تراثنا ـ العددان [ 117 و 118 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العددان [ 117 و 118 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ٠
ISBN: 1016-4030
الصفحات: ٤٩٤

بين الأمرين من قبل عمر شيء عجيب.

وأنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) كان قد أخبر أمّته بأنّها تقفو إثر الأُمم السابقة في قوله : «لتتبعنّ سنن مَنْ كان قبلكم شبراً بشبر ...» وهذا هو الذي دعاه (صلى الله عليه وآله)أن يوصي الإمام عليّ عليه‌السلام بجمع القرآن من بعده ، حتّى لا تضلّ أمّته كما ضلّت اليهود والنصارى. كما أنّه أكّد بأنّ منزلته منه كمنزلة هارون من موسى.

نعم أنّ الإمام عليّ وقف أمام رؤية الخلفاء الخاطئة مؤكّداً للصحابة بأنّه ترجمان القرآن ، ولا يمكن فهم القرآن إلاّ به وبالأوصياء من ولده.

وأنّ في سؤال الفضل بن يسار في نزول القرآن على سبعة أحرف وجواب الإمام الصادق عليه‌السلام : «كذبوا أعداء الله ولكنّه نزل على حرف واحد من عند الواحد»(١) ، إشارة إلى وجود اتّجاه يدعم نزول القرآن على سبعة أحرف ، وأنّك علمت بأنّ الإيمان بهذه الفكرة يدعو إلى تحريف القرآن لا محالة ، وذلك لتعدّد القراءات وحجّيتها على مرّ الزمان.

في حين أنّا كنّا قد وضّحنا قبل قليل بأنّ الكلمات العربية وخصوصاً القرآنية منها لها معانيها الخاصّة بها ، فلا يمكن إبدال كلمة بأُخرى لأنّها تفسد بلاغة القرآن.

بهذا فقد اتّضح للجميع بأنّ كلّ هذه الأمور كانت من تبعات ترك الخلفاء الأخذ بالمصحف الموجود خلف فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، والذي ألّفه

__________________

(١) الكافي ٢ / ٦٣٠ ح ١٣.

٢٠١

الإمام عليّ عليه‌السلام بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ثلاثة أيّام.

لأنّ عمر بن الخطّاب وقبله أبا بكر لمّا تركا الأخذ بتلك النسخة ، أخذ الصحابة يقرؤون القرآن حسبما يرونه صحيحاً عندهم ، إذ لا مصحّح لهم إلاّ قراءتهم وما سمعوه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وما لبث أن انتشر التفاوت بين القراءات في كلّ الأمصار ، كلٌ يقرء على خلاف قراءة صاحبه.

وحيث أنّ عمر بن الخطّاب كان لا يريد الاعتماد على نسخة بعينها بدلا عن نسخة الأصل الموجودة عند أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب ؛ لأنّ المشكلة ستعود عليه مرّة أخرى وسيكون أمامه عليٌّ بن أبي طالب آخر ، فدعا إلى شرعية الأحرف السبعة وتعدّد القراءات ليعذر نفسه وليصحّح الاختلاف في القراءات أيضاً ، كلّ ذلك بتفسيره الخاصّ للأمور.

ونحن قد وضّحنا سابقاً في دراستنا حول (منع تدوين الحديث) مذهبه في الحديث ، كما أكّدنا أيضاً بأنّ ذهاب بعض الصحابة إلى ذات الرأي الذي ذهب إليه الخليفة أو نسبة قول لأحد صحابة يشابه قول أحد الخلفاء الثلاثة يشكّكنا في صحّة المنسوب إلى ذلك الصحابي لأنّه قد يكون قد قاله ، وقد يكون نسب إليه ، وخصوصاً في المسائل الخلافية ؛ لأنّهم قد ينسبون إلى أعيان الصحابة نفس ما ذهب إليه الخليفة تحكيماً لموقعيته ورأيه ، وبما أنّا نعلم بأنّ عمر بن الخطّاب كان من الراوين لحديث الأحرف السبعة فلا يستبعد أن ينسبوا أخباراً إلى أُبيّ بن كعب وعبدالله بن مسعود ومعاذ بن جبل وغيرهم ما يؤيّد رأي الخليفة.

٢٠٢

وعليه فالخلفاء الثلاثة تحت مقولة : «أغنانا ما عندنا من القرآن عمّا تدعونا إليه» وقعوا في مشاكل عديدة.

منها تشريع الاجتهاد لجميع الصحابة ثمّ حصرها بأنفسهم(١) ، وأنّ القول بنزول القرآن على سبعة أحرف جاء لتبرير قراءاتهم ، وأخيراً جاء عثمان ليحصر القراءات في قراءة واحدة وهذا سبب له مشاكل كثيرة حتّى انتهت إلى قتله.

