معاني القرآن

أبي الحسن سعيد بن مسعدة المجاشعي البلخي البصري [ الأخفش الأوسط ]

معاني القرآن

المؤلف:

أبي الحسن سعيد بن مسعدة المجاشعي البلخي البصري [ الأخفش الأوسط ]


المحقق: إبراهيم شمس الدين
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-3518-X
الصفحات: ٣٦٠

ومن سورة النمل

قال (نودى أن بورك) [الآية ٨] أي : نودي بذلك.

وقال (بشهاب قبس) [الآية ٧] إذا جعل «القبس» بدلا من «الشّهاب» وإن أضاف «الشّهاب» إلى «القبس» لم ينون «الشّهاب» وكلّ حسن.

وقال (إلّا من ظلم ثمّ بدّل حسنا بعد سوء) [الآية ١١] لأن (إلّا) تدخل في مثل هذا الكلام كمثل قول العرب : «ما أشتكي إلّا خيرا» فلم يجعل قوله «إلّا خيرا» على الشكوى ولكنه علم إذا قال لهم «ما أشتكي شيئا» أنه يذكر من نفسه خيرا. كأنه قال «ما أذكر إلّا خيرا».

وقال (علّمنا منطق الطّير) [الآية ١٦] لأنها لما كانت تكلمهم صار كالمنطق.

وقال الشاعر : [الخفيف]

صدّها منطق الدجاج عن القصد (١)

وقال : [الرجز]

فصبّحت والطير لم تكلّم (٢)

وقال (ألّا يسجدوا) [الآية ٢٥] يقول (وزيّن لهم الشّيطن أعملهم) [الآية ٣٤] ل «أن لّا يسجدوا». وقال بعضهم (ألّا يسجدوا) [الآية ٢٥] فجعله أمرا كأنه قال لهم «ألا اسجدوا» وزاد بينهما «يا» التي تكون للتنبيه ثم أذهب ألف الوصل التي في «اسجدوا» وأذهب الألف التي في «يا» لأنها ساكنة لقيت السين فصارت (ألّا يسجدوا) [الآية ٢٥]. وفي الشعر : [الطويل]

٢٦٢ ـ ألا يا سلمى يا دار مي على البلى

ولا زال منهلا بجرعائك القطر (٣)

__________________

(١) تقدم البيت بتمامه مع تخريجه برقم ٢٣٣.

(٢) تقدم الرجز برقم ٢٣٥.

(٣) البيت لذي الرمة في ديوانه ص ٥٥٩ ، والإنصاف ١ / ١٠٠ ، وتخليص الشواهد ص ٢٣١ ، ٢٣٢ ، ـ

٢٦١

وإنّما هي : ألا يا اسلمى.

وقال (إنّه من سليمن وإنّه بسم الله) [الآية ٣٠] على (إنّى ألقى إلىّ كتب) [الآية ٢٩] (إنّه من سليمن) [الآية ٣٠] و (إنه بسم الله) و «بسم الله» مقدمة في المعنى.

وقال (ليبلونىءأشكر أم أكفر) [الآية ٤٠] أي : لينظر أأشكر أم أكفر. كقولك : «جئت لأنظر أزيد أفضل أم عمرو».

وقال (قالوا اطّيّرنا بك) [الآية ٤٧] فأدغم التاء في الطاء لأنها من مخرجها ، وإذا استأنفت قلت «اطّيّرنا».

وقال (تسعة رهط) [الآية ٤٨] فجمع وليس لهم واحد من لفظهم مثل «ذود».

وقال (أمّن خلق السّموات) [الآية ٦٠] (أمّن يبدؤا الخلق) [الآية ٦٤] حتى ينقضي الكلام (من) ها هنا ليست باستفهام على قوله (خير أمّا يشركون) [الآية ٥٩] إنما هي بمنزلة «الّذي».

وقال قل لا يعلم من في السّموات والأرض (الغيب إلّا الله) [الآية ٦٥] كما قال (إلّا قليل مّنهم) [النّساء : الآية ٦٦] وفي حرف ابن مسعود (قليلا) بدلا من الأول لأنك نفيته عنه وجعلته للآخر.

وقال (ردف لكم) [الآية ٧٢] ونظنها «ردفكم» ، وأدخل اللام فأضاف بها الفعل كما قال (للرّءيا تعبرون) [يوسف : الآية ٤٣] و (لربّهم يرهبون) [الأعراف : الآية ١٥٤]. وتقول العرب : «ردفه أمر» ، كما يقولون : «تبعه» و «أتبعه».

وقال (أنّ النّاس) [الآية ٨٢] أي : بأنّ النّاس ، وبعضهم يقول (إنّ النّاس) كما قال (والّذين اتّخذوا من دونه أوليآء ما نعبدهم) [الزّمر : الآية ٣] إنما معناه

__________________

ـ والخصائص ٢ / ٢٧٨ ، والدرر ٢ / ٤٤ ، ٤ / ٦١ ، وشرح التصريح ١ / ١٨٤ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٦١٧ ، والصاحبي في فقه اللغة ص ٢٣٢ ، واللامات ص ٣٧ ، ولسان العرب (يا) ، ومجالس ثعلب ١ / ٤٢ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٦ ، ٤ / ٢٨٥ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ١ / ٢٣٥ ، وجواهر الأدب ص ٢٩٠ ، والدرر ٥ / ١١٧ ، وشرح الأشموني ١ / ١٧٨ ، وشرح ابن عقيل ص ١٣٦ ، وشرح عمدة الحافظ ص ١٩٩ ، وشرح قطر الندى ص ١٢٨ ، ولسان العرب (ألا) ، ومغني اللبيب ١ / ٢٤٣ ، ١ / ١١١ ، ٢ / ٤ ، ٧٠.

٢٦٢

يقولون : «ما نعبدهم».

