نفحات الرحمن في تفسير القرآن - ج ١

الشيخ محمد بن عبدالرحيم النهاوندي

نفحات الرحمن في تفسير القرآن - ج ١

المؤلف:

الشيخ محمد بن عبدالرحيم النهاوندي


المحقق: مؤسسة البعثة
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة البعثة
الطبعة: ١
ISBN: 964-309-759-5
ISBN الدورة:
964-309-765-X

الصفحات: ٦٥٢

١
٢

٣

٤

مقدمة المؤسسة

إن تأسيس مؤسسة البعثة تعود الى الشهور الاولى بعد إنتصار الثورة الاسلامية حيث بدأت نشاطاتها فى مدينة طهران أولا وكان الهدف من وراء إنشاء هذه المؤسسة تجميع كافة البرامج الثقافية والخدمية الاجتماعية التى كنت نظمتها وأنجزتها قبل إنتصار الثورة ضمن مؤسسة موحدة ، وبفضل من الله سبحانه وتعالى ورعاية بقية الله الأعظم المهدى الموعود عجل الله فرجه الشريف فقد تم انجاز خطوات هامة جدا فى الأقسام المختلفة من المؤسسة لا أرى أن الفرصة سانحة لذكرها الآن.

ومن نشاطاتها ، قسم الدراسات الإسلامية ، فقد نشط هذا القسم فى مدينة طهران أولا ، ثم انتقل إلى مدينة قم ، وباشر ادارته سماحة العلامة حجة الاسلام والمسلمين الحاج الشيخ جعفر الخراسانى.

وخلال اربعة عشر عاما من النشاط المستمر حسب الخطة المرسومة تم انجاز أكبر حجم من البحوث والدراسات حول تراث ، متقدمى أعلام الامامية والتى تدور حول موضوعين أساسيين هما القرآن والعترة وكذا ترجمة آثار فارسية مفيدة للقارىء العربى.

ومن جملة كتب التفسير التى تم تحقيقها بأسلوب علمى فنى تفسير البرهان وتفسير آلاء الرحمن وتفسير العياشى وتفسير نفحات الرحمن ، وكما تم تحقيق كتاب الأمالى للصدوق وأمالى للشيخ الطوسى ودلائل الإمامة ، ومن الكتب التى قام قسم الترجمة فى المؤسسة مجموعة طيبة من المؤلفات الفارسية الحديثة التى يستفيد منها القارئ العربى ك « تفسير الأمثل فى كتاب الله المنزل » وترجمة مؤلفات الخطيب المعروف الشيخ الفلسفى رحمه‌الله والكاتب الاسلامى الشهير الشهيد مطهرى رحمه‌الله وكتب قيمة أخرى.

ومن ضمن التحقيقات التى اجريت بشأن التفاسير ، نشير هنا إلى التفسير المروى عن أهل البيت عليهم‌السلام حيث جمعت كافة الروايات التفسيرية المنتشرة فى ما يقارب من مئتى مصدر من المصادر المعتبرة ، وتم تصنيفها وتبويبها فى كتاب بعنوان « معجم تفسير أهل البيت عليهم‌السلام » وهو

٥

جاحز للطبع. وقد جاهز كل الروايات التفسيرية في الاقراص DC المظبوطة لتكون الكتاب في تناول ايدى المحققين ويسهل الرجوع اليه.

فقد توقف عمل المؤسسة بصورة موقتة بسبب بعض مشاكل وأملنا كبير بأن نباشر العمل من جديد ومن جملة البرامج التى نحاول اعادة العمل بها وتنشيطها هى نهضة الترجمة ، لأنّ اللغة العربية هى اللغة الأولى للعالم الإسلامى ، ونعتقد أن أى تأليف مفيد للمجتمع الإسلامى يجب أن ينشر باللغة العربية اولا ومن ثم باللغة الفارسية واللغات الأخرى.

