القواعد العامة في فقه المقارن

السيّد محمّد تقي الحكيم

القواعد العامة في فقه المقارن

المؤلف:

السيّد محمّد تقي الحكيم


المحقق: وفي الشناوة
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلاميّة
المطبعة: نگار
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-8889-93-2
الصفحات: ٢٩٦

ومنفيا بها ، ولا يلحظ فيها المجموع بما هو مجموع ، كما ربّما يظهر من لسان «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام» ، فكأنّها تريد نفي الضرر مطلقا بالنسبة لمجموع المكلّفين ، ولعلّ هذا ممّا تفترق به (لا حرج) عن (لا ضرر).

عاشرا : الحرج في القاعدة واقعي أو علمي؟

المستفاد من هذه القاعدة ـ بمناسبة الحكم والموضوع وبتسلّط النفي على نفس الحرج ـ أنّ المنفي فيها هو الحرج الواقعي ، لا العلم أو الظنّ به.

والعلم والظنّ إنّما هما طريقان له ، والطريق إذا أخطأ الواقع وتبيّن الخطأ لصاحبه بعد ذلك فيه طولب به ، على ما هو التحقيق في الأحكام الظاهرية من أنّها لا تجزئ عن الواقع ، ولا تسقطه ، بل يبقى المكلّف العالم الحرج مطالبا به متى انكشف له الخطأ.

وقد تقدّم بحثنا لهذا الموضوع في قاعدة لا ضرر ولا ضرار ، والأمر هنا مشابه للأمر هناك (١) ، فلا نعيد.

__________________

١ ـ تقدّم البحث في ذلك ص ١١٠ من هذا الكتاب.

٢٠١
٢٠٢

المبحث الثاني

القواعد التي تلابس قاعدة (لا حرج)

ويتضمّن :

* قاعدة : إذا ضاق الأمر اتّسع ، وإذا اتّسع ضاق

* قاعدة : الضرورات تبيح المحظورات

* قاعدة : الحاجة تنزّل منزلة الضرورة ، عامّة كانت أم خاصّة

* قاعدة : المشقّة والحرج إنّما يعتبران في غير المنصوص ، أمّا فيه فلا

* قاعدة : كلّ ما تجاوز عن حدّه انقلب إلى ضدّه

* قاعدة : المشقّة تجلب التيسير

٢٠٣
٢٠٤

أولا : قاعدة إذا ضاق الأمر اتّسع ، وإذا اتّسع ضاق

قال السيوطي في الأشباه والنظائر : «بمعنى هذه القاعدة قول الشافعي رضى الله عنه : إذا ضاق الأمر اتّسع. وقد أجاب عليها (١) في ثلاثة مواضع :

أحدها : فيما إذا فقدت المرأة وليّها في سفر ، فولّت أمرها رجلا : يجوز ، قال يونس بن عبد الأعلى : فقلت له : كيف هذا؟ قال : إذا ضاق الأمر اتّسع.

الثاني : في أواني الخزف المعمولة بالسرجين أيجوز الوضوء منها؟ فقال : إذا ضاق الأمر اتّسع. حكاه في البحر.

الثالث : حكى بعض شرّاح المختصر : أنّ الشافعي سئل عن الذباب يجلس على غائط ، ثم يقع على الثوب ، قال : إذا كان في طيرانه ما يجفّ فيه رجلاه ، وإلّا فالشيء إذا ضاق اتّسع.

ولهم عكس هذه القاعدة (إذا اتّسع الأمر ضاق).

قال ابن أبي هريرة في تعليقه : وضعت الأشياء في الأصول على أنّها إذا ضاقت اتّسعت ، وإذا اتّسعت ضاقت ، ألا ترى أنّ قليل العمل في الصلاة لما اضطرّ إليه سومح به ، وكثيره لمّا لم يكن به حاجة لم يسامح به. وكذلك قليل البراغيث

__________________

١ ـ الصحيح : «بها» كما هو في المصدر.

٢٠٥

وكثيره». (١)

وقال الشيخ أحمد الزرقا في كتابه شرح القواعد الفقهية : هذا في معنى الضرورات تبيح المحظورات ، وتمام القاعدة الفقهية كما في مرآة المجلّة : وإذا اتّسع ضاق.

وكأنّ معنى الشقّ الثاني فيها أنّه إذا دعت الضرورة والمشقّة إلى اتّساع الأمر فإنّه يتّسع إلى غاية اندفاع الضرورة والمشقّة ، فإذا اندفعت وزالت الضرورة الداعية ، عاد الأمر إلى ما كان عليه قبل نزوله ، ويقرب منه (الضرورة تقدر بقدرها) (٢).

