معاني القرآن

أبي الحسن سعيد بن مسعدة المجاشعي البلخي البصري [ الأخفش الأوسط ]

معاني القرآن

المؤلف:

أبي الحسن سعيد بن مسعدة المجاشعي البلخي البصري [ الأخفش الأوسط ]


المحقق: إبراهيم شمس الدين
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-3518-X
الصفحات: ٣٦٠

(يسلّموا) كل هذا معطوف على ما بعد حتى.

وقال (مّا فعلوه إلّا قليل مّنهم) [الآية ٦٦] فرفع (قليل) لأنك جعلت الفعل لهم وجعلتهم بدلا من الأسماء المضمرة في الفعل.

وقال (وحسن أولئك رفيقا) [الآية ٦٩] فليس هذا على «نعم الرّجل» لأن «نعم» لا تقع إلا على اسم فيه الألف واللام أو نكرة ، ولكن هذا على مثل قولك : «كرم زيد رجلا» تنصبه على الحال. و «الرفيق» واحد في معنى جماعة مثل «هم لي صديق».

وقال (وإنّ منكم لمن لّيبطّئنّ) [الآية ٧٢] فاللام الأولى مفتوحة لأنها للتوكيد نحو : «إنّ في الدّار لزيدا» واللام الثانية للقسم كأنه قال : «وإنّ منكم من والله ليبطّئنّ».

وقال (فليقتل فى سبيل الله الّذين يشرون الحيوة الدّنيا بالأخرة) [الآية ٧٤] وقال (ومن الناس من يشرى نفسه) [البقرة : ٢٠٧] أي : يبيعها. فقد تقع «شريت» للبيع والشراء.

قال (من هذه القرية الظّالم أهلها) [الآية ٧٥] فجررت «الظالم» لأنه صفة مقدمة ما قبلها مجرور وهي لشيء من سبب الأول ، وإذا كانت كذلك جرّت على الأول حتى تصير كأنها له.

قال (وما أصابك من سيّئة فمن نّفسك وأرسلنك للنّاس رسولا) [الآية ٧٩] فجعل الخبر بالفاء لأن (ما) بمنزلة (من) وأدخل (مّن) على السيئة لأن (ما) نفي و (مّن) تحسن في النفي مثل قولك : «ما جاءني من أحد».

قال (ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيّت طآئفة مّنهم) [الآية ٨١] أي :

ويقولون «أمرنا طاعة». وإن شئت نصبت الطاعة على «نطيع طاعة». وقال (بيّت) فذكّر فعل الطائفة لأنهم في المعنى رجال وقد أضافها إلى مذكرين. وقال (وإن كان طائفة مّنكم) [الأعراف : الآية ٨٧].

وقال (لاتّبعتم الشّيطن إلّا قليلا) [الآية ٨٣] على (وإذا جآءهم أمر مّن الأمن أو الخوف أذاعوا به) [الآية ٨٣] (إلّا قليلا).

وقال (فقتل فى سبيل الله لا تكلّف إلّا نفسك) [الآية ٨٤] جزم على جواب الأمر. ورفع بعضهم على الابتداء ولم يجعله علة للأول وبه نقرأ كما قال (وأمر

١٦١

أهلك بالصّلوة واصطبر عليها لا نسئلك رزقا) [طه : الآية ١٣٢] جزم إذا جعله لما قبله علة ورفع على الابتداء وبالرفع نقرأ.

وقال (فما لكم فى المنفقين فئتين) [الآية ٨٨] فنصب على الحال ، كما تقول : «ما لك قائما» أي : «ما لك في حال القيام».

وقال (إلّا الّذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم مّيثق أو جآءوكم حصرت صدورهم) [الآية ٩٠] أو (حصرت صدورهم) [الآية ٩٠] ف (حصرة) اسم نصبته على الحال و (حصرت) [الآية ٩٠] «فعلت» وبها نقرأ.

وقال (فدية مّسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مّؤمنة) [الآية ٩٢].

وقال (فصيام شهرين) [الآية ٩٢] أي : فعليه ذلك.

وقال (إلّا أن يصّدّقوا) [الآية ٩٢] أي : فعليكم ذلك إلّا أن يصّدّقوا.

وقال (إذا ضربتم فى سبيل الله فتبيّنوا) [الآية ٩٤] وقال بعضهم (فتثبتوا) وكلّ صواب لأنك تقول «تبيّن حال القوم» و «تثبّت». و «لا تقدم حتّى تتبيّن» و «حتّى تتثبّت».

وقال (لّا يستوى القعدون من المؤمنين غير أولى الضّرر) [الآية ٩٥] مرفوعة لأنك جعلته من صفة القاعدين. وإن جررته فعلى «المؤمنين» وإن شئت نصبته إذا أخرجته من أول الكلام فجعلته استثناء وبها نقرأ. وبلغنا أنها أنزلت من بعد قوله (لّا يستوى القعدون) [الآية ٩٥] ولم تنزل معها ، وإنما هي استثناء عنى بها قوما لم يقدروا على الخروج ، ثم قال (والمجهدون) [الآية ٩٥] يعطفه على القاعدين لأن المعنى (لّا يستوى القعدون) [الآية ٩٥] (والمجهدون) [الآية ٩٥]. وقال (وفضّل الله المجهدين على القعدين أجرا عظيما) [الآية ٩٥] (درجت مّنه) [الآية ٩٦] يقول فعل ذلك درجات منه. وقال (أجرا عظيما) لأنه قال : «فضّلهم» فقد أخبر أنه آجرهم فقال على ذلك المعنى كقولك : «أما والله لأضربنّك إيجاعا شديدا» لأنّ معناه : لأوجعنّك.

وقال (فأولئك مأوهم جهنّم وسآءت مصيرا) [الآية ٩٧] (إلّا المستضعفين) [الآية ٩٨] لأنه استثناهم منهم كما تقول : «أولئك أصحابك إلّا زيدا» و: «كلّهم أصحابك إلّا زيدا». وهو خارج من أول الكلام.

وقال (إن تكونوا تألمون) [الآية ١٠٤] أي : تيجعون. تقول : «ألم» «يألم» «ألما».

١٦٢

وقال (لّا خير فى كثير مّن نّجوهم إلّا من أمر بصدقة) [الآية ١١٤] (١١٤) يقول : «إلّا في نجوى من أمر بصدقة».

وقال (هأنتم هؤلآء جدلتم عنهم) [الآية ١٠٩] فرد التنبيه مرتين ، كما قال (هأنتم هؤلاء تدعون) [محمّد : الآية ٣٨] أراد التوكيد.

وقال (ولقد وصّينا الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإيّاكم أن اتّقوا الله) [الآية ١٣١] أي بأن اتّقوا الله.