قال (ثمّ تولّ عنهم فانظر ماذا يرجعون) [الآية ٢٨] ف (ثمّ تولّ عنهم) [الآية ٢٨] مؤخرة لأن المعنى «فألقه إليهم فانظر ماذا يرجعون ثمّ تولّ عنهم».

وقال (ءايتنا مبصرة) [الآية ١٣] أي : إنّها تبصّرهم حتّى أبصروا. وإن شئت قلت (مبصرة) ففتحت ، فقد قرأها بعض الناس وهي جيدة يعني مبصرة مبيّنة.

٢٦٣

ومن سورة القصص

وقال (فرغا إن كادت لتبدى به) [الآية ١٠] أي : فارغا من الوحي إذ تخوّفت على موسى إن كادت لتبدي بالوحي. أي : تظهره.

وقال (وقالت لأخته قصّيه) [الآية ١١] أي : قصّي أثره.

وقال (فلن أكون ظهيرا) [الآية ١٧] كما تقول : «لن يكون فلان في الدّار مقيما» أي : «لا يكوننّ مقيما».

وقال (تأجرنى) [الآية ٢٧] في لغة العرب منهم من يقول «أجر غلامي» ف «هو مأجور» و «أجرته» ف «هو مؤجر» يريد : «أفعلته» ف «هو مفعل» وقال بعضهم : «آجرته» ف «هو مؤاجر» أراد «فاعلته».

وقال (من شاطئ الواد الأيمن) [الآية ٣٠] جماعة «الشّاطىء» «الشواطىء» وقال بعضهم «شطّ» والجماعة «شطوط».

وقال (فذنك برهنان) [الآية ٣٢] ثقّل بعضهم وهم الذين قالوا (ذلك) أدخلوا التثقيل للتأكيد كما أدخلوا اللام في «ذلك».

وقال (ردءا يصدّقنى) [الآية ٣٤] أي : عونا فيمنعني ويكون في هذا الوجه : «ردأته» : أعنته. و (يصدّقني) جزم إذا جعلته شرطا و (يصدّقنى) إذا جعلته من صفة الردء.

وقال (ولكن رّحمة مّن رّبّك) [الآية ٤٦] فنصب (رحمة) على «ولكن رحمك ربّك رحمة».

وقال (أغوينهم كما غوينا) [الآية ٦٣] لأنه من «غوى» «يغوي» مثل «رمى» «يرمي».

وقال (ونريد أن نّمنّ على الّذين استضعفوا فى الأرض) [الآية ٥] على قوله (يستضعف طآئفة مّنهم يذبّح أبناءهم) [الآية ٤] ونحن (نريد أن نّمنّ على الّذين

٢٦٤

استضعفوا فى الأرض) أي : فعل هذا فرعون ونحن (ونريد أن نّمنّ على الّذين استضعفوا فى الأرض).

وقال (ما إنّ مفاتحه لتنوأ بالعصبة) [الآية ٧٦] يريد : إنّ الذي مفاتحه. وهذا موضع لا يبتدأ فيه «أنّ» وقد قال (قل إنّ الموت الّذى تفرّون منه فإنّه ملقيكم) [الجمعة : الآية ٨] وقوله (تنوء بالعصبة) إنّما العصبة تنوء بها. وفي الشعر : [مجزوء الوافر]

تنوء بها فتثقلها

عجيزتها ......... (١)

وليست العجيزة تنوء بها ولكنها هي تنوء بالعجيزة.

وقال : [الكامل]

٢٦٣ ـ ما كنت في الحرب العوان مغمّرا

إذ شبّ حرّ وقودها أجزالها (٢)

وقال (ويكأنّ الله يبسط الرّزق لمن يشآء) [الآية ٨٢] المفسرون يفسرونها : «ألم تر أنّ الله» وقال (ويكأنّه لا يفلح الكفرون) [الآية ٨٢] ، وفي الشعر : [الخفيف]

سالتاني الطّلاق أن رأتا ما

لي قليلا قد جئتماني بنكر (٣)

ويكأن من يكن له نشب يح

بب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ

وقال (وما كنت ترجوا أن يلقى إليك الكتب إلّا رحمة) [الآية ٨٦] استثناء خارج من أول الكلام في معنى «لكن».

__________________

(١) تقدم الشطر برقم ١١٧.

(٢) البيت للأعشى في ديوانه ص ٣.

(٣) تقدم البيت الثاني مع تخريجه برقم ٢٢٨.

٢٦٥

ومن سورة العنكبوت

قال (ووصّينا الإنسن بولديه حسنا) [الآية ٨] على «ووضّيناه حسنا». وقد يقول الرجل : «وصّيته خيرا» أي : بخير.

وقال (ولنحمل خطيكم) [الآية ١٢] على الأمر كأنهم أمروا أنفسهم.

وقال (كيف يبدئ الله) [الآية ١٩]. وقال (كيف بدأ الخلق) [الآية ٢٠] لأنهما لغتان ، تقول : «بدأ الخلق» و «أبدأ».

وقال (إنّا منجّوك وأهلك إلّا امرأتك) [الآية ٣٣] لأنّ الأول كان في معنى التنوين لأنه لم يقع فلذلك انتصب الثاني.

وقال (ومآ أنتم بمعجزين فى الأرض ولا فى السّماء) [الآية ٢٢] أي : لا تعجزوننا هربا في الأرض ولا في السّماء.

ومن سورة الروم

قال (الم (١) غلبت الرّوم) [الآيتان ١ ـ ٢] (وهم مّن بعد غلبهم سيغلبون) [الآية ٣] أي : من بعد ما غلبوا. وقال بعضهم (غلبت) و (سيغلبون) لأنهم كانوا حين جاء الإسلام غلبوا ثم غلبوا حين كثر الإسلام.

وقال (أسائوا السّوأى) [الآية ١٠] ف «السّوأى» مصدرها هنا مثل «التّقوى».