ويرد على هذه القاعدة أخذهم لكلمة (الأمر) فيها بما له من شمول ، وهو لفظ عامّ ينطبق على كلّ قول وفعل ، وهو أعمّ من الموضوعات الفقهية وغيرها ، وهذا وهن في القاعدة.

وهذه القاعدة لا أعرف لها مدركا فقهيا يصلح أن يكون قاعدة فقهية (٣) ، فهي لا تشير إلى الفقه بحال ، واعتماد الشافعي عليها بمقام الفتيا لا يصلح أن يكون قاعدة للإفتاء ؛ لاحتمال الخطأ في اجتهاده.

ثانيا : قاعدة الضرورات تبيح المحظورات

فحوى هذه القاعدة : أنّ الشارع لا يتسامح في ارتكاب المحرّم إلّا إذا بلغ ارتكابه

__________________

١ ـ الأشباه والنظائر ١ : ٢٠٨ ـ ٢٠٩.

٢ ـ شرح القواعد الفقهية : ١٦٣ ، بتصرّف.

٣ ـ ذكر الشيخ آل كاشف الغطاء : أنّ هذه القاعدة ترجع إلى قاعدة نفي العسر والحرج المدلول عليها بقوله تعالى : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) [الحج : ٧٨] ، (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)[البقرة : ١٨٥]. تحرير المجلّة ١ : ١٣٩.

٢٠٦

مبلغ الإلجاء والاضطرار لدفع خطر ما عن الدين أو النفس أو العرض أو المال ، وقد مثّلوا له بجواز أكل الميتة عند المخمصة ، وإساغة اللقمة بالخمر ، والتلفّظ بكلمة الكفر للإكراه. (١)

قال مصطفى الزرقا : «والذي أراه أنّه لا يشترط تحقّق الهلاك بالامتناع عن المحظور ، بل يكفي أن يكون الامتناع مفضيا إلى وهن لا يحتمل أو آفة صحيّة. والميزان في ذلك أن يكون ما يترتّب على الامتناع أعظم محذورا من إتيان المحظور ، فصيانة النفس عن الهلاك أعظم وأوجب من صيانة مال الغير واحترام حقّه ، أو من أكل الخنزير أو الميتة». (٢)

وهذه القاعدة منتزعة من أدلّة اعتبارها ، وهذه الأدلّة تشمل الواجبات والمحرّمات ؛ لكونها واردة مورد الامتنان ، وليس من المنّة أن نفرّق بين الأحكام الإلزامية.

والذي يقرّب ذلك : أنّ المستفاد من أمثال هذه القواعد بحكم كونها امتنانية هو جعل الرخصة من قبل الشارع في مخالفة حكمه ، لا نفي أصل الحكم ؛ لوضوح أنّ مفسدة الحرام لا يزيلها الاضطرار إلى ارتكاب متعلّقها وإن رخّص به لدفع مفسدة أعظم. (٣)

فمفاد أمثال هذه الأدلّة هو الترخيص بارتكاب المحظور ، لا نفي ملاكه ، ولا ينافي ذلك الإلزام بارتكابه أحيانا ، كما إذا اضطر إلى شرب الخمر ـ مثلا ـ لدفع خطر الموت عنه ، فإنّه يكون واجبا أي ملزما بفعله ، ولكنّ هذا الإلزام بالفعل لا ينافي

__________________

١ ـ راجع : الأشباه والنظائر للسبكي ١ : ٤٥ ، والأشباه والنظائر للسيوطي ١ : ٢١١ ، والأشباه والنظائر لابن نجيم : ٨٥ ، وتحرير المجلّة ١ : ١٤٣.

٢ ـ المدخل الفقهي العام ٢ : ١٠٠٤.

٣ ـ ذكر الشيخ آل كاشف الغطاء : أنّ الضرورات لا تغيّر الأحكام أصلا ، وإنّما ترفع عقوبة الحرام فقط. تحرير المجلّة ١ : ١٥٠.

٢٠٧

بقاء ملاك التحريم ؛ فإنّ هذا الوجوب إنّما استفيد من دليل آخر ، لا من أدلّة الاضطرار ، فإنّ هذه الأدلّة ـ كما يقتضيه التعبير في بعضها «إلّا وأحلّه» (١) ـ لا تقتضي أكثر من الترخيص.

ومن هنا يتّضح أنّ القاعدة التي تتكفّل شئون ارتكاب الحرام هي هذه القاعدة وبعض القواعد التي تلابسها.