وفى الوقت الذى نسعى إلى تنشيط وتفعيل هذه الوحدة من جديد ، يعصر قلوبنا ألما لفقد صديقنا العزيز والغالي الذى كان محور الحركة فى المؤسسة ألا وهو الشيخ الخراسانى ، فقد لقى ربه ، وندعو الله بأن يمطر على روحه شآبيت رحمته ورضوانه ، ويكون نهجه مستمرا وماثلا أمام أعين تابعيه ومحبيه. آمين رب العالمين.

علي الاسلامي

مؤسسة البعثة

٦

بسم الله الرّحمن الرّحيم

مقدمة التحقيق

الحمد لله ربّ العالمين وأفضل الصلاة وأتمّ التسليم على محمّد الأمين وآله الهداة الميامين.

وبعد :

لقد حثّ الله تعالى عباده على تدبّر آيات الكتاب الكريم وفهم معانيه السامية وألفاظه الدقيقة ، فقال تعالى : ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها(١) وقال سبحانه : ﴿كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ(٢) .

وكان الرسول الاكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله هو الذي تحمّل خلال حياته المباركة عبء تفسير آيات الكتاب الكريم وبيان مضامينه المتعلّقة باقامة الدلائل على أصول الاعتقاد وأحكام الشريعة وتنظيم حياة المجتمع الاسلامي وشؤون الدولة الإسلامية وغيرها.

قال تعالى : ﴿وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ(٣) وكان بيان الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وما صدر عنه من التنزيل والتأويل وحيا من الله تعالى : ﴿وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى(٤) .

وتوجّهت رجالات الأمة منذ عصر الصحابة وإلى يومنا هذا جيلا بعد جيل إلى تفسير آي القرآن الكريم ، وتدبّر آياته ، والبحث في إعجازه وعلومه المختلفة ، ممّا أدى إلى إيجاد نهضة فكرية قيّمة ، وبناء تراث علمي فذّ زخرت به حياة الأمة في مختلف فروع العلم والمعرفة.

ولكي نتّجه صوب تحقيق البناء الفكري السليم والتحصين العقائدي الصحيح ، لا بدّ أن نميّز بين التفسير الخالص لوجه الله المجرّد عن الهوى والميول ، وبين التفسير العقيم الذي يميل بكلام الله حيثما شاء هوى المفسر وميوله وأغراضه. فاذا كان الأول يسهم في بناء الذات أخلاقا وعقائدا ، وفي بناء المجتمع أفرادا وأسرا ، فانّ الثاني من أشدّ عوامل الهدم والانحراف.

__________________

(١) محمّد : ٤٧ / ٢٤.

(٢) سورة ص : ٣٨ / ٢٩.

(٣) النحل : ١٦ / ٤٤.

(٤) النجم : ٥٣ / ٣ و٤.

٧

وممّا لا ريب فيه أنّ التفسير القويم تجده عند أهله ، أولئك الذين نزل في بيوتهم ، واقترنوا به إلى قيام الساعة ، فقد تواتر عند جميع المسلمين أنّ الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « إني تارك فيكم ، ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ؛ كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما » (١) . فقرن صلى‌الله‌عليه‌وآله بين الكتاب وعترته المعصومين منذ فجر الرسالة وحتى يوم القيامة.

فأهل البيت عترة النبي المصطفى صلوات الله عليهم هم الأجدر بإدراك مضامين الكتاب الكريم وفهم دقائقه ، وأبعاد مضامينه العالية ، وتصاريف أغراضه ومراميه ، وقولهم الصدق ، وتفسيرهم عين الحقّ ، قال تعالى : ﴿إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً(٢) .

قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام : « والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيما نزلت ، وأين نزلت ، وعلى من نزلت ، إنّ ربي وهب لي قلبا عقولا ، ولسانا طلقا سؤولا » (٣) .

وقال الإمام محمد بن علي الباقر عليه‌السلام : « إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أفضل الراسخين في العلم ، فقد علم جميع ما أنزل الله عليه من التنزيل والتأويل ، وما كان الله لينزل عليه شيئا لم يعلمّه إياه ، وأوصياؤه من بعده يعلمونه كلّه » (٤) .

وقال الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام : « نحن الراسخون في العلم ، ونحن نعلم تأويله » (٥) .