وقال (ومنءايته يريكم البرق خوفا وطمعا) [الآية ٢٤] فلم يذكر فيها «أن» لأن هذا يدل على المعنى. وقال الشاعر : [الطويل]

ألا أيّهذا الزاجري أحضر الوغى

وأن أشهد اللّذّات هل أنت مخلدي (١)

أراد : أن أحضر الوغى.

وقال (فطرت الله) [الآية ٣٠] فنصبها على الفعل كأنه قال «فطر الله تلك فطرة».

__________________

(١) تقدم البيت مع تخريجه برقم ١٠٧.

٢٦٦

وقال (منيبين) [الآية ٣١] على الحال لأنه حين قال (فأقم وجهك) [الآية ٣٠] قد أمره وأمر قومه حتى كأنه قال «فأقيموا وجوهكم منيبين».

وقال (ليكفروا بمآءاتينهم فتمتّعوا) [الآية ٣٤] فمعناه ـ والله أعلم ـ فعلوا ذلك ليكفروا. وإنما أقبل عليهم فقال «تمتّعوا» (فسوف تعلمون) وقال بعضهم (فتمتعوا فسوف يعلمون) كأنه «فقد تمتّعوا فسوف يعلمون».

وقال (وإن تصبهم سيّئة بما قدّمت أيديهم إذا هم يقنطون) [الآية ٣٦] فقوله (إذا هم يقنطون) هو الجواب لأن «إذا» معلقة بالكلام الأول بمنزلة الفاء.

وقال (وإن كانوا من قبل أن ينزّل عليهم مّن قبله لمبلسين) [الآية ٤٩] فرد (مّن قبله) على التوكيد نحو (فسجد الملئكة كلّهم أجمعون) (٣٠) [الحجر : الآية ٣٠].

وقال (من قبل ومن بعد) [الآية ٤] رفع لأن «قبل» و «بعد» مضمومتان ما لم تضفهما لأنهما غير متمكنتين ، فإذا أضفتهما تمكنتا.

ومن سورة لقمان

قال (هدى ورحمة لّلمحسنين) (٣) [الآية ٣] لأن قوله (الم (١) تلكءايت الكتب الحكيم) (٢) [الآيتان ١ ـ ٢] معرفة ، فهذا خبر المعرفة.

وقال (أن اشكر لله) [الآية ١٢] وهي «بأن اشكر الله».

وقال (إن تك مثقال حبّة) [الآية ١٦] بلغت أي : «إن تكن خطيئة مثقال حبّة» ورفع بعضهم فجعلها «كان» الذي لا يحتاج إلى خبر كأنه «بلغ مثقال حبّة».

وقال (أولو كان الشّيطن يدعوهم) [الآية ٢١] هنا ألف استفهام أدخلها على واو العطف.

وقال (ولو أنّما فى الأرض من شجرة أقلم والبحر يمدّه) [الآية ٢٧] رفع على الابتداء ونصب على القطع. ورفع الأقلام على خبر «أنّ».

وقال (وما تدرى نفس بأىّ أرض تموت) [الآية ٣٤] وقد تقول : «أيّ امرأة

٢٦٧

جاءتك» و «أيّة امرأة جاءتك».

وقال (وفصله فى عامين) [الآية ١٤] أي في انقضاء عامين ولم يذكر الانقضاء كما قال (واسأل القرية) [يوسف : ٨٢] يعني : أهل القرية.

وقال (إنّها إن تك مثقال حبّة مّن خردل) [الآية ١٦] يقول : «إن تكن المعصية مثقال حبّة من خردل».

ومن سورة السجدة

قال (أولم يهد لهم) [الآية ٢٦] بالياء يعني «ألم يبيّن». وقال بعضهم (أو لم نهد) أي : أو لم نبيّن لهم.

ومن سورة الاحزاب

قال (مّن قلبين فى جوفه) [الآية ٤] إنّما هو «ما جعل الله لرجل قلبين في جوفه» ، وجاءت (مّن) توكيدا ، كما تقول «رأيت زيدا نفسه» ، فأدخل «من» توكيدا.

وقال (إلّآ أن تفعلوا) [الآية ٦] في موضع نصب واستثناء خارج.

وقال (الظّنونا) [الآية ١٠] والعرب تلحق الواو والياء والألف في آخر القوافي. فشبهوا رؤوس الاي بذلك.

وقال (ولكن رّسول الله وخاتم النّبيّين) [الآية ٤٠] أي : ولكن كان رسول الله وخاتم النبيين.

وقال (ادعوهم لأبآئهم) [الآية ٥] لأنك تقول «هو يدعى لفلان».

وقال (ولآ أن تبدّل بهنّ من أزواج) [الآية ٥٢] فمعناه ـ والله أعلم ـ أن تبدّل بهنّ أزواجا. وأدخلت (مّن) للتوكيد.

٢٦٨

وقال (ولا مستئنسين) [الآية ٥٣] فعطفه على (غير) [الفاتحة : الآية ٧] فجعله نصبا أو على ما بعد (غير) فجعله جرا.

وقال (إلّا قليلا) [الآية ٦٠] أي : «لا يجاورونك إلّا قليلا» على المصدر.

وقال (إنّ الله وملئكته يصلّون على النّبىّ يأيّها الّذينءامنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليما) (٥٦) [الآية ٥٦] ، فصلاة الناس عليه دعاؤهم له ، وصلاة الله عزوجل إشاعة الخير عنه.

وقال (وإذا لّا تمتّعون إلّا قليلا) [الآية ١٦] فرفعت ما بعد «إذا» لمكان الواو وكذلك الفاء. وقال (فإذا لا يؤتون الناس تفسيرا) [النساء : ٥٣] وهي في بعض القراءة نصب أعملوها كما يعملونها بغير فاء ولا واو.

