السيّد علي الحسيني الميلاني
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٩٥
يا محمّد أمرتنا أن نشهد أن لا إله إلاّ الله وأنك رسول الله فقبلناه ، وأمرتنا أن نصلي خمسا فقبلناه ، وأمرتنا بالزكاة فقبلناه ، وأردتنا أن نصوم شهرا فقبلنا ، وأمرتنا بالحج فقبلنا. ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك تفضّله علينا وقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فهذا شيء منك أم من الله عزّ وجلّ؟ فقال النبي : والله الذي لا إله إلاّ هو إنّ هذا من الله عزّ وجلّ. فولى الحارث وهو يريد راحلته وهو يقول : اللهم إن كان ما يقوله محمّد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب اليم. فما وصل إلى راحلته حتى رماه الله بحجر فسقط على هامته ، وخرج من دبره ، فقتله فأنزل الله تعالى : ( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) (١).
ترجمة السمهودي
١ ـ السخاوي ملخصا بلفظه : « علي بن عبد الله السمهودي : ولد في صفر سنة ٨٤٤ بسمهود ، ونشأ بها فحفظ القرآن والمنهاج ولازم والده ، وقدم القاهرة معه وبمفرده غير مرة ، وقرأ عمدة الأحكام بحثا على السعد بن الديري ، وأذن له في التدريس هو والبامي والجوهري ، وفيه وفي الإفتاء الشهاب السارمساجي بعد امتحانه له في مسائل ومذاكرته معه ، وفيها أيضا زكريا وكذا المحلي والمناوي ، وعظم اختصاصه بهما وتزايد مع ثانيهما بحيث خطبه لتزويج سبطته ، وقرّره معيدا في الحديث بجامع طولون ، وفي الفقه بالصالحية ، وأسكنه قاعة القضاء بها ، وعرض عليه النيابة فأبى ، ثم فوّض إليه عند رجوعه مرة إلى بلده مع القضاء ، حيث حل النظر في أمر ثواب الصعيد وصرف غير المتأهل منهم ، فما عمل بجميعه.
ثم إنه استوطن القاهرة وكنت هناك ، فكثر اجتماعنا وكان على خير كبير ،
__________________
(١) جواهر العقدين ـ مخطوط.
وفارقته بمكة بعد أن حججنا ، ثم توجه منها إلى طيبة فقطنها من سنة ثلاث وسبعين ، ولقيته في كلا الحرمين غير مرة ، وغبطته على استيطانه المدينة ، وصار شيخها ، قل أن يكون أحد من أهلها لم يقرأ عليه.
وبالجملة ، فهو انسان فاضل مفنن متميز في الفقه والأصلين ، فهو فريد هناك في مجموعه ، ولأهل المدينة به جمال ، والكمال لله » (١).
٢ ـ عبد القادر العيدروس : « وفيها في يوم الخميس ثامن عشر ذي القعدة ، توفي عالم المدينة الامام القدوة والمفتي الحجة الشريف ، ذو التصانيف الشهيرة ، نزيل المدينة الشريفة وعالمها وفقيهها ومدرّسها ومؤرّخها ، ترجمه الحافظان العز ابن فهد والشمس السخاوي ... وألف عدة تآليف منها : جواهر العقدين في فضل الشرفين ... وجمع فتاواه في مجلد وهي مفيدة جدا ... » (٢).
٣ ـ عبد الغفار بن ابراهيم العكي العدثاني : « الامام العلامة نور الدين علي بن عبد الله ... وله مصنفات مفيدة ... وكلّها في غاية الإتقان والتحقيق والتحرير والتدقيق. توفي بطيبة المشرفة » (٣).
٤ ـ محمّد بن يوسف الشامي في ذكر رموز سيرته : « أو ( السيد ) فالإمام العلامة شيخ الشافعية بطيبة نور الدين السمهودي » (٤).
٥ ـ ووصفه الشيخ عبد الحق الدهلوي : بـ « السيد العالم الكامل ، أوحد العلماء الأعلام ، عالم مدينة خير الأنام ، نور الدين ... مات ضحى يوم ليلة بقيت من ذي القعدة عام إحدى عشر وتسعمائة ، ودفن في البقيع عند قبر الامام مالك ... » (٥).
__________________
(١) الضوء اللامع لأهل القرن التاسع ٥ / ٢٤٥.
