تراثنا ـ العددان [ 115 و 116 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العددان [ 115 و 116 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٠
ISBN: 1016-4030
الصفحات: ٤٧٨

من ذخائر التراث

٣٦١
٣٦٢

الأدعية المهمّة

تأليف

العلاّمة الشيخ الفاضل أبي عبدالله

المقداد السيوري الحلّي المتوفّى ٨٢٦ هـ

تحقيق

محمّد جواد نورالدين فخرالدين

٣٦٣
٣٦٤

مقـدّمة التحقيـق

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسّلام على أفضل المرسلين محمّد صلّى الله عليه وعلى آل بيته الطيّبين الطاهرين.

ممّا لا شكّ فيه أنّ أفضل وسيلة للاتّصال بالله سبحانه وتعالى هو الدعاء ، وهذا ما صرّحت به الآيات القرآنية والسنّة النبوية والأخبار الواردة عن أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام ، والشيء المميّز هنا أنّه لم يحدّد بمكان أو زمان ، فبإمكان الإنسان التوجّه إلى الله بقلب خالص في أيّ وقت وفي أيّ مكان ، أضف إلى ذلك أنّه لم يقتصر على شخص دون آخر على الرغم من أنّ هناك إشارات وردت عن الرسول(صلى الله عليه وآله) وأئمّة أهل البيت عليهم‌السلام حدّدت أوقات وأمكنة الدعاء وسرعة استجابته ، إلاّ أنّها لم تلزمه بذلك ، بل حثّته عليها.

ولذا أخذ أدب الدعاء شطراً كبيراً في كتب العامّة والخاصّة ، ونلحظ ذلك من خلال ما وصل إلينا من هذه الكتب ، وعند تصفّحها نجد عدداً كبيراً

٣٦٥

من الروايات الواردة عن الرسول(صلى الله عليه وآله) وأئمّة أهل البيت عليهم‌السلام ، أكّدت من خلاله على فضل الدعاء ، وشروطه وأوقاته وأمكنته وأيّامه ولياليه وشهوره ، بل حتّى جاء في ساعاته.

هذا التراث الخالد الضخم ، أكبَّ عليه الروّاد الأوائل ، أمثال الشيخ الكليني ، والشيخ المفيد ، والشيخ الطوسي ، والسيّد ابن طاووس ، والشيخ الكفعمي ، والشيخ المجلسي (أعلى الله مقامهم) ، فجمعوه وحفظوه لنا في أسفار ، ليكون لنا رصيداً في هذه الأيّام. وهذه المخطوطة التي بين أيدينا تمثّل واحداً من تلك الأسفار ، حيث سيجد فيها القارىء نموذجاً مصغّراً لتلك الموسوعات الكبيرة في أدب الدعاء.

المخطوطة :

لقد ضمّت مكتبة الحكيم العامّة في النجف الأشرف تراثاً لا يستهان به من المخطوطات في مختلف صنوف العلم والمعرفة ، فالبعض منها مطبوعاً والبعض الآخر لم يزل لحدّ وقتنا الحاضر ينتظر من يشمّر عن ساعديه ويخرجه إلى الوجود.

وخلال تواجدي في أروقة مكتبتها (قسم المخطوطات) ، أتصفّح في كتبها حبّاً للإطّلاع ، والتزوّد من فيض علومها ونقل بعض النصوص التي أحتاجها في كتابة بحوثي ودراساتي ، فقد تولّدت في داخلي رغبة جامحة في

٣٦٦

التحقيق كجزء أحاول من خلاله إكمال مسيرتي العلمية هذا من جانب ، ومن جانب آخر خدمة لأولئك الذين رفدوا تراثنا العلمي والأدبي بتلك الأسفار القيّمة.

