معاني القرآن

أبي الحسن سعيد بن مسعدة المجاشعي البلخي البصري [ الأخفش الأوسط ]

معاني القرآن

المؤلف:

أبي الحسن سعيد بن مسعدة المجاشعي البلخي البصري [ الأخفش الأوسط ]


المحقق: إبراهيم شمس الدين
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-3518-X
الصفحات: ٣٦٠

«معناه في التفسير (إنّ الّذين كفروا بالذّكر لمّا جآءهم) [الآية ٤١] كفروا به (وإنّه لكتب عزيز) [الآية ٤١]» فقال عيسى : «جاء يا أبا عثمان».

وقال (ولو جعلناه قرءانا أعجميّا لّقالوا لو لا فصّلتءايتهءاعجمىّ وعربىّ) [الآية ٤٤] يقول : (هلا فصّلت آياته أأعجمي) يعني القرآن (وعربىّ) [الآية ٤٤] يعني النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقد قرئت من غير استفهام وكلّ جائز في معنى واحد.

وقال (وظنّوا ما لهم مّن مّحيص) [الآية ٤٨] أي : فاستيقنوا ، لأن (مآ) ها هنا حرف وليس باسم والفعل لا يعمل في مثل هذا فلذلك جعل الفعل ملغى.

ومن سورة حم عسق [الشورى]

قال (أن أقيموا الدّين ولا تتفرّقوا فيه) [الآية ١٣] على التفسير كأنه قال «هو أن أقيموا الدين» على البدل.

وقال (وأمرت لأعدل بينكم) [الآية ١٥] أي : أمرت كي أعدل.

وقال (إلّا المودّة فى القربى) [الآية ٢٣] استثناء خارج. يريد ـ والله أعلم ـ إلّا أن أذكر مودة قرابتي.

وأما (يبشر) [الآية ٢٣] فتقول «بشّرته» و «أبشرته» وقال بعضهم «أبشره» خفيفة فذا من «بشرت» وهو في الشعر. قال الشاعر : [البسيط]

٢٦٦ ـ وقد أروح إلى الحانوت أبشره

بالرّحل فوق ذرى العيرانة الأجد (١)

__________________

ـ ومفتيها وأحد الزهاد المشهورين ، كان جده من سبي فارس ، وأبوه نساجا ثم شرطيا للحجاج في البصرة ، واشتهر بعلمه وزهده وأخباره مع المنصور العباسي وغيره ، وفيه قال المنصور : كلكم طالب صيد غير عمرو بن عبيد ، توفي بمران قرب مكة سنة ١٤٤ ه‍ ، له رسائل وخطب كثيرة ومصنفات ، منها : «تفسير القرآن عن حسن البصري» ، «خطب ورسائل» ، «ديوان شعره».

(انظر : كشف الظنون ٥ / ٨٠٢ ، الأعلام ٥ / ٨١ ، وفيات الأعيان ١ / ٣٨٤ ، البداية والنهاية ١٠ / ٧٨ ، ميزان الاعتدال ٢ / ٢٩٤ ، طبقات المعتزلة ص ٣٥ ، مفتاح السعادة ٢ / ٣٥).

(١) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.

٢٨١

قال أبو الحسن (١) : أنشدني يونس (٢) هذا البيت هكذا وجعل (الّذى يبشر) [الشّورى : الآية ٢٣] اسما للفعل كأنه «التبشير» كما قال (اصدع بما تؤمر) [الحجر : ٩٤] أي : اصدع بالأمر. ولا يكون أن تضمر فيها الباء وتحذفها لأنك لا تقول «كلّم الذي مررت» وأنت تريد «به».

وقوله (ويستجيب الّذينءامنوا) [الآية ٢٦] أي : استجاب. فجعلهم هم الفاعلين.

وقال (ولمن صبر وغفر إنّ ذلك لمن عزم الأمور) (٤٣) [الآية ٤٣]. أما اللام التي في (ولمن صبر) [الشّورى : الآية ٤٣] فلام الابتداء ، وأما ذلك فمعناه ـ والله أعلم ـ أن ذلك منه لمن عزم الأمور. وقد تقول : «مررت بدار الذراع بدرهم» أي : الذراع منها بدرهم» و: «مررت ببرّ قفيز بدرهم» أي : «قفيز بدرهم» أي : «قفيز منه». وأما ابتداء «إن» في هذا الموضوع فكمثل (قل إنّ الموت الّذى تفرّون منه فإنّه ملقيكم) [الجمعة : الآية ٨] يجوز ابتداء مثل هذا إذا طال الكلام في مثل هذا الموضع.

وقال (ينظرون من طرف خفيّ) [الآية ٤٥] جعل «الطرف» العين كأنه قال «ونظرهم من عين ضعيفة» ـ والله أعلم .. وقال يونس : «إن (من طرف) [الآية ٤٥] مثل : «بطرف» كما تقول العرب : «ضربته في السّيف» و «بالسّيف».

وقال (ألا إلى الله تصير الأمور) [الآية ٥٣] لأن الله تبارك وتعالى يتولى الأشياء دون خلقه يوم القيامة وهو في الدنيا قد جعل بعض الأمور إليهم من الفقهاء والسلطان وأشباه ذلك.

ومن سورة حم الزخرف

قال (أن كنتم قوما مّسرفين) [الآية ٥] يقول : «لأن كنتم».

وقال (لتستوا على ظهوره) [الآية ١٣] فتذكيره يجوز على (ما تركبون) [الآية ١٢] و (مآ) هو مذكر كما تقول «عندي من النساء ما يوافقك ويسرك» وقد تذكّر

__________________

(١) أبو الحسن : هو الأخفش المؤلف.

(٢) يونس : هو يونس بن حبيب ، تقدمت ترجمته.

٢٨٢

«الانعام» وتؤنّث وقد قال في موضع (مّمّا فى بطونه) [النّحل : الآية ٦٦] ، وقال في موضع آخر (بطونها) [النّحل : الآية ٦٩].