وقال (مّن كان يريد ثواب الدّنيا فعند الله ثواب الدّنيا والأخرة) [الآية ١٣٤] فموضع (كان) جزم والجواب الفاء وارتفعت (يريد) لأنه ليس فيها حرف عطف. كما قال (من كان يريد الحيوة الدّنيا وزينتها نوفّ إليهم) [هود : الآية ١٥] ، وقال (من كان يريد حرث الأخرة نزد له فى حرثه ومن كان يريد حرث الدّنيا نؤته منها) [الشّورى : الآية ٢٠] فجزم لأن الأول في موضع جزم ولكنه فعل واجب فلا ينجزم ، و (يريد) [البقرة : الآية ١٨٥] في موضع نصب بخبر (كان). وقال (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا) [الآية ١٢٨] فجعل الاسم يلي «إن» لأنّها أشدّ حروف الجزاء تمكنا. وإنّما حسن هذا فيها إذا لم يكن لفظ ما وقعت عليه جزما نحو قوله : [البسيط]

١٧٨ ـ عاود هراة وإن معمورها خربا (١)

وقال (إن يكن غنيّا أو فقيرا فالله أولى بهما) [الآية ١٣٥] لأنّ (أو) ها هنا في معنى الواو. أو يكون جمعهما في قوله (بهما) لأنهما قد ذكرا نحو قوله عزوجل (وله أخ أو اخت فلكل واحد منهما) [النساء : ١٢]. أو يكون أضمر (من) كأنه «إن يكن من تخاصم غنيّا أو فقيرا» يريد «غنيين أو فقيرين» يجعل «من» في ذلك المعنى ويخرج (غنيّا أو فقيرا) [الآية ١٣٥] على لفظ «من».

وقال (وإن تلوا أو تعرضوا) [الآية ١٣٥] لأنها من «لوى» «يلوي». وقال بعضهم (وإن تلوا) فإن كانت لغة فهو لاجتماع الواوين ، ولا أراها إلّا لحنا على معنى «الولاية» وليس ل «الولاية» معنى ها هنا إلا في قوله «وإن تلوا عليهم»

__________________

(١) عجز البيت :

وأسعد اليوم مشغوفا إذا طربا

والبيت بلا نسبة في خزانة الأدب ٩ / ٣٩ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ١ / ١٧٤ ، والكتاب ٣ / ١١٢ ، ولسان العرب (هرا).

١٦٣

فطرح (عليهم) فهو جائز.

وقال (لّا يحبّ الله الجهر بالسّوء من القول إلّا من ظلم) [الآية ١٤٨] لأنه حين قال (لّا يحبّ الله) [الآية ١٤٨] قد أخبر أنه لا يحل. ثم قال (إلّا من ظلم) [النّساء : الآية ١٤٨] فإنه يحل له أن يجهر بالسوء لمن ظلمه. وقال بعضهم (ظلم) على قوله (مّا يفعل الله بعذابكم) [الآية ١٤٧] فيكون (إلّا من ظلم) [الآية ١٤٨] على معنى «إلّا بعذاب من ظلم».

وقال (فبما نقضهم مّيثقهم) [الآية ١٥٥] ف (ما) زائدة كأنه قال «فبنقضهم».

(وبكفرهم وقولهم على مريم) [الآية ١٥٦] (وقولهم إنّا قتلنا المسيح) [الآية ١٥٧] كله على الأول.

و (ورسلا قد قصصنهم عليك من قبل) [الآية ١٦٤] فانتصب لأن الفعل قد سقط بشيء من سببه وما قبله منصوب بالفعل.

وقال (فامنوا خيرا لّكم) [الآية ١٧٠] فنصب (خيرا لّكم) [الآية ١٧٠] لأنه حين قال لهم (ءامنوا) [البقرة : الآية ٩] أمرهم بما هو خير لهم فكأنه قال : «اعملوا خيرا لكم» وكذلك (انتهوا خيرا لّكم) [الآية ١٧١] فهذا إنما يكون في الأمر والنهي خاصة ولا يكون في الخبر ، لأنّ الأمر والنهي لا يضمر فيهما وكأنك أخرجته من شيء إلى شيء. وقال الشاعر : [السريع]

١٧٩ ـ فواعديه سرحتي مالك

أو الرّبا بينهما أسهلا (١)

كما تقول : «واعديه خيرا لك» وقد سمعت نصب هذا في الخبر. تقول العرب : «آتى البيت خيرا لي» و «أتركه خيرا لي» وهو على ما فسرت في الأمر والنهي.

وقال (إن امرؤا هلك) [الآية ١٧٦] مثل (إن امرأة خافت) [النساء : ١٢٨] تفسيرهما سواء.

وقال (وكلّم الله موسى تكليما) [الآية ١٦٤] الكلام خلق من الله على غير الكلام منك وبغير ما يكون منك. خلقه الله ثم أوصله إلى موسى.

وقال (والله أعلم بإيمنكم بعضكم مّن بعض) [الآية ٢٥] أي : الله أعلم بإيمان بعضكم من بعض.

__________________

(١) البيت لعمر بن أبي ربيعة في خزانة الأدب ٢ / ١٢٠ ، والكتاب ١ / ٢٨٣ ، وله أو لغيره من الحجازيين في شرح أبيات سيبويه ١ / ٤٢٨ ، وبلا نسبة في لسان العرب (وعد).

١٦٤

سورة المائدة

بسم الله الرّحمن الرّحيم قال (غير محلّى الصّيد) [الآية ١] (أوفوا بالعقود) [الآية ١] ، (غير محلّى الصّيد) [الآية ١] نصب (غير) على الحال.

وقال (لا تحلّوا شعئر الله) [الآية ٢] واحدها «شعيرة».

[و] قال (ولا يجرمنّكم شنئان قوم) [الآية ٢] ف «الشنئان» متحرك مثل «الدرجان» و «الميلان» ، وهو من «شنئته» ف «أنا أشنؤه» «شنئانا». وقال (لا يجرمنّكم) أي : لا يحقّنّ لكم. لأنّ قوله (لا جرم أنّ لهم النّار) [النّحل : الآية ٦٢] إنما هو حقّ أنّ لهم النّار. قال الشاعر : [الكامل]

١٨٠ ـ ولقد طعنت أبا عيينة طعنة

جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا (١)

أي : حقّ لها.

وقوله (أن صدّوكم) [الآية ٢] يقول : «لأن صدّوكم» وقد قرئت (إن صدّوكم) على معنى «إن هم صدّوكم» أي : «إن هم فعلوا» أي : إن همّوا ولم يكونوا فعلوا. وقد تقول ذلك أيضا وقد فعلوا كأنك تحكي ما لم يكن ؛ كقول الله تعالى (قالوا إن يسرق فقد سرق أخ لّه من قبل) [يوسف : الآية ٧٧] وقد كان عندهم قد وقعت السرقة.

وقال (أن تعتدوا) [الآية ٢] أي : لا يحقّنّ لكم شنئان قوم أن تعتدوا. أي :

__________________

(١) البيت لأبي أسماء بن الضريبة في لسان العرب (جرم) ، وله أو لعطية بن عفيف في خزانة الأدب ١٠ / ٢٨٣ ، ٢٨٦ ، ٢٨٨ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ١٣٦ ، ولرجل من فزارة في الكتاب ٣ / ١٣٨ ، وبلا نسبة في أدب الكاتب ص ٦٢ ، والاشتقاق ص ١٩٠ ، وجمهرة اللغة ص ٤٦٥ ، وجواهر الأدب ص ٣٥٥ ، والصاحبي في فقه اللغة ص ١٥٠ ، والمقتضب ٢ / ٣٥٢.

١٦٥

لا يحملنّكم ذلك على العدوان. ثم قال (وتعاونوا على البرّ والتّقوى) [الآية ٢].

وقال (والموقوذة) [الآية ٣] من (وقذت) ف «هي موقوذة».

