نفحات الرحمن في تفسير القرآن - ج ١

الشيخ محمد بن عبدالرحيم النهاوندي

نفحات الرحمن في تفسير القرآن - ج ١

المؤلف:

الشيخ محمد بن عبدالرحيم النهاوندي


المحقق: مؤسسة البعثة
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة البعثة
الطبعة: ١
ISBN: 964-309-759-5
ISBN الدورة:
964-309-765-X

الصفحات: ٦٥٢

وروي في حم الدخان ما يقرب من خواصّ سوره يس (١) .

وعن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « من قرأ سورة ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا(٢) لم يذنب (٣) أبدا ولم يدخله شكّ في دينه [ أبدا ] ولم يبتليه الله بفقر أبدا ، ولا خوف من سلطان أبدا ، ولم يزل محفوظا من الشّكّ والكفر أبدا حتّى يموت » (٤) الخبر.

وعنه عليه‌السلام : « حصّنوا أموالكم ونساءكم وما ملكت أيمانكم من التّلف بقراءة ﴿إِنَّا فَتَحْنا لَكَ(٥) الخبر.

وعنه عليه‌السلام قال : « من أدمن في فرائضه ونوافله قراءة سورة ( ق ) وسّع الله عليه رزقه » (٦) الخبر.

وعن الصادق عليه‌السلام قال : « من قرأ سورة ﴿وَالذَّارِياتِ﴾ في يومه أو في ليلته ، أصلح الله له معيشته ، وأتاه برزق واسع » (٧) الخبر.

وعن الباقر عليه‌السلام : « من قرأ سورة ﴿وَالطُّورِ﴾ جمع الله له خير الدنيا والآخرة » (٨) .

وعن أبي عبد الله عليه‌السلام : « من كان يدمن قراءة ﴿وَالنَّجْمِ﴾ في كلّ يوم أو في كلّ ليلة ، عاش محمودا بين النّاس » (٩) الخبر.

وعنه عليه‌السلام : « من قرأ في كلّ ليلة جمعة الواقعة أحبّه الله ، وأحبّه إلى النّاس ، ولم ير في الدنيا بؤسا أبدا ولا فقرا ولا فاقة ولا آفة من آفات الدنيا » (١٠) الخبر.

وفي رواية اخرى : « من قرأ الواقعة في كلّ جمعة لم ير [ في الدنيا ] بؤسا » (١١) الخبر.

وعن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « من قرأ سورة الحديد والمجادلة في صلاة فريضة (١٢) لم يعذّبه الله حتّى يموت أبدا ، ولا يرى في نفسه ولا في أهله سوءا أبدا ، ولا خصاصة في بدنه » (١٣) .

وعن الثّماليّ ، عن عليّ بن الحسين عليهما‌السلام قال : « من قرأ سورة الممتحنة في فرائضه ونوافله

__________________

(١) الدر المنثور ٧ : ٣٩٧ ، بحار الأنوار ٩٢ : ٣٠٠ / ٣.

(٢) أي سورة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٣) في ثواب الأعمال : يرتب.

(٤) ثواب الأعمال : ١١٤ ، بحار الأنوار ٩٢ : ٣٠٣ / ١.

(٥) ثواب الأعمال : ١١٥ ، بحار الأنوار ٩٢ : ٣٠٣ / ١.

(٦) ثواب الأعمال : ١١٥ ، بحار الأنوار ٩٢ : ٣٠٤ / ١.

(٧) ثواب الأعمال : ١١٥ ، بحار الأنوار ٩٢ : ٣٠٤ / ١.

(٨) ثواب الأعمال : ١١٦ ، بحار الأنوار ٩٢ : ٣٠٤ / ١.

(٩) ثواب الأعمال : ١١٦ ، بحار الأنوار ٩٢ : ٣٠٥ / ١.

(١٠) ثواب الأعمال : ١١٧ ، بحار الأنوار ٩٢ : ٣٠٧ / ١.

(١١) الفقه المنسوب إلى الإمام الرضا عليه‌السلام : ٣٤٣ ، بحار الأنوار ٩٢ : ٣٠٧ / ١.

(١٢) زاد في ثواب الأعمال والبحار : أدمنها.

(١٣) ثواب الأعمال : ١١٧ ، بحار الأنوار ٩٢ : ٣٠٧ / ١.

١٦١

امتحن الله قلبه للايمان ، ونوّر له بصره ، ولا يصيبه فقر أبدا ولا جنون في بدنه ولا في ولده » (١) .

وفي رواية اخرى : « يكون محمودا عند النّاس » (٢) .

وعن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « من قرأ ﴿تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ﴾ في المكتوبة قبل أن ينام ، لم يزل في أمان الله حتّى يصبح ، وفي أمانه يوم القيامة حتّى يدخل الجنّة » (٣).

وعن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في فضائل تلك السورة المباركة وقراءتها عند النّوم ، قال : « وبعث الله إليه ملكا من الملائكة يبسط عليه جناحه ويحفظه من كلّ سوء حتّى يستيقظ » (٤) .

وعن الصادق عليه‌السلام : « من قرأ سورة ﴿ن وَالْقَلَمِ﴾ في فريضة أو نافلة آمنه الله عزوجل [ من ] أن يصيبه فقر أبدا ، وأعاذه الله إذا مات من ضمّة القبر » (٥) .

وعن الصادق عليه‌السلام : « أكثروا من قراءة الحاقّة ، فإنّ قراءتها في الفرائض والنوافل من الإيمان بالله ورسوله ، لأنّها نزلت في أمير المؤمنين عليه‌السلام ومعاوية لعنه الله ، ولم يسلب قارئها دينه حتّى يلقى الله عزوجل » (٦) .

وعنه عليه‌السلام : « من أكثر من قراءة ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَ﴾ لم يصبه في الحياة الدنيا شيء من أعين الجنّ ولا نفثهم ، ولا من سحرهم ولا من كيدهم » (٧) الخبر.

وعنه عليه‌السلام في رواية في فضل تلاوة سورة المزّمّل في العشاء الآخرة وفي آخر الليل ، قال : « وأحياه [ الله ] حياة طيّبة ، وأماته ميتة طيّبة » (٨) .

وعن الباقر عليه‌السلام في فضل قراءة سورة المدّثّر في الفريضة ، قال في جملته : « ولا يدركه (٩) شقاء أبدا إن شاء الله » (١٠) .

وعن أبي عبد الله عليه‌السلام في تلاوة سورة ( عم ) في كلّ يوم ، قال : « لم تخرج سنته (١١) حتّى يزور البيت » وفي تلاوة سورة ﴿وَالنَّازِعاتِ﴾ قال : « لم يمت إلّا ريّانا » (١٢) .

__________________

(١) ثواب الأعمال : ١١٨ ، مكارم الأخلاق : ٣٦٥ ، بحار الأنوار ٩٢ : ٣١٠ / ٢.

(٢) مكارم الأخلاق : ٣٦٥ ، بحار الأنوار ٩٢ : ٣١٠ / ٢.

(٣) ثواب الأعمال : ١١٩ ، بحار الأنوار ٩٢ : ٣١٣ / ١.