وقال (إنّنى برآء مّمّا تعبدون) [الآية ٢٦] تقول العرب «أنا براء منك».

وقال (ومعارج عليها يظهرون) [الآية ٣٣] ومثله قول العرب «مفاتح» و «مفاتيح» و «معاط» في «المعطاء» و «أثاف» من «الأثفيّة» وواحد «المعارج» «المعراج» ولو شئت قلت في جمعه «المعاريج».

وقال (وإن كلّ ذلك لما متع الحيوة الدّنيا) [الآية ٣٥] خفيفة منصوبة اللام وقال بعضهم (لمّا) فثقّل ونصب اللام وضعف الميم وزعم أنها في التفسير الأول «إلّا» وأنها من كلام العرب.

وقال (ومن يعش عن ذكر الرّحمن) [الآية ٣٦] وهو ليس من «أعشى» و «عشو» إنما هو في معنى قول الشاعر : [الطويل]

٢٦٧ ـ إلى مالك أعشو إلى مثل مالك (١)

كأن «أعشو» : أضعف. لأنه حين قال «أعشو إلى مثل مالك» كان «العشو» : الضعف لأنه حين قال : «أعشو إلى مثل مالك» أخبر أنه يأتيه غير بصير ولا قوي. كما قال : [الطويل]

٢٦٨ ـ متى تأته تعشو إلى ضوء ناره

تجد حطبا جزلا ونارا تأجّجا (٢)

__________________

(١) الشطر لم أجده المصادر والمراجع التي بين يدي.

(٢) البيت ملفق من بيتين. البيت الأول :

متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا

تجد حطبا جزلا ونارا تأججا

والبيت لعبد الله بن الحر في خزانة الأدب ٩ / ٩٠ ـ ٩٩ ، والدرر ٦ / ٦٩ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٦٦ ، وسرّ صناعة الإعراب ص ٦٨ ، وشرح المفصل ٧ / ٥٣ ، وبلا نسبة في الإنصاف ص ٥٨٣ ، ورصف المباني ص ٣٢ ، ٣٣٥ ، وشرح الأشموني ص ٤٤٠ ، وشرح قطر الندى ص ٩٠ ، وشرح المفصل ١٠ / ٢٠ ، والكتاب ٣ / ٨٦ ، ولسان العرب (نور) ، والمقتضب ٢ / ٦٣ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٢٨.

والبيت الثاني :

متى تأته تعشو إلى ضوء ناره

تجد خير نار عندها خير موقد

والبيت للأعشى في ديوانه ص ٥١ ، وإصلاح المنطق ص ١٩٨ ، والأغاني ٢ / ١٦٨ ، وخزانة الأدب ٣ / ٨٤ ، و٧ / ١٥٦ ، ٩ / ٩٢ ـ ٩٤ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٦٥ ، والكتاب ٣ / ٨٦ ، ـ

٢٨٣

أي : متى ما تفتقر فتقصد إلى ضوء ناره يغنك.

وقال (فلو لا ألقى عليه أسورة مّن ذهب) [الآية ٥٣] لأنه جمع «أساور» و «أسورة» وقال بعضهم (أساورة) فجعله جمعا للأسورة فأراد : «أساوير» ـ والله أعلم ـ فجعل الهاء عوضا من الياء ، كما قال : «زنادقة» فجعل الهاء عوضا من الياء التي في «زناديق».

وقال (يصدّون) [الآية ٥٧] و (يصدّون) [النّساء : الآية ٦١] كما قال (يحشر) و (يحشر).

ومن سورة حم الدخان

قال (فيها يفرق كلّ أمر حكيم) [الآية ٤] (أمرا) [الآية ٥] وقال (رحمة مّن رّبّك) [الآية ٦] وانتصابه على «إنّا أنزلناه أمرا ورحمة» في الحال.

وقال (إلّا من رّحم الله إنّه هو) [الآية ٤٢] فجعله بدلا من الاسم المضمر في (ينصرون) [الآية ٤١] وإن شئت جعلته مبتدأ. وأضمرت خبره تريد «إلّا من رحم الله فيغني عنه».

وقال (وزوّجنهم بحور عين) [الآية ٥٤] يقول ـ والله أعلم ـ «جعلناهم أزواجا بالحور». ومن العرب من يقول «عين حير».

ومن سورة الجاثية

وقال (سواء مّحيهم ومماتهم) [الآية ٢١] رفع. وقال بعضهم : إنّ المحيا والممات للكفار ، كأنه قال : «أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن تجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات». ثم قال : «سواء محيا الكفار ومماتهم» أي : «محياهم

__________________

ـ ولسان العرب (عشا) ، ومجالس ثعلب ص ٤٦٧ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٤٣٩ ، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ٨٧١ ، وخزانة الأدب ٥ / ٢١٠ ، وشرح الأشموني ٣ / ٥٧٩ ، وشرح ابن عقيل ص ٥٨١ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٣٦٣ ، وشرح المفصل ٢ / ٦٦ ، ٤ / ١٤٨ ، ٧ / ٤٥ ، ٥٣ ، وما ينصرف وما لا ينصرف ص ٨٨ ، والمقتضب ٢ / ٦٥.

٢٨٤

محيا سوء ومماتهم ممات سوء» ، فرفع «السواء» على الابتداء. ومن فسر «المحيا» و «الممات» للكفار والمؤمنين فقد يجوز في هذا المعنى نصب السواء ورفعه لأن من جعل السواء مستويا فينبغي له أن يرفعه لأنه الاسم إلا أن ينصب المحيا والممات على البدل ونصب السواء على الاستواء. وإن شاء رفع السواء إذا كان في معنى مستوي لأنها صفة لا تصرف كما تقول «رأيت رجلا خيرا منه أبوه» والرفع أجود.

