نفحات الرحمن في تفسير القرآن - ج ١

الشيخ محمد بن عبدالرحيم النهاوندي

نفحات الرحمن في تفسير القرآن - ج ١

المؤلف:

الشيخ محمد بن عبدالرحيم النهاوندي


المحقق: مؤسسة البعثة
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة البعثة
الطبعة: ١
ISBN: 964-309-759-5
ISBN الدورة:
964-309-765-X

الصفحات: ٦٥٢

قال بعض العلماء : يكره قطع القراءة لمكالمة أحد ، لأنّ كلام الله لا ينبغي أن يؤثر عليه كلام غيره (١) .

خامس عشرها : ترك الإفراط في مقدار القراءة ، على ما يظهر من جمله الأخبار.

عن الكليني رحمه‌الله بسنده عن محمّد بن عبد الله ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أقرأ القرآن في ليلة ؟ قال : « لا يعجبني أن تقرأه في أقلّ من شهر » (٢) .

وعن الحسين بن خالد ، عنه عليه‌السلام قال : قلت له : في كم أقرأ القرآن ؟ فقال : « إقرأه أخماسا ، إقرأه أسباعا ، أما إنّ عندي مصحفا مجزّى أربعة عشر جزءا » (٣) .

عن عليّ بن أبي حمزة ، قال : سأل أبو بصير أبا عبد الله عليه‌السلام وأنا حاضر ، فقال له : جعلت فداك ، أقرأ القرآن في ليلة ؟ فقال : « لا » . فقال : في ليلتين ؟ فقال : « لا » حتّى بلغ ستّ ليال ، فأشار بيده فقال : « ها » .

ثمّ قال [ أبو عبد الله عليه‌السلام ] : « يا أبا محمّد ، إنّ من كان قبلكم من أصحاب محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقرأ القرآن في شهر وأقلّ ، إنّ القرآن لا يقرأ هذرمة ، ولكن يرتّل ترتيلا ، إذا مررت بآية فيها ذكر النّار وقفت عندها وتعوذّت بالله من النّار » .

فقال له أبو بصير : أقرأ القرآن في رمضان في ليلة ؟ فقال : « لا » . فقال : ففي ليلتين ؟ فقال : « لا » . فقال : « ففي ثلاث ؟ » قال : « ها » وأومأ بيده « نعم ، شهر رمضان لا يشبهه شيء من الشّهور ، له حقّ وحرمة ، أكثر من الصّلاة ما استطعت » (٤) .

سادس عشرها : استشعار الرّقّة ، واللّين ، والوجل ، والدّمعة ، دون إظهار الغشية.

عن ( مصباح الشريعة ) عن الصادق عليه‌السلام ، أنّه قال : « من قرأ القرآن ولم يخضع لله ، ولم يرقّ قلبه ، ولا ينشئ حزنا ووجلا في سرّه ، فقد استهان بعظم شأن الله ، وقد خسر خسرانا مبينا ، فقارئ القرآن يحتاج إلى ثلاثة أشياء : قلب خاشع ، وبدن فارغ ، وموضع خال » (٥) .

عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت : إنّ قوما إذا ذكرّوا شيئا من القرآن أو حدّثوا به ، صعق أحدهم حتّى ترى أنّ أحدهم لو قطعت يداه ورجلاه (٦) لم يشعر بذلك ؟ فقال عليه‌السلام : « سبحان الله ! ذلك من الشّيطان ، ما بهذا نعتوا ، إنّما هو اللّين ، والرّقّة ، [ والدمعة ] والوجل » (٧).

__________________

(١) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٣٧٧.

(٢) الكافي ٢ : ٤٥١ / ١.

(٣) الكافي ٢ : ٤٥٢ / ٣. وفي النسخة : أربعة عشر أجزاء.

(٤) الكافي ٢ : ٤٥٢ / ٥.

(٥) مصباح الشريعة : ٢٨.

(٦) في الكافي : أو رجلاه.

(٧) الكافي ٢ : ٤٥١ / ١.

١٤١

الطرفة الثانية والثلاثون

في بيان ما يستحبّ أن يقال

بعد تلاوة بعض الآيات الكريمة

يستحبّ سؤال الجنّة بعد تلاوة آية فيها ذكر الجنّة ، والتّعوّذ من النّار عند تلاوة آية فيها ذكرها ، والتّسبيح عند آية فيها الأمر به ، والسؤال عند آية فيها الأمر به ، والدّعاء بعد آية فيها ذكر الدّعاء ، وذكر قول كان في الآية الأمر به.

عن عوف بن مالك ، قال : قمت مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ليلة فقام فقرأ سورة البقرة ، وكان لا يمرّ بآية رحمة إلّا وقف وسأل ، ولا يمرّ بآية عذاب إلّا وقف وتعوّذ (١) .

وعن حذيفة ، قال : صلّيت مع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات ليلة فافتتح البقرة فقرأها ، ثمّ النّساء فقرأها ، ثمّ آل عمران فقرأها ، يقرأ مترسّلا ، وكان إذا مرّ بآية فيها تسبيح سبّح ، وإذا مرّ بآية فيها سؤال سأل وإذا مرّ بآية فيها تعوّذ تعوّذ (٢) .

وعن جابر ، أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قرأ : ﴿وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ(٣) الآية فقال : « اللهمّ أمرت بالدّعاء وتكفّلت بالإجابة ، لبّيك اللهمّ لبّيك ، لبّيك لا شريك لك لبّيك ، إنّ الحمد والنّعمة لك والملك ، لا شريك لك ، أشهد أنّك فرد أحد صمد ، لم تلد ولم تولد ولم يكن لك كفوا أحد ، وأشهد أنّ وعدك حقّ ولقاءك حقّ ، والجنّة حقّ ، والنّار حقّ ، والسّاعة آتية لا ريب فيها ، وأنّك تبعث من في القبور » (٤) .

وعن ابن عباس رضى الله عنه أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا قرأ ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى(٥) قال : « سبحان ربّي الأعلى » (٦) .

وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام : « إذا قرأتم من المسبّحات الأخيرة ، فقولوا : سبحان ربّي الأعلى » (٧) الخبر (٨) .

وعن رجاء بن [ أبي ] الضّحّاك ، قال : كان الرضا عليه‌السلام في طريق خراسان يكثر بالليل في فراشه من تلاوة القرآن ، فإذا مرّ بآية فيها ذكر الجنّة أو النّار بكى وسأل الله الجنّة وتعوّذ به من النّار.

__________________

(١) السنن الكبرى ٢ : ٣١٠ ، الإتقان في علوم القرآن ١ : ٣٦٩.

(٢) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٣٦٩.

(٣) البقرة : ٢ / ١٨٦.

(٤) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٣٧٠.

(٥) الأعلى : ٨٧ / ١.

(٦) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٣٦٩.

(٧) في الخصال : الله.

(٨) الخصال : ٦٢٩ / ١٠.

١٤٢

إلى أن قال : وكان إذا قرأ ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ قال سرّا : « الله أحد » قال : ولمّا فرغ منها ، قال : « كذلك الله ربّي (١) ثلاثا » .

وكان إذا قرأ سورة الجحد ، قال في نفسه سرّا : ﴿يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ﴾ فإذا فرغ منها قال : « ربّي الله ، وديني الإسلام » ثلاثا.

وكان إذا قرأ ﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ﴾ قال عند الفراغ منها : « بلى ، وأنا على ذلك من الشاهدين » .

وكان إذا قرأ ﴿لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ ،﴾ قال عند الفراغ منها : « سبحانك اللهمّ بلى » (٢).