(٤) الدر المنثور ٨ : ٢٣٣ ، بحار الأنوار ٩٢ : ٣١٦ / ٤.

(٥) ثواب الأعمال : ١١٩ ، بحار الأنوار ٩٢ : ٣١٦ / ١.

(٦) ثواب الأعمال : ١١٩.

(٧) ثواب الأعمال : ١٢٠ ، مكارم الأخلاق : ٣٦٥.

(٨) ثواب الأعمال : ١٢٠.

(٩) زاد في ثواب الأعمال : في الحياة الدنيا.

(١٠) ثواب الأعمال : ١٢٠.

(١١) زاد في المصدر : إذا كان يدمنها كل يوم.

(١٢) ثواب الأعمال : ١٢١.

١٦٢

وفي رواية اخرى ، قال : « لا يدركه (١) شقاء أبدا » (٢) .

وعنه عليه‌السلام في قراءة ﴿إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ﴾ و﴿إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ﴾ « من قرأهما وجعلهما نصب عينه في صلاة الفريضة والنافلة لم يحجبه الله من حاجة » (٣) .

وفي رواية : « من سقي سمّا ، أو لدغته ذو حمة (٤) من ذوات السّموم يقرأ على الماء ﴿وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ﴾ ويسقى فإنّه لا يضرّه إن شاء الله » (٥) .

وعن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه أوصى أصحابه وأولياءه : « من كان به علّة فليأخذ قلّة (٦) جديدة ، وليجعل فيها الماء وليسق الماء بنفسه ، وليقرأ على الماء ﴿إِنَّا أَنْزَلْناهُ﴾ على الترتيل ثلاثين مرّة ، ثمّ ليشرب من ذلك الماء ، وليتوضّأ ، وليمسح به ، وكلّما نقص زاد فيه ، فإنّه لا يظهر ذلك ثلاثة أيّام إلّا ويعافيه الله تعالى من ذلك الدّاء » (٧) .

وعن إسماعيل بن سهل ، قال : كتبت إلى أبي جعفر عليه‌السلام : إنّي قد لزمني دين فادح ؟ فكتب : « أكثر [ من ] الاستغفار ، ورطّب لسانك بقراءة ﴿إِنَّا أَنْزَلْناهُ(٨) .

وروي أنّه : « من أخذ قدحا وجعل فيه ماء وقرأ فيه ﴿إِنَّا أَنْزَلْناهُ﴾ خمسا وثلاثين مرّة ، ورشّ ذلك الماء على ثوبه ، لم يزل في سعة حتّى يبلى ذلك الثّوب » (٩) .

وفي رواية : « من قرأها حبّب إلى النّاس ، فلو طلب من رجل أن يخرج من ماله بعد قراءتها حين يقابله لفعل ، ومن خاف سلطانا فقرأها حين ينظر إلى وجهه غلب له ، ومن قرأها [ حين ] يريد الخصومة اعطي الظفر ، ومن يشفع بها إلى الله شفّعه وأعطاه سؤله » (١٠) .

وفي رواية عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : « رحم الله من قرأ ﴿إِنَّا أَنْزَلْناهُ﴾ إلى أن قال : « لكلّ شيء عون وعون الضعفاء ﴿إِنَّا أَنْزَلْناهُ ،﴾ ولكلّ شيء يسر ويسر المعسرين ﴿إِنَّا أَنْزَلْناهُ ،﴾ ولكلّ شيء عصمة وعصمة المؤمنين ﴿إِنَّا أَنْزَلْناهُ ،﴾ ولكلّ شيء هدى وهدى الصالحين ﴿إِنَّا أَنْزَلْناهُ(١١) الخبر.

__________________

(١) زاد في مكارم الأخلاق : في الدنيا.

(٢) مكارم الأخلاق : ٣٦٥.

(٣) ثواب الأعمال : ١٢١.

(٤) الحمة : الإبرة التي تضرب بها العقرب والزنبور ونحوهما.

(٥) مكارم الأخلاق : ٣٦٥ « نحوه » ، بحار الأنوار ٩٢ : ٣٢١ / ٢.

(٦) القلّة : إناء من الفخّار يشرب منه.

(٧) طب الأئمّة عليهم‌السلام : ١٢٣.

(٨) الكافي ٥ : ٣١٦ / ٥١.

(٩) مكارم الأخلاق : ١٠٢.

(١٠) مصباح الكفعمي : ٥٨٧ ، بحار الأنوار ٩٢ : ٣٣٠ / ١٠.

(١١) مصباح الكفعمي : ٥٨٨ ، بحار الأنوار ٩٢ : ٣٣١ / ١٠.

١٦٣

وعنه صلوات الله عليه في رواية اخرى : « هي نعم رفيق المرء ، بها يقضى دينه ، ويعظّم دينه ، ويظهر فلجه ، ويطول عمره ، ويحسن حاله » (١) الخبر.

وفي رواية : « أبى الله أن يسخط على قارئها ويسخطه » . قيل : فما معنى يسخطه ؟ قال : « لا يسخطه بمنعه حاجته » . إلى أن قال : « وأبى الله أن ينام قارئها حتّى يحفّه بألف ملك يحفظونه حتّى يصبح ، وبألف ملك حتّى يمسي (٢) الخبر.

وعن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا تملّوا [ من ] قراءة ﴿إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ﴾ فإنّ من كانت قراءته في نوافله ، لم يصبه الله عزوجل بزلزلة أبدا ، ولم يمت بها ولا بصاعقة ولا بآفة من آفات الدنيا » (٣) الخبر.

وعنه عليه‌السلام : « من قرأ ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ﴾ في فرائضه نفت عنه الفقر ، وجلبت عليه الرزق ، وتدفع عنه ميتة السّوء » (٤) .

ونقل عن خطّ الشّهيد رضوان الله عليه : عن الصادق صلوات الله عليه أنّه قال : « يقرأ في وجه العدوّ سورة الفيل » (٥) .

ونقل عن الراوندي رضى الله عنه في ( أخبار المعمّرين ) أنّه ذكر بعضهم أنّ والده كان لا يعيش له ولد. قال : ثمّ ولدت له على كبره ، ففرح بي ثمّ مضى ولي سبع سنين ، فكفلني عمّي ، فدخل بي يوما على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال له : يا رسول الله ، إنّ هذا ابن أخي ، وقد مضى لسبيله ، فعلّمني عوذة أعيذه بها. فقال : « أين أنت عن ذات القلاقل ﴿قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ﴾ و﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ و﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾ و﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾.

وفي رواية : ﴿قُلْ أُوحِيَ

قال المعمّر : وأنا إلى اليوم أتعوّذ بها ، ما اصبت بولد ولا مال ، ولا مرضت ، ولا افتقرت. وقد انتهى بي السنّ ما ترون (٦) .

وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : « لدغت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عقرب وهو يصلّي ، فلمّا فرغ. قال : لعن الله العقرب لا تدع مصلّيا ولا غيره ، ثمّ دعا بماء وملح وجعل يمسح عليها ويقرأ ﴿قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ

__________________

(١) مصباح الكفعمي : ٥٨٨ ، بحار الأنوار ٩٢ : ٣٣١ / ١٠.