وعليه فقد عثرت على هذه المخطوطة الصغيرة حجماً ، الغنية بمواردها ، للشيخ المقداد السيوري الحلّي قدس‌سره المسمّاة بـ : (الأدعية المهمّة) كبداية عمل في هذا المجال ، وقد قلّبتها مراراً وتكراراً وحرصت بعد ذلك على العمل بها ، وذلك لأهمّيتها من ناحية المواضيع التي طرحت فيها.

فهي وإن كانت تضمّ بين دفّتيها ثلاثين دعاءاً مرويّاً عن الرسول(صلى الله عليه وآله) والأئمّة الأطهار عليهم‌السلام ، إلاّ أنّ الشيخ السيوري عندما وقع اختياره لتدوين هذه الأدعية دون غيرها ، فهي لا شكّ أنّها كانت من مجرّباته ، لذا حرص على جمعها في كتاب مستقلّ ليطّلع عليها الجميع ممّن غابت عنهم تلك الأدعية ، لأنّ أغلبها متناثرة هنا وهناك.

وقد نسخ هذه المخطوطة الشيخ محمّد السماوي رحمه‌الله وأشار في نهايتها أنّه نسخها في النجف في يوم الجمعة السادس من شهر ربيع الأوّل عام ١٣٦٠ هـ عن نسخة جعفر بن محمّد بن بكّه الحسيني الذي نسخها عام ٩٤٠ هـ في تبريز ، ولم يشر الشيخ السماوي إلى مكان وجود المخطوطة ، وقد أطلق العلاّمة المتبحّر في مصنّفات الشيعة الشيخ آقا بزرك على هذه المخطوطة بـ (الأدعية الثلاثون) ورأى كذلك بخطّ الناسخ لهذه المخطوطة

٣٦٧

المذكور آنفاً في مكتبة السيّد محمّد علي السبزواري بالكاظمية(١) ، لكنّنا لم نتمكّن من الحصول على المخطوطة الأم أو أيّة واحدة أخرى منسوخة بخطٍّ آخر ، لكي نقابلها بهذه المخطوطة التي بين أيدينا.

ولقد اتّخذ الشيخ السيوري منهجاً في مؤلّفه يكاد يكون قريباً من معاصريه ومن سبقوه في هذا المضمار ، أي منهجاً يعتمد على نقل الروايات بحذافيرها ، في حين كان هناك بعض الزيادات في النصّ نفسه ، أو بعض النقصان ، ونجد كذلك في بعض الصفحات يعبّر عن رأيه الشخصي في بعض الأدعية التي يذكرها.

ويمكن القول أنّه على الرغم من الإطار التقليدي الذي تلبّست به هذه المخطوطة ، من حيث طريقة عرض المواضيع وأسلوب البحث القائم على منهج القدامى ، ولكن في نفس الوقت لا تخرج عن الإطار الروحي الذي رسمه لها الشيخ السيوري.

وسيجد القارىء خلال تصفّحه لهذا الكتاب الجانب الروحي الذي ارتبطت به ، وعاش الشيخ السيوري ليخرج بنهاية المطاف بهذه المحصّلة والهدف الذي سعى من ورائه.

منهجنا في التحقيق :

قد لا نختلف كثيراً عمّن سبقونا من الأعلام في تحقيق الكتب ، لأنّ

__________________

(١) الذريعة ١/٣٩٦.

٣٦٨

مناهج المحقّقين تكاد تتوخّى هدف واحد وهو إخراج النصّ التاريخي بأفضل صورة ممكنة.

وأتّبعنا في تحقيقنا لهذه المخطوطة والتعليق عليها الخطوات الآتية :

١ ـ لقد عنيت بإخراج النصّ في صورته التي نطق بها مؤلّفه ، إذ حافظنا على عبارة المؤلّف ولم نمسّها بأيّ تغيير.

٢ ـ حاولت إثبات النصّ الصحيح ، وقد عمدت في سبيل هذا إلى جمع الأصول الأخرى التي تناولت تاريخ هذه الحقبة ، وقد صوّبت ما وقع فيه من خطأ غير مقصود.