وكان يقرأ في سورة الجمعة ﴿قُلْ ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ﴾ للّذين اتّقوا (٣)﴿وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ(٤) .

وكان إذا فرغ من الفاتحة ، قال : ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ *﴾ .

وإذا قرأ ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ قال سرّا : « سبحان ربّي الأعلى » .

وإذا قرأ ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا*﴾ قال : « لبّيك اللهمّ لبّيك » سرّا (٥) .

أقول : لا يبعد أنّه وقع في الرّواية سهو من الراوي ، فإنّ قوله : ﴿لِلَّذِينَ اتَّقَوْا*﴾ بعد قوله تعالى : ﴿ما عِنْدَ اللهِ*﴾ أنسب من ذكره بعد اللهو والتّجارة.

وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّه قرأ ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ،﴾ فقال : « سبحان ربّي الأعلى » وهو في الصّلاة ، فقيل له : أتزيد في القرآن ؟ قال : « لا ، أمرنا بشيء فقلته » (٦) .

أقول : يستفاد من هذه الرّواية أنّ كلّ أمر في القرآن بقول من إقرار بإيمان ، أو تسبيح ، أو تحميد ، أو توكّل ، أو تسليم ، أو ذكر أو دعاء ، كقوله تعالى : ﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى(٧) أو قوله : ﴿اذْكُرُوا اللهَ(٨) وقوله : ﴿وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ*(٩) وقوله : ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ(١٠) وغير ذلك ، يستحبّ امتثاله عند تلاوة آيته بأن يقول القارئ : آمنت بالله وبما انزل إلينا ، وسبحان الله ، والحمد لله ، وسلام على عبادة الذين اصطفى ، وتوكّلت على الله.

__________________

(١) في العيون : ربنا.

(٢) ( بلى ) ليس في عيون أخبار الرضا عليه‌السلام.

(٣) الظاهر أنّ هذه الزيادة محمولة على التوضيح والبيان لا على أنّها من القرآن ، لثبوت سلامته من الزيادة والنقصان.

(٤) الجمعة : ٦٢ / ١١. (٥) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١٨٣ / ٥.

(٦) الدر المنثور ٨ : ٤٨٢ ، كنز العمال ٢ : ٣١٧ / ٤١١٤.

(٧) النمل : ٢٧ / ٥٩. (٨) الأحزاب : ٣٣ / ٤١.

(٩) ابراهيم : ١٤ / ١١ ، التغابن : ٦٤ / ١٣.

(١٠) البقرة : ٢ / ١٣٦.

١٤٣

ولا ينحصر مورد استحباب التّسبح بسورة الأعلى ، بل يستحبّ عند قوله : ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ(١) بل يستحبّ عند ذكر التسبيح والتحميد كقوله تعالى : ﴿سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى(٢) ، وقوله : ﴿نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ(٣) للرّواية المرويّة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام.

وكذا يستحبّ الصّلاة على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عند تلاوة آية فيها الأمر بها ، للرّواية المذكورة ، ولما روي عنه عليه‌السلام في رواية : « وإذا قرأتم ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ...(٤) فصلّوا عليه ، في الصّلاة كنتم أو في غيرها » (٥) .

وكذا يستفاد من الرّوايات أنّ كلّ سؤال يناسب جوابه من التّالي أن يجيبه ، كقوله تعالى : ﴿أَ إِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ(٦) ، وكقوله تعالى : ﴿وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ(٧) بأن يقول : لا نكفر ، بل نؤمن بألسنتنا وقلوبنا ، أو ما أشبه ذلك من العبارات الّتي تدلّ على الإيمان واعتقاد الحقّ.

عن جابر ، قال : خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على الصّحابة فقرأ عليهم سورة الرّحمن من أوّلها إلى آخرها فسكتوا ، فقال : « لقد قرأتها على الجنّ فكانوا أحسن مردودا منكم ، كنت كلّما أتيت على قوله : ﴿فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ(٨) قالوا : ولا بشيء من نعمتك (٩) ربّنا نكذّب ، فلك الحمد » (١٠) .

وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام في رواية : « وإذا قرأتم ( والتّين ) فقولوا في آخرها : ونحن على ذلك من الشّاهدين » (١١) .

وعن التّرمذي [ في حديث ] : « من قرأ ﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ﴾ فانتهى إلى آخرها : ﴿أَ لَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ(١٢) فليقل : بلى ، وأنا على ذلك من الشّاهدين (١٣) . ومن قرأ : ﴿لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ﴾ فانتهى إلى آخرها ﴿أَ لَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى(١٤) فليقل : بلى ومن قرأ ﴿وَالْمُرْسَلاتِ﴾ فبلغ إلى قوله (١٥) : ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ(١٦) فليقل : آمنّا بالله » (١٧).

__________________

(١) الحجر : ١٥ / ٩٨. (٢) الإسراء : ١٧ / ١.

(٣) البقرة : ٢ / ٣٠. (٤) الأحزاب : ٣٣ / ٥٦.

(٥) الخصال : ٦٢٩ / ١٠.

(٦) فصلت : ٤١ / ٩. (٧) آل عمران : ٣ / ١٠١.

(٨) الرحمن : ٥٥ / ١٣ ... (٩) في الإتقان : نعمك.

(١٠) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٣٦٩.

(١١) الخصال : ٦٢٩ / ١٠. (١٢) التين : ٩٥ / ٨.

(١٣) الترمذي ٥ : ٤٤٣ / ٣٣٤٧.

(١٤) القيامة : ٧٥ / ٤٠. (١٥) في النسخة : فبلغ بقوله.

(١٦) المرسلات : ٧٧ / ٥٠. (١٧) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٣٦٩.

١٤٤

وكذا يستحبّ قول ( آمين ) بعد آية فيها الدعاء للمؤمنين ، عن أبي ميسرة : أنّ جبرئيل لقّن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عند خاتمة البقرة آمين (١) .

وعن معاذ بن جبل ، أنّه كان إذا ختم سورة البقرة ، قال : « آمين » (٢) .

وعن ابن عباس رضى الله عنه قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا تلا هذه الآية ﴿وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها* فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها(٣) وقف ثمّ قال : « اللهم آت نفسي تقواها [ أنت وليها ومولاها وخير من زكّاها » (٤) .

وعن أبي هريرة سمعت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يقرأ ﴿فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها﴾ قال : اللهم آت نفسي تقواها ] وزكّها ، أنت خير من زكّاها ، أنت وليّها ومولاها » قال : هو في الصلاة (٥) .

أقول : إنّ هذه الرّوايات إمّا عاميّة أو إماميّة ضعيفة لا يمكن أن يعتمد عليها في إثبات حكم شرعيّ حتى يجوز قصد التّعبّد والورود بما تضمّنته (٦) ، خصوصا في الصلاة ، إذا لم يكن من ذكر الله ، أو من الدعاء ، كقول : ﴿يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ﴾ بعد قوله : ﴿قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ(٧) .

نعم ، يمكن الحكم بالاستحباب بضميمة الرّوايات الدالّة على أن من بلغه شيء من الثّواب فعمله رجاء ذلك الثّواب إلى آخره بناء على إفادتها الاستحباب الشّرعيّ كما هو الظّاهر ، فعليه ، لا إشكال في ذكرها في الصلاة بقصد التعبّد والورود ، ولو لم يكن من الذكر والدعاء.

