نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ٨

السيّد علي الحسيني الميلاني

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ٨

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٩٥

مطلقا.

( الثاني ) قوله : « وإني قائد الناس طرّا إلى الإسلام من عرب وعجم » فيه دلالة واضحة على أنه عليه‌السلام هو السبب في إسلام جميع الناس من عرب وعجم ، فهو إذن أفضلهم مطلقا.

( الثالث ) قوله : « وقاتل كل صنديد رئيس وجبار من الكفار ضخم » فيه دلالة على أفضليته ، لأن من عمدة أسباب قوة الدين قتل الكفار والمعاندين ، وهو عليه‌السلام قاتلهم باعتراف جميع المخالفين.

( الرابع ) قوله : « وفي القرآن ألزمهم ولائي وأوجب طاعتي فرضا بعزم » فيه دلالة صريحة على وجوب اتّباعه وإطاعته والانقياد له ، فهو عليه‌السلام إمام الأمة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأمر من الله تعالى من القرآن الكريم ، لأن من وجبت طاعته فهو الامام كما اعترف بذلك ( الدهلوي ).

( الخامس ) قوله : « فمن منكم يعادلني بسهمي وإسلامي وسابقتي ورحمي؟ » فيه دلالة صريحة على أفضليته عليه‌السلام.

ثم إن استماع كبار الصحابة لهذه الأشعار ـ كما في رواية الواحدي ـ وتقريرهم لما قاله عليه‌السلام من أقوى الشواهد على ما نذهب إليه من دلالة حديث الغدير على الإمامة ، وبذلك تذهب تأويلات أتباع أولئك الأصحاب أدراج الرياح.

ترجمة الميبدي شارح ديوان الامام

والحسين الميبدي من مشاهير علماء أهل السنة ، قد أطروه وأثنوا عليه الثناء البالغ في كتبهم ، كما لا يخفى على من راجعها. وممن أثنى عليه : غياث الدين المدعو بخواند أمير في تاريخه ( حبيب السير ). كما نقل عن شرحه للديوان : محمود ابن سليمان الكفوي في طبقاته للحنفية المسمى بـ ( كتائب أعلام الأخيار من فقهاء مذهب النعمان المختار ).

٣٢١

وفي ( كشف الظنون ) : « ديوان علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه ، وقد شرحه حسين بن معين الدين الميبدي اليزدي المتوفى سنة ٨٧٠ بالفارسية ».

* * *

٣٢٢

(٦)

نزول قوله تعالى :

سأل سائل بعذاب واقع

٣٢٣
٣٢٤

ونزل قوله تعالى : ( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) بحق ( الحارث بن نعمان ) الذي قال ما قال بعد ما سمع كلام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في غدير خم.

وهذا دليل قطعي آخر على دلالة حديث الغدير على إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام.

ذكر من روى ذلك

وقد روى حديث نزول الآية المباركة في هذا الشأن جماعة كبيرة من أكابر أعلام أهل السنة وهم :

١ ـ أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري.

٢ ـ شمس الدين سبط ابن الجوزي.

٣ ـ إبراهيم بن عبد الله اليمني الوصابي. ؛

٤ ـ محمّد بن يوسف الزرندي المدني.

٥ ـ شهاب الدين بن شمس الدين الدولت آبادي.

٦ ـ نور الدين علي بن عبد الله السمهودي.

٣٢٥

٧ ـ نور الدين علي بن محمّد بن الصبّاغ.

٨ ـ عطاء الله بن فضل الله المحدّث الشيرازي.

٩ ـ شمس الدين عبد الرءوف المنّاوي.

١٠ ـ شيخ بن عبد الله العيدروس.

١١ ـ محمود بن محمّد الشيخاني القادري المدني.

١٢ ـ نور الدين علي بن إبراهيم الحلبي.

١٣ ـ أحمد بن الفضل باكثير المكي.

١٤ ـ محمّد محبوب عالم.

١٥ ـ محمّد صدر عالم.

١٦ ـ محمّد بن إسماعيل بن صلاح الأمير.

١٧ ـ أحمد بن عبد القادر العجيلي.

١٨ ـ السيد مؤمن بن حسن الشبلنجي.