٣ ـ قمت بتخريج الآيات القرآنية والأحاديث والروايات الواردة عن الرسول(صلى الله عليه وآله) وأئمّة أهل البيت عليهم‌السلام والأخبار التاريخية الورادة في ثنايا النصّ.

٤ ـ وضعت عناوين داخلية للمواضيع ممّا يعين القارىء على رصد مفردات الكتاب بيسر وسهولة.

٥ ـ أضف إلى ذلك فقد حاولنا قدر المستطاع مقابلة هذه الأدعية مع أقدم المصادر على الرغم من أنّ الشيخ السيوري قد اعتمد في معظمها على كتاب مهج الدعوات للسيّد ابن طاووس ، إلاّ أنّنا وضعنا المصادر القديمة في البدء ، لأنّها المنهل الأوّل لما جاء بعدها.

ومهما يكن من أمر ندعو الله أن يوفّقنا في عملنا هذا ، لأنّه خالص لله تعالى دون طلب لمنافع دنيوية.

وفي الختام لا يسعني إلاّ أن أقدّم خالص شكري وتقديري إلى جميع

٣٦٩

من أسهم معي في إتمام هذه المخطوطة ، لا سيّما الأخ العزيز علي محمّد رشاد فخر الدين ، وكذلك السيّد جواد الحكيم مدير مكتبة الإمام الحكيم العامّة في النجف الأشرف ، وإلى الأخوة الأعزّاء في قسم المخطوطات الذين قدّموا لي كلّ الرعاية والتقدير وسهّلوا لي الحصول على هذه النسخة ، وإلى جميع العاملين فيها ، وفّقهم الله لما يحبّ ويرضى لخدمة العلم وأهله.

المحقّق

النجف الأشرف

١/محرّم/١٤٢٣ هـ

٣٧٠

الشيخ السيوري

أوّلا : نسبه ـ ولادته ـ نشأته ـ وفاته :

هو المقداد بن عبدالله بن محمّد بن الحسين بن محمّد (١) ، الأسدي (٢) ، الحلّي (٣) ، المكنّى بأبي عبدالله (٤) ، والملقّب بجمال الدين (٥) ، وشرف الدين (٦) ، والغروي (٧) ، ومن أشهر ألقابه على الإطلاق السيوري (٨) ، ونسبة ذلك اللقب إلى إحدى قرى الحلّة تسمّى (سيور) وأشار الشيخ البهائي في

__________________

(١) روضات الجنّات : ٥٦٦ ، الذريعة ١/١٧ ، لؤلؤة البحرين : ١٧٢ ، معجم رجال الحديث ١٨/٣٦٨ ، مستدرك وسائل الشيعة ١/٢٢ ، الأعلام للزركلي ٨/٢٠٧ ، مقدّمة كنز العرفان ١/٤ ، تاريخ الحلّة ق٢/ ٩٠.

(٢) روضات الجنّات : ٥٦٦ ، الذريعة ١/١٧ ، لؤلؤة البحرين : ١٧٢ ، أعيان الشيعة ١/١٣٦ ، الأعلام ٨/٢٠٧ ، مقدّمة كنز العرفان ١/٤ ، تاريخ الحلّة ، ق٢/٩٠.

(٣) روضات الجنّات : ٥٦٦ ، الذريعة ١/١٧ ، لؤلؤة البحرين : ١٧٢ ، أعيان الشيعة ١/١٣٦ ، الأعلام ٨/٢٠٧ ، مقدّمة كنز العرفان ١/٤ ، تاريخ الحلّة ق٢/٩٠.

(٤) روضات الجنّات : ٥٦٦ ، الذريعة ١/١٧ ، لؤلؤة البحرين : ١٧٢ ، أعيان الشيعة ١/١٣٦ ، الأعلام ٨/٢٠٧ ، مقدّمة كنز العرفان ١/٤ ، تاريخ الحلّة ق٢/٩٠.

(٥) مقدّمة كنز العرفان ١/ ٤.

(٦) الذريعة ١/١٧.