الطرفة الثّالثة والثلاثون

في كراهة ترك تلاوة القرآن لحافظه

حتّى يؤدّي إلى النسيان

ذهب بعض العامّة إلى أنّ ترك تلاوة القرآن لحافظه حتّى يؤدّي إلى نسيانه معصية كبيرة ، لما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « عرضت عليّ ذنوب أمّتي فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثمّ نسيها » . وما روي أنّه « من قرأ القرآن ثمّ نسيه لقى الله يوم القيامة أجذم » (٨).

وفي ( الصحيحين ) : « تعاهدوا القرآن ، فو الذي نفس محمّد بيده لهو أشدّ تفلّتا من الإبل في

__________________

(١) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٣٧٠.

(٢) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٣٧٠.

(٣) الشمس : ٩١ / ٧ و٨.

(٤) الدر المنثور ٨ : ٥٢٩.

(٥) الدر المنثور ٨ : ٥٢٩.

(٦) في النسخة : تضمّنها.

(٧) الكافرون : ١٠٩ / ١.

(٨) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٣٦٣.

١٤٥

عقلها » (١) .

وعن ( أمالي الصّدوق رضوان الله عليه ) في مناهي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « ألا ومن تعلّم القرآن ثمّ نسيه متعمّدا ، لقي الله [ يوم القيامة ] مغلولا ، يسلّط الله عليه بكلّ آية منه حيّة تكون قرينه إلى النّار ، إلّا أن يغفر له » (٢) .

ويؤيد ذلك قوله تعالى : ﴿فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى * قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً* قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى(٣) .

هذا ما يمكن أن يستدلّ به لحرمة النسيان ، ولم يحضرني في المسألة قول من أصحابنا ، والأظهر كراهة التّرك المذكور لضعف سند ما عدا رواية المناهي ، وعدم دلالة بعضها إلّا على الكراهة ، كقوله : « لقي الله يوم القيامة أجذم » بل دلالة ما في ( الصّحيحين ) على الارشاد بقرينة ذيله ، وعدم ربط الآية بالمقام ، لأنّ المراد بالنّسيان في قوله : ﴿فَنَسِيتَها﴾ هو ترك الاعتناء بها ، كما أنّ المراد من قوله : ﴿تُنْسى﴾ ترك الإثابة ، مع معارضة جميعها بما روي عن الهيثم بن عبيد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن رجل قرأ القرآن ثمّ نسيه ، - فرددت عليه ثلاثا - : أعليه فيه حرج ؟ قال : « لا » (٤) .

وبما رواه عبد الله بن مسكان ، عن يعقوب الأحمر ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : جعلت فداك ، إنّه قد أصابني هموم وأشياء لم ييق من الخير إلّا [ وقد ] تفلّت منّي منه طائفة ، حتّى القرآن ، لقد تفلّت منّي طائفة منه. قال : ففزع عند ذلك حين ذكرت القرآن ، ثمّ قال : « إنّ الرجل لينسى السّورة من القرآن فتأتيه يوم القيامة حتّى تشرف عليه من درجة من بعض الدّرجات فتقول : السّلام عليك ، فيقول : وعليك السّلام ، من أنت ؟ فتقول : أنا سورة كذا وكذا ، ضيّعتني وتركتني ، أما لو تمسّكت بي بلغت بك هذه الدّرجة » الخبر (٥) ، فإنّ دلالته على عدم الحرمة ، لدلالته على دخول الناسي في الجنّة ، وسلام القرآن عليه وحرمانه عن الدّرجات العالية واضحة.

وأمّا رواية المناهي فهي محمولة على تقدير صحّة السّند أو وثاقته على النّسيان المسبب عن الإعراض عن القرآن والتّهاون وعدم الاعتناء به والاستخفاف بشأنه ، وهو من أشدّ المعاصي ، بل هو في معنى الكفر.

__________________

(١) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٣٦٣.

(٢) أمالي الصدوق : ٥١٣ / ٧٠٧.

(٣) طه : ٢٠ / ١٢٤ - ١٢٦.

(٤) الكافي ٥ : ٤٤٥ / ٥.

(٥) الكافي ٥ : ٤٤٦ / ٦.

١٤٦

وعليه يحمل أيضا إن لم يكن ظاهرا فيه ، ما رواه في ( البحار ) من كتاب ( الإمامة والتبّصرة ) : عن سهل بن أحمد ، عن محمّد بن محمّد بن الأشعث ، عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « عرضت عليّ الذنوب فلم اصب أعظم من ذنب رجل حمل القرآن ثمّ تركه » (١) .

ويؤيّده أنّه إذا كان حفظ القرآن مستحبّا ، فالظّاهر أن يكون كثرة تعاهده وإبقائه في الحفظ مستحبّا ، وبعيد غايته أن يكون واجبا إلّا أن يدلّ دليل معتبر عليه من إجماع أو نصّ ، ولو كان ذلك الدّليل لعدّه الفقهاء في الواجبات ، ولم أجد في كتب أصحابنا رضوان الله عليهم من تعرّض له.

الطرفة الرابعة والثلاثون

في كراهة ختم القرآن في أقلّ من ثلاثة أيّام

لمنافاته للتّدبّر والتّفكر في آياته

قد مرّ في آداب التلاوة كراهة الإفراط في سرعة التلاوة ، وقال جمع بكراهة ختم القرآن العظيم في أقلّ من ثلاثة أيّام (٢) .

عن ابن مسعود ، قال : لا تقرءوا القرآن في أقلّ من ثلاثة أيّام (٣) .

وعن معاذ بن جبل ، أنّه كان يكره أن يقرأ القرآن في أقلّ من ثلاثة أيّام (٤) .

وعن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا يفقه من قرأ القرآن في أقلّ من ثلاثة أيّام » (٥) .

أقول : مقتضى هذه الروايات عدم الكراهة في ثلاثة أيّام فما فوقها.

وعن سعيد بن المنذر ، قال : قلت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أقرأ القرآن في ثلاث ؟ قال : « نعم ، إن استطعت » (٥) .

وعن إبراهيم بن العبّاس ، قال : كان الرّضا عليه‌السلام يختم القرآن في كلّ ثلاث ، ويقول : « لو أردت أن أختمه في أقلّ من ثلاث لختمته ، ولكن ما مررت بآية قطّ إلّا فكّرت فيها ، وفي أيّ شيء نزلت ، وفي أيّ وقت نزلت ، فلذلك صرت أختم في [ كلّ ] ثلاثة أيّام » (٦) .

ثمّ اعلم أنّ الظاهر من الرّواية أنّ تطويل المدّة لرعاية التّدبّر والتّفكّر في الآيات حيث إنّ تلاوتها

__________________

(١) جامع الأحاديث : ١٨ ، بحار الأنوار ٩٢ : ١٨٩ / ١٤ ، ولم نعثر عليه في كتاب الإمامة والتبصرة.

( ٢ و٣ و٤ ) . الإتقان في علوم القرآن ١ : ٣٦١.

(٥) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٣٦١.

(٦) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١٨٠ / ٤.

١٤٧

من غير تدبّر وتفكّر فيها قليلة النفع ، قال تعالى : ﴿كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ(١) فإنّه تعالى جعل التدبّر غاية للإنزال ، وقال تعالى توبيخا : ﴿أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها(٢) إلى غير ذلك من الآيات.

عن ابن مسعود رضى الله عنه : أنّ رجلا قال له : إنّي أقرأ المفصّل في ركعة واحدة. فقال : هذّا كهذّ الشّعر ، إنّ قوما يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع (٣) .