(٢) النور السافر عن أحوال القرن العاشر. حوادث سنة : ٩١١.
(٣) عجالة الراكب وبلغة الطالب ـ مخطوط.
(٤) سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد ـ مقدمة الكتاب.
(٥) جذب القلوب ـ مقدمة الكتاب.
٦ ـ واحتج محمّد بن عبد الرسول البرزنجي بكتب السمهودي في كتابه ( الإشاعة لأشراط الساعة ) وذكر في ديباجته في ضمن مصادره « كتب الامام الشريف نور الدين علي السمهودي ، كتاريخ المدينة وجواهر العقدين » (١).
٧ ـ ووصفه محمود بن علي الشيخاني القادري بـ « السيد الجليل » مع الاعتماد على رواياته (٢).
٨ ـ وذكر الشيخ إبراهيم الكردي أحاديث في الردّ على الفلاسفة ثم قال :
« أورد هذه الأحاديث عالم المدينة ومفتيها العلامة السيد نور الدين ... في كتاب جواهر العقدين ، وقد أخبرنا بالكتاب كلّه شيخنا أيده الله تعالى ، قراءة للبعض وإجازة للكل ... » (٣).
٩ ـ وقال أحمد بن الفضل بن محمّد باكثير المكي في ( وسيلة المآل في عد مناقب الآل ) : « وقد أكثرت العلماء في هذا الشأن ، وجمعت في جواهر مناقبهم الشريفة ما يجمل به جيد الزمان ، ومن أحسن ما جمعت في تلك التآليف وأنفع ما نقلت منه في هذا التصانيف : كتاب جواهر العقدين في فضل الشرفين لعلاّمة الحرمين السيد السمهودي تغمّده الله برحمته » (٤).
١٠ ـ ووصفه محمّد بن محمّد خان البدخشي بـ « السيد السند نور الملة والدين ... » (٥).
١١ ـ وقال تاج الدين الدهان المكي : « تواريخ المدينة الشريفة لعالمها الامام الحجة السيد الشريف نور الدين ... » (٦).
__________________
(١) الإشاعة لأشراط الساعة. مقدمة الكتاب.
(٢) الصراط السوي في مناقب آل النبي ـ مخطوط.
(٣) بلغة المسير إلى توحيد الله العلي الكبير.
(٤) وسيلة المآل في عدّ مناقب الآل ـ مخطوط.
(٥) مفتاح النجا ـ مخطوط.
(٦) كفاية المتطلع في مرويات الشيخ حسن العجيمي ـ مخطوط.
١٢ ـ ووصفه أحمد بن عبد القادر العجيلي بـ « إمام السادة والعلماء » (١).
١٣ ـ وذكره رشيد الدين خان الدهلوي فيمن ألّف وصنف في فضائل الأئمة من العترة الطاهرة ، من عظماء علماء أهل السنة ، حيث ذكر كتابه ( جواهر العقدين ) ووصف مؤلفه بـ « الإمام » (٢).
(٧)
رواية ابن الصباغ
ورواه أيضا الشيخ نور الدين علي بن محمّد المعروف بابن الصباغ المالكي ، عن تفسير الثعلبي ، كما مر مرارا ، وعبّر عن الثعلبي بـ « الإمام » (٣).
ترجمة ابن الصباغ والتعريف بكتابه
وابن الصباغ من مشاهير علماء المالكية ، ومن أكابر مشايخهم المعتمدين ، وقد وصفه العجيلي لدى النقل عنه بـ « الشيخ الامام علي بن محمّد الشهير بابن الصباغ من علماء المالكية ».
وذكر محمّد بن عبد الله المطيري المدني الشافعي ـ لدى النقل عنه ـ أن ابن الصباغ من العلماء العاملين الأعيان.
كما أكثر من النقل عن كتابه ( الفصول المهمة ) جماعة من أعيان علماء أهل السنة كالحلبي في ( سيرته ) والصفوري في ( نزهة المجالس ) والشيخاني القادري في
__________________
(١) ذخيرة المآل ـ مخطوط.
(٢) إيضاح لطافة المقال لمحمّد رشيد الدهلوي.
(٣) الفصول المهمة : ٤٢.
( الصراط السوي ) والعجيلي في ( ذخيرة المآل ) والسمهودي في ( جواهر العقدين ).