والأسوأ من كلِّ ذلك أنّهم جاؤُا ليشكّكوا في موقعية الإمام عليّ عليه‌السلامالعلمية ، بل التشكيك في موقعية كلّ من قيل بأنّه جمع القرآن على عهد رسول الله وكان عالماً به مثل أُبيّ وابن مسعود وغيرهم ، لكونهم المنافسين للخلفاء في أمر القرآن.

بل ادّعوا أكثر من ذلك كقولهم بأنّ الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام كان لا يحفظ إلاّ سورة واحدة وهي سبّح اسم ربّك الأعلى(٢) ، وحلف الشعبي بالله قائلاً : «لقد دخل عليٌّ حفرته وما حفظ القرآن»(٣).

كما أنّهم قالوا إنّ رسول الله لم يخصّ عليّاً ولا أحداً من أهل بيته بشيء من العلم ؛ لأنّه (صلى الله عليه وآله) لم يترك علماً غير القرآن ، وهو الموجود بين الدّفتين

__________________

(١) راجع كتاب (منع تدوين الحديث) لنا.

(٢) بصائر الدرجات : ١٥٥ / ح ٣ ، تفسير العياشي ١ / ١٤ / ح ١.

(٣) الصاحبي لابن فارس : ٣٢٥ / باب سنن العرب في حقائق المجاز ، عن ابن قتيبة الدينوري ، وكتاب القرطين كما في البيان للسيد الخوئي.

٢٠٣

اليوم.

قالوا بكلّ ذلك والإمام عليه‌السلام ساكت غير معترض على ما ادّعوه من جمع الثلاثة للقرآن ، لأنّه كان صاحب القرآن الذي يقرأ به المسلمون على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وهو يعلم بأنّ منهج أولئك لا يؤثّر في حجّة القرآن بل لا يؤثّر في قراءات الناس وقناعاتهم في القرآن ، لأنّهم كانوا قد عرفوا ذلك القرآن وقرؤوه مع رسول الله ، كما أنّهم كانوا يسمعون الصحابة وآل البيت وخصوصاً رسول الله والإمام عليّ عليه‌السلام وفاطمة الزهراء والحسن والحسين عليهم‌السلام يقرؤون بذلك القرآن ، فلو كان الحال كذلك فلا ضرورة لاعتراضه على الخلفاء في ذلك.

والإمام عليٌّ سكت ولم يعترض عليهم لأنّ الخلفاء لم يمكنهم أن يزيدوا أو ينقصوا من هذا القرآن ، مع علمه وعلمنا بأنّهم بمنهجهم الخاطي كانوا يريدون أن يسلبوا شرف جمع القرآن بين الدفّتين من يد عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ليشرّفوا بها أنفسهم.

فلو كان هناك تحريف للقرآن على عهد أبي بكر وعمر لجهر الإمام عليّ عليه‌السلام بالحقّ وصحّح ذلك للناس ، ومعنى كلامي عدم قبولي صحّة الأحاديث السابقة الّتي جاءت على لسان الصحابة ، وأنّ اعتراضي كان على منهجهم المغلوط في الجمع.

أجل ، إنّ الإمام لم يرَ في عمل الخلفاء ما يسيء إلى أصل القرآن ، فتركهم على حالهم ، وهكذا الحال بالنسبة إلى ابنه الإمام الحسن عليه‌السلام فقد

٢٠٤

استشهد بهذا القرآن لا لأنّه قرآن أبي بكر وقرآن عمر وقرآن عثمان بل لأنّه قرآن الله وقرآن رسوله(صلى الله عليه وآله) وهو القرآن المتواتر قراءته بين المسلمين والمحفوظ في بيت رسول الله والموجود نسخة منه عند أبيه الإمام عليّ.

إذن فقبول الإمام عليّ عليه‌السلام بما يسمّى بالمصحف العثماني!!! واستشهاده بآياته يؤكّد عدم وقوع التحريف فيما يقرؤون فيه ، إذ أنّ جمعهم كان جمع للمجموع على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله).

بهذا فقد اتّضح لك من مجموع ما قلناه بأنّ الخلفاء الثلاثة أرادوا التنقيص بالإمام عليّ عليه‌السلام وكبار الصحابة ـ على حساب القرآن ـ ثمّ رسم البديل وتعويض الأُصول المبتناة وقد أخطؤوه في ذلك ولم يوفّقوا في أطروحتهم.

وأنّ فكرتهم السقيمة ومناهجهم الباطلة فسحت المجال لأصحاب الأهواء والحشويّين من المحدّثين وأعداء الدين لكي يدرجوا بعض الأخبار الّتي يستشمّ منها رائحة التحريف على أنّها من القرآن ، لكن القرآن بقي بعيداً لا تطاله يد التحريف ، كما أنّ تلاوة الصحابة وأهل البيت عليهم‌السلام لآياته آناء الليل وأطراف النهار وفي صلواتهم وغيرها حفظته من التبديل والتحريف ، وفوق كلِّ ذلك تعلّق إرادة ربّ العالمين بصون كتابه العزيز من ذلك.