وعنه رضى الله عنه قال : لا تنثروه نثر الدّقل (٤) ، ولا تهذّوه هذّ الشّعر ، قفوا عند عجائبه ، وحرّكوا [ به ] القلوب ، ولا يكون همّ أحدكم آخر السورة (٥) ، وقد مرّ ما يقرب من ذلك (٦) . ولذا روي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا يعجبني أن يقرأ القرآن في أقلّ من شهر » (٧) .

فتبيّن من جميع ذلك أنّ مقدار فضيلة تلاوة القرآن على مقدار تدبّر القارئ ، فإنّ تلاوة جزء بتدبّر وتفكّر فيه أفضل من قراءة جزءين أو أكثر في قدر ذلك الزّمان بلا تدبّر وتفكّر وترتيل.

وحينئذ لو فرضنا قدرة القارئ على ختم القرآن في ليلة واحدة مع حقّ التدبّر فيه ، كان فضيلته أزيد من ختمه في ليلتين ، فالأخبار النّاهية عن ختمه في ليلة أو ليلتين ناظرة إلى حال نوع المؤمنين ، فإنّهم عاجزون عن أداء حقّ تلاوته في أقلّ من ثلاث ، وعلى هذا تختلف المدّة باختلاف قدرة التّالي على الختم مع التدبّر ، ولذا اختلفت الأخبار في تقدير المدّة على حسب اختلاف الأشخاص.

عن عبد الله بن عمر ، قال : قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « اقرأ القرآن في شهر » . قلت : إنّي أجد قوّة. قال : « اقرأه في عشر » . قلت : إنّي أجد قوّة. قال : « اقرأه في سبع ولا تزد على ذلك » (٨) .

وفي رواية اخرى : قال : يا رسول الله ، في كم أقرأ القرآن ؟ قال : « في خمسة عشر » . قلت : إنّي أقوى من ذلك. قال : « اقرأه في جمعة » (٩) .

قيل : كان للسّلف في قدر القراءة عادات مختلفة ، فأكثر ما ورد في كثرة قراءتهم من كان يختم في اليوم والليلة ثمان ختمات ؛ أربعا في اللّيل ، وأربعا في النّهار ، ويليه من كان يختم في اليوم واللّيلة

__________________

(١) سورة ص : ٣٨ / ٢٩.

(٢) محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله : ٤٧ / ٢٤.

(٣) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٣٦٧.

(٤) الدّقل : رديء التّمر ويابسه.

(٥) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٣٦٧.

(٦) تقدّم في الطرفة الحادية والثلاثين.

(٧) إقبال الأعمال : ١١٠. (٨) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٣٦١.

(٩) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٣٦١.

١٤٨

أربعا ، ويليه ثلاثا ، ويليه ختمتين ، ويليه ختمة ، وقد ذمّت عائشة ذلك.

نقل عن مسلم بن مخراق ، قال : قلت لعائشة : إنّ رجالا يقرأ أحدهم القرآن في ليلة مرّتين أو ثلاثا ؟ فقالت : قرءوا ولم يقرءوا ، كنت أقوم مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ليلة التمام فيقرأ بالبقرة وآل عمران والنساء ، فلا يمرّ بآية فيها استبشار إلّا دعا ورغب ، ولا بآية فيها تخويف إلّا دعا واستعاذ (١).

وقال بعض العامّة : إنّه يكره تأخير ختمه أكثر من أربعين يوما بلا عذر ، حيث روي أنّ عبد الله بن عمر سأل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : في كم أختم القرآن ؟ قال : « في أربعين يوما » (٢) .

الطرفة الخامسة والثلاثون

 في أنّ لمن ختم القرآن دعوة مستجابة

قد ظهر ممّا سبق من بعض الرّوايات أنّ لمن ختم القرآن دعوة مستجابة.

كما روي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله من طرق العامّة : « من ختم القرآن فله دعوة مستجابة » (٣) . فعلى المؤمن أن يبالغ في الدّعاء بعد الختمة ، وأن يسأل أهم الحوائج وهو غفران الذنوب والنّجاة من النّار.

عن أنس بن مالك [ مرفوعا ] « من قرأ القرآن وحمد الرّبّ وصلّى على النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله واستغفر ربّه ، فقد طلب الخير [ مكانه ] » (٤) .

وقد ورد من طرق أصحابنا ( رضوان الله عليهم ) ادعية كثيرة ، منها :

ما روي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : « حبيبي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمرني أن أدعو عند ختم القرآن : اللهمّ إنّي أسألك إخبات المخبتين ، وإخلاص الموقنين ، ومرافقة الأبرار ، واستحقاق حقائق الإيمان ، والغنيمة من كلّ برّ ، والسّلامة من كلّ اثم ، ووجوب رحمتك ، وعزائم مغفرتك ، والفوز بالجنّة ، والنجاة من النّار » (٥) .

روي عن عاصم ، عن زرّ بن حبيش ، قال : قرأت القرآن من أوّله إلى آخره في مسجد جامع الكوفة على أمير المؤمنين عليه‌السلام - إلى أن قال : - فلمّا بلغت رأس العشرين من ﴿حم* عسق )  وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ(٦) بكى

__________________

(١) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٣٦٠.

(٢) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٣٦٢.

(٣) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٣٨٤.

(٤) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٣٨٤.

(٥) مكارم الأخلاق : ٣٤٢.

(٦) الشورى : ٤٢ / ٢٢.

١٤٩

أمير المؤمنين عليه‌السلام حتّى ارتفع نحيبه ، ثمّ رفع رأسه إلى السّماء ، وقال : « يا زرّ ، أمّن على دعائي » ثمّ قال : « اللهمّ إنّي أسألك إخبات المخبتين .. » إلى آخر الدعاء.

ثمّ قال : « يا زرّ ، إذا ختمت فادع بهذه ، فإنّ حبيبي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمرني أن أدعو بهنّ عند ختم القرآن » (١) .

أقول : يستفاد من قوله : « يا زرّ ، أمّن على دعائي » استحباب حضور المؤمنين عند الدّعاء وتأمينهم له ، خصوصا عند ختم القرآن ، ويؤيده ما روي عن أنس : أنّه كان إذا ختم القرآن جمع أهله ودعا (٢) .

وعن الحكم بن عتيبة (٣) ، قال : أرسل إليّ مجاهد وعنده ابن أبي أمامة ، وقالا : إنّا أرسلنا إليك لأنّا أردنا أن نختم القرآن ، والدعاء يستجاب عند ختم القرآن (٤) .

وعن مجاهد ، قال : كانوا يجتمعون عند ختم القرآن ، ويقول : عنده تنزل الرّحمة (٥) .

ومن الأدعية المأثورة : ما روي عن الصادق عليه‌السلام : اللهمّ إنّي قد قرأت ما قضيت من كتابك الذي أنزلته على نبيّك الصادق عليه‌السلام فلك الحمد ربّنا ، اللهمّ اجعلني ممّن يحلّ حلاله ويحرّم حرامه ويؤمن بمحكمه ومتشابهه ، واجعله لي انسا في قبري ، وانسا في حشري ، [ وانسا في نشري ] واجعلني ممّن ترقيه بكلّ آية قرأتها درجة في أعلى علّيّين ، آمين ربّ العالمين » (٦) .

والظاهر أنّ هذا الدّعاء ليس مختصّا بختم القرآن ، بل يستحبّ عند الفراغ من القراءة ، ولو كانت قراءة بعضه من سورة أو آيات.