(١)

رواية الثعلبي

قال أبو إسحاق الثعلبي : « سئل سفيان بن عيينة عن قول الله عز وجل : ( سَأَلَ سائِلٌ ) فيمن نزلت؟ فقال : لقد سألتني عن مسألة ما سألني عنها أحد قبلك.

حدثني أبي عن جعفر بن محمّد عن آبائه : لمّا كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بغدير خم ، نادى الناس فاجتمعوا ، فأخذ بيد علي بن أبي طالب فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فشاع ذلك وطار في البلاد ، فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري ، فأتى رسول الله على ناقة حتى أتى الأبطح ، فنزل عن ناقته فأناخها

٣٢٦

وعقلها ، ثم أتى النبي وهو في ملأ من أصحابه فقال :

يا محمد! أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلاّ الله وأنك رسول الله ، فقبلناه منك. وأمرتنا أن نصلّي خمسا ، فقبلناه منك ، وأمرتنا بالزكاة فقبلناه ، وأمرتنا أن نصوم شهر رمضان فقبلناه منك ، وأمرتنا بالحج فقبلناه. ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك ففضّلته علينا وقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه!! فهذا شيء منك أم من الله عزّ وجلّ؟!

فقال صلّى الله عليه وسلّم : والذي لا إله إلاّ هو إنّ هذا من الله.

فولّى الحارث بن النعمان يريد راحلته وهو يقول : اللهم إن كان ما يقوله محمّد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم.

فما وصل إليها حتى رماه الله بحجر فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله. وأنزل الله عز وجل : ( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) » (١).

ترجمة أبي إسحاق الثعلبي

١ ـ ياقوت الحموي : بترجمة الواحدي : « وقال أبو الحسن الواحدي في مقدمة البسيط : وأظنني لم آل جهدا في إحكام أصول هذا العلم [ على ] حسب ما يليق بزماننا [ بزمننا ] هذا وتسعه سنو عمري على قلة أعدادها ، فقد وفق الله [ تعالى ] وله الحمد حتى اقتبست كلّما احتجت إليه فيه هذا الباب في مظانه وأخذته من معادنه.

أما اللغة فقد درستها على الشيخ أبي الفضل أحمد بن محمّد بن عبد الله بن يوسف العروضي رحمه‌الله ... حتى عاتبني شيخي رحمه‌الله يوما وقال : إنك لم تبق ديوانا من الشعر إلاّ قضيت حقه ، أما آن لك أن تتفرّغ لتفسير كتاب الله

__________________

(١) تفسير الثعلبي ـ مخطوط.

٣٢٧

العزيز ، تقرأه على هذا الرجل الذي يأتيه البعداء من أقاصي البلاد وتتركه أنت على قرب ما بيننا من الجوار ـ يعني الأستاذ الامام أحمد بن محمّد بن ابراهيم الثعلبي ـ؟!

فقلت : يا أبت إنما أتدرّج بهذا إلى ذلك الذي تريد ، وإذا المرء أحكم الأدب بجد وتعب رمى في غرض التفسير من كثب. ثم لم أغبّ زيارته يوما من الأيام حتى حال بيننا قدر الحمام ...

ثم فرغت للاستاذ أبي إسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبي رحمه‌الله ، وكان خير العلماء بل بحرهم ، ونجم الفضلاء بل بدرهم ، وزين الأئمة بل فخرهم ، وأوحد الأئمة بل صدرهم. وله التفسير الملقّب بالكشف والبيان عن تفسير القرآن ، الذي رفعت به المطايا في السهل والأوعار ، وسارت به الفلك في البحار ، وهبّ هبوب الريح في الأقطار ، وسار مسير الشمس في كلّ بلدة ، وهب هبوب الريح في البر والبحر ، وأصفقت عليه كافة الأمة على اختلاف نحلهم ، وأقروا بالفضيلة في تصنيفه ما لم يسبق إلى مثله ، فمن أدركه وصحبه علم أنه كان منقطع القرين ، ومن لم يدركه فلينظر في مصنفاته ليستدل لها أنه كان بحرا لا ينزف وغمرا لا يسبر ، وقرأت عليه من مصنفاته أكثر من خمسمائة جزء ، منها تفسيره الكبير ، وكتابه المعنون بالكامل في علم القرآن وغيرهما » (١).