(والنّطيحة) [الآية ٣] فيها الهاء لأنها جعلت كالاسم مثل «أكيلة الأسد». وإنما تقول : «هي أكيل» و «هي نطيح» لأنّ كل ما فيه «مفعولة» ف «الفعيل» فيه بغير الهاء نحو «القتيل» و «الصريع» إذا عنيت المرأة و «هي جريح» لأنك تقول «مجروحة».

وقال (ومآ أكل السّبع) [الآية ٣] ولغة يخففون «السبع».

(وما ذبح على النّصب) [الآية ٣] وجميعه : «الأنصاب».

(وأن تستقسموا بالأزلم) [الآية ٣] يقول : «وحرّم ذلك» وواحدها «زلم» و «زلم».

وقال (مخمصة) [الآية ٣] تقول : «خمصه الجوع» نحو «المغضبة» لأنّه أراد المصدر.

[وقال] (يئس الّذين كفروا) [الآية ٣] مهموزة الياء الثانية وهي من «فعل» «يفعل» وكسر الياء الأولى لغة نحو «لعب» ومنهم من يكسر اللام والعين ويسكنون العين ويفتحون اللام أيضا ويكسرونها وكذلك «يئس». وذلك أنّ «فعل» إذا كان ثانيه أحد الحروف الستة كسروا أوله وتركوه على الكسر ، كما يقولون ذلك في «فعيل» نحو «شعير» و «صهيل». ومنهم من يسكن ويكسر الأولى نحو «رحمه‌الله» فلذلك تقول : «يئس» تكسر الياء وتسكن الهمزة. وقد قرئت هذه الآية (نعم ما يعظكم به) [النساء : ٥٨] على تلك اللغة التي يقولون فيها «لعب». وأناس يقولون «نعم الرّجل زيد» فقد يجوز كسر هذه النون التي في «نعم» لأن التي بعدها من الحروف الستة كما كسر «لعب». وقولهم : إن العين ساكنة من «نعمّا» إذا أدغمت خطأ لأنه لا يجتمع ساكنان. ولكن إذا شئت أخفيته فجعلته بين الإدغام والإظهار فيكون في زنة متحرك كما قرئت (إنّى ليحزننى) [يوسف : الآية ١٣] يشمون النون الأولى الرفع.

وقال (اليوم أكملت لكم دينكم) [الآية ٣] لأنّ الإسلام كان فيه بعض الفرائض ، فلما فرغ الله مما أراد منه قال (اليوم أكملت لكم دينكم) [الآية ٣] (ورضيت لكم الإسلم دينا) [الآية ٣] لا على غير هذه الصفة.

وقال (فمن اضطرّ فى مخمصة غير متجانف لّإثم فإنّ الله غفور رّحيم) [الآية ٣]

١٦٦

كأنه قال : «فإنّ الله له غفور رحيم». كما تقول : «عبد الله ضربت» تريد : ضربته. قال الشاعر : [الوافر]

١٨١ ـ ثلاث كلّهنّ قتلت عمدا

فأخزى الله رابعة تعود (١)

وقال الآخر : [الرجز]

١٨٢ ـ قد أصبحت أم الخيار تدّعي

عليّ ذنبا كلّه لم أصنع (٢)

وقال (ماذا أحلّ) [الآية ٤] فإن شئت جعلت «ذا» بمنزلة «الذي» وإن شئت جعلتها زائدة كما قال الشاعر : [البسيط]

١٨٣ ـ يا خزر تغلب ماذا بال نسوتكم

لا يستفقن إلى الديرين تحنانا (٣)

فـ «ذا» لا تكون ها هنا إلّا زائدة. إذ لو قلت : «ما الذي بال نسوتكم» لم يكن كلاما.

وقال (الجوارح) [الآية ٤] وهي الكواسب كما تقول : «فلان جارحة أهله» و «ما لهم جارحة» أي : ما لهم مماليك «ولا حافرة».

وقال (فكلوا ممّا أمسكن عليكم) [الآية ٤] فأدخل (مّن) كما أدخله في قوله : «كان من حديث» و «قد كان من مطر». وقوله (ويكفّر عنكم مّن سيّئاتكم) [البقرة : الآية ٢٧١] و (وينزّل من السّماء من جبال فيها من برد) [النور : ٤٣]. وهو فيما فسر «ينزّل من السّماء جبالا فيها برد». وقال بعضهم (وينزّل من السّماء من جبال فيها من برد) [النّور : الآية ٤٣] أي : في السّماء جبال من برد. أي : يجعل الجبال من برد في

__________________

(١) البيت بلا نسبة في تخليص الشواهد ص ٢٨١ ، وتذكرة النحاة ص ٦٤١ ، وخزانة الأدب ١ / ٣٦٦ ، و ٥ / ١٧٠ ، ٦ / ٢٧٣ ، والكتاب ١ / ٨٦.

(٢) الرجز لأبي النجم في تخليص الشواهد ص ٢٨١ ، وخزانة الأدب ١ / ٣٥٩ ، والدرر ٢ / ١٣ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ١٤ ، ٤٤١ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٥٤٤ ، وشرح المفصل ٦ / ٩٠ ، والكتاب ٨٥١ ، والمحتسب ١ / ٢١١ ، ومعاهد التنصيص ١ / ١٤٧ ، ومغني اللبيب ١ / ٢٠١ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٢٤ ، وتاج العروس (خير) ، وبلا نسبة في الأغاني ١٠ / ١٧٦ ، وخزانة الأدب ٣ / ٢٠ ، و ٦ / ٢٧٢ ، ٢٧٣ ، والخصائص ٢ / ٦١ ، وشرح المفصل ٢ / ٣٠ ، والكتاب ١ / ١٢٧ ، ١٣٧ ، ١٤٦ ، والمقتضب ٤ / ٢٥٢ ، وهمع الهوامع ١ / ٩٧.

(٣) البيت لجرير في ديوانه ص ١٦٧ ، والجنى الداني ص ٢٤٠ ، والدرر ١ / ٢٧٠ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٨١ ، وبلا نسبة في مغني اللبيب ص ٣٠١ ، وهمع الهوامع ١ / ٨٤.

١٦٧

السّماء ، ويجعل الإنزال منها.

وقال (محصنين غير مسفحين ولا متّخذى أخدان) [الآية ٥] فيعني به الرجال.

وقال (أحلّ لكم الطّيّبت) [الآية ٥] وأحلّ (لكم المحصنات) من النساء (محصنين غير مسفحين) أي : أحلّ لكم في هذه الحال.

وقال (وامسحوا برءوسكم وأرجلكم) [الآية ٦] فرده إلى «الغسل» في قراءة بعضهم لأنه قال (فاغسلوا وجوهكم) وقال بعضهم (وأرجلكم) على المسح أي : وامسحوا بأرجلكم. وهذا لا يعرفه الناس. وقال ابن عباس (١) : «المسح على الرّجلين يجزىء». ويجوز الجر على الاتباع وهو في المعنى «الغسل» نحو «هذا جحر ضبّ خرب». والنّصب أسلم وأجود من هذا الاضطرار. ومثله قول العرب : «أكلت خبزا ولبنا» واللبن لا يؤكل. ويقولون : «ما سمعت برائحة أطيب من هذه ولا رأيت رائحة أطيب من هذه» و «ما رأيت كلاما أصوب من هذا». قال الشاعر : [مجزوء الكامل]

١٨٤ ـ يا ليت زوجك قد غدا

متقلّدا سيفا ورمحا (٢)

ومثله (لا تحلّوا شعئر الله) [الآية ٢] (ولاءامّين البيت الحرام) [الآية ٢].