وعن أمير المؤمنين صلوات الله عليه أنّه كان إذا ختم القرآن ، قال : « اللهمّ اشرح بالقرآن صدري ، واستعمل بالقرآن بدني ، ونوّر بالقرآن بصري ، وأطلق بالقرآن لساني ، وأعنّي عليه ما أبقيتني ، فإنّه لا حول ولا قوّة إلّا بك. » (٧) .

ثمّ لا يذهب عليك أنّه كما ندب إلى الدعاء بعد ختمه ندب إليه حين الشروع في تلاوته.

روي عن الصادق عليه‌السلام أنّه كان إذا قرأ القرآن قال قبل أن يقرأ حين يأخذ المصحف : « اللهمّ إنّي أشهد أنّ هذا كتابك المنزل من عندك على رسولك محمد بن عبد الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكلامك الناطق على

__________________

(١) بحار الأنوار ٩٢ : ٢٠٦ / ٢.

(٢) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٣٨٢.

(٣) في النسخة : الحكم بن عيينة ، راجع : تهذيب الكمال ٧ : ١١٤.

(٤) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٣٨٢.

(٥) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٣٨٢.

(٦) الاختصاص : ١٤١ ، بحار الأنوار ٩٢ : ٢٠٧ / ٢.

(٧) بحار الأنوار ٩٢ : ٢٠٩ / ٦.

١٥٠

لسان نبيّك ، جعلته هاديا منك إلى خلقك وحبلا متّصلا فيما بينك وبين عبادك ، اللهمّ إنّي نشرت عهدك وكتابك ، اللهمّ فاجعل نظري فيه عبادة ، وقراءتي فيه فكرا ، وفكري فيه اعتبارا ، واجعلني ممّن اتّعظ ببيان مواعظك فيه ، واجتنب معاصيك ، ولا تطبع عند قراءتي على سمعي ، ولا تجعل على بصري غشاوة ، ولا تجعل قراءتي قراءة لا تدبّر فيها ، بل اجعلني أتدبّر آياته وأحكامه ، آخذا بشرائع دينك ، ولا تجعل نظري فيه غفلة ، ولا قراءتي هذرا [ إنك ] أنت الرؤوف الرّحيم » (١) .

الطرفة السّادسة والثّلاثون :

في أنّ لبعض سور القرآن فضيلة على بعض

مقتضى كثير من الرّوايات أنّ لبعض سور القرآن الكريم فضيلة على بعض ، وإن أنكرها قوم من العامّة.

عن أنس : « أفضل القرآن ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ(٢) أي سورة الفاتحة.

وعن [ أبي ] سعيد (٣) بن المعلّى : « أعظم سورة في القرآن ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ(٤) .

وعن أبيّ بن كعب ، مرفوعا : « ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل مثل أمّ القرآن ، وهي السّبع المثاني »

وعن ابن عبّاس : « فاتحة الكتاب تعدل بثلثي القرآن » (٥) .

وعن سهل بن سعد : « أنّ لكلّ شيء سناما ، وسنام القرآن سورة البقرة ، من قرأها في بيته نهارا لم يدخله الشّيطان ثلاثة أيّام ، ومن قرأها في بيته ليلا لم يدخله الشّيطان ثلاث ليال » (٦) .

وعن بريدة : « تعلّموا سورة البقرة ، فإنّ أخذها بركة وتركها حسرة ، ولا تستطيعها البطلة ، (٧) تعلّموا سورة البقرة وآل عمران فإنّهما الزّهراوان ، تظلّان صاحبهما يوم القيامة كأنّهما غمامتان » (٨) .

__________________

(١) بحار الأنوار ٩٢ : ٢٠٧ / ٢.

(٢) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٢٥.

(٣) في النسخة : سعيد ، تصحيف ، انظر تهذيب الكمال ٣٣ : ٣٤٨.

(٤) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٢٥.

(٥) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٢٥ وفيه : تعدل ثلثي القرآن ، الدر المنثور ١ : ١٥.

(٦) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٢٦.

(٧) البطلة : السحرة أو الشياطين.

(٨) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٢٦.

١٥١

وفي رواية : « الأنعام من نواجب القرآن » (١) .

وعن معقل بن يسار : « يس قلب القرآن ، لا يقرأها رجل يريد الله والدار الآخرة إلّا غفر له ، إقرءوها على موتاكم » . (٢)

وعن أنس : « أنّ لكلّ شيء قلبا وقلب القرآن يس ، ومن قرأ يس كتب الله له بقراءتها قراءة القرآن عشر مرّات » .

وعن ابن عبّاس رضى الله عنه : « إنّ لكلّ شيء لبابا ، ولباب القرآن الحواميم » . (٣)

وعن ابن مسعود رضى الله عنه : « الحواميم ديباج القرآن » (٤) .

وفي رواية : « في تنزيل السّجدة وتبارك الملك فضل ستّين درجة على غيرهما من سور القرآن » (٥) .

وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام : « لكلّ شيء عروس ، وعروس القرآن الرحمن » (٦) .

وعن أنس : « من قرأ ﴿إِذا زُلْزِلَتِ﴾ عدلت له بنصف القرآن » (٧) .

وفي رواية : ﴿« وَالْعادِياتِ﴾ تعدل نصف القرآن » (٨) .

وفي رواية : « ألا أحدكم أن يقرأ ألف آية في كلّ يوم ؟ قالوا : ومن يستطيع أن يقرأ ألف آية ؟ قال : أما يستطيع أحدكم أن يقرأ ﴿أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ(٩) . والظاهر أنّ المراد أنّ سورة ﴿أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ﴾ تعدل ألف آية.

وعن أنس : ﴿« قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ﴾ ربع القرآن » (١٠) .

وعن ابن عبّاس : « أنّها تعدل بربع القرآن » (١١) .

وعن أنس : ﴿« إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ﴾ ربع القرآن » (١٢) .

وعن أبي هريرة : ﴿« قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ تعدل ثلث القرآن » (١١) .

عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعقبة : « ألا أعلّمك سورا ما انزل في التّوراة ولا في الزّبور ولا في الإنجيل ولا في

__________________

(١) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٢٨ ، ونواجب القرآن : أفاضل سوره.

(٢) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٢٩.

(٣) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٢٩.

(٤) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٣٠.

(٥) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٢٩.

(٦) الدر المنثور ٧ : ٦٩٠.

(٧ و٨) . الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٣٢.

(٩ و١٠) . الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٣٢.

(١١) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٣٣.

١٥٢

الفرقان (١) مثلها ؟ » قلت : بلى. قال : ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ و﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾ و﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ(٢) .

الطرفة السّابعة والثّلاثون

 في أنّ لبعض الآيات فضيلة على بعض

مفاد كثير من الرّوايات أنّ لبعض الآيات فضيلة على بعض :

عن العيّاشي رحمه‌الله في ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*﴾ عن الصادق عليه‌السلام ، قال : « ما لهم قاتلهم الله عمدوا إلى أعظم آية في كتاب الله فزعموا أنّها بدعة إذا أظهروها » (٣) .

وفي رواية : « هي الآية التي قال الله عزوجل : ﴿وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً(٤) .

وعن الرّضا عليه‌السلام : « إنّها أقرب إلى اسم الله الأعظم من ناظر (٥) العين إلى بياضها » (٦) . لعلّ المراد أنّ الاسم الأعظم هي الأسامي المباركات في هذه الآية ، أو أنّه يستخرج منها.

وعن جابر ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله - في حديث - : « قال الله تعالى : وأعطيت لك ولأمّتك كنزا من كنوز عرشي ؛ فاتحة الكتاب وخاتمة سورة البقرة » (٧) .