ترجمة العروضي مادح الثعلبي

وأبو الفضل العروضي الذي نقل عنه الواحدي مدحه للثعلبي من كبار مشايخ علماء أهل السنة في اللغة والأدب ، وقد ترجموا له في معاجم الرجال :

قال جلال الدين السيوطي : « أحمد بن محمّد بن عبد الله بن يوسف بن محمد النهشلي ، الأديب ، أبو الفضل العروضي الصفار الشافعي. قال عبد الغافر : هو

__________________

(١) معجم الأدباء ١٢ / ٢٦٢.

٣٢٨

شيخ أهل الأدب في عصره ، حدّث عن الأصم وأبي منصور الأزهري والطبقة. وتخرّج به جماعة من الأئمة منهم الواحدي. وقال الثعالبي : إمام في الأدب ، خنّق التسعين في خدمة الكتب ، وأنفق عمره على مطالعة العلوم وتدريس مؤدبي نيسابوري. ولد سنة ٣٣٤ ومات بعد سنة ٤١٦ » (١).

٢ ـ ابن خلكان : « أبو إسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبي. النيسابوري ، المفسر المشهور ، كان أوحد أهل زمانه في علم التفسير. وصنف التفسير الكبير الذي فاق غيره من التفاسير ، وله كتاب العرائس في قصص الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ، وغير ذلك. ذكره السمعاني وقال : يقال له الثعلبي والثعالبي ، وهو لقب له وليس بنسب قاله بعض العلماء.

وقال أبو القاسم القشيري : رأيت رب العزة عز وجل في المنام وهو يخاطبني وأخاطبه ، فكان في أثناء ذلك أن قال الرب تعالى اسمه : أقبل الرجل الصالح. فالتفتّ فإذا أحمد الثعلبي مقبل.

وذكره عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي في كتاب سياق تاريخ نيسابور وأثنى عليه وقال : هو صحيح النقل موثوق به ، حدّث عن أبي طاهر بن خزيمة ، والامام أبي بكر بن مهران المقري ، وكان كثير الحديث كثير الشيوخ ، توفي سنة ٤٢٧ ، وقال غيره : توفي في محرم سنة ٤٢٧. وقال غيره : توفي يوم الأربعاء لسبع بقين من المحرم سنة ٤٣٧ رحمه الله تعالى » (٢).

٣ ـ الذهبي : « وفيها توفي أبو إسحاق الثعلبي ... وكان حافظا واعظا ، رأسا في التفسير والعربية ، متين الديانة ، توفي في المحرم » (٣).

٤ ـ ابن الوردي : « صحيح النقل ، روى عن جماعة » (٤).

__________________

(١) بغية الوعاة ١ / ٣٦٩.

(٢) وفيات الأعيان ١ / ٦١ ـ ٦٢.

(٣) العبر ـ حوادث ٤٢٧.

(٤) تتمة المختصر حوادث ٤٢٧.

٣٢٩

٥ ـ الصفدي : « روى عن جماعة ، وكان حافظا عالما بارعا في العربية موثقا » ثم ذكر منام القشيري وكلام عبد الغافر المذكورين (١).

٦ ـ اليافعي : « المفسّر المشهور ، وكان حافظا واعظا رأسا في التفسير والعربية والدين والديانة ، فاق تفسيره الكبير سائر التفاسير ... » (٢).

٧ ـ ابن الشحنة : « كان واحد زمانه في علم التفسير ، وله كتاب العرائس في قصص الأنبياء وهو صحيح النقل » (٣).

٨ ـ ابن قاضي شهبة : « أخذ عنه أبو الحسن الواحدي ، روى عن أبي القاسم القشيري ... قال الذهبي : وكان حافظا رأسا في التفسير والعربية متين الديانة ... » (٤).

٩ ـ السيوطي : « كان كبيرا إماما حافظا للغة بارعا في العربية » (٥) ..