ثالثا : قاعدة الحاجة تنزّل منزلة الضرورة

عامّة كانت أم خاصّة

وقد تقدّمت هذه القاعدة (٢) في فصل القواعد التي بنيت على قاعدة (لا ضرر) ، وقلنا : إنّ الأحكام التي وردت من الشارع غير معلّلة بالحاجة لتسري العلّة من طريق القياس إلى غيرها ممّا يشبهها ، واحتمال كونها قاصرة على مواضعها ـ لو أمكن استنباطها ـ غير بعيد ، وإلّا فما معنى قصر الشارع الاستثناء على الاضطرار في رفع الأحكام التحريمية إذا كانت الحاجة ـ وهي دون الضرورة ـ كافية في رفع اليد عنها ، والترخيص في ارتكابها ، وكان بوسعه أن يذكر الحاجة اكتفاء بها ؛ لأنّ ذكرها ـ لو كان هو الأساس ـ يغني عن ذكر الضرورة ، كما هو واضح.

__________________

١ ـ التعبير في الروايات جاء بصيغة «إلّا وقد أحلّه». تهذيب الأحكام ٣ : ١٧٧ ، ٣٠٦ كتاب الصلاة ، باب (١٤) صلاة الغريق والمتوحل والمضطر ح ١٠ ، وباب (٣٠) صلاة المضطر ح ٢٣.

٢ ـ راجع : ص ١٢٤ من هذا الكتاب.

٢٠٨

رابعا : قاعدة المشقّة والحرج إنّما يعتبران

في غير المنصوص أمّا فيه فلا

الموضوعات التي نصّ الشارع على حرجيّتها لا تكون متناولة لقاعدة (لا حرج) ، وإنّما تشمل القاعدة غير المنصوص على حرجيته ، ففي مثل الجهاد ، والحج ، والأحكام المالية ، وغيرها ، ممّا نصّ الشارع على حرجيّته لا يكون مشمولا للقاعدة المذكورة. (١)

خامسا : قاعدة كلّ ما تجاوز عن حدّه انقلب إلى ضدّه

ويراد ب (كلّ ما تجاوز عن حدّه) : شمول الأمر الضيّق والمتّسع ، ويراد ب (انقلابه إلى ضده) : رفع الحكم وإثباته. (٢)

والإشكال المتقدّم في قاعدة (إذا ضاق الأمر اتّسع) وارد هنا أيضا.

__________________

١ ـ راجع : الأشباه والنظائر للسيوطي ١ : ٢٠٤ ، والأشباه والنظائر لابن نجيم : ٨٣ ، وعوائد الأيام : ١٨٨ ، والعناوين ١ : ٢٩٥.

٢ ـ راجع : الأشباه والنظائر للسيوطي ١ : ٢٠٩ ، والأشباه والنظائر لابن نجيم : ٨٤.

٢٠٩

سادسا : قاعدة المشقّة تجلب التيسير

جعلت هذه القاعدة كتعبير آخر عن قاعدة (لا حرج) ، ولكنّ الذي يؤخذ عليها هو عدم أخذ كلمة (الدين) أو (الشريعة) أو نحوهما فيها ؛ لتكون قاعدة فقهية يستند إليها في مقام التشريع.

اللهم إلّا أن يقال بأنّ تبنّي الفقهاء لها وعنايتهم بها في كتبهم قرينة ودليل على كونها من مختصّاتهم. (١)

__________________

١ ـ راجع : الأشباه والنظائر للسبكي ١ : ٤٨ ، والأشباه والنظائر للسيوطي ١ : ١٩٤ ، والأشباه والنظائر لابن نجيم : ٧٥ ، والمنثور في القواعد ٢ : ٢٦٩.

٢١٠

الفصل الثالث

قواعد النيّة وما يلابسها

ويتضمّن مبحثين :

* الأول : مباحث النيّة

* الثاني : القواعد التي تلابس قواعد النيّة

٢١١
٢١٢

المبحث الأول

مباحث النيّة

والكلام حولها يقع ضمن مطالب أربع :

* الأول : مصدر النيّة

* الثاني : مدلولها

* الثالث : حجيّتها

* الرابع : مجالاتها في الفقه

٢١٣
٢١٤

المطلب الأوّل

مصدر النيّة

ويتضمّن فرعين :

* الأول : مصدر النيّة من السنّة النبويّة الشريفة

* الثاني : مصدر النيّة من سنّة أهل البيت عليهم‌السلام

٢١٥
٢١٦

الفرع الأول

مصدر النيّة من السنّة النبوية الشريفة

أمّا مصدر النيّة من السنّة النبويّة الشريفة فجملة روايات رويت عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ورواها عنه :

أبو ذرّ الغفاري ، عبد الله بن عباس ، جابر بن عبد الله ، أبو الدرداء ، عبادة بن الصامت ، أبو أمامة ، عبد الله بن مسعود ، سهل بن سعد ، النوّاس بن سمعان ، أبو موسى ، زيد بن ثابت ، عمر بن الخطاب ، أبو كبشة الأنماري ، جابر بن عتيق ، أبو هريرة ، أنس بن مالك ، وحفصة بنت عمر.