وللبحث صلة ...

٢٠٥

تاريخ الحوزات العلميّة والمدارس الدينيّة

عند الشيعة الإماميّة

(الحوزة العلميّة في سامرّاء)

الشيخ عدنان فرحان

بسم الله الرحمن الرحيم

الفصل الأوّل

نشأة مدينة سامرّاء وتركيبتها الاجتماعية والمذهبية

المبحث الأوّل : مدينة سامرّاء في دورها الأوّل :

لا نريد أن نتوغّل كثيراً في تاريخ سامرّاء قبل الإسلام والذي يمتدّ إلى قرون طويلة ، حتّى قال بعضهم إنّها مدينة عريقة في القدم ، تعود إلى زمن سام بن نوح أو أقدم من ذلك ... أو إنّها أقدم مدينة آهلة بالسكّان منذ أدوار ما قبل التاريخ(١). وإنّما نتحدّث عنها كمدينة إسلامية يعود إنشاؤها إلى أيّام

__________________

(١) سامرّاء قديماً ، ضمن موسوعة العتبات المقدّسة : ١٢/١٣ وما بعدها.

٢٠٦

الخلافة العبّاسية زمن خلافة المعتصم بن هارون الرشيد ، الذي تولّى الخلافة بعد وفاة أخيه المأمون سنة (٢١٨هـ).

وكان السبب في انتقال مقرّ الخلافة من بغداد إلى مدينة سامرّاء هو كثرة جند الخليفة «حيث كانت أكثرية جنده من الأتراك الذين ضاقت بهم بغداد بعد أن آذوا سكّانها ، لذلك فكّر المعتصم بالانتقال منها واختيار موضع سامرّاء ؛ ليكون مقرّاً له ولجنده ... فاستقرّ رأيه سنة (٢٢١ هـ) على أن يشيّد مدينة المعتصم نسبة إليه ، أو مدينة القاطول نسبة إلى نهر القاطول ... واستقدم المعتصم العمّال المهرة والفنّيين من أنحاء البلاد الإسلامية لتشييد العاصمة العبّاسية ـ الجديدة ـ ... فأصبحت المدينة هذه من أجمل المدن التي أنشأها الحكّام المسلمون ، وضمّت أجزاءً خاصّة لسكن فرق الجيش وموظّفي الدولة وعامّة الناس وأطلق عليها اسم سامرّاء (سُرَّ مَنْ رأى) ، وكانت في أيّام ازدهارها سيّدة مدن العالم»(١).

إلاّ أنّ هذه المدينة التي فاجأت العالم بظهورها وجمالها ، فاجأته مرّة أُخرى بكسوفها وأُفولها الدائم ، ولم تستمرّ على حالها سوى نصف قرن من الزمن ، تحوّلت بعدها إلى خرائب وأطلال موحشة! إذ يقول ياقوت الحموي في معجمه وهو يشير إلى خراب سامرّاء : «لم يبق منها إلاّ موضع المشهد ـ ويقصد مشهد الإمامين عليٍّ الهادي والحسن العسكريّ ـ ومحلّة أُخرى بعيدة

__________________

(١) دائرة المعارف الإسلامية الشيعية : ١٣/١٣٧ ، وانظر : د. صالح أحمد العلي ، في كتابه سامرّاء.

٢٠٧

منها يقال لها كرخ سامرّاء ، وسائر ذلك خراب بباب يستوحش الناظر إليها بعد أن لم يكن في الأرض كلّها أحسن منها ، ولا أجمل ولا أعظم ولا آنس ولا أوسع ملكاً»(١).

وكان السبب في هذا الأُفول السريع لهذه المدينة الجميلة «نتيجة الوضع المتدهور والاختلاف الواقع في الدولة العبّاسية ، بسبب العصبية التي كانت بين الأُمراء الأتراك المسيطرين على مجريات الدولة آنذاك ، فقد هجرها الخليفة العبّاسي المعتمد سنة (٢٧٩هـ) هجراناً تامّاً ، وانتقل منها إلى بغداد العاصمة العبّاسية القديمة ، ليتّخذ منها مقراً له لستّة أشهر قبل وفاته في السنة نفسها ، وأصبحت سامرّاء وكأنّها لم تكن ، فانقلب ذلك المجهود الجبّار بين عشيّة وضحاها أي بعد انقضاء نحو خمسين عاماً على تأسيسها إلى إطلال ، حيث حكمها ثمانية خلفاء هم : المعتصم باللّه ، والواثق باللّه ، والمتوكّل على الله ، والمنتصر باللّه ، والمستعين باللّه ، والمعتزّ باللّه ، والمهتدي باللّه ، والمعتمد على الله»(٢).