وعليه فانّ حديث أهل البيت عليهم‌السلام من أهمّ مفاتيح فهم كتاب الله تعالى ، ولا يتيسّر للمفسّر أن يفهم القرآن الكريم على وجهه الصحيح إذا لم يستأنس بأحاديثهم عليهم‌السلام في فهم دقائق مضامينه وإدراك معانيه ، وإذا لم يضع أمامه تصورا عن المنهج الذي اتبعه أهل البيت عليهم‌السلام في تفسير القرآن الكريم والخطوط الأساسية التي رسموها لفهم الكتاب العزيز.

من هذا المنطلق نهض قسم الدراسات الإسلامية - مؤسسة البعثة ومنذ فجر تأسيسه بمهمة إعداد وتحقيق ونشر سلسلة من التفاسير التي تصبّ في هذا الهدف السامي ، فكان حاصل الجهود الخيرة العاملة في هذا الحقل هو إعداد ( معجم تفسير أهل البيت عليهم‌السلام ) والذي يضمّ ما تفرّق من حديثهم عليهم‌السلام الوارد في التفسير من مصادر الحديث والرواية المعتبرة باستثناء كتب التفسير.

ومن نتائج أعمال قسم الدراسات الاسلامية في هذا المجال تحقيق ونشر ( تفسير العياشي )

__________________

(١) سنن الترمذي ٥ : ٦٦٣ / ٣٧٨٦ و٣٧٨٨ - كتاب المناقب ، مستدرك الحاكم ٣ : ١٤٨.

(٢) الأحزاب : ٣٣ / ٣٣.

(٣) كنز العمال ١٣ : ١٢٨ / ٣٦٤٠٤.

(٤) تفسير القمي ١ : ٩٦ ، تفسير العياشي ١ : ٢٩٣ / ٦٤٦.

(٥) الكافي ١ : ١٦٦ / ١ ، تفسير العياشي ١ : ٢٣٩ / ٦٤٨.

٨

لمحمد بن مسعود العياشي المتوفى نحو سنة ٣٢٠ ه‍ ، وكتاب ( البرهان في تفسير القرآن ) للسيد هاشم البحراني المتوفى سنة ١١٠٧ ه‍ ، وكتاب ( آلاء الرحمن في تفسير القرآن ) للشيخ محمد جواد البلاغي المتوفى سنة ١٣٥٢ ه‍ ، وغيرها من التفاسير والدراسات التي صدرت ، أو لا تزال قيد الطبع أو التحقيق وتنتظر دورها في النشر والتوزيع باذن الله وتوفيقه.

والكتاب الذي بين يديك ( نفحات الرحمن في تفسير القرآن ) واحد من سلسلة التفاسير التي تبنّى قسم الدراسات الاسلامية تحقيقها وإخراجها بشكل أنيق يناسب مكانة مؤلفيها وجلالتهم ، وهو من تأليف الشيخ محمد بن عبد الرحيم النهاوندي أحد أعلام الطائفة الحقّة وشيوخها المبرّزين قدس الله روحه ونور ضريحه ، نرجو من الله تعالى أن ينفع به الاخوة المؤمنين سيما طلبة القرآن وعلومه السامية.

٩
١٠

ترجمة المؤلف

هو الشيخ محمد بن الميرزا عبد الرحيم بن الميرزا نجف المستوفي بن الميرزا محمد علي الشيرازي النهاوندي (١) .

ولادته ونشأته ورحلاته

ولد الشيخ محمد النهاوندي في الخامس عشر من شهر رجب سنة ١٢٩١ ه‍ (٢) في النجف الأشرف ، فنشأ منذ طفولته المبكرة في بيئة علمية ووسط يزخر بالفضيلة والمعرفة ، حيث أمضى نحو ثلاث سنوات من أيام طفولته في النجف الأشرف مهد العلم والورع والتقوى ، وعاش في كنف أبيه العالم المتبحر والفقيه البارع الميرزا عبد الرحيم النهاوندي نحو ثلاثة عشر عاما ( ١٢٩١ - ١٣٠٤ ه‍ ) نهل خلالها من فيض علمه ومعرفته واكتسب معالم تقواه وزهده.

