القواعد العامة في فقه المقارن

السيّد محمّد تقي الحكيم

القواعد العامة في فقه المقارن

المؤلف:

السيّد محمّد تقي الحكيم


المحقق: وفي الشناوة
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلاميّة
المطبعة: نگار
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-8889-93-2
الصفحات: ٢٩٦

الموضوع حتما ، وكذلك القول في أصل الطهارة». (١)

ونظيره ما قيل في الكلمة التي وقعت موضوعا لكلّ العلوم اللّسانية ، فهي من حيث الإعراب والبناء موضوع لعلم النحو ، ومن حيث الإعلال والإدغام موضوع لعلم الصرف ، وهكذا. (٢)

ثانيا : إنّ القاعدة الفقهية ـ بعد استنباطها من الأصول ـ يستطيع أن يجري قياسها كلّ مكلف حتى إذا كان غير مجتهد ؛ ليطبّقها على نفسه تمهيدا للعمل على وفقها ، بخلاف القاعدة الأصولية فإنّ الذي يختصّ بإجراء قياسها هو المجتهد دون غيره ؛ لأنّ كيفيات استنباط الأحكام الكليّة من أدلّتها لا يستطيع إدراكها غير المختصّين من ذوي الاجتهاد ، ونتائجها توصل إلى العلم بالأحكام ، وهي سابقة في الرتبة على القياس الذي يجري في مقام العمل ليوصل إلى أحكام جزئية. (٣)

وقد يورد على هذا الفارق بأنّ قسما من القواعد الفقهية ممّا يتعسّر فهمها على غير المختصّين فكيف يوكل إليهم إجراء قياسها؟ أمثال : قاعدة (ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده) ، و (الخراج بالضمان) ، و (لا ضرر ولا ضرار). (٤)

ولكنّ هذا الإيراد لا يبدو له وجه ؛ لأنّ المقياس الذي ذكرناه ليس هو فهم غير المجتهد وعدم فهمه ، وإنّما المقياس هو أنّ القاعدة الفقهية كالمسألة الفقهية ممّا تتّصل بعمله مباشرة فهو الذي يحتاج إلى إجراء قياسها ، بخلاف القاعدة الأصولية والفهم وعدم الفهم ليس هو المقياس ، وحسابها حساب المسائل الفقهية ، وأكثرها لا يفهمها غير المختصّين إلّا بعد إيضاحها لهم.

فالقاعدة الفقهية متى فهمها العامّي استطاع تطبيقها على نفسه في مجالات عمله

__________________

١ ـ الأصول العامة للفقه المقارن : ٤٠.

٢ ـ انظر : فوائد الأصول ١ : ٢٣.

٣ ـ انظر : فرائد الأصول ٣ : ١٨ ـ ١٩.

٤ ـ مصباح الأصول ١ ق ١ : ١٨ ـ ١٩.

٤١

الخاص.

وقد أشار إلى هذا الفارق التعريف بأخذه في القاعدة الفقهية إنتاجها الحكم الجزئي ؛ لأنّ هذا النوع من الحكم هو الذي يتّصل بعمل العامل عادة بعد إجراء قياسه من قبله.

الفرق بين القواعد الفقهية والقواعد العقلية والعرفية وغيرها

ومن هذا التعريف أيضا يتّضح الفرق بين القواعد الفقهية وغيرها ممّا يلابسها من القواعد العقلية أو العرفية أو القانونية أمثال : قاعدة (لا ينسب إلى ساكت قول) ، وقاعدة (الأصل في الكلام الحقيقة) ، وقاعدة (إذا تعذّر إعمال الكلام يهمل) ، وقاعدة (السؤال معاد في الجواب).

بتقريب : أنّ القاعدة الفقهية يكون إنتاجها للحكم الجزئي إنتاجا مباشرا بحكم وقوعها كبرى في قياس الاستنباط ، بينما لا تقع هذه القواعد ونظائرها في كبرى القياس المنتج للحكم أو الوظيفة وإن استعان بها الفقيه في مجالات استنباطه للحكم الشرعي الكلّي أو الوظيفة (١) ، وحسابها حساب بقيّة القواعد النحوية أو البلاغية أو الأصولية.