المبحث الثاني : مدينة سامرّاء في دورها الثاني :

لقد انتهت مدينة المعتصم العبّاسي (سر من رأى) إلى الخراب ، ونعب في أرجائها الغراب ، حتّى قال فيها الشاعر عبد الله بن المعتزّ :

__________________

(١) معجم البلدان : ٥/١٢.

(٢) دائرة المعارف : ١٣/١٣٧ ، وللتوسّع انظر : تاريخ الأُمم الإسلامية ـ الدولة العبّاسية.

٢٠٨

مُقْفرة الربع لحجّ هاجرها

عامرها موحشٌ وغامرها

ينتحب اليوم في منازلها

كأنّ أوطانها مقابرها

ولم يبق من تلك المدينة إلاّ مرقدي أعلام الهداية (موضع المشهد) الذي نصّ عليه الحموي في معجمه ، والمحلّة التي سكنها الإمامان العسكريّان ، وهي الحارة الشهيرة في أيّام المعتصم والمعروفة بـ : (عسكر المعتصم) ، وإلى هذا الموضع نُسب الإمام الحسن بن الإمام عليّ الهادي عليه‌السلام فعرف بالعسكريّ ، وكان يسكن هذه الحارة ، ودفن فيها من قبله والده الإمام عليّ الهادي عليه‌السلام الذي توفّي سنة (٢٥٤ هـ) ، ولمّا توفّي الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام سنة (٢٦٠هـ) دُفن إلى جوار أبيه وأصبح مشهد الإمامين المعروف بـ : (الروضة العسكرية) نواة مدينة سامرّاء الحالية ، فشيّدت الدور والمنازل والأسواق والمباني الأُخرى حولها ... وقد حافظت المدينة على عمرانها ووضعها إلى ما بعد انقراض الدولة العبّاسية»(١).

يقول السيّد حيدر الحلّي :

زانَ (سامرّاء) وكانت عاطلاً

تشتكي من مُحلّيها الجفاءا

وغدت أفناؤها آنسةً

وهي كانت أوحش الأرض فضاءا

حىّ فيها (المرقد الأسنى) وقل

زادك الله بهاءً وسناءا

ثمّ ناد (القبّة) العليا وقل

طاولي يا قبّة (الهادي) السماءا

__________________

(١) دائرة المعارف : ١٣/١٣٨.

٢٠٩

بمعالي (العسكريّين) اشمخي

وعلى أفلاكها زيدي علاءا

وبنا عرّج على تلك التي

أودعتنا عندها (الغيبة) داءا(١)

ولمدينة سامرّاء اليوم أهمّيتها التاريخية ، ومكانتها الإسلامية لوجود مشهد الإمامين ، ولقربها من بغداد ، ويجلب إليها وجود بعض الآثار العبّاسية الكثير من الزوّار والسيّاح.

ويعتبر مشهد الإمامين العسكريّين عليهما‌السلام والتي تعرف بـ : (الروضة العسكرية) من أهمّ معالم هذه المدينة. «وتقع الروضة العسكرية في قلب مدينة سامرّاء الحالية ، وتعتبر أحد أبرز المعالم الحضارية والإسلامية في العالم الإسلامي ... ويتوسّط الروضة ضريح الإمامين عليّ الهادي والحسن العسكري عليهما‌السلام»(٢).

قد شهد المشهدين العسكريّين حركة تشييد وإعمار في مختلف العصور والأزمان ، من أوّل تشييد وبناء في عهد ناصر الدولة الحمداني سنة (٣٣٣هـ) حيث تمّ تشييد قبّة الضريحين ... مروراً بالدولة البويهية ، والسلجوقية والصفوية ، وانتهاءً بآخر عمارة للمشهدين زمن الدولة القاجارية حيث «أمر ناصر الدين شاه القاجاري سنة (١٢٨٥ هـ) بتجديد شبّاك الضريحين ، وكسا القبّة من الخارج بقشرة خفيفة من الذهب ، وكسا المآذن بالبلاط القاشاني المزخرف»(٣).

__________________

(١) موسوعة العتبات : ١٢/١٢٣ ـ ١٢٤ عن ديوان السيّد حيدر الحلّي.

(٢) دائرة المعارف : ١٣/١٣٩.

(٣) المرجع نفسه : ١٣/١٤٠.

٢١٠

إلاّ أنّ يد المجرمين والإرهابيّين طالت هذه الروضة الشريفة ، ففجّر حرم الإمامين ، وأسقطت قبّته الكبيرة وذلك سنة (١٤٢٧ هـ ـ ٢٠٠٦ م) في مشهد تبكي له العيون دماً ، وأعقبه تفجير آخر سنة (١٤٢٨ هـ ـ ٢٠٠٧ م).