وقد أخرجها البخاري في صحيحه (١) ، ومسلم في صحيحه (٢) ، وأحمد في مسنده (٣) ، وابن ماجة في سننه (٤) ، وأبو داود في سننه (٥) ، والترمذي في سننه (٦) ،

__________________

١ ـ صحيح البخاري ١ : ٥٨ كتاب الوحي ، باب بدء الوحي ح ١.

٢ ـ صحيح مسلم ٤ : ٢٢٠٨ ، ٢٢١٠ كتاب الفتن وأشراط الساعة ، باب (٢) الخسف بالجيش ح ٤ و ٨.

٣ ـ مسند أحمد ١ : ٤٣ ، ٧١ مسند عمر بن الخطاب ح ١٦٩ ، ٣٠٢.

٤ ـ سنن ابن ماجة ١ : ٤٢٦ ـ ٤٢٧ كتاب إقامة الصلاة والسنّة فيها ، باب (١٧٧) ما جاء في من نام عن حزبه من الليل ح ١٣٤٤ ، و ٢ : ١٤١٣ ، ١٤١٤ كتاب الزهد ، باب (٢٦) في النية ح ٤٢٢٧ و ٤٢٢٩ و ٤٢٣٠.

٥ ـ سنن أبي داود ١ : ٤٩٠ كتاب الطلاق ، باب (١١) فيما عني به الطلاق والنيّات ح ٢٢٠١.

٦ ـ سنن الترمذي ٣ : ٣١٧ أبواب الفتن ، باب (٩) ما جاء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ح ٢٢٦٢.

٢١٧

والطبراني في معجمه (١) ، والدارمي في سننه (٢) ، وغيرهم.

فعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

«إنّما يبعث الناس على نيّاتهم». (٣)

وعن عمر بن الخطاب ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال :

«إنّما الأعمال بالنيّة ، ولكلّ امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله عزوجل فهجرته إلى ما هاجر إليه ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه». (٤)

ورواه ابن ماجة عن عمر أيضا ، وفيه :

«إنّما الأعمال بالنيّات ...». (٥)

وفي سنن النسائي عن أبي الدرداء يبلغ به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال :

«من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم يصلّي من الليل ، فغلبته عيناه حتّى أصبح ، كتب له ما نوى ، وكان نومه صدقة عليه من ربّه عزوجل». (٦)

ورواه ابن ماجة في سننه أيضا. (٧).

وفي مسند الشهاب (٨) ، ومعجم الطبراني الكبير (٩) من حديث سهل بن سعد والنواس ابن سمعان ، وفي مسند الفردوس للديلمي من حديث أبي موسى عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

١ ـ المعجم الأوسط ١ : ٥٦ ح ٤٠.

٢ ـ سنن الدارمي ٢ : ٢٠٨ كتاب الجهاد ، باب من غزا ينوي شيئا فله ما نوى.

٣ ـ سنن ابن ماجة ٢ : ١٤١٤ كتاب الزهد ، باب (٢٦) في النية ح ٤٢٢٩.

٤ ـ مسند أحمد ١ : ٧١ مسند عمر بن الخطاب ح ٣٠٢.

٥ ـ سنن ابن ماجة ٢ : ١٤١٣ كتاب الزهد ، باب (٢٦) في النية ح ٤٢٢٧.

٦ ـ سنن النسائي ٣ : ٢٥٨ كتاب القيام ، باب من أتى فراشه وهو ينوي القيام فنام.

٧. سنن ابن ماجة ١ : ٤٢٦ ـ ٤٢٧ كتاب إقامة الصلاة والسنّة فيها ، باب (١٧٧) ما جاء في من نام عن حزبه من الليل ح ١٣٤٤.

٨. مسند الشهاب ١ : ١١٩ ح ١٤٨.

٩. المعجم الكبير ٦ : ١٨٥ ح ٥٩٤٢.

