الفرج

١٧٠

محمّد بن جعفر بن فسانجس ، وأبو طالب محمّد بن أيوّب سليمان البغدادي ، وأبو منصور بهرام بن مافنة.

من النقباء : والده الشريف أبو أحمد الموسوي ، وخاله الشريف أحمد ابن الحسن الناصر ، وأخوه الشريف أبو الحسن محمّد الرضي ، والشريف أبو علي عمر بن محمّد بن عمر العلوي ، وأبو الحسن الزينبي ، وأبو الحسين بن الشبيه العلوي.

من الأمراء : أبو الغنائم محمّد بن مزيد ، وأبو علي أستاذ هرمز ، وأبو منصور بويه بن بهاء الدولة ، وأبو شجاع بكران بن بلفوارس ، وعنبر الملكي ، وعقيل غريب بن مقفّى.

من العلماء والقضاة والأدباء : الشيخ أبو الحسن عبد الواحد بن عبد العزيز الشاهد ، وسعد الأئمّة أبو القاسم وابنه معتمد الحضرة أبو محمّد ، وأبو الحسين ابن الحاجب ، وأبو إسحاق الصابي ، وابن شجاع الصوفي ، وأبو الحسين الأقساسي العلوي ، وأبو الحسين البتّي أحمد بن علي الكاتب ، والقاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي ، وأبو الحسن السمسمي ، والشاعر أبو بكر محمّد بن عمر العنبري.

ـ قيل في الشريف المرتضى الكثير في تعداد مزاياه وفضائله ومراتبه ، وممّا قيل فيه :

في مرآة الجنان : «وذكره ابن بسّام الأندلسي ... إمام أئمّة العراق بين

١٧١

الاختلاف والافتراق ، إليه فزع علماؤنا ، وأخذ عنه عظماؤنا ، صاحب مدارسها وجامع شاردها وآنسها ، ممّن سارت أخباره وعرفت بها أشعاره ، وحمدت في ذات الله مآثره وآثاره ، وتواليفه في أصول الدين ، وتصانيفه في أحكام المسلمين ممّا يشهد أنّه فرع تلك الأصول ، ومن أهل ذلك البيت الجليل»(١).

في جامع الأصول قال ابن الأثير : «إنّ مروّج المائة الرابعة بقول فقهاء الشافعية هو أبو حامد أحمد بن طاهر الأسفرايني ، وبقول علماء الحنفية أبو بكر محمّد بن موسى الخوارزمي ، وباعتقاد المالكيه أبو محمّد عبد الوهّاب ابن نصر ، وبرواية الحنبلية هو أبو عبد الله الحسين ابن علي بن حامد ، وبرواية علماء الإمامية هو الشريف المرتضى الموسوي»(٢).

في تتمّة يتيمة الدهر قال الثعالبي : «قد انتهت الرئاسة اليوم ببغداد إلى المرتضى في المجد والشرف والعلم والأدب والفضل والكرم ، وله شعر في نهاية الحسن»(٣).

وفي لسان الميزان نقل ابن منظور هذا القول : «قال ابن طيّ : هو (الشريف المرتضى) أوّل مَن جعل داره دار علم ، وقدّرها للمناظرة ، وكان قد

__________________

(١) مرآة الجنان : ٣ / ٤٤.

(٢) جامع الأصول : ١١ / ٣٢٣.

(٣) يتيمة الدهر : ٥ / ٦٩.

١٧٢

حصل على رئاسة الدنيا .. العلم مع العمل الكثير ، والمواظبة على تلاوة القرآن ، وقيام اليل ، وإفادة العلم».

وقد روي في تقييم الشاعر أبي العلاء المعرّي للمرتضى .. أنّه لمّا خرج من العراق سُئل عن السيّد الشريف المرتضى ، كيف وجده؟ فقال في جوابه لسائله :

يا سائلي عنه لمّا جئت تسأله

ألا وهو الرجل العاري من العارِ

لو جئته لرأيت الناس في رجل

والدهر في ساعة، والأرض في دارِ(١)!