١٠ ـ وذكره ولي الله الدهلوي ـ الذي عدّه ولده ( الدهلوي ) آية من آيات الله ومعجزة من المعاجز النبوية ، وطالما استند إلى أقواله ، ووصفه الفاضل رشيد الدين خان الدهلوي بـ « عمدة المحدثين وقدوة العارفين » ووصفه المولوي حيدر علي الفيض آبادي بـ « خاتم العارفين وقاصم المخالفين ، سيد المحدّثين سند المتكلّمين ، حجة الله على العالمين » في كلام له في ( إزالة الخفاء ) في بيان كون الخلفاء الراشدين وسائط بين النبي والأمة ـ ذكر أبا إسحاق الثعلبي من جملة علماء التفسير الذين كانوا وسائط في حفظ الدين المبين ، وإيصال الشريعة المطهّرة ، إلى الأمة ، وإن القرون المتأخرة أخذت علم التفسير منهم.

وذكر أن الثعلبي إمام المفسرين ومقتداهم ، كما أن أبا حنيفة إمام الحنفية ،

__________________

(١) الوافي بالوفيات ٨ / ٣٣ وفيه السهلي.

(٢) مرآة الجنان حوادث سنة ٤٢٧.

(٣) روض المناظر حوادث ٤٢٧.

(٤) طبقات الشافعية ١ / ٢٠٧.

(٥) بغية الوعاة ١ / ٣٥٦.

٣٣٠

والشافعي إمام الشافعية ... وأن ما ذكره الثعلبي في تفسيره مأخوذ من السلف الصالح لأهل السنة ، وأنه بمنزلة اللوح ، وكأنه اللوح المحفوظ من المحو والإثبات والمصون من تطرّق الأغلاط والشبهات إليه ، إلى غير ذلك من الأوصاف الحميدة التي ذكرها للثعلبي وتفسيره.

رواية القوم لتفسير الثعلبي

وتفسير الثعلبي من الكتب المعروفة المعتمدة لدى القوم ، وهم يروونه بأسانيدهم عن مؤلفه ، وينقلون عنه رواياته ويعتمدون إليها ، فقد ذكره عز الدين ابن الأثير في الفصل الذي ذكر فيه أسانيد الكتب التي خرّج منها الأحاديث في صدر تلك الكتب حيث قال : « فصل نذكر فيه أسانيد الكتب التي خرجت منها الأحاديث وغيرها ، وتركت ذكرها في الكتاب لئلاّ يطول الاسناد ، ولا أذكر في أثناء الكتاب إلاّ اسم المصنف وما بعده فليعلم ذلك :

تفسير القرآن المجيد لأبي إسحاق الثعلبي. أخبرنا به أبو العباس أحمد بن عثمان بن أبي علي بن مهدي الزرزاري الشيخ الصالح رحمه الله تعالى قال : أخبرنا الرئيس مسعود بن الحسن بن القاسم الاصبهاني وأبو عبد الله الحسن بن العباس الرستمي قالا : أخبرنا أحمد بن خلف الشيرازي قال : أنبأنا أبو إسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبي بجميع كتاب الكشف والبيان في تفسير القرآن ، سمعت عليه من أول الكتاب الى آخر سورة النساء. وأما من أول سورة المائدة الى آخر الكتاب فانه حصل لي بعضه سماعا وبعضه إجازة واختلط السماع بالاجازة ، فأنا أقول فيه أخبرنا به إجازة ان لم يكن سماعا ، فإذا قلت أخبرنا أحمد بإسناده إلى الثعلبي فهو بهذا الاسناد » (١).

ثم إنه ذكر أسانيد الكتب الأخرى ومنها الصحاح والمسانيد.

__________________

(١) أسد الغابة ١ / ٨.

٣٣١

وقال أبو محمّد بن محمّد الأمير في ( رسالة أسانيده ) : « تفسير الثعلبي وسائر مؤلفاته بسند صاحب المنح من طريق ابن البخاري عن منصور بن عبد المنعم وعبد الله بن عمر الصفار والمؤيد بن محمّد الطريثيثي كلهم عن أبي محمّد العباس بن محمّد بن أبي منصور الطوسي عن أبي سعيد بن محمّد عن أبي إسحاق أحمد بن محمد النيسابوري الثعلبي وهو لقب وليس بنسب توفي سنة ٤٢٧ ».