والحقيقة أنّ القواعد الفقهية من الفقه لكونها ضوابط لمسائل فقهية ، بخلاف هذه القواعد فهي ليست من الأحكام أو الوظائف بشيء.

وإذا تمّ ما ذكرناه من تحديد لهذه القواعد والفروق بينها وبين غيرها ممّا يشبهها ، وأردنا أن نضفي عليها سمة العلم كما صنعوه بالنّسبة إلى أصول الفقه ، عدنا إلى التساؤل عن : موضوع القواعد الفقهية.

__________________

١ ـ ذكر النائيني : «وهذا بخلاف مسائل سائر العلوم ؛ فإنّها لا تقع كبرى لقياس الاستنباط أصلا». فوائد الأصول ١ : ١٩.

٤٢

المبحث الثاني

موضوع القواعد الفقهية

وقبل أن نتحدّث عن موضوعها ، نودّ أن نذكّر بما سبق أن أشرنا إليه في كتابنا (الأصول العامّة للفقه المقارن) من تحديدنا لموضوع العلم وأنّه بعد إدخال بعض الإصلاح عليه :

«ما يبحث فيه عن عوارضه التي تتّصل بتحقيق الغاية منه ، سواء منها ما يدخل في عنوان ما اصطلحوا عليه بالعرض الذاتي أم الغريب». (١)

وقد شرحنا السرّ في اختيارنا لهذا التعميم خروجا على ما ذهب إليه بعض من أعلام الباحثين في هذا المجال. (٢)

وفي حدود هذا الاختيار نتحدّث عن موضوع القواعد الفقهية.

والذي يبدو لنا أنّ موضوعها هو : كلّ ما يصلح أن يقع وسطا في القياس الجاري في أكثر من مجال فقهي لإنتاج حكم جزئي أو وظيفة كذلك.

__________________

١ ـ الأصول العامة للفقه المقارن : ١٠ ـ ١١.

٢ ـ ذكر المحقّق الخراساني : «إنّ موضوع كلّ علم ـ وهو الذي يبحث فيه عن عوارضه الذاتية ، أي بلا واسطة في العروض ـ هو ...» فهو مع اقتصاره على العرض الذاتي في موضوع العلم ، عمّم الذاتي إلى ما لا تكون فيه واسطة عروضية ، أي كانت فيه واسطة في الثبوت. انظر : كفاية الأصول : ٧.

٤٣

وتعداد مصاديق ما يصلح منها لذلك موكل إلى الاستقراء.

الغاية من دراسة هذه القواعد

أمّا الغاية من دراسة هذه القواعد ، فهي الغاية من دراسة الفقه الاستدلالي ، أعني : التعرّف التفصيلي على الأحكام والوظائف الشرعية أو العقلية ؛ تمهيدا لتقديمها للعاملين بها ، بالإضافة إلى الجانب التيسيري الّذي توفّره دراسة هذه القواعد مجتمعة في كيان مستقلّ ، بحكم كونها ضوابط لمسائل متفرّقة في مختلف المجالات الفقهية.

فهي بدلا من أن تدرس أكثر من مرّة دراسة تفصيليّة تبعا لوجود مسائلها المشتّتة في مظانّها من الفقه ، تدرس مرّة واحدة في المدخل ، ويحال عليها كلّ ما ورد لها مصداق من المصاديق في أيّ مجال من المجالات ، على أنّ الباحث قد يعجز عن الوصول إلى بعض القواعد لو أراد التعرّف عليها في الكتب الاستدلالية الفقهية ؛ للجهل بمظانّ بحثها في تلك الكتب ، بينما ييسّر له بحثها في كتاب مستقلّ وسائل التعرّف عليها عادة.