(٢) مصباح الكفعمي : ٥٨٨ ، بحار الأنوار ٩٢ : ٣٣٢ / ١٠.

(٣) ثواب الأعمال : ١٢٤.

(٤) ثواب الأعمال : ١٢٦ ، بحار الأنوار ٩٢ : ٣٣٧ / ١.

(٥) بحار الأنوار ٩٢ : ٣٣٨ / ٣.

(٦) دعوات الراوندي : ٨٥ / ٢١٦.

١٦٤

و﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ،﴾ و﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ(١) .

وعن جبير بن مطعم ، قال : قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « أتحبّ يا جبير إذا خرجت سفرا أن تكون أمثل أصحابك هيئة وأكثرهم زادا ؟ » فقلت : نعم ، بأبي أنت وامّي قال : « فأقرأ هذه السور الخمس ﴿قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ،﴾ و﴿إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ ،﴾ و﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ،﴾ و﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ،﴾ و﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾ وافتتح كلّ سورة ب ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*﴾ واختم قراءتك ب ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ »

قال جبير بن مطعم : وكنت غنيّا كثير المال ، فكنت أخرج في سفر فأكون من أبذّهم (٢) هيئة ، وأقلّهم زادا ، فما زلت منذ علّمنيهنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقرأت بهنّ ، أكون من أحسنهم هيئة ، وأكثرهم زادا ، حتّى أرجع من سفري (٣) .

وعن الصادق عليه‌السلام قال : « من قرأ ﴿إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ﴾ في نافلة أو فريضة ، نصره الله على جميع أعدائه » إلى أن قال « ويتفتّح له في الدنيا من أسباب الخير ما لم يتمنّ ولم يخطر على قلبه » (٤) .

وفي رواية اخرى : « نصره الله على جميع أعدائه ، وكفاه المهمّ » (٥) .

وعن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « من أوى إلى فراشه فقرأ ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ إحدى عشرة مرّة حفظ في داره ، وفي دويرات حوله » .

وعنه عليه‌السلام قال : « من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فلا يدع [ أن يقرأ ] في دبر الفريضة ب ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ فإنّه من قرأها جمع [ الله ] له خير الدنيا والآخرة » .

وعنه عليه‌السلام قال : « من مضت له جمعة ولم يقرأ فيها ب ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ ثمّ مات مات على دين أبي لهب » (٦) .

وعن رجل سمع أبا الحسن عليه‌السلام يقول : « من قدّم ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ بينه وبين جبّار منعه الله عنه ، يقرأها بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ، فإذا فعل ذلك رزقه الله خيره ، ومنعه شرّه » (٧) .

وعن مفضّل بن عمر ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « يا مفضّل ، أحتجز من النّاس كلّهم ب ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*﴾ و﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ أقرأها عن يمينك وعن شمالك ومن بين يديك ومن خلفك

__________________

(١) الدر المنثور ٨ : ٦٥٨. (٢) بذّ يبذّ بذذا ، وبذاذة : ساءت حاله ، ورثّت هيئته.

(٣) الدر المنثور ٨ : ٦٥٨ ، بحار الأنوار ٩٢ : ٣٤٢ / ٧.

(٤) ثواب الأعمال : ١٢٧.

(٥) الفقه المنسوب إلى الإمام الرضا عليه‌السلام : ٣٤٤.

(٦) ثواب الأعمال : ١٢٨.

(٧) ثواب الأعمال : ١٢٩.

١٦٥

ومن فوقك ومن تحتك ، فإذا دخلت على سلطان جائر فاقرأها حين تنظر إليه ثلاث مرّات ، واعقد بيدك اليسرى ، ثم لا تفارقها حتّى تخرج من عنده » (١) .

وعنه عليه‌السلام أنّه قال : « من قرأ ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ نفت عنه الفقر ، واشتدّت أساس دورة ، ونفعت جيرانه » (٢) .

وعن أبي جعفر عليه‌السلام : « من لم يبرأه سورة الحمد و﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ لم يبرأه شيء ، وكلّ علة تبرأها هاتان السورتان » (٣) .

وعن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من قرأ ﴿قُلْ هُوَ اللهُ﴾ نظر الله إليه ألف نظرة بالآية الأولى ، وبالآية الثانية استجاب الله له ألف دعوة ، وبالآية الثالثة أعطاه الله ألف مسألة ، وبالآية الرابعة قضى الله له ألف حاجة ، كلّ حاجة خير من الدنيا والآخرة » (٤) .

وعن أمير المؤمنين صلوات الله عليه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « من أراد سفرا فأخذ بعضادتي منزله فقرأ إحدى عشرة مرّة ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ كان الله تعالى له حارسا حتّى يرجع » (٥) .

وعن أنس عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من قرأ ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ مرّة بورك عليه [ ومن قرأها مرتين بورك عليه ] وعلى أهل بيته ، ومن قرأها ثلاث مرّات بورك عليه وعلى أهل بيته وجيرانه » (٦).

وعن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من أتى منزله وقرأ ﴿الْحَمْدُ﴾ و﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ نفى الله عنه الفقر ، وكثر خير بيته حتّى يفيض على جيرانه » (٧) .

وعن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « كان سبب [ نزول ] المعوّذتين أنّه وعك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فنزل عليه جبرئيل عليه‌السلام بهاتين السورتين ، فعوّذه بهما » (٨) .

وعن الرضا عليه‌السلام أنّه رأى مصروعا ، فدعا له بقدح فيه ماء ، ثمّ قرأ عليه ( الحمد ) و( المعوّذتين ) ونفث في القدح ، ثمّ أمر بصبّ الماء على وجهه ورأسه فأفاق ، وقال [ له ] : « لا يعود إليك أبدا » (٩) .

الطرفة الأربعون

في أنّ لبعض الآيات خواصا وآثارا دنيوية

قد نطقت الروايات ببيان خواصّ وآثار لكثير من الآيات.

__________________

(١) الكافي ٢ : ٤٥٧ / ٢٠. (٢) المحاسن : ٦٢٣ / ٧٣.

(٣) طب الأئمة عليهم‌السلام : ٣٩. (٤) جامع الأخبار : ١٢٣ / ٢٣٣.

(٥) الدر المنثور ٨ : ٦٧٥. (٦) الدر المنثور ٨ : ٦٧٦.

(٧) الدر المنثور ٨ : ٦٧٧. (٨) تفسير القمي ٢ : ٤٥٠.

(٩) طب الأئمّة عليهم‌السلام : ١١١.

١٦٦

عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من حزنه أمر تعاطاه ، فقال : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*﴾ وهو مخلص لله ويقبل بقلبه [ إليه ] ، لم ينفكّ من إحدى اثنتين : إمّا بلوغ حاجته في الدنيا ، وإمّا يعدّ له عند ربّه ويدّخر لديه ، وما عند الله خير وأبقى للمؤمنين » (١) .

وعن أمير المؤمنين صلوات الله عليه عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الله عزوجل : « كلّ [ أمر ] ذي بال لم يذكر فيه بسم الله فهو أبتر » (٢) .

وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : « إنّ العبد إذا أراد أن يقرأ أو يعمل عملا فيقول بسم الله الرحمن الرحيم فإنّه يبارك له فيه » (٣) .

وعن الصادق عليه‌السلام في رواية : « ولربّما ترك بعض شيعتنا في افتتاح أمره بسم الله الرحمن الرحيم فيمتحنه الله بمكروه لينبّهه على شكر الله » (٤) الخبر.

وروي أنّه سئل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : هل ياكل الشيطان مع الانسان ؟ قال : « نعم ، كلّ مائدة لم يذكر بسم الله عليها ، يأكل الشيطان معهم ، ويرفع الله البركة عنها » (٥) .

وعن ابيّ بن كعب ، قال : كنت عند النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فجاء أعرابيّ فقال : يا نبيّ الله ، إنّ لي أخا وبه وجع قال : « وما وجعه ؟ » قال : به لمم. قال : « فأتني به » فوضعه بين يديه فعوّذه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بفاتحة الكتاب وأربع آيات من أوّل سورة البقرة ، وهاتين الآيتين : ﴿وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ(٦) وآية الكرسيّ ، وثلاث آيات من آخر سورة البقرة ، وآية من آل عمران : ﴿شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ(٧) وآية من الأعراف : ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ(٨) وآخر سورة المؤمنون : ﴿فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُ(٩) وآية من سورة الجنّ : ﴿وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا(١٠) وعشر آيات من أوّل الصّافّات ، وثلاث آيات من آخر سورة الحشر ، و﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ و( المعوّذتين ) فقام الرجل كأنّه لم يشك قطّ (١١) .

وعن ابن مسعود رضى الله عنه موقوفا : « من قرأ أربع آيات من أوّل سورة البقرة ، وآية الكرسي ، وآيتين بعد آية الكرسيّ ، وثلاثا من آخر سورة البقرة ، لم يقربه ولا أهله يومئذ شيطان ولا شيء يكرهه ، ولا يقرأن

__________________

(١) التوحيد : ٢٣٢ / ٥.

(٢) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه‌السلام : ٢٥ / ٧.

(٣) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه‌السلام : ٢٥ / ٧ ، بحار الأنوار ٩٢ : ٢٤٢.

(٤) التوحيد : ٢٣١ / ٥.

(٥) جامع الأخبار : ١٢٠ / ٢٢٠.

(٦) البقرة : ٢ / ١٦٣. (٧) آل عمران : ٣ / ١٨.

(٨) الأعراف : ٧ / ٥٤.

(٩) المؤمنون : ٢٣ / ١١٦.

(١٠) الجن : ٧٢ / ٣.

(١١) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٥٩.

١٦٧

على مجنون إلّا آفاق » (١) .

وعنه رضى الله عنه قال : قال رجل : يا رسول الله ، علّمني شيئا ينفعني الله به. قال : « اقرأ آية الكرسيّ ، فإنّه ينفعك (٢) وذرّيّتك ، ويحفظ دارك ، حتّى الدويرات حول دارك » (٣) .

وروي أنّه « من قرأ عشر آيات من البقرة عند منامه لم ينس القرآن ، أربع من أوّلها ، وآية الكرسيّ وآيتان بعدها ، وثلاث من آخرها » (٤) .

وعن الباقر عليه‌السلام : « من قرأ آية الكرسيّ مرّة ، صرف [ الله ] عنه ألف مكروه من مكروه الدنيا ، وألف مكروه من مكروه الآخرة ، أيسر مكروه الدنيا الفقر ، وأيسر مكروه الآخرة عذاب القبر » (٥) .

وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من قرأ أربع آيات من أوّل البقرة ، وآية الكرسيّ ، وآيتين بعدها ، وثلاث آيات من آخرها ، لم ير في نفسه [ وأهله ] وماله شيئا يكرهه ، ولا يقربه شيطان ولا ينسى القرآن » (٦) .

وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام : « ليقرأ أحدكم إذا خرج من بيته الآيات من [ آخر ] آل عمران ، وآية الكرسيّ ، و﴿إِنَّا أَنْزَلْناهُ ،﴾ وامّ الكتاب ، فإنّ فيها قضاء حوائج الدنيا والآخرة » (٧) .

وعن الرضا عليه‌السلام يقول : « من قرأ آية الكرسيّ عند منامه لم يخف الفالج ، ومن قرأ دبر كلّ صلاة لم يضرّه ذو حمة » (٨) أي ذو سمّ.

وفي حديث ، قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا عليّ ، من كان في بطنه ماء أصفر فكتب آية الكرسيّ ، وشرب ذلك الماء ، يبرأ بإذن الله » (٩) .

وعن الصادق عليه‌السلام في رواية : « إذا عاينت الذي تخافه ، فاقرأ آية الكرسيّ » (١٠) .

وعنه عليه‌السلام قال : « في سمك (١١) البيت إذا رفع فوق ثمانية أذرع صار مسكونا ، فإذا زاد على ثمانية أذرع فليكتب على رأس الثمانية أذرع آية الكرسي » (١٢) .

وعن أبي جعفر عليه‌السلام : « أنّ العفاريت من أولاد الأبالسة تتخلّل وتدخل بين محامل المؤمنين ، فتنفّر

__________________

(١) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٦٠.

(٢) في الإتقان : يحفظك.  (٣) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٦٠.

(٤) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٦١.

(٥) أمالي الصدوق : ١٥٨ / ١٥٥.

(٦) تفسير العياشي ١ : ١٠٨ / ١٠٤.

(٧) الخصال : ٦٢٣ / ١٠.  (٨) ثواب الأعمال : ١٠٥.

(٩) دعوات الراوندي : ١٦٠ / ٤٤٣.

(١٠) المحاسن : ٦٠٩ / ١١.

(١١) السّمك : السقف.

(١٢) المحاسن : ٦٠٩ / ١١.

١٦٨

عليهم إبلهم ، فتعاهدوا ذلك بآية الكرسيّ » (١) .

ونقل من خطّ الشهيد رضوان الله عليه رواية عن الحسن عليه‌السلام : « أنا ضامن لمن قرأ عشرين آية أن يعصمه الله من كل سلطان ظالم ، ومن كلّ شيطان مارد ، ومن كلّ لصّ عاد ، ومن كلّ سبع ضار ، وهي : آية الكرسيّ ، وثلاث آيات من الأعراف : ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ﴾ إلى ﴿الْمُحْسِنِينَ(٢) وعشر من أوّل الصّافّات ، وثلاث من الرّحمن : ﴿يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ﴾ إلى ﴿تَنْتَصِرانِ(٣) وثلاث من آخر الحشر : ﴿هُوَ اللهُ الَّذِي(٤) إلى آخرها » (٥) .

وفي رواية : « و﴿سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ* وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ* وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ(٦) .

وأخرج ابن السّني عن فاطمة صلوات الله عليها : « أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا دنا ولادها أمر أمّ سلمة وزينب بنت جحش أن تأتياها فتقرأ عندها آية الكرسيّ و﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ(٧) الآية ، ويعوّذاها بالمعوّذتين » (٨) .