اعتماد القوم على تفسير الثعلبي

ولقد كثر نقل علماء القوم عن تفسير الثعلبي وغيره من مؤلفاته واستشهادهم برواياته واعتمادهم عليها ، ونحن نذكر موارد من ذلك من باب التمثيل :

قال القرطبي بتفسير قوله تعالى : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ ) : « ذكر الثعلبي وغيره : أن عائشة رضي الله عنها كانت إذا قرأت هذه الآية تبكي حتى تبلّ خمارها. وذكر أن سودة قيل لها : لم لا تحجّين ولا تعتمرين كما تفعل أخواتك؟ فقالت : قد حججت واعتمرت ، وأمرني الله أن أقرّ في بيتي. قال الراوي : فو الله ما خرجت من باب حجرتها حتى أخرجت جنازتها ، رضوان الله عليها » (١).

وفيه بتفسير ( وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى ) : « وقال الثعلبي : واسم أم موسى : لوخا بنت هاند بن لاوي بن يعقوب » (٢).

وقال النووي بترجمة آدم عليه‌السلام : « قال الامام أبو إسحاق الثعلبي في قول الله عزّ وجلّ إخبارا عن إبليس ( خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ) قال الحكماء : أخطأ عدو الله في تفضيله النار على الطين ، لأن الطين أفضل منه من أوجه ... » (٣).

__________________

(١) تفسير القرطبي ١٤ / ١٨٠ ـ ١٨١.

(٢) المصدر نفسه ١٣ / ٢٥٠.

(٣) تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٩٦.

٣٣٢

وقد نقل عنه النووي في مواضع أخر مع وصفه بـ « الامام ».

وقال كمال الدين الدميري : « وقال محمّد الباقر رضي‌الله‌عنه : كان أصحاب الكهف صياقلة ، واسم الكهف حيوم ، والقصة طويلة في كتب التفاسير والقصص ، وقد وقفت على جمل من ذلك في كتب التفاسير والقصص مطوّلا ومختصرا ، فمن ذلك ما ساقه الامام أبو إسحاق أحمد بن محمّد بن أحمد بن إبراهيم النيسابوري الثعلبي ، في كتابه الكشف والبيان في تفسير القرآن » (١).

وقال نور الدين الحلبي في ( السيرة ) : « وفي العرائس : إن فرعون لمّا أمر بذبح أبناء بني إسرائيل جعلت المرأة ، أي بعض النساء كما لا يخفى ، إذا ولدت الغلام انطلقت به سرّا إلى واد أو غار فأخفته ... ».

وقال الحسين الديار بكري في مقدّمة تاريخه : « هذه مجموعة من سير سيد المرسلين ... انتخبتها من الكتب المعتمدة تحفة للإخوان البررة وهي : التفسير الكبير ، والكشاف ، وحاشيته للجرجاني الشريف ، والكشف ، والوسيط ، ومعالم التنزيل ... والعرائس للثعلبي ، وسحّ السحابة ، وأصول الصفار ، والبحر العميق وسرّ الأدب ، والإنسان الكامل ، وسمّيتها بالخميس في أحوال النفس النفيس ».

وقال محمّد بن معتمد خان البدخشي : « وأخرج العلاّمة أبو إسحاق أحمد ابن محمّد بن إبراهيم الثعلبي المفسّر النيسابوري في تفسيره ، عن جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنهما أنه قال : نحن حبل الله الذي قال الله تعالى : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ) (٢).

وقال أحمد بن باكثير المكي : « وروى الثعلبي في تفسير قوله تعالى : ( وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ ) عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : الأعراف موضع عال من الصراط ، عليه العباس وحمزة وعلي بن أبي طالب وجعفر

__________________

(١) حياة الحيوان « الكلب ».

(٢) مفتاح النجا ـ مخطوط.

٣٣٣

ذو الجناحين ، يعرفون محبّهم ببياض الوجه ومبغضهم بسواد الوجه » (١).