وقال (وإذا علم منءايتنا شيئا) [الآية ٩] ثم قال (مّن ورآئهم جهنّم ولا يغنى عنهم مّا كسبوا شيئا) [الآية ١٠] فجمع لأنه قد قال (ويل لّكلّ أفّاك أثيم) (٧) [الآية ٧] فهو في معنى جماعة مثل الأشياء التي تجيء في لفظ واحد ومعناها معنى جماعة وقد جعل (الّذى) بمنزلة (مّن) وقال (والّذى جآء بالصّدق وصدّق به أولئك هم المتّقون) (٣٣) [الزّمر : الآية ٣٣] ف «الذي» في لفظ واحد. ثم قال (أولئك هم المتقون).

وقال (وأمّا الّذين كفروا أفلم تكنءايتى تتلى عليكم) [الآية ٣١] أي : فيقال لهم : «ألم تكن آياتي تتلى عليكم» ودخلت الفاء لمكان «أما».

وقال (إن نّظنّ إلّا ظنّا) [الآية ٣٢] ما نظنّ إلّا ظنّا.

ومن سورة الأحقاف

قال (قل ما كنت بدعا مّن الرّسل) [الآية ٩] والبدع : البديع وهو : الأوّل.

وقال (ومن قبله كتب موسى إماما ورحمة) [الآية ١٢] نصب لأنه خبر معرفة.

وقال (وهذا كتب مّصدّق لّسانا عربيّا) [الآية ١٢] فنصب اللسان والعربي لأنه ليس من صفة الكتاب فانتصب على الحال أو على فعل مضمر كأنه قال : «أعني لسانا عربيّا». وقال بعضهم : إن انتصابه على (مصدّق) جعل الكتاب مصدّق اللسان.

وقال (لم يلبثوا إلّا ساعة مّن نّهار بلغ) [الآية ٣٥] يقول : ذلك بلاغ. وقال

٢٨٥

بعضهم : «إنّ البلاغ هو القرآن» وإنما يوعظ بالقرآن. ثم قال (بلغ) أي : هو بلاغ.

وأما قوله (ولم يعى بخلقهنّ بقدر على أن يحيى الموتى) [الآية ٣٣] فهو بالباء كالباء في قوله (كفى بالله) [الرّعد : الآية ٤٣] وهي مثل (تنبت بالدّهن) [الآية ٢٠]

ومن سورة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم

قال (فأنّى لهم إذا جآءتهم ذكراهم) [الآية ١٨] يقول : فأنى لهم ذكراهم إذا جاءتهم الساعة.

وقال (فهل عسيتم إن تولّيتم أن تفسدوا فى الأرض) [الآية ٢٢]. فإن الأول للمجازاة ، وأوقعت (عسيتم) على (أن تفسدوا) [الآية ٢٢] لأنه اسم ، ولا يكون أن تعمل فيه (عسيتم) ولا «عسيت» إلّا وفيه «أن» لا تقول «عسيتم الفعل». كما أن قولك «لو أن زيدا جاء كان خيرا له» ، فقولك «أنّ زيدا جاء» اسم ، وأنت لا تقول «لو ذاك» لأنه ليس كل الأسماء تقع في كل موضع. وليس كل الأفعال يقع على كل الأسماء. ألا ترى أنهم يقولون «يدع» ولا يقولون «ودع» ويقولون «يذر» ولا يقولون : «وذر».

وقال (ولن يتركم أعملكم) [الآية ٣٥] أي : في أعمالكم ، كما تقول : «دخلت البيت» وأنت تريد «في البيت».

وقال (هأنتم هؤلآء) [الآية ٣٨] فجعل التنبيه في موضعين للتوكيد وكان التنبيه الذي في «هؤلاء» تنبيها لازما.

ومن سورة الفتح

قال (والهدى معكوفا) [الآية ٢٥] على «وصدوا (الهدي معكوفا) كراهية (أن يبلغ محلّه) [الآية ٢٥]».

٢٨٦

وقال (أخرج شطئه فازره) [الآية ٢٩] يريد «أفعله» من «الإزارة».

وقال (أن تطئوهم) [الآية ٢٥] على البدل «لو لا رجال أن تطؤوهم».

ومن سورة الحجرات

قال (أن تحبط أعمالكم) [الآية ٢] أي : مخافة أن تحبط أعمالكم. وقد يقال : «اسمك الحائط أن يميل».

وقال (إنّ أكرمكم) [الآية ١٣] فكسر لأنه ابتداء ولم يحمله على (لتعارفوا) [الآية ١٣].

ومن سورة ق

قال (ق والقرءان المجيد) (١) [الآية ١] قسم على (قد علمنا ما تنقص الأرض منهم) [الآية ٤].

وقال (أءذا متنا وكنّا ترابا ذلك رجع بعيد) [الآية ٣] لم يذكر «أنه رجع» وذلك ـ والله أعلم ـ لأنه كان على جواب كأنه قيل لهم : إنّكم ترجعون. فقالوا «أإذا كنّا ترابا ذلك رجع بعيد».

وقال (بل هم فى لبس) [الآية ١٥] لأنك تقول : لبست عليه لبسا.

وقال (عن اليمين وعن الشّمال قعيد) [الآية ١٧] ولم يقل «عن اليمين قعيد وعن الشّمال قعيد». ذكر أحدهما واستغنى كما قال (يخرجكم طفلا) [غافر : الآية ٦٧] فاستغنى بالواحد عن الجمع كما قال (فإن طبن لكم عن شىء مّنه نفسا) [النّساء : الآية ٤].

وقال (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) [الآية ١٦] يقول : أملك به وأقرب إليه في المقدرة عليه.

٢٨٧

ومن سورة الذاريات

قال (والسّمآء ذات الحبك) (٧) [الآية ٧] واحدها «الحباك».