وعند ما لبّى أبوه نداء الحق في التاسع من ربيع الثاني سنة ١٣٠٤ ه‍ توفّر الشيخ محمد على الأخذ عن أخيه الميرزا محمد حسن النهاوندي الذي كان عالما عاملا وفقيها بارعا ، وأخذ عن مدرسي المدرسة الفخرية ( مدرسة الخان مروي ) في طهران والتي كان والده مدرسا بها.

وفي سنة ١٣١٧ ه‍ تشرف الشيخ محمد مع أخيه الميرزا محمد حسن بزيارة مشهد الامام الرضا عليه‌السلام وجاور هناك مدة أخذ فيها عن فضلاء عصره المعروفين كالحاج الشيخ حسن علي الطهراني ومير سيد علي الحائري اليزدي وغيرهما.

وفي نحو سنة ١٣٢٤ ه‍ توجّه الشيخ محمد إلى العراق لزيارة العتبات المقدسة وإدامة الدرس

__________________

(١) ترجم له الشيخ آقا بزرك في نقباء البشر : ١٢٨ ( مخطوط ) ، وفي الذريعة ٩ : ١٠٠٦ عند ذكر ديوانه ، و١٢ : ١٦٣ عند ذكر كتابه ( سراج النهج ) و١٥ : ١٢٢ عند ذكر كتابه ( ضياء الأبصار ) و٢٤ : ٢٤٧ عند ذكر كتابه ( نفحات الرحمن ) .

وذكره في أثناء ترجمة والده الميرزا عبد الرحيم النهاوندي في نقباء البشر ٣ : ١١٠٨ ، فوائد الرضوية : ٢٢٨ ، ريحانة الأدب ٦ : ٢٦٦ ، الذريعة ٩ : ٦٨٧ عند ذكر ديوان والده.

(٢) وذكر الشيخ آقا بزرك في نقباء البشر ٣ : ١١٠٩ ( ترجمة الشيخ عبد الرحيم النهاوندي ) أن ولادته كانت في سنة ١٢٨٩ ه‍ وهي السنة التي عاد فيها والده من النجف إلى إيران ، وما أثبتناه بناء على ما رواه في الذريعة ٩ : ٦٨٧ عن الشيخ محمد النهاوندي في تاريخ ولادته وبعض تفاصيل حياته ، وما أثبتناه موافق أيضا للذريعة ٩ : ١٠٠٦ و١٢ : ١٦٣ ، ونقباء البشر ( القسم المخطوط ) : ١٢٨ - ترجمة الشيخ محمد النهاوندي.

١١

والتحصيل ، فتلمذ في كربلاء للسيد إسماعيل الصدر الأصفهاني ، وتوفّرت له فرصه التلمذة في الفقه والأصول والعقائد والأخلاق عند فضلاء ذلك العصر وأعلامه المعروفين حيث حضر أبحاث الملا كاظم الخراساني ، والسيد محمد كاظم اليزدي ، والحاج ميرزا حسين الخليلي ، والشيخ عبد الله المازندراني ، والملا لطف علي ، وحضر في سامراء دروس آية الله الميرزا محمد تقي الشيرازي ، وغير هؤلاء من جهابذة العلم والمعرفة حتى وصل إلى كمال الاجتهاد في العلوم النقلية والعقلية.

وعاد إلى خراسان على أثر وفاة أخيه الميرزا محمد حسن وذلك نحو سنة ١٣٢٩ ه‍ وجاور المشهد الرضوي المقدس ، وقام مقام أخيه في التصدّي لشؤون الزعامة الدينية وتولي شؤون المرجعية والافتاء في المسائل الشرعية والأحكام ، واشتغل أيضا خلال مدة إقامته في مشهد بالتدريس والبحث والتأليف.

وفي سنة ١٣٦٠ ه‍ توجه إلى الديار المقدسة لأداء مناسك الحج ، وفي هذه الرحلة زار العتبات المقدسة في العراق ثمّ عاد إلى مشهد وبقي هناك حتى وافاه الأجل.