وقال (ما يريد الله ليجعل عليكم مّن حرج) [الآية ٦] أي : ما يريد الله ليجعل عليكم حرجا.

وقال (وعد الله الّذينءامنوا وعملوا الصّلحت لهم مّغفرة وأجر عظيم) (٩)

__________________

(١) ابن عباس : هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشي ، الهاشمي ، الحبر البحر ، الصحابي الجليل ، ابن عم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أبو الخلفاء العباسيين ، ولد سنة ٣ قبل الهجرة ، توفي بالطائف سنة ٦٨ ه‍.

(انظر ترجمته في : البداية والنهاية ٨ / ٣٠٢ ـ ٣١٤ ، الطبقات الكبرى لابن سعد ٣ / ٩٨ ، كتاب الثقات لابن حبان ٣ / ٢٠٧ ، وكتاب الوفيات ص ٧٦ ، حلية الأولياء ١ / ٣١٤ ، شذرات الذهب ١ / ٧٥ ، الكواكب الدرية ١ / ١٢٤ ، الإصابة ترجمة رقم ٤٧٧٢ ، تاريخ الخميس ١ / ١٦٧ ، صفة الصفوة ١ / ٣١٤).

(٢) البيت بلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ١٠٨ ، ٦ / ٢٣٨ ، وأمالي المرتضى ١ / ٥٤ ، والإنصاف ٢ / ٦١٢ ، وخزانة الأدب ٢ / ٢٣١ ، ٣ / ١٤٢ ، ٩ / ١٤٢ ، والخصائص ٢ / ٤٣١ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ١٨٢ ، وشرح المفصل ٢ / ٥٠ ، ولسان العرب (رغب) ، (زجج) ، (مسح) ، (قلد) ، (جدع) ، (جمع) ، عدى ، والمقتضب ٢ / ٥١.

١٦٨

[الآية ٩] كأنه فسر الوعد ليبين ما وعدهم أي : هكذا وعدهم فقال (لهم مّغفرة وأجر عظيم) [الآية ٩].

وقال (وقال الله إنّى معكم لئن أقمتم الصّلوة وءاتيتم الزّكوة وءامنتم برسلى) [الآية ١٢] (لّأكفّرنّ عنكم سيّئاتكم) [الآية ١٢] فاللام الأولى على معنى القسم والثانية على قسم آخر.

وقال (ومن الّذين قالوا إنّا نصرى أخذنا ميثقهم) [الآية ١٤] كما تقول : «من عبد الله أخذت درهمه».

وقال (إنّ فيها قوما جبّارين) [الآية ٢٢] فأعمل (إنّ) في «القوم» وجعل «جبّارين» من صفتهم لأنّ (فيها) ليس باسم.

وقال (فلا تأس على القوم الفسقين) [الآية ٢٦] فهي من «أسى» «يأسى» «أسى شديدا» وهو الحزن. و «يئس» من «اليأس» وهو انقطاع الرجاء من «يئسوا» وقوله (ولا تايئسوا من رّوح الله) [يوسف : الآية ٨٧] : من انقطاع الرجاء وهو من : يئست وهو مثل «إيس» في تصريفه. وإن شئت مثل «خشيت» في تصريفه. وأما «أسوت» «تأسوا» «أسوا» فهو الدواء للجراحة. و «أست» «أؤوس» «أوسا» في معنى : أعطيت. و «أست» قياسها «قلت» و «أسوت» قياسها «غزوت».

وقال (واتل عليهم نبأ ابنىءادم بالحقّ) [الآية ٢٧] فالهمزة ل «نبأ» لأنها من «أنباته». وألف «ابني» تذهب لأنها ألف وصل في التصغير. وإذا وقفت قلت «نبأ» مقصور ولا تقول «نبا» لأنها مضاف فلا تثبت فيها الألف.

وقال (فطوّعت له نفسه) [الآية ٣٠] مثل «فطوّعت» ومعناه : «رخّصت» وتقول «طوّقته إمري» أي : عصبته به.

وقال (أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأورى) [الآية ٣١] فنصب (فأواري) لأنّك عطفته بالفاء على (أن) وليس بمهموز لأنّه من «واريت» وإنما كانت (عجزت) لأنها من «عجز» «يعجز» وقال بعضهم «عجز» «يعجز» ، و «عجز» «يعجز».

وقال (من أجل ذلك كتبنا على بنى إسراءيل) [الآية ٣٢]. وإن شئت أذهبت الهمزة من (أجل) [البقرة : الآية ٢٨٢] وحركت النون في لغة من خفف الهمزة. و «الأجل» : الجناية من «أجل» «يأجل» ، تقول : «قد أجلت علينا شرا» ويقول بعض

١٦٩

العرب (من جرّا) من : «الجريرة» ويجعله على «فعلى».

وقال (أنّه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض) [الآية ٣٢] يقول : «أو بغير فساد في الأرض».

وقال (لو أنّ لهم مّا فى الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيمة ما تقبّل منهم) [الآية ٣٦] يقول : «لو أنّ هذا معهم للفداء ما تقبّل منهم».

وقال (لا يحزنك) [الآية ٤١] خفيفة مفتوحة الياء وأهل المدينة يقولون (يحزنك) يجعلونها من «أحزن» والعرب تقول : «أحزنته» و «حزنته».

وقال (الّذين يسرعون فى الكفر من الّذين قالواءامنّا بأفواههم) [الآية ٤١] أي : «من هؤلاء ومن هؤلاء» ثم قال مستأنفا (سمّعون لقومءاخرين) [الآية ٤١] أي : هم سماعون. وإن شئت جعلته على (ومن الّذين هادوا) [الآية ٤١] (سمّعون لقومءاخرين) [الآية ٤١] ثم تقطعه من الكلام الأول. ثم قال (سمّعون للكذب أكّلون للسّحت) [الآية ٤٢] على ذلك الرفع للأول وأما قوله (لم يأتوك) [الآية ٤١] فها هنا انقطع الكلام والمعنى «ومن الّذين هادوا سمّاعون للكذب يسمعون كلام النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليكذبوا عليه سمّاعون لقوم آخرين لم يأتوك بعد» يقول : «يسمعون لهم فيخبرونهم وهم لم يأتوك».

وقال (والجروح قصاص) [الآية ٤٥] إذا عطف على ما بعد «أنّ» نصب والرفع على الابتداء كما تقول : «إنّ زيدا منطلق وعمرو ذاهب» وإن شئت قلت : «وعمرا ذاهب» نصب ورفع.

وقال (وءاتينه الإنجيل فيه هدى ونور) [الآية ٤٦] لأنّ بعضهم يقول : «هي الإنجيل» وبعضهم يقول : «هو الإنجيل». وقد يكون على أنّ «الإنجيل» كتاب فهو مذكر في المعنى فذكروه على ذلك. كما قال (وإذا حضر القسمة اولو القربى) ثم قال (فارزقوهم مّنه) [الآية ٨] فذكّر و «القسمة» مؤنّثة لأنّها في المعنى «الميراث» و «المال» فذكر على ذلك.