٢١٨

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله :

«نيّة المؤمن خير من عمله». (١)

وعن أنس ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «لا عمل لمن لا نيّة له». (٢)

الفرع الثاني

مصدر النيّة من سنّة أهل البيت عليهم‌السلام

أمّا مصدر القاعدة من سنّة أهل البيت عليهم‌السلام ، فقد وردت روايات عديدة عن الإمام علي ، والإمام علي بن الحسين ، والإمام الصادق ، والإمام الرضا عليهم‌السلام ، ورواها عنهم :

أبو حمزة الثمالي ، زيد الشحّام ، عمرو بن أبي نصر السكوني ، علي بن جعفر ، أبو الصلت الهروي ، أبو هاشم ، محمد بن مسلم ، حمزة بن الطيار ، وغيرهم.

وقد أخرجها الكليني في الكافي (٣) ، والطوسي في التهذيب (٤) ، والحرّ العاملي في الوسائل (٥) ، والقاضي في دعائم الإسلام (٦) ، والمجلسي في بحار الأنوار. (٧)

فعن علي بن جعفر بن محمد ، وعلي بن موسى بن جعفر هذا ، عن أخيه ، وهذا

__________________

١ ـ فردوس الأخبار ٢ : ٣٧٣ ح ٧٠٩٧.

٢ ـ السنن الكبرى ١ : ٦٧ كتاب الطهارة ، باب (٣٧) الاستياك بالأصابع ح ١٧٩.

٣ ـ الكافي ٢ : ٦٩ كتاب الإيمان والكفر ، باب النية ح ١ ـ ٥.

٤ ـ تهذيب الأحكام ١ : ٨٣ كتاب الطهارة ، باب (٤) صفة الوضوء والفرض منه والسنة والفضيلة فيه ح ٦٧ ، و ٤ : ١٨٦ كتاب الصوم ، باب (٤٤) نية الصيام ح ١ ـ ٣ ، و ٥ : ٢٢٢ كتاب الحج ، باب (١٦) الذبح ح ٨٧.

٥ ـ وسائل الشيعة ١ : ٤٦ ـ ٤٩ أبواب مقدّمة العبادات ، باب (٥) وجوب النية في العبادات الواجبة ح ١ ـ ١٠.

٦ ـ دعائم الإسلام ١ : ٤.

٧. بحار الأنوار ٦٧ : ١٨٥ ـ ٢١٢ باب (٥٣) في النيّة وشرائطها ومراتبها وكمالها وثوابها ح ١ ـ ٥ و ١١ و ١٢ ١٤ و١٨ و١٩ و٢١ و٢٢ و٢٦ و٢٨ و٣٠ و٣١ و٣٢ و٣٤ و٣٥ و٣٦ و٣٧ و٣٨ و٤٠.

٢١٩

عن أبيه موسى بن جعفر ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جدّه علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب عليه‌السلام :

«إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إنّما الأعمال بالنيات ، ولكلّ امرئ ما نوى ، فمن غزا ابتغاء ما عند الله فقد وقع أجره على الله عزوجل ، ومن غزا يريد عرض الدنيا أو نوى عقالا لم يكتب له إلّا ما نوى». (١)

وما رواه أبو عثمان عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليه‌السلام قال :

«لا قول إلّا بعمل ونيّة ، ولا قول ولا عمل إلّا بنيّة». (٢)

وعن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال :

«قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : نيّة المؤمن خير من عمله ، ونيّة الكافر شرّ من عمله ، وكلّ عامل يعمل على نيّته». (٣)

وعن زيد الشحّام قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنّي سمعتك تقول : نيّة المؤمن خير من عمله ، وكيف تكون النية خيرا من العمل؟ قال :

«لأنّ العمل ربّما كان رياء المخلوقين ، والنيّة خالصة لربّ العالمين ، فيعطى على النيّة ما لا يعطى على العمل».

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إنّ العبد لينوي من نهاره أن يصلّي بالليل ، فتغلبه عينه فينام ، فيبعث الله له صلاته ، ويكتب نفسه تسبيحا ، ويجعل نومه عليه صدقة». (٤)

وفي المستدرك عن أبي الصلت ، عن الرضا عليه‌السلام قال :

«لا قول إلّا بعمل ، ولا قول ولا عمل إلّا بنيّة ، ولا قول ولا عمل ولا نيّة إلّا بإصابة

__________________

١ ـ الأمالي للطوسي : ٦١٨ ح ١٢٧٤.

٢ ـ وسائل الشيعة ١ : ٤٧ أبواب مقدّمة العبادات ، باب (٥) في وجوب النية في العبادات الواجبة ح ٤.

٣ ـ الكافي ٢ : ٦٩ كتاب الإيمان والكفر ، باب النيّة ح ٢.

٤ ـ بحار الأنوار ٦٧ : ٢٠٦ باب (٥٣) في النيّة وشرائطها ومراتبها وكمالها وثوابها ح ١٨.

٢٢٠