وقال (لا تدخلوا بيوت النّبىّ إلّآ أن يؤذن لكم إلى طعام غير نظرين إنه) [الآية ٥٣] نصب على الحال ، أي : إلّا أن يؤذن لكم غير ناظرين. ولا يكون جرا على الطعام إلا أن تقول «أنتم». ألا ترى أنك لو قلت : «ائذن لعبد الله على امرأة مبغضا لها» لم يكن فيه إلا النصب إلا أن تقول «مبغض لها هو» لأنك إذا أجريت صفته عليها ولم تظهر الضمير الذي يدل على أن الصفة له لم يكن كلاما. لو قلت : «هذا رجل مع امرأة ملازمها» كان لحنا حتى تقول «ملازمها» فترفع ، أو تقول «ملازمها هو» فتجر.

ومن سورة سبأ

قال (ينبّئكم إذا مزّقتم كلّ ممزّق إنّكم لفى خلق جديد) [الآية ٧] فلم يعمل (ينبّئكم) لأن (إنّكم) موضع ابتداء لمكان اللام ، كما تقول : «أشهد إنّك لظريف».

وقال (بلدة طيّبة) [الآية ١٥] أي : على : هذه بلدة طيّبة.

وقال (لمن أذن له) [الآية ٢٣] لأن في المعنى لا يشفع إلا لمن أذن له.

وقال (إلّا لنعلم) [الآية ٢١] على البدل كأنه قال «ما كان ذلك الابتلاء إلّا لنعلم».

٢٦٩

وقال (قالوا الحقّ) [الآية ٢٣] إن شئت رفعت الحق وإن شئت نصبته.

وقال (وإنّآ أو إيّاكم لعلى هدى) [الآية ٢٤] فليس هذا لأنه شك ، ولكن هذا في كلام العرب على أنه هو المهتدي. وقد يقول الرجل لعبده «أحدنا ضارب صاحبه» فلا يكون فيه إشكال على السامع أن المولى هو الضارب.

وقال (يرجع بعضهم إلى بعض القول) [الآية ٣١] لأنك تقول «قد رجعت إليه القول».

وقال (بل مكر الّيل والنّهار) [الآية ٣٣] أي : هذا مكر الّليل والنهار.

والليل والنهار لا يمكران بأحد ولكن يمكر فيهما كقوله (مّن قريتك الّتى أخرجتك) [محمّد : الآية ١٣] وهذا من سعة العربية.

وقال (تقرّبكم عندنا زلفى) [الآية ٣٧]. و «زلفى» ها هنا اسم المصدر كأنه أراد : بالتي تقرّبكم عندنا إزلافا.

وقال (معشار مآءاتينهم) [الآية ٤٥] أي : عشره. ولا يقولون هذا في سوى العشر.

وقال (افترى على الله كذبا) [الآية ٨] فالألف قطع لأنها ألف الاستفهام ، وكذلك ألف الوصل إذا دخلت عليها ألف الاستفهام.

ومن سورة الملائكة (فاطر)

قال (أولى أجنحة مّثنى وثلث وربع) [الآية ١] فلم يصرفه لأنه توهم به «الثلاثة» و «الأربعة». وهذا لا يستعمل إلا في حال العدد. وقال في مكان آخر (أن تقوموا لله مثنى وفردى) [سبإ : الآية ٤٦] وتقول «ادخلوا أحاد أحاد» كما تقول «ثلاث ثلاث». وقال الشاعر : [الوافر]

أحمّ الله ذلك من لقاء

أحاد أحاد في شهر حلال (١)

وقال (مّا يفتح الله للنّاس من رّحمة فلا ممسك لها) [الآية ٢] فأنث لذكر

__________________

(١) تقدم البيت مع تخريجه برقم ١٦٢.

٢٧٠

الرحمة (وما يمسك فلا مرسل له من بعده) [الآية ٢] فذكر لأن لفظ (ما) يذكّر.

وقال (ولو كان ذا قربى) [الآية ١٨] لأنه خبر.

وقال (وإن تدع مثقلة إلى حملها) [الآية ١٨] فكأنه قال و «إن تدع إنسانا لا يحمل من ثقلها شيئا ولو كان الإنسان ذا قربى».

وقال (ولا الظّلّ ولا الحرور) (٢١) [الآية ٢١] فيشبه أن تكون (لا) زائدة لأنك لو قلت : «لا يستوي عمرو ولا زيد» في هذا المعنى لم يكن إلا أن تكون (لا) زائدة.

وقال (ومن الجبال جدد بيض) [الآية ٢٧] و «الجدد» واحدتها «جدّة» و «الجدد» هي ألوان الطرائق التي فيها مثل «الغدّة» وجماعتها «الغدد» ولو كانت جماعة «الجديد» لكانت «الجدد». وإنما قرئت (مّختلفا ألونها) [الآية ٢٧] لأن كل صفة مقدمة فهي تجري على الذي قبلها إذا كانت من سببه فالثمرات في موضع نصب.

وقال (وحمر مّختلف ألونها) [الآية ٢٧] فرفع «المختلف» لأن الذي قبلها مرفوع.

وقال (هو الحقّ مصدّقا) [الآية ٣١] لأن الحق معرفة.

وقال (إنّ الله يمسك السّموات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما) [الآية ٤١] فثنى وقد قال (السموات والأرض) فهذه جماعة وأرى ـ والله أعلم ـ أنه جعل السماوات صنفا كالواحد.

وقال (لّيكوننّ أهدى من إحدى الأمم) [الآية ٤٢] فجعلها إحدى لأنها أمة.

وقال (ولو يؤاخذ الله النّاس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابّة) [الآية ٤٥] فأضمر الأرض من غير أن يكون ذكرها لأن هذا الكلام قد كثر حتى عرف معناه ، تقول : «أخبرك ما على ظهرها أحد أحبّ إليّ منك وما بها أحد آثر عندي منك».

وقال (ولا يخفّف عنهم مّن عذابها) [الآية ٣٦] وقد قال (كلّما خبت زدنهم سعيرا) [الإسراء : الآية ٩٧] يقول : «لا يخفّف عنهم من العذاب الذي هو هكذا».