(٨)
رواية المحدّث الشيرازي
ورواه السيد جمال الدين عطاء الله بن فضل الله المحدّث الشيرازي في ( الأربعين في مناقب أمير المؤمنين ) حيث قال : « الحديث الثالث عشر : عن جعفر ابن محمد عن آبائه الكرام عليهمالسلام : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لمّا كان بغدير خم نادى الناس ، فاجتمعوا ، فأخذ بيد علي وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وأدر الحق معه حيث كان وفي رواية : اللهم أعنه وأعن به ، وارحمه وارحم به ، وانصره وانصر به ، فشاع ذلك وطار في البلاد ، فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري ، فأتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على ناقة له ، ونزل بالأبطح عن ناقته وأناخها ، فقال :
يا محمد : أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلاّ الله وأنك رسول الله فقبلناه منك ، وأمرتنا أن نصلّي خمسا فقبلناه منك ، وأمرتنا بالزكاة فقبلناه منك ، وأمرتنا أن نصوم فقبلناه منك ، وأمرتنا بالحج فقبلناه منك ، ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك تفضّله علينا وقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فهذا شيء منك أم من الله عز وجل؟
فقال النبي : والذي لا إله إلاّ هو إن هذا من الله عز وجل ، فولّى الحارث ابن النعمان وهو يريد راحلته وهو يقول : اللهم إن كان ما يقوله محمّد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فما وصل إلى راحلته حتى رماه الله
عزّ وجلّ بحجر ، فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله. وأنزل الله عز وجل : ( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) (١).
الثناء على المحدّث الشيرازي
والسيد جمال الدين المحدّث الشيرازي من كبار علماء أهل السنّة الأثبات ، ومن مشايخ ( الدهلوي ) في الإجازة كما لا يخفى على ناظر رسالته في ( أصول الحديث ). وجعله الملاّ علي القاري من المشايخ الكبار. كما وصفه بالأوصاف العظيمة في مقدمة كتابه ( المرقاة في شرح المشكاة ).
واعتمد على رواياته جماعة من أساطين علمائهم ، كالشيخ عبد الحق الدهلوي في ( مدارج النبوة ) والديار بكري في ( الخميس ) وولي الله الدهلوي في ( إزالة الخفاء ) كما لا يخفى على من راجع الكتب المذكورة.
(٩)
رواية المنّاوي
وروى الشيخ شمس الدين عبد الرءوف بن تاج العارفين المنّاوي الحديث المذكور حيث قال بشرح حديث الغدير : « وفي تفسير الثعلبي عن ابن عيينة قال : إن النبي صلّى الله عليه وسلّم لمّا قال ذلك ، طار في الآفاق ، فبلغ ذلك الحارث ابن النعمان الفهري ، فأتى رسول الله فقال : يا محمد ... » (٢).
__________________
(١) الأربعين ـ مخطوط.
(٢) فيض القدير في شرح الجامع الصغير ٦ / ٢٨١.
ترجمة المناوي
وترجم محمّد أمين بن فضل الله المحبي الدمشقي للمناوي ترجمة حافلة نلخصها فيما يلي بلفظه : « عبد الرءوف بن تاج العارفين ، الامام الكبير الحجة الثبت القدوة ، صاحب التصانيف السائرة ، وأجلّ أهل عصره من غير ارتياب ، وكان إماما فاضلا زاهدا عابدا ، قانتا لله خاشعا له ، كثير النفع ، وكان متقربا بحسن العمل ، مثابرا على التسبيح والأذكار ، صابرا صادقا ، وكان يقتصر يومه وليلته على أكلة واحدة من الطعام ، قد جمع من العلوم والمعارف على اختلاف أنواعها وتباين أقسامها ما لم يجتمع في أحد ممن عاصره.
انقطع عن مخالطة الناس وانعزل في منزله ، وأقبل على التأليف ، فصنّف في غالب العلوم ، ثم ولى تدريس المدرسة الصالحية ، فحسده أهل عصره وكانوا لا يعرفون مزية علمه لانزوائه عنهم ، ولمّا حضر الدرس فيها ورد عليه من كل مذهب فضلاؤه منتقدين عليه ، فأذعنوا لفضله وصار أجلاء العلماء يبادرون لحضوره ، وأخذ عنه منهم خلق كثير منهم : الشيخ سليمان البابلي ، والسيد إبراهيم الطاشكندي ، والشيخ علي الأجهوري الولي المعتقد ، وأحمد الكلبي وولده الشيخ محمّد وغيرهم. وكان مع ذلك لم يخل من طاعن وحاسد حتى دسّ عليه السم ، فتوالى عليه بسبب ذاك نقص في أطرافه وبدنه من كثرة التداوي.