وعن أحدهما عليهما‌السلام قال : « أيّما دابّة استصعب على صاحبها من لجام ونفار فليقرأ في اذنها أو عليها : ﴿أَ فَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ(٩) .

وروي أنّ زين العابدين صلوات الله عليه مرّ برجل وهو قاعد على باب رجل فقال له : « ما يقعدك على باب هذا الرّجل المترف الجبّار ؟ » فقال : البلاء. فقال : « قم ، فأرشدك إلى باب خير من بابه ، وإلى ربّ خير لك منه » فأخذ بيده حتّى انتهى إلى المسجد ، مسجد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله [ ثم ] قال : « استقبل القبلة وصلّ ركعتين ، ثمّ ارفع يديك إلى الله عزوجل فأثن عليه ، وصلّ على رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم ادع بآخر الحشر ، وستّ آيات من أوّل الحديد ، وبالآيتين في آل عمران ، ثم سل الله فإنّك لا تسأل [ شيئا ] إلّا أعطاك » (١٠) .

أقول : الظاهر أنّ المراد بالآيتين في آل عمران ، آية ﴿شَهِدَ اللهُ(١١) وآية ﴿قُلِ اللهُمَ(١٢) .

__________________

(١) المحاسن : ٣٨٠ / ١٥٩. (٢) الأعراف : ٧ / ٥٤ - ٥٦.

(٣) الرحمن : ٥٥ / ٣٣ - ٣٥. (٤) الحشر : ٥٩ / ٢٢.

(٥) بحار الأنوار ٩٢ : ٢٧١ / ٢١.

(٦) دعوات الراوندي : ١٣٢ / ٣٢٨ ، بحار الأنوار ٩٢ : ٢٧١ / ٢٢ ، والآيات من سورة الصافات : ٣٧ / ١٨٠ - ١٨٢.

(٧) الأعراف : ٧ / ٥٤.

(٨) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٦١.

(٩) الكافي ٦ : ٥٣٩ / ١٤ ، والآية من سورة آل عمران : ٣ / ٨٣.

(١٠) دعوات الرواندي : ٥٥ / ١٣٨. (١١) آل عمران : ٣ / ١٨.

(١٢) آل عمران : ٣ / ٢٦.

١٦٩

وعن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا عليّ ، أمان لأمّتي من السّرق ﴿قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ(١) إلى آخرها و﴿لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ(٢) إلى آخرها » (٣) .

وفي رواية : « من قرأ هاتين الآيتين حين يأخذ مضجعه ، لم يزل في حفظ الله من كلّ شيطان مريد وجبّار عنيد إلى أن يصبح » (٤) .

وعن أبي عبد الله عليه‌السلام : « إذا دخلت مدخلا تخافه ، فاقرأ هذه الآية : ﴿رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً(٥) .

وعن الرّضا صلوات الله عليه قال : دخل أبو المنذر هشام بن السائب الكلبي على أبي عبد الله عليه‌السلام فقال : « أنت الذي تفسّر القرآن ؟ » قال : نعم.

قال : أخبرني عن قول الله تعالى لنبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ﴿وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً(٦) ما ذلك القرآن الذي كان إذا قرأه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حجب عنهم ؟ » قال : لا أدري.

قال : « فكيف قلت إنّك تفسّر القرآن ! » قال : يابن رسول الله ، إن رأيت أن تنعم عليّ ، وتعلّمنيهنّ ؟

قال عليه‌السلام : « آية في الكهف ، وآية في النّحل ، وآية في الجاثية ، وهي : ﴿أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ أَ فَلا تَذَكَّرُونَ(٧) وفي النّحل : ﴿أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ(٨) وفي الكهف : ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً(٩) .

قال الكسرويّ : فعلّمتها رجلا من أهل همدان وكانت الدّيلم أسرته ، فمكث فيهم عشر سنين ، ثمّ ذكر الثلاث آيات. قال : فجعلت أمرّ على محالّهم وعلى مراصدهم فلا يروني ، ولا يقولون شيئا حتى خرجت إلى أرض الإسلام.

قال أبو المنذر : وعلّمتها قوما خرجوا في سفينة من الكوفة الى بغداد ، وخرج معهم سبع سفن

__________________

(١) الإسراء : ١٧ / ١١٠.

(٢) التوبة : ٩ / ١٢٨.

(٣) دعوات الراوندي : ١٦٠ / ٤٤٣.

(٤) عدة الداعي : ٢٩٣ / ٣.

(٥) المحاسن : ٣٦٧ / ١١٨ ، والآية من سورة الإسراء : ١٧ / ٨٠.

(٦) الإسراء : ١٧ / ٤٥. (٧) الجاثية : ٤٥ / ٢٣.

(٨) النحل : ١٦ / ١٠٨.

(٩) الكهف : ١٨ / ٥٧.

١٧٠

فقطع على ستّ وسلمت السفينة التي قرئ فيها هذه الآيات (١) .

وعن الحسين بن عليّ عليهما‌السلام عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله - في حديث - : « أمان لامّتي من الغرق [ إذا ركبوا ] أن يقرءوا ﴿بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ(٢) و﴿ما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ الآية » (٣) .

وعن اللّيث ، قال : بلغني أنّ هؤلاء الآيات شفاء من السّحر ، تقرأ على إناء فيه ماء ثمّ يصبّ على رأس المسحور الآية التي في سورة يونس : ﴿فَلَمَّا أَلْقَوْا قالَ مُوسى ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ* وَيُحِقُّ اللهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ(٤) وقوله : ﴿فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ(٥) إلى [ آخر ] أربع آيات. وقوله : ﴿إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى(٦) .

وعن أبي هريرة ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : « ما لزمني (٧) أمر إلّا تمثّل لي جبرئيل ، فقال : يا محمّد ، قل : توكّلت على الحيّ الّذي لا يموت ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً(٨) .

وعن ابن عبّاس رضى الله عنه : هذه الآية أمان من السّرق : ﴿قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً* وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً(٩) .

وعن زرّ بن حبيش [ قال ] : من قرأ آخر سورة الكهف لساعة يريد أن يقومها من اللّيل قامها : ﴿قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً(١٠) .

قال عبدة : فجرّبناه فوجدناه كذلك (١١) .

وعن سعد بن أبي وقّاص : « دعوة ذي النون إذ دعا بها في بطن الحوت : ﴿لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ

__________________

(١) عدة الداعي : ٢٩٥ / ٩. (٢) هود : ١١ / ٤١.

(٣) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٦١ ، والآية من سورة الأنعام : ٦ / ٩١.

(٤) يونس : ١٠ / ٨١ و٨٢.

(٥) الأعراف : ٧ / ١١٨.

(٦) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٦٢ ، والآية من سورة طه : ٢٠ / ٦٩.

(٧) في الإتقان : كربني.

(٨) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٦٢ ، والآية من سورة الاسراء : ١٧ / ١١١.

(٩) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٦٢ ، والآيتان من سورة الإسراء : ١٧ / ١١٠ و١١١.

(١٠) الكهف : ١٨ / ١١٠.