وفاته :

توفي الشيخ محمد النهاوندي في الخامس من جمادى الأولى سنة ١٣٧١ ه‍ ودفن في الحرم الرضوي الشريف في مشهد (١) .

اسرته العلمية

١ - جدّه أبيه

كان جدّه أبيه محمد علي الشيرازي حاكما في نهاوند من قبل السلطان محمد شاه القاجاري ، واستوطن أولاده وأحفاده بها ، ومنهم والد المؤلف الميرزا عبد الرحيم النهاوندي.

٢ - والده

كان والده الميرزا عبد الرحيم النهاوندي (٢) عالما متبحرا وفقيها بارعا وزاهدا تقيا ، ولد في نهاوند سنة ١٢٣٧ ه‍ ، واشتهر في أول أمره بحسن الخطّ وتجويده حتى بلغ الكمال فيه ، ثمّ توجّه إلى تحصيل العلوم الدينية ، فهاجر من موطنه إلى بروجرد ، فقرأ على علمائها المعروفين آنذاك ، ثمّ توجه إلى العراق فتلمذ للشيخ محمد حسن صاحب الجواهر حتى توفّي الأخير سنة ١٢٦٦ ه‍ ، فقرأ بعده على

__________________

(١) راجع نقباء البشر ( مخطوط ) : ١٢٨ ، الذريعة ٩ : ١٠٠٧ و١٢ : ١٦٣.

(٢) راجع ترجمته في أعيان الشيعة ٧ : ٤٧٠ ، نقباء البشر ٣ : ١١٠٨ ، الفوائد الرضوية : ٢٢٨ ، ريحانة الأدب ٦ : ٢٦٦ ، الذريعة ٩ : ٦٨٧.

١٢

الشيخ الأعظم مرتضى الأنصاري ، وتصدّى خلال ذلك للتدريس ، فحظي بتأييد استاذه الشيخ الأنصاري وتقديره.

وبعد وفاة الشيخ الأنصاري في سنة ١٢٨١ ه‍ تفرّغ للتدريس في النجف ، وأصبح من مشاهير علمائها وأعلامها المحقّقين وتخرّج عليه جمع من الفضلاء.

وغادر الشيخ عبد الرحيم النهاوندي أرض العراق بعد إقامة استمرت نحو ثلاثين عاما ، وذلك سنه ١٢٩١ ه‍ (١) ، وهي السنة التي ولد فيها ابنه محمد صاحب النفحات ، وتشرف بزيارة مرقد الامام الرضا عليه‌السلام في مشهد ، وأقام لمدة سنة مجاورا للمشهد الرضوي المقدس ، ثمّ غادر بعدها مارا في طهران ، وهناك ألحّ عليه جماعة من فضلائها وعلمائها لطلب الاقامة بها وتولي التدريس في المدرسة الفخرية ( المعروفة بمدرسة مروي ) فأقام في طهران ملبيا طلبهم ، وفوّض إليه الحاج ملا علي الكني مهمة التدريس في المدرسة المذكورة ، وتولّى أيضا مهام المرجعية والافتاء وإقامة صلاة الجماعة حيث كان يقتدي به عامة متديني المدينة وأعلامها ، لما يتصف به من زهد وتقوى وما يحظى به من وجاهة تامة ومكانة مرموقة.

وتخرج عليه جماعة من الأعلام كالحاج ميرزا علي تقي سبط السيد محمد المجاهد ، والسيد محمد الطباطبائي ، والحاج ميرزا مهدي كلستانه وغيرهم.

وبقي الشيخ عبد الرحيم مقيما في طهران حتى وافاه الأجل في يوم الثلاثاء التاسع من ربيع الثاني سنة ١٣٠٤ ه‍ وحمل جثمانه إلى قم (٢) فدفن في أول حجرة من حجرات الصحن الجديد للسيدة فاطمة بنت موسى بن جعفر عليه‌السلام على يسار الداخل من الباب الشرقي.

وترك الشيخ عبد الرحيم مجموعة من الآثار العلمية منها في الأصول مقدار من أصل البراءة ، وحاشية القوانين ، وفي الفقه : كتاب العتق ، وكتاب الوقف ، وديوان شعر فيه مجموعة من أشعاره في كراريس بخطه كانت عند ولده الشيخ محمد.