وهكذا نجد شريفنا المرتضى ملك مجامع القلوب بحكمته الناجحة وسجاحة خلقه الراجحة ، وفرض مكانته دون سطوة وسلطان ، وبلغ بمسؤوليّته إلى ساحل الأمان ، وهو يعيش عصره العلمي الذي عرف في صفحات التاريخ بالعصر الذهبي للدولة العبّاسية ، حيث ازدهرت أصقاع المعمورة الإسلامية آنذاك بروّاد العلم في القرنين الرابع والخامس الهجريّين ، وكثرت بها المدارس وانعقدت بها حلقات الدروس حتّى عادت بغداد عاصمة الدولة الإسلامية محطّاً لرحالهم ومبلغاً لآمالهم ، لقد لمعت في سماء مجد العالم الإسلامي أعلام وأمجاد لم ير التاريخ آنذاك مثيلا لهم في الأمم المعاصرة لها والغابرة عنها ، وهاهم ثلّة من أعلام ذاك الزمان وأعاظمهم في شتّى العلوم المعاصرين لشريفنا المرتضى ممّن كانوا قبله أو في أيّامه أو بعده

__________________

(١) لسان الميزان : ٤ / ٢٢٣.

١٧٣

في كلا القرنين الرابع والخامس الهجريّين.

ابن الهيثم مؤسّس علم البصريّات (ت ٤٣٠هـ).

أبو الطيّب المتنبّي أحد أعظم شعراء العرب (ت ٣٥٤هـ).

أبو الريحان البيروني عالم مسلم في عدّة مجالات (ت ٤٣٩هـ).

ابن عراق كان معلّماً للبيروني (ت ٤٢٧هـ).

ابن جلجل الطبيب الأندلسي (ت ٣٧٧هـ).

أبو حيّان التوحيدي الأديب المسلم (ت ٤١٤هـ).

أبو العلاء المعرّي من أشهر الشعراء في العصر العبّاسي (ت ٤٤٩هـ).

أبو الوفاء البوزجاني العالم في الرياضيّات (ت ٣٨٨هـ).

أبو نعيم الأصبهاني المؤرّخ المسلم (ت ٤٣٠هـ).

ابن سينا الطبيب العربي (ت ٤٢٧هـ).

تصانيفه :

وقد بلغت تصانيفه ورسائله ومؤلّفاته مئة وسبعة عشر مصنّفاً مذكورة في العديد من الكتب ، والمقام لا يسع إلى ذكرها.

شعره وشاعريّته :

ويجدر بنا أن نشير هنا إلى أخيه الشريف الرضي رحمه الله ورضي

١٧٤

عنه ، فإنّ كلّ ما نقوله في شاعريّة الشريف المرتضى يصدق على أخيه الشريف الرضي أيضاً ؛ لأنّهما غُذِيا العلم والأدب من يفاعتهما ونشئا عليه فكان كلّ منهما معوّلا للآخر ، ويبدو أنّ الشريف المرتضى كان أكثر تعويلا على أخيه الشريف الرضي ، فقد عرف أنّه كان أجزل من أخيه المرتضى شعراً وأبسط باعاً وأكثر انسياباً.

ويدلّنا على اعتماد المرتضى على أخيه ما قاله في طيف الخيال : «... وأن أعتمد على إخراج ما في ديوان الطائيّين وشعر أخي نظّر الله وجهه وأحسن منقلبه»(١) ، وقال : «وسمع أخي رضي الله عنه هذه الأبيات لأنّه قلّ ما كان يخرج لي شيئاً من الشعر إلاّ ويسمعه وينشده ولا يخرج له رحمه الله طول حياته إلاّ ما ينشد فيه»(٢).

وذكر العلاّمة المجلسي أيضاً ما يدلّ على معوّل المرتضى على أخيه الرضيّ أنّه : «دخل أبو الحسن الحذّاء وكيل الرضي والمرتضى يوماً على المرتضى فسمع منه هذه الأبيات فكتبها وهي :

سرى طيف سعدى طارقاً فاستفزّني

سُحَيراً وصحبي بالفلاة رقودُ

فلمّا انتبهنا للخيال الذي سرى

إذا الدار قَفْرٌ والمزار بعيدُ

__________________

(١) طيف الخيال : ٢٦.