وقال (ومهيمنا عليه) [الآية ٤٨] يقول : «وشاهدا عليه» نصب على الحال.

وقال (شرعة ومنهاجا) [الآية ٤٨] ف «الشّرعة» : الدين ، من «شرع» «يشرع» ، و «المنهاج» : الطريق من «نهج» «ينهج».

١٧٠

وقال (لا تتّخذوا اليهود والنّصرى أوليآء) [الآية ٥١] ثم قال (بعضهم أوليآء بعض) [الآية ٥١] على الابتداء.

وقال (ويقول الّذينءامنوا) [الآية ٥٣] نصب لأنه معطوف على قوله (فعسى الله أن يأتى بالفتح) [الآية ٥٢] وقد قرىء رفعا على الابتداء. قال أبو عمرو (١) : النصب محال لأنه لا يجوز «وعسى الله أن يقول الذين آمنوا» وإنّما ذا «عسى أن يقول» ، يجعل «أن يقول» معطوفة على ما بعد «عسى» أو يكون تابعا ، نحو قولهم : «أكلت خبزا ولبنا» و:

 .....................................

متقلّدا سيفا ورمحا (٢)

وقال (بشرّ مّن ذلك مثوبة عند الله) [الآية ٦٠] كما قال (بخير من ذلك).

وقال (وعبد الطّغوت) [الآية ٦٠] أي : (من لّعنه الله) [الآية ٦٠] (وعبد الطّغوت) [الآية ٦٠]. وقال (عن قولهم الإثم) [الآية ٦٣] نصبهما بإسقاط الفعل عليهما.

وقال (وأكلهم السّحت) [الآية ٦٢] (عن قولهم الإثم) [الآية ٦٣].

وقال (وقالت اليهود يد الله مغلولة غلّت أيديهم) [الآية ٦٤]. فذكروا أنّها «العطيّة» و «النّعمة». وكذلك (بل يداه مبسوطتان) [الآية ٦٤] كما تقول : «إنّ لفلان عندي يدا» أي : نعمة. وقال (أولي الأيدي والأبصار) [ص : ٤٥] أي : أولي النّعم. وقد تكون «اليد» في وجوه ، تقول : «بين يدي الدار» تعني : قدامها ، وليست للدار يدان.

وقال (فما بلّغت رسالته) [الآية ٦٧] وقال بعضهم (رسالاته) وكلّ صواب لأنّ «الرّسالة» قد تجمع «الرّسائل» كما تقول «هلك البعير والشّاة» و «أهلك الناس الدينار والدرهم» تريد الجماعة.

وقال (والصّابئون والنّصرى) [الآية ٦٩] وقال في موضع آخر (والصّبئين) [البقرة : الآية ٦٢] والنصب القياس على العطف على ما بعد (إنّ) فأما هذه فرفعها على وجهين كأن قوله (إنّ الّذينءامنوا) [الآية ٦٩] في موضع رفع في المعنى لأنه

__________________

(١) أبو عمرو هو أبو عمرو بن العلاء ، تقدمت ترجمته.

(٢) تقدم البيت بتمامه مع تخريجه برقم ١٨٤.

١٧١

كلام مبتدأ لأنّ قوله : «إنّ زيدا منطلق» و «زيد منطلق» من غير أن يكون فيه «إنّ» في المعنى سواء ، فإن شئت إذا عطفت عليه شيئا جعلته على المعنى. كما قلت : «إنّ زيدا منطلق وعمرو». ولكنه إذا جعل بعد الخبر فهو أحسن وأكثر. وقال بعضهم : «لما كان قبله فعل شبه في اللفظ بما يجري على ما قبله ، وليس معناه في الفعل الذي قبله وهو (الّذين هادوا) [الآية ٤٦] أجراه عليه فرفعه به وإن كان ليس عليه في المعنى» ذلك أنه تجيء أشياء في اللفظ لا تكون في المعاني ، منها قولهم : «هذا جحر ضبّ خرب» وقولهم «كذب عليكم الحجّ» يرفعون «الحجّ» ب «كذب» ، وإنما معناه «عليكم الحجّ» نصب بأمرهم. وتقول : «هذا حبّ رمّاني» فتضيف «الرّمّان» إليك وإنّما لك «الحبّ» وليس لك «الرّمّان». فقد يجوز أشباه هذا والمعنى على خلافه.

وقال (ثمّ عموا وصمّوا كثير مّنهم) [المائدة : الآية ٧١] ولم يقل «ثمّ عمي وصمّ» وهو فعل مقدم لأنه أخبر عن قوم أنهم عموا وصمّوا ، ثم فسركم صنع ذلك منهم كما تقول «رأيت قومك ثلثيهم» ومثل ذلك (وأسرّوا النّجوى الّذين ظلموا) [الأنبياء : الآية ٣] وإن شئت جعلت الفعل للآخر فجعلته على لغة الذين يقولون «أكلوني البراغيث» كما قال : [الطويل]

١٨٥ ـ ولكن ديافيّ أبوه وأمه

بحوران يعصرن السّليط أقاربه (١)

وقال (لّقد كفر الّذين قالوا إنّ الله ثالث ثلثة) [الآية ٧٣] وذلك أنهم جعلوا معه «عيسى» و «مريم». كذلك يكون في الكلام إذا كان واحد مع اثنين قيل «ثالث ثلاثة» كما قال (ثانى اثنين) [التّوبة : الآية ٤٠] وإنما كان معه واحد. ومن قال : «ثالث اثنين» دخل عليه أن يقول : «ثاني واحد». وقد يجوز هذا في الشعر وهو في القياس صحيح. قال الشاعر : [الوافر]

١٨٦ ـ ولكن لا أخون الجار حتّى

يزيل الله ثالثة الأثافي (٢)

__________________

(١) البيت للفرزدق في ديوانه ١ / ٤٦ ، والاشتقاق ص ٢٤٢ ، وتخليص الشواهد ص ٤٧٤ ، وخزانة الأدب ٥ / ١٦٣ ، ٢٣٤ ، ٢٣٥ ، ٢٣٧ ، ٢٣٩ ، ٧ / ٣٤٦ ، والدرر ٢ / ٢٨٥ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٩١ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٣٣٦ ، ٦٢٦ ، وشرح المفصل ٣ / ٨٩ ، ٧ / ٧ ، والكتاب ٢ / ٤٠ ، ولسان العرب (سلط) ، (دوف) ، وبلا نسبة في الجنى الداني ص ١٥٠ ، والخزانة ٧ / ٤٤٦ ، ١١ / ٣٧٣ ، والخصائص ٢ / ١٩٤ ، ورصف المباني ص ١٩ ، ٣٣٢ ، وسرّ صناعة الإعراب ص ٤٤٦ ، ولسان العرب (خطأ) ، وهمع الهوامع ١ / ١٦٠.

(٢) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.

١٧٢

ومن قال : «ثاني اثنين» و «ثالث ثلاثة» قال : «حادي أحد عشر» إذا كان رجل مع عشرة. ومن قال : «ثالث اثنين» قال : «حادي عشرة» فأمّا قول العرب : «حادي عشر» و «ثاني عشر» فهذا في العدد إذا كنت تقول : «ثاني» و «ثالث» و «رابع» و «عاشر» من غير أن تقول : «عاشر كذا وكذا» ، فلما جاوز العشرة أراد أن يقول : «حادي» و «ثاني» فكان ذلك لا يعرف معناه إلا بذكر العشرة فضم إليه شيئا من حروف العشرة.