(٢)

رواية سبط ابن الجوزي

وقال سبط ابن الجوزي : « اتفق علماء السير أن قصة الغدير بعد رجوع النبي صلّى الله عليه وسلّم من حجة الوداع ، في الثامن عشر من ذي الحجة ، جمع الصحابة وكانوا مائة وعشرين ألفا وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه. الحديث. نصّ صلّى الله عليه وسلّم على ذلك بصريح العبارة دون التلويح والإشارة. وذكر أبو إسحاق الثعلبي في تفسير بإسناده : أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لمّا قال ذلك طار في الأقطار وشاع في البلاد والأمصار ، وبلغ ذلك الحارث بن نعمان الفهري ... » (٢).

ترجمة السبط والثناء عليه

١ ـ الذهبي : « وابن الجوزي العلاّمة الواعظ المؤرّخ ، شمس الدين أبو المظفر ، يوسف بن قزعلي التركي ثم البغدادي العوني الهبيري ، الحنفي ، سبط الشيخ جمال الدين أبي الفرج ابن الجوزي ، أسمعه جدّه منه ومن ابن كلبي وجماعة ، وقدم دمشق سنة بضع وستمائة فوعظ بها ، وحصل له القبول العظيم ، للطف شمائله وعذوبة وعظه ، وله تفسير في تسعة وعشرين مجلّدا ، وشرح الجامع الكبير ، وجمع مجلّدا في مناقب أبي حنيفة ، ودرّس وأفتى ، وكان في شبيبته حنبليّا.

__________________

(١) وسيلة المآل ـ مخطوط.

(٢) تذكرة خواص الأمة : ٣٠.

٣٣٤

توفي في الحادي والعشرين من ذي الحجّة ، وكان وافر الحرمة عند الملوك » (١).

٢ ـ ابن الوردي : « وفيها توفي الشيخ شمس الدين يوسف ، سبط جمال الدين ابن الجوزي : واعظ فاضل ، له مرآة الزمان تاريخ جامع. قلت : وله تذكرة الخواص من الأمة في ذكر مناقب الأئمة. والله أعلم » (٢).

(٣)

رواية الوصابي

ورواه إبراهيم بن عبد الله اليمني الوصابي عن « الامام الثعلبي في تفسيره » كذلك.

اعتماد العلماء على كتاب الاكتفاء

وكتاب ( الاكتفاء في فضل الأربعة الخلفاء ) لليمني الوصابي من الكتب المشهورة لدى القوم ، فقد نقل عنه محمّد محبوب في مواضع من تفسيره ( تفسير شاهي ) منها قوله : « وفي الاكتفاء عن علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه قال : وقع بيني وبين العباس مفاخرة ، ففخر عليّ العباس بسقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام أنهما له ، قال علي فقلت : الآن أخبرك بمن هو خير من هذا كله! ، الذي قرع خراطيمكم بالسيف وقادكم إلى الإسلام. فعزّ ذلك على العباس رضي‌الله‌عنه ، فأنزل عزّ وجلّ : ( أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ ) يعني عليا رضي‌الله‌عنه » (٣).

__________________

(١) العبر في خبر من غبر حوادث ٦٥٦.

(٢) تتمة المختصر حوادث ٦٥٦.

(٣) تفسير شاهي. بتفسير الآية.

٣٣٥

ومنها : « في الاكتفاء عن علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه قال : لمّا أراد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يغزو تبوك ، دعا جعفر بن أبي طالب ، فأمره أن يتخلّف على المدينة فقال : لا أتخلّف بعدك يا رسول الله. فعزم عليّ لمّا تخلّفت قبل أن أتكلّم فبكيت ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما يبكيك يا علي؟ قال : يا رسول الله يبكيني خصال غير واحد ، تقول قريش غدا ما أسرع ما تخلّف عن ابن عمه وخذله ، وتبكيني خصلة أخرى ، كنت أريد أن أتعرّض للجهاد في سبيل الله ... » (١).

ونقل شهاب الدين أحمد بن عبد القادر العجيلي عن ( أسنى المطالب في فضائل علي بن أبي طالب ) وهو الكتاب الرابع من ( الاكتفاء في فضل الأربعة الخلفاء ) (٢).