(٢) طيف الخيال : ٨٠.

١٧٥

فقلت لعيني عاودي النوم واهجعي

لعلّ خيالا طارقاً سيعودُ

ثمّ دخل أبو الحسن الحذّاء على الرضيّ وهي في يده فاستعرضها هو : ما معه فعرضها عليه وقال الرضيّ : أين أخي من هذه الأبيات وترك منه بيتين وأخذ القلم وكتب تحتها :

فردّت جواباً والدموع بوادرٌ

وقد آن للشَّمل المشتِّ ورودُ

فهيهات من ذكرى حبيب تعرّضت

لنا دون لقياه مهامه بيدُ

ثمّ عاد إلى المرتضى فشرح له القصّة وعرض عليه القرطاس الذي فيه الأبيات فعجب فقال عزّ عليّ يا أخي قتله الذكاء»(١).

فلا يخفى وكما بيّنّا سابقاً أنّ البيئة التي احتضنت الشريف المرتضى لها السهم الكبير في إعداده ، كما أنّها تُعدّ العامل الأساسيَّ المؤثّر على شخصيّة السيّد المرتضى رحمه‌الله في إنشائه عالماً وأديباً شاعراً ، فمن مقوّمات هذه البيئة هم أساتذته الذين أنشأوه خير منشأ ، فلو أردنا أن نذكر أبعاد شخصيّة كلّ منهم لطال بنا المقال ولخرجنا عن أصل الحال أوبَعُدَ عنّا المنال ، ولكن ولما نقصده من شاعريّة سيّدنا المرتضى نذكر يسيراً عن أستاذه في الأدب والشعر ، الذي احتواه منذ يفاعته واحتفّ به وغذّاه الأدب والشعر وغرس فيه

__________________

(١) بحار الأنوار : ١٠٧ / ٢٠.

١٧٦

مبادئ العلوم العربية وصقل موهبته وصيّره عملاقاً من عمالقة الشعر العربي ونابغة من نوابغه ، وهو أستاذه الشاعر العربي المعروف بابن نباتة السعدي (ت ٤٠٥هـ) أبو نصر عبد العزيز بن عمر بن نباتة بن حميد بن نباتة بن الحجّاج بن مطر السعدي التميمي (من بني سعد من قبيلة بني تميم) ، ولد في بغداد عام (٣٢٧هـ) ونشأ بها ، ودرس اللغة العربية على أيدي علماء بغداد في عصره حتّى نبغ ، وكان شاعراً محسناً مجيداً بارعاً جمع بين السبك وجودة المعنى(١) ، قال عنه أبو حيّان : «شاعر الوقت ، حسن الحذو ، على مثال سكّان البادية لطيف الائتمام بهم خفيّ المغاص في واديهم ، هذا مع شعبة من الجنون وطائفٌ من الوسواس»(٢). وقال عنه ابن خلّكان : «معظم شعره جيّد ، توفّي ببغداد»(٣).

وقال عنه الثعالبي : «من فحول شعراء العصر ، وآحادهم ، وصدور مجيديهم ، وأفراد الذين أخذوا برقاب القوافي ، وملكوا رقّ المعاني ، وشعره من قرب لفظه بعيد المرام ، مستمرّ النظام ، يشتمل على غرر من حرّ الكلام ، كقطع الروض غبّ القطر ، وفقر كالغنى بعد الفقر ، وبدائع أحسن من مطالع الأنوار وعهد الشباب ، وأرقّ من نسيم الأسحار وشكوى الأحباب»(٤).

له ديوان شعر احتوى على أكثر من (٢٩٧) قصيدة.

__________________

(١) أعيان الزمان : ٣٧ و٣٨.

(٢) أنظر : الأعلام للزركلي : ٤ / ٢٤.

(٣) وفيات الأعيان : ٣ / ١٩١ و١٩٢.

(٤) يتيمة الدهر : ٢ / ٤٤٧ ، رقم ١٣٥.