مصادر البحث في القواعد الفقهيّة

عنيت بالبحث عن هذه القواعد كتب كثيرة ألّفت في الفقه أو الأصول ، كما ألّفت فيها كتب مستقلّة ركّزت عليها في مختلف المذاهب الإسلامية ، نذكر أهمّها في حدود ما اطّلعنا عليه :

(١) القواعد والفوائد ، للشهيد الأول (محمد بن مكي العاملي).

(٢) تمهيد القواعد ، للشهيد الثاني (زين الدين بن علي العاملي).

(٣) عوائد الأيام ، للشيخ أحمد النراقي.

(٤) العناوين ، لمير فتاح.

٤٤

(٥) نضد القواعد ، لعبد الله بن المقداد الملقّب بالفاضل السيوري.

(٦) الأصول ، لعبيد الله بن الحسن الكرخي.

(٧) قواعد الأحكام ، لعز الدين بن عبد السلام.

(٨) الفروق ، للقرافي.

(٩) القواعد في الفقه الإسلامي ، لعبد الرحمن بن رجب.

(١٠) الأشباه والنظائر ، لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي.

(١١) الأشباه والنظائر ، لزين الدين بن إبراهيم المعروف بابن نجيم ، وغيرها.

وقد ذكر في صدر مجلة «الأحكام العدلية» (١) ما يقرب من مائة قاعدة ، وشرحها من عني بشرح المجلّة من الشرّاح ، كما شرحها واستدرك عليها الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء في كتابه «تحرير المجلّة» (٢) بما يقرب من خمسين قاعدة.

وقام الشيخ مصطفى الزرقا بمحاولة تنظيميّة لهذه القواعد ، مع شرح موجز لها في كتابه «المدخل الفقهي العام».

وقد عرض الزرقا جملة من هذه المصادر عرضا تاريخيا ؛ سلسلها حسب زمن تأليفها ، واعتبر المذهب الحنفي أقدم المذاهب التي عنيت بجمع القواعد وتدوينها ، وليس المهمّ فعلا تحقيق هذا الجانب ، فلتراجع. (٣)

__________________

١ ـ مجلّة عنيت بالقواعد الفقهية ، كانت تصدر في زمن الدولة العثمانية عند ما رأت أنّ الحاجة ماسّة لوضع قانون منتزع من فقه السادة الحنفية ؛ لتنجو محاكمها من الارتباك والاختلاف الناشئين عن الأقوال المختلفة في كتب فقه الحنفية ، فانتقت طائفة من جلّة العلماء ومبرّزي الفقهاء في ذلك العصر لتضع هذا القانون ، وتقوم بذلك العمل الكبير ، وكانت هذه المجلّة أعظم آثار الدولة العثمانية. انظر : درر الحكّام شرح مجلّة الأحكام ١ : ٣ مقدّمة المعرّب.

٢ ـ قال الطهراني : وهذا الكتاب من أهمّ آثاره ، ألّفه بعد أن رأى «مجلّة العدلية» أو «مجلّة الأحكام» ، المقرّر تدريسها في كلية الحقوق ببغداد في زمن الأتراك ، ورأى فيها نقصانا وزيادة وحاجة إلى التنقيح والتحرير ، فألّف هذا الكتاب ، وهو خمسة أجزاء ، يعرف قدره وجلالة مؤلّفه من تبحّر في الفقه». طبقات أعلام الشيعة / نقباء البشر في القرن الرابع عشر ١ ق ٢ : ٦١٩.

٣ ـ المدخل الفقهي العام ٢ : ٩٦٩ ـ ٩٧٦.

٤٥

ولأستاذنا : السيّد ميرزا حسن البجنوردي كتاب «القواعد الفقهية» (١) في أجزاء عدّة وهو حافل بعشرات من القواعد.

__________________

١ ـ ذكر فيه المصنّف ثلاثا وستين قاعدة فقهية ، وتطرّق لها بشيء من الإطناب والتفصيل ، وإيضاحها دلالة وسندا وموردا ، وبيان النسبة بينها ، وتعيين الحاكم والمحكوم والوارد والمورود منها ، والكتاب مطبوع في سبعة أجزاء.