(٤)

رواية الزرندي

وروى محمّد بن يوسف الزرندي حديث نزول الآية المباركة المذكورة في شأن الحارث بن النعمان الفهري ، عن الثعلبي واصفا إياه بـ « الامام » عن سفيان ابن عيينة كما تقدّم (٣).

ترجمة الزرندي والاعتماد على كتبه

وقال ابن حجر العسقلاني بترجمة الزرندي : « محمّد بن يوسف بن الحسن

__________________

(١) المصدر.

(٢) ذخيرة المآل ـ مخطوط.

(٣) معارج الوصول ـ مخطوط ـ نظم درر السمطين ٩٣.

٣٣٦

ابن محمّد بن محمود بن الحسن ، الزرندي المدني الحنفي ، شمس الدين ، أخو نور الدين علي. قرأت في مشيخة الجنيد البلياني تخريج الحافظ شمس الدين الجزري الدمشقي نزيل شيراز أنه كان عالما ، وأرّخ مولده سنة ٦٩٣ ووفاته بشيراز سنة بضع وخمسين وسبعمائة. وذكر أنه صنف درر السمطين في مناقب السبطين. وبغية المرتاح جمع فيها أربعين حديثا بأسانيدها وشرحها ... » (١).

وفي ( الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ) : « حكى شيخ الإسلام العلاّمة المحدّث بالحرم الشريف النبوي ، جمال الدين محمّد بن يوسف الزرندي ، في كتابه المسمى بدرر السمطين في فضل المصطفى والمرتضى والسبطين : أن الامام المعظم والحبر المكرم ، أحد الأئمة المتّبعين المقتدى بهم في أمور الدين ، محمّد بن إدريس الشافعي المطّلبي ـ رضي‌الله‌عنه وأرضاه وجعل الجنة منقلبه ومثواه ـ لما صرّح بمحبّة أهل البيت وأنه من شيعتهم ، قيل فيه هذا وهو السيد الجليل ، فقال مجيبا عن ذلك بأبيات :

إذا نحن فضّلنا عليا فإننا

روافض بالتفضيل عند ذوي الجهل

إلى آخر الأشعار » (٢).

ووصفه شهاب الدين أحمد عند النقل عنه بـ : « الامام المحدّث بالحرم الشريف النبوي المحمدي » (٣).

وقد ذكر الكاتب الجلبي كتابيه ( نظم درر السمطين ) و ( بغية المرتاح ) في ( كشف الظنون ) (٤).

__________________

(١) الدرر الكامنة ٤ / ٢٩٥.

(٢) الفصول المهمة : ٢١.

(٣) توضيح الدلائل ـ مخطوط.

(٤) كشف الظنون ١ / ٧٤٧ باسم : درر السمطين و ٢٥٠١.

٣٣٧

كما عدّ الديار بكري كتابه ( الإعلام ) ضمن مصادر كتابه ( الخميس ).

وقال السمهودي : « وقال الحافظ جمال الدين المذكور : وقال أبو الليث عبد السّلام بن صالح الهروي : كنت مع علي بن موسى الرضا ـ وقد دخل نيسابور وهو على بغله شهباء ـ فغدا في طلبه العلماء من أهل البلد ... وقالوا : بحق آبائك الطاهرين حدّثنا بحديث سمعته من أبيك. فقال : حدثني أبي العبد الصالح موسى بن جعفر وقال : حدثني أبي جعفر الصادق ابن محمّد قال : حدثني أبي باقر علم الأنبياء محمّد بن علي قال : حدثني أبي سيّد العابدين علي بن الحسين قال : حدثني أبي سيد شباب أهل الجنة الحسين بن علي قال : سمعت أبي سيد العرب علي بن أبي طالب يقول : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول : الإيمان معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالأركان.

قال الامام أحمد بن حنبل رحمه‌الله : لو قرأت هذا الاسناد على مجنون لبرئ من حينه.

وروى بعضهم أن المستملي لهذا الحديث أبو زرعة الرازي ومحمّد بن أسلم الطوسي » (١).

وهكذا نقل عنه في مواضع عديدة واصفا إياه بـ « الحافظ ».