١٧٧

وكذلك من أساتذته في الشعر والأدب هو عليّ أبو عبيد الله المرزباني (ت ٩٩٤هـ) صاحب معجم الشعراء والموشَّح وغيرها ، وإنّ أكثر روايات المرتضى في كتابه الأمالي عنه(١) ، حيث كان راوية للأخبار والآداب والشعر ، ومنهم أيضاً أبو علي الفارسي ، فهؤلاء هم حصون الأدب العربي ومناهله وجهابذته وفطاحله الذين اقتبس منهم الشريف المرتضى وارتشف من معينهم وانتهل ، وهكذا أصبح المرتضى ترجماناً من ترجماني الشعر والأدب ، حيث نشأ شاعراً عالماً بفنون اللغة العربية وعلومها وآدابها ، من تصاريفها الفعلية وقواعدها النحوية ومعاني مفرداتها وبيانها وبديعها من فصاحة وبلاغة ، كما كان ملمّاً بأنساب العرب وقبائلها ووقائعها وأيّامها ، وكلّ هذه الأمور لائحة معالمها في ديوانه ، واضحة مفاهيمها في بيانه ، ممّا تزيد القارئ إعجاباً بجزالة الألفاظ والمعاني وتشدُّ الخبير إليها طلاباً لما يدركه من قوّة التعبير والمباني ، فلولا اشتغاله بالعلوم التي خاض غمارها محتملا أوقارها ومحتوياً أسرارها حتّى ساد أخيارَها وأبرارها لقيل فيه كما قيل في الكميت بن زيد «ذاك هو أشعر الأوّلين والآخرين»(٢) ، وإن لم يقلّ عنه وعن سائر الشعراء معرفةً وعلماً وقدراً وغزارة وجزالة وأخذاً برقاب القوافي ، فهو الأديب اللّوذعي والشاعر الألمعي دونه أبو العلاء المعرّي والأصمعي ، وقد جارى الشعراء صناعة وصياغةً فأبهرهم في البيان فصاحةً وبلاغة ، فلا بِدعَ إن قلنا

__________________

(١) الانتصار : ٢٤.

(٢) أنظر : الغدير : ٢ / ١٩٦.

١٧٨

ضاها الفرزدق والكميت والحميري وأبا تمّام وبشّار والبحتري ، فهذا هو عصره الزاخر بفحول الشعراء من القرنين الرابع والخامس الهجريّين أمثال :

شعراء القرن الرابع :

منصور بن سلمة الهروي.

أبو بكر محمّد بن الحسن بن دريد.

أحمد بن محمّد بن الحسن الصنوبري.

عليّ بن أصدق الحائري.

أبو الحسن السرّي بن أحمد الرفاء الموصلي.

محمود بن الحسين بن السندي كشاجم.

طلحة بن عبيد الله العوني المصري.

عليّ بن إسحاق الزاهي الشاعر.

الأمير أبو فراس الحمداني.

محمّد بن هاني الأندلسي.

الناشي الصغير أبو الحسن علي بن عبدالله بن الوصيف.

الأمير محمّد بن عبد الله السوسي.

سعيد بن هاشم الخالدي.

الأمير تميم بن الخليفة.

عليّ بن أحمد الجرجاني الجوهري.

الصاحب إسماعيل بن عبّاد.

١٧٩

محمّد بن هاشم الخالدي.

الحسين بن الحجّاج.

عليّ بن حمّاد العبدي.

أحمد بن الحسين بديع الزمان الهمداني.

الشريف الرضي.

شعراء القرن الخامس :

أحمد بن منصور القطّان.

أحمد بن عبدالله.

ابن جبر المصري.

أبو العلاء المعرّي.

أبو نصر بن نباتة.

الأمير عبد الله الخفاجي.

زيد الموصلي النحوي.

فارس بن محمّد بن عنان.

أبو الحسن مهيار الديلمي البغدادي.

أبو محمّد عبد المحسن ابن غلبون الصوري.

فكيف لا يجاريهم ولا يباريهم أو يكون دونهم أدباً وصناعة وشعراً وهو الشاعر المفلّق الذي شهدت له قوافيها ونواديها من حواضرها وبواديها ،

١٨٠