(٧) مقدّمة كنز العرفان ١/ ٤.

(٨) روضات الجنّات : ٥٦٦ ، الذريعة ١/١٧ ، لؤلؤة البحرين : ١٧٢ ، أعيان الشيعة ١/١٣٦ ، الأعلام ٨/٢٠٧ ، مقدّمة كنز العرفان ١/٤ ، تاريخ الحلّة ق٢/٩٠.

٣٧١

كتابه الفهرست إلى ذلك(١).

والشيء الذي يثير الانتباه عند قراءة ودراسة حياة الشيخ السيوري ، نجد أنّ كتب الرجال والتراجم قد أغفلت وأهملت ، بل وقفت صامتة عن تفاصيل مهمّة من حياته ولا سيّما العلمية منها ، ولولا أهمّية مؤلّفاته وشموليّتها ، هذا من جهة ، ووصولها إلينا من جهة أخرى ، لضاع الكثير الكثير ممّا هو مدوّن اليوم عنه شأنه شأن الكثير من العلماء الذين أندثر ذكرهم ولم يبق سوى مفردات لاتغني شيئاً.

فهي مثلا لم تذكر سنة ولادته ، ولا نشأته العلمية ، على الرغم من كون عصره كان غاصّاً بالعلماء والمتعلّمين خاصّة في مدينتي الحلّة والنجف ، في حين تشير عدد غير قليل من المصادر إلى نبوغه ، وسعة إطّلاعه ، وتنوّع معارفه ، فنراها تنعته بمختلف النعوت والألقاب ، فيقول عنه الحرّ العاملي إنّه : (كان عالماً فاضلا متكلّماً محقّقاً مدقّقاً) (٢) وهذا ما أشار إليه الخوانساري والسيّد الخوئي في معجمه(٣) ، ولُقِّب كذلك بالفاضل السيوري(٤) ، ووصف كذلك بأنّه : (كان من أجلاّء الأصحاب ، وعظماء مشايخ الرجال ، جامعاً بين المعقول والمنقول ، عالماً فاضلا محقّقاً مدقّقاً ، من أعاظم الفقهاء) (٥).

__________________

(١) روضات الجنّات : ٥٦٧ ، مقدّمة كنز العرفان ١ / ٤.

(٢) أمل الآمل ٢/٣٢٥.

(٣) روضات الجنات : ٥٦٦ ، معجم رجال الحديث ١٨/٣٦٨.

(٤) مقدّمة كنز العرفان ١/٤.

(٥) مقدّمة كنز العرفان ١/٤.

٣٧٢

على أنّ هذه الثغرات في تفاصيل حياته دعتنا نحجم عن كتابة الشيء الكثير ، وحاولنا تدوين ما هو موجود وما وقع بأيدينا.

ومن خلال قراءة بعض نصوص حياته ، نستنتج أنّه تلقّى تعليمه في مدينة الحلّة ، ثمّ انتقل بعد ذلك إلى النجف الأشرف حيث ذكر الخوانساري ذلك وأكّد عليه بقوله : (كان من جملة مستوطني المشهد المقدّس) (١) ، ليغترف من بحار علومها ، ويتتلمذ على أفاضل أساتذتها ، ونقلت بعض المصادر تتلمذه على يد الشهيد الأوّل (محمّد بن مكّي العاملي) (٢) ، ويذكر أنّه : (تتلمذ عند الشهيد وسمع منه عندما ارتحل إلى النجف الغريّ) (٣).

ونظراً لانتقاله إلى مدينة النجف الأشرف واستيطانه فيها ، لذا لُقِّبَ بعد ذلك بـ : (الغرويّ) (٤).

وخلال مدّة بقائه في هذه المدينة المقدّسة أسّس مدرسة دينية يطلق عليها مدرسة (المقداد السيوري) أو المدرسة (السليمية).

وتقع هذه المدرسة في سوق المشراق إحدى محلاّت النجف مقابل مسجد الصاغة ، وهي اليوم مهجورة لم يبق منها ذكر سوى بعض الأطلال القائمة.