(٥)

رواية الدولت آبادي

وروى ملك العلماء شهاب الدين بن شمس الدين الدولت آبادي حديث نزول قوله تعالى : ( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) في واقعة حديث الغدير قوله : « وفي

__________________

(١) جواهر العقدين ـ مخطوط.

٣٣٨

الزاهدية عند قوله تعالى : ( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) : في تفسير الثعلبي نزولا : أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال يوما. من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله. فسمع ذلك واحد من الكفرة من جملة الخوارج ، فجاء إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال : يا محمد هذا من عندك أو من عند الله؟ فقال : هذا من عند الله. فخرج الكافر من المسجد وقام على عتبة الباب وقال : إن كان ما يقوله حقا فأنزل عليّ حجرا من السماء قال : فنزل حجر ورضخ رأسه. فنزلت السورة » (١).

ترجمة الدولت آبادي

وشهاب الدين الدولت آبادي من أعلام علماء أهل السنة ، فقد ذكره غلام علي آزاد قائلا : « مولانا القاضي شهاب الدين بن شمس الدين ابن عمر الزاولي الدولت آبادي نوّر الله ضريحه. ولد بدولت آباد دهلي ، وتلمّذ على القاضي عبد المقتدر الدهلوي ، ومولانا خواجكي الدهلوي وهو من تلامذة مولانا معين الدين العمراني رحمهم‌الله تعالى. وفاق أقرانه وسبق إخوانه. وكان القاضي عبد المقتدر يقول في حقه : يأتيني من الطلبة من جلده علم ولحمه علم وعظمه علم.

... وألّف كتبا سارت بها ركبان العرب والعجم ، وأذكى سرجا أهدى من النار الموقدة على العلم.

توفي لخمس بقين من رجب المرجب ، سنة تسع وأربعين وثمانمائة ، ودفن بجو نفور في الجانب الجنوبي من مسجد السلطان إبراهيم الشرقي » (٢).

كما ترجم له الشيخ عبد الحق الدهلوي وأثنى عليه الثناء البالغ (٣).

__________________

(١) هداية السعداء. الجلوة الثانية من الهداية الثامنة.

(٢) سبحة المرجان في آثار هندوستان : ٣٩.

(٣) أخبار الأخيار : ١٧٣.

٣٣٩

وذكر كاشف الظنون أحد كتب شهاب الدين الدولت آبادي وهو ( الإرشاد في النحو ) ووصف مؤلفه بـ « الشيخ الفاضل » والكتاب بقوله : « وهو متن لطيف ، تعمّق في تهذيبه كل التعمق ، وتأنق في ترتيبه حق التأنق ».

وكذا مدح ولي الله الدهلوي مؤلفات الدولت آبادي في كتابه ( المقدمة السنية في الانتصار للفرقة السنية ).

وقد عدّ رشيد الدين الدهلوي ملك العلماء في عداد عظماء العلماء من أهل السنة ، الذين ألّفوا كتبا ورسائل في مناقب الأئمة الطاهرين من أهل البيت عليهم‌السلام.

وهذا المقدار يكفي لبيان كون الدولت آبادي من علماء أهل السنة ، المعتمدين الموثوقين لديهم.

(٦)

رواية السمهودي

وروى نور الدين لي بن عبد الله السمهودي الشافعي ، حديث نزول الآية الشريفة في حق الحارث في الواقعة المذكورة ، عن الثعلبي أيضا ، حيث قال :

« وروى الامام الثعلبي في تفسيره : إنّ سفيان بن عيينة رحمه‌الله سئل عن قول الله عز وجل : ( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) فيمن نزلت؟ فقال للسائل : سألتني عن مسألة ما سألني عنها أحد قبلك ، حدثني أبي عن جعفر بن محمّد عن آبائه : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لمّا كان بغدير خم نادى الناس فاجتمعوا ، فأخذ بيد علي رضي‌الله‌عنه وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فشاع ذلك وطار في البلاد ، فبلغ ذلك الحارث ابن النعمان الفهري ، فأتى رسول الله على ناقة ، فنزل بالأبطح عن ناقته وأناخها وقال :

٣٤٠