وقال (أيّان يوم الدّين) [الآية ١٢] (يوم هم على النّار يفتنون) [الآية ١٣] أي : متى يوم الدّين. فقيل لهم : في يوم هم على النار يفتنون. لأنّ ذلك اليوم يوم طويل فيه الحساب وفيه فتنتهم على النار.

وقال (ذنوبا مّثل ذنوب أصحبهم) [الآية ٥٩] أي : سجلا من العذاب.

ومن سورة الطور

قال (يوم تمور السّمآء مورا) (٩) [الآية ٩] (وتسير الجبال سيرا) (١٠) [الآية ١٠] (فويل) [الآية ١١] دخلت الفاء لأنه في معنى : إذا كان كذا وكذا فأشبه المجازاة ، لأن المجازاة يكون خبرها بالفاء.

وقال (نّتربّص به ريب المنون) [الآية ٣٠] لأنك تقول : «تربّصت زيدا» أي : تربصت به.

ومن سورة النجم

قال (علّمه شديد القوى) (٥) [الآية ٥] جماعة «القوّة» وبعض العرب يقول «حبوة» و «حبى» فينبغي أن يقول «القوى» في ذا القياس. ويقول بعض العرب «رشوة» و «رشا» ويقول بعضهم «رشوة» و «رشا» وبعض العرب يقول «صور» و «صور» والجيدة «صور» (وصوّركم فأحسن صوركم) [غافر : ٦٤] و (صوركم) تقرأ.

وقال بعضهم (أفرءيتم الّلت والعزّى) (١٩) [الآية ١٩] فإذا سكت قلت «اللّاة»

٢٨٨

وكذلك «مناة» تقول «مناة» وقال بعضهم (اللاتّ) جعله من «اللاتّ» : الذي يلت. ولغة للعرب يسكتون على ما فيه الهاء بالتاء يقولون «رأيت طلحت». وكلّ شيء في القرآن مكتوب بالتاء فإنما تقف عليه بالتاء نحو (نعمت ربكم) [الزخرف : ١٣] و (شجرت الزقوم) [الدخان : ٤٣ والصافات : ٦٢].

وقال (وإبرهيم الّذى وفّى) [الآية ٣٧] (ألّا تزر وزرة وزر أخرى) [الآية ٣٨] فقوله (أن لا تزر) بدل من قوله (بما فى صحف موسى) [الآية ٣٦] أي : بأن لا تزر.

ومن سورة القمر

قال (خشّعا) [الآية ٧] نصب على الحال ، أي يخرجون من الأجداث خشعا. وقرأ بعضهم (خشعا) لأنها صفة مقدمة فأجراها مجرى الفعل نظيرها (خشعة أبصرهم) [القلم : الآية ٤٣].

وقال (فى يوم نحس) [الآية ١٩] و (يوم نحس) [الآية ١٩] على الصفة.

وقال (أبشرا مّنّا وحدا نّتّبعه) [الآية ٢٤] فنصب البشر لما وقع عليه حرف الاستفهام وقد أسقط الفعل على شيء من سببه.

وقال (ذوقوا مسّ سقر) [الآية ٤٨] (إنّا كلّ شىء خلقنه بقدر) (٤٩) [الآية ٤٩] فجعل المس يذاق في جواز الكلام ، ويقال : «كيف وجدت طعم الضرب»؟ وهذا مجاز. وأما نصب (كلّ) ففي لغة من قال «عبد الله ضربته» وهو في كلام العرب كثير. وقد رفعت «كلّ» في لغة من رفع ورفعت على وجه آخر.

قال (إنّا كلّ شىء خلقنه) [الآية ٤٩] فجعل (خلقنه) من صفة الشيء.

وقال (أم يقولون نحن جميع مّنتصر) (٤٤) [القمر : الآية ٤٤] (٤٤) (سيهزم الجمع ويولّون الدّبر) (٤٥) [الآية ٤٥] فجعل للجماعة دبرا واحدا في اللفظ. وقال (وإنّا لجميع حذرون) [الشورى : الآية ٥٦] وقال (لا يرتدّ إليهم طرفهم) [إبراهيم : الآية ٤٣].

وقال (وكلّ صغير وكبير مّستطر) (٥٣) [الآية ٥٣] فجعل الخبر واحدا على الكل.

٢٨٩

ومن سورة الرحمن عزوجل

قال (الشّمس والقمر بحسبان) (٥) [الآية ٥] أي : بحساب. وأضمر الخبر. أظن ـ والله أعلم ـ أنه أراد يجريان بحساب.

وقال (ذات الأكمام) [الآية ١١] وواحدها «الكمّ».

وقال (ذواتا أفنان) (٤٨) [الآية ٤٨] وواحدها : «الفنن».

وقال (مدهآمّتان) (٦٤) [الآية ٦٤] كما تقول «ازورّ» و «ازوارّ».

ومن سورة الواقعة

قال (فأصحب الميمنة مآ أصحب الميمنة) (٨) [الآية ٨] (وأصحب المشئمة مآ أصحب المشئمة) (٩) [الآية ٩]. فقوله (مآ أصحب المشئمة) [الآية ٩] هو الخبر. وتقول العرب : «زيد وما زيد» تريد «زيد شديد».

وقال (إلّا قيلا سلما سلما) (٢٦) [الآية ٢٦] إن شئت نصبت السلام بالقيل ، وإن شئت جعلت السلام عطفا على القيل كأنه تفسير له ، وإن شئت جعلت الفعل يعمل في السلام تريد «لا تسمع إلّا قيلا الخير» تريد : إلّا أنّهم يقولون الخير ، والسلام هو الخير.

وقال (مّتّكئين عليها متقبلين) (١٦) [الآية ١٦] على المدح نصبه على الحال يقول : «لهم هذا متّكئين».