بالجملة ، فهو أعلم علماء هذا التاريخ آثارا ، ومؤلفاته غالبا متداولة كثيرة النفع ، وللناس عليها تهافت زائد ويتغالون في أثمانها ، وأشهرها شرحاه على الجامع الصغير وشرح السيرة المنظومة للعراقي.
وكانت ولادته في سنة ٩٥٢ وتوفي سنة ١٠٣١ » (١).
__________________
(١) خلاصة الأثر ٢ / ٤١٢.
ترجمة المحبي مادح المناوي
وترجم محمّد أفندي بن علي أفندي المرادي البخاري الدمشقي مفتي الحنفية لمحمّد أمين المحبي بقوله : « محمّد الأمين بن فضل الله ... فريد العصر ويتيمة الدهر ، المؤرخ الذي بهر العقول بانشائه البديع ، الشاعر الماهر الذي هو ببيانه لها روت ساحر. ولد بدمشق سنة ١٠٦١ ...
وكان يكتب الخط الحسن العجيب ، وألف مؤلفات حسنة بعد أن جاوز العشرين ... وكانت وفاته في ثاني عشر جمادى الأولى سنة ١١١١ ... » (١).
(١٠)
رواية العيدروس
وكذلك رواه شيخ بن عبد الله بن شيخ عبد الله العيدروس باعلوي ، عن الثعلبي في تفسيره (٢).
ترجمة العيدروس والثناء عليه
وترجم المحبي للعيدروس المذكور بما هذا ملخصه : « شيخ بن عبد الله ابن شيخ بن عبد الله بن شيخ بن عبد الله العيدروس اليمني ، الأستاذ الكبير المحدث الصوفي الفقيه ، اشتغل على والده ، أخذ عنه علوما كثيرة ولبس منه الخرقة وتفقه ، ورحل إلى الشحر واليمن والحرمين في سنة ١٠١٦ ، ثم رحل إلى الهند فدخلها في
__________________
(١) سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر ٤ / ٨٦.
(٢) العقد النبوي والسرّ المصطفوي ـ مخطوط.
سنة ١٠٢٥ ، وأخذ عن عمه الشيخ عبد القادر بن شيخ ، وكان يحبّه ويثني عليه وبشّره ببشارات ، وألبسه الخرقة وحكمه ، وكتب له إجازة مطلقة في أحكام التحكيم.
ثم قصد إقليم الدكن واجتمع بالوزير الأعظم عنبر وبسلطانه برهان نظام شاه ، وحصل له عندهما جاه عظيم ، وأخذ عنه جماعة ، ثم سعى بعض المردة بالنميمة ، فأفسدوا أمر تلك الدائرة ففارقهم صاحب الترجمة ، وقصد السلطان ابراهيم عادلشاه فأجلّه وعظّمه ، وتبجح السلطان بمجيئه إليه وعظّم أمره في بلاده ، وكان لا يصدر إلاّ عن رأيه ، وسبب إقباله الزائد على أنه وقع له حال اجتماعه به كرامة وهي : إن السلطان كانت أصابته في مقعدته جراحة منعته الراحة والجلوس ، وعجزت عن علاجه حذّاق الأطباء ، وكان سببها أن السيد الجليل علي ابن علوي دعا عليه بجرح لا يبرأ ، فلمّا أقبل صاحب الترجمة ورآه على حالته أمره أن يجلس مستويا ، فجلس من حينئذ وبرأ منها. وكان السلطان إبراهيم رافضيا ، فلم يزل به حتى أدخله في عداد أهل السنّة.
فلمّا رأى أهل تلك المملكة انقياد السلطان إليه ، أقبلوا عليه وهابوه ، وحصّل كتبا نفيسة ، واجتمع له من الأموال ما لا يحصى كثرة ... ولم يزل مقيما عند السلطان إبراهيم عادلشاه حتى مات السلطان ، فرحل صاحب الترجمة إلى دولت آباد ... إلى أن مات سنة ١٠٤١. وكانت ولادته في سنة ٩٩٣ » (١).