(١١) سنن الدارمي ٢ : ٤٥٤ ، الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٦٢.

١٧١

إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ(١) لم يدع بها رجل مسلم في شيء قطّ الّا استجاب الله له » (٢) .

وفي رواية عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّي لأعلم كلمة لا يقولها مكروب إلّا فرّج عنه ، كلمة أخي يونس : ﴿فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ(٣) .

وعن ابن مسعود رضى الله عنه أنّه قرأ في اذن مبتلى فأفاق. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « ما قرأت في اذنه ؟ » قال : ﴿أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ* فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ* وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ* وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ(٤) . فقال : « لو أنّ رجلا مؤمنا قرأ بها على جبل لزال » (٥) .

عن الصّادق عليه‌السلام : « من دخل على سلطان يخافه ، فقرأ عند ما يقابله : ( كهيعص ) ويضمّ يده اليمنى ، كلّما قرأ حرفا ضمّ اصبعا ، ثمّ يقرأ ( حمعسق ) ويضمّ أصابع يده اليسرى كذلك ، ثمّ يقرأ : ﴿وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً(٦) ويفتحها في وجهه كفي شرّه » (٧) .

وعن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من اشتكى ضرسه فليضع إصبعه عليه وليقرأ هاتين الآيتين سبع مرّات : ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ(٨) و﴿هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ(٩) فإنّه يبرأ بإذن الله » (١٠) .

وعن ابن عبّاس موقوفا في المرأة تعسر عليها ولادتها ، قال : « يكتب في قرطاس [ ثم تسقى ] : بسم الله الذي لا إله إلّا هو الحليم الكريم ، سبحان الله وتعالى ربّ العرش العظيم ، الحمد لله ربّ العالمين ﴿كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها(١١)﴿كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ(١٢)

وعنه رضى الله عنه : إذا وجدت في نفسك شيئا - يعني الوسوسة - فقل : ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ

__________________

(١) الأنبياء : ٢١ / ٨٧.

(٢) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٦٣.

(٣) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٦٣ ، والآية من سورة الأنبياء : ٢١ / ٨٧.

(٤) المؤمنون : ٢٣ / ١١٥ - ١١٨.

(٥) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٦٣.

(٦) طه : ٢٠ / ١١١. (٧) عدة الداعي : ٢٩٤ / ٧.

(٨) الأنعام : ٦ / ٩٨. (٩) الملك : ٦٧ / ٢٣.

(١٠) مكارم الأخلاق : ٦ - ٤ « نحوه » .

(١١) النازعات : ٧٩ / ٤٦.

(١٢) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٦٤ ، والآية من سورة الاحقاف : ٤٦ / ٣٥.

١٧٢

وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(١) .

وعن أنس بن مالك : ما أنعم الله على عبد نعمة في أهل ولا مال ولا ولد ، فيقول : ﴿ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ(٢) فيرى فيه آفة دون الموت (٣) .

ولا يذهب عليك أنّ تأثير القرآن العظيم وسوره وآياته في الآثار والخواصّ المرويّة ، ليس على نحو العلّيّة التامّة بحيث لا يمكن تخلّفها عنها ، بل هو على نحو الاقتضاء الذي يعتبر فيه وجود الشرائط وعدم الموانع ، كالدّعاء الذي اتّفقت الآيات والروايات بل العقل على أنّه مؤثّر في قضاء الحوائج وحصول المطلوب ، وكالأدوية المجرّبة المسطورة في كتب الطبّ ، وكغالب مؤثّرات العالم ، ولا شبهة في أنّ من شرائطه الإيمان بالله وبرسوله ، واليقين بأنّ القرآن نازل من قبل الله ، وأنّه كلامه.

ومن الموانع عن التأثير القضاء الحتميّ وعصيان العبد وغير ذلك ، فلا ينبغي للمؤمن أن يضعف اعتقاده بتلك التأثيرات عند مشاهدته التخلّف ، والله العاصم.

خاتمة

[ في مصادر هذا التفسير ]

كلّ ما أودعته من الرّوايات في كتابي هذا طرائفه وتفسيره فمأخوذ من الكتب التي في غاية الاشتهار ، كالشمس في رائعة (٤) النّهار.

[١] منها : كتاب ( جوامع الجامع ) في التفسير ، للشّيخ الأجل البارع المؤتمن أمين الإسلام ، الفضل بن الحسن الطّبرسيّ.

[٢] ومنها : كتاب ( بحار الأنوار ) للعلامة المتبحّر المولى محمّد المدعوّ بالباقر المجلسيّ.

[٣] ومنها : ( حواشي على كتاب أسرار التّنزيل ) (٥) للشّيخ الجليل الكبير ، والفاضل القليل النّظير ، المؤيّد المسدّد ، محمّد بن حسين بن عبد الصّمد ، المدعوّ ببهاء الدين.

[٤] ومنها : كتاب ( الصافي ) للمحدّث المتقن ، المولى محمّد ، المدعوّ بالمحسن ، المعروف بالفيض ، والمحدّث الكاشاني قدس الله أسرارهم وأدام في العالمين آثارهم.

__________________

(١) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٦٤ ، والآية من سورة الحديد : ٥٧ / ٣.

(٢) الكهف : ١٨ / ٣٩.

(٣) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٦٢.

(٤) في النسخة : رابعة.

(٥) يريد أنوار التنزيل وأسرار التأويل ( تفسير البيضاوي ) وسيأتي لا حقا ضمن مصادر المؤلف.

١٧٣

[٥] ومنها : كتاب ( مفاتيح الغيب ) للبحر القمقام المعروف بين العامّة بالإمام محمّد الرازي ، الملّقب بفخر الدّين.

[٦] ومنها : كتاب ( الإتقان ) للقاضي جلال الدّين السيّوطي.

[٧] ومنها : كتاب ( التفسير ) للعلامة أبي السعود.

[٨] ومنها : كتاب ( أسرار التنزيل ) للقاضي ناصر الدّين أبي الخير عبد الله بن عمر بن محمّد بن عليّ الفارسيّ البيضاوي.

[٩] ومنها : كتاب ( روح البيان ) للشيخ إسماعيل المدعوّ بحقّي أفندي.

[١٠] ومنها : كتاب ( تفصيل وسائل الشيعة ) للشيخ الأمجد ، والمحدّث المعتمد ، محمّد بن الحسن بن عليّ بن محمّد ، الحرّ العامليّ رضوان الله عليه.

١٧٤

في تفسير الاستعاذة

فها أنا أشرع في المقصود ، مستمدا من الله الودود ، مبتدءا بالاستعاذة وتفسيرها ، امتثالا لأمر الله الأكيد عند الشروع في كلّ أمر ، سيّما القرآن المجيد.