وقال (إنّآ أنشأنهنّ إنشآء (٣٥) فجعلنهنّ أبكارا (٣٦) عربا أترابا) (٣٧) [الآيات ٣٥ ـ ٣٧] فأضمرهن ولم يذكرهن قبل ذاك. وأما «الأتراب» فواحدهن «الترب» وللمؤنّث : «التربة» هي «تربى» وهي «تربتي» مثل «شبه» و «أشباه» و «الترب» و «التربة» جائزة في المؤنث ويجمع : ب «الأتراب» ، كما تقول «حيّة» و «أحياء» إذا عنيت المرأة ، و «ميتة» و «أموات».

وقال (فمالئون منها البطون) [الآية ٥٣] أي : من الشجرة (فشربون عليه)

٢٩٠

[الواقعة : الآية ٥٤] لأنّ «الشجر» يؤنّث ويذكر. وأنّث لأنه حمله على «الشجرة» لأن «الشجرة» قد تدل على الجميع. تقول العرب : «نبتت قبلنا شجرة مرّة وبقلة رذية» وهم يعنون الجميع.

وقال (فشربون شرب) [الآية ٥٥] و (شرب) مثل «الضّعف» و «الضّعف».

وقال (ومتعا لّلمقوين) [الآية ٧٣] أي للمسافرين في الأرض القيّ. تقول : «أقوى الشيء» إذا ذهب كلّ ما فيه.

وقال (فلو لآ إذا بلغت الحلقوم) (٨٣) [الآية ٨٣] ثم قال (فلو لآ إن كنتم غير مدينين) (٨٦) [الآية ٨٦] أي : غير مجزيّين مقهورين ترجعون تلك النفس وأنتم ترون كيف تخرج عند ذلك (إن كنتم صدقين) [الآية ٨٧] إنكم تمتنعون من الموت. ثم أخبرهم فقال (فأمّآ إن كان من المقرّبين) (٨٨) [الآية ٨٨] (فروح وريحان) [الآية ٨٩] أي : فله «روح وريحان» (وأمّا إن كان من أصحب اليمين) (٩٠) [الآية ٩٠] (فسلم لّك من أصحب اليمين) (٩١) [الآية ٩١] أي : فيقال له «سلام لك».

وقال (حقّ اليقين) [الآية ٩٥] فأضاف إلى «اليقين» كما قال (دين القيّمة) [البيّنة : الآية ٥] أي : ذلك دين الملّة القيّمة ، وذلك حقّ الأمر اليقين. وأما «هذا رجل السوء» فلا يكون فيه : هذا الرجل السوء. كما يكون في «الحقّ اليقين» لأن «السّوء» ليس ب «الرّجل» و «اليقين هو الحقّ».

ومن سورة الحديد

قال (يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمنهم) [الآية ١٢] يريد : عن أيمانهم ـ والله أعلم ـ كما قال (ينظرون من طرف خفىّ) [الشّورى : الآية ٤٥] يقول «بطرف».

وقال (انظرونا نقتبس من نّوركم) [الآية ١٣] لأنه من «نظرته» يريد «نظرت» ف «أنا أنظره» ومعناه : أنتظره.

وقال (إلّا فى كتب مّن قبل أن نّبرأها) [الآية ٢٢] يريد ـ والله أعلم ـ «إلّا هو في كتاب» فجاز فيها الإضمار. وقد تقول : «عندي هذا ليس إلّا» تريد : ليس إلّا هو.

٢٩١

وقال (بسور لّه باب) [الآية ١٣] معناه : «وضرب بينهم سور».

وقال (الّذين يبخلون ويأمرون النّاس بالبخل ومن يتولّ فإنّ الله هو الغنىّ الحميد) (٢٤) [الآية ٢٤] واستغنى بالأخبار التي في القرآن كما قال (ولو أنّ قرءانا سيّرت به الجبال) [الرّعد : الآية ٣١] ولم يكن في ذا الموضع خبر ، والله أعلم بما ينزل هو كما أنزل وكما أراد أن يكون.

وقال (لّئلّا يعلم أهل الكتب ألّا يقدرون على شىء) [الآية ٢٩] يقول : لأن يعلم.

وقال (مّن ذا الّذى يقرض الله قرضا حسنا) [الآية ١١] وليس ذا مثل الاستقراض من الحاجة ولكنه مثل قول العرب : «لي عندك قرض صدق» و «قرض سوء» إذا فعل به خيرا أو شرا. قال الشاعر : [الطويل]

٢٦٩ ـ سأجزي سلامان بن مفرج قرضهم

بما قدّمت أيديهم وأزّلت (١)

ومن سورة المجادلة

قال (والّذين يظهرون) [الآية ٣] خفيفة وثقيلة. ومن ثقل جعلها من «تظهّرت» ثم أدغم التاء في الظاء.

وقوله (ثمّ يعودون لما قالوا فتحرير رقبة) [الآية ٣] المعنى : «فتحرير رقبة من قبل أن يتماسّا فمن لم يجد فإطعام ستين مسكينا ثمّ يعودون لما قالوا : «أن لا نفعله» «فيفعلونه» هذا الظهار ، يقول : «هي عليّ كظهر أمّي» وما أشبه هذا من الكلام ، فإذا أعتق رقبة أو أطعم ستين مسكينا عاد لهذا الذي قد قال : «إنّه عليّ حرام» ففعله.

ومن سورة الحشر

قال (فأتهم الله من حيث) [الآية ٢] يقول : «فجاءهم الله» أي : جاءهم أمره ، وقال بعضهم (فآتاهم الله) أي : آتاهم العذاب ، لأنك تقول : «أتاه» و «آتاه» كما

__________________

(١) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.

٢٩٢

تقول : «ذهب» و «أذهبته».

وقال (ما قطعتم مّن لّينة) [الآية ٥] وهي من «اللّون» في الجماعة وواحدته «لينة» وهو ضرب من النخل ولكن لما انكسر ما قبلها انقلبت إلى الياء.

وقال (مّآ أفآء الله على رسوله) [الآية ٧] لأنك تقول : «فاء عليّ كذا وكذا» و «أفاءه الله» كما تقول : «جاء» و «أجاءه الله» وهو مثل «ذهب» و «أذهبته».