__________________

(١) روضات الجنات : ٥٦٧.

(٢) روضات الجنات : ٥٦٧ ، الذريعة ١/٤٢٩.

(٣) مقدّمة كنز العرفان ١/٥.

(٤) روضات الجنات : ٥٦٧.

٣٧٣

وذكرها الشيخ جعفر محبوبة في كتابه ماضي النجف وحاضرها بقوله : «إنّ الذي يظهر من خطوط بعض طلاّبها على بعض كتبهم أنّها كانت مسكونة بالطلاّب الدينيّين في أوائل القرن التاسع الهجري فقد شوهد على كتاب مصباح المتهجّد المخطوط للشيخ الطوسي ، وكان عند المغفور له الميرزا حسين النائيني ما نصّه : كان الفراغ من نسخه يوم السبت ١٢ جمادى الأولى سنة ٨٢٣ هـ على يد الفقير إلى رحمة ربّه وشفاعته عبدالوهّاب بن محمّد بن جعفر بن محمّد بن علي السيوري الأسدي بالمشهد الشريف الغروي على ساكنه السلام وذلك في مدرسة المقداد السيوري»(١).

وبذلك يتّضح لنا أنّ المقداد السيوري خلال سنوات بقائه في مدينة النجف الأشرف استطاع أن يكون حوزة علمية قائمة بذاتها من خلال تأسيسه لهذه المدرسة التي كانت محطّ رحال طلاّب العلم.

وكانت وفاته رحمه الله سنة ٨٢٦ هـ في النجف الأشرف ، ودفن في المشهد الشريف عند مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام (٢).

ثانياً : شيوخه ـ تلامذته :

شيوخه :

اقتصرت المصادر الرجالية ومن تناول حياته على ذكر أهمّ شيوخه وهو

__________________

(١) ماضي النجف وحاضرها١/٥٨.

(٢) روضات الجنّات : ٥٦٧ ، الذريعة ١٠/٢٥١ ، مقدّمة كنز العرفان ١/٥ ، تاريخ الحلّة ق٢/٩٠.

٣٧٤

الشهيد الأوّل(١) ، وهذا ليس بالغريب عنّا ، فهي كما أغفلت مفردات مهمّة من حياته لم ترَ هذا الجانب ، أضف إلى ذلك أنّ الشيخ السيوري نفسه لم يدوّن في مصنّفاته الكثيرة من نقل عنهم أو تتلمذ على أيديهم ، شأن من سبقه في هذا المضمار.

وعليه نلحظ أنّ الشهيد الأوّل أثّر تأثيراً ملحوظاً في تلميذه الشيخ السيوري ، وهذا ما لمسناه واضحاً عند قراءة قائمة مؤلّفاته حيث انكبّ على شرح عدد غير قليل من كتب أستاذه ، لذا عدّ من أجلاّء تلامذته والراوين عنه (٢) وكان من المميّزين بل من أشهر طلاّبه ، ومن المعروفين بالبحث والتنقيب ، حيث عمد إلى تنضيد وترتيب كتاب أستاذه الشهيد القواعد الفقهية على أحسن ترتيب وسمّاه نضد القواعد ، إضافة إلى ذلك شرح كتباً أخرى لأستاذه ، وقام بجمع بعض الأسئلة التي سائل بها أستاذه في عدّة مسائل خلافية ، فسمّيت تلك المسائل بـ : المسائل المقدادية.

ونقل الشيخ السيوري كيفية شهادة أستاذه الشهيد ، وقد ذكرها الشيخ المجلسي في إجازاته بقوله :

«وجدت في بعض المواضع ما هذه صورته ، قال السيّد عزّ الدين حمزة بن محسن الحسيني : وجدت بخطّ شيخنا المرحوم المغفور العالم أبي عبدالله المقداد السيوري ما هذه صورته : كانت وفاة شيخنا الأعظم الشهيد

__________________

(١) بحار الأنوار ١٠٤ ، ١٨٤ ، روضات الجنّات : ٥٦٧ ، مقدّمة كنز العرفان ١/٦.