فأقول وأنا العبد الأثيم محمّد بن المحقّق النحرير عبد الرّحيم النّهاوندي عاملهما الله بلطفه العميم ، وإحسانه القديم :

أعوذ بالله السّميع العليم من الشّيطان الرّجيم

عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه : « ( أعوذ بالله ) أمتنع بالله ( السّميع ) لمقال الأخيار والأشرار ، ولكلّ المسموعات من الإعلان والإسرار ( العليم ) بأفعال الأبرار والفجّار ، وبكلّ شيء ممّا كان وما يكون وما لا يكون أن لو كان كيف كان يكون ( من الشّيطان الرجيم ) البعيد من كلّ خير المرجوم باللّعن والمطرود من بقاع الخير » (١)

أقول : الظاهر أنّ تفسير كلمة ( أعوذ ) بأمتنع تفسير باللازم ، حيث إنّ صيغة أعوذ مشتقّة من العوذ ، وله في اللغة معنيان : الالتجاء ، والالتصاق ، وعليه يكون المعنى : ألتجىء بالله ، وألوذ بحصنه وعصمته ، أو ألتصق بفضل الله ورحمته ، فيحصل بهذا الالتجاء والالتصاق التحفظ والامتناع من وساوس الشيطان المانع من كلّ خير ، المطرود من بقاعه ومحالّه ؛ من الجنّة ، ومقام القرب ، وساحة الفضل والرحمة. وذكر اسم الجلالة هنا لاقتضاء المقام إظهار عظمة المستعاذ به وقدرته وسطوته ، وتوصيفه باسم السّميع العليم بلحاظ أنّ للمستعيذ إلتجاء قوليّ وقلبيّ ، إذ حقيقة الاستعاذة والالتجاء لا تحصل للعبد إلّا بعد أن يرى العدوّ - وهو الشّيطان - قويا قادرا على إضراره ، ونفسه في غاية العجز عن دفع شرّه ، ويعلم أنّ الله قادر على دفع كلّ شرّ ، مانع من كلّ ضرّ ، مجير لمن استجار به ، مأوى لمن التجأ اليه ، مجيب لمن دعاه ، رحيم بمن ناداه ، كريم لمن قصده وسأله ، جواد لمن رجاه وأمّله ، عند ذلك

__________________

(١) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه‌السلام : ١٦ / ٣.

١٧٥

يحصل له اليقين بأنّه لا حيلة له في التخلّص من كيد الشّيطان وحيله ، والنّجاة من أيدي ذلك العدوّ وحبائله ، مع شدّة بطشه وكثرة خيله ورجله ، إلّا التّحصّن بحصن الله الحصين والاستجارة بركنه الرّكين ، فعند حصول الالتجاء بجنابه ، يتضرّع إليه بلسانه ، ويقول : يا إلهي السّميع لمقالي ، العليم بضرّي وعجزي واستئصالي وضعف قوّتي وسوء حالي ، احفظني وامنعني من بأس الشّيطان وضرّه ، واحرسني من كيده وشرّه ، فعند ذلك تشمله العناية فيحصل له الامتناع من

وساوسه ، والسّلامة من دسائسه.

ثمّ اعلم أنّ للشّيطان في القرآن أسماء مشؤومة ، وألقابا مذمومة ، وإنّما وصف هنا بالرّجيم لكونه أجمع لمساوئه ، فإنّه جامع لجميع ما يقع عليه من العقوبات ، لأنّ المطروديّة من مقام الرّحمة من أشدّها ، ومستتبع لجميع الدّركات.

وأمّا عداوته للإنسان ، فمع أنّها معلومة بدلالة كثير من الآيات ، والمتواتر من الرّوايات ، يظهر تفصيلها مما روي عن ابن عبّاس ، قال : خرج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم من المسجد ، فإذا هو بإبليس ، فقال له النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : « ما الذي جاء بك إلى باب مسجدي ؟ » قال : يا محمّد ، جاء بي الله. قال : « فلم ذا ؟ » قال : لتسألني عمّا شئت.

فقال ابن عبّاس رضى الله عنه : [ فكان ] أوّل شيء سأله الصلاة. فقال [ له ] : « يا ملعون لم تمنع أمّتي عن الصلاة بالجماعة ؟ » قال : يا محمّد ، إذا خرجت أمّتك إلى الصلوات تأخذني الحمّى الحارّة ، فلا تندفع حتّى يتفرّقوا.

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : « لم تمنع أمّتي عن الدعاء ؟ » قال : عند دعائهم يأخذني الصّمم والعمى ، فلا يندفع حتّى يتفرّقوا.

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : « لم تمنع أمّتى عن القرآن ؟ » قال عند قراءتهم أذوب كالرّصاص.

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : « لم تمنع أمّتي عن الجهاد » قال : إذا خرجوا إلى الجهاد يوضع على قدمي قيد حّتى يرجعوا ، وإذا خرجوا إلى الحجّ اسلسل وأغلل حتّى يرجعوا ، وإذا همّوا بالصّدقة توضع على رأسي المناشير فتنشرني كما ينشر الخشب (١) .

أقول : الظاهر أنّ الحمّى والصّمم ، والعمى ، والذّوب ، والقيد ، والتّغليل ، والتنّشير ، جميعها كنايات

__________________

(١) تفسير روح البيان ١ : ٥.

١٧٦

عن حالات سيّئة وآلام شديدة تعرض للشّيطان عند اشتغال العبد بهذه العبادات لكمال اشمئزازه عنها.

ونقل أنّه من استعاذ بالله على وجه الحقيقة وعن صميم القلب ، جعل الله بينه وبين الشّيطان ثلاثمائة حجاب ، كلّ حجاب كما بين السماء والأرض (١) .

وقيل : إنّ التعوّذ بالله رجوع من الخلق إلى الخالق ، ومن الحاجة التامّة التي تكون للنّفس إلى الغنى التامّ بالحقّ ، ومن العجز إلى القدرة في كلّ الخيرات ، واكتساب البركات ، ودفع جميع الشرور والآفات ، ففيه سرّ قوله : ﴿فَفِرُّوا إِلَى اللهِ(٢) .

ومن الواضح أنّ لكثرة فوائد الاستعاذة كثرت الرّوايات في الترغيب إليها عند الشّروع في كلّ أمر من الامور الدينيّة والأعمال الخيريّة التي من أهمّها تلاوة القرآن العظيم والكتاب الكريم.

قال الله تعالى : ﴿فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ(٣) فإنّ التأدّب بأدب الله مؤدّ إلى الفلاح الدائم والسعادة اللازمة ، ثمّ إنّه بعد ما التجأ العبد إلى الله تعالى بالجنان واللسان ، وتمكّن في حصن الرّحمن ، وامتنع من مكائد الشّيطان ، وحصل له الأمان ، ينبغي أن يستمدّ من ربّه ، ويقتبس نورا لقلبه ، حتّى يقوى على العمل ، ويفوز بما رجاه وأمّل من غير ملل ولا فتور ولا كسل ، بل بحضور القلب والانبساط ، وكمال الشوق والنشاط ، وطمأنينة النفس وانشراح الصدر ، وليس ذلك إلّا بذكر الله ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ(٤) فإنّ بالذكر بعد الاستعاذة تحصل نورانيّة معنويّة للرّوح ، كما أنّ به تحصل طهارة ظاهريّة جسمانيّة للحيوان المذكّى ، وترتّب الذكر على الاستعاذة من جهة تأخّر رتبة التحلية على التّخلية ، والإقبال على الله على الانقطاع عمّا سواه ، إذ إنّه ليس للمؤمن حالّ يكون فيه أقرب إلى الله من حال يكون ذاكرا.