٣ - أخوه

__________________

(١) قيل أيضا : سنة ١٢٨٩ ه‍ ، كما في نقباء البشر ٣ : ١١٠٩ ( ترجمة الشيخ عبد الرحيم النهاوندي ) وريحانة الأدب ٦ : ٢٦٨ ، وما أثبتناه موافق لرواية الشيخ آقا بزرك عن الشيخ محمد النهاوندي ، في الذريعة ٩ : ٦٨٧ ، وراجع أيضا : نقباء البشر ( مخطوط ) : ١٢٨ ترجمة الشيخ محمد ، والذريعة ٩ : ١٠٠٦ و١٢ : ١٦٣.

(٢) ذكر الشيخ آقا بزرك في نقباء البشر ٣ : ١١٠٩ أنه حمل جثمانه إلى النجف ، وهو وهم ، فقد ذكر في الذريعة ٩ : ٦٨٧ أنه دفن في قم ، وهو مطابق لحقيقة الحال ولكافة المصادر التي ترجمت له ، راجع الفوائد الرضوية : ٢٢٩ ، ريحانة الأدب ٦ : ٢٦٨.

١٣

أكبر إخوته الشيخ الميرزا محمد حسن (١) ، وكان عالما عاملا وفقيها بارعا ، تشرف بعد وفاة أبيه سنة ١٣٠٤ ه‍ بزيارة الامامين العسكريين في سامراء ، ومكث هناك مدّة حضر فيها دروس المجدد الشيرازي ، ثم عاد إلى طهران ومنها إلى مشهد ، فأقام بها متوليا شؤون التدريس والمرجعية والافتاء حتى وفاته في نحو سنة ١٣٢٩ ه‍ (٢) فقام مقامه بالتدريس والامامة أخوه الشيخ محمد صاحب النفحات.

مصنفاته :

ذكر الشيخ أقا بزرك في الذريعة أربعة مصنفات تركها الشيخ محمد النهاوندي ، وهي :

١ - ديوانه ، قال الشيخ آقا بزرك : له ديوان شعر ... وقد استكتبت منه قصيدته المستزاد في رثاء الحسين الشهيد عليه‌السلام (٣) .

٢ - سراج النهج في مسائل العمرة والحج ، قال الشيخ آقا بزرك : استدلالي مبسوط ، يقرب من ثلاثة آلاف بيت (٤) .

٣ - ضياء الأبصار في مباحث الخيار ، قال الشيخ آقا بزرك : تكلم [ فيه ] على الخيارات السبعة وبحث في كل منها في سبعة مقامات ، وبحث في الخاتمة عن أحكام الخيار في تسع كراريس ، يقرب من ٨٠٠٠ بيت (٥) .

٤ - نفحات الرحمن في تفسير القرآن ، وهو هذا الكتاب ، قال الشيخ آقا بزرك : ملمّع عربي وفارسي ، للمحدّث النهاوندي محمد بن عبد الرحيم الطهراني النهاوندي ، نزيل مشهد خراسان ، المجلد الأول منه طبع سنه ١٣٥٧ ه‍ على الحجر في ٤٩٦ صفحة مع مقدمة تشتمل على ٤٠ طرفة فيما يتعلق بالقرآن ، والمجلد الثاني الى آخر سورة الاسراء (٦) ، وطبع الرابع سنة ١٣٧٠ ه‍ في ٥٠٤ صفحة (٧) .

__________________

(١) راجع ترجمته في نقباء البشر ١ : ٤٠٦ و٣ : ١١٠٩.

(٢) كذا في الذريعة ٩ : ٦٨٧ و١٠٠٧ ، ونقباء البشر ٣ : ١١٠٩ ، لكن في نقباء البشر ١ : ٤٠٦ أرّخ وفاته في حدود سنة ١٣٢٨ ه‍ وكلا التاريخين ليس فيهما جزم وتحديد.

(٣) الذريعة ٩ : ١٠٠٦.

(٤) الذريعة ١٢ : ١٦٣.