وقال (كى لا يكون دولة) [الآية ٧] و «الدولة» في هذا المعنى أن يكون ذلك المال مرة لهذا ومرة لهذا وتقول : «كانت لنا عليهم الدولة». وأما انتصابها فعلى «كيلا يكون الفيء دولة» و «كيلا تكون دولة» أي : «لا تكون الغنيمة دولة» ويزعمون أنّ «الدولة» أيضا في المال لغة للعرب ، ولا تكاد تعرف «الدولة في المال».

وقال (ولا يجدون فى صدورهم حاجة مّمّا أوتوا) [الآية ٩] أي : ممّا أعطوا.

وقال (لئن أخرجوا لا يخرجون معهم) [الآية ١٢] فرفع الآخر لأنه معتمد لليمين لأن هذه اللام التي في أول الكلام إنما تكون لليمين كقول الشاعر : [الطويل]

٢٧٠ ـ لئن عاد لي عبد العزيز بمثلها

وأمكنني منها إذا لا أقيلها (١)

وقال (أنّهما فى النّار خلدين فيها) [الآية ١٧] فنصب الخالدين على الحال و (فى النّار) خبر. ولو كان في الكلام «إنّهما في النار» كان الرفع في (حالدين) جائزا. وليس قولهم : إذا جئت ب «فيها» مرتين فهو نصب «بشيء». إنّما «فيها» توكيد جئت بها أو لم تجىء بها فهو سواء. ألا ترى أن العرب كثيرا ما تجعله حالا إذا كان فيها التوكيد وما أشبهه. وهو في القرآن منصوب في غير مكان. قال (إنّ الّذين كفروا من أهل الكتب والمشركين فى نار جهنّم خلدين فيها) [البيّنة : الآية ٦].

__________________

(١) البيت لكثيّر عزّة في ديوانه ص ٣٠٥ ، وخزانة الأدب ٨ / ٤٧٣ ، ٤٧٤ ، ٤٧٦ ، والدرر ٤ / ٧١ ، وسرّ صناعة الإعراب ١ / ٣٩٧ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ١٤٤ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٣٤ ، وشرح شواهد المغني ص ٦٣ ، وشرح المفصّل ٩ / ١٣ ، ٢٢ ، والكتاب ٣ / ١٥ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٨٢ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٤ / ١٦٥ ، وخزانة الأدب ٨ / ٤٤٧ ، ١١ / ٣٤٠ ، ورصف المباني ص ٦٦. ٢٤٣ ، وشرح الأشموني ٢ / ٥٥٤ ، وشرح شذور الذهب ص ٣٧٥ ، والعقد الفريد ٣ / ٨ ، ومغني اللبيب ١ / ٢١.

٢٩٣

ومن سورة الممتحنة

قال (إلّا قول إبرهيم) [الآية ٤] استثناء خارج من أول الكلام.

ومن سورة الصف

قال (كبر مقتا عند الله) [الآية ٣] أي : كبر مقتكم مقتا ، ثم قال (أن تقولوا ما لا تفعلون) [الآية ٣] أي : قولكم.

وقال (وأخرى تحبّونها) [الآية ١٣] يقول : وتجارة أخرى.

ومن سورة الجمعة

قال (أسفارا) [الآية ٥] وواحدها «السّفر».

وقال (من يوم الجمعة) [الآية ٩] يقول ـ والله أعلم ـ من صلاة يوم الجمعة.

وقال بعض النحويين لا يكون ل «الأسفار» واحد كنحو «أبابيل» و «أساطير» ، ونحو قول العرب : «ثوب أكباش» وهو الرديء الغزل ، و «ثوب مزق» للمتمزّق.

ومن سورة المنافقين

قال (خشب مّسنّدة) [الآية ٤] وكما قال : «عمد» و «عمد» وهو مثل «الخشب» ويقول بعضهم «الخشب».

وقال (لوّوا رؤوسهم) [الآية ٥] لأن كلام العرب إذا كان في السّخريّ أو في التكثير قيل «لوّى لسانه» و «رأسه». وخفّف بعضهم واحتج بقول الله عزوجل (ليّا بألسنتهم) [النّساء : الآية ٤٦].

٢٩٤

ومن سورة التغابن

قال (فقالوا أبشر يهدوننا) [الآية ٦] فجمع لأن «البشر» في المعنى جماعة.

ومن سورة الطلاق

قال (قدرا) [الآية ٣] وقال بعضهم (قدرا) وهما لغتان.

وقال (مّن وجدكم) [الآية ٦] (٦) و «الوجد» : المقدرة ، ومن العرب من يكسر في هذا المعنى. فأما «الوجد» إذا فتحت الواو فهو «الحبّ». وهو في المعنى ـ والله أعلم ـ «أسكنوهنّ من حيث سكنتم ممّا تقدرون عليه».

وقال (ومن الأرض مثلهنّ) [الآية ١٢] فجعل (الأرض) جماعة كما تقول : «هلك الشاة والبعير» وأنت تعني جميع الشاء وجميع الإبل.

ومن سورة التحريم

قال (إن تتوبآ إلى الله فقد صغت قلوبكما) [الآية ٤] فجعله جماعة لأنهما اثنان من اثنين.

وقال (ومريم ابنت عمرن) [الآية ١٢] و (امرأة فرعون) [الآية ١١] على : «وضرب الله امرأة فرعون ومريم مثلا».

سورة الملك

وقال (طباقا) [الآية ٣] وواحدها «الطبق».

قال (خاسئا وهو حسير) [الآية ٤] لأنك تقول : «خسأته» ف «خسأ» ف «هو خاسىء».

وقال (إلى الطّير فوقهم صفّت) [الآية ١٩] فجمع لأن «الطير» جماعة مثل

٢٩٥

قولك «صاحب» و «صحب» و «شاهد» و «شهد» و «راكب» و «ركب».