ووصفه الشيخاني القادري لدى النقل عنه بأوصاف حميدة جليلة قال : « وفي العقد النبوي والسر المصطفوي للشيخ الامام والغوث الهمام ، بحر الحقائق والمعارف ، السيد السند والفرد الأمجد ، الشريف الحسيني ، المسمّى بالشيخ بن عبد الله ... » (٢).
__________________
(١) خلاصة الأثر ٢ / ٢٣٥.
(٢) الصراط السوي في مناقب آل النبي ـ مخطوط.
وإنّ محمّد محبوب عالم ينقل في مواضع من تفسيره ( تفسير شاهي ) عن كتاب ( العقد النبوي ) المذكور للعيدروس اليمني.
(١١)
رواية الشيخاني
وروى محمود بن محمّد الشيخاني القادري حديث نزول الآية الكريمة حيث قال : « وقد مرّ مرارا قوله صلّى الله عليه وسلّم : من كنت مولاه فعلي مولاه. الحديث.
قالوا : وكان الحارث بن النعمان مسلما ، فلما سمع حديث من كنت مولاه فعلي مولاه ، شك في نبوة النبي صلّى الله عليه وسلّم ثم قال : اللهم إن كان ما يقوله محمّد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. ثم ذهب ليركب راحلته فما مشى نحو ثلاث خطوات ، حتى رماه الله عز وجلّ بحجر ، فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله. فأنزل الله تعالى : ( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) (١).
وهذا الرجل من علماء أهل السنة المعتمدين ، وقد نقل عنه واعتمد عليه رشيد الدين خان الدهلوي في كتابه ( غرة الراشدين ).
__________________
(١) المصدر نفسه ـ مخطوط.
(١٢)
رواية الحلبي
وروى نور الدين علي بن إبراهيم الحلبي بقوله : « قال بعضهم : ولمّا شاع قوله صلّى الله عليه وسلّم : من كنت مولاه فعلي مولاه في سائر الأمصار ، وطار في جميع الأقطار ، فبلغ الحارث بن النعمان الفهري ، فقدم المدينة وأناخ راحلته عند باب المسجد ، فدخل والنبي جالس وحوله أصحابه ، فجاء حتى جثى بين يديه ثم قال :
يا محمد! إنك أمرتنا أن نشهد أن لا إله إلاّ الله وأنك رسول الله فقبلنا ذلك منك ، وأمرتنا أن نصلي في اليوم والليلة خمس صلوات ، ونصوم شهر رمضان ، ونزكي أموالنا ، ونحج البيت فقبلنا ذلك منك ، ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك ففضّلته وقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فهذا شيء من الله أو منك؟
فاحمرّت عينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقال : والله الذي لا إله إلاّ هو إنه من الله وليس مني. قالها ثلاثا. فقام الحارث وهو يقول : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك ـ وفي رواية : اللهم إن كان ما يقول محمّد حقا ـ فأرسل علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فو الله ما بلغ باب المسجد حتى رماه الله بحجر من السماء ، فوقع على رأسه وخرج من دبره ، فمات. وأنزل الله تعالى : ( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) الآية » (١).
__________________
(١) السيرة الحلبية ٣ / ٣٣٧.
ترجمة نور الدين الحلبي
١ ـ عبد الله بن حجازي الشرقاوي : « العلامة الفاضل ، واللوذعي الكامل ، شيخ الإسلام وبركة الأنام ، الشيخ علي الحلبي ، صاحب السيرة الحلبية المشهورة ... » (١).
٢ ـ المحبي : « الامام الكبير ، أجل أعلام المشايخ وعلامة الزمان ، كان جبلا من جبال العلم وبحرا لا ساحل له ، واسع الحكم ، علاّمة جليل المقدار ، جامعا لأشتات العلى ، صارفا نقد عمره في بث العلم النافع ونشره ، وحظي فيه حظوة لم يحظها أحد مثله ، فكان درسه مجمع الفضلاء ومحط رحال النبلاء ، وكان غاية في التحقيق ، حاد الفهم ، قوي الفكرة ، متحريا في الفتاوى ، جامعا بين العلم والعمل ، صاحب جد واجتهاد ، عمّ نفعه الناس ، فكانوا يأتونه لأخذ العلم عنه من البلاد ، مهابا عند خاصة الناس وعامّتهم ، حسن الخلق والخلق ، ذا دعابة لطيفة في درسه مع جلالة ، وكان الشيوخ يثنون عليه بما هو أهله ، من الفضل التام ومزيد الجلالة والاحترام.