٤٦

المبحث الثالث

ملاحظات حول المناهج السابقة

والملاحظ على أكثر ما كتب ممّا اطّلعنا عليه من كتب القواعد الفقهية أنّ القواعد فيها لم تدرس دراسة منهجية ، تعرض لتحديد المدلول العلمي للقاعدة ، ثمّ لمصادرها الشرعية أو العقلية ، والشبهات التي تثار حولها سندا ودلالة ، والاستثناءات التي تدخل عليها ـ إن وجدت ـ ومجالات تطبيقها ، إلى غير ذلك من مقتضيات البحث المنهجي.

كما يلاحظ على هذه الكتب أنّها لم تقتصر على عرض ما يصلح أن يكون قاعدة فقهية ، وإنّما عرضت بالإضافة إلى ذلك قواعد ليست من الفقه وإن لابسته ، كما عرضت لمسائل فقهية لا يمكن أن ينطبق عليها عنوان القاعدة ، وقد تضخم لذلك عدد ما عرض في بعضها حتى تجاوز خمسمائة قاعدة ومسألة. (١)

وكان الأولى من الناحية المنهجية أن تقصى هذه المسائل والقواعد لتوضع في مواضعها الطبيعية من العلوم الأخرى ، أو تبحث في بحوث التمهيد ، إن لم يكن لها مكان محدّد في بقية العلوم ، وكان ممّا يحتاج إليه الفقيه في مجالات استنباطه.

وقد لاحظنا نفس هذه الملاحظة على أكثر الكتب التي ألّفت في علم الأصول ،

__________________

١ ـ ذكر القرافي وهو يتحدّث عن كتابه : «وجمعت فيه من القواعد خمسمائة وثمانية وأربعين قاعدة ، أوضحت كلّ قاعدة بما يناسبها من الفروع». الفروق ١ : ١١.

٤٧

حيث أثقلت بقواعد ليست من علم الأصول وإن احتاج إليها الأصوليون. (١).

المنهج المختار

لم نجد في الواقع لدى الفقهاء منهجا معيّنا يقوم على أساسه تخطيط البحث في هذه القواعد على نحو يضفي عليه سمة العلم ، وكلّ ما هناك دراسات لقواعد متفرّقة لا يجمع بينها جامع ، ممّا اضطرّ كثير من الباحثين أن يرتّبها حسب الحروف الهجائيّة. (٢)

ومن الواضح أنّ هذا النهج إن صلح للفهرسة ولبعض الأعمال الموسوعية كدوائر المعارف ، أو كتب اللّغة ، فهو لا يصلح لكتابة علم له مقوّماته ومعالم شخصيته.

لذلك فضّلنا أن نعود إلى هذه القواعد ؛ فنلتمس مواقع الالتقاء بينها ، حتّى إذا تمّ كلّ ذلك اخترنا ثلاثة نماذج تطبيقية ، طبعنا عليها منهجنا في المقارنة والتحليل.

تقسيم القواعد إلى قواعد واقعية وقواعد ظاهرية

وقد لاحظنا أنّ هذه القواعد يمكن أن تلتقي بقسمين رئيسين اصطلحنا على أحدهما ب (القواعد الواقعيّة) كما اصطلحنا على الآخر ب (القواعد الظاهريّة).

القواعد الواقعية

ونريد بها القواعد الناظرة إلى الأحكام الواردة على موضوعاتها دون لحاظ طروّ حالة الشكّ عليها ، وينتظم في ذلك قواعد (الضرر) و (الحرج) و (النيّة) وأمثالها.

__________________

١ ـ كمباحث الألفاظ ومباحث الملازمات العقلية. راجع : الأصول العامة للفقه المقارن : ٣٨.

٢ ـ انظر على سبيل المثال : المنثور في القواعد للزركشي ، وموسوعة القواعد الفقهية للبورنو ، والقواعد لمحمد كاظم المصطفوي.