٢٧١

ومن سورة يس

قال (يس) (١) [الآية ١] يقال معناها يا إنسان كأنه يعني النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلذلك قال (إنّك لمن المرسلين) (٣) [الآية ٣] لأنه يعني النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وقال (لتنذر قوما مّآ أنذرءابآؤهم فهم غفلون) [الآية ٦] أي : قوم لم ينذر آباؤهم لأنهم كانوا في الفترة. وقال بعضهم (ما انذره آباؤهم فهم غافلون) فدخول الفاء في هذا المعنى كأنه لا يجوز ـ والله أعلم ـ وهو على الأول أحسن.

وقال (طئركم مّعكم أئن ذكّرتم) [الآية ١٩] أي : إن ذكّرتم فمعكم طائركم.

وقال (لا الشّمس) [الآية ٤٠] فأدخل «لا» لمعنى النفي ولكن لا ينصب ما بعدها إلا أن تكون نكرة فهذا مثل قوله (ولآ أنتم عبدون) [الكافرون : الآية ٣].

وقال (فمنها ركوبهم) [الآية ٧٢] أي : «منها ما يركبون» لأنك تقول : «هذه دابّة ركوب». و «الركوب» : هو فعلهم.

وقال (سلم قولا) [الآية ٥٨] فانتصب (قولا) على البدل من اللفظ بالفعل كأنه قال «أقول قولا» وقرأه ابن مسعود (١) (سلما) [الآية ٦٩] وعيسى (٢) وابن أبي إسحاق (٣) كذلك نصبوها على خبر المعرفة على.

قوله (ولهم مّا يدّعون) [الآية ٥٧].

__________________

(١) ابن مسعود : هو عبد الله بن مسعود ، تقدمت ترجمته.

(٢) عيسى : هو عيسى بن عمر الثقفي ، تقدمت ترجمته.

(٣) ابن أبي إسحاق : هو عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي النحوي. (انظر ترجمته في : أخبار النحويين البصريين ١٩ ، مراتب النحويين ١٢ ، نزهة الألباء ١٠ ، طبقات اللغويين ٣١ ، إنباه الرواة ٣ / ١٠٤).

٢٧٢

ومن سورة الصافات

قال (رّبّ السّموت والأرض) [الآية ٥] على «أنّ إلهكم ربّ» ونصب بعضهم (ربّ السموات وربّ المشرق) [الآية ٥] فجعله صفة للاسم الذي وقعت عليه «إنّ» والأول أجود لأن الأول في هذا المعنى وهو متناول بعيد في التفسير.

وقال (زيّنّا السّمآء الدّنيا بزينة الكوكب) [الآية ٦] فجعل «الكواكب» بدلا من «الزينة» وبعضهم يقول (بزينة الكوكب) [الآية ٦] وليس يعني بعضها ولكن زينتها حسنها.

وقال (وحفظا) [الآية ٧] لأنه بدل من اللفظ بالفعل كأنه قال : «وحفظناها حفظا».

وقال (لمن المصدّقين) [الآية ٥٢] وثقل بعضهم وليس للتثقيل معنى إنما معنى التثقيل «المتصدّقين» وليس هذا بذاك المعنى. إنما معنى هذا من «التّصديق» وليس من «التصدّق» وإنما تضعّف هذه ويخفف ما سواها «والصّدقة» تضعّف صادها وتلك غير هذه. إنما سئل رجل عن صاحبه فحكى عن قرينه في الدنيا فقال : (كان لى قرين) [الآية ٥١] يقول : (أءنّك لمن المصدّقين) [الآية ٥٢] إنا لنبعث بعد الموت. أي : أتؤمن بهذا؟ أي : تصدق بهذا.

وقال (وتلّه للجبين) [الآية ١٠٣] كما تقول : «أكبّه لوجهه» و «أكببته لوجهه» لأنه في المعنى شبه «أقصيته».

وقال (مائة ألف أو يزيدون) [الآية ١٤٧] يقول : كانوا كذاك عندكم.

ومن سورة ص

قال (ص والقرءان ذى الذّكر) (١) [الآية ١] فيزعمون أن موضع القسم في قوله (إن كلّ إلّا كذّب الرّسل) [الآية ١٤].

وقال (وّ لات حين مناص) [الآية ٣] فشبهوا (لات) ب (لّيس) وأضمروا فيها

٢٧٣

اسم الفاعل ولا تكون (لات) إلّا مع (حين) ورفع بعضهم (وّ لات حين مناص) [الآية ٣] فجعله في قوله مثل (لّيس) كأنه قال «ليس أحد» وأضمر الخبر. وفي الشعر : [الخفيف]

٢٦٤ ـ طلبوا صلحنا ولات أوان

فأجبنا أن ليس حين بقاء (١)

فجرّ «أوان» وحذف وأضمر «الحين» وأضاف إلى «أوان» لأنّ (لات) لا تكون إلا مع «الحين».

وقال (أجعل الألهة إلها واحدا) [الآية ٥] كما تقول : «أتجعل مئة شاهد شاهدا واحدا».

وقال (فطفق مسحا) [الآية ٣٣] أي : يمسح مسحا.

وقال (رخآء) [الآية ٣٦] فانتصاب (رخآء) [الآية ٣٦] ـ والله أعلم ـ على «رخّيناها رخاء».

ومن سورة الزمر

قال (وأمرت لأن أكون) [الآية ١٢] أي : وبذلك أمرت.

وقال (والّذين اجتنبوا الطّغوت أن يعبدوها) [الآية ١٧] لأنّ (الطاغوت) في معنى جماعة. وقال (أوليآؤهم الطّغوت) [البقرة : الآية ٢٥٧] وإن شئت جعلته واحدا مؤنّثا.

وقال (أفأنت تنقذ من) [الآية ١٩] أي : أفأنت تنقذه ، واستغنى بقوله (تنقذ من فى النّار) [الآية ١٩] عن هذا.