ولد بمصر في سنة ٩٧٥ ، وألّف المؤلفات البديعة منها : السيرة النبوية التي سماها إنسان العيون في سيرة النبي المأمون ، في ثلاث مجلدات ، اختصرها من سيرة الشيخ محمّد الشامي وزاد أشياء لطيفة الموقع ، وقد اشتهرت اشتهارا كثيرا ، وتلّقتها أفاضل العصر بالقبول ، حرّرها تحريرا مع الشيخ سلطان. وكانت وفاته يوم السبت آخر يوم من شعبان سنة ١٠٤٤ » (٢).
__________________
(١) التحفة البهية في طبقات الشافعيّة ـ مخطوط.
(٢) خلاصة الأثر ٣ / ١٢٢ ملخصا.
(١٣)
رواية أحمد بن باكثير
وروى أحمد بن الفضل بن محمّد باكثير نزول الآية ( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) في واقعة غدير خم عن الثعلبي حيث قال : « روى الثعلبي في تفسيره : إن سفيان بن عيينة رحمهالله سئل عن قوله عز وجل : ( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) فيمن نزلت؟ فقال للسائل : سألتني عن مسألة ما سألني عنها أحد قبلك ، حدثني أبي عن جعفر بن محمّد عن آبائه رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لمّا كان بغدير خم ، نادى الناس فاجتمعوا ، فأخذ بيد علي رضياللهعنه فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فشاع ذلك وطار في البلاد ، فبلغ ذلك الحارث ابن النعمان الفهري ، فأتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على ناقة ، فنزل بالأبطح عن ناقته وأناخها وقال :
يا محمّد أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلاّ الله وأنك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فقبلناه منك ، وأمرتنا أن نصلّي خمسا فقبلناه منك ، وأمرتنا بالحج فقبلنا ، ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك تفضّله علينا. فقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فهذا شيء منك أو من الله عزّ وجلّ؟ فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : والذي لا إله إلاّ هو إن هذا من الله عز وجلّ.
قال : فولّى الحارث بن النعمان ـ وهو يريد راحلته ـ وهو يقول : اللهم إن كان ما يقول حقا فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ، فما وصل إلى راحلته حتى رماه الله بحجر ، فسقط على هامته حتى خرج من دبره فقتله. فأنزل الله تعالى : ( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) (١).
__________________
(١) وسيلة المآل في عدّ مناقب الآل ـ مخطوط.
ترجمة ابن باكثير المكّي
وقد ترجم محمّد أمين المحبّي لابن باكثير المكي بقوله : « الشيخ أحمد بن الفضل بن محمّد باكثير المكي الشافعي ، من أدباء الحجاز وفضلائها المتمكّنين ، كان فاضلا أديبا له مقدار علي وفضل جلي ، وكان له في العلوم الفلكية وعلم الأوفاق والزابرجا يد عالية. وكان له عند أشراف مكة منزلة وشهرة ، وكان في الموسم يجلس في المكان الذي يقسّم فيه الصرّ السلطاني بالحرم الشريف ، بدلا عن شريف مكة.
ومن مؤلفاته : حسن المآل في مناقب الآل ... وكانت وفاته سنة ١٠٤٧ بمكة ، ودفن بالمعلاة » (١).
ووصفه رضي الدين محمّد بن علي بن حيدر لدى النقل عنه في كتابه ( تنضيد العقود السنية بتمهيد الدولة الحسينية ) بقوله : « قال أحمد صاحب الوسيلة ، وهو الثقة الأمين في كلّ فضيلة ... ».
(١٤)
رواية محبوب عالم
ورواه محبوب عالم ـ وهو من أكابر علماء أهل السنة وعرفائهم ـ في تفسير المعروف ( تفسير شاهي ) الذي أثنى عليه ( الدهلوي ) وغيره من علمائهم رواه عن ( العقد النبوي ) عن ( تفسير الثعلبي ).
__________________
(١) خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر ١ / ٢٧١ ـ ٢٧٣.
(١٥)
رواية محمّد صدر العالم
ورواه محمّد صدر العالم ، عن تفسير الثعلبي كذلك ، حيث قال : « أخرج الثعلبي في تفسيره : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال يوما : اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فسمع ذلك واحد من الكفرة من جملة الخوارج ، فجاء إلى النبي فقال : يا محمّد هذا من عندك أو من عند الله؟ فقال النبي : هذا من عند الله. فخرج الكافر من المسجد وقام على عتبة الباب وقال : إن كان ما يقوله حقا فأنزل عليّ حجرا من السماء ، قال : فنزل حجر ورضخ رأسه فنزل قوله : ( سَأَلَ سائِلٌ ) الآية » (١).