وكان الهدف من هذا العمل الإرهابي إيقاع فتنة طائفية بين السنّة والشيعة ، وكادت أن تقع فعلاً ، لولا ضبط النفس ، وحكمة المرجعية الدينية في النجف الأشرف.

ولا زال الإعمار جارياً في تشييد المرقدين الشريفين ويشارف على الانتهاء قريباً ، كما أنّ حركة الزيارة للمرقدين لم تنقطع أبداً ، بالرغم من وجود بعض المخاطر الأمنية في تلك المنطقة.

المبحث الثالث : الوجود الشيعيّ في مدينة سامرّاء :

لقد استقطبت مدينة سامرّاء الوجود الشيعي منذ أن حلَّ في أرضها الإمام عليّ بن محمّد الهادي مصطحباً ولده الإمام الحسن بن عليّ العسكري عليهما‌السلام. فأصبح الشيعة والموالون لأهل البيت عليهم‌السلام يفدون إلى هذه المدينة في حياة الإمامين ، ويتواصلون مع خطٍّ الإمامة ، ويوصلون الحقوق الشرعية إليهم ، ويأخذون عنهم معالم دينهم ، وكان بعض أصحاب الإمامين يركبون المخاطر ، ويتّخذون الوسائل التنكّرية من أجل الوصول إلى الإمام ولقائه. وقد تحدّثنا عن ذلك في بحوث سابقة.

وبعد وفاة الإمامين العسكريّين عليهما‌السلام وقيام الإمام الثاني عشر من أئمّة

٢١١

أهل البيت ثمَّ غيبته عليه‌السلام ، لم ينقطع الوجود الشيعيّ عن هذه المدينة ، حيث زيارة مرقد الإمامين عليهما‌السلام ، وبعض آثار الأئمّة هناك كسرداب الدار الذي كان يسكن فيها الأئمّة ، بالإضافة إلى وجود مقابر بعض ذرّية أهل البيت كقبر حكيمة بنت الإمام الجواد ، عمّة الإمام الهادي التي توفّيت سنة (٢٧٤ هـ) وقبر نرجس أُمّ الإمام المهديّ(١).

بل إنّ بعض سكّان سامرّاء يدّعي السيادة ويفتخر بأنّه من نسل الإمامين العسكريّين. يقول المؤرّخ الشهير الدكتور حسين علي محفوظ وهو يتحدّث عن مدينة سامرّاء : «.. وجُلُّ سكّانها من العشائر المحيطة بها ، وهم أو أكثرهم ، يدّعون السيادة وأنّهم من نسل الإمامين العسكريّين عليهما‌السلام ، وكان هؤلاء يعيشون على زوّار العتبات المقدّسة من الإيرانيّين والهنود والأفغان ، فلمّا وقف سيل هؤلاء أو كاد ، انصرف الأهلون إلى الأرض يحرثونها ويزرعونها ..»(٢).

ويرجع بعض الباحثين تاريخ ظهور التشيّع في سامرّاء إلى أيّام تأسيسها الأولى ، «فبعد أن أسَّسها المعتصم ، وجعلها عاصمة ملكه ، وانتقل إليها بحاشيته وجيشه ، وأنت جدُّ خبير بأنَّ التشيّع يسير مع الإسلام أينما سار ، فكم كان بين الجند والقوّاد ، والأُمراء ، والكتّاب ، مَن يحمل بين حنايا ضلوعه ولاء أهل البيت عليهم‌السلام».

ثمّ يقول هذا الباحث : «وظهر التشيّع جليّاً بعد أن قام الإمامان فيها

__________________

(١) سامرّاء في المراجع العربية ، موسوعة العتبات : ١٢/١٤٣.

(٢) المرجع نفسه : ١٢/١٧١.

٢١٢

وشاهد الناس ما لهما من علم وسجايا حميدة ، ومزايا دلّت على أنّهما فرعان من شجرة النبوّة ، ووارثان لذلك العلم الإلهي ، على الرغم من مناوأة العبّاسيّين لهما ، واجتهادهم في منع الناس من الاجتماع بهما ، واجتماعهما بالناس ، ولكنَّ الشمس تفيض على العالم أشعّة تنمي الضرع والزرع ، وإنَّ حالت السحب دون ذلك الشعاع».

ثمّ يستشهد هذا الكاتب بما ورد في التاريخ فيقول : «ويشهد لظهور التشيّع في سامرّاء ـ ذلك اليوم ـ ما ذكره اليعقوبي في تاريخه عن حوادث (٢٥٤ هـ) ، ووفاة الإمام الهادي عليه‌السلام فيها ، قال : «فَصُلّي عليه في الشارع المعروف بـ : (شارع أبي حمد) ، فلمّا كثر الناس واجتمعوا كثر بكاؤهم وضجّتهم ، فردّ النعش إلى داره فدفُن فيها». وهكذا ذكر غيره عند وفاة ولده أبي محمّد الحسن عليه‌السلام.