وعن أبيّ بن كعب : « أعظم آية في كتاب الله آية الكرسيّ » (٨) .

وعن أبي هريرة : « أنّ سيّدة أي القرآن آية الكرسيّ » (٩) .

وفي رواية مرسلة : « أفضل القرآن سورة البقرة ، وأعظم آية فيها آية الكرسيّ » (١٠) .

وفي حديث أنس : « آية الكرسيّ ربع القرآن » (١١) .

وروي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : « أنّ فاتحة الكتاب وآية الكرسيّ وآيتين من آل عمران : ﴿شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ

__________________

(١) في النسخة : القرآن.

(٢) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٣٣.

(٣) تفسير العياشي ١ : ١٠٣ / ٨٩.

(٤) تفسير العياشي ١ : ١٠٠ / ٧٩ ، والآية من سورة الإسراء : ١٧ / ٤٦.

(٥) في تفسير العياشي : سواد.

(٦) تفسير العياشي ١ : ١٠٢ / ٨٦.

(٧) علل الشرائع ١ : ١٢٨ / ٣ ، الخصال : ٤٢٥ / ١ ، معاني الأخبار : ٥٠ / ١.

(٨) الاتقان في علوم القرآن ٤ : ١٢٧.

(٩) الاتقان في علوم القرآن ٤ : ١٢٧.

(١٠ و١١) . الاتقان في علوم القرآن ٤ : ١٢٧.

١٥٣

إِلَّا هُوَ﴾ إلى قوله تعالى : ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ(١) و﴿قُلِ اللهُمَ﴾ إلى قوله تعالى : ﴿بِغَيْرِ حِسابٍ(٢) معلّقات ، ما بينهنّ وبين الله حجاب ، قلن : يا ربّ أتهبطنا إلى أرضك وإلى من يعصيك ؟ قال الله عزوجل : إنّي حلفت لا يقرؤكنّ أحد دبر كلّ صلاة إلّا جعلت الجنّة مثواه على ما كان منه ، وأسكنته في حظيرة القدس ، ونظرت إليه بعيني كلّ يوم سبعين مرّة ، وقضيت له سبعين حاجة أدناها المغفرة ، وأعذته من كلّ عدوّ وحاسد ، ونصرته عليهم » (٣) .

وفي حديث معاذ بن أنس : « من قرأ أوّل سورة الكهف وآخرها كانت له نورا من قدمه إلى رأسه » (٤) .

وفي رواية : من قرأ في ليلة : ﴿فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ(٥) . الآية ، كان له نور من عدن إلى مكّة حشوه الملائكة » (٦) .

وفي رواية عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في المسبّحات يقول : « فيهن آية خير من ألف آية » (٧) .

قال بعض العلماء : هي قوله تعالى : ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(٨) .

وفي حديث : « من قرأ حين يصبح ثلاث آيات من آخر سورة الحشر وكّل الله به سبعين ألف ملك يصلّون عليه حتى يمسي ، وإن مات في ذلك اليوم مات شهيدا ، ومن قالها حين يمسي كان بتلك المنزلة » (٩) .

وفي حديث : « من قرأ خواتيم الحشر في ليل أو نهار فمات في يومه أو ليلته ، فقد أوجب الله له الجنّة » (١٠) .

أقول : لا ريب أنّ فضيلة الآيات بفضيلة ما تضمّنته من العلوم والمعارف الإلهيّة ، وعلى هذا فكلّ آية يكون فيها بيان التّوحيد والصفات الجلاليّة والجماليّة وعلم المبدأ والمعاد تكون أفضل من غيرها ، وعظمة آية الكرسيّ لكونها أشمل ، وبهذا الملاك يمكن إلحاق بعض الآيات التي تقاربها في المضمون بها ، والله العالم.

__________________

(١) آل عمران : ٣ / ١٨ و١٩.

(٢) آل عمران : ٣ / ٢٦ و٢٧.

(٣) مجمع البيان ٢ : ٧٢٤.

(٤) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٢٨.

(٥) الكهف : ١٨ / ١١٠.

(٦) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٢٩.

(٧) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٣٠.

(٨) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٣٠ ، تفسير ابن كثير ٤ : ٣٢٤ ، والآية من سورة الحديد : ٥٧ / ٣.

(٩) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٣٠.

(١٠) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٣١.

١٥٤

الطرفة الثّامنة والثّلاثون

في أنّ للقرآن العظيم خواصا وآثارا دنيوية

مضافا إلى الآثار الاخروية

مضافا إلى أنّ للقرآن العظيم فضائل وآثارا كثيرة اخروية ، له خواصّ وآثار دنيويّة.

عن ابن مسعود رضى الله عنه : « عليكم بالشفاءين : العسل ، والقرآن » (١) .

وعن واثلة بن أسقع : أنّ رجلا شكا إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وجع حلقه. قال : « عليك بقراءة القرآن » (٢) .

وعن أبي سعيد الخدري ، قال : جاء رجل إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : إنّي اشتكي صدري قال : « اقرأ القرآن ، يقول الله تعالى : ﴿وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ(٣) .

وعن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : « القرآن مأدبة الله ، فتعلّموا من مأدبة الله ما استطعتم ، فانّه النور المبين ، والشفاء النافع ، تعلّموه فإنّ الله يشرّفكم بتعلّمه » (٤) .

عن عليّ بن خلف ، قال : شكا رجل إلى محمّد بن حميد الرّازي الرّمد ، فقال له : أدم النّظر في المصحف ، فإنّه كان بي رمد فشكوت ذلك إلى جرير بن عبد الحميد فقال لي : أدم النّظر في المصحف ، فإنّه كان بي رمد فشكوت ذلك إلى الأعمش ، فقال لي : أدم النّظر في المصحف ، فإنّه كان بي رمد فشكوت ذلك إلى عبد الله بن مسعود رضى الله عنه فقال لي : أدم النّظر في المصحف ، فإنه كان بي رمد ، فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لي : « أدم النّظر في المصحف ، فإنّه كان بي رمد فشكوت ذلك إلى جبرئيل ، فقال لي : أدم النّظر في المصحف » (٥) .

ومرّ في بعض الرّوايات ، في فضائل القرآن « أنّه الشفاء الأشفى » (٦) ، ومقتضى إطلاقه أنّه شفاء لجميع الأمراض الظاهريّة والباطنيّة ، بل كما أنّه لا يكون أشفى منه في الأمراض القلبيّة ، لا يكون شيء أشفى منه في الأمراض الجسمانيّة.

عن الزّهري ، قال : قال عليّ بن الحسين عليهما‌السلام : « لو مات من بين المشرق والمغرب لما استوحشت بعد أن يكون القرآن معي » (٧) .

__________________

(١) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٥٨.

(٢) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ١٥٨.

(٣) الدر المنثور ٤ : ٣٦٦ والآية من سورة يونس : ١٠ / ٥٧.

(٤) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه‌السلام : ٦٠ / ٣١.

(٥) المسلسلات : ١٠٩.

(٦) تقدّم في الطرقة (٢٧) ص ٢١٢.

(٧) الكافي ٢ : ٤٤٠ / ١٣.

١٥٥

وعن الرّضا عليه‌السلام عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهم‌السلام : « ثلاثة يزدن في الحفظ ، ويذهبن بالبلغم : قراءة القرآن ، والعسل ، واللّبان » (١) .