(١٦)
رواية محمّد بن إسماعيل الأمير
ورواه محمّد بن إسماعيل بن صلاح الأمير الصنعاني ، عن تفسير الثعلبي ، ثم قال : « قلت : وذكره الحافظ العلاّمة أبو سعود الرومي ، في تفسيره الشهير » (٢).
__________________
(١) معارج العلى في مناقب المرتضى ـ مخطوط.
(٢) الروضة الندية ـ شرح التحفة العلوية : ٨٤.
الثناء على محمّد بن اسماعيل الأمير
قال أحمد بن عبد القادر العجيلي الشافعي : « وأولاد الامام المتوكل علماء جهابذة وأبرار ، أعظمهم ولده الامام المؤيد بالله محمّد بن إسماعيل ، قرأ كتب الحديث وبرع فيها. كان إماما في الزهد والورع ، يعتقده العامة والخاصة ، ويأتونه بالنذور فيردّها ويقول : إن قبولها تقرير لهم على اعتقادهم أنه من الصالحين ، وهو يخاف أنه من الهالكين ...
ومن أعيان آل الامام : السيد المجتهد الشهير ، المحدّث الكبير السراج المنير ، محمّد بن إسماعيل الأمير ، مسند الديار ومجدد الدين في الأقطار ، صنف أكثر من مائة مؤلف ، وهو لا ينسب إلى مذهب بل مذهبه الحديث ... ».
وقال : « وسيدنا الامام محمّد بن إسماعيل الأمير رضياللهعنه ، أخذ عن علماء الحرمين واستجاز منهم وارتبط بأسانيدهم ، وقرأ على الشيخ عبد الخالق ابن الزين المزجاجي ، والشيخ عليه ، واستجاز منه وأسند عنه ، مع تمكّنه من علوم الآل وتأصله » (١).
وقال صدّيق حسن القنوجي : « إرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد ، للإمام بدر الملة المنير محمّد بن اسماعيل اليمني الأمير ، المتوفى سنة ١١٨٢ ... » (٢).
كما ذكر كتبا أخرى له معم الثناء عليها وعلى مؤلّفها ، ووصفه بالأوصاف الجليلة.
__________________
(١) ذخيرة المآل ـ مخطوط.
(٢) إتحاف النبلاء المتقين بإحياء مآثر الفقهاء والمحدثين ـ مخطوط.
(١٧)
رواية أحمد بن عبد القادر
ورواه أحمد بن عبد القادر الشافعي في كتابه ( ذخيرة المآل في شرح عقد جواهر اللئال ) عن الثعلبي معبرا عنه بـ « الامام ».
الثناء عليه وعلى كتابه
وقد وصفه الشيخ أحمد بن محمّد الأنصاري اليمني الشرواني لدى النقل عنه ، بأوصاف جليلة ، حيث قال : « وما أحسن قول محبّ الآل العارف المفضال ، شهاب الدين أحمد بن عبد القادر الحفظي الشافعي ، رحمه الكبير المتعال ، في منظومته المسمّاة بعقد جواهر اللآل :
وآية التطهير
فيهم نزلت |
|
وأذهبت رجسهم
وطهّرت |
لمّا تلاها قام
يدعو أهله |
|
في بيت سكناه
وخص آله |
أدخلهم تحت
الكسا وجلّلا |
|
جميعهم ثم دعا
وابتهلا |
وقال اللهمّ
هؤلاء |
|
هم أهل بيتي وهم
عصائي |
إني لمن حاربهم
حرب ومن |
|
سالمهم سلم على
مرّ الزمن |
وإنني منهم وهم
مني فصل |
|
عليهم أزكى صلاة
وأجل |
وارحم وبارك
وارض عنهم واغفر |
|
والرجس أذهب
عنهم وطهّر |
فهذه الآية أصل
القاعدة |
|
ومنبع الفضل لكل
عائدة |
وإنما حرف يفيد
الحصرا |
|
ويقصر المراد
فيهم قصرا |
فلا يريد الله
فيهم غير أن |
|
يذهب عنهم كل
رجس ودرن |
مؤكدا تطهيرهم
بالمصدر |
|
منكّرا إشارة
للعبقري |
ومنها :
« وكل
أعدائهم والجافي |
|
فلا نواليهم ولا
نصافي |
قد قطعوا ما
أمروا بوصله |
|