ثمَّ يتحدّث عن أسباب تضاؤل التشيّع بعد ذلك فيقول : «ومازال التشيّع فيها ـ أي سامرّاء ـ راسخ القدم ، إلى أن حاربه الأيّوبي في تلك الجهات ، واقتفى أثره بعد أمد بعيد السلطان سليم العثماني وجرت على ذلك السياسة العثمانية من بعده. ولو لم يكن إلاّ (مراد الرابع) محارباً للشيعة في هذه المناطق البعيدة عن المجتمع الشيعي لكفى في إخفاء التشيّع ، وهروب الظاهرين من رجاله. ولقد نزح عنها ثلّة من الناس هرباً بأرواحهم ، وكان منهم سدنة ذلك الحرم المقدّس»(١).

__________________

(١) تاريخ الشيعة : ١٠١ ـ ١٠٣.

٢١٣

الفصل الثاني

هجرة الميرزا الشيرازي إلى سامرّاء وتأسيس حوزتها العلمية

المبحث الأوّل : هجرة الميرزا الشيرازي إلى سامرّاء :

لقد شهدت مدينة سامرّاء حضوراً شيعيّاً مكثّفاً ، «وأصبحت مركزاً علميّاً ودينيّاً وسياسيّاً مرموقاً بعد أن انتقل إليها المرجع الكبير الميرزا محمّد حسن الشيرازي (ت ١٣١٢ هـ) وآثر الإقامة فيها»(١).

فهو رضوان الله عليه : «الشيرازيّ المولد ، الغرويّ المنشأ ، العسكريّ المهجر ، النجفيّ المدفن»(٢).

وكنّا قد أشرنا في بحوث حوزة النجف الأشرف في دورها الثالث لبعض الملامح من شخصية المجدّد الشيرازي ، ووعدنا باستكمال الحديث عنه عند الحديث عن مدرسة سامرّاء وحوزتها العلمية ، وها نحن نفي بما وعدنا به من حديث حول هذه الشخصية العلمية الربّانية الفذّة ، وضمن محاور متعدّدة.

أوّلاً : أسباب هجرة المجدّد الشيرازي إلى سامرّاء :

ممّا لا شكّ فيه أنّ الميرزا محمّد حسن الشيرازي قدس‌سره من نوابغ عصره

__________________

(١) دائرة المعارف الشيعية : ١٣/١٣٩.

(٢) هديّة الرازي : ٨.

٢١٤

الذي قلّ نظيره ، وامتاز ومنذ صباه بعبقرية ونبوغ فذّ لا نجده إلاّ عند بعض العظماء ممّن لا يجود بهم الزمان إلاّ نادراً ، فهو ومنذ صباه يعدّ من طليعة العلماء العاملين لخدمة الدين والمذهب ، تنقَّلَ ما بين حوزة شيراز العلمية ، وحوزة إصفهان التي كانت تزخر بجهابذة العلماء ، فدرس ودرَّس حتّى حصلت له الإجازة من أساتذته قبل بلوغه العشرين من عمره ... وأصبح من مدرّسي حوزة إصفهان الأفاضل وتخرّج عليه بها جماعة من أهل العلم والفضل(١).

هاجر إلى العراق فورد النجف في (١٢٥٩ هـ) ، فحضر في النجف على فقيه الطائفة الشيخ محمّد حسن النجفي صاحب الجواهر الذي نصَّ على اجتهاده والشيخ حسن آل كاشف الغطاء مؤلّف أنوار الفقاهة ، إلاّ أنَّ عمدة استفادته من شيخ الطائفة المرتضى الأنصاري ، فقد لازم أبحاثه فقهاً وأُصولاً إلى آخر حياته ، وكان الشيخ يعظّمه بمحضر طلاّبه وينوّه بفضله ، ويُعلي سمّو مرتبته في العلم وقد أشار إلى اجتهاده غير مرّة.

«ولمّا قضى الشيخ الأنصاري نحبه في سنة (١٢٨١ هـ) ، توجّهت الناس إلى الميرزا الشيرازي وأجمع زملاؤه من وجوه تلامذة الشيخ على تقديمه للرياسة والإذعان له بالزعامة ، إلاّ أنّ فريقاً من فضلاء آذربيجان رجّحوا الحجّة الكبير السيّد حسين الكوهكمري وأرشدوا له وارجعوا قومهم بالتقليد

__________________

(١) طبقات أعلام الشيعة : ١٣/٤٣٧.

٢١٥

إليه ، ولمّا توفّي السيّد المذكور عطفوا على المترجم وانقادوا له حتّى أصبح المرجع الوحيد للإمامية في سائر القارّات»(١).