٤٨

القواعد الظاهريّة

ونريد بها القواعد الضابطة لأحكام أو وظائف يحدّدها الشارع أو العقل ، عند طروّ الشكّ على الحكم الواقعي ، أو موضوعه ، سواء كان لسان هذه القواعد لسان أمارة أم أصل ، وينتظم في ذلك قواعد (الصحّة) و (الفراغ) و (التجاوز) وغيرها.

تجميع القواعد حسب مواقع الالتقاء

وهذه القواعد المنتظمة في هذين القسمين يمكن أن توزّع بحسب الالتقاء بينها إلى أبواب وفصول ، فهناك مثلا عدّة قواعد تعالج مواضيع ضررية ، وأخرى تعالج مواضيع حرجية ، وثالثة تعالج أحكاما ضمانية ، وهكذا ... فيأخذ كلّ واحد منها بابا أو فصلا في باب من أحد القسمين ، وتختصّ كلّ قاعدة ببحث يأخذ موقعه من الباب أو الفصل ، بادئين بأكثر القواعد شمولا وسعة في الفقه ، ثمّ الأكثر فالأكثر ، وهكذا.

طريقة بحث القواعد المستقلّة

أمّا القواعد المستقلّة التي لا يجمعها مع غيرها قدر جامع ؛ فيمكن أن تبحث في باب مستقلّ بعنوان (قواعد متفرّقة) ، يلحق تبعا لمداليل هذه القواعد في مكانه الطبيعي من القسمين.

وعلى هذا فهيكل البحث يقوم على أساس تقسيم القواعد إلى قسمين ، ينطوي كلّ قسم على أبواب وفصول.

المنهج العام في بحث القواعد الرئيسة

أمّا طريقة بحث هذه القواعد ـ وبخاصّة الرئيسة منها ـ فتقوم في الغالب على

٤٩

أساس التماس :

أوّلا : مصدر القاعدة.

ثانيا : مدلولها.

ثالثا : حجّيتها.

رابعا : الشبهات التي تثار حولها.

خامسا : الاستثناءات الواردة عليها إن وجدت.

سادسا : مجالات تطبيقها.

سابعا : القواعد المترتّبة عليها.

عارضين في كلّ ذلك آراء مجتهدي مختلف المذاهب الإسلامية في حدود ما نعثر عليه من آرائهم فيها ، ثمّ التعقيب بما نراه ، معتمدين منهج المقارنة الذي سبق أن تحدّثنا عنه في بحوث التّمهيد من كتابنا «الأصول العامّة للفقه المقارن» (١) ، مؤكّدين على الجانب التّقييمي في هذه البحوث ؛ لأنّه هو الذي يهمّنا في أمثال هذه الدراسات.

__________________

١ ـ الأصول العامّة للفقه المقارن : ١٢ وما بعدها.

٥٠

القواعد العامة

في الفقه المقارن

ويتضمّن ثلاثة فصول :

* الأول : قواعد الضرر وما يلابسها

* الثاني : قواعد الحرج وما يلابسها

* الثالث : قواعد النيّة وما يلابسها

٥١
٥٢

الفصل الأول

قواعد الضرر وما يلابسها

ويتضمّن تمهيدا وثلاثة مباحث :

* التمهيد : منهج قواعد الضرر وما يلابسها

* المبحث الأوّل : قاعدة لا ضرر ولا ضرار وما يلابسها

* المبحث الثاني : القواعد التي بنيت على قاعدة لا ضرر ولا ضرار

* المبحث الثالث : تزاحم الأضرار وكيفيّة علاجه

٥٣
٥٤

تمهيد

تحدّث الفقهاء المعنيّون بدراسة القواعد الفقهيّة عن جملة من القواعد الواقعيّة ، تلتقي كلّها بعنوان الضرر وما يلابسه ، أو يرجع إليه (١) ، أهمّها ممّا يقتضينا التحدّث عنه هو القواعد الآتية :

(١) لا ضرر ولا ضرار.

(٢) الضرر يزال.

(٣) القديم يترك على قدمه.

(٤) الضرر لا يكون قديما.

(٥) الضرورات تبيح المحظورات.