(٥) الذريعة ١٥ : ١٢٢.

(٦) وطبع الجزء الثالث في النصف من شهر رمضان المبارك سنة ١٣٦٣ ه‍ .

(٧) الذريعة ٢٤ : ٢٤٧.

١٤

هذا الكتاب

هو تفسير مزجي متوسط بين البسط والايجاز ، كتبه المؤلف باسلوب واضح وعبارة سائغة خالية من التعقيد والابهام ، وسمّاه في المقدمة حيث قال : وسمّيته ب ( نفحات الرحمن في تفسير القرآن ) وهكذا جاء اسمه في الذريعة على ما تقدّم ، لكنّه جاء بزيادة ( وتبيين الفرقان ) كما في صدر الجزء الأول والثالث والرابع من الطبعة الحجرية ، المذكورة. وفرغ منه في آخر سنة ١٣٦٩ ه‍ .

منهجه في التفسير

رسم المؤلف في اوّل مقدمته الخطوط العامة التي اتبعها في تفسيره ، وهي بمجموعها تمثل طريقته التي نهجها في تفسير القرآن ، ويمكننا أن نحصرها في سبع نقاط اعتمادا على ما ذكره حيث قال :

١ - اصطفيت من التفاسير ما هو لبابها.

٢ - اكتفيت من الوجوه بما هو صوابها.

٣ - بالغت في الجدّ بنقل ما وصل إليّ بطرق الخاصة والعامة من الروايات.

٤ - استفرغت الوسع في بيان وجه النظم بين السور والآيات.

٥ - صرفت الهمّ في التعرض لأسباب النزول الواردة في الآثار.

٦ - بذلت الجهد في الاسفار عن وجوه بعض النكت والأسرار.

٧ - كففت عن التكلم في أعاريب الكلمات وبيان وجوه القراءات التي كانت مخالفة للقراءة المشهورة ، إلّا التي وجدتها عن أهل الذكر مأثورة.

طرف الكتاب

قبل أن يشرع المؤلف في التفسير مهّد لتفسيره بأربعين طرفة وخاتمة ، وقد تضمّنت الطرف بحوثا مهمة في علوم القرآن كاعجاز القرآن ودلائله ، ونزوله ، وترتيبه وجمعه ، وأسمائه ، ومحكمه ومتشابهه ، وناسخه ومنسوخه ، وسلامته من التحريف ، وثواب تعلّمه وتعليمه ، وآداب تلاوته وحفظه ، وفضائل السور والآيات وغيرها من البحوث والتحقيقات المهمة في علم التفسير.

مصادر الكتاب

وجعل المؤلف خاتمة طرفه الأربعين في ذكر المصادر التي اعتمدها في تفسيره ، وهي عشرة من

١٥

مصادر التفسير والحديث :

١ - جوامع الجامع في التفسير ، لأمين الاسلام الشيخ الفضل بن الحسن الطبرسي.

٢ - بحار الأنوار ، للعلامة محمد باقر المجلسي.

٣ - حواشي على كتاب أنوار التنزيل ، للشيخ محمد بن حسين بن عبد الصمد العاملي المعروف بالشيخ البهائي.

٤ - الصافي في تفسير القرآن ، للمولى محمد محسن المعروف بالفيض الكاشاني.

٥ - مفاتيح الغيب ، لفخر الدين الرازي.

٦ - الاتقان ، لجلال الدين السيوطي.

٧ - تفسير أبي السعود.

٨ - أنوار التنزيل ، للبيضاوي.

٩ - روح البيان ، للشيخ إسماعيل حقي البروسوي.

١٠ - تفصيل وسائل الشيعة ، للشيخ محمد بن الحسن الحرّ العاملي.

طبعاته

طبع هذا التفسير طبعة واحدة في أربعة أجزاء على الحجر في حياة مصنفه ؛ وذلك في الفترة الواقعة بين سنة ( ١٣٥٧ - ١٣٧٠ ه‍ ) وهذه الطبعة نادرة الوجود عزيزة الحصول فضلا عن أنها تزخر بكثير من التصحيف والتحريف والعيوب الطباعية ، ولهذا عمد قسم الدراسات الاسلامية - مؤسسة البعثة إلى تجديد طباعته بعد تحقيقه وفقا لأساليب التحقيق العلمي المعروفة ، ليأخذ حيّزه في المكتبة الاسلامية ، ويكون أكثر فائدة لمريدي التفسير ومحبّي الكتاب العزيز.