وليس في كلام الشيخ الطهراني في مرجعية المجدّد الشيرازي أيّ مبالغة واغراق ، وما قاله الطهراني يؤكّده تلميذ المجدّد الشيرازي السيّد حسن الصدر في التكملة حيث يقول : «... ومن غريب الاتّفاق الذي لم يَحْكِهِ التأريخ منذ خلق الله الدنيا أن انحصر رئيس المذهب الجّعفري في تمام الدنيا بسيّدنا الأُستاذ في المذهب رئيس سواه ، كما لم يتّفق في الإمامية رئيس مثله في المطاعية والجلالة ونفوذ الكلمة ...»(٢).

فالميرزا الشيرازي قد طويت له وسادة المرجعية في النجف الأشرف عاصمة العلم والعلماء والمرجعية ، ولم يكن هنالك من ينافسه أو يجاريه في مرجعيّته ، فأصبح ـ وبحقٍّ ـ كما يقول تلميذه السيّد الصدر : «رئيس الإسلام ، نائب الإمام ، مجدّد الأحكام ، أُستاذ حجج الإسلام ...»(٣).

ومن النادر جدّاً ، بل لم نجد مرجعاً من مراجع الدين وعلماً من أعلامها قد ترك النجف الأشرف مهاجراً وباختياره وهو في قمّة زعامته الدينية ومرجعيته ، فما هي الأسباب التي دعت الميرزا الشيرازي إلى ذلك؟ ولماذا اختار مدينة سامرّاء دون غيرها من المدن؟ لقد تضاربت الأقوال والآراء في

__________________

(١) المرجع نفسه : ١٣/٤٣٨.

(٢) تكملة أمل الآمل : ٥/٣٤٨.

(٣) المرجع نفسه : ٥/٣٣٣.

٢١٦

بيان أسباب هذه الهجرة ، فيما يلي مجمل هذه الأقوال :

القول الأوّل : وهو ما نصّ عليه الطهراني آقا بزرك في طبقاته والأمين في أعيانه حيث قال : «... وفي (١٢٩١ هـ) تشرّف إلى كربلاء لزيارة النصف من شعبان وكان في الباطن عازماً على الخروج من النجف إعراضاً عن الرياسة وتخلّصاً من قيودها وطلباً للانزواء والعزلة عن الخلق ، وبعد الزيارة توجّه إلى الكاظمية ، ثمّ إلى سامرّاء فوردها آخر شعبان ونوى الإقامة بها ؛ لأداء فريضة الصيام ... وكان يخفي قصده ويكتم رأيه ، وبعد انقضاء شهر الصيام كتب إليه بعض خواصّه من النجف يستقدمه ... فعند ذلك أبدى لهم رأيه وأخبرهم بعزمه على سكن سامرّاء ...»(١). ويقول السيّد الأمين : «والذي يغلب على الظنّ أنّ السبب هو إرادة الانفراد لانحياز سامرّاء وبُعدها عن مجتمع العلماء ومن يدّعي العلم ...»(٢).

القول الثاني : قيل إنَّ سبب ذلك أنّه لمّا صار الغلاء في النجف سنة (١٢٨٨ هـ) وصار يدرّ العطاء على أهلها ... ثمّ جاء الرخاء عن قريب جعل الناس يكثرون الطلب عليه ، وجعل بعض أعيان النجف يفتل في الذروة والغارب لينفر الناس منه ، فتضايق من ذلك وخرج ...

القول الثالث : «وقيل إنّ سبب هجرته أنّه تضايق من وجود بعض

__________________

(١) الطبقات : ١٣/٤٣٨.

(٢) أعيان الشيعة : ٨/٤٤٥.

٢١٧

الفرق الجاهلية فيها ـ أي الزكرت والشمرت ـ»(١).

القول الرابع : واعتقد الدكتور علي الوردي في لمحاته : «إنّ هجرة الشيرازي إلى سامرّاء كانت تستهدف تحويل هذه المدينة السنّية إلى مدينة شيعية على غرار ما حدث في بعض مناطق الفرات»(٢).

القول الخامس : وهو ما ذهب إليه السيّد حسن الصدر وهو من كبار تلامذة الشيرازي ، حيث علّل سبب هجرته إلى سامرّاء بسبب أنّ بعض أعيان النجف أخذوا يدفعون الكثير من الأهالي إلى الشيرازي لإطلاق سراح أولادهم من التجنيد العسكري ، وذلك بدفع البدل النقدي الذي كانت قيمته مائة ليرة عثمانية ، وذلك بعد تصدّيه لمساعدتهم سنة (١٢٨٨ هـ) المعروفة بسنة الغلاء ورأى الشيرازي أن لا علاج له إلاّ بالخروج من النجف(٣).