وقال (ليبلونّكم الله بشىء مّن الصّيد) [الآية ٩٤] على القسم أي : والله ليبلونّكم. وكذلك هذه اللام التي بعدها النون لا تكون إلا بعد القسم.

وقال (فجزآء مّثل ما قتل من النّعم) [الآية ٩٥] أي : فعليه جزاء مثل ما قتل من النعم.

وقال (يحكم به ذوا عدل مّنكم هديا) [الآية ٩٥] انتصب على الحال (بلغ الكعبة) [الآية ٩٥] من صفته وليس قولك (بلغ الكعبة) [الآية ٩٥] بمعرفة لأن فيه معنى التنوين لأنه إذا قال «هذا ضارب زيد» في لغة من حذف النون ولم يفعل بعد فهو نكرة. ومثل ذلك (هذا عارض مّمطرنا) [الأحقاف : الآية ٢٤] ففيه بعض التنوين غير أنه لا يوصل إليه من أجل الاسم المضمر.

ثم قال (أو كفّرة طعام مسكين) [الآية ٩٥] أي : أو عليه كفارة. رفع منون ثم فسر فقال «هي طعام مساكين» وقال بعضهم (كفّارة طعام مساكين) بإضافة الكفارة إليه.

وقال (أو عدل ذلك صياما) [الآية ٩٥] يريد : أو عليه مثل ذلك من الصيام. كما تقول : «عليها مثلها زبدا». وقال بعضهم (أو عدل ذلك صياما) ذلك صياما فكسر وهو الوجه لأن «العدل» : المثل. وأمّا «العدل» فهو المصدر تقول : «عدلت هذا بهذا عدلا حسنا» ، و «العدل» أيضا : المثل. وقال (يقبل منها عدل) [البقرة : ١٢٣] أي : مثل ففرقوا بين ذا وبين «عدل المتاع» كما تقول : «امرأة رزان» و «حجر رزين».

وقال (جعل الله الكعبة البيت الحرام قيما لّلنّاس) [الآية ٩٧] وقال (والهدى والقلئد) [الآية ٩٧] أي : وجعل لكم الهدي والقلائد.

وقال (يأيّها الّذينءامنوا عليكم أنفسكم لا يضركم) [الآية ١٠٥] خفيفة ، فجزم

١٧٣

لأن جواب الأمر جزم فجعلها من «ضار» «يضير». وقال بعضهم (يضرّكم) [الآية ١٢٠] و (يضرّكم) [الآية ١٢٠] فجعل الموضع جزما فيهما جميعا ، إلا أنه حرك لأن الراء ثقيلة فأولها ساكن فلا يستقيم إسكان آخرها فيلتقي ساكنان وأجود ذلك (لا يضرّكم) [الآية ١٢٠] رفع على الابتداء لأنه ليس بعلة لقوله (عليكم أنفسكم) [الآية ١٠٥] وإنما أخبر أنه لا يضرّهم.

وقال (شهدة بينكم) [الآية ١٠٦] ثم قال (اثنان ذوا عدل مّنكم) [الآية ١٠٦] أي : شهادة بينكم شهادة اثنين. فلما ألقى «الشهادة» قام «الاثنان» مقامها وارتفعا بارتفاعها كما قال (وسئل القرية) [يوسف : الآية ٨٢] يريد : أهل القرية. وانتصب (القرية) بانتصاب «الأهل» وقامت مقامه. ثم عطف (أوءاخران) [الآية ١٠٦] على «الاثنين».

وقال (من الّذين استحقّ عليهم الأولين) [الآية ١٠٧] أي : من الأوّلين الذين استحقّ عليهم. وقال بعضهم (الأوليان) وبها نقرأ. لأنّه حين قال (يقومان مقامهما من الّذين استحقّ عليهم) [الآية ١٠٧] كان كأنه قد حدهما حتى صارا كالمعرفة في المعنى فقال (الأولين) [الآية ١٠٧] فأجرى المعرفة عليهما بدلا. ومثل هذا مما يجري على المعنى كثير. قال الراجز :

١٨٧ ـ عليّ يوم تملك الأمورا

صوم شهور وجبت نذورا

وبدنا مقلّدا منحورا (١)

فجعله على «أوجب» لأنه في معنى «قد أوجب».

وقال (قال عيسى ابن مريم الّلهمّ ربّنا أنزل علينا مآئدة مّن السّمآء تكون لنا عيدا لّأوّلنا وءاخرنا) [الآية ١١٤] فجعل (تكون) من صفة «المائدة» كما قال (فهب لى من لّدنك وليّا (٥) يرثنى) [مريم : ٥ ، ٦] رفع إذا جعله صفة وجزم إذا جعلته جوابا كما تقول : «أعطني ثوبا يسعني» إذا أردت واسعا و «يسعني» إذا جعلته جوابا كأنك تشترط أنه يسعك.

وقال (وءاية مّنك) [الآية ١١٤] عطف على «العيد» كأنه قال : «يكون عيدا وآية» وذكر أن قراءة ابن مسعود (٢) (تكن لنا عيدا).

__________________

(١) الرجز لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.

(٢) ابن مسعود : هو عبد الله بن مسعود ، تقدمت ترجمته.

١٧٤

وليس قولهم (هل يستطيع) [الآية ١١٢] لأنهم ظنوا أنه لا يطيق. ولكنه كقول العرب : أتستطيع أن تذهب في هذه الحاجة وتدعنا من كلامك» ، وتقول : «أتستطيع أن تكفّ عنّي فإنّي مغموم». فليس هذا لأنه لا يستطيع ولكنه يريد «كفّ عنّي» ويذكر له الاستطاعة ليحتج عليه أي : إنّك تستطيع. فإذا ذكّره إياها علم أنها حجة عليه. وإنما قرئت (هل تستطيع ربك) فيما لديّ لغموض هذا المعنى الآخر والله أعلم. وهو جائز كأنه أضمر الفعل فأراد «هل تستطيع أن تدعو ربّك» أو «هل تستطيع ربّك أن تدعوه» ، فكل هذا جائز.

و «المائدة» الطعام. و «فعلت» منها : «مدت» «أميد». قال الشاعر : [الرجز]

١٨٨ ـ نهدي رؤوس المجرمين الأنداد

إلى أمير المؤمنين الممتاد (١)

و «الممتاد» هو «مفتعل» من «مدت».

__________________

(١) الرجز لرؤبة في ديوانه ص ٤٠ ، ولسان العرب (ميد) ، وتهذيب اللغة ١٤ / ٢١٩ ، وتاج العروس (ميد).

١٧٥

سورة الأنعام

قال تعالى : (ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم مّن قرن مّكّنّهم) [الآية ٦] ثم قال (ما لم نمكّن لّكم) [الآية ٦] كأنه أخبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم خاطبه معهم كما قال (حتّى إذا كنتم فى الفلك وجرين بهم) [يونس : الآية ٢٢] فجاء بلفظ الغائب وهو يخاطب لأنه هو المخاطب.

فأمّا قوله عزوجل (وأجل مّسمّى عنده) [الآية ٢] ف (أجل) على الابتداء وليس على (قضى).