منهج التحقيق

اتبعنا اسلوب التحقيق الجماعي المعمول به في قسم الدراسات الاسلامية - مؤسسة البعثة ، أي تقسيم العمل ثم انجازه خطوة خطوة من قبل مجاميع متخصصة ومتدربة في هذا الفن.

وقبل أن نذكر خطوات العمل في هذا التفسير المبارك ، لا بد من الاشارة إلى مسألتين :

١ - إننا قد اعتمدنا في تحقيقنا هذا على الطبعة الحجرية المشار إليها آنفا ، بعد تخليصها من عيوب الطباعة القديمة.

٢ - إنّ المؤلف قد ذكر مختصرا من التفسير باللغة الفارسية في تلك الطبعة ، ولم نورده في طبعتنا هذه ، لأنّ المؤلف لم يمزجه أثناء تفسيره العربي بل جعله منفصلا عنه بحيث يمكن جعله كتابا

١٦

مستقلا ، وإذا تمّ طبعه بشكل مستقلّ سيكون أسهل تناولا وأكثر فائدة لقرّاء اللغة الفارسية.

أما خطوات العمل في هذا التفسير فيمكن تلخيصها بالنقاط التالية :

١ - تخريج النصوص القرآنية والحديثية وأقوال المفسرين وغيرهم من المصادر التي اعتمدها المؤلف أو من مصادرها الأولية ، وقد لاحظنا أنّ نقول المصنف من مصادر الحديث كالتهذيب والكافي ومصنفات الشيخ الصدوق وغيرها ، منقولة بالواسطة عن ( تفسير الصافي ) وذلك لكثرة الفوارق بين نصوص ( نفحات الرحمن ) ونصوص المصادر المشار إليها مع تطابقها تماما مع ( تفسير الصافي ) ولذلك خرّجنا مثل هذه الأحاديث عن مصادرها الأولية وعن ( تفسير الصافي ) أيضا ، ليتضح للقارئ مدى التفاوت بين الروايتين.

٢ - مقابلة النصوص والمتون المنقولة بالمصادر التي نقل عنها المصنف أو بمصادرها الأولية مع الاشارة في حال الاختلافات الضرورية أو في حال اعتمادنا نسخة المصدر.

٣ - ترقيم الآيات الواردة في متن التفسير ليكون أسهل تناولا.

٤ - تقويم النص بتخليصه من التصحيف والتحريف الوارد في طبعته الحجرية الأولى ، وشرح الغريب ، ووضع الحركات الضرورية في مواضع الحاجة.

٥ - وضعنا ما أثبتناه لاقتضاء السياق بين معقوفتين إشارة إلى عدم وجوده في نسخة التفسير ، وكذلك ما رأيناه ضروريا من المصادر.

٦ - صياغة هوامش الكتاب بالاعتماد على سلسلة الخطوات السابقة.

٧ - الملاحظة النهائية وتتضمن مراجعة متن الكتاب وهوامشه بدقة للتأكد من سلامة النصّ وضبطه.

تقدير وثناء

تقدّم وافر الشكر ومزيد الامتنان للاخوة العاملين في ( قسم الدراسات الاسلامية - مؤسسة البعثة - قم ) على جهودهم القيمة التي بذلوها لانجاز تحقيق هذا السفر المبارك ، ونخصّ بالذكر منهم الاستاذ المحقق الاخ علي الكعبي دام فضله ، والسادة الأفاضل عبد الحميد الرضوي وموسى دانشمند محولاتي وعصام البدري وفّقهم الله لمراضية.

ولله سبحانه الفضل والمنة ومنه نستمد العون والتوفيق.

قسم الدراسات الاسلامية

مؤسسة البعثة - قم

١٧
١٨

١٩

٢٠