__________________

(١) البيت لأبي زبيد الطائي في ديوانه ص ٣٠ ، والإنصاف ص ١٠٩ ، وتخليص الشواهد ص ٢٩٥ ، وتذكرة النحاة ص ٧٣٤ ، وخزانة الأدب ٤ / ١٨٣ ، ١٨٥ ، ١٩٠ ، والدرر ٢ / ١١٩ ، وشرح شواهد المغني ص ٦٤٠ ، ٩٦٠ ، والمقاصد النحوية ٢ / ١٥٦ ، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص ٢٤٩ ، وخزانة الأدب ٤ / ١٦٩ ، ٦ / ٥٣٩ ، ٥٤٥ ، والخصائص ٢ / ٣٧٠ ، ورصف المباني ص ١٦٩ ، ٢٦٢ ، وسرّ صناعة الإعراب ص ٥٠٩ ، وشرح الأشموني ١ / ١٢٦ ، وشرح المفصل ٩ / ٣٢ ، ولسان العرب (أون) ، (لا) ، (لات) ، ومغني اللبيب ص ٢٥٥ ، وهمع الهوامع ١ / ١٢٦.

٢٧٤

وقال (أفمن شرح الله صدره للإسلم فهو على نور مّن رّبّه) [الآية ٢٢] فجعل قوله (فويل لّلقسية قلوبهم) [الآية ٢٢] مكان الخبر.

وقال (أفمن يتّقى بوجهه) [الآية ٢٤] فهذا لم يظهر له خبر في اللفظ ولكنه في المعنى ـ والله أعلم ـ كأنه «أفمن يتّقي بوجهه أفضل أم من لا يتّقي».

وقال (قرءانا عربيّا غير ذى عوج) [الآية ٢٨] لأن قوله (ولقد ضربنا للنّاس فى هذا القرءان من كلّ مثل) [الآية ٢٧] معرفة فانتصب خبره.

وقال (والّذى جآء بالصّدق) [الآية ٣٣] ثم قال (أولئك هم المتّقون) [الآية ٣٣] فجعل «الذي» في معنى جماعة بمنزلة (من).

وقال (وجوههم مّسودّة) [الآية ٦٠] فرفع على الابتداء. ونصب بعضهم فجعلها على البدل. وكذلك (ويجعل الخبيث بعضه على بعض) [الآية ٣٧] جعله بدلا من (الخبيث) ومنهم من قال (بعضه على بعض) [الآية ٣٧] فرفع على الابتداء. أو شغل الفعل بالأول. وقال بعضهم (مسوادّة) وهي لغة لأهل الحجاز يقولون : «اسوادّ وجهه» و «احمارّ» يجعلونه «افعالّ» كما تقول للأشهب «قد اشهابّ» وللأزرق «قد ازراقّ». وقال بعضهم : لا يكون «افعالّ» في ذي اللون الواحد ، وإنّما يكون في نحو الأشهب ولا يكون في نحو الأحمر ، وهما لغتان.

وقال (أفغير الله تأمرونّى أعبد) [الآية ٦٤] يريد «أفغير الله أعبد تأمرونني» كأنه أراد الإلغاء ـ والله أعلم ـ كما تقول «هل ذهب فلان. تدري» جعله على معنى «ما تدري».

وقال (ولقد أوحى إليك وإلى الّذين من قبلك لئن أشركت ليحبطنّ عملك) [الآية ٦٥].

وقال (وترى الملئكة حآفّين من حول العرش) [الآية ٧٥] ف (مّن) أدخلت ها هنا توكيدا ـ والله أعلم ـ نحو قولك «ما جاءني من أحد». وثقّلت «الحافين» لأنها من «حففت».

وقال (حتّى إذا جآءوها وفتحت أبوبها) [الآية ٧٣] فيقال : إن قوله (وقال لهم خزنتها) [الآية ٣١] في معنى (قال لهم) كأنه يلقي الواو. وقد جاء في الشعر شيء يشبه أن تكون الواو زائدة فيه. قال الشاعر : [الكامل]

فإذا وذلك يا كبيشة لم يكن

إلّا كلمّة حالم بخيال (١)

__________________

(١) تقدم البيت مع تخريجه برقم ١٠٥.

٢٧٥

فيشبه أن يكون يريد «فإذا ذلك لم يكن». وقال بعضهم : «أضمر الخبر» وإضمار الخبر أحسن في الآية أيضا وهو في الكلام.

وقال (والأرض جميعا قبضته يوم القيمة والسّموت مطويّت بيمينه) [الآية ٦٧] يقول : «في قدرته» نحو قوله (وما ملكت أيمانكم) [النساء : ٣٦] أي : وما كانت لكم عليه قدرة ، وليس الملك لليمين دون الشمال وسائر البدن. وأما قوله (قبضته) [الآية ٦٧] فنحو قولك للرجل : «هذا في يدك وفي قبضتك».

ومن سورة حم المؤمن [غافر]

قال (حم) (١) [الآية ١] (تنزيل الكتب من الله العزيز العليم) (٢) [الآية ٢] (غافر الذّنب وقابل التّوب شديد العقاب) [الآية ٣] فهذا على البدل لأن هذه الصفة. وأما (غافر الذّنب وقابل التّوب) [الآية ٣] فقد يكون معرفة لأنك تقول : «هذا ضارب زيد مقبلا» إذا لم ترد به التنوين. ثم قال (ذى الطّول) [الآية ٣] فيكون على البدل وعلى الصفة ويجوز فيه الرفع على الابتداء والنصب على خبر المعرفة إلا في (ذى الطّول) [الآية ٣] فإنه لا يكون فيه النصب على خبر المعرفة لأنه معرفة. و «التوب» هو جماعة التوبة ويقال «عومة» و «عوم» في «عوم السّفينة» ، وقال الشاعر : [البسيط]

٢٦٥ ـ عوم السّفين فلمّا حال دونهم

فيد القريّات فالفتكان فالكرم (١)

قال (وهمّت كلّ أمّة برسولهم) [الآية ٥] فجمع على «الكلّ» لأن «الكلّ» مذكر معناه معنى الجماعة.