(٦) الضرورات تقدّر بقدرها.

(٧) ما جاز بعذر بطل بزواله.

__________________

١ ـ راجع : الأشباه والنظائر للسبكي ١ : ٤١ ـ ٤٨ ، والقواعد والفوائد ١ : ١٤١ ـ ١٤٦ ، ونضد القواعد الفقهية : ٨١ ـ ٨٦ ، والقواعد للحصني ١ : ٣٣٣ ـ ٣٤٠ ، والأقطاب الفقهية : ٤٦ ـ ٤٨ ، والأشباه والنظائر للسيوطي ١ : ٢١٠ ـ ٢٢٠ ، والأشباه والنظائر لابن نجيم : ٨٥ ـ ٩٢ ، وشرح المجلّة للأتاسي ١ : ٥٢ ـ ٧٧ ، وشرح المجلّة لسليم اللبناني ١ : ٢٩ ـ ٣٣ ، وشرح القواعد الفقهية : ١٦٥ ـ ٢١٤ ، وتحرير المجلّة ١ : ١٤٠ ـ ١٥٢ ، والمدخل الفقهي العام ٢ : ٩٨٩ ـ ١٠٠٨.

٥٥

(٨) الحاجة تنزّل منزلة الضرورة.

(٩) الضرر الأشدّ يزال بالضرر الأخفّ.

(١٠) يختار أهون الشرّين.

(١١) إذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمهما ضررا بارتكاب أخفّهما.

(١٢) يتحمّل الضرر الخاصّ لدفع ضرر عامّ.

(١٣) لا يجوز التعسّف باستعمال الحقّ.

(١٤) درء المفاسد أولى من جلب المصالح.

(١٥) إذا تعارض المانع والمقتضي يقدّم المانع.

(١٦) لا يجوز الإضرار بالغير بدفع الضرر عن النفس.

(١٧) الضرر لا يزال بمثله.

وهذه القواعد على اختلافها وتعدّدها تكاد تلتقي التقاء مباشرا أو غير مباشر بموضوعين رئيسين :

أحدهما : يقوم على أساس من القاعدة الأولى ، أعني قاعدة (لا ضرر ولا ضرار) وهي لسان حديث نبويّ شريف.

ويتضمّن في هذا المجال من القواعد التي عرضناها :

(١) قاعدة الضرر يزال.

(٢) القديم يترك على قدمه.

(٣) الضرر لا يكون قديما.

(٤) الضرورات تبيح المحظورات.

(٥) الضرورات تقدّر بقدرها.

(٦) الحاجة تنزّل منزلة الضرورة.

(٧) ما جاز لعذر بطل بزواله.

٥٦

ثانيهما : ما ينتظم منها بقواعد باب التزاحم ، وهي قواعد :

(١) الضرر الأشدّ يزال بالضرر الأخفّ.

(٢) يختار أهون الشرّين.

(٣) إذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمهما بارتكاب أخفّهما.

(٤) يتحمّل الضرر الخاصّ لدفع ضرر عامّ.

(٥) لا يجوز التعسّف باستعمال الحقّ.

(٦) درء المفاسد أولى من جلب المصالح.

(٧) إذا تعارض المانع والمقتضي يقدّم المانع.

(٨) لا يجوز الإضرار بالغير بدفع الضرر عن النفس.

(٩) الضرر لا يزال بمثله.

***

وعلى هذا فالحديث عن قواعد الضرر وما يلابسها يقع في ثلاثة مباحث :

الأوّل : قاعدة (لا ضرر ولا ضرار).

الثاني : القواعد التي بنيت على قاعدة (لا ضرر ولا ضرار).

الثالث : تزاحم الأضرار وكيفيّة علاجه.

٥٧
٥٨

المبحث الأول

قاعدة لا ضرر ولا ضرار

وما يلابسها من الأحكام

ويتضمّن مطلبين :

* قاعدة لا ضرر ولا ضرار

* ما يلابس هذه القاعدة من الأحكام

٥٩
٦٠