وعنه صلوات الله عليه يرفعه إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « اجعلوا لبيوتكم نصيبا من القرآن ، فإنّ البيت إذا قرئ فيه القرآن يسّر على أهله ، وكثر خيره ، وكان سكّانه في زيادة ، وإذا لم يقرأ فيه ضيّق على أهله ، وقلّ خيره ، وكان سكّانه في نقصان » (٢) .

وعن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « من قرأ القرآن فهو غنيّ ، ولا فقر بعده ، وإلّا ما به غنيّ » (٣) .

وفي رواية ما يقرب من هذا المضمون : « من أوتي القرآن فظنّ أنّ أحدا أوتي خيرا منه ، فقد حقّر عظيما ، وعظّم حقيرا » (٤) .

أقول : لأنّ القرآن جامع لجميع الخيرات الدنيويّة والاخرويّة.

عن ابن عبّاس ، قال : إذا فقدنا عقالنا كنّا نجده بالقرآن (٥) .

الطرفة التّاسعة والثّلاثون

 في أنّ لبعض سور القرآن خواصا مخصوصة

قد رويت خواصّ خاصّة لبعض سور القرآن :

عن العالم عليه‌السلام : « من نالته علّة فليقرأ في جيبه أمّ الكتاب سبع مرّات ، فإن سكنت وإلّا فليقرأها سبعين مرّة ، فإنّها تسكن » (٦) .

وعن الصادق عليه‌السلام أنّه دخل عليه رجل من مواليه وقد وعك ، فقال له : « ما لي أراك متغيّر اللون ؟ » فقال : جعلت فداك ، وعكت وعكا شديدا منذ شهر ، ثمّ لم تنقلع الحمّى عنّي ، وقد عالجت بكلّ ما وصفه لي المترفّعون فلم أنتفع بشيء من ذلك.

فقال له الصادق عليه‌السلام : « حلّ أزرار قميصك ، وأدخل رأسك في قميصك ، وأذّن وأقم وأقرأ سورة

__________________

(١) مكارم الأخلاق : ١٦٥.

(٢) عدة الداعي : ٢٨٧ / ٦.

(٣) الكافي ٢ : ٤٤٣ / ٨.

(٤) معاني الأخبار : ٢٧٩ « نحوه » .

(٥) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ٣٠ « نحوه » .

(٦) مكارم الأخلاق : ٣٦٣.

١٥٦

الحمد سبع مرّات » . قال : ففعلت ذلك فكأنّما نشطت من عقال (١) .

وفي رواية جابر ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : « أنّها شفاء من كلّ داء إلّا السّام » يعني الموت (٢) .

وعن الصادق عليه‌السلام قال : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا كسل أو أصابته عين أو صداع بسط يديه فقرأ فاتحة الكتاب والمعوّذتين ، ثمّ يمسح بهما وجهه ، فيذهب عنه ما كان يجد » (٣) .

وعن سلمة بن محرز ، قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : « من لم تبرئه سورة الحمد و﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ لن يبرئه شيء ، وكلّ علّة يبرئها هاتان السورتان » (٤) .

عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لو قرئت الحمد على ميّت سبعين مرّة ثمّ ردّت فيه الرّوح ما كان ذلك عجبا » (٥) .

وعنه عليه‌السلام : « من نالته علّة فليقرأ في جيبه الحمد سبع مرّات ، فإن ذهبت العلّة وإلّا فليقرأها سبعين مرّة ، وأنا الضّامن له العافية » (٦) .

وعنه عليه‌السلام قال : « من لم تبرئه الحمد لم يبرئه شيء » (٧) .

وعن أبي بكر الحضرميّ ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا كانت لك حاجة فاقرأ المثاني وسورة اخرى ، وصلّ ركعتين ، وادع الله » . قلت : أصلحك الله ، وما المثاني ؟ قال : « فاتحة الكتاب » (٨) .

وعن العالم عليه‌السلام أنّه قال : « إذا بدت بك علّة تخوّفت على نفسك منها فاقرأ الأنعام ، فإنّه لا ينالك من تلك العلّة ما تكره » (٩) .

وعن سلامة بن عمرو الهمداني ، قال : دخلت المدينة فأتيت أبا عبد الله عليه‌السلام فقلت له : يابن رسول الله ، اعتللت على أهل بيتي بالحجّ ، وأتيتك مستجيرا مستسرّا من أهل بيتي من علّة أصابتني ، وهي الداء الخبيثة ، قال : « أقم في جوار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وفي حرمه وأمنه ، واكتب سورة الأنعام بالعسل واشربه ، فإنّه يذهب عنك » (١٠) .

__________________

(١) طب الائمة عليهم‌السلام : ٥٢ ، يقال : كأنما أنشط من عقال ، أي حلّ ، ويقال ذلك للآخذ بسرعة في أيّ عمل كان ، وللمريض إذا برئ.

(٢) تفسير العياشي ١ : ١٠١ / ٨٢.

(٣) طب الأئمة عليهم‌السلام : ٣٩.

(٤) طب الأئمة عليهم‌السلام : ٣٩.

(٥) الكافي ٢ : ٤٥٦ / ١٦.

(٦) أمالي الطوسي : ٢٨٤ / ٥٥٣.

(٧) تفسير العياشي ١ : ١٠١ / ٨٣.

(٨) تفسير العياشي ١ : ١٠١ / ٨٤.

(٩) الفقه المنسوب إلى الإمام الرضا عليه‌السلام : ٣٤٢.

(١٠) طب الأئمّة عليهم‌السلام : ١٠٥.

١٥٧

وعن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام يقول : « من قرأ سورة يوسف في كلّ ليلة بعثه الله يوم القيامة وجماله على جمال يوسف » إلى أن قال : « وأومن في الدنيا أن يكون زانيا [ أو ] فحّاشا » (١) .

وعن أبي عبد الله عليه‌السلام : « من أكثر قراءة سورة الرّعد لم يصبه الله بصاعقة أبدا ولو كان ناصبيا » (٢) .

وعن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « من قرأ سورة النّحل في كلّ شهر كفي المغرم في الدنيا وسبعين نوعا من أنواع البلاء ، أهونها الجنون والجذام والبرص » (٣) .

وعن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « من قرأ سورة المائدة في كلّ خميس ، لم يلبس إيمانه بظلم ، ولم يشرك به أبدا » (٤) .

وعن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « من قرأ سورة الأنفال وسورة براءة [ في ] كلّ شهر ، لم يدخله نفاق [ أبدا ] ، وكان من شيعة أمير المؤمنين عليه‌السلام » (٥) .

وعن أبي عبد الله عليه‌السلام : « من قرأ سورة يونس في كلّ شهرين أو ثلاثة ، لم يخف عليه أن يكون من الجاهلين » (٦) الخبر.

وعن أبي عبد الله عليه‌السلام : « من قرأ سورة بني إسرائيل في كلّ ليلة جمعة ، لم يمت حتّى يدرك القائم عجل الله فرجه فيكون من أصحابه » (٧) .

وعن أبي عبد الله عليه‌السلام : « من قرأ سورة الكهف كلّ ليلة جمعة لم يمت إلّا شهيدا » (٨) .

وعن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « من أدمن قراءة سورة مريم ، لم يمت حتّى يصيب منها ما يغنيه في نفسه وماله وولده » (٩) .

وعنه عليه‌السلام قال : « من قرأ سورة الأنبياء حبّا لها كان ممن يرافق (١٠) النبيّين أجمعين في جنّات النّعيم ، وكان مهيبا في أعين النّاس في الحياة الدنيا » (١١) .