وقال (وكذلك حقّت كلمت ربّك على الّذين كفروا أنّهم أصحب النّار) (٦) [الآية ٦] أي : لأنّهم أو بأنّهم وليس (أنّهم) في موضع مفعول. ليس مثل قولك «أأحقّت أنهم» لو كان كذلك كان «أحقّت أنّهم».

وقال (وسعت كلّ شيء رّحمة وعلما) [الآية ٧] فانتصابه كانتصاب «لك

__________________

(١) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.

٢٧٦

مثله عبدا» لأنك قد جعلت «وسعت» ل «كلّ شيء» وهو مفعول به والفاعل التاء وجئت ب «الرّحمة» و «العلم» تفسيرا قد شغل عنها الفعل كما شغل «المثل» بالهاء فلذلك نصبته تشبيها بالمفعول بعد الفاعل.

وقال (ينادون لمقت الله أكبر) [الآية ١٠] فهذه اللام هي لام الابتداء كأنه «ينادون» فيقال لهم «لأنّ النداء قول». ومثله في الإعراب : يقال : «لزيد أفضل من عمرو».

وقال (يوم هم برزون) [الآية ١٦] فأضاف المعنى فلذلك لا ينون اليوم كما قال (يوم هم على النّار يفتنون) (١٣) [الذّاريات : الآية ١٣]. وقال (هذا يوم لا ينطقون) (٣٥) [المرسلات : الآية ٣٥] معناه هذا يوم فتنتهم. ولكن لما ابتدأ الاسم وبقي عليه لم يقدر على جرّه وكانت الإضافة في المعنى إلى الفتنة. وهذا إنما يكون إذا كان «اليوم» في معنى «إذ» وإلا فهو قبيح.

ألا ترى أنك تقول «لقيتك زمن زيد أمير» أي : إذ زيد أمير. ولو قلت «ألقاك زمن زيد أمير» لم يحسن.

وقال (رفيع الدّرجت ذو العرش) [الآية ١٥] رفيع رفع على الابتداء. والنصب جائز لو كان في الكلام على المدح.

وقال (لّمن الملك اليوم) [الآية ١٦] فهذا على ضمير «يقول».

وقال (إذ القلوب لدى الحناجر كظمين) [الآية ١٨] فانتصاب (كظمين) على الحال كأنه أراد «القلوب لدى الحناجر في هذه الحال».

وقال (على كلّ قلب متكبّر جبّار) [الآية ٣٥] فمن نون جعل «المتكبّر الجبّار» من صفته ومن لم ينون أضاف «القلب» إلى المتكبر.

وقال (يهمن ابن لى) [الآية ٣٦] بعضهم يضم النون كأنه أتبعها ضمة النون التي في (هامان) كما قالوا «منتن» فكسروا الميم للكسرة التي في التاء وبينها حرف ساكن فلم يحل. وكذلك لم يحل الباء في قوله (ابن لى).

وقال (وحاق بال فرعون سوء العذاب) [الآية ٤٥] (النار) [الآية ٤٧] فإن شئت جعلت (النّار) بدلا من (سوء العذاب) ورفعتها على (حاق) وإن شئت جعلتها تفسيرا ورفعتها على الابتداء كأنك تقول : «هي النار» وإن شئت جررت على أن تجعل (النّار) بدلا من (العذاب) [البقرة : الآية ٤٩] كأنك أردت : «سوء النار».

٢٧٧

وقال (غدوّا وعشيّا ويوم تقوم السّاعة أدخلواءال فرعون أشدّ العذاب) [الآية ٤٦] وفيه ضمير «يقال لهم ادخلوا يا آل فرعون» وقال بعضهم (أدخلوا) فقطع وجعله من «أدخل يدخل». وقال (غدوّا وعشيّا ويوم تقوم السّاعة) [الآية ٤٦] فإنما هو مصدر كما تقول : «آتيه ظلاما» تجعله ظرفا وهو مصدر جعل ظرفا ولو قلت «موعدك غدرة» أو «موعدك ظلام» فرفعته كما تقول : «موعدك يوم الجمعة» لم يحسن لأن هذه المصادر وما أشبهها من نحو «سحر» لا تجعل إلا ظرفا والظرف كله ليس بمتمكن.

وقال (إنّا كلّ فيها) [الآية ٤٨] فجعل (كلّ) اسما مبتدأ كما تقول : «إنّا كلّنا فيها».

وقال (ويوم يقوم الأشهد) [الآية ٥١] و (تقوم) كلّ جائز وكذلك كل جماعة مذكّر أو مؤنث من الإنس فالتذكير والتأنيث في فعله جائز.

وقال (وسبّح بحمد ربّك بالعشىّ والإبكر) [الآية ٥٥] يريد «في الإبكار» وقد تقول «بالدار زيد» تريد «زيد في الدّار».

وقال (ادعونى أستجب لكم) [الآية ٦٠] فقوله (أستجب) إنّما هو «أفعل» هذه الألف سوى ألف الوصل. ألا ترى أنّك تقول : «بعت» «تبيع» ثم تقول «أبيع» فتجيء فيها ألف ل «أفعل» فهي نظير الياء والتاء في «يفعل» و «تفعل» تقطع كل شيء كان على «أفعل» في وصل كان أو قطع.

وقال (كنّا لكم تبعا) [الآية ٤٧] لأن «التبع» يكون واحدا وجماعة ويجمع فيقال «أتباع».

وقال (لتركبوا منها) [الآية ٧٩] كأنه أضمر «شيئا».

وقال (أدخلواءال فرعون أشدّ العذاب) [الآية ٤٦] وقال (إنّ المنفقين فى الدّرك الأسفل من النّار) [النّساء : الآية ١٤٥] فيجوز أن يكون آل فرعون أدخلوا مع المنافقين في الدّرك الأسفل وهو أشد العذاب.