وقال (كتب على نفسه الرّحمة ليجمعنّكم) [الآية ١٢] فنصب لام (ليجمعنّكم) لأن معنى «كتب» كأنه قال «والله ليجمعنّكم» ثم أبدل فقال (الّذين خسروا أنفسهم) [الآية ١٢] أي : ليجمعنّ الذين خسروا أنفسهم.

وقال (أغير الله أتّخذ وليّا فاطر السّموات والأرض) [الآية ١٤] على النعت. وقال بعضهم (فاطر) بالرفع على الابتداء أي : هو فاطر.

وقال بعضهم (وهو يطعم ولا يطعم) [الآية ١٤] وقال بعضهم (ولا يطعم) [الآية ١٤] و (يطعم) هو الوجه ، لأنّك إنّما تقول : «هو يطعم» لمن يطعم فتخبر أنّه لا يأكل شيئا. وإنّما تقرأ (يطعم) لاجتماع الناس عليها.

وقال (إنّى أمرت أن أكون أوّل من أسلم ولا تكوننّ) [الآية ١٤] أي : وقيل لي : «لا تكوننّ». وصارت (أمرت) بدلا من ذلك لأنه حين قال (أمرت) قد أخبر أنّه قد قيل له.

وقال (ثمّ لم تكن فتنتهم إلّا أن قالوا والله ربّنا) [الآية ٢٣] على الصفة. وقال بعضهم (ربّنا) على : يا ربنا. وأمّا (والله) فجره على القسم ، ولو لم تكن فيه الواو نصبت فقلت «الله ربّنا». ومنهم من يجر بغير واو لكثرة استعمال هذا الاسم وهذا في القياس رديء. وقد جاء مثله شاذا قولهم : [الرجز]

١٧٦

١٨٩ ـ وبلد عاميّة أعماؤه (١)

وإنّما هو : ربّ بلد وقال : [الوافر]

١٩٠ ـ نهيتك عن طلابك أمّ عمرو

بعاقبة وأنت إذ صحيح (٢)

يقول : «حينئذ» فالقى «حين» وأضمرها. وصارت الواو عوضا من «ربّ» في «وبلد». وقد يضعون «بل» في هذا الموضع. قال الشاعر : [الرجز]

١٩١ ـ ما بال عين عن كراها قد جفت

مسبلة تستنّ لمّا عرفت

دارا لليلى بعد حول قد عفت

بل جوز تيهاء كظهر الحجفت (٣)

فيمن قال «طلحت».

وقال (وجعلنا على قلوبهم أكنّة أن يفقهوه وفىءاذانهم وقرا) [الآية ٢٥] وواحد «الأكنّة» : الكنان. و «الوقر» في الأذن بالفتح ، و «الوقر» على الظهر بالكسر. وقال يونس (٤) : «سألت رؤبة» (٥) فقال : «وقرت أذنه» «توقر» إذا كان فيها «الوقر». وقال أبو زيد (٦) : «سمعت العرب تقول : «أذن موقورة» فهذا يقول :

__________________

(١) الرجز لرؤبة في ديوانه ص ٣ ، ولسان العرب (عمى) ، ومقاييس اللغة ٤ / ١٣٤ ، وتاج العروس (نفذ) ، وبلا نسبة في تهذيب اللغة ٣ / ٢٤٧ ، والمخصص ١٠ / ١١٧.

(٢) البيت لأبي ذؤيب الهذلي في خزانة الأدب ٦ / ٥٣٩ ، ٥٤٣ ، ٥٤٤ ، وشرح أشعار الهذليين ١ / ١٧١ ، وشرح شواهد المغني ص ٢٦٠ ، ولسان العرب (أذذ) ، (شلل) ، (إذ) ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٤ / ٣٠١ ، وتذكرة النحاة ص ٣٧٩ ، والجنى الداني ص ١٨٧ ، ٤٩٠ ، وجواهر الأدب ص ١٣٨ ، والخصائص ٢ / ٣٧٦ ، ورصف المباني ص ٣٤٧ ، وسرّ صناعة الإعراب ص ٥٠٤ ، ٥٠٥ ، وشرح المفصل ٣ / ٣١ ، ومغني اللبيب ص ٨٦ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٦١.

(٣) الرجز لسؤر الذئب في لسان العرب (جحف) ، (بلل) ، وتاج العروس (جحف) ، ولبعض الطائيين في شرح شواهد الإيضاح ص ٣٨٦ ، وبلا نسبة في الإنصاف ١ / ٣٧٩ ، وجمهرة اللغة ص ١١٣٥ ، والخصائص ١ / ٣٠٤ ، ٢ / ٩٨ ، ورصف المباني ص ١٥٦ ، ١٦٢ ، ٢١٧ ، وسرّ صناعة الإعراب ١ / ١٥٩ ، ٢ / ٥٦٣ ، ٦٣٧ ، وشرح شافية ابن الحاجب ، ٢ / ٢٧٧ ، وشرح شواهد الشافية ص ١٩٨ ، وشرح المفصل ٢ / ١١٨ ، ٤ / ٦٧ ، ٥ / ٨٩ ، ٨ / ١٠٥ ، ٩ / ٨١ ، ١٠ / ٤٥ ، والمحتسب ٢ / ٩٢ ، ولسان العرب (بلا) ، وجمهرة اللغة ص ١١٣٥ ، والمخصص ٩ / ٧ ، ١٦ / ٨٤ ، ٩٦ ، ١٢٠.

(٤) يونس : هو يونس بن حبيب النحوي ، تقدمت ترجمته.

(٥) رؤبة : هو رؤبة بن العجاج ، تقدمت ترجمته.

(٦) أبو زيد : هو أبو زيد الأنصاري ، تقدمت ترجمته.

١٧٧

«وقرت». قال الشاعر : [الرمل]

١٩٢ ـ وكلام سيّىء قد وقرت

أذني منه وما بي من صمم (١)

وقال (أسطير الأوّلين) [الآية ٢٥] فبعضهم يزعم أنّ واحدة «أسطورة» وبعضهم «إسّطارة» ، ولا أراه إلّا من الجمع الذي ليس له واحد نحو «عباديد» و «مذاكير» و «أبابيل». وقال بعضهم : «واحد الأبابيل» : «إبّيل» ، وقال بعضهم : «إبّول» مثل : «عجّول» ولم أجد العرب تعرف له واحدا. فأمّا «الشّماطيط» فإنهم يزعمون أنّ واحده «شمطاط». وكل هذه لها واحد إلا أنه ليس يستعمل ، ولم يتكلّم به لأن هذا المثال لا يكون إلا جميعا. وسمعت العرب الفصحاء يقولون : «أرسل إبله أبابيل» يريدون «جماعات» فلم يتكلّم لها بواحد.

وأمّا قوله (وينئون عنه) [الآية ٢٦] فإنه من : «نأيت» «ينأى» «نأيا».