وقال (هذا الّذى كنتم به تدّعون) [الآية ٢٧] لأنهم كانوا يقولون (ربّنا عجل لّنا قطّنا) [ص : الآية ١٦] و (ائتنا بعذاب الله) [العنكبوت : الآية ٢٩] فقيل لهم حين رأوا العذب (هذا الّذى كنتم به تدعون) خفيفة و (تدّعون) ثقيلة قرأه الناس على هذا المعنى وهو أجود وبه نقرأ لأنه شيء بعد شيء.

وقال (مآؤكم غورا فمن يأتيكم بمآء مّعين) [الآية ٣٠] أي : غائرا ولكن وصفه بالمصدر وتقول : «ليلة غمّ» تريد «غامّة».

وقال (فكيف كان نكير) [الآية ١٨] أي : إنكاري.

ومن سورة القلم

قال (بأييّكم المفتون) [الآية ٦] يريد «أيّكم المفتون».

وقال (وإن يكاد الّذين كفروا) [الآية ٥١] وهذه «إن» التي تكون للإيجاب وهي في معنى الثقيلة إلا أنها ليست بثقيلة ، لأنك إذا قلت : «إن كان عبد الله لظريفا» فمعناه «إن عبد الله لظريف قبل اليوم» ف «إن» تدخل في هذا المعنى وهي خفيفة.

ومن سورة الحاقة

قال (وتعيهآ أذن وعية) [الآية ١٢] لأنك تقول : «وعت ذاك أذني» و «وعاه سمعي» و «أوعيت الزاد» و «أوعيت المتاع» كما قال الشاعر : [البسيط]

٢٧١ ـ الخير يبقى وإن طال الزّمان به

والشرّ أخبث ما أوعيت من زاد (١)

__________________

(١) البيت لعبيد بن الأبرص في ديوانه ص ٤٩ ، ولسان العرب (وعى) ، وتاج العروس (وعى) ، ومجمل اللغة ٤ / ٥٣٨ ، وجمهرة الأمثال ١ / ٥٤٢ ، والمستقصى ١١ / ٣٢٦ ، وبلا نسبة في مقاييس اللغة ٦ / ١٢٤ ، والعقد الفريد ٣ / ١٠٥ ، ومجمع الأمثال ١ / ٣٦٥.

٢٩٦

وقال (فإذا نفخ فى الصّور نفخة وحدة) [الآية ١٣] لأن الفعل وقع على النفخة إذا لم يكن قبلها اسم مرفوع.

وقال (والملك على أرجآئها) [الآية ١٧] وواحدها «الرّجا» وهو مقصور.

وقال (إلّا من غسلين) [الآية ٣٦] جعله ـ والله أعلم ـ من «الغسل» وزاد الياء والنون بمنزلة «عفرين» و «كفرين».

وقال (فما منكم مّن أحد عنه حجزين) (٤٧) [الآية ٤٧] على المعنى لأن معنى «أحد» معنى جماعة.

ومن سورة المعارج

قال (كلّآ إنّها لظى) (١٥) [الآية ١٥] (نزّاعة لّلشّوى) (١٦) [الآية ١٦] نصب على البدل من الهاء وخبر «إنّ» (نزّاعة) وإن شئت جعلت (لظى) رفعا على خبر «إنّ» ورفعت «النزّاعة» على الابتداء.

وقال (إنّ الإنسن خلق هلوعا) (١٩) [الآية ١٩] ثم قال (إلّا المصلّين) (٢٢) [الآية ٢٢] فجعل (الإنسان) جميعا ويدلك على ذلك أنه قد استثنى منه جميعا.

وقال (فمال الّذين كفروا قبلك مهطعين) [الآية ٣٦] (عن اليمين وعن الشّمال عزين) (٣٧) [الآية ٣٧] كما تقول «ما لك قائما» وواحدة «العزين» : العزة. مثل «ثبة» و «ثبين».

ومن سورة نوح عليه‌السلام

قال (مّا لكم لا ترجون لله وقارا) (١٣) [الآية ١٣] أي : لا تخافون لله عظمة.

و «الرّجاء» ها هنا خوف و «الوقار» عظمة. وقال الشاعر : [الطويل]

٢٧٢ ـ إذا لسعته النحل لم يرج لسعها

وخالفها في بيت نوب عواسل (١)

__________________

(١) البيت لأبي ذؤيب الهذلي في شرح أشعار الهذليين ص ١٤٤ ، ولسان العرب (نوب) ، (خلف) ، (رجا) ، وتهذيب اللغة ١٥ / ٤٨٩ ، وتاج العروس (خلف) ، (رجا) ، وكتاب العين ٦ / ١٧٧ ، ٨ / ٣٧٩.

٢٩٧

وقال (وقد خلقكم أطوارا) (١٤) [الآية ١٤] طورا علقة وطورا مضغة.

وقال (وجعل القمر فيهنّ نورا) [الآية ١٦] وإنما هو ـ والله أعلم ـ على كلام العرب ، وإنما القمر في السماء الدنيا فيما ذكر كما تقول : «أتيت بني تميم» وإنما أتيت بعضهم.

وقال (والله أنبتكم مّن الأرض نباتا) (١٧) [الآية ١٧] فجعل «النّبات» المصدر ، والمصدر «الإنبات» لأن هذا يدل على المعنى.

وقال (سبلا فجاجا) [الآية ٢٠] واحدها «الفجّ» وهو الطريق.

وقال (ولا تزد الظّلمين) [الآية ٢٤] لأن ذا من قول نوح دعاء عليهم.

ومن سورة الجن

قال (قل أوحى إلىّ أنّه استمع نفر) [الآية ١] فألف (أنّه) مفتوحة لأنه اسم ، ثم قال (وأنّه تعلى جدّ ربّنا) [الآية ٣] على الابتداء إذا كان من كلام الجن فإن فتح جعله على الوحي وهو حسن.