وما رعوا ذمة
خير رسله |
عقّوه في أولاده
وهجروا |
|
ونقضوا عهودهم
وغدروا |
ما عذرهم يوم
اللّقا والحجة |
|
وكيف ينجو غارق
في اللجة؟ |
ما ذا يولون إذا
ما سئلوا |
|
وشهد الله على
ما فعلوا؟ |
وهم بذاك اليوم
في هوان |
|
تطأهم الأقدام
كالجعلان |
ويحكم الله بحكم
الحق |
|
بينهم وبين أهل
العق |
والمصطفى
والمرتضى وفاطمة |
|
قد حضروا في
مجلس المخاصمة |
يا حسرة عليهم
لا تنقضي |
|
وخجلة لمن جفا
ومن رضي |
وما جرى فقد مضى
وإنما |
|
يا ويل من والى
لمن قد ظلما |
وكلّ من يسكت أو
يلبّس |
|
ومن لعذر فاسد
يلتمس |
فذاك مغبون بكلّ
حال |
|
قد ضيّع الربح
ورأس المال |
واستبدل الأدنى
بكلّ خير |
|
وباع دينه بدنيا
الغير |
وفي غد كل فريق
يجمع |
|
تحت لواء من له
يتبع |
وكل أناس بإمام
يدعى |
|
فاختر لمن شئت
وألق السمعا |
قال محبّر هذا الكتاب ـ أذاقه الله حلاوة عفوه يوم الحساب ـ وللشهاب العارف الحفظي شرح على منظومته ، دال على حسن عقيدته ووفور محبته ، لأهل البيت الرفيع وسلامته من التعصب الشنيع ، سماه : ذخيرة المآل في شرح عقد جواهر اللآل. ولمّا كنت مقيما في الوطن كان الشهاب موجودا في برج شرفه بين الحجاز واليمن ، ولا أدري اليوم أباق لمعان ذلك النور أم غاب عن الأبصار بعد
الظهور ، لبعدي عن تلك الأقطار وانقطاع ما لم أزل مترقبا لوصوله من أخبار الأخيار الساكنين في أنفس الديار ... » (١).
الثناء على مادح الحفظي
وأحمد الشرواني اليمني وصفه مشاهير علمائهم بأوصاف كريمة ، في تقاريظهم لكتابه المذكور ( المناقب الحيدرية ) ، فممن كتب له تقريظا هو : رشيد الدين خان الدهلوي تلميذ ( الدهلوي ). ومنهم : المولوي حسن علي المحدث تلميذ ( الدهلوي ) ، ومنهم : المولوي أوحد الدين البلجرامي.
وقد طبعت هذه التقاريظ في آخر كتاب ( المناقب الحيدرية ) فليلاحظ.
(١٨)
رواية الشبلنجي
ورواه أيضا سيد مؤمن بن حسن مؤمن الشبلنجي عن الثعلبي ـ مع التعبير عنه بـ « الامام » ـ كذلك (٢).
* * *
__________________
(١) المناقب الحيدرية ٧٥ ـ ٧٧.
(٢) نور الأبصار : ٧٨.
دلالة هذا الحديث على أفضلية علي عليهالسلام
وحديث نزول قوله عز وجل : ( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) في شأن الحارث بن النعمان الفهري ، بعد نزول العذاب عليه بسبب اعتراضه على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ما قاله يوم غدير خم ، في حق أمير المؤمنين عليهالسلام ، وهو قوله صلّى الله عليه وسلّم : « من كنت مولاه فعلي مولاه .... صريح في دلالة هذا الكلام على أفضلية علي عليهالسلام ، لأنه قال للنبي في اعتراضه : « ولم ترض بهذا حتى أخذت بضبعي ابن عمك ففضّلته علينا وقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه ».
وهذا وجه آخر لسقوط تأويلات القوم لحديث الغدير ، ومناقشاتهم في دلالتهم على الأفضلية والامامة ، تلك الدلالة التي أذعن بها جميع المتأخرين والغائبين الذين بلغهم ما قاله رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، في ذلك يوم العظيم وفي ذلك الجمع الحاشد.