القول السادس : وهو ما ذهب إليه أحد الباحثين ومحصّله : «إنّ الميرزا الشيرازي بعد ما أصبح مرجعاً لطائفة الشيعة في النجف الأشرف سرعان ما أُصيب بالنحولة والضعف ، فتوجّه إلى مدينة الإمامين العسكريّين عليهما‌السلام للاستجمام والراحة ، ولكنّ العلماء تبعوه ورافقوه واستمرّوا معه في البحث والتحقيق حتّى أيّام اعتلاله وسقمه»(٤).

__________________

(١) المرجع نفسه : ٨/٤٤٥.

(٢) لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث : ٣/٨٩.

(٣) مآثر الكبراء في تاريخ سامرّاء : ٥٢.

(٤) الحوزة العلمية في النجف : ١٦٥.

٢١٨

ومهما يكن من أمر ، فربّما يكون أحد هذه الأقوال والوجوه سبباً لهجرة الميرزا إلى سامرّاء ، وربّما كانت كلّها أسباباً مجتمعة لهجرته ، «وربّما يكون من مقوّيات العزم ـ على الهجرة ـ أيضاً ، إرادة عمران البلد وتسهيل أُمور الزائرين الوافدين إليها ، ورفع ما كان يقع عليهم من المشقّات»(١).

المبحث الثاني : تأسيس الحوزة العلمية في سامرّاء :

من العوامل الرئيسية لظهور الحوزات العلمية في بعض المدن هو بروز علَم من أعلام الفقه والأُصول والمرجعية الدينية من أهل ذلك البلد أو من المهاجرين إليها من المدن والبلدان الأُخرى ، كما رأينا في حوزة النجف عندما حلّ بها الشيخ الطوسي مهاجراً ، وحوزة الحلّة العلمية كما سوف يأتينا.

كذلك العكس صحيح أيضاً ، فهجرة بعض العلماء من مدينة أو بلد ، أو وفاة علَم من الأعلام وعدم ظهور من يسدّ مكانه ويحلّ محلّه ، قد يؤدّي إلى أُفول واضمحلال تلك الحوزة في تلك المدينة أو ذلك البلد.

وفي هجرة الميرزا الشيرازي تكوّنت حوزة علمية في مدينة سامرّاء ولكن بقيت حوزة النجف الأشرف قائمة لم تتأثّر بهجرة زعيمها ومرجعها ، يقول السيّد الأمين في الأعيان : «فعمرت سامرّاء به ـ أي بالشيرازي ـ وصارت إليها المرحلة ، وتردّد الناس إليها ، وأمَّها أصحاب الحاجات من أقطار الدنيا ،

__________________

(١) أعيان الشيعة : ٨/٤٤٥.

٢١٩

وعمر فيها الدرس ، وقصدها طلاّب العلوم ، وشيّد فيها المدارس والدور ... وأمّا مدرسة النجف فلم تتأثّر بخروجه إلى سامرّاء ؛ بل بقيت عامرة حافلة بالطلاّب ، والدروس فيها قائمة ، ومجالس الدروس عامرة كثيرة منتشرة ؛ ذلك لأنّ الذين خرجوا معه إلى سامرّاء جماعة معدودون ، وجمهور الطلاّب والعلماء معظمهم بقي في النجف ، والطلاّب تقصدها من جميع الأقطار ولا تقصد سامرّاء ، حتّى أُحصيت طلاّب النجف باثني عشر ألفاً ـ فيما يقال ـ لكنّ إدرار النفقات والمشاهرات من سامرّاء لا ينقطع عن النجف»(١).

والذي يبدو من خلال تفاصيل قصّة هجرة الميرزا الشيرازي إلى سامرّاء أنّه كان بمفرده ، ولم يكن معه أحد من خاصّته أو طلاّبه في سفره ؛ يقول الشيخ الطهراني : إنّ الميرزا الشيرازي «بعد أن قضى شهر الصيام في سامرّاء ، كتب إليه بعض خواصّه من النجف يستقدمه ويسأله عن سبب تأخّره ، فعند ذلك أبدى لهم رأيه وأخبرهم بعزمه على سكنى سامرّاء ، فبادر إليه شيخنا العلاّمة النوري ، وصهره الشيخ فضل الله النوري ، والمولى فتح علي ، وبعض آخر ، وهم أوّل من لحق به ، وبعد أشهر حمل الشيخ جعفر النوري عيالات هؤلاء إلى سامرّاء في أوائل (١٢٩٢ هـ) ومنهم الحجّة الميرزا محمّد الطهراني العسكري ... ثمّ لحقهم سائر الأصحاب والطلاّب والتلاميذ ، فعمرت به سامرّاء وصارت الرحلة إليها ...»(٢).

__________________

(١) أعيان الشيعة : ٨/٤٤٥.

(٢) الطبقات : ١٣/٤٣٩.

٢٢٠