(٢) نفس المصادر المتقدِّمة في هامش رقم(١).

٣٧٥

الأكرم أعني شمس الدين محمّد بن مكّي (قدّس وفي حظيرة القدس سرّه) تاسع جمادي الأولى سنة ستٍّ وثمانين وسبعمائة ، قتل بالسيف ثمّ صلب ثمّ رجم ثمّ أحرق ببلدة دمشق لعن الله الفاعلين لذلك والراضين به في دولة بيدمر وسلطنة برقوق بفتوى المالكي ، يسمى برهان الدين وعبّاد بن جماعة الشافعي ، وتعصّب عليه في ذلك جماعة كثيرة بعد أن حبس في القلعة الدمشقية سنة كاملة»(١).

تلامذته :

تتلمذ على يد الشيخ السيوري عدد من الفقهاء حسبما ذكرته كتب الرجال والتراجم ، لكونه كان يمثّل علماً من أعلام الرواية والحديث ، والفقه والكلام ، وكذلك سمع منه كثير من مشايخ الإجازة ، منهم :

١ ـ تاج الدين الحسن بن راشد الحلّي(٢) ، ويعدّ من أكابر العلماء والفقهاء(٣) ، إضافة إلى أنّه أديب وشاعر وله مجموعة من القصائد في مدح أهل البيت عليهم‌السلام ، وقد أرّخ وفاة شيخه المقداد السيوري في٢٦ جمادي الثاني سنة ٨٢١ هـ ، على ظهر كتاب الأربعون حديثاً(٤) ، وكما وجد كذلك بخطّه

__________________

(١) بحار الأنوار ١٠٤/١٨٤ ـ ١٨٥.

(٢) الذريعة ٥/٦٤ ، روضات الجنّات : ٥٦٧ ، أعيان الشيعة ٥/٦٦ ، أمل الآمل ١/٤٦٤.

(٣) أمل الآمل ١/٤٦٤.

(٤) أعيان الشيعة ٥/٦٥.

٣٧٦

على نسخة قواعد الشهيد(١).

٢ ـ زين الدين علي بن الحسن بن علالة(٢) ، الشيخ الصالح ، العالم الفاضل ، وعدّ من تلامذته ، حيث أجازه على ظهر كتاب مجموع الفتاوى للعلاّمة الحلّي(٣) ، وكذلك على ظهر كتاب المقنعة في آداب الحجّ(٤).

٣ ـ أبو الحسن علي بن هلال الجزائري(٥) شيخ من مشايخ الأمامية في عصره(٦) ، وينقل عن الشيخ السيوري ، وذلك ما ورد في إجازة المحقّق الكركي للقاضي صفيّ الدين ، جاء في نهايتها : (هذا الشيخ الجليل ينقل عن جماعة من الأساطين من أجلاّء تلامذة الشهيد الأوّل وفخر المحقّقين ، منهم الشيخ مقداد عبدالله السيوري عن الشهيد) (٧).

٤ ـ رضيّ الدين عبد الملك بن شمس الدين إسحاق بن رضيّ الدين عبد الملك بن فتحان ، القاضي القمّي الكاشاني(٨).

٥ ـ الشيخ زين الدين بن الشيخ شمس الدين محمّد بن علي بن

__________________

(١) أعيان الشيعة ٥/٦٥.

(٢) الذريعة ٢٠/٩٢ ، مقدّمة كنز العرفان ١/٩.

(٣) الذريعة ٢٠/٩٢.

(٤) الذريعة ٢٠/٩٢.

(٥) روضات الجنّات : ٥٧٧ ، مقدّمة كنز العرفان ١/٨.

(٦) مقدّمة كنز العرفان ، ١/٨.

(٧) روضات الجنّات : ٥٧٧.