وقال (ولا نكذّب بايات ربّنا ونكون من المؤمنين) [الآية ٢٧] نصب لأنّه جواب للتمني وما بعد الواو كما بعد الفاء ، وإن شئت رفعت وجعلته على مثل اليمين ، كأنهم قالوا «ولا نكذّب والله بآيات ربّنا ونكون والله من المؤمنين». هذا إذا كان ذا الوجه منقطعا من الأول. والرفع وجه الكلام وبه نقرأ الآية وإذا نصب جعلها واو عطف ، فكأنهم قد تمنوا ألا يكذبوا وأن يكونوا. وهذا ـ والله أعلم ـ لا يكون ، لأنهم لم يتمنوا الإيمان إنما تمنوا الرد وأخبروا أنهم لا يكذبون ويكونون من المؤمنين.

وقال (ألا سآء ما يزرون) [الآية ٣١] لأنه من «وزر» «يزر» «وزرا» ويقال أيضا : «وزر» ف «هو موزور». وزعم يونس أنهما جميعا يقالان.

وقال (قد نعلم إنّه ليحزنك) [الآية ٣٣] بكسر «إنّ» لدخول اللام الزائدة بعدها.

وقال (ولقد جآءك من نّبإى المرسلين) [الآية ٣٤] كما تقول : «قد أصابنا من مطر» و «قد كان من حديث».

وقال (نفقا فى الأرض أو سلّما فى السّماء) [الآية ٣٥] ف «النفق» ليس من «النفقة» ولكنه من «النّافقاء» ، يريد دخولا في الأرض.

__________________

(١) البيت للمثقب العبدي في ديوانه ص ٢٣٠ ، ولسان العرب (زعم) ، وشرح اختيارات المفضل ص ١٢٧٢ ، وبلا نسبة في أساس البلاغة (وقر) ، وكتاب العين ٥ / ٢٠٦.

١٧٨

وقال (ولا طئر يطير بجناحيه إلّا أمم أمثالكم) [الآية ٣٨] يريد : جماعة أمة.

وقال (فإن استطعت أن تبتغى نفقا فى الأرض أو سلّما فى السّمآء) [الآية ٣٥] ولم يقل «فافعل» وذلك أنّه أضمر. وقال الشاعر : [الخفيف]

فبحظّ ممّا تعيش ولا تذ

هب بك التّرّهات في الأهوال (١)

فأضمر «فعيشى».

وقال (أرءيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم السّاعة أغير الله تدعون) [الآية ٤٠] فهذا الذي بعد التاء من قوله : (أرءيتكم) [الآية ٤٠] إنما جاء للمخاطبة. وترك التاء مفتوحة كما كانت للواحد ، وهي مثل كاف «رويدك زيدا» إذا قلت : «أرود زيدا». فهذه الكاف ليس لها موضع فتسمى بجر ولا رفع ولا نصب ، وإنما هي من المخاطبة مثل كاف «ذاك». ومثل ذلك قول العرب : «أبصرك زيدا» يدخلون الكاف للمخاطبة وإنما هي «أبصر زيدا».

وقال (أرءيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم) [الآية ٤٦] ثم قال (يأتيكم به) [الآية ٤٦] حمله على السمع أو على ما أخذ منهم.

وقال (فتطردهم فتكون من الظّلمين) [الآية ٥٢] فالأولى أن ينصب جوابا لقوله (ما عليك من حسابهم من شيء فتطردهم) [الآية ٥٢] والأخرى أن ينصب بقوله (ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم) [الآية ٥٢] (فتكون من الظّلمين) [الآية ٥٢].

وقال (كتب ربّكم على نفسه الرّحمة إنّه من عمل) [الآية ٥٤] و (أنّه) [الآية ٥٤] (من عمل منكم سوءا بجهلة ثمّ تاب من بعده وأصلح فأنّه غفور رّحيم) [الآية ٥٤] فقوله (أنّه) بدل من قوله (الرّحمة) أي : كتب أنّه من عمل. وقوله (فإنّه) على الابتداء أي : فله المغفرة والرّحمة فهو غفور رحيم. وقال بعضهم (فأنّه) أراد به الاسم وأضمر الخبر. أراد «فأنّ».

وقال (ولتستبين سبيل المجرمين) [الآية ٥٥] لأنّ أهل الحجاز يقولون : «هي السّبيل» وقال بعضهم (ولتستبين) [الآية ٥٥] يعني النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وقال بعضهم (وليستبين سبيل) في لغة بني تميم.

وقال (قد ضللت إذا) [الآية ٥٦] وقال بعضهم (ضللت) [الآية ٥٦] وهما لغتان. من قال «ضللت» قال «تضلّ» ومن قال «ضللت» قال «تضلّ» ونقرأ بالمفتوحة.

__________________

(١) تقدم البيت مع تخريجه برقم ١٣٢.

١٧٩

وقال (وما تسقط من ورقة إلّا يعلمها ولا حبّة فى ظلمت الأرض ولا رطب ولا يابس إلّا فى كتب مّبين) [الآية ٥٩] جر على (مّن) وإن شئت رفعت على «تسقط» ، وإن شئت جعلته على الابتداء وتقطعه من الأول.

وقال (تدعونه تضرّعا وخفية) [الآية ٦٣] وقال في موضع آخر (وخيفة) [الأعراف : الآية ٢٠٥]. و «الخفية» : الإخفاء و «الخيفة» من الخوف والرّهبة.

وقال (أو يلبسكم شيعا) [الآية ٦٥] لأنها من «لبس» «يلبس» «لبسا».

وقال (أن تبسل نفس بما كسبت) [الآية ٧٠] وهي من «أبسل» «إبسالا».

وقال (أولئك الّذين أبسلوا) [الآية ٧٠].

وأمّا قوله (حيران له أصحب) [الآية ٧١] فإنّ كلّ «فعلان» له «فعلى» فإنّه لا ينصرف في المعرفة ولا النكرة.

وأمّا قوله (إلى الهدى ائتنا) [الآية ٧١] فإن الألف التي في (ائتنا) [الآية ٧١] ألف وصل ولكن بعدها همزة من الأصل هي التي في «أتى» وهي الياء التي في قولك «إيتنا» ، ولكنها لم تهمز حين ظهرت ألف الوصل ، لأن الف الوصل مهموزة إذا استؤنفت فكرهوا اجتماع همزتين.

وقال (وأمرنا لنسلم لربّ العلمين) [الآية ٧١] يقول : «إنّما أمرنا كي نسلّم لربّ العالمين» كما وقال (وأمرت لأن أكون أوّل المسلمين) (١٢) [الزمر : ١١] أي : إنما أمرت بذلك.

ثم قال (وأن أقيموا الصّلوة واتّقوه) [الآية ٧٢] أي : وأمرنا أن أقيموا الصّلاة واتّقوه. أو يكون أوصل الفعل بالّلام ، والمعنى : أمرت أن أكون. كما أوصل باللام في قوله (لربّهم يرهبون) [الأعراف : الآية ١٥٤].

وقال (ويوم يقول كن فيكون) [الآية ٧٣] قال (يوم) مضاف إلى قوله (كن فيكون) [الأنعام : الآية ٧٣] وهو نصب وليس له خبر ظاهر والله أعلم. وهو على ما فسرت لك.

وكذلك (يوم ينفخ فى الصّور) [الآية ٧٣] وقال بعضهم (يوم ينفخ فى الصّور) وقال بعضهم (ينفخ) [الآية ٧٣] (علم الغيب والشّهدة) [الآية ٧٣].

وقال (وإذ قال إبرهيم لأبيهءازر) [الآية ٧٤] فتح إذا جعلت (ءازر) [الآية

١٨٠