وقال (شهبا) [الآية ٨] وواحدها : الشّهاب.

وقال (لنفتنهم فيه) [الآية ١٧] لأنك تقول «فتنته» ، وبعض العرب يقول «أفتنه» ، فتلك على تلك اللغة.

ومن سورة المزمّل

قال (المزّمّل) [الآية ١] والأصل : المتزمّل ، ولكن أدغمت التاء في الزاي و (المدّثّر) [المدّثّر : الآية ١] مثلها.

وقوله (قم الّيل إلّا قليلا) (٢) [الآية ٢] (نّصفه أو انقص منه قليلا) (٣) [الآية ٣] (أو زد عليه) [الآية ٤] فقال السائل عن هذا : قد قال (قم الّيل إلّا قليلا) (٢) [الآية ٢]

٢٩٨

فكيف قال (نّصفه) [الآية ٣]؟ إنما المعنى «أو نصفه أو زد عليه» لأن ما يكون في معنى تكلم به العرب بغير : «أو» تقول : «أعطه درهما درهمين ثلاثة» تريد : «أو درهمين أو ثلاثة».

وقال (وتبتّل إليه تبتيلا) [الآية ٨] فلم يجىء بمصدره ومصدره «التّبتّل» كما قال (أنبتكم مّن الأرض نباتا) [نوح : الآية ١٧] وقال الشاعر : [الوافر]

وخير الأمر ما استقبلت منه

وليس بأن تتبّعه اتّباعا (١)

وقال : [الرجز]

 ............

يجري عليها أيّما إجراء (٢)

وذلك أنّها إنّما جرت لأنّها أجريت.

وقال (ربّ المشرق) [الآية ٩] رفع على الابتداء وجرّ على البدل.

وقال (مّهيلا) [الآية ١٤] لأنك تقول : «هلته» ف «هو مهيل».

وقال (يوما يجعل الولدن شيبا) [الآية ١٧] فجعل (يجعل الولدن) [الآية ١٧] من صفة اليوم ولم يضف لأنه أضمر.

وقال (أدنى من ثلثى الّيل ونصفه وثلثه) [الآية ٢٠] وقد قرئت بالجر وهو كثير وليس المعنى عليه فيما بلغنا لأن ذلك يكون على «أدنى من نصفه» و «أدنى من ثلثه» وكان الذي افترض الثلث أو أكثر من الثلث لأنه قال (قم الّيل إلّا قليلا) (٢) [الآية ٢] (نّصفه أو انقص منه قليلا) (٣) [الآية ٣] وأما الذي قرأ بالجرّ فقراءته جائزة على أن يكون ذلك ـ والله أعلم ـ أي أنكم لم تؤدوا ما افترض عليكم فقمتم أدنى من ثلثي الليل ومن نصفه ومن ثلثه.

وقال (تجدوه عند الله هو خيرا) [الآية ٢٠] لأن «هو» و «هما» و «أنتم» و «أنتما» وأشباه ذلك يكن صفات للأسماء المضمرة كما قال (ولكن كانوا هم الظّلمين) [الزّخرف : الآية ٧٦] و (تجدوه عند الله هو خير) وقد يجعلونها اسما مبتدأ ، كما تقول : «رأيت عبد الله أبوه خير منه».

__________________

(١) تقدم البيت مع تخريجه برقم ٢٤٣.

(٢) تقدم الرجز برقم ٢٤٢.

٢٩٩

ومن سورة المدثر

قال (ولا تمنن تستكثر) (٦) [الآية ٦] جزم لأنها جواب النهي ، وقد رفع بعضهم (ولا تمنن تستكثر) ، يريد مستكثرا ، وهو أجود المعنيين.

وقال (كلّآ إنّه كان لأيتنا عنيدا) (١٦) [الآية ١٦] أي : معاندا.

وقال (والّيل إذ أدبر) [الآية ٣٣] و «دبر» في معنى «أدبر». يقولون : «قبّح الله ما قبل منه وما دبر» ، وقالوا «عام قابل» ولم يقولوا «مقبل».

وقال (إنّها لإحدى الكبر) (٣٥) [الآية ٣٥] (نذيرا لّلبشر) (٣٦) [الآية ٣٦] ، فانتصب (نذيرا) [الآية ٣٦] لأنه خبر ل (إحدى الكبر) فانتصب (نذيرا) [الآية ٣٦] لأنه خبر للمعرفة وقد حسن عليه السكوت فصار حالا وهي «النذير» ، كما تقول : «إنّه لعبد الله قائما». وقال بعضهم «إنّما هو» «قم نذيرا فأنذر».

وقال (كلّآ إنّه تذكرة) (٥٤) [الآية ٥٤] أي : إنّ القرآن تذكرة.

ومن سورة القيامة

قال (بلى قدرين على أن نّسوّى بنانه) (٤) [الآية ٤] أي : على أن نجمع. أي : بلى نجمعها قادرين. وواحد «البنان» : بنانة.

وقال (أين المفرّ) [الآية ١٠] أي : أين الفرار. وقال الشاعر : [المديد]

٢٧٣ ـ يا لبكر انشروا لي كليبا

يا لبكر أين أين الفرار (١)

لأنّ كلّ مصدر يبنى هذا البناء فإنما يجعل «مفعلا» وإذا أراد المكان قال «المفرّ» وقد قرئت (أين المفرّ) لأنّ كلّ ما كان فعله على «يفعل» كان «المفعل» منه مكسورا نحو «المضرب» إذا أردت المكان الذي يضرب فيه.

__________________

(١) البيت للمهلهل بن ربيعة في خزانة الأدب ٢ / ١٦٢ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٦٦ ، والكتاب ٢ / ٢١٥ ، واللامات ص ٨٧ ، ولسان العرب (لوم) ، وبلا نسبة في الخصائص ٣ / ٢٢٩.

٣٠٠