(٨) مقدّمة كنز العرفان ١/٩.

٣٧٧

الحسن العاملي التوليني(١) ، عالماً فاضلا ، تقيّاً ورعاً زاهداً(٢) ، وروى عن الشيخ السيوري(٣).

٦ ـ محمّد بن شجاع الأنصاري الشهير بابن القطّان(٤) ، وعدّ من تلامذة الشيخ السيوري ، وسجّل إجازته له في نهج العرفان في أحكام الإيمان في الأخلاق ، وذكر في أوّلها : (أبو عبدالله المقداد السيوري الأسدي مُتِّعنا بطول حياته ولا أُعدِمنا شمول بركاته عن جماعة أكملهم الشيخ الشهيد محمّد بن مكّي) (٥).

ثالثاً : مؤلّفاته(٦) :

خلّف الشيخ السيوري مجموعة من المصنّفات في مختلف صنوف المعرفة ، فقد كان محقّقاً ، منقّباً ، مدقّقاً ، ذا رأي بديع ، وأسلوب رفيع في الكتابة ، فأتقن تآليفه وكتبه أحسن إتقان ، وهي :

__________________

(١) الذريعة ١٨/٢٦ ، أعيان الشيعة ٧/١٦٢.

(٢) أعيان الشيعة ٧/١٦٢.

(٣) الذريعة ١٨/٢٦ ، أعيان الشيعة ٧/١٦٢.

(٤) الذريعة ٢١/١٩٩ ، أعيان الشيعة ٩/٣٦٣.

(٥) أعيان الشيعة ٩/٣٦٣.

(٦) لمزيد من المعلومات أنظر : الذريعة ١/١٧ ، ٢٥١ ، ٣٩٦ ، ٤٢٩ ، ٥١٥ ، ٢/٨٦ ، ٩٢ ، ٢٣٠ ، ٤٢٣ ، ٣/٧ ، ٣٦٠ ، ٤/٣١٥ ، ٤٦٣ ، ٥/٦٨ ، ٢١٢ ، ١٣/١٠٧ ، ١٤/٥٤ ، ١٦٣ ، ١٨/١٥٩ ، ٣٦١ ، ٢٠/٣٦٩ ، ٣٩٢ ، ٢١/٢٧٥ ، ٢٤/١٨٧ ، روضات الجنّات : ٥٧٧ ، مقدّمة كنز العرفان ١/١٠ ـ ١٤ ، القمّي ، الكنى والألقاب ٣/١٠.

٣٧٨

١ ـ إرشاد الطالبين إلى شرح نهج المسترشدين في أصول الدين.

٢ ـ الأسئلة السيورية.

٣ ـ الأسئلة المقدادية.

٤ ـ الاعتماد في شرح واجب الاعتقاد في الأصول والفروع ، وهو من تصانيف العلاّمة الحلّي.

٥ ـ الأنوار الجلالية في شرح الفصول النصيرية.

٦ ـ النافع يوم الحشر ، ويسمّى (شرح الباب الحادي عشر).

٧ ـ تجويد البراعة في شرح تجريد البلاغة.

٨ ـ تفسير مغمضات القرآن.

٩  ـ  الأدعية المهمّة المسمّاة بالأدعية الثلاثين (وهو الكتاب الذي بين يديك).

١٠ ـ التنقيح الرائع من المختصر النافع.

١١ ـ جامع الفوائد في تلخيص القواعد ، وهو تلخيص قواعد الشهيد.

١٢ ـ شرح ألفية الشهيد.

١٣ ـ شرح مبادىء الأصول الموسوم بنهاية المأمول.

١٤ ـ كنز العرفان في فقه القرآن.

١٥ ـ اللوامع الإلهية في المسائل الكلامية.

١٦ ـ مسألة في المتعة.

١٧ ـ رسالة في معنى الناصب.

١٨ ـ تنضيد القواعد الفقهية على مذهب الأمامية.

٣٧٩

٣٨٠