__________________

(١) تفسير روح البيان ١ : ٥.

(٢) تفسير روح البيان ١ : ٥ ، والآية من سورة الذاريات : ٥١ / ٥٠.

(٣) النحل : ١٦ / ٩٨.

(٤) الرعد : ١٣ / ٢٨.

١٧٧
١٧٨

في تفسير

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم

عن الرضا عليه‌السلام عن آبائه عليهم‌السلام « أنّه مكتوب في التوراة التي لم تغيّر : أنّ موسى سأل ربّه ، فقال : يا ربّ أقريب أنت منّي فأناجيك ، أم بعيد فأناديك ؟ فأوحى الله عزوجل [ إليه ] : يا موسى أنا جليس من ذكرني (١) .

ولمّا كان الكفّار والمشركون يبدأون بأسماء آلهتهم ، فيقولون : باسم اللات والعزّى ، فعلّم الله الموحّدين أن يقولوا عند شروعهم في أمر ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*

قيل : إنّ الله تعالى افتتح كتابه الكريم بأوّل ما جرى به القلم في اللوح المحفوظ ، وأوّل ما نزل على آدم عليه‌السلام (٢) .

وفي ( الكافي ) عن الباقر عليه‌السلام : « أوّل كلّ كتاب نزل من السّماء ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*(٣) .

وعن الرضا عليه‌السلام : في تفسير ﴿بِسْمِ اللهِ*﴾ قال : « يعني أسم [ على ] نفسي بسمة من سمات الله ، وهي العبادة » قيل له : ما السّمة ؟ قال : « العلامة » (٤) .

تحقيق بالتفكر فيه حقيق

أقول : توضيح ذلك أنّ حقيقة العبوديّة وهي الفناء والعجز والحاجة والتّبعيّة والانقياد ، وهي علامة الربوبيّة التي هي كمال الوجود والوجوب والغنى والجود والسلطنة والمولويّة ، فإذا حصل في العبد نور العبوديّة ، ظهرت فيه آية الربوبيّة ، فمن وسم نفسه بسمة العبوديّة - وهي حالة العجز والحاجة والرّجاء والفقر والعدم والفناء - فقد وسم نفسه بسمة الله ، حيث إن المخلوق ليس من جهة نفسه وذاته إلّا العدم والقابليّة لقبول فيض الحقّ وفعله وعطائه وإنعامه ، ويعبّر عن هذه الحيثيّة بالذّات والماهيّة ، وما سواها ليس إلّا فيض الوجود وهي آية الحقّ وتجلّيه.

وكما أنّ جهة ذاته جهة الأنانيّة ، ومناط الاحتجاب ، ومبدأ كلّ شرّ ، يكون فيض الوجود - وهو جهة الربوبيّة - مبدأ كلّ خير ، فكلّما اشتدّت فيه هذه الجهة كملت الذّات وكثرت منها الخيرات ، لأن كلّ خير من آثار الوجود الذي هو بإفاضة الله وجوده ، فعلى العبد أن يسأل حين إرادة القيام بوظائف

__________________

(١) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ١ : ١٢٧ / ٢٢ « نحوه » ، الكافي ٢ : ٣٦٠ / ٤ عن الباقر عليه‌السلام.

(٢) تفسير روح البيان ١ : ٦.

(٣) الكافي ٣ : ٣١٣ / ٣.

(٤) معاني الأخبار : ٣ / ١.

١٧٩

العبوديّة من التلاوة وسائر الطاعات ، كمال وجوده وقوّة نفسه ، بقوله بقصد الإنشاء والدعاء : « أسم نفسي بسمة الله » أي اللهمّ أعلم نفسي بعلامتك ، وأكمل فيض الوجود فيّ بجودك وفيّاضيّتك.

وهذا السؤال والطلب ملازم للاستعانة ومساو لها ، كما أنّ إفاضة الفيّاض عليه إجابة منه وإعانة ، فتكون الاستعانة باسم الله مدلولا التزاميّا لقوله : أسم نفسي بسمة الله.

ولعلّه لكون مفهوم الاستعانة أقرب إلى أفهام العامّة ، فسّر ﴿بِسْمِ اللهِ*﴾ في بعض الروايات بقوله : أستعين بالله (١) ، ثمّ يمكن على هذا التفسير أن يكون وجه تعليق الاستعانة بالاسم مع أنّها في الواقع بالمسمّى ، وهو ذاته سبحانه وتعالى ، أنّ فيه نوع تأدّب في التعبير ، أو الإشارة إلى أنّ أسماء الله تعالى من جهة حكايتها عن الذّات المقدّسة واتّحادها معها اتّحاد الكاشف مع المكشوف ، لها قوّة نورانيّة وكمال وجوديّ به تكون مؤثّرات في الوجود ، ويكفي العبد أن يستعين بها ويطلب القوّة على العمل بذكرها.

وعن ( التوحيد ) : عن الباقر عليه‌السلام في تفسير لفظ الجلالة ، قال : « الله معناه المعبود الذي أله الخلق عن درك ماهيّته والإحاطة بكيفيّته ، ويقول العرب : أله الرجل ، إذا تحيّر في الشيء فلم يحط به علما. ووله : إذا فزع إلى شيء ممّا يحذره ويخافة » (٢) .

وروي أنّ رجلا قام إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : يا أمير المؤمنين ، أخبرني عن ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*﴾ ما معناه ؟ فقال : « إنّ قولك : الله أعظم [ اسم ] من أسماء الله عزوجل ، وهو الاسم الذي لا ينبغي أن يسمّى به غير الله ، ولم يتسمّ به مخلوق » .

فقال الرجل : بما يفسر قوله : الله ؟ قال عليه‌السلام : « هو الذي يتألّه إليه عند الحوائج والشدائد كلّ مخلوق عند انقطاع الرّجاء من جميع من [ هو ] دونه » (٣) الخبر.

في أنّ اسم الجلالة علم لذاته تعالى أقول : وإن كان الظاهر من الرّوايتين أنّ معنى اللفظ المبارك معنى اشتقاقيّ إلا أنّ الحقّ أنّه علم للذّات المقدّسة ، لعدم استعماله وصفا ، بل هو في جميع الاستعمالات يكون موصوفا ، ولعدم صراحة دلالة كلمة الإخلاص - وهي : لا إله إلّا الله - على التوحيد إلّا إذا كان لفظ الجلالة علما ، ولبعد أن يكون للذّات المقدسة في سائر اللغات علم مخصوص دون اللّغة العربيّة التي هي أوسع من سائر اللغات وأكملها وأشرفها.

وعلى هذا فلا بدّ من حمل الروايات على بيان وجه مناسبة المعاني الاشتقاقيّة لوضعه العلميّ ، وإنّ

__________________

(١) راجع : التوحيد ٢٣٠ / ٥.

(٢) التوحيد : ٨٩ / ٢.

(٣) التوحيد : ٢٣١ / ٥.

١٨٠