وأمّا قوله (فإنّى أعذّبه عذابا لّا أعذّبه أحدا مّن العلمين) [المائدة : ١١٥] فقوله : لا أعذّبه أحدا من عالم أهل زمانه.

٢٧٨

ومن سورة السجدة [فصلت]

قال (كتب فصّلتءايته) [الآية ٣] فالكتاب خبر المبتدأ أخبر به أن التنزيل كتاب ثم قال (فصّلتءايته قرءانا عربيّا) [الآية ٣] شغل الفعل بالآيات حتى صارت بمنزلة الفاعل فنصب القرآن.

وقوله (بشيرا ونذيرا) [الآية ٤] حين شغل عنه. وإن شئت جعلته نصبا على المدح كأنه حين أقبل على مدحه فقال «ذكرنا قرآنا عربيّا بشيرا ونذيرا» أو «ذكرناه قرآنا عربيّا» وكان فيما مضى من ذكره دليل على ما أضمر وقال (ومن بيننا وبينك حجاب) [الآية ٥] معناه ـ والله أعلم ـ «وبيننا وبينك حجاب» ولكن دخلت «من» للتوكيد.

وأمّا من نصب (سواء للسّائلين) [الآية ١٠] فجعله مصدرا كأنه قال «استواء» وقد قرىء بالجرّ وجعل اسما للمستويات أي : في أربعة أيّام تامّة.

وأما قوله (خلق الأرض فى يومين) [الآية ٩] ثم قال (أربعة أيّام) [الآية ١٠] فإنما يعني أن هذا مع الأول أربعة أيام كما تقول «تزوّجت أمس امرأة ، واليوم ثنتين» وإحداهما التي تزوجتها أمس.

قال (ووصّينا الإنسن بولديه) [العنكبوت : الآية ٨] يقول : «بخير».

وقال (وزيّنّا السّمآء الدّنيا بمصبيح وحفظا) [الآية ١٢] كأنه قال «وحفظناها حفظا» لأنه حين قال : «زيّنّاها بمصابيح» قد أخبر أنه نظر في أمرها وتعاهدها فذا يدل على الحفظ كأنه قال : «وحفظناها حفظا».

وقال (فى أيّام نحسات) [الآية ١٦] وهي لغة من قال «نحس» و (نّحسات) [الآية ١٦] لغة من قال «نحس».

وقال (قالوا أنطقنا الله الّذى أنطق كلّ شىء) [الآية ٢١] فجاء اللفظ بهم مثل اللفظ في الإنس لما خبّر عنهم بالنطق والفعل كما قال (يا أيّها النّمل ادخلوا مسكنكم) [النّمل : الآية ١٨] لما عقلن وتكلمن صرن بمنزلة الإنس في لفظهم. قال الشاعر : [الرجز]

٢٧٩

فصبّحت والطّير لم تكلّم

جابية طمّت بسيل مفعم (١)

وقال (لا تسمعوا لهذا القرءان والغوا فيه) [الآية ٢٦] أي : لا تطيعوه. كما تقول «سمعت لك» وهو ـ والله اعلم ـ على وجه «لا تسمعوا القرآن». وقال (وألغوا فيه) [الآية ٢٦] لأنها من «لغوت» «يلغا» مثل «محوت» «يمحا» وقال بعضهم (والغوا فيه) [الآية ٢٦] وقال «لغوت» «تلغو» مثل «محوت» «تمحو» وبعض العرب يقول : «لغي» «يلغى» وهي قبيحة قليلة ولكن «لغي بكذا وكذا» أي : أغري به فهو يقوله ونصنعه.

وقال (ذلك جزاء أعداء الله النّار) [الآية ٢٨] رفع على الابتداء كأنه تفسيرا للجزاء.

وقال (لا تخافوا) [الآية ٣٠] يقول : بأن لا تخافوا.

وقال (نزلا) [الآية ٣٢] لأنه شغل (لكم) ب (ما تشتهى أنفسكم) [الآية ٣١] حتى صارت بمنزلة الفاعل وهو معرفة وقوله (نزلا) ينتصب على «نزّلنا نزلا» نحو قوله (رحمة مّن رّبّك) [الإسراء : الآية ٢٨].

وقال (ولا تستوى الحسنة ولا السّيّئة) [الآية ٣٤] وقد يجوز ، لأنك تقول : «لا يستوي عبد الله ولا زيد» إذا أردت : «لا يستوي عبد الله وزيد» لأنهما جميعا لا يستويان. وإن شئت قلت إن الثانية زائدة تريد : لا يستوي عبد الله وزيد. فزيدت لا توكيدا كما قال (لّئلّا يعلم أهل الكتب) [الحديد : الآية ٢٩] أي : لأن يعلم. وكما قال (لا اقسم بيوم القيامة) [القيامة : ١].

وقال (إنّ الّذين كفروا بالذّكر لمّا جآءهم) [الآية ٤١] فزعم بعض المفسرين أن خبره (أولئك ينادون من مّكان بعيد) [الآية ٤٤] وقد يجوز أن يكون على الأخبار التي في القرآن يستغنى بها كما استغنت أشياء عن الخبر إذ طال الكلام وعرف المعنى نحو قوله (ولو أنّ قرءانا سيّرت به الجبال) [الرّعد : الآية ٣١] وما أشبهه. وحدثنى شيخ من أهل العلم قال : «سمعت عيسى بن عمر (٢) يسأل عمرو بن عبيد (٣) : (إنّ الّذين كفروا بالذّكر لمّا جآءهم) [الآية ٤١] أين خبره؟» فقال عمرو :

__________________

(١) تقدم الرجز مع تخريجه برقم ٢٣٥.

(٢) عيسى بن عمر : تقدمت ترجمته.

(٣) عمرو بن عبيد : هو عمرو بن عبيد بن باب التيمي ، أبو عثمان البصري ، شيخ المعتزلة في عصره ـ

٢٨٠