وعنه عليه‌السلام : « من قرأ سورة الحجّ في كلّ ثلاثة أيّام ، لم تخرج سنة حتّى يخرج إلى بيت الله الحرام » (١٢) الخبر.

وعن ابن مسكان (١٣) ، عنه عليه‌السلام : « من قرأ سورة المؤمنون ختم الله له بالسّعادة ، إذا كان يدمن قراءتها

__________________

(١) تفسير العياشي ٢ : ٣٣١ / ٢٠٧٣.

(٢) ثواب الأعمال : ١٠٦. (٣) ثواب الأعمال : ١٠٧.

(٤) ثواب الأعمال : ١٠٥.  (٥ و٦) . ثواب الأعمال : ١٠٦.

(٧ و٨) . ثواب الأعمال : ١٠٧.

(٩) ثواب الأعمال : ١٠٨. (١٠) في ثواب الأعمال : كمن رافق.

(١١ و١٢) . ثواب الأعمال : ١٠٨.

(١٣) في ثواب الأعمال : الحسين بن أبي العلاء.

١٥٨

في كلّ جمعة » (١) الخبر.

وعنه عليه‌السلام قال : « حصّنوا أموالكم وفروجكم بتلاوة سورة النّور ، وحصّنوا بها نساءكم ، فإنّ من أدمن قراءتها في كلّ يوم أو في كلّ ليلة لم يزن أحد من أهل بيته أبدا حتّى يموت » (٢) .

وعنه عليه‌السلام قال : « من قرأ الطواسين الثلاثة في ليلة الجمعة ، كان من أولياء الله ، وفي جوار الله وكنفه ، ولم يصبه في الدنيا بؤس أبدا » (٣) .

وعنه عليه‌السلام قال : « من قرأ الحمدين : حمد سبأ وحمد فاطر في ليلة واحدة ، لم يزل في ليلته في حفظ الله وكلاءته ، ومن قرأهما في نهاره لم يصبه في نهاره مكروه ، وأعطي من خير الدنيا وخير الآخرة ما لم يخطر على قلبه ولم يبلغ مناه » (٤) .

وعنه عليه‌السلام قال : « لكلّ شيء قلب وقلب القرآن يس ، من قرأها قبل منامه ، أو في نهاره قبل أن يمسي ، كان في نهاره من المحفوظين والمرزوقين حتى يمسي ، ومن قرأها في ليله قبل أن ينام وكّل الله به ألف ملك يحفظونه من شرّ كلّ شيطان رجيم ومن كلّ آفة » (٥) الخبر.

وعن أبي جعفر عليه‌السلام في رواية ذكر ثواب تلاوة يس إلى أن قال : « ولم يصبه فقر ولا غرم ولا نصب ولا جنون ولا جذام ولا وسواس ولا داء يضرّه » إلى أن قال : « وكان ممّن يضمن الله له السّعة في معيشته والفرج عند لقائه » (٦) .

وروي « أنّ يس تقرأ للدنيا والآخرة ، وللحفظ من كلّ آفة وبليّة في النفس والأهل والمال ، وإنّه من كان مغلوبا على عقله قرىء عليه ، أو كتبه وسقاه ، وإن كتبه بماء الزعفران على إناء من زجاج فهو خير فإنّه مبرئ » (٧) .

وفي رواية عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا عليّ ، اقرأ يس فإنّ في يس عشر بركات : ما قرأها جائع إلّا شبع ، ولا ظمآن إلّا روي ، ولا عار إلّا كسي ، ولا عزب إلّا تزوّج ، ولا خائف إلّا أمن ، ولا مريض إلّا برئ ، ولا محبوس إلّا اخرج ، ولا مسافر إلّا أعين على سفر ، ولا يقرأون عند ميّت إلّا خفّف الله عنه ، ولا قرأها رجل له ضالّة إلّا وجدها » (٨) .

__________________

(١) ثواب الأعمال : ١٠٨.

(٢) ثواب الأعمال : ١٠٩.

(٣) ثواب الأعمال : ١٠٩.

(٤) ثواب الأعمال : ١١٠ ، مجمع البيان ٨ : ٥٨٨.

(٥ و٦) . ثواب الأعمال : ١١١.

(٧) مكارم الأخلاق : ٣٦٤.

(٨) جامع الأخبار : ١٢٦ / ٢٤٥ ، وفيه : إلّا وجد طريقها.

١٥٩

وفي رواية عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في سورة يس ، قال : « وتدفع عن صاحبها كلّ سوء ، وتقضي له كلّ حاجة » إلى أن قال : « ومن كتبها ثم شربها أدخلت جوفه ألف دواء ، وألف نور ، وألف يقين ، وألف بركة ، وألف رحمة ، ونزعت عنه كلّ غلّ وداء » (١) .

وعن عطاء بن أبي رباح (٢) ، قال : بلغني أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « من قرأ يس في صدر النّهار قضيت حوائجه » (٣) .

وفي رواية عامّيّة ، قال : « ما من ميّت يقرأ عنده سورة ( يس ) إلّا هوّن الله عليه » (٤) .

وعن أبي قلابة ، قال : من قرأ يس غفر له ، ومن قرأها وهو جائع شبع ، ومن قرأها وهو ضالّ هدي ، ومن قرأها وله ضالّة وجدها ، ومن قرأها عند طعام خاف قلّته بورك فيه ، ومن قرأها عند ميّت هوّن عليه ، ومن قرأها عند امرأة عسر عليها الوضع ، سهل عليها (٥) ، الخبر.

وعن ابن عبّاس رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من قرأ يس والصّافات يوم الجمعة ثم سأل الله أعطاه سؤله » (٦) .

وعن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « من قرأ سورة الصّافّات في كلّ يوم جمعة ، لم يزل محفوظا من كلّ آفة ، مدفوعا عنه كلّ بليّة في الحياة الدّنيا ، مرزوقا في الدنيا بأوسع ما يكون من الرّزق ، ولم يصبه الله في ماله ولا ولده ولا بدنه بسوء من شيطان رجيم ولا [ من ] جبّار عنيد » (٧) الخبر.

وفي رواية : « أنّها تقرأ للشرف والجاه في الدنيا والآخرة » (٨) .

وعن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « من قرأ سورة الزّمر استحقها (٩) من لسانه ، أعطاه الله شرف الدنيا والآخرة ، وأعزّه بلا مال ولا عشيرة حتّى يهابه من يراه » الخبر (١٠) .

عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « من قرأ سورة حم السّجدة ، كانت له نورا يوم القيامة مدّ بصره وسرورا ، وعاش في الدنيا محمودا مغبوطا » (١١) .

__________________

(١) الدر المنثور ٧ : ٣٨.

(٢) في النسخة : عطاء بن أبي رياح ، انظر : تهذيب الكمال ٢٠ : ٦٩.

(٣) سنن الدارمي ٢ : ٤٥٧ ، الدر المنثور ٧ : ٣٨.

(٤) الدر المنثور ٧ : ٣٨.

(٥) بحار الأنوار ٩٢ : ٢٩٢ / ٦.

(٦) الدر المنثور ٧ : ٧٧.

(٧) ثواب الأعمال : ١١٢ ، بحار الأنوار ٩٢ : ٢٩٦ / ١.

(٨) مكارم الأخلاق : ٣٦٤ ، بحار الأنوار ٩٢ : ٢٩٦ / ٢.

(٩) في البحار : استخفها.

(١٠) ثواب الأعمال : ١١٢ ، بحار الأنوار ٩٢ : ٢٩٧ / ١.

(١١) ثواب الأعمال : ١١٣.

١٦٠